باب ما يضل به بين دعوى المحق والمبطل في أمر الامامة

1 - علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن أبن محبوب، عن سلام بن عبدالله ومحمد بن الحسن وعلي بن محمد، عن سهل بن زياد، وأبوعلي الاشعري، عن محمد بن حسان جميعا عن محمد بن علي، عن علي بن أسباط، عن سلام بن عبدالله الهاشمي، قال محمد بن علي: وقد سمعته منه، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: بعث طلحة والزبير رجلا من عبدالقيس يقال له: خداش إلى أمير المؤمنين صلوات الله عليه، وقالا له: إنا نبعثك إلى رجل طال ما كنا نعرفه وأهل بيته بالسحر والكهانه، وأنت أوثق من بحضرتنا من أنفسنا من أن تمتنع من ذلك، وأن تحاجه لنا حتى تقفه على أمر معلوم، واعلم أنه أعظم الناس دعوى فلا يكسرنك ذلك عنه، ومن الابواب التي يخدع الناس بها الطعام والشراب والعسل والدهن وأن يخالي الرجل، فلا تأكل له طعاما، ولا تشرب له شرابا، ولا تمس له عسلا ولا دهنا ولا تخل معه واحذر هذا كله منه، وانطلق على بركة الله، فإذا رأيته فاقرأ آيه السخرة، وتعوذ بالله من كيده وكيد الشيطان.

فإذا جلست إليه فلا تمكنه من بصرك كله ولا تستأنس به.

ثم قل له: إن أخويك في الدين وابني عمك في القرابة يناشدانك القطيعة، ويقولان لك: أما تعلم أنا تركنا الناس لك وخالفنا عشائرنا فيك منذ قبض الله عزوجل محمدا صلى الله عليه وآله فلما نلت أدنى منال، ضيعت حرمتنا وقطعت رجاء‌نا، ثم قد رأيت أفعالنا

[344]

فيك وقدرتنا على النأي عنك(1)، وسعة البلاد دونك، وإن من كان يصرفك عنا وعن صلتنا كان أقل لك نفعا وأضعف عنك دفعا منا، وقد وضح الصبح لذي عينين، وقد بلغنا عنك انتهاك لنا ودعاء علينا، فما الذي يحملك على ذلك؟ ! فقد كنا نرى أنك أشجع فرسان العرب، أتتخذ اللعن لنا دينا، وترى أن ذلك يكسرنا عنك.

فلما أتى خداش أمير المؤمنين عليه السلام صنع ما أمراه، فلما نظر إليه علي عليه السلام - وهو يناجي نفسه - ضحك وقال: ههنا يا أخا عبد قيس - وأشار له إلى مجلس قريب منه - فقال: ما أوسع المكان، اريد أن أؤدي إليك رسالة، قال: بل تطعم وتشرب وتحل ثيابك وتدهن ثم تؤدي رسالتك قم يا قنبر فأنزله، قال: ما بي إلى شئ مما ذكرت حاجة، قال: فأخلو بك؟ قال: كل سر لي علانية، قال: فأنشدك بالله الذي هو أقرب إليك من نفسك، الحائل بينك وبين قلبك، الذي بعلم خائنة الاعين وما تخفي الصدور، أتقدم إليك الزبير بما عرضت عليك؟ قال: اللهم نعم، قال: لو كتمت بعد ما سألتك ما ارتد إليك طرفك، فانشدك الله هل علمك كلاما تقوله إذا أتيتني؟ قال: اللهم نعم، قال علي عليه السلام: آية السخرة؟ قال نعم، قال: فاقرأها وجعل علي عليه السلام يكررها ويرددها ويفتح عليه إذا أخطأ حتى إذا قرأها سبعين مرة قال الرجل: ما يرى أمير المؤمنين عليه السلام أمره بترددها سبعين مرة ثم قال له: أتجد قلبك اطمأن قال إي: - والذي نفسي بيده - قال: فما قالا لك؟ فأخبره، فقال: قل لهما: كفى بمنطقكما حجة عليكما، ولكن الله لا يهدي القوم الظالمين، زعمتما أنكما أخواي في الدين وابنا عمي في النسب فأما النسب فلا انكره وإن كان النسب مقطوعا إلا ما وصله الله بالاسلام، وأما قولكما: إنكما أخواي في الدين، فإن كنتما صادقين فقد فارقتما كتاب الله عزوجل، وعصيتما أمره بأفعالكما في أخيكما في الدين، وإلا فقد كذبتما وافتريتما بادعائكما أنكما أخواي في الدين وأما مفارقتكما الناس منذ قبض الله محمدا صلى الله عليه وآله فإن كنتما فارقتماهم بحق فقد نقضتما ذلك الحق بفراقكما إياي أخيرا، وإن فارقتماهم بباطل فقد وقع إثم ذلك الباطل عليكما مع الحدث الذي أحدثتما، مع أن صفقتكما بمفارقتكما الناس لم تكن

[345]

إلا لطمع الدنيا، زعمتما وذلك قولكما: " فقطعت رجاء نا " لا تعيبان بحمد الله من ديني شيئا وأما الذي صرفني عن صلتكما، فالذي صرفكما عن الحق وحملكما على خلعه من رقابكما كما يخلع الحرون لجامه وهو الله ربي لا اشرك به شيئا فلا تقولا: " أقل نفعا وأضعف دفعا " فتستحقا اسم الشرك مع النفاق، وأما قولكما: إني أشجع فرسان العرب، وهربكما من لعني ودعائي، فإن لكل موقف عملا إذا اختلفت الاسنة و ماجت لبود الخيل وملا سحرا كما أجوافكما، فثم يكفيني الله بكمال القلب، وأما إذا أبيتما بأني أدعو الله فلا تجزعا من أن يدعو عليكما رجل ساحر من قوم سحرة زعمتما، اللهم أقعص الزبير بشر قتلة واسفك دمه على ضلالة وعرف طلحة المذلة وادخر لهما في الآخرة شرا من ذلك، إن كانا ظلماني وافتريا علي وكتما شهادتهما وعصياك وعصيا رسولك في، قل: آمين، قال خداش: آمين.

ثم قال خداش لنفسه: والله ما رأيت لحية قط أبين خطأ منك، حامل حجة ينقض بعضها بعضا لم يجعل الله لها مساكا، أنا أبرأ إلى الله منهما، قال علي عليه السلام: ارجع إليهما وأعلمها ما قلت، قال: لا والله حتى تسأل الله أن يردني إليك عاجلا وأن يوفقني لرضاه فيك، ففعل فلم يلبث أن انصرف وقتل معه يوم الجمل رحمه الله.

2 - علي بن محمد ومحمد بن الحسن، عن سهل بن زياد، وأبوعلي الاشعري، عن محمد ابن حسان جميعا، عن محمد بن علي، عن نصر بن مزاحم، عن عمر وبن سعيد، عن جراح بن عبدالله، عن رافع بن سلمة قال: كنت مع علي بن أبي طالب صلوات الله عليه يوم النهروان فبينا علي عليه السلام جالس إذ جاء فارس فقال: السلام عليك يا علي فقال له علي عليه السلام: وعليك السلام مالك ثكلتك امك - لم تسلم علي بإمرة المؤمنين؟ قال: بلى ساخبرك عن ذلك كنت إذ كنت على الحق بصفين فلما حكمت الحكمين برئت منك وسميتك مشركا، فأصبحت لا أدري إلى أين أصرف ولايتي، والله لان أعرف هداك من ضلالتك أحب إلى من الدنيا وما فيها فقال له: علي عليه السلام: ثكلتك أمك قف مني قريبا اريك علامات الهدى من علامات الضلالة، فوقف الرجل قريبا منه فبينما هو كذلك إذ أقبل فارس يركض حتى أتى عليا عليه السلام فقال: يا أمير المؤمنين أبشر بالفتح أقر الله عينك، قد والله

[346]

قتل القوم أجمعون، فقال له: من دون النهر أو من خلفه؟ قال: بل من دونه، فقال: كذبت والذي فلق الحبة وبرأ النسمة لا يعبرون أبدا حتى يقتلوا، فقال الرجل: فازددت فيه بصيرة، فجاء آخر يركض على فرس له فقال له مثل ذلك فرد عليه أمير المؤمنين عليه السلام مثل الذي رد على صاحبه، قال الرجل الشاك: وهممت أن أحمل على علي عليه السلام فأفلق هامته بالسيف ثم جاء فارسان يركضان قد أعرقا فرسيهما فقالا: أقر الله عينك يا أمير المؤمنين ابشر بالفتح قد والله قتل القوم أجمعون، فقال علي عليه السلام: أمن خلف النهر أو من دونه؟ قالا: لا بل خلفه، إنهم لما اقتحموا خيلهم النهروان وضرب الماء لبات خيولهم رجعوا فاصيبوا، فقال أمير المؤمنين عليه السلام: صدقتما، فنزل الرجل عن فرسه فأخذ بيد أمير المؤمنين عليه السلام وبرجله فقبلهما، فقال علي عليه السلام: هذه لك آية.

