باب نادر فيه ذكر الغيب

1 - عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن معمر بن خلاد قال: سأل أبا الحسن عليه السلام رجل من أهل فارس فقال له: أتعلمون الغيب؟ فقال: قال أبو جعفر عليه السلام: يبسط لنا العلم فنعلم ويقبض عنا فلا نعلم، وقال: سر الله عزوجل أسره إلى جبرئيل عليه السلام وأسره جبرئيل إلى محمد صلى الله عليه وآله، وأسرة محمد إلى من شاء الله.

2 - محمد بن يحيى، عن عبدالله بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن علي بن رئاب، عن سدير الصيرفي قال: سمعت حمران بن أعين يسأل أبا جعفر عليه السلام: عن قول الله عزوجل: " بديع السماوات والارض(2) " قال أبوجعفر عليه السلام: إن الله عز و جل ابتدع الاشياء كلها بعلمه على غير مثال كان قبله، فابتدع السماوات والارضين ولم يكن قبلهن سماوات ولا أرضون، أما تسمع لقوله تعالى: " وكان عرشه على الماء(3) ".

فقال له حمران: " أرأيت قوله جل ذكره: " عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا(4) " فقال أبوجعفر عليه السلام: " إلا من ارتضى من رسول " وكان والله محمد ممن ارتضاه، وأما قوله " عالم الغيب " فإن الله عزوجل عالم بما غاب عن خلقه فيما قدر من شئ، ويقضيه في علمه قبل أن يخلقه، وقبل أن يفضيه إلى الملائكة، فذلك يا حمران، علم موقوف عنده، إليه فيه المشيئة، فيقضيه إذا أراد، ويبدو له فيه فلا يمضيه، فأما العلم الذي يقدره الله عزوجل فيقضيه ويمضيه فهو العلم الذي انتهى

___________________________________

(1) اراد به امير المؤمنين (ع).

(2) الانعام: 101.

(3) هود: 9.

(4) الجن: 27، 28.

[*]

[257]

إلى رسول الله صلى الله عليه وآله ثم إلينا.

3 - أحمد بن محمد، عن محمد بن الحسن، عن عباد بن سليمان، عن محمد بن سليمان عن أبيه، عن سدير قال: كنت أنا وأبوبصير ويحيى البزاز وداود بن كثير في مجلس أبي عبدالله عليه السلام إذ خرج إلينا وهو مغضب، فلما أخذ مجلسه قال: يا عجبا لاقوام يزعمون أنا نعلم الغيب، ما يعلم الغيب إلا الله عزوجل، لقد هممت بضرب جاريتي فلانة، فهربت مني فما علمت في أي بيوت الدار هي قال سدير: فلما أن قام من مجلسه وصار في منزله دخلت أنا وابوبصير وميسر وقلنا له: جعلنا فداك سمعناك وأنت تقول كذا وكذا في أمر جاريتك ونحن نعلم أنك تعلم علما كثيرا ولا ننسبك إلى علم الغيب قال: فقال: يا سدير: ألم تقرء القرآن؟ قلت: بلى، قال: فهل وجدت فيما قرأت من كتاب الله عزوجل: " قال الذي عنده علم من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك(1) " قال: قلت: جعلت فداك قد قرأته، قال: فهل عرفت الرجل؟ وهل علمت ما كان عنده من علم الكتاب؟ قال: قلت: أخبرنى به؟ قال: قدر قطرة من الماء في البحر الاخضر فما يكون ذلك من علم الكتاب؟ ! قال: قلت جعلت: فداك ما أقل هذا فقال: يا سدير: ما أكثر هذا، أن ينسبه لله عزوجل(2) إلى العلم الذي اخبرك به يا سدير، فهل وجدت فيما قرأت من كتاب الله عزوجل أيضا: " قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب(3) قال: قلت: قد قرأته جعلت فداك قال: أفمن عنده علم الكتاب كله أفهم أم من عنده علم الكتاب بعضه؟ قلت: لا، بل من عنده علم الكتاب كله، قال: فأومأ بيده إلى صدره وقال: علم الكتاب والله كله عندنا، علم الكتاب والله كله عندنا.

4 - أحمد بن محمد، عن محمد بن الحسن، عن أحمد بن الحسن بن علي، عن عمرو ابن سعيد، عن مصدق بن صدقة، عن عمار الساباطي قال: سألت أبا عبدالله عليه السلام عن الامام؟ يعلم الغيب؟ فقال: لا ولكن إذا أراد أن يعلم الشئ أعلمه الله ذلك.

___________________________________

(1) النمل: 40.

(2) لعل هذا رد لما يفهم من كلام سدير من تحقير العلم الذى اوتى آصف (ع) بانه وان كان قليلا بالنسبة إلى علم كل الكتاب فهو في نفسه عظيم كثير لانتسابه إلى علم الكتاب وفى بصائر الدرجات هكدا (ما اكثر هذا لمن لم ينسبه الله عزوجل.. الخ) ؛(آت).

(3) الرعد: 43 [*]