أبواب التاريخ .. باب مولد النبي صلى الله عليه وآله ووفاته

ولد النبي صلى الله عليه وآله لاثنتي عشر ليلة مضت من شهر ربيع الاول في عام الفيل يوم الجمعة مع الزوال، وروي أيضا عند طلوع الفجر قبل أن يبعث باربعين سنة.

وحملت به امه في أيام التشريق عند الجمرة الوسطى وكانت في منزل عبدالله بن عبد المطلب وولدته في شعب أبي طالب في دار محمد بن يوسف في الزاوية القصوى عن يسارك وأنت داخل الدار، وقد أخرجت الخيزران ذلك البيت فصيرته مسجدا، يصلي الناس فيه.

وبقي بمكة بعد مبعثه ثلاثة عشر سنة، ثم هاجر إلى المدينة ومكث بها عشر سنين، ثم قبض عليه السلام لاثنتي عشر ليلة مضت من ربيع الاول يوم الاثنين وهو ابن ثلاث وستين سنة وتوفي أبوه عبدالله بن عبدالمطلب بالمدينة عند أخواله وهو ابن شهرين، وماتت امه آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب وهو عليه السلام ابن أربع سنين(2) ومات عبدالمطلب وللنبي صلى الله عليه وآله نحو ثمان سنين وتزوج خديجة وهو ابن بضع وعشرين سنة، فولد له منها قبل مبعثه عليه السلام القاسم، ورقية، وزينب، وام كلثوم، وولد له بعد المبعث الطيب والطاهر وفاطمة عليها السلام وروي أيضا أنه لم يولد بعد المبعث إلا فاطمة عليها السلام وأن الطيب

___________________________________

(2) في بعض النسخ (ثلاث سنين).

[440]

والطاهر ولدا قبل مبعثه، وماتت خديجة عليها السلام حين خرج رسول الله صلى الله عليه وآله من الشعب وكان ذلك قبل الهجرة بسنة ومات أبوطالب بعد موت خديجة بسنة فلما فقدهما رسول الله صلى الله عليه وآله شنأ المقام بمكة(1) ودخله حزن شديد وشكا ذلك إلى جبرئيل عليه السلام فأوحى الله تعالى إليه اخرج من القرية الظالم أهلها، فليس لك بمكة ناصر بعد أبي طالب وأمره بالهجرة.

1 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد عن ابن فضال، عن عبدالله بن محمد بن أخي حماد الكاتب، عن الحسين بن عبدالله قال: قلت لابي عبدالله عليه السلام: كان رسول الله صلى الله عليه وآله سيد ولد آدم؟ فقال: كان والله سيد من خلق الله، وما برأ الله برية خيرا من محمد صلى الله عليه وآله.

2 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحجال، عن حماد، عن أبي عبدالله عليه السلام وذكر رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: ما برأ الله نسمة خيرا من محمد صلى الله عليه وآله.

3 - أحمد بن إدريس، عن الحسين بن عبدالله، عن محمد بن عيسى، ومحمد بن عبدالله عن علي بن حديد، عن مرازم، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: قال الله تبارك وتعالى: يا محمد إني خلقتك وعليا نورا يعني روحا بلا بدن قبل أن أخلق سماواتي وأرضي و عرشي وبحري فلم تزل تهللني وتمجدني، ثم جمعت روحيكما فجعلتهما واحدة فكانت تمجدني وتقدسني، وتهللني، ثم قسمتها ثنتين وقسمت الثنتين ثنتين فصارت أربعة محمد واحد وعلي واحد والحسن والحسين ثنتان، ثم خلق الله فاطمة من نور ابتدأها روحا بلا بدن، ثم مسحنا بيمينه فأفضى(2) نوره فينا.

4 - أحمد، عن الحسين، عن محمد بن عبدالله، عن محمد بن الفضيل، عن أبي حمزة قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول أوحى الله تعالى إلى محمد صلى الله عليه وآله إني خلقتك و لم تك شيئا ونفخت فيك من روحي كرامة مني أكرمتك بها حين أوجبت لك الطاعة على خلقي جميعا، فمن أطاعك فقد أطاعني ومن عصاك فقد عصاني وأوجبت ذلك

___________________________________

(1) اى كره الاقامة فيها.

(2) في بعض النسخ (فأضاء)

[441]

علي وفي نسله، ممن اختصصته منهم لنفسي.

