(مناظرة هشام مع أبي عبيدة المعتزلي(1) )
قال أبو عبيدة المعتزلي لهشام بن الحكم: الدليل على صحة معتقدنا وبطلان معتقدكم كثرتنا(2) وقلّتكم، مع كثرة أولاد عليّ وادّعائهم.
فقال هشام: لست إيّانا أردت بهذا القول إنما أردت الطعـن علـى نوح ـ عليه السلام ـ حيث لبث في قومه ألف سنة إلاّ خمسين عاماً يدعوهم إلى النجاة ليلاً ونهاراً، ما آمن معه إلاّ قليل(3) .
____________
(1) هو: معمر بن المثنى التميمي، ابو عبيدة مولاهم البصري النحوي، ولد سنة 120 هـ له مصنفات كثيرة ومعروفة منها: مجاز القرآن، غريب الحديث، مقتل عثمان، كتاب اخبار الحجاج، روى عن جماعة منهم هشام بن عروة وابو عمرو بن العلاء وغيرهم. وروى عن جماعة منهم اسحاق بن ابراهيم الموصلي وغيرهم واختلفوا في سنة وفاته.
راجع: سير اعلام النبلاء ج 9 ص 445 ترجمة رقم: 168، تهذيب الكمال ج28 ص316 ترجمة رقم: 6107، تاريخ بغداد ج13 ص252.
(2) الكثرة والجماعة ليست ميزاناً ومقياساً لاهل الحق بل وجدنا الكثرة في موارد كثيرة من كتاب الله تعالى هي المذمومة، والقلة هي الممدوحة ومن ذلك قوله تعالى:
(وما آمن معه الا قليل) . سورة هود: الاية 40.
(وقليل من عبادي الشكور) . سورة سبأ: الاية 13.
(ما فعلوه الا قليل منهم) . سورة النساء: الاية 66.
(واكثرهم لا يعقلون) . سورة المائدة: الاية 103.
(ولكن اكثر الناس لا يعلمون) . سورة الاعراف: الاية 187.
(ولكن اكثر الناس لا يؤمنون) . سورة غافر: الاية 59.
(واكثرهم للحق كارهون) . سورة المؤمنون: الاية 70.
فلا يضر المرء كثرة الناس اذا كان على حق وصواب ولا يستوحش من الحق لقلة سالكيه ومن هنا يوصي النبي ـ صلّى الله عليه وآله ـ عمار بن ياسر ويقول: (يا عمار اذا رأيت علياً قد سلك وادياً وسلك الناس وادياً غيره فاسلك مع علي، ودع الناس، فانه لن يدلك على ردى، ولن يخرجك من هدى). المناقب للخوارزمي الحنفي ص105 ح110، ترجمة امير المؤمنين من تاريخ ابن عساكر ج3 ص214 ح1219.
(3) المناقب لابن شهراشوب ج1 ص236 ـ 237، بحار الانوار ج47 ص401 ح3.