الصفحة 400
حكما.

فقال العدلي للجبري: هل من شئ غير الله وما خلق؟ قال الجبري: لا.

قال العدلي: فهل يعذب الكفار والعصاة على أنه خلقهم؟ قال الجبري:

لا.

قال: يعذبهم على أنه ما خلقهم؟ قال: لا.

قال: فعلام يعذبهم؟ قال: لمعصيتهم اياه.

قال العدلي: فقد جعلت هاهنا شئيا ثالثا، وأنت قلت: أنه ليس في الوجود شئ غير الله وما خلق، فهذا قولك: يعصي، من هو العاصي؟

فانقطع الجبري، وحكم الحاكم بينهما بانقطاع الجبري (1).

(930)
كاشف الغطاء مع أحمد أمين

سافر الى الاهواز للقاء العلماء العظام فيها، ونزلنا على السيد الجليل العالم الفاضل السيد محمد علي الجزائري الشوشتري إمام الجمعة في الاهواز دامت إفاضاته.

كنت يوم الخميس 15 / 10 / 1362 هـ ش الموافق ل 1 / 4 / 1404 هـ. ق حبيس البيت جالس اطالع في مكتبة السيد الجزائري - دامت افاضاته العالية - فإذا بكتاب جنة المأوى للعلامة الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء رحمه الله تعالى المطبوع في تبريز بتحقيق العلامة الشهيد السيد محمد علي القاضي الطباطبائي - رحمه الله تعالى - وفي مقدمته بقلم المحقق الشهيد - رضوان الله تعالى عليه - هذه الحكاية نقلا عن مجلة العرفان في المجلد 21 ج 3 / 308:

عند مجئ البعثة المصرية المؤلفة من الاستاذ أحمد أمين صاحب فجر الاسلام

____________

(1) الطرائف: ص 331.

الصفحة 401
وإخوانه الى النجف الاشرف ليلة 21 شهر رمضان من عام 1349 هـ ق وزيارته للامام المترجم له - يعني المرحوم كاشف الغطاء - في داره ومشاهدة مكتبة الامام في مدرسته العلمية، فكان لملاقاتهم له أثر بالغ في نفوسهم. وإليك ما دار بينهم من المناظرات والمسألة لتقف على المواهب العالية كيف يخص الله تعاللى بعض عباده بها؟

قال سماحته لاحمد أمين: من العسير أن يلم ما حول النجف وأوضاعها وهي تلك المدينة العلمية المهمة شخص لا يلبث فيها أكثر من سواد ليلة واحدة، فإني قد دخلت مصركم قبل عشرين سنة، ومكثت فيها مدة ثلاثة أشهر متجولا في بلدانها باحثا ومنقبا، ثم فارقتها وأنا لا أعرف من أوضاعها شيئا إلا قليلا ضمنته أبياتا أتذكر منها:

تبزغ شمس العلى ولكن * من افقها ذلك البزوغ
ومثلما تنبغ البرايا * كذا لبلدانها نبوغ
أكث شئ يروج فيها * اللهو والزهو والنزوغ

فضحكوا من كلمة النزوغ.

قال الاستاذ أحمد أمين مخاطبا الشيخ: قلتم هذا قبل عشرين سنة؟

قال: نعم وقبل أن ينبغ طه حسين ويبزغ سلامة موسى ويبزغ فجر الاسلام وقد ضمنته - مخطابا أحمد أمين - من التلفيقات عن مذهب الشيعة مالا يحسن بالباحث المؤرخ اتباعه.

أحمد أمين: ولكن ذنب الشيعة أنفسهم إذ لم يتصدوا الى نشر حقيقة مذهبهم في الكتب والصحف يطلع العالم عليه.

الشيخ: هذا كسابقة... فإن كتب الشيعة مطبوعة ومبذولة أكثر من أي كتب وأي مذهب آخر وبينها ما هو مطبوع في مصر وما هو مطبوع في سوريا عدا ما هو مطبوع في الهند وفارس والعراق وغيرها، هذا فضلا عما يلزم للمؤرخ من

الصفحة 402
طلب الاشياء من مصادرها.

أحمد أمين: حسنا سنجهد في أن نتدارك ما فات في الجزء الثاني.

أحمد أمين: هل يسمح لنا العلامة في بيان العلوم التي تقرأوها.

الشيخ: هي علوم النحو والصرف والمعاني والبيان والمنطق والحكمة والكلام واصول الفقه وغيرها.

أحمد أمين: ما هي كيفية التدريس عندكم؟ (1).

الشيخ: التدريس عندنا على قسمين:

1 - سطحي وهي أن يفتح التلميذ كتابا من كتب العلوم المتقدمة بين يدي استاذه فيقرأ له هذا عبارة الكتاب ويفهمها التلميذ، وقد يعلق عليها ويورد ويعترض ويشكل ويحل وغير ذلك مما يتعلق بها.