5 - الحسين بن محمد الاشعري، عن معلى بن محمد، عن أبي الفضل عبدالله بن إدريس، عن محمد بن سنان قال: كنت عند أبي جعفر الثاني عليه السلام فأجريت اختلاف الشيعة، فقال: يا محمد إن الله تبارك وتعالى لم يزل متفردا بوحدانيته ثم خلق محمدا وعليا وفاطمة، فمكثوا ألف دهر، ثم خلق جميع الاشياء، فأشهدهم خلقها وأجرى طاعتهم عليها وفوض أمورها إليهم، فهم يحلون ما يشاؤون ويحرمون ما يشاؤون ولن يشاؤوا إلا أن يشاء الله تبارك وتعالى، ثم قال: يا محمد هذه الديانة التي من تتدينها مرق ومن تخلف عنها محق، ومن لزمها لحق، خذها إليك يا محمد.

6 - عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن أبن محبوب، عن صالح بن سهل عن أبي عبدالله عليه السلام أن بعض قريش قال لرسول الله صلى الله عليه وآله: بأي شئ سبقت الانبياء وأنت بعثت آخرهم وخاتمهم؟ قال: إني كنت أول من آمن بربي وأول من أجاب حين أخذ الله ميثاق النبيين " وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى " فكنت أنا أول نبي قال بلى، فسبقتهم بالاقرار بالله.

7 - علي بن محمد، عن سهل بن زياد، عن محمد بن علي بن إبراهيم، عن علي بن حماد، عن المفضل قال: قلت لابي عبدالله عليه السلام: كيف كنتم حيث كنتم في الاظلة؟ فقال يا مفضل كنا عند ربنا ليس عنده أحد غيرنا، في ظلة خضراء، نسبحه و نقدسه ونهلله ونمجده وما من ملك مقرب ولا ذيروح غيرنا حتى بدا له في خلق الاشياء، فخلق ما شاء كيف شاء من الملائكة وغيرهم، ثم أنهى علم ذلك إلينا.

8 - سهل بن زياد، عن محمد بن الوليد قال: سمعت يونس بن يعقوب، عن سنان بن طريف، عن أبي عبدالله عليه السلام يقول: قال: إنا أول أهل بيت نوه الله(1) بأسمائنا إنه لما خلق السماوات والارض أمر مناديا فنادى أشهد أن لا إله إلا الله - ثلاثا - أشهد أن محمدا رسول الله - ثلاثا - أشهد أن عليا أمير المؤمنين حقا - ثلاثا -.

9 - أحمد بن إدريس، عن الحسين بن عبدالله الصغير، عن محمد بن إبراهيم

___________________________________

(1) اى رفع الله ذكرنا بين المخلوقات.

(2) في بعض النسخ (عن الحسن بن عبدالله) وفى بعضها (عبيد الله)

[442]

الجعفري، عن أحمد بن علي بن محمد بن عبدالله بن عمر بن علي بن أبي طالب عليه السلام، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: إن الله كان إذ لا كان فخلق الكان والمكان وخلق نور الانوار الذي نورت منه الانوار وأجرى فيه من نوره الذي نورت منه الانوار وهو النور الذي خلق منه محمدا وعليا.

فلم يزالا نورين أولين، إذ لا شئ كون قبلهما، فلم يزالا يجريان طاهرين مطهرين في الاصلاب الطاهرة، حتى أفترقا في أطهر طاهرين في عبدالله وأبي طالب عليهم السلام.

10 - الحسين [عن محمد] بن عبدالله(1)، بن محمد بن سنان، عن المفضل، عن جابر ابن يزيد قال: قال لي أبوجعفر عليه السلام: يا جابر إن الله أول ما خلق خلق محمد صلى الله عليه وآله وعترته الهداة المهتدين، فكانوا أشباح نور بين يدي الله، قلت: وما الاشباح؟ قال: ظل النور أبدان نورانية بلا أرواح وكان مؤيدا بروح واحدة وهي روح القدس، فبه كان يعبد الله، وعترته(2) ولذلك خلقهم حلماء، علماء، بررة، أصفياء، يعبدون الله بالصلاة والصوم والسجود والتسبيح والتهليل، ويصلون الصلوات ويحجون ويصومون.

