باب النهي عن الكلام في الكيفية

1 - محمد بن الحسن، عن سهل بن زياد، عن الحسن بن محبوب، عن علي بن رئاب، عن أبي بصير قال: قال أبوجعفر عليه السلام: تكلموا(1) في خلق الله ولا تتكلموا في الله فإن الكلام في الله لا يزداد صاحبه إلا تحيرا.

وفي رواية اخرى عن حريز: تكلموا في كل شئ ولا تتكلموا في ذات الله.

2 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن أبي عمير، عن عبدالرحمن بن الحجاج، عن سليمان بن خالد قال: قال أبوعبدالله عليه السلام: إن الله عزوجل يقول: " وأن إلى ربك المنتهى(2) " فإذا انتهى الكلام إلى الله فأمسكوا.

3 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن ابي عمير عن أبي أيوب، عن محمد بن مسلم قال: قال أبوعبدالله عليه السلام: يا محمد إن الناس لا يزال بهم(3) المنطق حتى يتكلموا في الله فإذا سمعتم(4) ذلك فقولوا: لا إله إلا الله الواحد الذي ليس كمثله شئ.

4 - عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن محمد بن حمران، عن أبي عبيدة الحذاء قال: قال أبوجعفر عليه السلام: يا زياد إياك والخصومات فإنها تورث الشك وتهبط العمل وتردي صاحبها وعسى أن يتكلم بالشئ فلا يغفر له إنه كان فيما مضى قوم تركوا علم ما وكلوا به وطلبوا علم ما كفوه حتى انتهى كلامهم إلى الله فتحيروا حتى ان كان الرجل ليدعي من بين يديه فيجيب من خلفه ويدعي من خلفه فيجيب من بين يديه.

وفي رواية اخرى: حتى تاهوا في الارض(5).

___________________________________

(1) قوله: " تكلموا في خلق الله " هو امر اباحة والنهي في لا تتكلموا للتحريم، وقوله (ع): " فان الكلام في الله " اي في كنه ذاته وصفاته وكيفيتهما. (آت).

(2) النجم: 43. والمنتهى مصدر ميمي بمعنى الانتهاء والمراد انتهاء التفكر والتكلم اليه تعالى.

(3) في بعض النسخ [لهم المنطق] ولعل الصحيح: لا يزل بهم المنطق.

(4) قوله: " فاذا سمعتم ذلك " أي: إذا سمعتم الكلام في الله فاقتصروا على التوحيد ونفي الشريك منبها على انه لا يجوز الكلام وتبيين معرفته الا بسلب التشابه والتشارك بينه وبين غيره. (رف).

(5) اي تحيروا ولم يهتدوا إلى الطريق الواضح في المحسوسات والمبصرات فضلا عن الخفايا من المعقولات. (رف).

[*]

[93]

5 - عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن بعض أصحابه، عن الحسين ابن المياح، عن أبيه قال: سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول: من نظر في الله كيف هو؟ هلك.

6 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن فضال، عن ابن بكير عن زرارة بن أعين عن أبي عبدالله عليه السلام قال: إن ملكا عظيم الشأن كان في مجلس له فتناول الرب تبارك وتعالى ففقد فما يدري أين هو(1).

7 - عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن محمد بن عبدالحميد، عن العلاء بن رزين، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام قال: إياكم والتفكر في الله ولكن إذا أردتم أن تنظروا إلى عظمته فانظروا إلى عظيم خلقه(2).

8 - محمد بن أبي عبدالله رفعه قال: قال أبوعبدالله عليه السلام: يا ابن آدم لو أكل قلبك طائر لم يشبعه وبصرك لو وضع عليه خرق أبرة لغطاه تريد أن تعرف بهما ملكوت السماوات والارض، إن كنت صادقا فهذه الشمس خلق من خلق الله فإن قدرت أن تملا عينيك منها فهو كما تقول.(3)

___________________________________

(1) فتناول الرب: أي أخذ وتكلم في ذات الله سبحانه بما لا يليق بجناب قدسه " ففقد " أي: صار مفقودا عن مجلسه فما يدري أين هو أو فقد ما كان واجدا فما يدري أين هو لحيرته (رف).

(2) في بعض النسخ [عظم خلقه].