2 - خارج وذلك أن يحضر عدة تلاميذ بين يدي الاستاذ فيلقي عليهم الاستاذ محاضرة تخص العلم الذي اجتمعوا ليدرسوه، ويكون هذا غالبا في علوم الفقه والاصول والحكمة والكلام مع ملاحظة أن التلميذ بكلا القسمين يكون

____________

(1) الميزة في كيفية التدريس عندنا والتدريس في السنة الاوروبية:

1 - أن التلميذ مختار في انتخاب الاستاذ عندنا دون الاوروبية.

2 - أن الاستاذ مختار في قبول التلميذ عندنا دون الاوروبية.

3 - أن التلميذ يعتقد في الاستاذ طهارة دينية وخلقية عندنا دون....

4 - أن التلاميذ أحرار في إظهار ما عنده من المطالب والاشكال على الاستاذ دون... وبه يستيقظ فيهم روح التفكير وعدم التقليد والاعتناق بالبراهين.

5 - في الاسلوب عندنا يتباحث التلامذة ما ألقاه الاستاذ إليهم.

6 - في الاسلوب عندنا قد يتمايز الطلاب في مطالعة الدروس قبل الحضور عند الاستاذ وهذا جيد جدا.

7 - كل تلميذ يدرس في الكتب التى تدرس فيها كما أنه يأخذ الدرس عمن هو فوقه.

الصفحة 403
ذا حرية في إبداء آرائه واعتراضاته وغيرها.

أحمد أمين...

(931)
كثير و عبد الملك

أخرج ابن عساكر عن العتبي قال: كان عبد الملك بن مروان يحب النظر الى كثير عزة، فلما ورد عليه إذا هو حقير قصير تزدريه العين فقال عبد الملك:

تسمع بالمعيدي خير من أن تراه، فقال: مهلا يا أمير المؤمنين فإنما المرء بأصغريه وقلبه ولسانه، إن نطق ببيان، وإن قاتل قاتل بجنان وأنا الذي أقول:

وجربت الامور وجربتني * وقد أبدت عريكتي الامور
وما تخفى الرجال علي أني * بهم لاخو مثاقبة خبير
ترى الرجل النحيف فتزدريه * وفي أثوابه أسد زئير
ويعجبك الطرير فتبتليه * فيخلف ظنك الرجل الطرير
وما عظم الرجال لها بزين * ولكن زينهم كرم وخير
بغاث الطير أطولها جسوما * ولم تطل يتغن بالعظم البعير
فيركب ثم يضرب بالهراوي * فلا عرف لديه ولا نكير
يجرده الصبي بكل سهب * ويحسبه على الخف الجرير
وعود النزع ينبت مستمرا * وليس يطول والقصباء خور

فاعتذر إليه عبد الملك ورفع مجلسه (1).

* * *

____________

(1) روضات الجنات: ج 8 / 53.

الصفحة 404

(932)
العدلي مع الجبري

حدثني شيخي رحمه الله - يعني المفيد رضوان الله عليه -: أن متكلمين أحدهما عدلي والاخر جبري كانا كثيرا ما يتكلمان في هذه المسألة، فإن الجبري أتى إلى منزل العدلي فدق عليه الباب، فقال العدلي: من ذا؟

قال: أنا فلان. قال له العدلي: ادخل.

قال الجبري: افتح لي حتى أدخل.

قال العدلي: ادخل حتى أفتح لك.

فأنكر هذا عليه وقال: لا يصح دخولي حتى يتقدمه الفتح، فوافقه على قوله في القدرة والفعل وأعلمه بذك وجوب تقدمها عليه.

فانتقل المجبر عن مذهبه وصار الى الحق (1).

(933)
فروة بن عمرو مع قريش

لما بويع أبو بكر... وقام فروة بن عمرو الانصاري وكان يقود مع رسول الله صلى الله عليه وآله فرسين و... فنادي: يا معشر قريش أخبروني هل فيكم رجل تحل له الخلافة وفيه ما في علي؟

فقال قيس بن مخرمة الزهري: ليس فينا من فيه ما في علي.

فقال له: صدقت، فهل في علي عليه السلام ما ليس في أحد منكم؟

قال: نعم.

____________

(1) روضات الجنات: ج 6 / 168 عن كنز الفوائد.

الصفحة 405
قال: فا يصدكم عنه؟ قال: اجتماع الناس على أبي بكر.

قال: أما والله لئن أصبتم سنتكم لقد أخطأتم سنة نبيكم، ولو جعلتموها في أهل بيت نبيكم لاكلتم من فوقكم ومن تحت أرجلكم (1).

