في رحلتي إلى القاهرة عام 1395 هـ المصادف 1975 م وفي إحدى ليال شهر رمضان المبارك كنت عند الأخ السيد طالب الرفاعي وكان عنده جماعة وجلست إلى جنب الأستاذ المهندس محمد عزت مهدي (1) وكان قد بلغه مجئ إلى مصر والقاهرة وسمع عني ولم يصادف أن يجتمع بي قبل هذا اليوم فرحب بي كثيرا وقال:
قرأت كتابك " مع رجال الفكر في القاهرة " وهو كتاب قيم وقد حصلت على نسخة منه، وقصدت منزله بعد أيام وجرى هناك الحديث عن الأستاذ عز الدين أبو العزائم وأثنى عليه الأستاذ المهندس كثيرا وقال:
إنه يوالي أهل بيت الرسول (عليهم السلام) ويكبرهم.
وبعد أيام هيأ لي الأستاذ المهندس الاجتماع به في مساء الاثنين 13 أكتوبر المصادف 15 شوال عام 1395 هـ وعند أول لقاء به في داره العامرة استقبلنا وحيانا ورحب بنا كثيرا وبعد تبادل التحيات سألني سيادته عن الإمام " الثاني عشر " المهدي المنتظر وقال:
ما هو السر في غيبته وما الفائدة لوجوده؟!
قلت: الإمام المهدي الثاني عشر من خلفاء الرسول وعترته صلوات الله وسلامه عليهم فقد قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) خلفائي بعدي اثنا عشر (2)،
____________
(1) مدير عام شركة القاهرة للمقاولات العامة ورئيس جميعة أهل البيت (عليهم السلام) في القاهرة.
(2) سيأتي ذكر خلفائي بعدي ضمن محاورتنا مع الأستاذ عبد الرحيم أحمد العرابي برقم 30 ونقدم إلى القارئ الكريم ما يلي:
قال القندوزي البلخي الحنفي:
قال بعض المحققين: إن الأحاديث الدالة على كون الخلفاء بعده (صلى الله عليه وآله وسلم) اثنا عشر قد اشتهرت من طرق كثيرة، فبشرح الزمان، وتعريف الكون والمكان علم أن مراد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من حديثه هذا الأئمة الاثنا عشر من أهل بيته وعترته إذ لا يمكن أن يحمل هذا الحديث على الخلفاء بعده من أصحابه لقلتهم عن اثنا عشر ولا يمكن أن نحمله على الملوك الأموية لزيادتهم على اثنا عشر ولظلمهم الفاحش، إلا عمر بن عبد العزيز، ولكونهم غير بني هاشم، لأن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال كلهم من بني هاشم.
وفي رواية عبد الملك عن جابر، وإخفاء صوته (صلى الله عليه وآله وسلم) في هذا القول يرجح هذه الرواية، لأنهم لا يحسنون خلافة بني هاشم.
ولا يمكن أن نحمله على الملوك العباسية لزيادتهم على العدد المذكور ولقلة رعايتهم الآية * (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) * سورة الشورى الآية 23.
وحديث الكساء، فلا بد من أن يحمل هذا الحديث على الأئمة الاثني عشر من أهل بيته وعترته (عليهم السلام)، لأنهم كانوا أعلم أهل زمانهم وأجلهم وأورعهم، وأتقاهم وأعلاهم نسبا، وأفضلهم حسبا، وأكرمهم عند الله، وكانت علومهم عن آبائهم متصلة بجدهم (صلى الله عليه وآله وسلم) بالوراثة الدينية، كذا عرفهم أهل العلم والتحقيق وأهل الكشف والتوفيق.
ويؤيد هذا المعنى: أي أن مراد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) الأئمة الاثنا عشر من أهل بيته، ويشهد ويرجحه حديث الثقلين، والأحاديث المتكررة المذكورة في هذا الكتاب وغيرها.
ينابيع المودة 2 / 446 طبعة الآستانة.