3 - علي بن محمد، عن أبي علي محمد بن إسماعيل بن موسى بن جعفر، عن أحمد بن القاسم العجلي، عن أحمد بن يحيى المعروف بكرد، عن محمد بن خداهي، عن عبدالله بن أيوب، عن عبدالله بن هاشم، عن عبدالكريم بن عمرو الخثعمي، عن حبابة الوالبية قالت: رأيت أمير المؤمنين عليه السلام في شرطة الخميس ومعه درة لها سبابتان يضرب بها بياعي الجري والمارماهي والزمار ويقول لهم: يا بياعي مسوخ بني إسرائيل وجند بني مروان، فقام إليه فرات بن أحنف فقال: يا أمير المؤمنين وما جند بني مروان؟ قال: فقال له: أقوام حلقوا اللحى وفتلوا الشوارب فمسخوا فلم أر ناطقا أحسن نطقا منه، ثم أتبعته فلم أزل أقفو أثره حتى قعد في رحبة المسجد فقلت: له يا أمير المؤمنين ما دلالة الامامة يرحمك الله: قالت: فقال ائتيني بتلك الحصاة وأشار بيده إلى حصاة فأتيته بها فطبع لي فيها بخاتمه، ثم قال لي: يا حبابة ! إذا ادعى مدع الامامة، فقدر أن يطبع كما رأيت فاعلمي أنه إمام مفترض الطاعة، والامام لا يعزب عنه شئ يريده، قالت ثم انصرفت حتى قبض أمير المؤمنين عليه السلام فجئت إلى الحسن عليه السلام وهو في مجلس أمير المؤمنين عليه السلام والناس يسألونه فقال: يا حبابة الوالبية فقلت: نعم يامولاي فقال: هاتي ما معك قال: فأعطيته فطبع فيها كما طبع أمير المؤمنين عليه السلام، قالت: ثم أتيت الحسين عليه السلام وهو في مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله فقرب ورحب، ثم: قال لي: إن

[347]

في الدلالة دليلا على ما تريدين، أفتريدين دلالة الامامة؟ فقلت: نعم يا سيدي، فقال: هاتي ما معك، فناولته الحصاة فطبع لي فيها، قالت: ثم أتيت علي بن الحسين عليهما السلام وقد بلغ بي الكبر إلى أن أرعشت وأنا أعد يومئذ مائة وثلاث عشرة سنة فرأيته راكعا وساجدا و مشغولا بالعبادة فيئست من الدلالة، فأومأ إلي بالسبابة فعاد إلي شبابي، قالت: فقلت: يا سيدي كم مضى من الدنيا وكم بقي؟ فقال: أما ما مضى فنعم، وأما ما بقي فلا، قالت: ثم قال لي: هاتي ما معك فأعطيته الحصاة فطبع لي فيها، ثم أتيت أبا جعفر عليه السلام فطبع لي فيها، ثم أتيت أبا عبدالله عليه السلام فطبع لي فيها، ثم أتيت أبا الحسن موسى عليه السلام فطبع لي فيها، ثم أتيت الرضا عليه السلام فطبع لي فيها.

وعاشت حبابة بعد ذلك تسعة أشهر على ما ذكر محمد بن هشام.

4 - محمد بن أبي عبدالله وعلي بن محمد، عن إسحاق بن محمد النخعي، عن أبي هاشم داود بن القاسم الجعفري قال: كنت عند أبي محمد عليه السلام فاستؤذن لرجل من أهل اليمن عليه، فدخل رجل عبل، طويل جسيم، فسلم عليه بالولاية فرد عليه بالقبول وأمره بالجلوس، فجلس ملاصقا لي، فقلت في نفسي: ليت شعري من هذا؟ فقال أبومحمد عليه السلام: هذا من ولد الاعرابية صاحبة الحصاة التي طبع آبائي عليهم السلام فيها بخواتيمهم فانطبعت وقد جاء بها معه يريد أن أطبع فيها، ثم قال: هاتها فأخرج حصاة وفي جانب منها موضع أملس، فأخذها أبومحمد عليه السلام ثم أخرج خاتمة فطبع فيها فانطبع فكأني أرى نقش خاتمة الساعة " الحسن بن علي " فقلت لليماني: رأيته قبل هذا قط؟ قال: لا والله وإني لمنذ دهر حريص على رؤيته حتى كأن الساعة أتاني شاب لست أراه فقال لي: قم فادخل، فدخلت ثم نهض اليماني وهو يقول رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت، ذرية بعضها من بعض اشهد بالله أن حقك لواجب كوجوب حق أمير المؤمنين عليه السلام والائمة من بعده صلوات الله عليهم أجمعين ثم مضى فلم أره بعد ذلك، قال إسحاق: قال أبوهاشم الجعفري: وسألته عن اسمه فقال: اسمي مهجع بن الصلت بن عقبة بن سمعان بن غانم بن أم غانم وهي الاعرابية اليمانية، صاحبة الحصاة التي طبع فيها أمير المؤمنين عليه السلام والسبط إلى وقت أبي الحسن عليه السلام

[348]

5 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب عن علي بن رئاب، عن أبي عبيدة وزرارة جميعا، عن أبي جعفر عليه السلام قال: لما قتل الحسين عليه السلام أرسل محمد بن الحنفية إلى علي بن الحسين عليهما السلام فخلا به فقال له: يا ابن أخي قد علمت أن رسول الله صلى الله عليه وآله دفع الوصية والامامة من بعده إلى أمير المؤمنين عليه السلام ثم إلى الحسن عليه السلام، ثم إلى الحسين عليه السلام وقد قتل أبوك رضي الله عنه وصلي على روحه ولم يوص، وأنا عمك وصنو أبيك وولادتي من علي عليه السلام في سني وقديمي أحق بها منك في حداثتك، فلا تنازعني في الوصية والامامة ولا تحاجني، فقال له علي بن الحسين عليه السلام: يا عم اتق الله ولا تدع ما ليس لك بحق إني أعظك أن تكون من الجاهلين، إن أبي يا عم صلوات الله عليه أوصى إلي قبل أن يتوجه إلى العراق وعهد إلي في ذلك قبل أن يستشهد بساعة، وهذا سلاح رسول الله صلى الله عليه وآله عندي، فلا تتعرض لهذا، فإني أخاف عليك نقص العمر وتشتت الحال، إن الله عزوجل جعل الوصية والامامة في عقب الحسين عليه السلام فإذا اردت أن تعلم ذلك فانطلق بنا إلى الحجر الاسود حتى نتحاكم إليه ونسأله عن ذلك قال أبوجعفر عليه السلام: وكان الكلام بينهما بمكة، فانطلقا حتى أتيا الحجر الاسود، فقال علي بن الحسين لمحمد بن الحنفية: ابدأ أنت فابتهل إلى الله عزوجل وسله أن ينطق لك الحجر ثم سل، فابتهل محمد في الدعاء وسأل الله ثم دعا الحجر فلم يجبه، فقال علي بن الحسين عليهما السلام: يا عم لو كنت وصيا وإماما لاجابك، قال له محمد: فادع الله أنت يا ابن أخي وسله، فدعا الله علي بن الحسين عليهما السلام بما أراد ثم قال: أسألك بالذي جعل فيك ميثاق الانبياء وميثاق الاوصياء وميثاق الناس أجمعين لما أخبرتنا من الوصي و الامام بعد الحسين بن علي عليه السلام؟ قال: فتحرك الحجر حتى كاد ان يزول عن موضعه، ثم أنطقه الله عزوجل بلسان عربي مبين، فقال: اللهم إن الوصية والامامة بعد الحسين ابن علي عليهما السلام إلى علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب وابن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله قال: فانصرف محمد بن علي وهو يتولى علي بن الحسين عليه السلام.

علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام مثله.

6 - الحسين بن محمد، عن المعلى بن محمد عن محمد بن علي قال: أخبرني سماعة بن

[349]

مهران قال: أخبرني الكلبي النسابة قال: دخلت المدينة ولست أعرف شيئا من هذا الامر فأتيت المسجد فإذا جماعة من قريش فقلت: أخبروني عن عالم أهل هذا البيت؟ فقالوا: عبدالله بن الحسن، فأتيت منزله فاستأذنت، فخرج إلي رجل ظننت أنه غلام له، فقلت له: استأذن لي على مولاك فدخل ثم خرج فقال لي: ادخل فدخلت فإذا أنا بشيخ معتكف شديد الاجتهاد، فسلمت عليه فقال لي: من أنت؟ فقلت: أنا الكلبي النسابة، فقال: ما حاجتك؟ فقلت: جئت إسألك، فقال: أمررت بابني محمد؟ قلت: بدأت بك: فقال: سل، فقلت: أخبرني عن رجل قال لامرأته: أنت طالق عدد نجوم السماء، فقال: تبنى برأس الجوزاء(1) والباقي وزر عليه وعقوبة، فقلت في نفسي: واحدة، فقلت: ما يقول الشيخ في المسح على الخفين؟ فقال: قد مسح قوم صالحون ونحن أهل البيت لا نمسح، فقلت في نفسي: ثنتان، فقلت: ما تقول في أكل الجري أحلال هو أم حرام؟ فقال: حلال إلا أنا أهل البيت نعافه فقلت في نفسي: ثلاث، فقلت: فما تقول في شرب النبيذ؟ فقال: حلال إلا أنا أهل البيت لا نشربه، فقمت فخرجت من عنده وأنا أقول: هذه العصابة تكذب على أهل هذا البيت.

