باب ان الائمة عليهم السلام لم يفعلوا شيئا ولا يفعلون الا بعهد من الله عزوجل و...

أمر منه لا يتجاوزونه

1 - محمد بن يحيى والحسين بن محمد، عن جعفر بن محمد، عن علي بن الحسين ابن علي، عن إسماعيل بن مهران، عن أبي جميلة، عن معاذ بن كثير، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: إن الوصية نزلت من السماء على محمد كتابا(2)، لم ينزل على محمد صلى الله عليه وآله كتاب مختوم إلا الوصية، فقال جبرئيل عليه السلام: يا محمد هذه وصيتك في امتك عند أهل بيتك، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: أي أهل بيتي يا جبرئيل؟ قال: نجيب الله(3) منهم وذريته، ليرثك علم النبوة كما ورثه إبراهيم عليه السلام وميراثه لعلي عليه السلام و ذريتك من صلبه، قال: وكان عليها خواتيم، قال: ففتح علي عليه السلام الخاتم الاول ومضى لما فيها(4) ثم فتح الحسن عليه السلام الخاتم الثاني ومضى لما امر به فيها، فلما

___________________________________

(2) اى مكتوبا بخط الهى مشاهد من عالم الامر كما ان جبرئيل (ع) كان ينزل عليه في صورة آدمى مشاهد من هناك.

(3) اى من نجبائه بمعنى الكريم الحسيب، كنى به عن أمير المؤمنين (ع) ؛(في).

(4) (مضى لما فيها) على تضمين معنى الاداء ونحوه اى مؤديا او ممتثلا لما امر به فيها ؛(في).

[*]

[280]

توفي الحسن ومضى فتح الحسين عليه السلام الخاتم الثالث فوجد فيها أن قاتل فاقتل وتقتل واخرج بأقوام للشهادة، لا شهادة لهم إلا معك، قال: ففعل عليه السلام، فلما مضى دفعها إلى علي بن الحسين عليهما السلام قبل ذلك، ففتح الخاتم الرابع فوجد فيها أن اصمت وأطرق(1) لما حجب العلم، فلما توفي ومضى دفعها إلى محمد بن علي عليهما السلام ففتح الخاتم الخامس فوجد فيها أن فسر كتاب الله تعالى وصدق أباك وورث ابنك واصطنع الامة(2) وقم بحق الله عزوجل وقل الحق في الخوف والامن ولا تخش إلا الله، ففعل، ثم دفعها إلى الذي يليه، قال: قلت له: جعلت فداك فأنت هو؟ قال: فقال: ما بي إلا أن تذهب يا معاذ فتروي علي(3) قال: فقلت: أسأل الله الذي رزقك من آبائك هذه المنزلة أن يرزقك من عقبك مثلها قبل الممات، قال؟ قد فعل الله ذلك يا معاذ، قال: فقلت: فمن هو جعلت فداك؟ قال: هذا الراقد - وأشار بيده إلى العبد الصالح(4) - وهو راقد.

2 - أحمد بن محمد ومحمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن أحمد بن محمد، عن أبي الحسن الكناني، عن جعفر بن نجيح الكندي، عن محمد بن أحمد بن عبيد الله العمري(5) عن أبيه، عن جده، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: إن الله عزوجل أنزل على نبيه صلى الله عليه وآله كتابا قبل وفاته، فقال: يا محمد هذه وصيتك إلى النجبة من أهلك، قال: وما النجبة يا جبرئيل؟ فقال: علي بن أبي طالب وولده عليهم السلام، وكان على الكتاب خواتيم من ذهب فدفعه النبي صلى الله عليه وآله إلى أمير المؤمنين عليه السلام وأمره أن يفك خاتما منه ويعمل بما فيه، ففك أمير المؤمنين عليه السلام خاتما وعمل بما فيه، ثم دفعه إلى ابنه الحسن عليه السلام ففك خاتما وعمل بما فيه، ثم دفعه إلى الحسين عليهما السلام، ففك خاتما(6) فوجد فيه أن

___________________________________

(1) كناية عن عدم الالتفات إلى ما عليه الخلق من آرائهم الباطلة وافعالهم الشنيعة ؛(آت).

(2) اى احسن اليهم وربهم بالعلم والعمل (آت)

(3) أى ما بى بأس في اظهارى لك بأنى هو، إلا مخافة أن تروى ذلك على فاشتهر به ؛(في).

(4) العبد الصالح هو موسى بن جعفر (ع).

