الصفحة 423

(614)
أم سلمة ومعاوية

كتب معاوية إلى عماله أن يلعنوه على المنابر - أي يلعنوا أمير المؤمنين عليا صلوات الله عليه - ففعلوا، فكتبت أم سلمة - زوج النبي صلى الله عليه وآله - إلى معاوية:

" إنكم تلعنون الله ورسوله على منابركم، وذلك أنكم تلعنون علي بن أبي طالب ومن أحبه، وأنا أشهد أن الله أحبه ورسوله " فلم يلتفت إلى كلامها (1).

(615)
الأشتر وعثمان

إن عثمان كتب إلى الأشتر وأصحابه مع عبد الرحمان بن أبي بكر والمسور بن مخرمة يدعوهم إلى الطاعة، ويعلمهم أنهم أول من سن الفرقة، ويأمرهم بتقوى الله ومراجعة الحق، والكتاب إليه بالذي يحبون.

فكتب إليه الأشتر: من مالك بن الحارث إلى الخليفة المبتلى الخاطئ الحائد عن سنة نبيه النابذ لحكم القرآن وراء ظهره.

أما بعد فقد قرأنا كتابك، فإنه نفسك وعمالك عن الظلم والعدوان وتسيير الصالحين نسمح لك بطاعتنا وزعمت أنا قد ظلمنا أنفسنا، وذلك ظنك الذي أرداك، فأراك الجور عدلا والباطل حقا، وأما محبتنا فإن تنزع وتتوب وتستغفر الله من تجنيك على خيارنا، وتسييرك صلحاءنا، وإخراجك إيانا من ديارنا،

____________

<=

إلى رجب أو عرة الشهر بعده * يصبحكم حمر المنايا وسودها
ثمانين ألفا دين عثمان دينهم * كتائب فيها جبرئيل يقودها
فمن عاش عبدا عاش فينا ومن يمت * ففي النار يسقى، مهلها وصديدها

(1) العقد الفريد: ج 4 / 366، والغدير: ج 2 / 102 عنه

الصفحة 424
وتوليتك الأحداث علينا، وأن تولي مصرنا عبد الله بن قيس أبا موسى الأشعري وحذيفة فقد رضيناهما، واحبس عنا وليدك وسعيدك ومن يدعوك إليه الهوى من أهل بيتك إن شاء الله. والسلام (1).

(616)
صعصعة وعثمان

قام صعصعة إلى عثمان بن عفان وهو على المنبر فقال: يا أمير المؤمنين ملت فمالت أمتك، اعتدل يا أمير المؤمنين تعتدل أمتك.

قال: وتكلم صعصعة يوما فأكثر، فقال عثمان: يا أيها الناس إن هذا البجباج النفاج ما يدري من الله، ولا أين الله. فقال: أما قولك: ما أدري من الله. فإن الله ربنا ورب آبائنا الأولين، وأما قولك: لا أدري أين الله. فإن الله لبالمرصاد، ثم قرأ: " أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير ".

فقال عثمان: ما نزلت هذه الآية إلا في وفي أصحابنا، أخرجنا من مكة بغير حق (2).

(617)
ابن أخت شرحبيل وشرحبيل

لما خدع معاوية شرحبيل وصمم رأيه وشحذ عزمه، بلغ ذلك قومه فبعث ابن أخت له من بارق - وكان يرى رأي علي بن أبي طالب، فبايعه بعد، وكان ممن لحق من أهل الشام وكان ناسكا - فقال:

لعمر أبي الأشقى ابن هند لقد رمى * شرحبيل بالسهم الذي هو قاتله

____________

(1) الغدير: ج 9 / 142، عن أنساب الأشراف: ج 5 / 46.

(2) الغدير: ج 9 / 147، وقال: أوعز إليه في لسان العرب في (بجباج). وابن عساكر في تاريخه:

ج 6 / 424، والزمخشري في الفائق: ج 1 / 35

الصفحة 425

ولفف قوما يسحبون ذيولهم * جميعا وأولى الناس بالذنب فاعله
فألفى يمانيا ضعيفا نخاعه * إلى كل ما يهوون تحدى رواحله
فطأطأ لها لما رموه بثقلها * ولا يرزق التقوى من الله خاذله
ليأكل دنيا لابن هند بدينه * ألا وابن هند قبل ذلك آكله
وقالوا علي في ابن عفان خدعة * ودبت إليه بالشنان غوائله
ولا والذي أرسى ثبيرا مكانه * لقد كف عنه كفه ووسائله
وما كان إلا من صحاب محمد * وكلهم تغلي عليه مراجله

فلما بلغ شرحبيل هذا القول قال: هذا بعيث الشيطان، الآن امتحن الله قلبي.

والله لأسيرن صاحب هذا الشعر أو ليفوتنني. فهرب الفتى إلى الكوفة - وكان أصله منها - وكاد أهل الشام أن يرتابوا (1).