فدخلت المسجد فنظرت إلى جماعة من قريش وغيرهم من الناس فسلمت عليهم ثم قلت لهم: من أعلم أهل هذا البيت؟ فقالوا: عبدالله بن الحسن، فقلت: قد أتيته فلم أجد عنده شيئا فرفع رجل من القوم رأسه فقال: ائت جعفر بن محمد عليهما السلام فهو أعلم أهل هذا البيت، فلامه بعض من كان بالحضرة - فقلت(2): إن القوم إنما منعهم من إرشادي إليه أول مرة الحسد - فقلت له: ويحك إياه أردت، فمضيت حتى صرت إلى منزله فقرعت الباب، فخرج غلام له فقال: ادخل يا أخا كلب فوالله لقد أدهشني فدخلت وأنا مضطرب ونظرت فإذا شيخ على مصلى بلا مرفقة(3) ولا بردعة، فابتدأني بعد أن سملت عليه، فقال لي: من أنت؟ فقلت في نفسي: يا سبحان الله ! غلامه يقول لي بالباب: ادخل يا أخا كلب ويسألني المولى من أنت؟ ! فقلت له: أنا الكلبي

___________________________________

(1) يعنى بعدده، اراد انه يقع به ثلاث طلقات لان كل رأس من رأسى الجوزاء ثلاثة كواكب ؛(في).

(2) في بعض النسخ [فعلمت أن]

(3) المرفقة بالكسر المخدة، والبردعة.[*]

[350]

النسابة، فضرب بيده على جبهته وقال: كذب العادلون بالله وضلوا ضلالا بعيدا و خسروا خسرانا مبينا، يا أخال كلب إن الله عزوجل يقول: " وعادا وثمود وأصحاب الرس وقرونا بين ذلك كثيرا(1) " أفتنسبها أنت؟ فقلت: لا جعلت فداك، فقال لي: أفتنسب نفسك؟ قلت: نعم أنا فلان بن فلان بن فلان حتى أرتفعت فقال لي: قف ليس حيث تذهب، ويحك أتدري من فلان بن فلان؟ قلت: نعم فلان بن فلان، قال: إن فلان ابن فلان بن فلان الراعي الكردي إنما كان فلان الراعي الكردي على جبل آل فلان فنزل إلى فلانة امرأة فلان من جبله الذي كان يرعى غنمه عليه، فأطعمها شيئا وغشيها فولدت فلانا، وفلان بن فلان من فلانة وفلان بن فلان، ثم قال: أتعرف هذه الاسامي؟ قلت: لا والله جعلت فداك فإن رأيت أن تكف عن هذا فعلت؟ فقال: إنما قلت فقلت، فقلت: إني لا أعود، قال: لا نعود إذا واسأل عما جئت له، فقلت له: أخبرني عن رجل قال لامرأته: أنت طالق عدد نجوم السماء، فقال: ويحك أما تقرأ سورة الطلاق؟ قلت: بلى، قال: فاقرأ فقرأت: " فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدة " قال: أترى ههنا نجوم السماء؟ قلت: لا قلت: فرجل قال لامرأته: أنت طالق ثلاثا؟ قال: ترد إلى كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وآله، ثم قال: لا طلاق إلا على طهر، من غير جماع بشاهدين مقبولين، فقلت في نفسي: واحدة، ثم قال: سل، قلت: ما تقول في المسح على الخفين؟ فتبسم ثم قال، إذا كان يوم القيامة ورد الله كل شئ إلى شيئه ورد الجلد إلى الغنم فترى أصحاب المسح أين يذهب وضوؤهم؟ فقلت في نفسي: ثنتان، ثم التفت إلي فقال: سل فقلت: أخبرني عن أكل الجري؟ فقال: إن الله عزوجل مسخ طائفة من بني إسرائيل فما أخذ منهم بحرا فهو الجري والمارماهي و الزمار وما سوى ذلك وما أخذ منهم برا فالقردة والخنازير والوبر والورك(2) وما سوى ذلك فقلت في نفسي: ثلاث، ثم التفت إلى فقال: سل وقم، فقلت: ما تقول في النبيذ؟ فقال: حلال، فقلت: إنا ننبذ فنطرح فيه العكر(3) وما سوى ذلك ونشربه؟ فقال: شه شه(4) تلك الخمرة المنتنة، فقلت: جعلت فداك فاي نبيذ تعني؟ فقال: إن أهل

___________________________________

(1) الفرقان: 38.

(2) الوبر دويبة كالسنور، والورك متحركة دابة كالضب او العظيم من اشكال الوزغ طويل الذنب صغير الرأس (في).

(3) العكر الدردى من كل شئ، أراد به (هنا دردى النبيذ (في).

(4) كلمة تقبيح واستقذار ؛(آت).

[*]

[351]

المدينة شكوا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله تغيير الماء وفساد طبايعهم، فأمرهم أن ينبذوا، فكان الرجل يأمر خادمه أن ينبذ له، فيعمد إلى كف من التمر فيقذف به في الشن(1) فمنه شربه ومنه طهوره، فقلت: وكم كان عدد التمر الذي [كان] في الكف؟ فقال: ما حمل الكف، فقلت: واحدة وثنتان؟ فقال: ربما كانت واحدة وربما كانت ثنتين فقلت: وكم كان يسع الشن؟ فقال: مابين الاربعين إلى الثمانين إلى ما فوق ذلك فقلت: بالارطال؟ فقال: نعم أرطال بمكيال العراق، قال سماعة: قال الكلبي: ثم نهض عليه السلام وقمت فخرجت وأنا أضرب بيدي على الاخرى وأنا أقول: إن كان شئ فهذا، فلم يزل الكلبي يدين الله بحب آل هذا البيت حتى مات.

7 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أبي يحيى الواسطي، عن هشام بن سالم قال: كنا بالمدينة بعد وفات أبي عبدالله عليه السلام أنا وصاحب الطاق والناس مجتمعون على عبدالله بن جعفر انه صاحب الامر بعد أبيه، فدخلنا عليه أنا وصاحب الطاق والناس عنده وذلك أنهم رووا عن أبي عبدالله عليه السلام أنه قال: إن الامر في الكبير ما لم تكن به عاهة، فدخلنا عليه نسأله عما كنا نسأل عنه أباه، فسألناه عن الزكاة في كم تجب؟ فقال: في مائتين خمسة، فقلنا: ففي مائة؟ فقال: درهمان ونصف فقلنا: والله ما تقول المرجئة هذا، قال: فرفع يده إلى السماء فقال: والله ما أدري ما تقول المرجئة، قال: فخرجنا من عنده ضلالا لا ندري إلى أين نتوجه أنا وأبو جعفر الاحول، فقعدنا في بعض أزقة المدينة باكين حيارى لا ندري إلى أين نتوجه ولا من نقصد؟ ونقول: إلى المرجئة؟ إلى القدرية؟ إلى الزيدية؟ إلى المعتزلة؟ إلى الخوارج؟ فنحن كذلك إذ رأيت رجلا شيخا لا أعرفه، يومي إلي بيده فخفت أن يكون عينا من عيون أبي جعفر المنصور وذلك أنه كان له بالمدينة جواسيس ينظرون إلى من اتفقت شيعة جعفر عليه السلام عليه، فيضربون عنقه، فخفت أن يكون منهم فقلت للاحول: تنح فإني خائف على نفسي وعليك، وإنما يريدني لا يريدك، فتنح عني لا تهلك وتعين على نفسك، فتنحى غير بعيد وتبعت الشيخ وذلك أني ظننت

___________________________________

الشن: القربة من الجلد المدبوغ.

[*]

[352]

أني لا اقدر على التخلص منه فما زلت أتبعه وقد عزمت على الموت حتى ورد بي على باب ابي الحسن عليه السلام ثم خلاني ومضى، فإذا خادم بالباب فقال لي: أدخل رحمك الله، فدخلت فإذا أبوالحسن موسى عليه السلام فقال لي أبتداء منه: لا إلى المرجئة ولا إلى القدرية ولا إلى الزيدية ولا إلى المعتزلة ولا إلى الخوارج إليإلي فقلت جعلت فداك مضى أبوك؟ قال: نعم، قلت: مضى موتا؟ قال: نعم، قلت: فمن لنا من بعده؟ فقال: إن شاء الله أن يهديك هداك، قلت جعلت فداك إن عبدالله يزعم أنه من بعد أبيه، قال: يريد عبدالله أن لا يعبد الله، قال: قلت: جعلت فداك فمن لنا من بعده؟ قال: إن شاء الله أن يهديك هداك، قال: قلت: جعلت فداك فأنت هو؟ قال لا، ما أقول ذلك، قال: فقلت في نفسي لم اصب طريق المسألة، ثم قلت له: جعلت فداك عليك إمام؟ قال: لا فداخلني شئ لا يعلم إلا الله عزوجل إعظاما له وهيبة أكثر مما كان يحل بي من أبيه إذا دخلت عليه، ثم قلت له: جعلت فداك أسألك عما كنت أسأل اباك؟ فقال: سل تخبر ولا تذع، فإن أذعت فهو الذبح، فسألته فإذا هو بحر لا ينزف، قلت: جعلت فداك شيعتك وشيعة أبيك ضلال فألقى إليهم وأدعوهم إليك؟ وقد أخذت علي الكتمان؟ قال: من آنست منه رشدا فالق إليه وخذ عليه الكتمان فإن أذاعوا فهو الذبح - وأشار بيده إلى حلقه - قال: فخرجت من عنده فلقيت أبا جعفر الاحول فقال لي: ما وراء‌ك؟ قلت: الهدى فحدثته بالقصة قال: ثم لقينا الفضيل وأبا بصير فدخلا عليه وسمعا كلامه وساء لاه وقطعا عليه بالامامة، ثم لقينا الناس أفواجا فكل من دخل عليه قطع إلا طائفة عمار وأصحابه وبقي عبدالله لا يدخل إليه إلا قليل من الناس، فلما رأى ذلك قال: ما حال الناس؟ فأخبر أن هشاما صد عنك الناس، قال هشام: فأقعد لي بالمدينة غير واحد ليضربوني.