(934)
السيد ابن طاووس مع بعض الشيعة

سألني بعض من يذكر أنه معتقد لامامته - أي الامام المنتظر عجل الله تعالى فرجه الشريف - فقال:

قد عرضت لي شبهة في غيبته. فقلت: ما هي؟

قال: أما كان يمكن أن يلقى أحدا من شيعته ويزيل الخلاف عنهم في عقايد ويتعلق (2) بدين جده محمد صلى الله عليه وآله وشريعته؟ واشترط على أن لا اجيبه بالاجوبة المسطورة في الكتب، وذكر أنه ما زال الشبهة منه ما وقف عليه ولا ما سمعه من الاعذار المذكورة.

فقلت: أيهما أقدر على إزالة الخلاف بين العباد، وأيهما أعظم وأبلغ في الرحمة والعدل والارفاد، أليس الله جل جلاله؟ فقال: بلى.

فقلت له: ما منع الله جل جلاله أن يزيل الخلاف بين الامم أجمعين وهو أرحم الراحمين وأكرم الاكرمين، ووهو أقدر على تدبير ذلك بطرق لا يحيط بها علم الادمين؟ أفليس أن ذلك لعذر يقتضيه عدله وفضله على اليقين؟ فقال:

بلى.

فقلت له: فعذر نائبه عليه السلام هو عذره على التفصيل، لانه ما يفعل فعلا إلا ما يوافق رضاه على التمام.

(1) كشف المحجة: ص 177.

(2) هكذا في المصدر والظاهر: (في عقائدهم وما يتعلق).

الصفحة 406
فوافق وزالت الشبهة وعرف صدق، أورده الله - جل جلاله - على لساني من الكلام (1).

(935)
ابن طاووس مع رجل حنبلي

وحضرني يا ولدي محمد حفظك الله جل جلاله لصلاح آبائك وأطال في بقائك نقيبا (كذا)، وأتى رجلا حنبليا وقال: هذا صديقنا ويحب أن يكون على مذهبنا فحدثه، فقلت له:

ما تقول إذا حضرت القيامة وقال لك محمد صلى الله عليه وآله: لاي حال تركت كافة علماء الاسلام واخترت أحمد بن حنبل إماما من دونهم؟ هل معك آية من كتاب الله بذلك أو خبر عني بذلك؟ فإن كان المسلمون ما كانوا يعرفون الصحيح حتى جاء أحمد بن حنبل وصار إماما فعمن روى أحمد بن حنبل عقيدته وعلمه؟ وإن كانوا يعرفون الصحيح وهل أصل عقيدة أحمد بن حنبل، فهلا كان السلف قبله أئمة لك وله؟

فقال: هذا لا جواب لي عنه لمحمد صلى الله عليه وآله.

فقلت له: إذا كان لابد لك من عالم من الامة تقلده فالزم أهل بيت نبيك عليهم السلام، فإن أهل كل أحد عرف بعقيدته وأسراره من الاجانب، فتاب ورجع (2).

(936)
ابن طاووس مع حنبلي

وقلت لبعض الحنابلة:

____________

(1) كشف المحجة: ص 150 - 151.

(2) كشف المحجة: ص 81.

الصفحة 407
أيما أفضل: آباؤك وسلفك الذين كانوا قبل أحمد بن حنبل إلى عهد النبي صلى الله عليه وآله أو آباؤك وسلفك الذين كانوا بعد أحمد بن حنبل فإنه لابد أن يقول: إن سلفه المتقدمين على أحمد بن حنبل أفضل لاجل قربهم الى الصدر الأول ومن عهد النبي صلى الله عليه وآله.

فقلت: إذا كان سلفك الذين كانوا قبل أحمد بن حنبل أفضل فلأي حال عدلت عن عقائدهم وعوائدهم الى سلفك المتأخرين عن أحمد بن حنبل؟ وما كان الاوائل حنابلة، لأن أحمد بن حنبل ما كان قد ولد ولا كان مذكورا عندهم. فلزمته الحجة وانكشفت له المحجة والحمد لله رب العالمين (1).

(937)
ابن طاووس مع بعض الزيدية

وحضر عندي يا ولدي محمد - رعاك الله جل جلاله بعنايته الالهية - بعض الزيدية وقد قال لي: إن جماعة من الامامية يريدون مني الرجوع عن مذهبي بغير حجة، واريد أن تكشف لي عن حقيقة الامر بما يثبت في عقلي.

قلت له: أول ما أقول: إنني علوي حسني وحالي معلوم، ولو وجدت طريقا الى ثبوت عقيدة الزيدية كان ذلك نفعا ورياسة لي دينية ودنيوية، وأنا اكشف لك بوجه لطيف عن ضعف مذهبك بعض التكشف: هل يقبل عقل عاقل فاضل أن سلطان العالمين ينفذ رسولا أفضل من الاولين والاخرين الى الخلائق في المشارق والمغارب ويصدقه بالمعجزات القاهرة والايات الباهرة، ثم يعكس هذا الاهتمام الهائل والتدبير الكامل ويجعل عيار اعتماد الاسلام والمسلمين على ظن ضعيف يمكن ظهور فساده وبطلانه للعارفين؟

فقال: كيف هذا؟

____________

(1) كشف المحجة: ص 81.

