قال المفسِّر المعاصر: {وَمَن يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللهِ} بالاستسلام الكلِّي له في كل أموره، والإقبال الكامل عليه بكل أقواله وأفعاله، بحيث تكون ذاته خاضعة له بكلِّ عمقِ الفكر والشعور {وَهُوَ مُحْسِنٌ} في عمله وسلوكه الذي يتحرك معه في اتجاه إسلامه لربه {فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى} التي لا انفصام لها، لأنها تمثل الصلابة القوية التي لا مجال فيها للخلل من كل جهة، لأنها ترتبط بالله، وكل ما يرتبط به فهو ثابت ثبات الكون كله(1).
أقول: هذا كلام المعاصر، ولسنا نطلب منك إلا أن تقارن بين ما ذكره، وبين ما أخرجه أئمة الضلال؟
فقد أخرج الحاكم الحسكاني ـ وهو من أبناء السُّنة ـ بإسناده عن أنس بن مالك في قوله تعالى {وَمَن يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللهِ} قال: نزلت في عليِّ بن أبي طالب (عليه السلام).
وأخرج ابن حبان في الثقات، وابن عساكر في تاريخه، وابن كثير في البداية والنهاية ـ وهؤلاء من أبناء السُّنة ـ بإسنادهم عن حماد بن سلمة قال: سمعت أيوب السختياني يقول: مَن أحبَّ علياً (عليه السلام)، فقد استمسك بالعروة الوثقى.
أقول: وأخرجه ابن عساكر أيضاً بإسناده عن ابن سليمان عن أيوب السختياني.
وأخرج ابن عساكر في تاريخ دمشق، بإسناده عن حميد عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): مَن أحسنَ القول في عليٍّ (عليه السلام)، فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها.
وأخرج الخوارزمي في المناقب ـ من أبناء السُّنة ـ والشيخ الطوسي في الأمالي، بإسنادهما عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: قال أبي: دفع النبيُّ (صلى الله عليه وآله) الرايةَ يوم خيبر إلى عليِّ بن أبي طالب (عليه السلام)..... وقال (صلى الله عليه وآله) له: أنت العروة الوثقى.
وأخرج محمد بن سليمان في مناقبه، بإسناده عن مجاهد عن ابن عباس قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): مَن أحبَّ أهل بيتي، فقد استمسك بالعروة الوثقى التي لا انفصام لها.
وأخرج الصَّدوق في معاني الأخبار، بإسناده عن عباية بن ربعي عن عبد الله بن عباس قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): مَن أحبَّ أن يتمسك بالعروة الوثقى التي لا انفصام لها، فليتمسك بولاية أخي ووصيي عليِّ بن أبي طالب (عليه السلام).
وأخرج فرات في تفسيره، عن سفيان قال: قال لي أبو عبد الله جعفر بن محمد (صلى الله عليه وآله):... يا سفيان، إن أردتَ العروة الوثقى، فعليك بعليٍّ (عليه السلام)، فانه واللهِ يُنجيك.
وأخرج الخزاز في كفاية الأثر، بإسناده عن أنس بن مالك قال: صلَّى بنا رسول الله (صلى الله عليه وآله) صلاةَ الفجر، ثم أقبل علينا فقال: معاشرَ أصحابي، مَن أحبَّ أهلَ بيتي حُشِر معنا، ومن استمسك بأوصيائي من بعدي فقد استمسك بالعروة الوثقى.
وأخرج الصَّدوق في عيون أخبار الرضا (عليه السلام)، بإسناده عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): مَن أحبَّ أن يتمسك بالعروة الوثقى، فليتمسك بحبِّ عليٍّ (عليه السلام) وأهل بيتي (عليهم السلام).
وأخرج الصَّدوق في الخصال وكمال الدين، بإسناده عن الأعمش عن جعفر بن محمد الصادق (عليهما السلام).... قال ـ بعد أن عدَّد الأئمة (عليهم السلام) ـ: وهم العروة الوثقى.
أقول: وقد ورد زيادة على ما نقلناه، والمُلفت بالنظر، أنَّ هذا المفسِّر المعاصر، قد سلك طريق الاحتياط في عدم التعرُّض لما ورد في هذه الآية مما يخصُّ آل محمد (صلى الله عليه وآله)، يقيناً منه أنَّ النجاة يوم العرض على الله تعالى يكون بالإعراض عن نقل وذكر ما ورد عنهم صلوات الله ربي وسلامه عليهم(2).
-------------------------
(1) من وحي القرآن ج18 ص 205.
(2) عيون أخبار الرضا ج 1 ص 63 و129 ـ 130 ؛ الخصال ص 478 ـ 479 ؛ كمال الدين وتمام النعمة ص 336 ـ 337 ؛ الأمالي للشيخ الصَّدوق ص 92 ؛ معاني الأخبار ص 368 ـ 369 ؛ كفاية الأثر ص 73 ـ 74 ؛ مناقب أمير المؤمنين لمحمد بن سليمان الكوفي ج 2 ص 100 ـ 101 ؛ شرح الأخبار ج 1 ص 239 ـ240 ؛ مائة منقبة ص 149 ؛ الأمالي للشيخ الطوسي ص 351 ؛ مناقب آل ابي طالب ج 1 ص 410 وج 2 ص 273 - 274 و296 وج 3 ص 65 و170 و445 ؛ بحار الأنوار ج 10 ص 352 ـ 353 و360 ـ 361 وج 24 ص 83 ـ 85 وج 26 ص 259 وج 28 ص 45 وج 36 ص 16- 17 و20 و310 ؛ تفسير القمي ج 1 ص 84 - 85 وج 2 ص 166 ؛ تفسير فرات الكوفي ص 115 و370 - 372 ؛ التفسير الصافي ج 1 ص 284-285 وج 2 ص 33 ؛ التفسير الأصفى ج 1 ص 122؛ تفسير نور الثقلين ج 1 ص 261 – 264 وج 4 ص215 ؛ تفسير كنز الدقائق ج 1ص 612 ـ 614 ؛ تأويل الآيات ج 1 ص 439؛
من مصادر أبناء السُّنة: شواهد التنزيل ج 1ص 570 ـ 571 ؛ الثقات لابن حبان ج 9 ص 87 ؛ تاريخ مدينة دمشق ج 30 ص 157 ـ 158 وج 39 ص501 ـ 502 وج 42 ص530 وج 51 ص 421 وج 54 ص 193وج 86 ص 262 ـ 264 ؛ البداية والنهاية ج 8 ص 12 ؛ المناقب للخوارزمي ص 61 ؛ ينابيع المودة ج 1ص 330 ـ 331 و403 ـ 404 وج 2 ص 318 و 368 ؛ فيض القدير ج 2 ص 658 ـ 659. |