باب المشيئة والارادة

1 - علي بن محمد بن عبدالله، عن أحمد بن أبي عبدالله، عن أبيه، عن محمد بن سليمان الديلمي، عن علي بن إبراهيم الهاشمي قال: سمعت أبا الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام يقول: لا يكون شئ إلا ما شاء الله وأراد وقدر وقضى، قلت: ما معنى شاء؟ قال ابتداء الفعل، قلت: ما معنى قدر؟ قال: تقدير الشئ من طوله وعرضه، قلت: ما معنى قضى؟ قال: إذا قضى أمضاه، فذلك الذي لا مرد له(1).

2 - علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس بن عبدالرحمن، عن أبان عن أبي بصير قال: قلت لابي عبدالله عليه السلام: شاء وأراد وقدر وقضى؟ قال: نعم، قلت: وأحب؟ قال: لا، قلت: وكيف شاء وأراد وقضى ولم يحب؟ قال: هكذا خرج إلينا(2).

3 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن علي بن معبد، عن واصل بن سليمان، عن

___________________________________

(1) لا ريب ان لنا في افعالنا الاختيارية مشيئة وارادة وتقديرا وقضاء وهو الحكم البتى وحيث عد الله سبحانه الموجودات افعالا لنفسه صادرة عن علمه وقدرته لم يكن بد من أن نذعن في فعله بالجهات التى لا يخلو عنها فعل اختيارى بما انه فعل اختيارى، من المشيئة والارادة والتقدير والقضاء فالمشيئة والارادة هما معنى الذى لا بد في الفعل الاختيارى من تحققه في نفس الفاعل منا بعد العلم وقبل الفعل وهذا المعنى من حيث ارتباطه بالفاعل يسمى مشيئة به ومن حيث ارتباطه بالفعل يسمى ارادة والتقدير تعيين مقدار الفعل من حيث تعلق المشيئة به والقضاء هو الحكم الاخير الذى لا واسطة بينه وبين الفعل، مثلا إذا قربنا نارا من قطن والنار مقتضية للاحتراق ينتزع من المورد مشيئة الاحراق، ثم بزيادة قربها ارادة الاحراق فانكان االقطن مثلا مرطوبا لا يؤثر فيه النار كان ذلك بداء لظهور ما كان خفيا من الفعل وان كان يابسا لا مانع معه من الاحتراق كان ذلك قضاء وامضاء وهو الاحتراق والاحراق، وبذلك يتحقق في كل حادث حدث عن اسبابه من حيث تهيؤ سببه وتمام التهيؤ وتحقق محل الفعل وتحقق آخر جزء من سببه مشيئة وارادة وقدر وقضاء هو الامضاء والاجراء (الطباطبائى).

(2) الحب حبان: حب تكوينى يتعلق بوجود الشئ من حيث هو وجوده وحب تشريعى يتعلق بالشئ من حيث هو حسن جميل ولا يتعلق بالقبيح ابدا وكان عدم استعداد ذهن السائل عن ادراك الفرق بينهما استدعى إضرابه (ع) عن جواب سؤاله. (الطباطبائى) [*]

[151]

عبد الله بن سنان، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: سمعته يقول: أمر الله ولم يشأ، وشاء ولم يأمر، أمر إبليس أن يسجد لآدم وشاء أن لا سجد، ولو شاء لسجد، ونهى آدم عن أكل الشجرة وشاء أن يأكل منها ولو لم يشأ لم يأكل.

4 - علي بن إبراهيم، عن المختار بن محمد الهمداني ومحمد بن الحسن، عن عبدالله بن الحسن العلوي جميعا، عن الفتح بن يزيد الجرجاني، عن أبي الحسن عليه السلام قال: إن لله إرادتين ومشيئتين: إرادة حتم وإرادة عزم، ينهى وهو يشاء ويأمر وهو لا يشاء، أو ما رأيت أنه نهى آدم وزوجته أن يأكلا من الشجرة وشاء ذلك ولو لم يشأ أن يأكلا لما غلبت مشيئتهما مشيئة الله تعالى، وأمر إبراهيم أن يذبح إسحاق ولم يشأ أن يذبحه ولو شاء لما غلبت مشيئة إبراهيم مشيئة الله تعالى(1).