8 - علي بن إبراهيم، عن ابيه، عن محمد، عن محمد بن فلان الواقفي قال: كان لي ابن عم يقال له: الحسن بن عبدالله كان زاهدا وكان من أعبد أهل زمانه وكان يتقيه السلطان لجده في الدين واجتهاده وربما استقبل السلطان بكلام صعب يعظه ويأمره بالمعروف وينهاه عن المنكر وكان السلطان يحتمله لصلاحه، ولم تزل هذه حالته حتى كان يوم من الايام إذ دخل عليه أبوالحسن موسى عليه السلام وهو في المسجد فرآه فأومأ

[353]

إليه فأتاه فقال له: يا ابا علي، ما أحب إلي ما أنت فيه وأسرني إلا أنه ليست لك معرفة، فاطلب المعرفة، قال: جعلت فداك وما المعرفة؟ قال: اذهب فتفقه واطلب الحديث، قال: عمن؟ قال: عن فقهاء أهل المدينة، ثم اعرض علي الحديث، قال: فذهب فكتب ثم جاء ه فقرأه عليه فأسقطه كله ثم قال له: اذهب فاعرف المعرفة وكان الرجل معنيا بدينه فلم يزل يترصد أبا الحسن عليه السلام حتى خرج إلى ضيعة له، فلقيه في الطريق فقال له: جعلت فداك إني أحتج عليك بين يدي الله فدلني على المعرفة قال: فأخبره بأمير المؤمنين عليه السلام وما كان بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وأخبره بأمر الرجلين فقبل منه، ثم قال له: فمن كان بعد أمير المؤمنين عليه السلام؟ قال: الحسن عليه السلام ثم الحسين عليه السلام حتى انتهى إلى نفسه ثم سكت، قال: فقال له: جعلت فداك فمن هو اليوم؟ قال: إن أخبرتك تقبل؟ قال: بلى جعلت فداك؟ قال: أنا هو، قال: فشئ أستدل به؟ قال: اذهب إلى تلك الشجرة - وأشار [بيده] إلى ام غيلان - فقل لها: يقول لك موسى بن جعفر: أقبلي، قال: فأتيتها فرأيتها والله تخد الارض خدا حتى وقفت بين يديه، ثم أشار إليها فرجعت قال: فأقر به ثم لزم الصمت والعبادة، فكان لا يراه أحد يتكلم بعد ذلك.

محمد بن يحيى وأحمد بن محمد، عن محمد بن الحسن، عن إبراهيم بن هشام مثله.

9 - محمد بن يحيى وأحمد بن محمد، عن محمد بن الحسن، عن أحمد بن الحسين، عن محمد بن الطيب، عن عبدالوهاب بن منصور، عن محمد بن أبي العلاء قال: سمعت يحيى بن أكثم - قاضي سامراء - بعد ما جهدت به وناظرته وحاورته وواصلته وسألته عن علوم آل محمد فقال: بينا أنا ذات يوم دخلت أطوف بقبر رسول الله صلى الله عليه وآله فرأيت محمد بن علي الرضا عليهما السلام يطوف به، فناظرته في مسائل عندي فأخرجها إلي، فقلت له: والله إني أريد أن أسألك مسألة وإني والله لاستحيي من ذلك، فقال لي: أنا أخبرك قبل أن تسألني، تسألني عن الامام، فقلت: هو والله هذا، فقال: أنا هو، فقلت: علامة؟، فكان في يده عصا فنطقت وقالت: إن مولاي إمام هذا الزمان وهو الحجة.

10 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد أو غيره، عن علي بن الحكم، عن الحسين

[354]

ابن عمر بن يزيد قال: دخلت على الرضا عليه السلام وأنا يومئذ واقف وقد كان ابي سأل أباه عن سبع مسائل فأجابه في ست وأمسك عن السابعة، فقلت: والله لاسألنه عما سأل أبي أباه، فإن أجاب بمثل جواب أبيه كانت دلالة، فسألته فأجاب بمثل جواب ابيه أبي في المسائل الست، فلم يزد في الجواب واوا ولا ياء وأمسك عن السابعة وقد كان أبي قال لابيه: إني أحتج عليك عند الله يوم القيامة أنك زعمت أن عبدالله لم يكن إماما، فوضع يده على عنقه، ثم قال له: نعم احتج علي بذلك عند الله عزوجل فما كان فيه من إثم فهو في رقبتي، فلما ودعته قال: إنه ليس أحد من شيعتنا يبتلي ببلية أو يشتكي فيصبر على ذلك إلا كتب الله له أجر ألف شهيد، فقلت في نفسي: والله ما كان لهذا ذكر، فلما مضيت وكنت في بعض الطريق، خرج بي عرق المديني(1) فلقيت منه شدة، فلما كان من قابل حججت فدخلت عليه وقد بقي من وجعي بقية، فشكوت إليه وقلت له: جعلت فداك عوذ رجلي وبسطتها بين يديه، فقال لي: ليس على رجلك هذه بأس ولكن أرني رجلك الصحيحة فبسطتها بين يديه فعوذها، فلما خرجت لم ألبث إلا يسيرا حتى خرج بي العرق وكان وجعه يسيرا.

11 - أحمد بن مهران، عن محمد بن علي، عن ابن قياما الواسطي - وكان من من الواقفة - قال: دخلت على علي بن موسى الرضا عليهما السلام فقلت له: يكون إمامان؟ قال: لا إلا وأحدهما صامت، فقلت له: هو ذا أنت ليس لك صامت - ولم يكن ولد له أبوجعفر بعد - فقال لي: والله ليجعلن الله مني ما يثبت به الحق وأهله، و ويمحق الباطل وأهله، فولدله بعد سنة أبوجعفر عليه السلام - فقيل لابن قياما: ألا تقنعك هذه الآية؟ فقال: أما والله إنها لآية عظيمة ولكن كيف أصنع بما قال أبوعبدالله عليه السلام في ابنه؟ 12 - الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الوشاء قال: أتيت خراسان - وأنا واقف - فحملت معي متاعا وكان معي ثوب وشي في بعض الرزم(2) ولم أشعر به ولم أعرف مكانه، فلما قدمت مرو، ونزلت في بعض منازلها لم أشعر إلا ورجل مدني من بعض

___________________________________

(1) عرق المدينى مركب اضافى، وهو خيط يخرج من الرجل تدريجا ويشتد وجعه (آت).

(2) الرزم - بالكسر جمع رزمة وهى الثياب المشدودة في ثوب واحد.

[*]

[355]

مولديها، فقال لي: إن أبا الحسن الرضا عليه السلام يقول لك: ابعث إلي الثوب الوشي الذي عندك قال: فقلت: ومن أخبر أبا الحسن بقدومي وأنا قدمت آنفا وما عندي ثوب وشي؟ ! فرجع إليه وعاد إلي، فقال: يقول لك: بلى هو في موضع كذا و كذا ورزمته كذا وكذا، فطلبته حيث قال: فوجدته في أسفل الرزمة، فبعثت به إليه.

13 - ابن فضال، عن عبدالله بن المغيرة قال: كنت واقفا وحججت على تلك الحال، فلما صرت بمكة خلج في صدري شئ، فتعلقت بالملتزم(1) ثم قلت: اللهم قد علمت طلبتي وإرادتي فأرشدني إلى خير الاديان، فوقع في نفسي أن آتي الرضا عليه السلام، فأتيت المدينة فوقفت ببابه وقلت: للغلام قل لمولاك: رجل من أهل العراق بالباب، قال: فسمعت نداء ه وهو يقول: ادخل يا عبدالله بن المغيرة، ادخل يا عبدالله بن المغيرة، فدخلت، فلما نظر إلي قال لي: قد أجاب الله دعاء‌ك وهداك لدينه، فقلت: أشهد أنك حجة الله وأمينه على خلقه.

14 - الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن أحمد بن محمد بن عبدالله قال: كان عبدالله بن هليل(2) يقول بعبد الله(3) فصار إلى العسكر(4) فرجع عن ذلك، فسألته عن سبب رجوعه، فقال: إني عرضت لابي الحسن عليه السلام أن أسأله عن ذلك، فوافقني في طريق ضيق، فمال نحوي حتى إذا حاذاني، أقبل نحوي بشئ من فيه، فوقع على صدري، فأخذته فإذا هو رق فيه مكتوب: ما كان هنالك، ولا كذلك(5).

15 - علي بن محمد، عن بعض أصحابنا ذكر اسمه قال: حدثنا محمد بن إبراهيم قال: أخبرنا موسى بن محمد بن إسماعيل بن عبيد الله بن العباس بن علي بن أبي طالب قال: حدثني جعفر بن زيد بن موسى، عن أبيه عن آبائه عليهم السلام قالوا: جائت ام أسلم يوما إلى النبي صلى الله عليه وآله وهو في منزل ام سلمة، فسألتها عن رسول الله صلى الله عليه آله، فقالت خرج في بعض الحوائج والساعة يجيئ، فانتظرته عند ام سلمة حتى جاء صلى الله عليه وآله، فقالت

___________________________________

(1) هو المستجار محاذى باب الكعبة من ظهرها، يستحب إلصاق البطن والصدر بحائطه و التزامه والدعاء فيه مستجاب (آت).

(2) في بعض النسخ [عبدالله بن هلال].

(3) اى بامامة عبدالله الافطح.

