باب الكون والمكان

1 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن أبي حمزة قال: سأل نافع بن الازرق أبا جعفر عليه السلام فقال: أخبرني عن الله متى كان؟ فقال: متى لم يكن حتى اخبرك متى كان، سبحان من لم يزل ولا يزال فردا صمدا لم يتخذ صاحبة ولا ولدا.

2 - عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر قال: جاء رجل إلى أبي الحسن الرضا عليه السلام من وراء نهر بلخ فقال: إني أسألك عن مسألة فإن أجبتني فيها بما عندي قلت بإمامتك، فقال أبوالحسن عليه السلام: سل عما شئت فقال: أخبرني عن ربك متى كان؟ وكيف كان؟ وعلى أي شئ كان اعتماده؟ فقال أبوالحسن عليه السلام: إن الله تبارك وتعالى أين الاين بلا أين وكيف الكيف بلا كيف وكان اعتماده على قدرته، فقام إليه الرجل فقبل رأسه وقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وأن عليا وصي رسول الله صلى الله عليه وآله والقيم بعده بما قام به رسول الله صلى الله عليه وآله وأنكم الائمة الصادقون وأنك الخلف من بعدهم.

3 - محمد بن يحيى، عن احمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم ابن محمد، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير قال: جاء رجل إلى أبي جعفر عليه السلام فقال له: أخبرني عن ربك متى كان؟ فقال: ويلك إنما يقال لشئ لم يكن: متى كان، إن ربي تبارك وتعالى كان ولم يزل(1) حيا بلا كيف، ولم يكن له كان، ولا كان لكونه كون، كيف ولا كان له أين، ولا كان في شئ، ولا كان على شئ، ولا ابتدع لمكانه مكانا ولا قوي بعد ما كون الاشياء ولا كان ضعيفا قبل أن يكون شيئا ولا كان مستوحشا

___________________________________

(1) في توحيد الصدوق (ره) [كان لم يزل] باسقاط الواو.

[*]

[89]

قبل أن يبتدع شيئا ولا يشبه شيئا مذكورا ولا كان خلوا من الملك قبل إنشائه(1) ولا يكون منه خلوا بعد ذهابه، لم يزل حيا بلا حياة وملكا قادرا قبل أن ينشئ شيئا وملكا جبارا بعد إنشائه للكون، فليس لكونه كيف ولا له أين ولا له حد ولا يعرف بشئ يشبهه ولا يهرم لطول البقاء ولا يصعق(2) لشئ بل لخوفه تصعق الاشياء كلها كان حيا بلا حياة حادثة ولا كون موصوف ولا كيف محدود ولا أين موقوف عليه ولا مكان جاور شيئا، بل حي يعرف وملك لم يزل له القدرة والملك أنشأ ما شاء حين شاء بمشيئته، لا يحد ولا يبعض ولا يفنى، كان أولا بلا كيف ويكون آخرا بلا أين وكل شئ هالك إلا وجهه، له الخلق والامر(3) تبارك الله رب العالمين، ويلك أيها السائل إن ربي لا تغشاه الاوهام ولا تنزل به الشبهات ولا يحار(4) ولا يجاوزه شئ ولا ينزل به الاحداث ولا يسأل عن شئ ولا يندم على شئ ولا تأخذه سنة ولا نوم له ما في السماوات وما في الارض وما بينهما وما تحت الثرى.

4 - عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه رفعه قال: اجتمعت اليهود إلى رأس الجالوت(5) فقالوا له: إن هذا الرجل عالم - يعنون أمير المؤمنين عليه السلام - فانطلق بنا إليه نسأله، فأتوه فقيل لهم: هو في القصر فانتظروه حتى خرج، فقال له رأس الجالوت: جئناك نسألك فقال: سل يا يهودي عما بدا لك، فقال: أسألك عن ربك متى كان؟ فقال: كان بلا كينونية، كان بلا كيف، كان لم يزل بلا كم وبلا كيف كان ليس له قبل، هو قبل القبل بلا قبل ولا غاية ولا منتهى، انقطعت عنه الغاية وهو غاية كل غاية، فقال رأس الجالوت: امضوا بنا فهو أعلم مما يقال فيه.