(5) في بعض النسخ [أحمد بن عبدالله العمرى]

(6) لعل الخواتيم كانت متفرقة في مطاوى الكتاب بحيث كلما نشرت طائفة من مطاويه انتهى النشر إلى خاتم يمنع من نشر ما بعدها من المطاوى الا ان يفض الخاتم (في) [*]

[281]

اخرج بقوم إلى الشهادة، فلا شهادة لهم إلا معك واشر نفسك لله عزوجل، ففعل(1) ثم دفعه إلى علي بن الحسين عليهما السلام ففك خاتما فوجد فيه أن أطرق واصمت والزم منزلك واعبد ربك حتى يأتيك اليقين، ففعل، ثم دفعه إلى ابنه محمد بن علي عليهما السلام، ففك خاتما فوجد فيه حدث الناس وافتهم ولا تخافن إلا الله عزوجل، فإنه لا سبيل لاحد عليك [ففعل]، ثم دفعه إلى ابنه جعفر ففك خاتما فوجد فيه حدث الناس وافتهم وانشر علوم أهل بيتك وصدق آبائك الصالحين ولا تخافن إلا الله عزوجل وأنت في حرز وأمان، ففعل، ثم دفعه إلى ابنه موسى عليه السلام وكذلك يدفعه موسى إلى الذي بعده ثم كذلك إلى قيام المهدي صلى الله عليه.

3 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن ضريس الكناسي، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال له حمران: جعلت فداك أرأيت ما كان من أمر علي والحسن والحسين عليهم السلام وخروجهم وقيامهم بدين الله عزوجل وما اصيبوا من قتل الطواغيت إياهم والظفر بهم حتى قتلوا وغلبوا؟ فقال أبو جعفر عليه السلام يا حمران إن الله تبارك وتعالى [قد] كان قدر ذلك عليهم وقضاه وأمضاه وحتمه، ثم أجراه فبتقدم علم ذلك إليهم من رسول الله قام علي والحسن والحسين، وبعلم صمت من صمت منا.

4 - الحسين بن محمد الاشعري، عن معلى بن محمد عن أحمد بن محمد، عن الحارث ابن جعفر، عن علي بن إسماعيل بن يقطين، عن عيسى بن المستفاد أبي موسى الضرير قال: حدثني موسى بن جعفر عليهما السلام قال: قلت لابي عبدالله: أليس كان أمير المؤمنين عليه السلام كاتب الوصية ورسول الله صلى الله عليه وآله المملي عليه وجبرئيل والملائكة المقربون عليهم السلام شهود؟ قال: فأطرق طويلا(2) ثم قال: يا أبا الحسن قد كان ما قلت(3) ولكن حين نزل برسول الله صلى الله عليه وآله الامر، نزلت الوصية من عند الله كتابا مسجلا، نزل به جبرئيل مع امناء الله تبارك وتعالى من الملائكة، فقال جبرئيل: يا محمد مر بإخراج من عندك إلا وصيك، ليقبضها منا وتشهدنا بدفعك إياها إليه ضامنا لها - يعني عليا عليه السلام - فامر النبي صلى الله عليه وآله بإخراج من كان في البيت ما خلا عليا عليه السلام،

___________________________________

(1) اشر نفسك اى بعها، من الشراء بمعنى البيع ؛(في).

(2) في بعض النسخ (مليا).

(3) يعنى بعد ما نزل برسول الله صلى الله عليه وآله الامر (في) [*]

[282]

وفاطمة فيما بين الستر والباب، فقال جبرئيل: يا محمد ربك يقرئك السلام ويقول: هذا كتاب ما كنت عهدت إليك وشرطت عليك وشهدت به عليك وأشهدت به عليك ملائكتي وكفى بي يا محمد شهيدا، قال: فارتعدت مفاصل النبي صلى الله عليه وآله فقال يا جبرئيل ربي هو السلام ومنه السلام.

وإليه يعود السلام صدق عزوجل وبر، هات الكتاب، فدفعه إليه وأمره بدفعه إلى أمير المؤمنين عليه السلام فقال له: أقرأه، فقرأه حرفا حرفا، فقال: يا علي ! هذا عهد ربي تبارك وتعالى إلي شرطه علي وأمانته وقد بلغت ونصحت وأديت، فقال علي عليه السلام وأنا أشهد لك [بأبي وامي أنت] بالبلاغ والنصيحة والتصديق على ما قلت ويشهد لك به سمعي وبصري ولحمي ودمي، فقال: جبرئيل عليه السلام: وأنا لكما على ذلك من الشاهدين، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا علي أخذت وصيتي وعرفتها وضمنت لله ولي الوفاء بما فيها، فقال علي عليه السلام: نعم بأبي أنت وامي علي ضمانها وعلي الله عوني وتوفيقي على أدائها، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا علي إني اريد ان اشهد عليك بموافاتي بها يوم القيامة.