11 - علي بن محمد وغيره، عن سهل بن زياد، عن محمد بن الوليد شباب الصيرفي عن مالك بن إسماعيل النهدي، عن عبدالسلام بن حارث، عن سالم بن أبي حفصة العجلي، عن أبي جعفر عليه السلام قال: كان في رسول الله صلى ثلاثة، لم تكن في أحد غيره لم يكن له فيئ وكان لا يمر في طريق فيمر فيه بعد يومين أو ثلاثة إلا عرف أنه قد مر فيه لطيب عرفه(3) وكان لا يمر بحجر ولا بشجر إلا سجد له.

12 - على بن إبرإهيم، عن أبيه، عن أحمد بن أبي نصر، عن حماد بن عثمان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لما عرج برسول الله صلى الله عليه وآله انتهى به جبرئيل إلى مكان فخلى عنه، فقال له: يا جبرئيل تخيلني على هذه الحالة؟ فقال: امضه(4) فوالله لقد وطئت مكانا ما وطئه بشر وما مشى فيه بشر قبلك.

13 - عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمد الجوهري، عن علي بن أبي حمزة قال: سأل أبوبصير أبا عبدالله عليه السلام وأنا حاضر

___________________________________

(1) وفى بعض النسخ (الحسين بن محمد عن عبدالله).

(2) اى وعترته ايضا كان مؤيدا بروح القدس.

(3) العرف: الريح.

(4) الهاء في (امضه) للسكت.

[443]

فقال: جعلت فداك كم عرج برسول الله صلى الله عليه وآله؟ فقال: مرتين فأوقفه جبرئيل موقفا فقال له: مكانك يا محمد فلقد وقفت موقفا ما وقفه ملك قط ولا نبي، إن ربك يصلي فقال: يا جبرئيل وكيف يصلي؟ قال: يقول: سبوح قدوس أنا رب الملائكة و الروح، سبقت رحمتي غضبي، فقال: اللهم عفوك عفوك، قال: وكان كما قال الله " قاب قوسين أو أدنى "، فقال له أبوبصير: جعلت فداك ما قاب قوسين أو أدنى؟ قال: ما بين سيتها(1) إلى رأسها فقال: كان بينهما حجاب يتلالا يخفق(2) ولا أعلمه إلا وقد قال: زبرجد، فنظر في مثل سم الابرة(3) إلى ما شاء الله من نور العظمة، فقال الله تبارك وتعالى: يا محمد، قال: لبيك ربي قال: من لامتك من بعدك؟ قال: الله أعلم قال: علي بن أبي طالب أمير المؤمنين وسيد المسلمين وقائد الغر المحجلين(4) قال ثم قال أبوعبدالله لابي بصير: يا أبا محمد والله ما جاء‌ت ولاية علي عليه السلام من الارض ولكن جاء‌ت من السماء مشافهة.

14 - عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد عن علي بن سيف، عن عمرو بن شمر، عن جابر قال: قلت لابي جعفر عليه السلام: صف لي نبي الله عليه السلام قال: كان نبي الله عليه السلام أبيض مشرب حمرة، أدعج العينين، مقرون الحاجبين، شثن الاطراف(5) كأن الذهب افرغ على براثنه(6) عظيم مشاشة المنكبين، إذا التفت يلتفت جميعا من شدة استرساله، سربته سائلة، من لبته إلى سرته كأنها وسط الفضة المصفاة و كأن عنقه إلى كاهله إبريق فضة، يكاد أنفه إذا شرب أن يرد الماء، وإذا مشى تكفأ كأنه ينزل في صبب، لم ير مثل نبي الله قبله ولا بعده صلى الله عليه وآله.

15 - عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عن أبي جميلة، عن محمد الحلبي، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: إن الله مثل لي

___________________________________

(1) بكسر المهملة قبل المثناة التحتانية المخففة ما عطف من طرفيها (في).

(2) اى يتحرك ويضطرب.

(3) سم الابرة: ثقبتها.

(4) الغرة - بالضم - بياض في الجبهة والتحجيل بياض في قوائم الفرس (في).

(5) اى خشنها والعرب تمدح الرجال بخشونة الكف والنساء بنعومتها (في).

(6) أفرغ: صب، براثنه: كفه مع الاصابع وفى بعض النسخ (ترافيه) والمشاشة: رأس العظم

[444]

امتي في الطين، وعلمني أسماء هم كما علم آدم الاسماء كلها، فمر بي أصحاب الرايات فاستغفرت لعلي وشيعته، إن ربي وعدني في شيعة علي خصلة، قيل: يا رسول الله وما هي؟ قال: المغفرة لمن آمن منهم وأن لا يغادر منهم صغيرة ولا كبيرة ولهم تبدل السيئات حسنات.