الصفحة 408
فقلت: لانكم إذا بنيتم أمر الامامة أنتم ومن وافقكم أو وافقتموه على الاختيار من الامة للامام على ظاهر عدالته وشجاعته وأمانته وسيرته، وليس معكم في الاختيار له إلا غلبة الظن الذي يمكن أن يظهر خلافه لكل من عمل عليه كما جرى للملائكة وهم أفضل اختيارا من بني آدم لما عارضوا الله جل جلاله في أنه جعل آدم خليفة وقالوا: (أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك) فلما كشف لهم حال آدم عليه السلام رجعوا عن اختيارهم لعزل آدم وقالوا: (سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا)، وكما جرى لادم الاكل من الشجرة، وكما جرى لموسى عليه السلام في اختياره سبعين رجلا من خيار قومه للميقات ثم قال عنهم بعد ذلك: (أتهلكنا بما فعل السفهاء منا) حيث قالوا: (أرنا الله جهرة) وكما جرى ليعقوب عليه السلام في اختياره أولاده لحفظ ولده يوسف عليه السلام، وغيره من اختيار الانبياء والاوصياء والاولياء وظهر لهم بعد ذلك الاختيار ضعف تلك الاراء.

فإذا كان هؤلاء المعصومون قد دخل عليهم في اختيارهم ما قد شهد به القرآن والاجماع من المسلمين، فكيف يكون اختيار غيرهم ممن يعرف من نفسه أنه ما مارس أبدا خلافة ولا إمارة ولا رياسة حتى يعرف شروطها وتفصيل مباشرتها فيستصلح لها من يقوم لها وما معه إلا ظن ضعيف بصلاح ظاهر من يختاره؟ وهل يقبل عقل عاقل لها وما معه إلا ظن ضعيف بصلاح ظاهر من يختاره؟ وهل يقبل عقل عاقل وفاضل أن قوما ما يعرفون مباشرة ولا مكاشفة تفصيل ما يحتاج إليه من يختارونه فيكون اختيارهم لامر لا يعرفونه حجة على من حضر وعلى من لم يحضر؟

أما هذا من الغلط المستنكر؟ ومن أين للذين يختارون إمامهم معرفة بتدبير الجيوش والعساكر وتدبير البلاد وعمارة الارضين والاصلاح لاختلاف إرادات العالمين حتى يختاروا واحدا يقوم بما يجهلونه؟ إنا لله وإنا إليه راجعون

الصفحة 409
ممن قلدهم في ذلك أو يقلدونه.

ومما يقال لهم: إن هؤلاء الذين يختارون الامام للمسلمين من الذي يختارهم لهم (1) لتعيين الامام؟ ومن أي المذاهب يكونون؟ فإن مذاهب الذين يذهبون الى اختيار الامام مختلفة. وكم يكون مقدار ما بلغوا إليه من العلوم حتى يختاروا عندها الامام؟ وكم يكون عددهم؟ وهل يكونون من بلد واحد أو من بلاد متفرقة؟ وهل يحتاجون قبل اختيارهم للامام أن يسافروا إلى البلاد يستعلمون من فيها من يصلح للامامة؟ أو هل يحتاجون أن يراسلوا من بعد عنهم من البلاد ويعرفونهم أنهم يريدون اختيار الامام للمسلمين فإن كان في بلد غير بلدهم من يصلح أو يرجح ممن هو في بلادهم يعرفونهم أم يختارون من غير كشف لما في البلاد ومن غير مراسلة لعلماء بلاد الاسلام؟

فإن كان سؤال من هذه السؤالات يتعذر قيام الحجة على صحته وعلى لزومه لله جل جلاله ولزومه لرسوله صلى الله عليه وآله ولزومه لمن لا يكون مختارا لمن يختارونه من علماء الاسلام، أفلا ترى تعذر ما ادعوه من اختيار الامام؟

ولقد سمع مني بعض هذا الكلام - أي المناظرة المتقدمة - شخص من أهل العلم من علم الكلام، فقال: إن الناس ما زالوا يعملون في مصالحهم على الظنون.

فقلت له: هب أنهم يعملون في مصالحهم في نفوسهم بظنونهم فكيف تجاوزوا ذلك الى التحكم على تدبير الله جل جلاله في عباده وبلاده، والاقدام بظنونهم الضعيفة على هدم الاهتمام بثبوت أقدام النبوة الشريفة ونقل تدبيرها عن اليقين الشريف الى الظن الضعيف؟ ومن جعل لهم ولاية على كل من في

____________

(1) هكذا في المصدر والظاهر أن (لهم) زائد.

