قال المعاصر: {وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ} وهي كلمة الإسلام لله في كلِّ شيءٍ، وتوحيدُهُ في الفكر والعبادة وحركة الحياة(1).
أقول: ولكن الثابت عن الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) وعن أئمة الهدى (عليهم السلام)، أنَّ الكلمةَ الباقية هي الإمامة.
فهل تراني هنا سأقول للمعاصر شكراً لك على ما تُتحِفُ به الأمة من أفكار تخالف ما ثبت عن سادتنا (عليهم السلام)؟!
أَوَ تراني لا أشكُّ في ما هو مذهبه، وفيما هي عقيدته، وقد رأيناه في عشرات الموارد يخالف ما ثبت عن سادة الورى (عليهم السلام)؟!!
أَوَ تظنُّ بأنني ساذجٌ إلى حدٍّ أحتمل معه في هذا المعاصر أنه ليس على اطِّلاعٍ على أخبار العترة الطاهرة (عليهم السلام)؟!!
ولو قلنا بأنه ليس على اطلاع، غير أنه ما كان يمنعه عن الاطلاع، وعوام الناس يعلمون جيداً أن تفسير القرآن لا يجوز بالاعتماد على الظن؟!!
فكيف إذا ما كان على خلاف ما ثبت عمَّنْ يجب اتِّباعهم؟!!
هذا، وقد أخرج الصَّدوق في العلل وكمال الدين ومعاني الأخبار، ووالده في الإمامة والتبصرة، ومحمد بن العباس في تفسيره، بإسنادهم عن أبي بصير عن أبي جعفر (عليه السلام) في قول الله تعالى {وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ} قال: في عقب الحسين (عليه السلام)، فلم يزل هذا الأمرُ منذ أُفضِيَ إلى الحسين (عليه السلام)، ينتقل من والد إلى ولد، لا يرجع إلى أخ ولا إلى عمٍّ.
وأخرج الصَّدوق في الخصال وكمال الدين ومعاني الأخبار، بإسناده عن المفضل بن عمر عن الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام) قال: فقلت له: يا بن رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فأخبرني عن قول الله عزَّ وجل{وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ}؟ قال: يعني بذلك الإمامةَ جعلها الله في عقب الحسين إلى يوم القيامة.
وأخرج الصَّدوق في كمال الدين، بإسناده عن أبي حمزة الثمالي عن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام) أنه قال: وفينا نزلت هذه الآية {وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ} والإمامة في عقب الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام) إلى يوم القيامة.
وأخرج الصَّدوق في كمال الدين، بإسناده عن هشام بن سالم عن الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام) (في حديث) قلت: فهل تكون الإمامةُ في أخوين بعد الحسن والحسين (عليهما السلام)؟ قال: لا، إنما هي جاريةٌ في عقب الحسين (عليه السلام) كما قال الله عزَّ وجل {وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ}، ثم هي جارية في الأعقابِ، وأعقابِ الأعقاب إلى يوم القيامة.
وأخرج الخزاز القمي في كفاية الأثر بإسناده عن أبي هريرة قال: سألتُ رسولَ الله (صلى الله عليه وآله) عن قوله عزَّ وجل {وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ} قال: جعلَ الإمامةَ في عقب الحسين (عليه السلام)، يخرج من صلبه تسعةٌ من الأئمة، ومنهم مهدىُّ هذه الأمة (عجل الله فرجه).
وأخرج أيضاً بإسناده عن الأعرج قال: فقلت لأبي هريرة: فمَن أهل بيته، نساؤه؟ قال: لا، أهل بيته صلبه وعصبته، وهم الأئمة الأثنا عشر الذين ذكرهم الله في قوله {وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ}.
وأيضاً بإسناده عن حذيفة اليمان (في حديث) قال: قلتُ يا رسول الله (صلى الله عليه وآله) فما لأولاد الحسن (عليه السلام)؟ قال: إنَّ الله تبارك وتعالى جعلَ الإمامةَ في عقب الحسين (عليه السلام)، وذلك قوله تعالى {وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ}.
وأيضاً بإسناده عن جابر بن يزيد الجعفي عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر (عليهما السلام)، قال: قلت له: يا بن رسول الله (صلى الله عليه وآله) إنَّ قوماً يقولون: إنَّ الله تبارك وتعالى جعلَ الإمامةَ في عقب الحسن والحسين (عليهما السلام)، قال: كذبوا والله، أَوَ لم يسمعوا اللهَ تعالى ذكرُهُ يقول {وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ} فهل جعلها إلا في عقب الحسين (عليه السلام).
وأخرج محمد بن العباس في تفسيره، بإسناده عن سُليم بن قيس عن أمير المؤمنين (عليه السلام) (في حديث): والعلمُ في عقبنا إلى أن تقوم الساعة، ثم قرأ {وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ} ثم قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) عقب إبراهيم، ونحن أهل البيت عقب إبراهيم (عليه السلام)، وعقب محمد (صلى الله عليه وآله).
وأخرج فرات الكوفي في تفسيره بإسناده عن أبي خالد قال: كنا عند زيد بن علي (عليه السلام) فجاءه أبو الخطاب، فقال له زيد:....أفترون أنَّ رجالنا ليس مثل نساءنا، ألا إنَّا أهل البيت ليس يخلو أن يكون فينا مأمورٌ على الكتاب والسُّنة، لأنَّ الله تعالى قال {وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ}.
وأخرج ابن جرير الطبري وهو من أبناء السُّنة في تفسيره ـ وحكاه القرطبي والطوسي والطبرسي في تفاسيرهم ـ بإسناده عن السدي {فِي عَقِبِهِ} قال: في عقب إبراهيم آل محمد (صلى الله عليه وآله)(2).
---------------------
(1) من وحي القرآن ج20 ص 230.
(2) الامامة والتبصرة ص 49 ؛ علل الشرائع ج 1 ص 207 ؛ الخصال ص 304 ـ 305 ؛ كمال الدين وتمام النعمة ص 323 و358 ـ 359 و415 و416 ـ 417 ؛ معاني الأخبار ص 126و131 – 132 ؛ كفاية الأثر ص 86 ـ 87 و136 ـ 137و246 ؛ روضة الواعظين ص 99 ؛ الاحتجاج ج 1 ص 82؛ مناقب آل أبي طالب ج 1 ص214 وج2 ص41 وج3 ص206 ؛ الصراط المستقيم ج 2 ص 114؛ مدينة المعاجز ج 2 ص 383 ؛ بحار الأنوار ج 12 ص 29و66 وج 24 ص 174 و177 - 183 وج 25 ص 249 ـ 254 و258 ؛ تفسير القمي ج 1ص 164و314 وج 2 ص 274 ؛ تفسير فرات الكوفي ص 402 ؛ تفسير التبيان ج 9 ص 194 ؛ تفسير مجمع البيان ج 1 ص 375 وج 9 ص 76؛ التفسير الصافي ج 2 ص 65 وج 4 ص 387 ـ 388 ؛ تفسير نور الثقلين ج1ص 601 وج 4 ص 570 و596 -597 ؛ تفسير كنز الدقائق ج 1 ص 331 - 332 ؛ تفسير الميزان ج1ص 279 وج 18 ص 97 و105 ـ 106 ؛ تأويل الآيات ج 2 ص 555 إلى 557.
من مصادر أبناء السُّنة: تفسير جامع البيان ج25 ص82 ؛ تفسير القرطبي ج16 ص77 ؛ ينابيع المودة ج 1 ص 353 وج 3 ص 248 ـ 249.
|