16 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن الحسن بن سيف، عن أبيه، عمن ذكره عن أبي عبدالله عليه السلام قال: خطب رسول الله صلى الله عليه وآله الناس ثم رفع يده اليمنى قابضا على كفه ثم قال: أتدرون أيها الناس ما في كفي؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، فقال: فيها أسماء أهل الجنة وأسماء آبائهم وقبائلهم إلى يوم القيامة، ثم رفع يده الشمال فقال: أيها الناس أتدرون ما في كفي؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، فقال: أسماء أهل النار وأسماء آبائهم وقبائلهم إلى يوم القيامة، ثم قال: حكم الله وعدل، حكم الله و عدل، فريق في الجنة وفريق في السعير.

17 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن إسحاق ابن غالب، عن ابي عبدالله عليه السلام في خطبة له خاصة يذكر فيها حال النبي والائمة عليهم السلام وصفاتهم: فلم يمنع ربنا لحلمه وأناته وعطفه ما كان من عظيم جرمهم وقبيح أفعالهم، أن انتجب لهم أحب أنبيائه إليه وأكرمهم عليه محمد بن عبدالله صلى الله عليه وآله في حومة العز مولده، وفي دومة الكرم محتده، غير مشوب حسبه ولا ممزوج نسبه، ولا مجهول عند أهل العلم صفته، بشرت به الانبياء في كتبها، ونطقت به العلماء بنعتها، وتأملته الحكماء بوصفها، مهذب لا يدانى، هاشمي لا يوازى، أبطحي لا يسامى، شيمته الحياء وطبيعته السخاء، مجبول على أوقار النبوة وأخلاقها إلى أن انتهت به أسباب مقادير الله إلى أوقاتها، وجرى بأمر الله القضاء فيه إلى نهايتها، أداه محتوم قضاء الله إلى غايتها، تبشر به كل أمة من بعدها ويدفعه كل أب إلى أب من ظهر إلى ظهر، لم يخلطه في عنصره سفاح ولم ينجسه في ولادته نكاح، من لدن ادم إلى أبيه عبدالله، في خير فرقة وأكرم سبط وأمنع رهط وأكلا حمل وأودع حجر، اصطفاه الله وارتضاه واجتباه وآتاه من العلم مفاتيحه ومن الحكم

[445]

ينابيعه، ابتعثه رحمة للعباد وربيعا للبلاد وأنزل الله إليه الكتاب فيه البيان والتبيان قرآنا عربيا غير ذي عوج لعلهم يتقون، قد بينه للناس ونهجه بعلم قد فصله و دين قد أوضحه وفرائض قد أوجبها وحدود حدها للناس وبينها وامور قد كشفها لخلقه وأعلنها، فيها دلالة إلى النجاة ومعال تدعو إلى هداه، فبلغ رسول الله صلى الله عليه وآله ما ارسل به، وصدع بما امر، وأدى ما حمل من أثقال النبوة، وصبر لربه وجاهد في سبيله ونصح لامته، ودعاهم إلى النجاة، وحثهم على الذكر، ودلهم على سبيل الهدى، بمناهج ودواع أسس للعباد أساسها، ومنار رفع لهم أعلامها، كيلا يضلوا من بعده وكان بهم رؤوفا رحيما.

18 - محمد بن يحيى، عن سعد بن عبدالله، عن جماعة من أصحابنا، عن أحمد بن هلال، عن امية بن علي القيسي قال: حدثني درست بن أبي منصور أنه سأل أبا الحسن الاول عليه السلام أكان رسول الله صلى الله عليه وآله محجوجا بأبي طالب(1)؟ فقال: لا ولكنه كان مستودعا للوصايا فدفعها إليه صلى الله عليه وآله، قال: قلت: فدفع إليه الوصايا على أنه محجوج به؟ فقال لو كان محجوجا به ما دفع إليه الوصية، قال: فقلت: فما كان حال أبي طالب(1)؟ قال أقر بالنبي وبما جاء به ودفع إليه الوصايا ومات من يومه.