(4) اى إلى سامراء، سمى به لانه بنى للعسكر

(5) اى ما كان عبدالله هناك اى في مقام الامامة، ولا كان كذلك اى مستحقا للامامة ؛(آت).

[*]

[356]

أم أسلم: بأبي أنت وأمي يا رسول الله إني قد قرأت الكتب وعلمت كل نبي ووصي، فموسى كان له وصي في حياته ووصي بعد موته، وكذلك عيسى، فمن وصيك يا رسول الله؟ فقال لها: يا ام أسلم وصيي في حياتي وبعد مماتي واحد، ثم قال لها: يا أم أسلم من فعل فعلي هذا فهو وصيي، ثم ضرب بيده إلى حصاة من الارض ففركها(1) بأصبعه فجعلها شبه الدقيق، ثم عجنها، ثم طبعها بخاتمه، ثم قال: من فعل فعلي هذا فهو وصيي في حياتي وبعد مماتي، فخرجت من عنده، فأتيت أمير المؤمنين عليه السلام فقلت: بأبي أنت وامي أنت وصي رسول الله صلى الله عليه وآله؟ قال: نعم يا ام أسلم ثم ضرب بيده إلى حصاة ففركها فجعلها كهيئة الدقيق، ثم عجنها وختمها بخاتمه، ثم قال: يا ام أسلم من فعل فعلي هذا فهو وصيي، فأتيت الحسن عليه السلام وهو غلام فقلت له: يا سيدي أنت وصي أبيك؟ فقال: نعم يا ام أسلم، وضرب بيده وأخذ حصاة ففعل بها كفعلهما، فخرجت من عنده فأتيت الحسين عليه السلام - وإني لمستصغرة لسنه - فقلت له: بأبي أنت وامي، أنت وصي أخيك؟ فقال، نعم يا ام أسلم ايتيني بحصاة، ثم فعل كفعلهم، فعمرت ام أسلم حتى لحقت بعلي بن الحسين بعد قتل الحسين عليه السلام في منصرفه، فسألته أنت وصي أبيك؟ فقال: نعم، ثم فعل كفعلهم صلوات الله عليهم أجمعين.

16 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن الحسين بن الجارود، عن موسى بن بكر بن داب(2)، عمن حدثه، عن أبي جعفر عليه السلام أن زيد بن علي بن الحسين عليه السلام دخل على أبي جعفر محمد بن علي ومعه كتب من أهل الكوفة يدعونه فيها إلى أنفسهم ويخبرونه باجتماعهم ويأمرونه بالخروج، فقال له أبوجعفر عليه السلام: هذه الكتب ابتداء منهم، أو جواب ما كتبت به إليهم ودعوتهم إليه؟ فقال: بل ابتداء من القوم لمعرفتهم بحقنا وبقرابتنا من رسول الله صلى الله عليه وآله ولما يجدون في كتاب الله عزوجل من وجوب مودتنا وفرض طاعتنا، ولما نحن فيه من الضيق والضنك و البلاء، فقال له أبوجعفر عليه السلام، إن الطاعة مفروضة من الله عزوجل وسنة أمضاها في الاولين وكذلك يجريها في الآخرين والطاعة لواحد منا والمودة للجميع، و أمر الله يجري لاوليائه بحكم موصول، وقضاء مفصول، وحتم مقضى وقدر مقدور،

___________________________________

(1) فرك الشئ اى دلكه.

(2) في بعض النسخ [ذئاب]. وفى بعضها [ذاب].

[*]

[357]

وأجل مسمى لوقت معلوم، فلا يستخفنك الذين لا يوقنون، إنهم لن يغنوا عنك من الله شيئا، فلا تعجل، فإن الله لا يجعل لعجلة العباد ولا تسبقن الله فتعجزك البلية فتصرعك، قال: فغضب زيد عند ذلك، ثم قال: ليس الامام منا من جلس في بيته و أرخى سترة وثبط عن الجهاد ولكن الامام منا من منع حوزته، وجاهد في سبيل الله حق جهاده ودفع عن رعيته وذب عن حريمه، قال أبوجعفر عليه السلام: هل تعرف يا أخي من نفسك شيئا مما نسبتها إليه فتجيئ عليه بشاهد من كتاب الله أو حجة من رسول الله صلى الله عليه وآله أو تضرب به مثلا، فإن الله عزوجل أحل حلالا وحرم حراما و فرض فرائض وضرب أمثالا وسن سننا ولم يجعل الامام القائم بأمره شبهة فيما فرض له من الطاعة أن يسبقه بأمر قبل محله، أو يجاهد فيه قبل حلوله، وقد قال الله عز وجل في الصيد: " لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم(1) " أفقتل الصيد أعظم أم قتل النفس التي حرم الله.

وجعل لكل شئ محلا وقال الله عزوجل: " وإذا حللتم فاصطادوا(2) " وقال عزوجل: " لا تحلوا شعائر الله ولا الشهر الحرام " فجعل الشهور عدة معلومة فجعل منها أربعة حرما وقال: " فسيحوا في الارض أربعة أشهر واعلموا أنكم غير معجزي(3) الله "، ثم قال تبارك وتعالى: " فإذا انسلخ الاشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم(4) " فجعل لذلك محلا وقال: " ولا تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب أجله(5) " فجعل لكل شئ أجلا ولكل أجل كتابا فان كنت على بينة من ربك ويقين من أمرك وتبيان من شأنك، فشأنك وإلا فلا ترومن أمرا أنت منه في شك و شبهة، ولا تتعاط زوال ملك لم تنقض اكله، ولم ينقطع مداه، ولم يبلغ الكتاب أجله فلو قد بلغ مداه وانقطع اكله وبلغ الكتاب أجله، لانقطع الفصل وتتابع النظام و لاعقب الله في التابع والمتبوع الذل والصغار، أعوذ بالله من إمام ضل عن وقته، فكان التابع فيه أعلم من المتبوع، أتريد يا أخي أن تحيي ملة قوم قد كفروا بآيات الله وعصوا رسوله واتبعوا أهواء هم بغير هدى من الله وادعوا الخلافة بلا برهان من الله ولا عهد من رسوله؟ ! أعيذك بالله يا أخي أن تكون غدا المصلوب بالكناسة ثم ارفضت عيناه وسالت دموعه، ثم قال: الله بيننا وبين من هتك سترنا وجحدنا حقنا وأفشى سرنا

___________________________________

(1) المائدة: 95.

(2) المائدة: 2.

(3) التوبة: 2.

(4) التوبة: 5.

(5) البقرة: 236.

[358]

ونسبنا إلى غير جدنا وقال فينا ما لم نقله في أنفسنا.

17 - بعض أصحابنا، عن محمد بن حسان، عن محمد بن رنجويه، عن عبدالله بن الحكم الارمني، عن عبدالله بن إبراهيم بن محمد الجعفري قال: أتينا خديجة بنت عمر ابن علي بن الحسين بن علي بن ابي طالب عليه السلام نعزيها بابن بنتها، فوجدنا عندها موسى بن عبدالله بن الحسن، فإذا هي في ناحية قريبا من النساء، فعزيناهم، ثم أقبلنا عليه فاذا هو يقول لابنة أبي يشكر الراثية: قولي(1) فقالت: اعدد رسول الله واعدد بعده * أسد الاله وثالثا عباسا واعدد علي الخير واعدد جعفرا * واعدد عقيلا بعده الرواسا فقال: أحسنت وأطربتني، زيديني، فاندفعت تقول: ومنا إمام المتقين محمد * وفارسه ذاك الامام المطهر ومنا علي صهره وابن عمه * وحمزة منا والمهذب جعفر فاقمنا عندها حتى كاد الليل أن يجيئ، ثم قالت خديجة: سمعت عمي محمد بن علي صلوات الله عليه وهو يقول: إنما تحتاج المرأة في المأتم إلى النوح لتسيل دمعتها ولا ينبغي لها أن تقول هجرا، فإذا جاء الليل فلا تؤذي الملائكة بالنوح، ثمن خرجنا إليها غدوة فتذاكرنا عندها اختزال منزلها(2) من دار أبي عبدالله جعفر بن محمد، فقال(3): هذه دار تسمى دار السرقة، فقالت: هذا ما اصطفى مهدينا - تعني محمد بن عبدالله بن الحسن - تمازحه بذلك - فقال موسى بن عبدالله: والله لاخبرنكم بالعجب رأيت أبي رحمه الله لما أخذ في أمر محمد بن عبدالله وأجمع على لقاء أصحابه، فقال لا أجد هذا الامر يستقيم إلا أن ألقى أبا عبدالله جعفر بن محمد، فانطلق وهو متك علي، فانطلقت معه حتى أتينا أبا عبدالله عليه السلام فلقيناه خارجا يريد المسجد فاستوقفه أبي و كلمه، فقال له أبوعبدالله عليه السلام: ليس هذا موضع ذلك، نلتقي إن شاء الله، فرجع أبي مسرورا، ثم أقام حتى إذا كان الغد أو بعده بيوم، انطلقنا حتى أتيناه، فدخل عليه أبي وأنا معه فابتدأ الكلام، ثم قال له فيما يقول: قد علمت جعلت فداك أن السن لي عليك وأن في قومك من هو أسن منك ولكن الله عز وجل قد قدم لك فضلا ليس هو

___________________________________

(1) اى انشدى مرثية.

(2) الاختزال: الانقطاع.

(3) يعنى موسى بن عبدالله.