(618)
النجاشي بن الحارث وشرحبيل بن السمط

بعث النجاشي بن الحارث إلى شرحبيل وكان صديقا له:

شرحبيل ما للدين فارقت أمرنا * ولكن لبغض المالكي جرير
وشحناء دبت بين سعد وبينه * فأصبحت كالحادي بغير بعير
وما أنت إذ كانت بجيلة عاتبت * قريشا فيالله بعد نصير
أتفصل أمرا غبت عنه بشبهة * وقد حار فيها عقل كل بصير
بقول رجال لم يكونوا أئمة * ولا للتي لقوكها بحضور
وما قول قوم غائبين تقاذفوا * من الغيب ما دلاهم بغرور
وتترك أن الناس أعطوا عهودهم * عليا على أنس به وسرور

____________

(1) وقعة صفين لنصر: ص 49 - 50، والغدير: ج 10 / 297، عنه، والاستيعاب: ترجمة شرحبيل، وأسد الغابة: ج 2 / 392، والجزري في الكامل: ج 3 / 119، وشرح ابن أبي الحديد ج 1 / 139 و 249 و 250

الصفحة 426

إذا قيل هاتوا واحدا تقتدونه * نظيرا له لم يفصحوا بنظير
لعلك أن تشقى الغداة بحربه * شرحبيل، ما ما جئته بصغير (1)

(619)
جمع من رسل علي عليه السلام عند معاوية

(بعد أن استرد أهل العراق الماء من أهل الشام) قال: ثم إن عليا دعا بشير بن عمرو بن محصن الأنصاري، وسعيد بن قيس الهمداني، وشبث بن ربعي التميمي، فقال: ائتوا هذا الرجل فادعوه إلى الله عز وجل وإلى الطاعة والجماعة، وإلى اتباع أمر الله تعالى.

فقال له شبث: ألا نطمعه في سلطان توليه إياه، ومنزلة تكون به له أثرة عندك إن هو بايعك؟

قال علي: ائتوه الآن فألقوه واحتجوا عليه وانظروا ما رأيه - وهذا في شهر ربيع الآخر - فأتوه فدخلوا عليه، فحمد أبو عمرة بن محصن الله وأثنى عليه وقال:

يا معاوية، إن الدنيا عنك زائلة، وإنك راجع إلى الآخرة، وإن الله عز وجل مجازيك بعملك، ومحاسبك بما قدمت يداك، وإني أنشدك بالله أن تفرق جماعة هذه الأمة، وأن تسفك دماءها.

فقطع معاوية عليه الكلام، فقال: هلا أوصيت صاحبك؟

فقال: سبحان الله، إن صاحبي ليس مثلك، إن صاحبي أحق البرية في هذا الأمر في الفضل والدين والسابقة والإسلام، والقرابة من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

قال معاوية: فتقول ماذا؟ قال: أدعوك إلى تقوى ربك وإجابة ابن

____________

(1) وقعة صفين لنصر: ص 51، والغدير: ج 10 / 297 عنه، وعن الاستيعاب: ترجمة شرحبيل وأسد الغابة:

ج 2 / 392، والكامل لابن الأثير: ج 3 / 119، وشرح ابن أبي الحديد: ج 1 / 139 و 249 و 250 وفي طبع بيروت: ج 3 / 84

الصفحة 427
عمك إلى ما يدعوك إليه من الحق، فإنه أسلم لك في دينك، وخير لك في عاقبة أمرك. قال: ويطل دم عثمان؟ لا والرحمان، لا أفعل ذلك أبدا. قال: فذهب سعيد يتكلم فبدره شبث فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال:

يا معاوية قد فهمت ما رددت على ابن محصن، إنه لا يخفي علينا ما تقرب وما تطلب، إنك لا تجد شيئا تستغوي به الناس وتستميل به أهواءهم وتستخلص به طاعتهم إلا أن قلت لهم: قتل إمامكم مظلوما فهلموا نطلب بدمه فاستجاب لك سفهاء طغام رذال، وقد علمنا أنك قد أبطأت عنه بالنصر، وأحببت له القتل بهذه المنزلة التي تطلب، ورب مبتغ أمرا وطالبه يحول الله دونه، وربما أوتي المتمني أمنيته، وربما لم يؤتها. ووالله ما لك في واحدة منها خير، والله لئن أخطأك ما ترجو إنك لشر العرب حالا، ولئن أصبت ما تتمناه لا تصيبه حتى تستحق صلي النار، فاتق الله يا معاوية، ودع ما أنت عليه، ولا تنازع الأمر أهله.

قال: فحمد الله معاوية وأثنى عليه ثم قال:

" أما بعد فإن أول ما عرفت به سفهك وخفة حلمك: قطعك على هذا الحبيب الشريف سيد قومه منطقه، ثم عتبت بعد فيما لا علم لك به. ولقد كذبت ولويت أيها الأعرابي الجلف الجافي في كل ما وصفت وذكرت.