19 - الحسين بن محمد الاشعري، عن معلى بن محمد، عن منصور بن العباس، عن علي بن أسباط، عن يعقوب بن سالم، عن رجل، عن أبي جعفر عليه السلام قال: لما قبض رسول الله صلى الله عليه وآله بات آل محمد عليهم السلام بأطول ليلة حتى ظنوا أن لا سماء تظلهم ولا أرض تقلهم لان رسول الله صلى الله عليه وآله وتر الاقربين والابعدين في الله، فبينا هم كذلك إذ أتاهم آت لا يرونه ويسمعون كلامه، فقال: السلام عليكم أهل البيت ورحمة الله وبركاته، إن في الله عزاء من كل للمصيبة ونجاة من كل هلكة ودركا لما فات " كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون اجوركم يوم القيامة فمن زحزح عن النار وادخل الجنة فقد فاز وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور " إن الله اختاركم وفضلكم وطهركم وجعلكم أهل بيت نبيه واستودعكم

___________________________________

(1) الظاهر ان (ابى طالب) مصحف (آبى بالط) وآبى بامالة الياء من القاب علماء النصارى وبالط سمى ذلك الرجل كما هو كذلك في نسخ كمال الدين للشيخ الصدوق رحمة الله عليه ص 373 و 374. وراجع بحار الانوار ج 17 ص 140 وج 35 ص 73 من طبعة دار الكتب.

[446]

علمه وأورثكم كتابه وجعلكم تابوت علمه وعصا، عزه وضرب لكم مثلا من نوره وعصمكم من الزلل وآمنكم من الفتن، فتعزوا بعزاء الله، فإن الله لم ينزع منكم رحمته ولن يزيل عنكم نعمته، فأنتم أهل الله عزوجل الذين بهم تمت النعمة واجتمعت الفرقة وائتلفت الكلمة وأنتم أولياؤه، فمن تولاكم فاز ومن ظلم حقكم زهق، مودتكم من الله واجبة في كتابه على عباده المؤمنين، ثم الله على نصركم إذا يشاء قدير، فاصبروا لعواقب الامور، فإنها إلى الله تصير قد قبلكم الله من نبيه وديعة واستودعكم أولياء ه المؤمنين في الارض فمن أدى أمانته أتاه الله صدقه، فأنتم الامانة المستودعة ولكم المودة الواجبة والطاعة المفروضة وقد قبض رسول الله صلى الله عليه وآله وقد أكمل لكم الدين وبين لكم سبيل المخرج، فلم يترك لجاهل حجة، فمن جهل أو تجاهل أو أنكر أو نسي أو تناسى فعلى الله حسابه والله من وراء حوائجكم، وأستودعكم الله والسلام عليكم.

فسألت أبا جعفر عليه السلام ممن(1) أتاهم التعزية، فقال: من الله تبارك وتعالى.

20 - عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن محمد بن سنان، عن ابن مسكان، عن إسماعيل بن عمار، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا رئي في الليلة الظلماء رئي له نور كأنه شقة قمر.

21 - أحمد بن إدريس، عن الحسين بن عبيد الله، عن أبي عبدالله الحسين الصغير عن محمد بن إبراهيم الجعفري، عن أحمد بن علي بن محمد بن عبدالله بن عمر بن علي بن أبي طالب، عن أبي عبدالله عليه السلام.

ومحمد بن يحيى، عن سعد بن عبدالله، عن يعقوب بن يزيد، عن ابن فضال، عن بعض رجاله، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: نزل جبرئيل عليه السلام على النبي صلى الله عليه وآله فقال: يا محمد إن ربك يقرئك السلام ويقول: إني قد حرمت النار على صلب أنزلك وبطن حملك وحجر كفلك، فالصلب صلب أبيك(2) عبدالله بن عبدالمطلب والبطن الذي حملك فآمنة بنت وهب وأما حجر كفلك فحجر أبي طالب.

وفي رواية ابن فضال وفاطمة بنت أسد.

22 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن

___________________________________

(1) في بعض النسخ (من أبن).

(2) في بعض النسخ (أبيه).

[447]

دراج، عن زرارة بن أعين، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: يحشر عبدالمطلب يوم القيامة امة واحدة، عليه سيماء الانبياء وهيبة الملوك.

23 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبدالله بن عبدالرحمن الاصم.

عن اليهثم بن واقد، عن مقرن، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: إن عبدالمطلب أول من قال بالبداء، يبعث يوم القيامة امة وحده، عليه بهاء الملوك وسيماء الانبياء.

