المناظرة الخامسة
(مناظرة ابن عباس مع عمر)
قال ابن عباس:
كنت أسير مع عمر بن الخطاب في ليلة وعمر على بغل وأنا على فرس فقرأ آية فيها ذكر عليِّ بن أبي طالب ـ عليه السلام ـ.
فقال: أما والله يا بني عبد المطلب ؟ لقد كان عليُّ فيكم أولى بهذا الامر منّي ومن أبي بكر.
فقلت في نفسي: لا أقالني الله إن أقلْته.
فقلت: أنت تقول ذلك يا أمير المؤمنين ؟ وأنت وصاحبك وثبتما وأفرغتما الامر منّا دون الناس.
فقال: إليكم يابني عبد المطلب ؟ أما إنّكم أصحاب عمر بن الخطاب.
فتأخَرتُ وتقدم هنيهة.
فقال: سِر لا سرتَ، وقال: أعد علىًّ كلامك.
فقلت: إنّما ذكرتَ شيئا فرددتُ عليه جوابه ولو سكتَّ سكتنا.
فقال: إنّا والله ما فعلنا الذي فعلنا عن عداوةٍ ولكن استصغرناه، وخشينا أن لا يجتمع عليه العرب وقريش لما قد وترها.
قال: فأردتُ أن أقول: كان رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ يبعثه فينطح كبشها فَلمَ يَستصغره، أفتستصغره أنت وصاحبك ؟ فقال: لا جرم، فكيف ترى ؟ والله ما نقطع أمرا دونه، ولا نعمل شيئا حتى نستأذنه(1) .
____________
(1) محاضرات الراغب الاصفهاني ج 7 ص 213، الغدير للاميني ج 1 ص 389.