الصفحة 410
الدنيا والدين وما حضروا معهم في اختيار الامام ولا شاركوهم ولا أذنوا لهم من سائر بلاد الاسلام؟ ومن وليهم علي وأنا غافل بيد عنهم حتى يختاروا لي بظنهم الضعيف إماما ما وكلتهم فيه ولا أرضى أبدا بالاختيار منهم؟ فهل هذا إلا ظلم هائل وجور شامل من غير رضى من يدعي وكالته ونيابة من استنابه فيها من غير رضا من يدعي نيابته.

ثم قلت لهم: أنتم ما كنتم تتفكرون فساده في أول مرة لما اظهر العدل واجتمعتم عليه فلما تمكن منكم قتلكم واخذ اموالكم، وقد رأيتم ورأينا وسمعتم وسمعنا من اختيار الملوك والخلفاء والاطلاع على الغلط في الاختيار لهم وقتلهم وعزلهم وفساد تلك الاراء.

وقلت لهم: أنتم تعلمون أنه يمكن ان يكون عند وقت اختياركم لواحد من ولد فاطمة عليها السلام غير معصوم ولا منصوص عليه أن يكون في ذلك البلد وغيره من هو مثله أو أرجح منه ولا تعرفونه فكيف تبايعون رجلا وتقتلون أنفسكم بين يديه، ولعل غيره أرجح منه وأقوم بما تريدون؟

وقلت لهم: أنتم يا بني الحسن لعل ما منعكم من القول بإمامة ائمة بني الحسين إلا أنكم ولد الامام الاكبر، ولعلكم أبيتم أن تكونوا تبعا لولد الامام الاصغر، وما أراكم خلصتم من هذا العار لانكم قلدتم زيدا وهو حسني فنسبتم مذهبكم إليه وفي بني الحسن والحسين عليهما السلام من هو أفضل منه، قبله كان عبد الله بن الحسن وولداه والباقر والصادق عليهما السلام ما يقصرون عنه.

ثم إنكم ما وجدتم لهم فقها أو مذهبا يقوم بالشريعة فتممتم مذهبكم بمذهب أبي حنيفة، وأبو حنيفة من العوام والغلمان لجدكم ولكم، فإذا رضيتم إماما زيديا وهو حسني مرقع مذهبه بمذهب أبي حنيفة فانا أدلكم على الباقر والصادق وغيرهما عليهم السلام من بني الحسين عليهم السلام من غير مرقعين وعلومهم كافية في امور الدنيا والدين.


الصفحة 411
ثم قلت له: الناس يعرفون إنا كنا معشر بني هاشم رؤساء في الجاهلية والاسلام وما كنا أبدا تبعا ولا أذنابا للعوام، فلما بعث محمد صلى الله عليه وآله وشرفنا بنبوته وشريعته نصير تبعا لغلمانه وللعوام من امته، وتعجز عناية الله جل جلاله به أن يكون لنا رئيس منا؟! أي مصيبة حملتكم على ذلك، وفينا من لا يحسن أبو حنيفة يجلس بين يديه، ويحتاج أبو حنيفة وغيره من العلماء أن يقرأوا عليه.

وعرف الزيدي الحق ورجع عن مذهبه اختصرت في المقال (1).

(938)
ابن طاووس وفقيه من المستنصرية

واعلم يا ولدي أني كنت في حضرت مولانا الكاظم عليه السلام والجواد عليه السلام، فحضر فقيه من المستنصرية كان يتردد علي قبل ذلك اليوم، فلما رأيت وقت حضوره يحتمل المعارضة له في مذهبه قلت له:

يا فلان ما تقول لو أن فرسا لك ضاعت منك وتوصلت في ردها إلي أو فرسا لي ضاعت مني وتوصلت في ردها إليك أما كان ذلك حسنا أو واجبا؟

فقال: بلى.

فقلت له: قد ضاع الهدى إما مني وإما منك، والمصلحة أن ننصف من أنفسنا وننظر ممن ضاع الهدى فنرده عليه؟ فقال: نعم.

فقلت له: لا أحتج بما ينقله أصحابي، لانهم متهمون عندك، ولا نحتج بما ينقله أصحابك، لانهم متهمون عندي أو على عقيدتي، ولكن نحتج بالقرآن أو بالمجمع عليه من أصحابي وأصحابك أو بما رواه أصحابي لك وبما رواه أصحابك لي. فقال: هذا انصاف.

____________

(1) كشف المحجة: 82 - 86.

الصفحة 412
فقلت له: ما تقول فيما رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما؟ فقال: حق بغير شك.

فقلت: فهل تعرف أن مسلما روى في صحيحه عن زيد بن أرقم أنه قال ما معناه: أن النبي - صلى الله عليه وآله - خطبنا في (خم) فقال: (أيها الناس إني بشر يوشك أن ادعى فاجيب، وإني مخلف فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي اذكركم الله في أهل بيتي). فقال: هذا صحيح.