ذكر يحيى بن الحسن في كتاب " العمدة " من عشرين طريقا في أن الخلفاء بعد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) اثنا عشر خليفة كلهم من قريش، في " البخاري " من ثلاثة طرق، وفي " مسلم " من تسعة طرق، وفي " أبي داود " من ثلاثة طرق، وفي " الترمذي " من طريق واحد، وفي " الحميدي " من ثلاثة طرق.
القندوزي في ينابيع المودة ص 444.
وأما قوله (صلى الله عليه وآله وسلم): كلهم تجتمع عليه الأمة في رواية جابر بن سمرة فمراده (صلى الله عليه وآله وسلم) أن الأمة على الإقرار بإمامة كلهم وقت ظهور قائمهم المهدي. ينابيع المودة 2 / 446 طبعة الآستانة وفي المناقب عن واثلة بن الأصقع بن قرخاب عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال:
دخل جندل بن جنادة بن جبير اليهودي على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) " وسأل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عن مسائل فأجابه (صلى الله عليه وآله وسلم) عليها فأسلم على يديه (صلى الله عليه وآله وسلم) " ثم قال:
أخبرني يا رسول الله عن أوصيائك من بعدك لأتمسك بهم.
قال: أوصيائي الاثنا عشر، قال جندل: هكذا وجدناهم في التوراة.
وقال: يا رسول الله سمهم لي. فقال:
أولهم سيد الأوصياء أبو الأئمة علي ثم ابناه الحسن والحسين فاستمسك بهم، ولا يغرنك جهل الجاهلين، فإذا ولد علي بن الحسين زين العابدين يقضي الله عليه، وعليك وآخر زادك من الدنيا شربة لبن تشربه. فقال جندل:
وجدنا في التوراة وفي كتب الأنبياء (عليهم السلام) إيليا وشبرا وشبيرا، فهذه اسم علي والحسن والحسين.
فمن بعد الحسين؟ وما أساميهم؟ قال: إذا انقضت مدة الحسين فالإمام ابنه علي، ويلقب بزين العابدين، فبعده ابنه محمد يلقب بالباقر، فبعده ابنه جعفر يدعى بالصادق، فبعده موسى يدعى بالكاظم، فبعده ابنه علي يدعى بالرضا، فبعده ابنه محمد يدعى بالتقي والزكي، فبعده ابنه علي يدعى بالنقي والهادي، فبعده ابنه الحسن يدعى بالعسكري، فبعده ابنه محمد يدعى بالمهدي، والقائم والحجة، فيغيب ثم يخرج، فإذا خرج يملأ الأرض قسطا وعدلا، كما ملئت جورا وظلما، فطوبى للصابرين في غيبته، طوبى للمقيمين على محبتهم.
أولئك الذين وصفهم الله في كتابه وقال: * (هدى للمتقين الذين يؤمنون بالغيب) *.
ثم قال تعالى: * (أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون) * المجادلة: 22.
فقال جندل: الحمد لله الذي وفقني بمعرفتهم.
ثم عاش إلى أن كانت ولادة علي بن الحسين، فخرج إلى الطايف ومرض، وشرب لبنا وقال:
أخبرني رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يكون آخر زادي من الدنيا شربة لبن، ومات ودفن بالطائف بالموضع المعروف بالكوزارة.
ينابيع المودة 2 / 442. طبعة الآستانة.
أخرج القندوزي في الباب السادس والسبعين في بيان الأئمة الاثنا عشر بأسمائهم:
عن فرائد السمطين بسنده عن مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قدم يهودي يقال له نعثل فقال: يا محمد، أسألك عن أشياء تلجلج في صدري منذ حين، فإن أجبتني عنها أسلمت على يديك.
