المناظرة الحادية والثلاثون

(مناظرة السيد عبدالله الشيرازي مع رجل من أهل الفضل في حكم المتعة)

قال السيد عبدالله الشيرازي (قدس سره): ذهبت يوماً إلى مكتبة قرب باب السلام، وتناولت مصحفاً بقصد الشراء، وكانت هناك مجموعة من محلاّت بيع الكتب، فوقفت بجانب حانوت صرّاف، كان رجل من أهل الفضل جالساً فيه، ففتحت القرآن كي أرى خطّه، فظنّ أنّي اُريد أن أتفأل فقال: يا سيد لا تتفأل بالقرآن.

قلت: لا اُريد أن أتفأل، بل اُريد أن أرى كيفيّة خطّه.

ثم قال: تفضل، فجلست وبعد أن تبادلنا التحية سألني عن أشياء:

سألني أوّلاً: ما تقولون في هذا الحديث الذي مضمونه أنّه قال النبي صلى الله عليه وآله: «لو كان نبيّ غيري لكان عمر»(1) .

قلت: هذا كذب محض، ولم يصدر من النبي صلى الله عليه وآله.

قال: كيف ؟

قلت: ما تقولون في حديث المنزلة ؟ وهل هو مسلّم بيننا وبينكم ؟ وهو أنه قال النبي صلى الله عليه وآله: «يا علي أنت منّي بمنزلة هارون من موسى، إلاّ أنه لا نبي من بعدي»(2) .

قال: نعم هو حديث مسلّم.

قلت: هذا الحديث يدلّ بالدلالة اللفظية ـ ولو كانت التزامية ـ على أنه لو كان نبي غير محمد صلى الله عليه وآله لكان عليّاً عليه السلام، فيدور الاَمر بين كذب هذا الحديث، وكذب الحديث المذكور بشأن عمر، ولكن المفروض أن حديث المنزلة مسلّم بيننا وبينكم، فيثبت أن ما ذكرتموه كذب وحديث مجعول، فبهت وسكت.

ثم قال: هل أنتم الشيعة تتمتّعون بالنساء وتجوّزون المتعة ؟

قلت: نعم، نتمتّع بهنّ ونجوّزها.

قال: بأي دليل ؟

قلت: بالخبر المرويّ عن عمر، وهو قوله: «متعتان كانتا في زمن رسول الله صلى الله عليه وآله محلّلتان وأنا اُحرّمهما»(3) ، فنفس هذا الخبر ـ بغض النظر عن الاَدلة المسلّمة الاُخرى ـ يدلّ على أن المتعة كانت في زمن رسول الله صلى الله عليه وآله حلالاً وهو حرّمها، فأنا أسأل منك: ما الذي دعا عمر إلى أن يحرمها ؟ هل صار نبيّاً بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله فأمره الله تعالى أن يحرّمها ؟ أو هل كان ينزل عليه الوحي ؟ فلماذا حرّمها ؟ مع أن حلال محمد صلى الله عليه وآله حلال إلى يوم القيامة وحرامه حرام إلى يوم القيامة ؟ أليس هذا إلاّ من البدعة في الدين وقد قال صلى الله عليه وآله: «كلّ بدعة ضلالة، والضلالة في النار»(4) فبأي وجه يتّبع المسلم بدعة عمر، ولا يتمتّع بالنساء، ويلتزم بحرمتها، ولا يقتفي سنة رسول الله صلى الله عليه وآله ؟

فبهت وسكت(5) .

____________

(1) راجع: كنز العمال: ج11 ص578 ح32745 و 32761 ـ 32763، المعجم الكبير للطبراني: ج 17 ص 180 ح 475، مسند أحمد بن حنبل: ج 4 ص 154، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: ج 12 ص 178، وجاء في مجمع الزوائد للهيثمي: ج9 ص68 عن عصمة عن النبي صلى الله عليه وآله: لو كان بعدي نبي لكان عمر، رواه الطبراني وفيه الفضل بن المختار وهو ضعيف وعن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وآله: لو كان الله باعثاً رسولاً بعدي لبعث عمر بن الخطاب رواه الطبراني في الاَوسط وفيه عبد المنعم بن بشير وهو ضعيف، وأورده العجلوني في كشف لخفاء: ج 2 ص 201 ح 2094، قال: ويشهد له ما رواه أحمد والترمذي والحاكم عن عقبة بن عامر بلفظ لو كان بعدي نبي لكان عمر بن الخطاب، وبسنده ضعف.

(2) تقدمت تخريجاته.

(3) تقدمت تخريجاته.

(4) راجع: مسند أحمد: ج3 ص310، سنن ابن ماجة: ج1 ص 15 ـ 16 ح42، مجمع الزوائد: ج1 ص171.

(5) الاحتجاجات العشرة للسيد عبدالله الشيرازي: ص 17 ـ 19.