فقلت: وتعرف أن مسلما روى في صحيحه في مسند عائشة: أنها روت عن النبي صلى الله عليه وآله أنه لما نزت آية (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) جمع عليا وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام فقال: هؤلاء أهل بيتي؟ فقال: نعم هذا صحيح.

فقلت له: تعرف أن البخاري ومسلما رويا في صحيحهما: أن الانصار اجتمعت في سقيفة بني ساعدة ليبايعوا سعد بن عبادة وأنهم ما نفذوا إلى أبي بكر لا وعمر (1) ولا الى أحد من المهاجرين حتى جاء أبو بكر: قد رضيت لكم أحد هذين الرجلين يعني عمرو أبا عبيدة، فقال عمر: ما أتقدم عليك، فبايعه عمر وبايعه من بايعه من الانصار، وأن عليا عليه السلام وبني هاشم امتنعوا من المبايعة ستة أشهر، وأن البخاري ومسلما قالا فيما جمعه الحميدي من صحيحيهما:

وكان لعلي - عليه السلام - وجه بين الناس في حياة فاطمة - عليها السلام - فلما ماتت فاطمة - عليها السلام - بعد ستة أشهر من وفاة النبي - صلى الله عليه وآله - انصرفت وجوه الناس عن علي - عليه السلام - فلم رأى علي انصراف وجوه الناس عنه خرج الى مصالحة أبي بكر؟ فقال: هذا صحيح.

____________

(1) هكذا في المصدر والصحيح: (ولا عمر).

الصفحة 413
فقلت له: ما تقول في بيعة تخلف عنها أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله الذين قال عنهم أنهم الخلف من بعده وكتاب الله جل جلاله، وقال صلى الله عليه وآله فيهم: اذكركم الله في أهل بيتي، وقال عنهم: انهم الذين نزلت فيهم آية الطهارة، وأنهم ما تأخروا مدة يسيرة حتى يقال: انهم تأخروا لبعض الاشتغال، وإنما كان التأخر للطعن في خلافة أبي بكر بغير اشكال في مدة ستة أشهر، ولو كان الانسان تأخر عن غضب يرد غضبه أو عن شبهة زالت شبهته بدون هذه المدة، وأنه ما صالح أبا بكر على مقتضى حديث البخاري ومسلم إلا لما ماتت فاطمة عليها السلام ورأى انصراف وجوه الناس عنه، خرج عند ذلك إلى المصالحة، وهذه صورة حال تدل على أنه ما بايع مختارا، وأن البخاري ومسلما رويا في هذا الحديث أنه ما بايع أحد من بني هاشم حتى بايع علي عليه السلام. فقال: ما اقدم على الطعن في شئ قد عمله السلف والصحابة.

فقلت له: فهذا القرآن يشهد بأنهم عملوا في حياة النبي صلى الله عليه وآله وهو يرجى ويخاف والوجى ينزل عليهم باسرارهم في حال الخوف وفي حال الامن وحال الصحة والايثار عليه ما لا يقدروا أن يجحدوا الطعن عليهم به، وإذا جاز منهم مخالفته في حياته وهو يرجى ويخاف فقد صاروا أقرب الى مخالفته بعد وفاته وقد انقطع الرجاء والخوف منه وزال الوحي عنه. فقال: في أي موضع من القرآن؟

فقلت: قال الله جل جلاله في مخالفتهم في الخوف: (ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلن تغن عنكم شيئا وضاقت عليكم الارض بما رحبت ثم وليتم مدبرين) فروى أصحاب التواريخ أنه لم يبق معه إلا ثمانية أنفس: علي عليه السلام والعباس والفضل بن العباس وربيعة وأبو سفيان ابنا الحارث بن عبد المطلب واسامة بن زيد وعبيدة بن ام أيمن وروي: أيمن بن ام أيمن.


الصفحة 414
وقال الله جل جلاله في مخالفتهم له في الامن: (وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضلوا إليها تركوك قائما قل ما عند الله خير من اللهو ومن التجارة والله خير الرازقين)، فذكر جماعة من المؤرخين أنه كان يخطب يوم الجمعة فبلغهم أن جمالا جاءت لبعض الصحابة مزينة فسارعوا الى مشاهدتها وتركوه قائما، وما كان عند الجمال شئ يرجون الانتفاع به فما ظنك بهم إذا حصلت خلافة يرجون نفعها ورياستها؟! وقال الله تعالى في سوء صحبتهم ما قال الله جل جلاله: (ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الامر).