فقال علي عليه السلام نعم أشهد، فقال النبي صلى الله عليه وآله: إن جبرئيل وميكائيل فيما بيني وبينك الآن وهما حاضران معهما الملائكة المقربون لاشهدهم عليك، فقال: نعم ليشهدوا وأنا - بأبي أنت وامي - اشهدهم، فأشهدهم رسول الله صلى الله عليه وآله وكان فيما اشترط عليه النبي بأمر جبرئيل عليه السلام فيما أمر الله عزوجل أن قال له: يا علي تفي بما فيها من موالاة من والى الله ورسوله والبراء‌ة والعداوة لمن عادى الله ورسوله والبرائة منهم على الصبر منك [و] على كظم الغيظ وعلى ذهاب حقي وغصب خمسك(1) وانتهاك حرمتك؟ فقال: نعم يا رسول الله فقال أمير المؤمنين عليه السلام: والذي فلق الحبة وبرأ النسمة لقد سمعت جبرئيل عليه السلام يقول للنبي: يا محمد عرفه أنه ينتهك الحرمة وهي حرمة الله وحرمة رسول الله صلى الله عليه وآله وعلى أن تخضب لحيته من رأسه بدم عبيط(2) قال أمير المؤمنين عليه السلام: فصعقت حين فهمت الكلمة من الامين جبرئيل حتى سقطت على وجهي وقلت: نعم قبلت ورضيت وإن انتهكت الحرمة وعطلت السنن ومزق الكتاب وهدمت الكعبة وخضبت لحيتي من رأسي بدم عبيط صابرا محتسبا أبدا حتى أقدم عليك،

___________________________________

(1) في بعض النسخ (وغصبك).

(2) العبيط: الطرى ؛(في).

[*]

[283]

ثم دعا رسول الله صلى الله عليه وآله فاطمة والحسن والحسين وأعلمهم مثل ما أعلم أمير المؤمنين، فقالوا مثل قوله فختمت الوصية بخواتيم من ذهب، لم تمسه النار(1) ودفعت إلى أمير المؤمنين عليه السلام، فقلت لابي الحسن عليه السلام: بأبي أنت وامي ألا تذكر ما كان في الوصية؟ فقال: سنن الله وسنن رسوله، فقلت: أكان في الوصية توثبهم(2) وخلافهم على أمير المؤمنين عليه السلام؟ فقال: نعم والله شيئا شيئا، وحرفا حرفا، أما سمعت قول الله عزوجل: " إنا نحن نحيي الموتى ونكتب ما قدموا وآثارهم وكل شئ أحصيناه في إمام مبين(3) "؟ والله لقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله لامير المؤمنين وفاطمة عليهما السلام: أليس قد فهمتما ما تقدمت به إليكما وقبلتماه؟ فقالا: بلى وصبرنا على ما ساء نا وغاظنا.

" وفي نسخة الصفواني زيادة:(4) علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبدالله بن عبدالرحمن الاصم، عن أبي عبدالله البزاز، عن حريز قال: قلت لابي عبدالله عليه السلام: جعلت فداك ما أقل بقاء كم أهل البيت وأقرب آجالكم بعضها من بعض مع حاجة الناس إليكم؟ ! فقال: إن لكل واحد منا صحيفة فيها ما يحتاج إليه أن يعمل به في مدته، فإذا انقضى ما فيها مما امر به عرف أن أجله قد حضر فأتاه النبي صلى الله عليه وآله ينعى إليه نفسه(5) وأخبره بما له عند الله وإن الحسين عليه السلام قرأ صحيفته التي أعطيها، وفسر له ما يأتي بنعي وبقي فيها أشياء لم تقض، فخرج للقتال وكانت تلك الامور التي بقيت أن الملائكة سألت الله في نصرته فأذن لها ومكثت تستعد للقتال وتتأهب لذلك حتى قتل فنزلت وقد انقطعت مدته وقتل عليه السلام، فقالت الملائكة: يا رب أذنت لنا في الانحدار وأذنت لنا في نصرته، فانحدرنا

___________________________________

(1) ذلك لانه كان من عالم الامر والملكوت، منزها عن مواد العناصر وتراكيبها (في)

(2) التوثب: الاستيلاء على الشئ ظلما (في)

(3) يس: 12

(4) هذا كلام بعض رواة الكلينى فان نسخ الكافى كانت براويات مختلفة كالصفوانى هذا وهو محمد بن احمد بن عبدالله بن قضاعة بن صفوان الجمال وكان ثقة فقيها فاضلا، ومحمد بن ابراهيم النعمانى، وهارون بن موسى التلعكبرى وكان بين تلك النسخ اختلاف، فتصدى بعض من تأخر عنهم كالصدوق محمد بن بابويه والشيخ المفيد واضرابهما رحمة الله عليهم فجمعوا بين النسخ وأشاروا إلى الاختلاف الواقع بينهما ولما كان في نسخة الصفوانى هذا الخبر الاتى ولم يكن في سائر الروايات أشاروا إلى ذلك بهذا الكلام وسيأتى مثله في مواضع (آت)

(5) أى يخبره بموته.

[*]

[284]

وقد قبضته، فأوحى الله إليهم: أن الزموا قبره حتى تروه وقد خرج(1) فانصروه وابكوا عليه وعلى ما فاتكم من نصرته فإنكم قد خصصتم بنصرته وبالبكاء عليه، فبكت الملائكة تعزيا وحزنا على ما فاتهم من نصرته، فإذا خرج يكونون أنصاره ".

_____________________________

(1) (وحتى تروه وقد خرج) اشارة إلى رجعته في زمان القائم عليه السلام ؛(في).