انصرفوا من عندي فليس بيني وبينكم إلا السيف " قال: وغضب فخرج القوم وشبث يقول: أفعلينا تهول بالسيف أما والله لنعجلنه إليك، فأتوا عليا عليه السلام فأخبروه بالذي كان من قوله، وذلك في شهر ربيع الآخر (1).

____________

(1) وقعة صفين لنصر: ص 187، والغدير: ج 9 / 150 عنه وعن الطبري والجزري وابن أبي الحديد:

ج 10 / 307

الصفحة 428

(620)
رسل أمير المؤمنين عليه السلام ومعاوية

عن المحل بن الخليفة قال: (بعد أن اقتتل الناس ذا الحجة كله تداعوا أن يكفوا عن القتال إلى أن ينقضي المحرم لعل الله أن يجري صلحا) لما توادع علي عليه السلام ومعاوية بصفين اختلف الرسل فيما بينهما رجاء الصلح، فأرسل علي بن أبي طالب إلى معاوية عدي بن حاتم، وشبث بن ربعي، ويزيد بن قيس، وزياد بن خصفة، فدخلوا على معاوية، فحمد الله عدي بن حاتم وأثنى عليه ثم قال:

أما بعد فإنا أتيناك لندعوك إلى أمر يجمع الله به كلمتنا وأمتنا، ويحقن الله به دماء المسلمين، وندعوك إلى أفصلها سابقة وأحسنها في الإسلام آثارا، وقد اجتمع له الناس، وقد أرشدهم الله بالذي رأوا فأتوا، فلم يبق أحد غيرك وغير من معك، فانته يا معاوية من قبل أن يصيبك الله وأصحابك بمثل يوم الجمل.

فقال له معاوية: كأنك جئت متهددا ولم تأت مصلحا. هيهات يا عدي، كلا والله، إني لابن حرب ما يقعقع لي بالشنآن. أما والله إنك لمن المجلبين على ابن عفان، وأنت لمن قتلته، وإني لأرجو أن تكون ممن يقتله الله. هيهات يا عدي، قد حلبت بالساعد الأشد.

وقال له شبث بن ربعي وزياد بن خصفة - وتنازعا كلاما واحدا -: أتيناك فيما يصلحنا وإياك، فأقبلت تضرب الأمثال لنا. دع ما لا ينفع من القول والفعل، وأجبنا فيما يعمنا وإياك نفعه.

وتكلم يزيد بن قيس الأرحبي فقال:

إنا لم نأتك إلا لنبلغك ما بعثنا به إليك، ولنؤدي عنك ما سمعنا منك، لن ندع أن ننصح لك، وأن نذكر ما ظننا أن لنا به عليك حجة، أو أنه راجع بك إلى الألفة والجماعة، إن صاحبنا لمن قد عرفت وعرف المسلمون فضله، ولا

الصفحة 429
أظنه يخفى عليك أن أهل الدين والفضل لن يعدلوك بعلي عليه السلام ولن يميلوا بينك وبينه فاتق الله يا معاوية، ولا تخالف عليا، فإنا والله ما رأينا رجلا قط أعمل بالتقوى، ولا أزهد في الدنيا، ولا أجمع لخصال الخير كلها منه.

فحمد الله معاوية وأثنى عليه وقال:

أما بعد فإنكم دعوتم إلى الطاعة والجماعة، فأما الجماعة التي دعوتم إليها فنعما هي، وأما الطاعة لصاحبكم فإنا لا نراها. إن صاحبكم قتل خليفتنا، وفرق جماعتنا، وآوى ثأرنا وقتلتنا، وصاحبكم يزعم أنه لم يقتله، فنحن لا نرد ذلك عليه، أرأيتم قتلة صاحبنا؟ ألستم تعلمون أنهم أصحاب صاحبكم؟!

فليدفعهم إلينا فلنقتلهم به ونحن نجيبكم إلى الطاعة والجماعة.

فقال له شبث بن ربعي: أيسرك يا معاوية أن أمكنت من عمار بن ياسر فقتلته؟ قال: وما يمنعني من ذلك؟ والله لو أمكنني صاحبكم من ابن سمية (1) ما قتلته بعثمان، ولكن كنت أقتله بنائل مولى عثمان بن عفان، فقال له شبث وإله السماء ما عدلت معدلا، لا والله الذي لا إله إلا هو لا تصل إلى قتل ابن ياسر حتى تندر الهام عن كواهل الرجال، وتضيق الأرض الفضاء عليك برجها فقال له معاوية: إنه لو كان ذلك كانت عليك أضيق.

ورجع القوم عن معاوية، فلما رجعوا من عنده بعث إلى زياد بن خصفة التيمي فدخل عليه، فحمد الله معاوية وأثنى عليه ثم قال:

أما بعد يا أخا ربيعة فإن عليا قطع أرحامنا، وقتل إمامنا، وآوى قتلة صاحبنا، وإني أسألك النصرة عليه بأسرتك وعشيرتك ولك علي عهد الله وميثاقه إذا ظهرت أن أوليك أي المصرين أحببت.