ولو كانوا معذورين في سوء صحبتهم ما قال الله جل جلاله: (فاعف عنهم واستغفر لهم) وقد عرفت في صحيحي مسلم والبخار معارضتهم للنبي صلى الله عليه وآله في غنيمة هوازن لما أعطى المؤلفة قلوبهم أكثر منهم، ومعارضتهم له لما عفا عن أهل مكة وتركه تغيير الكعبة وإعادتها الى ما كانت زمن ابراهيم عليه السلام خوفا من معارضتهم له، ومعارضتهم له لما خطب في تنزيه صفوان بن المعطل لما قذف عائشة وأنه ما قدر أن يتم الخطبة، أتعرف هذا جميعه في صحيحي مسلم والبخاري؟

فقال: هذا صحيح.

فقلت: وقال الله جل جلاله في إيثارهم عليه القليل من الدنيا: (يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة) وقد عرفت أنهم امتنعوا من مناجاته ومحادثته لاجل التصدق برغيف وما دونه حتى تصدق علي ابن أبي طالب عليه السلام بعشرة دراهم عن عشر دفعات ناجاه فيها، ثم نسخت الاية بعد أن صارت عارا عليهم وفضيحة الى يوم القيامة بقوله - جل جلاله -: (أاشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقات فإذ لم تفعلو وتاب الله عليكم).


الصفحة 415
فإذا حضرت يوم القيامة بين يدي الله جل جلاله وبين يدي رسوله صلى الله عليه وآله وقالا للك: كيف جاز لك أن تقلد قوما في عملهم وفعلهم وقد عرفت منهم مثل هذه الامور الهائلة؟ فأي عذر وأي حجة تبقى لك عند الله وعند رسوله في تقليدهم؟

فبهت وحار حيرة عظيمة.

فقلت له: أما تعرف في صحيحي البخاري ومسلم في مسند جابر بن سمرة وغيره: أن النبي صلى الله عليه وآله قال في عدة أحاديث: (لا يزال هذا الدين عزيزا ما ولاهم اثنا عشر خليفة كلهم من قريش) وفي بعض احاديثه عليه وآله السلام من الصحيحين: (لا يزال أمر الناس ماضيا ما ولاهم اثنا عشر خليفة كلهم من قريش) وامثال هذه الالفاظ كلها تتضمن هذا العدد الاثني عشر فهل تعرف في الاسلام فرقة تعتقد هذا العدد غير الامامية الاثني عشرية، فإن كانت هذه الاحاديث صحيحة كما شرطت على نفسك في تصحيح ما نقله البخاري ومسل فهذه مصححة لعقيدة الامامية وشاهدة بصدق ما رواه سلفهم، وإن كنت كذبا بلاي حال رويتموها في صحاحكم؟

فقال: ما أصنع بما رواه البخاري ومسلم من تذكية أبي بكر وعمر وعثمان وتزكية من تابعهم؟

فقلت له: أنت تعرف أني شرطت عليك أن لا تحتج علي بما ينفرده به أصحابك، وأنت أعرف أن الانسان ولو كان من أعظم أهل العدالة وشهد لنفسه بدرهم وما دونه ما قبلت شهادته، ولو شهد في الحال على أعظم أهل العدالة بمهما شهد من الامور مما يقبل فيه شهادة أمثاله قبلت شهادته.

والخباري ومسلم يعتقدان إمامة هؤلاء القوم، فشهادتهم لهم شهادة بعقيدة نفوسهم ونصرة لرياستهم ومنزلتهم.


الصفحة 416
فقال: والله ما بيني وبين الحق عداوة، ما هذا إلا واضح لا شبهة فيه، وأنا أتوب إلى الله تعالى بما (1) كنت عليه من الاعتقاد.

فلما فرغ من شروط التوبة إذا رجل من ورائي قد أكب على يدي يقبلها ويبكي. فقلت: من أنت؟

فقال: ما عليك اسمي، فاجتهدت به حتى قلت له: فأنت الان صديق أو صاحب حق، فكيف يحسن لي أن لا أعرف صديقي وصاحب حق علي لاكافيه، فامتنع من تعريفي اسمه، فسألت الفقيه الذي من المستنصرية، فقال: هذا فلان بن فلان من فقهاء النظامية، سهوت عن اسمه الان (2).

(939)
ابن طاووس والفاضل المتعلم

وقد كان لنا صديق فاضل من المتعلمين بعلم الكلام - رحمه الله ورضي عنه - يحضر عندنا ونحدثه ونعرفه أن طرق المعرفة بالله جل جلاله بحسب معلوماته ومقدوراته على الانام، ولا ينحصر عددها بالافهام.

فتعجب لاجل ما قد ألفه من أن معرفة الله جل جلاله لا طريق إليها إلا بنظر العبد.

فقلت له يوما: ما تقول في عيسى بن مريم عليه السلام لما قال في المهد:

(إني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبيا) كانت معرفته بالله جل جلاله في مهده بنظره؟ فتحير وعجز عن الجواب.