24 - بعض أصحابنا، عن ابن جمهور، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب عن عبدالرحمن بن الحجاج، [و] عن محمد بن سنان، عن المفضل بن عمر جميعا، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: يبعث عبدالمطلب امة وحده، عليه بهاء الملوك وسيماء الانبياء وذلك أنه أول من قال بالبداء، قال: وكان عبدالمطلب أرسل رسول الله صلى الله عليه وآله إلى رعاته في إبل قد ندت له، فجمعها فأبطأ عليه فأخذ بحلقة باب الكعبة وجعل يقول: " يا رب أتهلك آلك إن تفعل فأمر ما بدا لك " فجاء رسول الله صلى الله عليه وآله بالابل وقد وجه عبدالمطلب في كل طريق وفي كل شعب في طلبه وجعل يصيح: " يا رب أتهلك آلك إن تفعل فأمر ما بدا لك " ولما رأى رسول الله صلى الله عليه وآله أخذه فقبله وقال: يا بني لا وجهتك بعد هذا في شئ فإني أخاف أن تغتال فتقتل.

25 - عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن أبي عمير، عن محمد ابن حمران، عن أبان بن تغلب قال: قال أبوعبدالله عليه السلام: لما أن وجه صاحب الحبشة بالخيل ومعهم الفيل ليهدم البيت، مروا بإبل لعبد المطلب فساقوها، فبلغ ذلك عبدالمطلب فأتى صاحب الحبشة فدخل الاذن، فقال: هذا عبدالمطلب بن هاشم قال: وما يشاء؟ قال الترجمان: جاء في إبل له ساقوها، يسألك ردها فقال ملك الحبشة لاصحابه: هذا رئيس قوم وزعيمهم جئت إلى بيته الذي يعبده لاهدمه وهو يسألني إطلاق إبله، أما لو سألني الامساك عن هدمه لفعلت، ردوا عليه إبله، فقال عبد المطلب لترجمانه: ما قال لك الملك؟ فأخبره، فقال عبدالمطلب: أنا رب الابل و لهذا البيت رب يمنعه، فردت إليه إبله وانصرف عبدالمطلب نحو منزله، فمر بالفيل في منصرفه، فقال للفيل: يا محمود فحرك الفيل رأسه، فقال له: أتدري لم جاؤوا بك؟ فقال الفيل برأسه: لا، فقال عبدالمطلب: جاؤوا بك لتهدم بيت ربك

[448]

أفتراك فاعل ذلك؟ فقال برأسه: لا، فانصرف عبدالمطلب إلى منزله فلما أصبحوا غدوا به لدخول الحرم فأبى وامتنع عليهم، فقال عبدالمطلب لبعض مواليه عند ذلك: اعل الجبل فانظر ترى شيئا؟، فقال: أرى سوادا من قبل البحر، فقال له: يصيبه بصرك أجمع؟ فقال له: لا ولاوشك أن يصيب، فلما أن قرب، قال: هو طير كثير ولا أعرفه يحمل كل طير في منقاره حصاة مثل حصاة الخذف أو دون حصاة الخذف فقال عبدالمطلب: ورب عبدالمطلب ما تريد إلا القوم، حتى لما صاروا فوق رؤوسهم أجمع ألقت الحصاة فوقعت كل حصاة على هامة رجل فخرجت من دبره فقتلته، فما انفلت منهم إلا رجل واحد يخبر الناس، فلما أن أخبرهم ألقت عليه حصاة فقتلته.

26 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن رفاعة، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: كان عبدالمطلب يفرش له بفناء الكعبة لا يفرش لاحد غيره وكان له ولد يقومون على رأسه فيمنعون من دنا منه، فجاء رسول الله صلى الله عليه وآله وهو طفل يدرج حتى جلس على فخذيه، فأهوى بعضهم إليه لينحيه عنه، فقال له عبدالمطلب: دع ابني فإن الملك قد أتاه.

27 - محمد بن يحيى، عن سعد بن عبدالله، عن إبراهيم بن محمد الثقفي، عن علي بن المعلى، عن أخيه محمد، عن درست بن أبي منصور، عن علي بن أبي حمزة(1) عن أبي بصير، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: لما ولد النبي صلى الله عليه وآله مكث أياما ليس له لبن، فألقاه أبوطالب على ثدي نفسه، فأنزل الله فيه لبنا فرضع منه أياما حتى وقع أبوطالب على حليمة السعدية فدفعه إليها.