____________

(1) سمية: هي أم عمار بن ياسر، وهي أول شهيدة استشهدت في الإسلام، وجأها أبو جهل بحربة فماتت

الصفحة 430
قال أبو المجاهد (سعد الطائي الكوفي): سمعت زياد بن خصفة يحدث بهذا الحديث قال: فلما قضى معاوية كلامه حمدت الله وأثنيت عليه ثم قلت له:

" أما بعد فإني لعلى بينة من ربي، وبما أنعم علي فلن أكون ظهيرا للمجرمين ".

قال: ثم قمت، فقال معاوية لعمرو بن العاص - وكان إلى جانبه جالسا -:

ليس يكلم رجل منا رجلا منهم بكلمة فيجيب بخير، ما لهم عضبهم الله، ما قلوبهم إلا قلب رجل واحد (1).

(621)
عمار وعبيد الله بن عمر وعمرو بن العاص

قال: ثم مضى - يعني عمار بن ياسر - ومضى معه أصحابه، فلما دنا من عمرو بن العاص قال: يا عمرو بعت دينك بمصر! تبا لك، وطالما بغيت الإسلام عوجا! ثم حمل عمار، وهو يقول:

صدق الله وهو للصدق أهل * وتعالى ربي وكان جليلا
رب عجل شهادة لي بقتل * في الذي قد أحب قتلا جميلا
مقبلا غير مدبر إن للقتل * على كل ميتة تفضيلا
إنهم عند ربهم في جنان * يشربون الرحيق والسلسبيلا
من شراب الأبرار خالطه المسك * وكأسا مزاجها زنجبيلا

ثم نادى عمار عبيد الله بن عمر، وذلك قبل مقتله، فقال: يا ابن عمر صرعك الله! بعت دينك بالدنيا من عدو الله وعدو الإسلام. قال: كلا، ولكن أطلب بدم عثمان الشهيد المظلوم. قال: كلا أشهد على علمي فيك أنك

____________

(1) وقعة صفين لنصر: ص 197 - 200، والغدير: ج 10 / 308 - 309، عن الطبري: 6 / 3 والجزري:

3 / 124، وابن كثير: 7 / 258، وفي بعضها: " حنظلة "

الصفحة 431
أصبحت لا تطلب بشئ من فعلك وجه الله، وإنك إن لم تقتل اليوم فستموت غدا. فانظر إذا أعطى الله العباد على نياتهم ما نيتك؟

ثم قال عمار: اللهم إنك تعلم أني لو أعلم أن رضاك في أن أقذف بنفسي في هذا البحر لفعلت. اللهم إنك تعلم إني لو أعلم أن رضاك أن أضع ظبة سيفي في بطني ثم أنحني عليها حتى يخرج من ظهري لفعلت. اللهم وإني أعلم مما أعلمتني أني لا أعمل اليوم عملا هو أرضى لك من جهاد هؤلاء الفاسقين ولو أعلم اليوم عملا أرضى لك منه لفعلته (1).

(622)
أهل العراق مع خطيب أهل الشام

قال: (بعد قصة التحكيم وخلاف الخوارج وبراءتهم من علي عليه السلام) وقام خطيب أهل الشام حمل بن مالك بين الصفين فقال:

أنشدكم الله يا أهل العراق إلا أخبرتمونا لم فارقتمونا؟

قالوا: فارقناكم لأن الله عز وجل أحل البراءة ممن حكم بغير ما أنزل الله، فتوليتم الحاكم بغير ما أنزل الله، وقد أحل عداوته وأحل دمه إن لم يرجع إلى التوبة ويبوء بالدين. وزعمتم أنتم خلاف حكم الله فتوليتم الحاكم بغير ما أنزل الله وقد أمر الله بعداوته، وحرمتم دمه وقد أمر الله بسفكه، فعاديناكم لأنكم حرمتم ما أحل الله، وحللتم ما حرم الله، وعطلتم أحكام الله، واتبعتم هواكم بغير هدى من الله.

قال الشامي حمل بن مالك: قتلتم أخانا وخليفتنا ونحن غيب عنه، بعد أن استتبتموه فتاب، فعجلتم عليه فقتلتموه، فنذكركم الله لما أنصفتم الغائب المتهم لكم، فإن قتله لو كان عن ملأ من الناس ومشورة كما كانت إمرته، لم يحل لنا

____________

(1) وقعة صفين لنصر: ص 320

الصفحة 432
الطلب بدمه، وإن أطيب التوبة والخير في العاقبة أن يعرف من لا حجة له الحجة عليه وذلك أقطع للبغي، وأقرب للمناصحة. وقد رضينا أن تعرضوا ذنوبه على كتاب الله أولها وآخرها فإن أحل الكتاب دمه برئنا منه وممن تولاه ومن يطلب دمه وكنتم قد أجرتم في أول يوم وآخره، وإن كان كتاب الله يمنع دمه ويحرمه تبتم إلى الله ربكم، وأعطيتم الحق من أنفسكم في سفك دم بغير حله بعقل أو قود، أو براءة ممن فعل ذلك وهو ظالم. ونحن قوم نقرأ القرآن وليس يخفى علينا منه شئ، فأفهمونا الأمر الذي استحللتم عليه دماءنا.