وقلت له يوما: ما تقول في الناظر في معرفة الله جل جلاله، أما أن يكون في أول نظره شاكا في الله عزوجل؟ قال: بلى.

____________

(1) هكذا في المصدر والظاهر أنه (مما).

(2) كشف المحجة: ص 75 - 80.

الصفحة 417
قلت: أفتقول: ان النبي محمدا صلى الله عليه وآله ووصيه عليا عليه السلام مضى عليهما زمان شك في الله جل جلاله؟ فقال: غلبتني، ما أقدر أقول هذا وهو خلاف المعلوم من حالهما.

فقلت له: وأقول زيادة: هب أنك توقفت عن موافقتي لاجل اتباع عادتك أما تعلم أن العقل الذي هو النور الكاشف عن المعارف ما هو من كسبك ولا من قدرتك، وأن الاثار التي تنظر إليها ما هي من نظرتك، وأن العين التي تنظر بها ما هي من خلقتك، وأن البقاء الذي تسعى فيه لنظرك، وكل ما أعانك على نظرك ما هو من تدبيرك، ولا من مقدورك وأنه من الله جل شأنه؟

قال: بلى، ثم قال: ولكن متى؟ قلت: إن المعرفة بالله جل جلاله لا تكون بنظر العبد ما يبقى له عليها ثواب.

فقلت: وإذا كانت المعرفة بالله جل جلاله بنظر العبد فيلزم أيضا أنه لا ثواب عليها. فاستعظم ذلك، وقال: كيف؟

فقلت له ما معناه: لانك قبل أن تعرفه، وشرعت تنظر في المعرفة بنظرك في الجواهر والاجسام والاعراض، ما تدري نظرك هل يفضي الى الاقبال على تصديق المعرفة أو الادبار عنها والاعراض؟ فلا تكون قاصدا بنظرك التقرب الى الله جل جلاله لانك ما تعرفه، وإنما تعرفه على قولك في آخر جزء من أجزاء نظرك، وقد فات نظرك كله بغير معرفة وغير ثواب.

فانقطع عن الجواب (1).

(940)
ابن طاووس وبعض أهل الخلاف

ولقد جمعني وبعض أهل الخلاف مجلس منفرد فقلت لهم: ما الذي تأخذون على الامامية عرفوني به بيغر تقية لاذكر ما عندي، وفيه غلقنا باب

____________

(1) كشف المحجة: ص 13 - 14.

الصفحة 418
الموضع الذي كنا ساكنيه.

فقالوا: نأخذ تعرضهم بالصحابة، ونأخذ عليهم القول بالرجعة والقول بالمتعة، ونأخذ عليهم حديث المهدي وأنه حي مع تطاول زمان غيبته.

فقلت لهم: أما ما ذكرتم من تعرض من أشترتم إليه بذم بعض الصحابة فأنتم تعلمون أن كثيرا من الصحابة استحل بعضهم دماء بعض في حرب طلحة والزبير وعائشة لمولانا علي عليه السلام وفي حرب معاوية له أيضا، واستباحوا أعراض بعضهم لبعض حتى لعن بعضهم بعضا على منابر الاسلام، فاولئك هم الذين طرقوا سبيل الناس للطعن عليهم، وبهم اقتدى من ذمهم ونسب القبيح إليهم، فإن كان لهم عذر في الذي عملوه من استحلال الدماء وإباحة الاعراض، فالذين اقتدوا بهم أعذر وأبعد من أن تنسبوهم الى سوء التعصب والاعراض. فوافقوا على ذلك.

وقلت لهم: وأما حديث ما أخذتم عليه من القول بالرجعة فأنتم ترون أن النبي صلى الله عليه وآله قال: إنه يجري في امته ما جرى في الامم السابقة وهذا القرآن يتضمن: (ألم تر الى الذين خرجوا من ديارهم وهم الوف حذر الموت فقال لهم الله موتوا ثم أحياهم) فشهد جل جلاله أنه قد أحيا الموتي في الدنيا وهي رجعة، فينبغي أن يكون في هذه الامة مثل ذلك. فوافقوا على ذلك.

فقلت لهم: وأما أخذكم عليهم القول بالمتعة فأنتم أحوجتم الشيعة الى صحة الحكم بها، لانكم رويتم في صحاحكم عن جابر بن عبد الله الانصاري وعبد الله بن عباس وعبد الله بن مسعود وسلمة بن الاكوع وعمران بن الحصين وأنس بن مالك، وهم من أعيان الصحابة: أن النبي صلى الله عليه وآله مات ولم يحرمها، فلما رأت الشيعة أن رجالكم وصحاح كتبكم قد صدقت رجالهم ورواتهم أخذوا بالمجمع عليه وتركوا ما انفردتم به. فوافقوا على ذلك.

وقلت لهم: وأما ما أخذتم عليهم من طول غيبة المهدي عليه السلام فأنتم