5 - وبهذا الاسناد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن أبي الحسن الموصلي، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: جاء حبر من الاحبار إلى أمير المؤمنين عليه السلام فقال: يا أمير المؤمنين

___________________________________

(1) أي قبل انشاء الملك في الناس ولا بعد ذهابه عنهم.

(2) أي لا يغشى عليه لخوف وتصعق الاشياء كلها أي تهلك أو تضعف (آت).

(3) المراد بالخلق: عالم الاجسام وبالامر: المجردات، والمستفاد من كلامهم عليهم السلام تفسير الاول بخلق الممكنات مطلقا وتفسير الثاني بوضع الشرائع.

(4) في بعض النسخ [ولا يجار من شئ ولا يجاوره] وفي بعضها [ولا يحاوره].

(5) هو مقدم علماء اليهود وجالوت اعجمي (آت).

[*]

[90]

متى كان ربك؟ فقال له: ثكلتك أمك ومتى لم يكن؟ حتى يقال: متى كان، كان ربي قبل القبل بلا قبل وبعد البعد بلا بعد، ولا غاية ولا منتهى لغايته، انقطعت الغايات عنده فهو منتهى كل غاية، فقال: يا أمير المؤمنين ! أفنبي أنت؟ فقال: ويلك إنما أنا عبد من عبيد محمد صلى الله عليه وآله.

وروي أنه سئل عليه السلام: أين كان ربنا قبل أن يخلق سماء وأرضا؟ فقال عليه السلام: أين سؤال عن مكان؟ ! وكان الله ولا مكان.

6 - علي بن محمد، عن سهل بن زياد، عن عمرو بن عثمان، عن محمد بن يحيى، عن محمد بن سماعة، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: قال رأس الجالوت لليهود: إن المسلمين يزعمون أن عليا عليه السلام من أجدل(1) الناس وأعلمهم اذهبوا بنا إليه لعلي أسأله عن مسألة، واخطئه فيها فأتاه فقال: يا أمير المؤمنين إني اريد أن أسأل عن مسألة، قال: سل عما شئت، قال: يا أمير المؤمنين متى كان ربنا؟ قال له: يا يهودي إنما يقال: متى كان لمن لم يكن، فكان متى كان، هو كائن بلا كينونية كائن كان بلا كيف يكون، بلى يا يهودي ثم بلى يا يهودي كيف يكون له قبل؟ ! هو قبل القبل بلا غاية ولا منتهى غاية ولا غاية إليها، انقطعت الغايات عنده، هو غاية كل غاية فقال: أشهد أن دينك الحق وأن ما خالفه باطل.

7 - علي بن محمد رفعه، عن زرارة قال: قلت لابي جعفر عليه السلام: أكان الله ولا شئ قال: نعم كان ولا شئ قلت: فأين كان يكون؟ قال: وكان متكئا فاستوى جالسا وقال: أحلت(1) يا زرارة وسألت عن المكان إذ لا مكان.

8 - علي بن محمد، عن سهل بن زياد، عن محمد بن الوليد، عن ابن أبي نصر، عن أبي الحسن الموصلي(3)، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: أتى حبر من الاحبار أمير المؤمنين عليه السلام فقال: يا أمير المؤمنين متى كان ربك؟ قال: ويلك إنما يقال: متى كان لما لم يكن فأما ما كان فلا يقال: متى كان، كان قبل القبل بلا قبل وبعد البعد بلا بعد ولا منتهى غاية لتنتهي غايته، فقال له: أنبي أنت؟ فقال: لامك الهبل إنما أنا عبد من عبيد رسول الله صلى الله عليه وآله.

___________________________________

(1) أي أقواهم في المخاصمة والمناظرة وأعرفهم بالمعارف اليقينية. (آت).

(2) أي تكلمت بالمحال.

(3) في بعض النسخ [عن أبي ابراهيم الموصلي].

[*]