[*]

[359]

لاحد من قومك وقد جئتك معتمدا لما أعلم من برك، واعلم - فديتك - إنك إذا أجبتني لم يتخلف عني أحد من أصحابك ولم يختلف علي اثنان من قريش ولا غيرهم، فقال له ابوعبدالله عليه السلام: إنك تجد غيري أطوع لك مني ولا حاجة لك في، فوالله إنك لتعلم أني اريد البادية أو أهم بها فأثقل عنها، واريد الحج فما ادركه إلا بعد كد وتعب و مشقة على نفسي، فاطلب غيري وسله ذلك ولا تعلمهم أنك جئتني، فقال له: إن الناس ما دون أعناقهم إليك وإن أجبتني لم يتخلف عني أحد ولك أن لا تكلف قتالا ولا مكروها، قال: وهجم علينا ناس فدخلوا وقطعوا كلامنا، فقال أبي: جعلت فداك ما تقول؟ فقال: نلتقي إن شاء الله، فقال: أليس على ما احب؟ فقال: على ما تحب إن شاء الله من إصلاحك(1) ثم انصرف حتى جاء البيت، فبعث رسولا إلى محمد في جبل بجهينة، يقال له الاشقر، على ليلتين من المدينة، فبشره وأعلمه أنه قد ظفر له بوجه حاجته وما طلب، ثم عاد بعد ثلاثة أيام، فوقفنا بالباب ولم نكن نحجب إذا جئنا فأبطأ الرسول، ثم أذن لنا، فدخلنا عليه فجلست في ناحية الحجرة ودنا أبي إليه فقبل رأسه، ثم قال جعلت فداك قد عدت إليك راجيا، مؤملا، قد انبسط رجائي وأملي و رجوت الدرك لحاجتي، فقال له أبوعبدالله عليه السلام: يا ابن عم إني اعيذك بالله من التعرض لهذا الامر الذي أمسيت فيه، وإني لخائف عليك أن يكسبك شرا، فجرى الكلام بينهما، حتى أفضى إلى ما لم يكن يريد وكان من قوله: بأي شئ كان الحسين أحق بها من الحسن؟ فقال أبوعبدالله عليه السلام: رحم الله الحسن ورحم الحسين وكيف ذكرت هذا؟ قال: لان الحسين عليه السلام كان ينبغي له إذا عدل أن يجعلها في الاسن من ولد الحسن، فقال أبوعبدالله عليه السلام: إن الله تبارك وتعالى لما أن أوحى إلى محمد صلى الله عليه وآله أوحى إليه بما شاء ولم يؤامر أحدا من خلقه وأمر محمد صلى الله عليه وآله عليا عليه السلام بما شاء ففعل ما أمر به، ولسنا نقول فيه إلا ما قال رسول الله صلى الله عليه وآله من تبجيله وتصديقه، فلو كان أمر الحسين أن يصيرها في الاسن أو ينقلها في ولدهما - يعني الوصية - لفعل ذلك الحسين وما هو المتهم عندنا في الذخيرة لنفسه، ولقد ولي وترك ذلك ولكنه مضى لما امر به وهو جدك وعمك، فإن قلت خيرا فما أولاك به وإن قلت هجرا فيغفر الله لك، أطعني يا ابن

___________________________________

(1) في بعض النسخ [إصلاح حالك] وفى بعضها [صلاحك].

[*]

[360]

عم واسمع كلامي، فوالله الذي لا إله إلا هو لا آلوك نصحا وحرصا فكيف ولا أراك تفعل، وما لامر الله من مرد، فسر أبي عند ذلك، فقال له أبوعبدالله: والله إنك لتعلم أنه الاحول الاكشف الاخضر(1) المقتول بسدة أشجع، عند بطن مسيلها، فقال أبي: ليس هو ذلك والله ليحاربن(2) باليوم يوما، وبالساعة ساعة وبالسنة سنة وليقومن بثار بني أبي طالب جميعا، فقال له أبوعبدالله عليه السلام: يغفر الله لك ما أخوفني أن يكون هذا البيت يلحق صاحبنا(4) " منتك نفسك في الخلاء ضلالا " لا والله لا يملك أكثر من حيطان المدينة ولا يبلغ عمله الطائف إذا أحفل - يعني إذا أجهد نفسه - وما للامر من بد أن يقع، فاتق الله وارحم نفسك وبني أبيك، فوالله إني لاراه أشأم سلحة(4) أخرجتها أصلاب الرجال إلي أرحام النساء والله إنه المقتول بسدة أشجع بين دورها والله لكأني به صريعا مسلوبا بزته(5) بين رجليه لبنة ولا ينفع هذا الغلام ما يسمع - قال موسى بن عبدالله - يعنيني - وليخرجن معه فيهزم ويقتل صاحبه، ثم يمضي فيخرج معه راية اخرى، فيقتل كبشها(6) ويتفرق جيشها، فإن أطاعني فليطلب الامان عند ذلك من بني العباس حتى يأتيه اليه بالفرج ولقد علمت بأن هذا الامر لا يتم وأنك لتعلم ونعلم أن ابنك الاحول الاخضر الاكشف المقتول بسدة اشجع بين دورها عند بطن مسيلها، فقام أبي وهو يقول: بل يغني الله عنك ولتعودن(7) أو ليقي الله بك وبغيرك وما أردت بهذا إلا امتناع غيرك وأن تكون ذريعتهم إلى ذلك، فقال أبوعبدالله عليه السلام الله يعلم ما اريد إلا نصحك ورشدك وما علي إلا الجهد، فقام أبي يجر ثوبه مغضبا فلحقه أبوعبدالله عليه السلام، فقال له: اخبرك أني سمعت عمك وهو خالك(8) يذكر أنك وبني

___________________________________

(1) اى لتعلم ان ابنك محمدا هذا هو الاحول الاكشف الاخضر الذى اخبر به المخبر الصادق انه سيخرج بغير حق ويقتل صاغرا. والاكشف الذى نبتت له شعيرات في قصاص ناصيته دائرة ولا تكاد تسترسل والعرب تتشأم به والاخضر ربما يقال الاسود ايضا وفى هذا المقام يحتمله والسدة - بالضم - باب الدار وأشجع ابوقبيلة سميت بأسم ابيهم (في).

(2) يعنى اعداء نا والضمير المرفوع لابنه وفى بعض النسخ [ليجازين] بالجيم والزاى (في).

(3) يعنى البيت الذى ينشد منه بعد ذلك مصراعا وهو قوله: منتك من التمنى. اى منتك نفسك حال خلوتك من غير ان يكون في مقابلك عدو.

(4) السلحة: النجو.

(5) البزة السلاح والثياب وبين رجليه لبنة كناية عن ستر عورته بها ؛(في).

(6) الكبش أمير الجيش.

(7) اى في أمرنا و (ليقى) من الوقاية وفى بعض النسخ بالفاء مهموزا من الفئ اى لرجع اليه الامر (في).

(8) كأنه اراد به اباه عليهما السلام (في).

[*]

[361]

أبيك ستقتلون، فإن أطعتني ورأيت أن تدفع بالتي هي أحسن فافعل، فوالله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم الكبير المتعال على خلقه لوددت أني فديتك بولدي وبأحبهم إلي وبأحب أهل بيتي إلي، وما يعدلك: عندي شئ، فلا ترى أني غششتك، فخرج أبي من عنده مغضبا أسفا، قال: فما أقمنا بعد ذلك إلا قليلا - عشرين ليلة أو نحوها - حتى قدمت رسل أبي جعفر فأخذوا أبي وعمومتي سليمان بن حسن وحسن بن حسن وإبراهيم بن حسن وداود بن حسن وعلي بن حسن وسليمان بن داود بن حسن وعلي بن إبراهيم بن حسن وحسن بن جعفر بن حسن وطباطبا إبراهيم ابن إسماعيل بن حسن وعبدالله بن داود، قال: فصفدوا في الحديد، ثم حملوا في محامل أعراء لا وطاء فيها ووقفوا بالمصلى لكي يشمتهم الناس، قال: فكف الناس عنهم ورقوا لهم للحال التي هم فيها، ثم انطلقوا بهم حتى وقفوا عند باب مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله.

قال عبدالله بن إبراهيم الجعفري: فحدثتنا خديجة بنت عمر بن علي أنهم لما اوقفوا عند باب المسجد - الباب الذي يقال له باب جبرئيل - أطلع عليهم أبوعبدالله عليه السلام وعامة ردائه مطروح بالارض، ثم أطلع من باب المسجد فقال: لعنكم الله يا معاشر الانصار - ثلاثا - ما على هذا عاهدتم رسول الله صلى الله عليه وآله ولا بايعتموه، أما والله إن كنت حريصا ولكني غلبت وليس للقضاء مدفع، ثم قام وأخذ إحدى نعليه فأدخلها رجله والاخرى في يده وعامة ردائه يجره في الارض، ثم دخل بيته فحم عشرين ليلة، لم يزل يبكي فيه الليل والنهار حتى خفنا عليه، فهذا حديث خديجة.

قال الجعفري: وحدثنا موسى بن عبدالله بن الحسن أنه لما طلع بالقوم في المحامل، قام أبوعبدالله عليه السلام من المسجد ثم أهوى إلى المحمل الذي فيه عبدالله بن الحسن يريد كلامه، فمنع أشد المنع وأهوى إليه الحرسي فدفعه وقال: تنح عن هذا، فإن الله سيكفيك ويكفي غيرك، ثم دخل بهم الزقاق و رجع أبوعبدالله عليه السلام إلى منزله، فلم يبلغ بهم البقيع حتى ابتلى الحرسي بلاء شديدا، رمحته ناقته فدقت وركه فمات فيها ومضى بالقوم، فأقمنا بعد ذلك حينا، ثم أتى محمد ابن عبدالله بن حسن، فاخبر أن أباه وعمومته قتلوا - قتلهم أبوجعفر(1) - إلا حسن

___________________________________

(1) يعنى الدوانيقى.