قالوا: نعم قد بعثنا منا رجلا ومنكم رجلا يقرآن القرآن كله ويتدارسان ما فيه، وينزلان عند حكمه علينا وعليكم. وإنا قد بعثنا منا من هو عندنا مثل أنفسنا، وجعلنا لهما أن ينتهيا إليه، وأن يكون أمرهما على تؤدة، ونسأل عما يجتمعان عليه وما يتفرقان عنه، فإنما فارقناكم في تفسيره ولم نفارقكم في تنزيله. ونحن وأنتم نشهد أنه من عند الله، فإنما نريد أن نسأل عنه مما تفسرون، مما جهلنا نحن تفسيره، فنسأل عنه أهل العلم منا ومنكم، فأعطيناكم على هذا الأمر ما سألتم من شأن الحكمين. وإنما بعثا ليحكما بكتاب الله، يحييان ما أحيا الكتاب ويميتان ما أمات الكتاب، فأما ما لم يجدا في الكتاب فالسنة العادلة الجامعة غير المفرقة. ولم يبعثا ليحكما بغير الكتاب. ولو أرادا اللبس على أمة محمد لبرئت منهما الذمة، وليس لهما على أمة محمد حكم.

فلما سمع المسلمون قولهم علموا أن على كل مخاصم إنصاف خصيمه وقبول الحق منه وإن كان قد منعه فقاتل عليه، لأنهم إلى الحق دعوا أول يوم، وبه عملوا يقينا غير شك، ومن الباطل استعتبوا، وعلى عماية قتلوا من قتلوا.

ونظر القوم في أمرهم، وشاوروا قائدهم، وقالوا: قد قبلنا من عثمان بن عفان حين دعي إلى الله والتوبة من بغيه وظلمه، وقد كان منا عنه كف حين أعطانا أنه تائب حتى جرى علينا حكمه بعد تعريفه ذنوبه، فلما لم يتم التوبة وخالف

الصفحة 433
بفعله عن توبته قلنا: اعتزلنا ونولي أمر المؤمنين رجلا يكفيك ويكفينا، فإنه لا يحل لنا أن نولي أمر المؤمنين رجلا نتهمه في دمائنا وأموالنا، فأبى ذلك وأصر، فلما أن رأينا ذلك منه قتلناه ومن تولاه بعد قتلنا إياه، وهم يعرضون كتاب الله بيننا وبينهم، ويسألونا حجتنا عليهم، وإنما هم صادقون أو كاذبون في نيتهم، وليس لنا عذر في إنصافهم والموادعة والكف عنهم حتى يرجعوا بتوبة أو مناصحة بعد أن نقررهم ونعرفهم ظلمهم وبغيهم، أو يصروا فيغلبنا عليهم ما غلبنا على قائدهم فنقتلهم، فإنما نطلب الحجة بعد العذر، ولا عذر إلا ببينة، ولا بينة إلا بقرآن أو سنة.

وهم خلطاء في الدين، ومقرون بالكتاب والنبي صلى الله عليه وآله وسلم ليسوا بمنزلة أحد ممن حارب المسلمين، أهل بغي ممن أمر الله أن يقاتلوا حتى يفيئوا من بغيهم إلى أمر الله، وبرئوا، ببغيهم من الإيمان، قال الله عز وجل على لسان نبيه داود: " وإن كثيرا من الخلطاء ليبغي بعضهم على بعض إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وقليل ما هم ". هؤلاء منافقون، لأمرهم بالمنكر ونهيهم عن المعروف وقتالهم عليه، ولاتباعهم ما أسخط الله وكرهوا رضوانه فأحبط أعمالهم، بذلك تفنى حسناتهم، وذلك أنه كانت لهم حسنات لم تنفعهم حين عاداهم، فقبل أمير المؤمنين مناصفتهم في المنازعة عند الحكمين بالدين بأن يحكم بكتاب الله، ويرد المحق والمبطل إلى أمره و [ ما ] يرضى به، وفيما نزل بهم أمر ليس فيه قرآن يعرفونه فالسنة الجامعة العادلة غير المفرقة، فلم يكن يسع أحدا من الفريقين ترك كتاب الله والسنة بعد قول الله عز وجل في صفة عدوه ومن يرغب عن كتابه وهو مقر بتنزيله، حامل لميثاقه: " ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يدعون إلى كتاب الله ليحكم بينهم ثم يتولى فريق منهم وهم معرضون " وقال الله تعالى يعيرهم بذلك: " أفي قلوبهم مرض أم ارتابوا أم يخافون أن يحيف الله عليهم ورسوله بل أولئك هم الظالمون " وما أولئك بالمؤمنين، إنهم