(3) أراد بالقلب: اللحم الصنوبري المعروف ولهذا جعله ماكولا وظاهر انه لا يصح ان يعرف به ملكوت السماوات والارض كما لا يصح أن يعرف بالبصر لانهما من عالم الملك فكيف يعرف بهما الملكوت؟ فالخطاب خاص ممن لا يتجاوز درجة الحس والمحسوس من افراد بني آدم المشار اليهم بقوله سبحانه: " لهم قلوب لا يفقهون بها " فأما من جاوزها منهم وبلغ إلى درجة العقل والمعقول وهم أصحاب القلوب الملكوتية المشار اليهم بقوله عزوجل: " ان في ذلك لذكرى لمن كان له قلب " فلهم أن يعرفوا بقلوبهم ملكوت السماوات والارض لان قلوبهم من الملكوت ولهذا حث الله تعالى على النظر في الملكوت في غير موضع من كتابه، قال: سبحانه: " أو لم ينظروا في ملكوت السماوات والارض وما خلق الله من شئ وان عسى أن يكون قد اقترب أجلهم فبأي حديث بعده يؤمنون " وقال تعالى: " وكذلك ترى ابراهيم ملكوت السماوات والارض وليكون من الموقنين " إلى غير ذلك من الايات بلى ان ذاته تعالى لا يجوز أن تكتنه بالقلب كما لا يجوز أن يدرك بالبصر انما يجوز أن يطلع بالقلب على شئ من عظمته فحسب.

قيل كما يعترى العين الظاهرة التي هي بصر الجسد عند التحدق في جرم الشمس عمش يثبطه عن تمام الابصار فكذلك يعترى العين الباطنة التي هي بصر العقل عند ادراك البارئ القدوس تعالى دهش يكمهه عن اكتناه ذاته تعالى. (في).

[*]

[94]

9 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن الحسن بن علي، عن اليعقوبي(1)، عن بعض أصحابنا، عن عبدالاعلى مولى آل سام، عن أبي عبدالله عليه السلام: قال ان يهوديا يقال له: سبحت جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: يا رسول الله ! جئت أسألك عن ربك، فإن أنت أجبتني عما أسألك عنه وإلا رجعت، قال: سل عما شئت، قال: أين ربك؟ قال: هو في كل مكان وليس في شئ من المكان المحدود(2): قال: وكيف هو؟ قال: وكيف أصف ربي بالكيف(3) والكيف مخلوق والله لا يوصف بخلقه، قال: فمن أين يعلم أنك نبي الله؟ قال: فما بقي حوله حجر ولا غير ذلك إلا تكلم بلسان عربي مبين يا سبحت إنه رسول الله.

صلى الله عليه وسلم فقال سبحت: ما رأيت كاليوم امرا أبين من هذا، ثم قال أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله.

10 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن محمد بن يحيى الخثعمي عن عبد الرحمن بن عتيك القصير قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن شئ من الصفة فرفع يده إلى السماء ثم قال: تعالى الجبار، من تعاطي ما ثم هلك(4).

___________________________________

(1) اليعقوبي هنا بالمثناة على ما في أكثر النسخ والصحيح بالموحدة نسبة إلى بعقوبا وهي قصبة في ساحل نهر الديالة ببغداد وهو أبوعلي داود بن علي البعقوبي الهاشمي من أصحاب الكاظم والرضا عليهما السلام، وسبحت في بعض النسخ [سبخت] بضم الخاء.

(2) اي المعين أو المحدود بالحدود مع انه تعالى غير محدود والحاصل ان القرب والحضور على قسمين قرب المفارقات والمجردات وحضورها بالاحاطة العلمية بالاشياء وقرب المقارنات وذوات الاوضاع وحضورها بالحصول الاينى والمقارنة الوضعية في الامكنة ومع المتكنات والمتحيزات وحضور الحق تعالى من الاول دون الثاني. (آت).

(3) أي بصفة زائدة على ذاته وكل ما يغاير ذاته فهو مخلوق والله لا يوصف بخلقه لانه لا يجوز حلول غيره فيه لانه يوجب استكماله بغيره وكونه في مرتبة ايجاده ناقصا.

وأيضا لا يتحقق الحلول الا بقوة في المحل وفعلية بالحال وهو سبحانه لا يصح عليه قوة الوجود، لان قوة الوجود عدم وهو برئ في ذاته من كل وجه من العدم. (آت).

(4) أي من تناول بيان ما هنالك من صفاته الحقيقية العينية هلك وضل ضلالا بعيدا وفي القاموس التعاطي التناول وتناول ما لا بحق والتنازع في الاخذ وركوب الامر. (آت).

[*]