28 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن ابي عبدالله عليه السلام قال: إن مثل أبي طالب مثل أصحاب الكهف أسروا الايمان وأظهروا الشرك فآتاهم الله أجرهم مرتين.

29 - الحسين بن محمد ومحمد بن يحيى، عن أحمد بن إسحاق، عن بكر بن محمد الازدي، عن إسحاق بن جعفر، عن ابيه عليه السلام قال: قيل له: إنهم يزعمون أن أبا طالب كان كافرا؟ فقال: كذبوا كيف يكون كافرا وهو يقول:

___________________________________

(1) على بن ابى حمزة سالم البطائنى كذاب متهم ملعون روى الكشى في ذمه اخبارا كثيره.

[449]

ألم تعلموا أنا وجدنا محمدا * نبيا كموسى خط في أول الكتب وفي حديث آخر كيف يكون أبوطالب كافرا وهو يقول: لقد علموا أن ابننا لا مكذب * لدينا ولا يعبأ بقيل الاباطل(1) وأبيض يستسقى الغمام بوجهه * ثمال اليتامى عصمة للارامل 30 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن الحكم، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: بينا النبي صلى الله عليه وآله في المسجد الحرام وعليه ثياب له جدد فألقى المشركون عليه سلا ناقة فملؤوا ثيابه بها، فدخله من ذلك ما شاء الله فذهب إلى أبي طالب فقال له: يا عم كيف ترى حسبي فيكم؟ فقال له: وما ذا يا ابن أخي؟ فأخبره الخبر، فدعا أبوطالب حمزة وأخذ السيف وقال لحمزة: خذ السلا ثم توجه إلى القوم والنبي معه فأتى قريشا وهم حول الكعبة، فلما رأوه عرفوا الشر في وجهه، ثم قال لحمزة: أمر السلا على سبالهم(2) ففعل ذلك حتى أتى على آخرهم، ثم التفت أبوطالب إلى النبي صلى الله عليه وآله فقال: يا ابن أخي هذا حسبك فينا.

1 3 - علي، عن أبيه، عن ابن أبي نصر، عن إبراهيم بن محمد الاشعري، عن عبيد بن زرارة، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: لما توفى أبوطالب نزل جبرئيل على رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: يا محمد اخرج من مكة، فليس لك فيها ناصر، وثارت قريش بالنبي صلى الله عليه وآله، فخرج هاربا حتى جاء إلى جبل بمكة يقال له الحجون فصار إليه.

32 - علي بن محمد بن عبدالله، ومحمد بن يحيى، عن محمد بن عبدالله رفعه، عن ابي عبدالله عليه السلام، قال: إن أبا طالب أسلم بحساب الجمل؟ قال: بكل لسان.

33 - محمد بن يحيى، عن أحمد وعبدالله ابني محمد بن عيسى، عن أبيهما، عن عبدالله بن المغيرة، عن إسماعيل بن ابي زياد، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: أسلم أبوطالب بحساب الجمل وعقد بيده ثلاثا وستين.

___________________________________

(1) في بعض النسخ (بقول)

(2) في بعض النسخ (على اسبلتهم) والسلا الجلدة التى يكون فيها الولد من الناس و المواشى. وسبال جمع سبلة وهى ما على الشارب من الشعر او مجتمع الشاربين او ما على الذقن إلى طرف اللحية كلها.

[450]

34 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عن الحسين بن علوان الكلبي، عن علي بن الحزور الغنوي(1)، عن أصبغ بن نباتة الحنظلي قال: رأيت أمير المؤمنين عليه السلام يوم افتتح البصرة وركب بغلة رسول الله صلى الله عليه وآله [ثم] قال: أيها الناس ألا اخبركم بخير الخلق يوم يجمعهم الله، فقام إليه أبوأيوب الانصاري فقال: بلى يا أمير المؤمنين حدثنا فإنك كنت تشهد ونغيب، فقال: إن خير الخلق يوم يجمعهم الله سبعة من ولد عبدالمطلب لا ينكر فضلهم إلا كافر ولا يجحد به إلا جاحد، فقام عمار بن ياسر - رحمه الله - فقال، يا أمير المؤمنين سمهم لنا لنعرفهم فقال: إن خير الخلق يوم يجمعهم الله الرسل وإن أفضل الرسل محمد صلى الله عليه وآله وإن أفضل كل امة بعد نبيها وصي نبيها حتى يدركه نبي، ألا وإن أفضل الاوصياء وصي محمد عليه وآله السلام، ألا وإن أفضل الخلق بعد الاوصياء الشهداء، ألا وإن أفضل الشهداء حمزة بن عبدالمطلب، وجعفر بن أبي طالب له جناحان خضيبان يطير بهما في الجنة، لم ينحل أحد من هذه الامة جناحان غيره، شئ كرم الله به محمدا صلى الله عليه وآله وشرفه والسبطان الحسن والحسين والمهدي عليهم السلام، يجعله الله من شاء منا أهل البيت، ثم تلا هذه الآية " ومن يطع الله والرسول فاولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن اولئك رفيقا * ذلك الفضل من الله وكفى بالله عليما(1) ".