الصفحة 434
لو كانوا مؤمنين رضوا بكتابي ورسولي. ثم أنزل: " إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا وأولئك هم المفلحون " يعني أنهم أصابوا حقائق الإيمان والصلح فلم يسع عليا أمير المؤمنين إلا الكف بعد توكيدهم الميثاق، وضربهم الأجل، والرضا بأن يحكم بينهم رجلان بكتاب الله - فيما تنازع فيه عباد الله - بما أنزل الله وسنة رسوله، ليبلغ الشاهد الغائب منهم سبيل المحق من المبطل ألا يغير بمؤمن غائب برضا غوي (1) أو عم غير مهتد، فيسمى أمير المؤمنين من كل باسمه حتى يقره الكتاب على منزلته (2).

(623)
شريح بن هاني مع عمرو بن العاص

عن النضر بن صالح قال: كنت مع شريح بن هاني في غزوة سجستان، فحدثني: أن عليا أوصاه بكلمات إلى عمرو بن العاص، قال له: قل لعمرو إن لقيته: إن عليا يقول لك: إن أفضل الخلق عند الله من كان العمل بالحق أحب إليه وإن نقصه، وإن أبعد الخلق من الله من كان العمل بالباطل أحب إليه وإن زاده. والله يا عمرو إنك لتعلم أين موضع الحق فلم تتجاهل؟ أبأن أوتيت طمعا يسيرا فكنت لله ولأوليائه عدوا، فكأن والله ما أوتيت قد زال عنك، فلا تكن للخائنين خصيما، ولا للظالمين ظهيرا. أما إني أعلم أن يومك الذي أنت فيه نادم هو يوم وفاتك، وسوف تتمنى أنك لم تظهر لمسلم عداوة، ولم تأخذ على حكم رشوة.

قال شريح: فأبلغته ذلك فتمعر وجه عمرو وقال: متى كنت أقبل مشورة

____________

(1) كذا وردت هذه العبارة.

(2) وقعة صفين لنصر: ص 514 - 517

الصفحة 435
علي أو أنيب إلى أمره وأعتد برأيه؟! فقلت: وما يمنعك يا ابن النابغة أن تقبل من مولاك وسيد المسلمين بعد نبيهم صلى الله عليه وآله مشورته. لقد كان من هو خير منك، أبو بكر وعمر، يستشيرانه ويعملان برأيه. فقال: إن مثلي لا يكلم مثلك. فقلت: بأي أبويك ترغب عن كلامي؟ بأبيك الوشيظ (1)، أم بأمك النابغة؟ فقام من مكانه، وأقبلت رجال من قريش على معاوية فقالوا: إن عمرا قد أبطأ بهذه الحكومة وهو يريدها لنفسه فبعث إليه معاوية.... (2).

(624)
شاعر العراق وشاعر الشام

بعد خدع عمرو بن العاص أبا موسى الأشعري، قال كعب بن جعيل شاعر معاوية:

كأن أبا موسى عشية أذرح * يطوف بلقمان الحكيم يواربه
فلما تلاقوا في تراث محمد * نمت بابن هند في قريش مضاربه
سعى بابن عفان ليدرك ثأره * وأولى عباد الله بالثأر طالبه
وقد غشيتنا في الزبير غضاضة * وطلحة إذ قامت عليه نوادبه
فرد ابن هند ملكه في نصابه * ومن غالب الأقدار فالله غالبه
وما لابن هند في لؤي بن غالب * نظير وإن جاشت عليه أقاربه
فهذاك ملك الشام واف سنامه * وهذاك ملك القوم قد جب غاربه
يحاول عبد الله عمرا (3) وإنه * ليضرب في بحر عريض مذاهبه
دحا دحوة في صدره فهوت به * إلى أسفل المهوى ظنون كواذبه

فرد عليه رجل من أصحاب علي فقال:

____________

(1) الوشيظ: الخسيس، والتابع، والحليف، والدخيل في القوم ليس من صميمهم.

(2) وقعة صفين لنصر: ص 542 وقد مر ص 310 فراجع.