[*]

[362]

ابن جعفر وطباطبا وعلي بن إبراهيم وسليمان بن داود وداود بن حسن وعبدالله بن داود قال: فظهر محمد بن عبدالله عند ذلك ودعا الناس لبيعته، قال: فكنت ثالث ثلاثة بايعوه واستونق الناس(1) لبيعته ولم يختلف عليه قرشي ولا أنصاري ولا عربي، قال؟ وشاور عيسى بن زيد وكان من ثقاته وكان على شرطه(2) فشاوره في البعثة إلى وجوه قومه، فقال له عيسى بن زيد: إن دعوتهم دعاء يسيرا لم يجيبوك، أو تغلظ عليهم، فخلني و إياهم فقال له محمد: امضى إلى من أردت منهم، فقال: ابعث إلى رئيسهم وكبيرهم - يعني أبا عبدالله جعفر بن محمد عليه السلام - فإنك إذا أغلظت عليه علموا جميعا أنك ستمرهم على الطريق التي أمررت عليها أبا عبدالله عليه السلام، قال: فوالله ما لبثنا أن اتي بأبي عبدالله عليه السلام حتى أوقف بين يديه فقال له عيسى بن زيد: أسلم تسلم: فقال له أبوعبدالله عليه السلام: أحدثت نبوة بعد محمد صلى الله عليه وسلم فقال له محمد: لا ولكن بايع تأمن على نفسك ومالك وولدك، ولا تكلفن حربا، فقال له أبوعبدالله عليه السلام: ما في حرب ولا قتال ولقد تقدمت إلى ابيك وحذرته الذي حاق به ولكن لا ينفع حذر من قدر، يا ابن أخي عليك بالشباب ودع عنك الشيوخ، فقال له محمد: ما أقرب ما بيني وبينك في السن، فقال له أبوعبدالله عليه السلام: إني لم اعازك(3) ولم أجئ لاتقدم عليك في الذي أنت فيه، فقال: له محمد: لا والله لابد من أن تبايع، فقال له أبوعبدالله عليه السلام: ما في يا ابن أخي طلب ولا حرب وإني لاريد الخروج إلى البادية فيصدني ذلك ويثقل علي حتى تكلمني في ذلك الاهل غير مرة، ولا يمنعني منه إلا الضعف، والله والرحم أن تدبر عنا ونشقى بك، فقال له: يا أبا عبدالله قد والله مات أبوالدوانيق - يعني أبا جعفر - فقال له أبوعبدالله عليه السلام: وما تصنع بي وقد مات؟ قال: اريد الجمال بك، قال: ما إلى ما تريد سبيل، لا والله ما مات أبوالدوانيق إلا أن يكون مات موت النوم

___________________________________

(1) اى استجمعهم وفى بعض النسخ [استوثق] اى طلب الوثيقة منهم (في).

(2) في بعض النسخ [شرطته].

(3) المعازة: المغالبة وفى بعض النسخ [لم اعادك] وفى بعضها [لم اغازك] بمعنى المحاربة.

(4) الواو للقسم اى احذرك بالله، وبالرحم التى بينى وبينك (وان تدبر عنا) بالخطاب من الادبار اى تهلك وتقتل و (نشقى بك) اى نقع في التعب والعناء بسبب مبايعتك (في).

[*]

[363]

قال: والله لتبايعني طائعا أو مكرها ولا تحمد في بيعتك، فأبى عليه إباء شديدا وأمر إلى الحبس، فقال له عيسى بن زيد: أما إن طرحناه في السجن وقد خرب السجن وليس عليه اليوم غلق، خفنا أن يهرب منه، فضحك أبوعبدالله عليه السلام، ثم قال: لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم أو تراك تسجنني؟ قال: نعم والذي أكرم محمدا صلى الله عليه وآله بالنبوة لاسجننك ولاشددن عليك، فقال عيسى بن زيد: احبسوه في المخبأ - وذلك دار ريطة اليوم(1) - فقال له أبوعبدالله عليه السلام: أما والله إني سأقول ثم أصدق، فقال له عيسى ابن زيد لو تكلمت لكسرت فمك، فقال له أبوعبدالله عليه السلام: أما والله يا أكشف يا ازرق لكأني بك تطلب لنفسك جحرا تدخل فيه وما أنت في المذكورين عند اللقاء وإني لاظنك إذا صفق خلفك، طرت مثل الهيق النافر(2) فنفر عليه محمد بانتهار: احبسه و وشدد عليه واغلظ عليه، فقال له أبوعبدالله عليه السلام: أما والله لكأني بك خارجا من سدة أشجع إلى بطن الوادي وقد حمل عليك فارس معلم(3) في يده طرادة نصفها أبيض ونصفها أسود، على فرس كميت أقرح(4) فطعنك فلم يصنع فيك شيئا وضربت خيشوم فرسه فطرحته وحمل عليك آخر خارج من زقاق آل أبي عمار الدئليين(6) عليه غديرتان مضفورتان، وقد خرجتا من تحت بيضة، كثير شعر الشاربين، فهو والله صاحبك، فلا رحم الله رمته(7) فقال له محمد: يا أبا عبدالله، حسبت فأخطأت وقام إليه السراقي بن سلخ الحوت، فدفع في ظهره حتى أدخل السجن واصطفي ما كان له من مال وما كان لقومه ممن لم يخرج مع محمد، قال: فطلع باسماعيل بن عبدالله بن جعفر بن أبي طالب وهو شيخ كبير ضعيف، قد ذهبت إحدى عينيه وذهبت رجلاه وهو

___________________________________

(1) ريطة بالمثناة بنت عبدالله بن محمد بن الحنفية ام يحيى بن زيد وكانت ريطة في هذا اليوم تسكن هذه الدار وفى بعض النسخ [ريطة] بالموحدة وقيل المراد بها ربطة الخيل(2) التصفيق ضرب احدى اليدين بالاخرى، والهيق بالمثناة التحتانية، الذكر من النعامة، والنفر: الزجر والغلظة والانتهار: الزبر والخشونة (في).

(3) اعلم الفارس جعللنفسه علامة الشجعان فهو معلم. والطرادة. رمح قصير.

(4) الاقرح: الفرس الذى في وجهه ما دون الغرة (في).

(6) الدئل - بالضم فالكسر - ابوقبيلة والنسبة الدئلى، والغديرة الذؤابة، والمضفورة المنسوجة

(7) الرمة - بالكسر -: العظام البالية (في).

[*]

[364]

يحمل حملا، فدعاه إلى البيعة، فقال له: يا ابن أخي إني شيخ كبير ضعيف وأنا إلى برك وعونك أحوج، فقال له: لا بد من أن تبايع، فقال له: وأي شئ تنتفع ببيعتي والله إني لاضيق عليك مكان اسم رجل إن كتبته، قال: لابد لك أن تفعل، وأغلظ له في القول، فقال له إسماعيل: ادع لي جعفر بن محمد، فلعلنا نبايع جميعا، قال: فدعا جعفرا عليه السلام، فقال له إسماعيل: جعلت فداك إن رأيت أن تبين له فافعل، لعل الله يكفه عنا، قال: قد أجمعت الا اكلمه، أفليرفي برأيه، فقال إسماعيل لابي عبدالله عليه السلام: أنشدك الله هل تذكر يوما أتيت أباك محمد بن علي عليهما السلام وعلي حلتان صفراوان، فدام النظر إلي فبكى، فقلت له: ما يبكيك فقال لي: يبكيني أنك تقتل عند كبر سنك ضياعا، لا ينتطح في دمك عنزان، قال: قلت: فمتى ذاك؟ قال: إذا دعيت إلى الباطل فأبيته، واذإ نظرت إلى الاحول مشؤم قومه ينتمي من آل الحسن على منبر رسول الله صلى الله عليه وآله، يدعو إلى نفسه، قد تسمى بغير اسمه(1)، فأحدث عهدك واكتب وصيتك، فإنك مقتول في يومك أو من غد، فقال له أبوعبدالله عليه السلام نعم وهذا - ورب الكعبة - لا يصوم من شهر رمضان إلا أقله.

فأستودعك الله يا أبا الحسن وأعظم الله أجرنا فيك وأحسن الخلافة على من خلفت وإنا لله وإنا إليه راجعون، قال: ثم احتمل إسماعيل ورد جعفر إلى الحبس، قال: فوالله ما أمسينا حتى دخل عليه بنو أخيه بنو معاوية بن عبدالله بن جعفر فتوطؤوه حتى قتلوه وبعث محمد بن عبدالله إلى جعفر فخلى سبيله، قال: وأقمنا بعد ذلك حتى استهللنا شهر رمضان فبلغنا خروج عيسى ابن موسى، يريد المدينة، قال: فتقدم محمد بن عبدالله، على مقدمته يزيد بن معاوية ابن عبدالله بن جعفر، وكان عى مقدمة عيسى بن موسى ولد الحسن ابن زيد بن الحسن بن الحسن وقاسم ! ! ومحمد بن زيد وعلي وإبراهيم بنو الحسن بن زيد، فهزم يزيد بن معاوية وقدم عيسى بن موسى المدينة وصار القتال بالمدينة، فنزل بذباب(3) ودخلت علينا المسودة من خلفنا وخرج محمد في أصحابه حتى بلغ السوق،

___________________________________

(1) اى باسم المهدى.