35 - محمد بن الحسين، عن سهل بن زياد، عن ابن فضال، عن علي بن النعمان عن أبي مريم الانصاري.

عن أبي جعفر عليه السلام قال: قلت له: كيف كانت الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله؟ قال: لما غسله أمير المؤمنين عليه السلام وكفنه سجاه ثم أدخل عليه عشرة فداروا حوله ثم وقف أمير المؤمنين عليه السلام في وسطهم فقال: " إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما "، فيقول القوم كما يقول حتى صلى عليه أهل المدينة وأهل العوالي.

36 - محمد بن يحيى، عن سلمة بن الخطاب، عن علي بن سيف، عن أبي المغرا، عن عقبة بن بشير، عن ابي جعفر عليه السلام قال: قال النبي صلى الله عليه وآله لعلي عليه السلام: يا علي ادفني في هذا

___________________________________

(1) الحزور بالفتحات وتشديد الواو.

(2) النساء: 70 و 71.

[451]

المكان وارفع قبري من الارض أربع أصابع ورش عليه من الماء.

37 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حماد، عن الحلبي، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: أتى العباس أمير المؤمنين عليه السلام فقال: يا علي إن الناس قد اجتمعوا أن يدفنوا رسول الله صلى الله عليه وآله في بقيع المصلى وأن يؤمهم رجل منهم، فخرج أمير المؤمنين عليه السلام إلى الناس فقال: يا أيها الناس إن رسول الله صلى الله عليه وآله إمام(1) حيا وميتا وقال: إني ادفن في البقعة التي اقبض فيها، ثم قام على الباب فصلى عليه، ثم أمر الناس عشرة عشرة يصلون عليه ثم يخرجون.

38 - محمد بن يحيى، عن سلمة بن الخطاب، عن علي بن سيف، عن عمرو بن شمر عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام قال: لما قبض النبي صلى الله عليه وآله صلت عليه الملائكة المهاجرون والانصار فوجا فوجا، قال: وقال أمير المؤمنين عليه السلام: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول في صحته وسلامته: إنما انزلت هذه الآية علي في الصلاة علي بعد قبض الله لي " إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما(2) ".

39 - بعض أصحابنا رفعه، عن محمد بن سنان، عن داود بن كثير الرقي قال: قلت لابي عبدالله: ما معنى السلام على رسول الله؟ فقال: إن الله تبارك وتعالى لما خلق نبيه ووصيه وابنته وابنيه وجميع الائمة وخلق شيعتهم أخذ عليهم الميثاق وأن يصبروا ويصابروا ويرابطوا وأن يتقوا الله ووعدهم أن يسلم لهم الارض المباركة والحرم الآمن وأن ينزل لهم البيت المعمور، ويظهر لهم السقف المرفوع ويريحهم من عدوهم والارض التي يبدلها الله من السلام ويسلم ما فيها لهم لاشية فيها، قال: لا خصومة فيها لعدوهم وأن يكون لهم فيها ما يحبون وأخذ رسول الله صلى الله عليه وآله على جميع الائمة وشيعتهم الميثاق بذلك(3)، وإنما السلام عليه تذكرة نفس الميثاق وتجديد له على الله، لعله أن يعجله عزوجل ويعجل السلام لكم بجميع ما فيه.

40 - ابن محبوب، عن عبدالله بن سنان، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: سمعته يقول: اللهم صلى اليه محمد صفيك وخليلك ونجيك المدبر لامرك.

___________________________________

(1) في بعض النسخ (إمامنا).

(2) الاحزاب: 56.

(3) في بعض النسخ (على جميع الامة وشيعتنا الميثاق بذلك).