(3) كذا في الأصل والصحيح عمروا

الصفحة 436

غدرتم وكان الغدر منكم سجية * فما ضرنا عذر اللئيم وصاحبه
وسميتم شر البرية مؤمنا * كذبتم فشر الناس للناس كاذبه
ولكم بن (1) حرب بصيرة * بلعن رسول الله إذ كان كاتبه (2)

(625)
عمرو بن العاص وابن عباس

قال عمرو بن العاص حين خدع أبا موسى:

خدعت أبا موسى خديعة شيظم * يخادع سقبا في فلاة من الأرض (3)
فقلت له إنا كرهنا كليهما * فنخلعهما قبل التلاتل والدحض (4)
فإنهما لا يغضيان على قذى * من الدهر حتى يفصلان على أمض (5)
فطاوعني حتى خلعت أخاهم * وصار أخونا مستقيما لدى القبض
وإن ابن حرب غير معطيهم الولا * ولا الهاشمي الدهر أو يربع الحمض

فرد عليه ابن عباس فقال:

كذبت ولكن مثلك اليوم فاسق * على أمركم يبغي لنا الشر والعزلا
وتزعم أن الأمر منك خديعة * إليه وكل القول في شأنكم فضلا
فأنتم ورب البيت قد صار دينكم * خلافا لدين المصطفى الطيب العدلا
أعاديتم حب النبي ونفسه * فما لكم من سابقات ولا فضلا
وأنتم ورب البيت أخبث من مشى * على الأرض ذا نعلين أو حافيا رجلا
غدرتم وكان الغدر منكم سجية * كأن لم يكن حرثا وأن لم يكن نسلا (6)

____________

(1) كذا في الأصل والصحيح " بإبن ".

(2) وقعة صفين لنصر: ص 549.

(3) الشيظم: الطويل الجسيم الفتى من الناس والخيل والإبل. والسقب: ولد الناقة.

(4) التلاتل: الشدائد. والدحض: الزلق والزلل.

(5) الأمض: الباطل والشك.

(6) وقعة صفين لنصر: ص 550

الصفحة 437

(626)
ابن أبي الحديد مع متكلم إمامي

قال ابن أبي الحديد: وقلت لمتكلم من متكلمي الإمامية يعرف بعلي بن تقي من بلدة النيل (1): وهل كانت فدك إلا نخلا يسيرا وعقارا ليس بذلك الخطير؟!

فقال لي: ليس الأمر كذلك. بل كانت جليلة جدا، وكان فيها من النخل نحو ما بالكوفة الآن من النخل، وما قصد أبو بكر وعمر بمنع فاطمة عنها إلا ألا يتقوى علي بحاصلها وغلتها على المنازعة في الخلافة، ولهذا اتبعا ذلك بمنع فاطمة وعلي وسائر بني هاشم وبني المطلب حقهم في الخمس، فإن الفقير الذي لا مال تضعف همته ويتصاغر عند نفسه، ويكون مشغولا بالاحتراف والاكتساب عن طلب الملك والرياسة (2).

(627)
علوي مع ابن أبي الحديد

قال: قال لي علوي من الحلة يعرف بعلي بن مهنأ، ذكي ذو فضائل: ما تظن قصد أبي بكر وعمر بمنع فاطمة فدكا؟ قلت: ما قصدا؟ قال: أرادا ألا يظهرا لعلي - وقد اغتصباه الخلافة - رقة ولينا وخذلانا، ولا يرى عندهما خورا فاتبعا القرح بالقرح (3).

(628)
عبد الرحمان بن غنم مع أبي هريرة وأبي الدرداء

قال أبو عمر في الاستيعاب ج 2 / 424 هامش الإصابة: كان عبد الرحمان

____________

(1) النيل هنا: بليدة في سواد الكوفة.

(2) شرح ابن أبي الحديد: ج 16 / 236.

(3) المصدر نفسه

الصفحة 438
ابن غنم - الصحابي - من أفقه أهل الشام، وهو الذي فقه عامة التابعين بالشام، كانت له جلالة وقدر، وهو الذي عاتب أبا هريرة وأبا الدرداء بمحص إذ انصرفا من عند علي رضي الله عنه رسولين لمعاوية، وكان مما قال لهما: عجبا منكما، كيف جاز عليكما ما جئتما به، تدعوان عليا إلى أن يجعلها شورى، وقد علمتما أنه قد بايعه المهاجرون والأنصار وأهل الحجاز والعراق، وأن من رضيه خير ممن كرهه، ومن بايعه خير ممن لم يبايعه؟ وأي مدخل لمعاوية في الشورى وهو من الطلقاء الذين لا تجوز لهم الخلافة، وهو وأبوه من رؤوس الأحزاب؟

فندما على مسيرهما وتابا منه بين يديه (1).

(629)
عبد الرحمان مع شرحبيل

قال: فلما قدم كتاب معاوية على شرحبيل وهو بحمص استشار أهل اليمن فاختلفوا عليه، فقام إليه عبد الرحمن بن غنم الأزدي وهو صاحب معاذ بن جبل وختنه، وكان أفقه أهل الشام، فقال:

يا شرحبيل بن السمط، إن الله لم يزل يزيدك خيرا مذ هاجرت إلى اليوم، وإنه لا ينقطع المزيد من الله حتى ينقطع الشكر من الناس، ولا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم. إنه قد ألقى إلينا قتل عثمان، وأن عليا قتل عثمان (وأنه ألقى إلى معاوية أن عليا قتل عثمان ولهذا يريدك). فإن يك قتله فقد بايعه المهاجرون والأنصار، وهم الحكام على الناس، وإن لم يكن قتله فعلام تصدق معاوية عليه؟ لا تهلك نفسك وقومك. فإن كرهت أن يذهب بخطها جرير فسر إلى علي فبايعه على شامك وقومك.

