المناظرة السادسة والستون

(مناظرة الشيخ الانطاكي مع رجل من أهل حمص(1) )

دخل عليَّ يوما في حلب نفران من أهل حمص أحدهما شيعي مستبصر، والاخر سني مستهتر، وكانت بينهما مناقشة أولوية عليّ ـ عليه السلام ـ بالخلافة.

فقال لي الشيعي: يقول صاحبي هذا وهو من أهل السنّة ليس هناك نص على علي ـ عليه السلام ـ بأنه الخليفة بعد رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ بلا فصل ؟!

فسألني السني: هل هناك نص صريح ؟

فأجبته: نعم، بل نصوص صريحة في كتبكم ومصادركم، وأحلته على تاريخ الطبري وابن الاثير والتفاسير أجمع وذكرت له تفسير آية (وأنذر عشيرتك الاقربين)(2) ، من تاريخ الكامل لابن الاثير(3) والحديث بطوله، وقد رواه ابن الاثير بزيادة ألفاظ على ما رواه الطبري(4) إلى أن انتهيت إلى قول النبي ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ: أيكم يا بني عبد المطلب يؤازرني على هذا الامر على أن يكون أخي ووصيي وخليفتي من بعدي، وأجابه عليّ لمّا لم يجبه أحد منهم، فقال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ: هذا أخي ووزيري ووصيي وخليفتي من بعدي فاسمعوا له وأطيعوا(5) .

ثم قلت له: أيها المحترم أتطلب نصا أصرح من هذا النص ؟

فقال: إذا ما صنعوا ؟!

ففهمت من قوله: ما صنعوا، يشير إلى اجتماعهم في السقيفة وتنازعهم فيمن يخلف رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ أمهاجرون أم أنصار.

فقلت له: هذا ما وقع ؟

فقال: عجبا عجبا وانتهى الامر.

وقال قولاً في هذا المقام ولا أريد ذكره، ثم استبصر وذهب حامدا شاكرا(6) .

____________

(1) حِمصْ: بلد مشهور كبير مسوّر، في طرفه القبلي قلعةٌ حصينة على تلّ عال كبير، بين دمشق وحلب، في نصف الطريق، يسمِّى باسم من أحدثه وهو: حِمص بن مكنف العمليقي. انظر: مراصد الاطلاع ج1 ص425.

(2) سورة الشعراء: الاية 214.

(3) ج2 ص62 وص63.

(4) في تاريخه ج2 ص319 ـ 321.

(5) تقدمت تخريجاته.

(6) لماذا اخترت مذهب الشيعة للانطاكي ص327.