5 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن علي بن معبد، عن درست بن أبي منصور، عن فضيل بن يسار قال: سمعت ابا عبدالله عليه السلام يقول: شاء وأراد ولم يحب ولم يرض:

___________________________________

(1) للمشيئة والارادة انقسام إلى الارادة التكوينية الحقيقية والارادة التشريعية الاعتبارية فان ارادة الانسان التى تتعلق بفعل نفسه نسبة حقيقية تكوينية تؤثر في الاعضاء الانبعاث إلى الفعل ويستحيل معها تخلفها عن المطاوعة الا لمانع واما الارادة التى تتعلق منا بفعل الغير كما إذا امرنا بشى ء او نهينا عن شئ فانها ارداة بحسب الوضع والاعتبار، لا تتعلق بفعل الغير تكوينيا، فان ارادة كل شخص انما تتعلق بفعل نفسه من طريق الاعضاء والعضلات ومن هنا كانت ارادة الفعل او الترك من الغير لا تؤثر في الفعل بالايجاد والاعدام، بل تتوقف على الارادة التكوينية من الغير بفعل نفسه حتى يوجد او يترك عن اختيار فاعله لا عن اختيار آمره وناهيه، إذا عرفت ذلك علمت ان الارادتين يمكن ان تختلفا من غير ملازمة، كما ان المعتاد بفعل القبيح ربما ينهى نفسه عن الفعل بالتلقين وهو يفعل من حيث الزام ملكته الرذيلة الراسخة، فهو يشاء الفعل بارادة تكوينية ولا يشاؤه بارادة تشريعية ولا يقع الا ما تعلقت به الارادة التكوينية والارادة التكوينية هى التى يسميها عليه السلام بارادة حتم والتشريعية هى التى يسميها بارادة عزم. وارادته تعالى التكوينية تتعلق بالشى ء من حيث هو موجود ولا موجود الا وله نسبة الايجاد اليه تعالى بوجوده بنحو يليق بساحة قدسه تعالى وارادته التشريعية تتعلق بالفعل من حيث انه حسن وصالح غير القبيح الفاسد فاذا تحقق فعل موجود قبيح، كان منسوبا اليه تعالى من حيث الارادة التكوينية بوجه ولو لم يرده لم يوجد، ولم يكن منسوبا اليه تعالى من حيث الارادة التشريعية، فان الله لا يأمر بالفحشاء. فقوله عليه السلام: ان الله نهى آدم (ع) عن الاكل وشاء ذلك وامر ابراهيم (ع) بالذبح ولم يشأه اراد بالامر والنهى التشريعيين منهما وبالمشيئة وعدمها التكوينيين منهما. واعلم ان الرواية مشتملة على كون المأمور بالذبح اسحاق دون اسماعيل وهو خلاف ما تظافرت عليه اخبار الشيعة. (الطباطبائى) [*]

[152]

شاء أن لا يكون شئ إلا بعلمه وأراد مثل ذلك ولم يحب أن يقال: ثالث ثلاثة، ولم يرض لعباده الكفر.

6 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر قال: قال أبوالحسن الرضا عليه السلام قال الله: [يا] ابن آدم بمشيئتي كنت أنت الذي تشاء لنفسك ما تشاء، وبقوتي أديت فرائضي وبنعمتي قويت على معصيتي، جعلتك سميعا، بصيرا، قويا، ما أصابك من حسنة فمن الله، وما أصابك من سيئة فمن نفسك وذاك أني أولى بحسناتك منك وأنت أولى بسيئاتك مني، وذاك أنني لا اسأل عما أفعل وهم يسألون.