فأبى شرحبيل إلا أن يسير إلى معاوية، فبعث إليه عياض الثمالي وكان

____________

(1) أسد الغابة: ج 10 / 318 في ترجمته، وراجع الغدير: ج 10 / 331، وقاموس الرجال: ج 5 / 308 عنه

الصفحة 439
ناسكا:

يا شرح يا ابن السمط إنك بالغ * بود علي ما تريد من الأمر (1)
ويا شرح إن الشام شامك ما بها * سواك فدع قول المضلل من فهر
فإن ابن حرب ناصب لك خدعة * تكون علينا مثل راغية البكر
فإن نال ما يرجو بنا كان ملكنا * هنيئا له، والحرب قاصمة الظهر
فلا تبغين حرب العراق فإنها * تحرم أطهار النساء من الذعر
وإن عليا خير من وطأ الحصى * من الهاشميين المداريك للوتر
له في رقاب الناس عهد وذمة * كعهد أبي حفص وعهد أبي بكر
فبايع ولا ترجع على العقب كافرا * أعيذك بالله العزيز من الكفر
ولا تسمعن قول الطغام فإنما * يريدون أن يلقوك في لجة البحر
وماذا عليهم أن تطاعن دونهم * عليا بأطراف المثقفة السمر
فإن غلبوا كانوا عليك أئمة * وكنا بحمد الله من ولد الظهر
وإن غلبوا لم يصل بالحرب غيرنا * وكان علي حربنا آخر الدهر
يهون على عليا لؤي بن غالب * دماء بني قحطان في ملكهم تجري
فدع عنك عثمان بن عفان إننا * لك الخير، لا ندري وإنك لا تدري
على أي حال كان مصرع جنبه * فلا تسمعن قول الأعيور أو عمرو (2)

(630)
عبد الله بن عباس ومعاوية

قال معروف بن خربوذ المكي: بينا عبد الله بن عباس جالس في المسجد ونحن بين يديه إذ أقبل معاوية فجلس إليه، فأعرض عنه ابن عباس، فقال له

____________

(1) شرح: مرخم شرحبيل، وهذا بضم الشين وفتح الراء وسكون الحاء، ولكنه سكن الراء للشعر.

(2) وقعة صفين لنصر: ص 45 و 46، والغدير: ج 10 / 395 عنه وعن مصادر أخرى تقدمت عنه وابن أبي الحديد: ج 2 / 72

الصفحة 440
معاوية: ما لي أراك معرضا؟ ألست تعلم أني أحق بهذا الأمر من ابن عمك؟

قال: لم؟ لأنه كان مسلما وكنت كافرا؟ قال: لا، ولكني ابن عم عثمان.

قال: فابن عمي خير من ابن عمك. قال: إن عثمان قتل مظلوما، قال:

وعندهما ابن عمر، فقال ابن عباس: فإن هذا والله أحق بالأمر منك. فقال معاوية: إن عمر قتله كافر وعثمان قتله مسلم، فقال ابن عباس: ذاك والله أدحض لحجتك (1).

(631)
أبو أيوب ومعاوية

وفي رواية: إن أبا أيوب أتى معاوية فشكا إليه أن عليه دينا فلم ير منه ما يحب، فرأى أمرا كرهه، فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول:

إنكم سترون بعدي أثرة قال: فأي شئ قال لكم؟ قال: أمرنا بالصبر، قال:

فاصبروا، قال: فوالله لا أسألك شيئا أبدا (2).

(632)
أبو قتادة ومعاوية

قال عبد الله بن محمد بن عقيل: قدم معاوية المدينة فلقاه أبو قتادة الأنصاري - الحارث بن ربعي - فقال معاوية: تلقاني الناس كلهم غيركم يا معشر الأنصار، قال: لم يكن لنا دواب. قال: فأين النواضح؟ قال: عقرناها في طلبك وطلب أبيك يوم بدر.

ثم قال أبو قتادة: إن رسول الله صلى الله عليه وآله قال لنا: إنكم سترون بعدي أثرة. قال معاوية: فما أمركم؟ قال: أمرنا أن نصر. قال: فاصبروا، فبلغ

____________

(1) الغدير: ج 10 / 326، عن المستدرك للحاكم: ج 3 / 467، وتأريخ الخلفاء للسيوطي: ص 201.

(2) الغدير: ج 10 / 283، عن ابن عساكر: ج 5 / 41 - 42، والخصائص الكبرى: ج 2 / 150 بألفاظ مختلفة، فراجع