(مناظرة أبان بن عياش(1) مع الحسن البصري)
روى أبَان بن عياش، قال: سألتُ الحسن البصريّ عن عليّ ـ عليه السلام ـ.
فقال: ما أقولُ فيه ! كانتْ له السابقة، والفضْل والعلم والحكمة والفقه والرأْي والصُّحبة والنَّجْدة والبلاء والزهد والقضاء والقرابة، إن عليا كان في أمرِه عليَّا، رحم الله عليّا، وصلى عليه !
فقلت: يا أبا سعيد، أتقول: «صلّى عليه» لغير النبيّ ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم !
فقال: ترحَّمْ على المسلمين إذا ذُكروا، وصلِّ على النبيّ وآله وعلى خير آله.
فقلت: أهو خيرٌ مِنْ حمزة وجعفر ؟
قال: نعم.
قلت: وخيرٌ من فاطمة وابنيها ؟
قال: نعم، والله إنه خيرُ آل محمد كلِّهم، ومَنْ يَشُك أنّه خير منهم، وقد قال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ: «وأبوهما خير منهما»(2) ! ولم يجر عليه اسمُ شِرْك، ولا شرب خمر، وقد قال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ لفاطمة ـ عليها السلام ـ: «زوّجتكُ خير أمتي»(3) ، فلـو كـان فـي أمـته خيـرٌ منه لاستثناه، ولقد آخى رسولُ الله ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ بين أصحابه، فآخى بين عليّ ونفسه، فرسول الله ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ خيرُ الناس نفسا، وخيرُهم أخاً.
فقلت: يا أبا سعيد، فما هذا الذي يقال عنك إنّك قلته في عليّ ؟ فقال: يا بن أخي، أحقِنُ دمي من هؤلاء الجبابرة، ولولا ذلك لسالَتْ بي الخُشُب(4) .
____________
(1) هو: ابان بن ابى عيّاش، واسمه فيروز، وقيل دينار، مولى عبد القيس العبدي ابو اسماعيل البصري، روى عن علي بن الحسين ـ عليهما السلام ـ وروى عن ابراهيم بن يزيد النخعي وانس بن مالك والحسن البصري وسعيد بن جبير، وهو الذي آوى سليم بن قيس الهلالي وهو من أصحاب امير المؤمنين ـ عليهم السلام ـ وكان هارباً من الحجاج لانه طلبه لقتله فآواه، فلما حضرته الوفاة، قال لابان: ان لك علي حقاً وقد حضرتني الوفاة يابن اخي انه كان من امر رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ كيت وكيت واعطاه كتاباً، وهو كتاب سليم بن قيس الهلالي رواه عنه ابان بن عياش، وعد من اصحاب السجاد والباقر والصادق ـ عليهم السلام ـ توفي في اول رجب سنة 138 هـ وقيل انه بقي حياً الى بعد سنة 140 هـ.
تجد ترجمته في: تهذيب الكمال ج 2 ص 19 و ص 23، ميزان الاعتدال ج1 ص 14، تهذيب التهذيب ج1 ص99، الفهرست للطبرسي ص 81، تنقيح المقال ج1 ص3.
(2) المعجم الكبير للطبراني ج19 ص292 ح650، مجمع الزوائد ج9 ص183، المستدرك للحاكم ج3 ص167، ذخائر العقبى ص129، تاريخ بغداد ج1 ص140 وللحديث مصادر اخرى.
(3) مناقب الخوارزمي ص106 ح111، تاريخ ابن عساكر ج1 ص263 ح305 و 306، مسند أحمد ج5 ص26، فضائل الصحابة ج 2 ص764 ح1346، وللحديث مصادر كثيرة جداً.
(4) شرح نهج البلاغة لابن ابي الحديد ج4 ص96.