(2) جبل بالمدينة.

(3) هم الذين كانوا يلبسون السود من الثياب، يعنى بهم اصحاب دولة العباسية الذين كانوا مع عيسى بن موسى (في).

[*]

[365]

فأوصلهم ومضى، ثم تبعهم حتى انتهى إلى مسجد الخوامين(1) فنظر إلى ما هناك فضاء ليس فيه مسود ولا مبيض، فاستقدم حتى انتهى إلى شعب فزارة(2) ثم دخل هذيل ثم مضى إلى أشجع، فخرج إليه الفارس الذي قال أبوعبدالله من خلفه، من سكة هذيل فطعنه، فلم يصنع فيه شيئا وحمل على الفارس، فضرب خيشوم فرسه بالسيف، فطعنه الفارس، فأنفذه في الدرع وانثنى عليه محمد، فضربه فأثخنه وخرج عليه حميد بن قحطبة وهو مدبر على الفارس يضربه من زقاق العماريين، فطعنه طعنة، أنفذ السنان فيه، فكسر الرمح وحمل على حميد فطعنه حميد بزج الرمح فصرعه، ثم نزل إليه فضربه حتى أثخنه وقتله وأخذ رأسه ودخل الجند من كل جانب واخذت المدينة واجلينا هربا في البلاد، قال موسى بن عبدالله: فانطلقت حتى لحقت بإبراهيم بن عبدالله، فوجدت عيسى بن زيد مكمنا عنده، فأخبرته بسوء تدبيره وخرجنا معه حتى اصيب رحمه الله، ثم مضيت مع ابن أخي الاشتر عبدالله بن محمد بن عبدالله بن حسن حتى اصيب بالسند، ثم رجعت شريدا طريدا، تضيق علي البلاد، فلما ضاقت علي الارض واشتد [بي] الخوف، ذكرت ما قال أبوعبدالله عليه السلام: فجئت إلى المهدي وقد حج وهو يخطب الناس في ظل الكعبة، فما شعر إلا وأني قد قمت من تحت المنبر فقلت: لي الامان يا أمير المؤمنين؟ وأدلك على نصيحة لك عندي؟ فقال نعم ما هي؟ قلت: أدلك على موسى بن عبدالله بن حسن، فقال لي: نعم لك الامان، فقلت له: أعطني ما أثق به، فأخذت منه عهودا ومواثيق ووثقت لنفسي ثم قلت: أنا موسى بن عبدالله، فقال لي: إذا تكرم وتحبا فقلت له: اقطعني إلى بعض أهل بيتك، يقوم بأمري عندك، فقال لي: انظر إلى من أردت، فقلت: عمك العباس بن محمد فقال العباس لا حاجة لي فيك، فقلت: ولكن لي فيك الحاجة، أسألك بحق أمير المؤمنين إلا قبلتني فقبلني، شاء أو أبى، وقال لي المهدي: من يعرفك؟ - وحوله أصحابنا أو اكثرهم - فقلت: هذا الحسن بن زيد يعرفني وهذا موسى بن جعفر يعرفني وهذا الحسن بن عبدالله ابن العباس يعرفني، فقالوا: نعم يا أمير المؤمنين كأنه لم يغب عنا، ثم قلت للمهدي

___________________________________

(1) بياعى الخام (آت).

(2) فزارة وهذيل كاشجع قبائل سموا باسماء آبائهم [*]

[366]

يا أمير المؤمنين لقد أخبرني بهذا المقام أبوهذا الرجل وأشرت إلى موسى بن جعفر، قال موسى بن عبدالله: وكذبت على جعفر كذبة فقلت له: وأمرني أن أقرئك السلام وقال إنه إمام عدل وسخاء، قال: فأمر لموسى بن جعفر بخمسة آلاف دينار.

فأمر لي منها موسى بألفي دينار ووصل عامة أصحابه ووصلني، فأحسن صلتي، فحيث ما ذكر ولد محمد بن علي بن الحسين، فقولوا صلى الله عليه وملائكته وحملة عرشه والكرام الكاتبون وخصوا أبا عبدالله بأطيب ذلك، وجزى موسى بن جعفر عني خيرا، فأنا والله مولاهم بعد الله.

18 - وبهذا الاسناد، عن عبدالله بن جعفر بن إبراهيم الجعفري قال: حدثنا عبدالله بن المفضل مولى عبدالله بن جعفر بن أبي طالب قال: لما خرج الحسين بن علي المقتول بفخ(1) واحتوى على المدينة، دعا موسى بن جعفر إلى البيعة، فأتاه فقال له: يا أبن عم لا تكلفني ما كلف ابن عمك عمك أبا عبدالله فيخرج مني ما لا اريد كما خرج من أبي عبدالله ما لم يكن يريد، فقال له الحسين: إنما عرضت عليك أمرا فإن أردته دخلت فيه، وإن كرهته لم أحملك عليه والله المستعان، ثم ودعه، فقال له أبوالحسن موسى بن جعفر حين ودعه يا ابن عم إنك مقتول فأجد الضراب فإن القوم فساق يظهرون إيمانا ويسترون شركا وإنا لله وإنا إليه راجعون، أحتسبكم عند الله من عصبة، ثم خرج الحسين وكان من أمره ما كان، قتلوا كلهم كما قال عليه السلام.

19 - وبهذا الاسناد، عن عبدالله بن إبراهيم الجعفري قال كتب يحيى بن عبدالله ابن الحسن إلى موسى بن جعفر عليهما السلام " أما بعد فإني اوصي نفسي بتقوى الله وبها اوصيك فإنها وصية الله في الاولين ووصيته في الآخرين، خبرني من ورد علي من أعوان الله على دينه ونشر طاعته بما كان من تحننك مع خذلانك، وقد شاورت في الدعوة للرضا من

___________________________________

(1) بفتح الفاء وتشديد الخاء بئر بين التنعيم وبين مكة، وبينه وبين مكة فرسخ تقريبا والحسين هو الحسين بن على بن الحسن بن الحسن بن على عليهما السلام وامه زينب بنت عبدالله بن الحسن خرج في ايام موسى الهادى ابن محمد المهدى ابن ابى جعفر المنصور وخرج معه كماعة كثيرة من العلويين وكان خروجه بالمدينة في ذى القعدة سنة تسع وستين ومائة بعد موت المهدى بمكة وخلافة الهادى ابنه (آت).

[*]

[367]

آل محمد صلى الله عليه وآله وقد احتجبتها واحتجبها أبوك من قبلك(1) وقديما ادعيتم ما ليس لكم وبسطتم آمالكم إلى ما لم يعطكم الله، فاستهويتم وأظللتم وأنا محذرك ما حذرك الله من نفسه ".

فكتب إليه أبوالحسن موسى بن جعفر عليه السلام " من موسى بن أبي عبدالله جعفر وعلي مشتركين في التذلل لله وطاعته إلى يحيى بن عبدالله بن حسن، أما بعد فإني احذرك الله ونفسي واعلمك إليم عذابه وشديد عقابه، وتكامل نقماته، واوصيك و نفسي بتقوى الله فإنها زين الكلام وتثبيت النعم، أتاني كتابك تذكر فيه أني مدع وأبي من قبل، وما سمعت ذلك مني وستكتب شهادتهم ويسألون ولم يدع حرص الدنيا ومطالبها لاهلها مطلبا لآخرتهم، حتى يفسد عليهم مطلب آخرتهم في دنياهم وذكرت أني ثبطت الناس عنك لرغبتي فيما في يديك وما منعني من مدخلك الذي أنت فيه لو كنت راغبا ضعف عن سنة ولا قلة بصيرة بحجة ولكن الله تبارك وتعالى خلق الناس أمشاجا وغرائب وغرائز، فأخبرني عن حرفين أسألك عنهما ما العترف في بدنك وما الصهلج في الانسان(2)، ثم اكتب إلي بخبر ذلك وأنا متقدم إليك احذرك معصية الخليفة و أحثك على بره وطاعته وأن تطلب لنفسك أمانا قبل ان تأخذك الاظفار ويلزمك الخناق من كل مكان، فتروح إلى النفس من كل مكان ولا تجده، حتى يمن الله عليك بمنه وفضله ورقة الخليفة أبقاه الله فيؤمنك ويرحمك ويحفظ فيك أرحام رسول الله والسلام على من اتبع الهدى، إنا قد اوحي إلينا أن العذاب على من كذب وتولى.

قال الجعفري: فبلغني أن كتاب موسى بن جعفر عليه السلام وقع في يدي هارون فلما قرأه قال: الناس يحملوني على موسى بن جعفر وهو برئ مما يرمى به.

تم الجزء الثاني من كتاب الكافي ويتلوه بمشيئة الله وعونه الجزء الثالث وهو باب كراهية التوقيت.

والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله أجمعين.

___________________________________

(1) لعل فيه حذفا وايصالا اى احتجبت بها والضمير للمشورة كناية عما هو مقتضى المشورة من الاجابة إلى البيعة او الضمير راجع إلى البيعة بقرينة المقام.

الدعوة اى اجابتها او المعنى شاورت الناس في الدعوة، فاحتجبت عن مشاورتى ولم تحضرها وصار ذلك سببا لتفرق الناس عنى واحتجبها ابوك اى عند دعوة محمد بن عبدالله كما مر (آت).

(2) العترف والصهلج كانهما عضوان غير معروفين عند الاطباء ولعل السؤال عنهما من باب التعجيز.

[*]