قال: سل يا أبا عمارة:
فقال: يا محمد صف لي ربك فقال (صلى الله عليه وآله وسلم) لا يوصف إلا بما وصف نفسه - إلى أن قال - صدقت فأخبرني عن وصيك من هو؟ فما من نبي إلا وله وصي، وإن نبينا موسى بن عمران أوصى يوشع بن نون. فقال:
إن وصيي علي بن أبي طالب، وبعده سبطاي الحسن والحسين، تتلوه تسعة أئمة من صلب الحسين. قال: يا محمد فسمهم لي " قال: إذا مضى الحسين فابنه علي، فإذا مضى علي فابنه محمد، فإذا مضى محمد فابنه جعفر، فإذا مضى جعفر فابنه موسى، فإذا مضى موسى فابنه علي فإذا مضى علي فابنه محمد فإذا مضى محمد فابنه علي علي فإذا مضى فابنه الحسن، فإذا مضى الحسن فابنه الحجة محمد المهدي، فهؤلاء: اثنا عشر.
قال: أخبرني كيفية موت علي والحسن والحسين.
قال (صلى الله عليه وآله وسلم): يقتل علي بضربة على قرنه، والحسن يقتل بالسم، والحسين بالذبح.
قال: فأين مكانهم؟ قال: في الجنة في درجتي.
قال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأنك رسول الله، وأشهد أنهم الأوصياء بعدك.
ولقد وجدت في كتب الأنبياء المتقدمة، وفيما عده إلينا موسى بن عمران (عليه السلام)، أنه إذا كان آخر الزمان يخرج نبي يقال له: أحمد ومحمد، وهو خاتم الأنبياء لا نبي بعده، فيكون أوصياؤه بعده اثنا عشر، أولهم: ابن عمه وختنه، والثاني والثالث كانا أخوين من ولده، ويقتل أمة النبي الأول بالسيف والثاني بالسم، والثالث مع جماعة من أهل بيته بالسيف، وبالعطش، في موضع الغربة، فهو كولد الغنم، يذبح ويصبر على القتل، لرفع درجاته، ودرجات أهل بيته وذريته، ولإخراج محبيه وأتباعه من النار. وتسعة الأوصياء منهم من أولاد الثالث فهؤلاء الاثنا عشر عدد الأسباط.
قال (صلى الله عليه وآله وسلم): أتعرف الأسباط؟ قال: نعم إنهم كانوا اثنا عشر أولهم لاوي بن برخيا، وهو الذي غاب عن بني إسرائيل غيبة ثم عاد فأظهر الله به شريعته بعد اندراسها، وقاتل قرسطيا الملك حتى قتل الملك.
قال (صلى الله عليه وآله وسلم): كائن في أمتي ما كان في بني إسرائيل، حذو النعل بالنعل، والقذة بالقذة.
وإن الثاني عشر من ولدي يغيب حتى لا يرى، ويأتي على أمتي بزمن لا يبقى من الإسلام إلا اسمه، ولا يبقى من القرآن إلا رسمه، فحينئذ يأذن الله تبارك وتعالى له بالخروج فيظهر الله الإسلام به ويجدده، طوبى لمن أحبهم وتبعهم، والويل لمن أبغضهم وخالفهم، وطوبى لمن تمسك بهداهم.
فأنشأ نعثل شعرا:
ينابيع المودة ص 442.
وقال الدكتور عبد الهادي الفضلي:
حديث الاثني عشر: ونصه - كما في رواية البخاري في الصحيح 4 / كتاب الأحكام:
عن جابر بن سمرة أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: (يكون بعدي اثنا عشر أميرا) فقال كلمة لم أسمعها.
فقال أبي: إنه قال: (كلهم من قريش).
وأشير إلى مضمون هذا الحديث في سفر يوحنا اللاهوتي من الكتاب المقدس: الإصحاح الثاني عشر بقوله:
وظهرت آية عظيمة في السماء امرأة متسربلة بالشمس والقمر تحت رجليهما وعلى رأسها الكيل من اثني عشر كوكبا... ولدت ابنا ذكرا عتيدا أن يرعى جميع الأمم بعصى من حديد ".
وعلق عليه الأستاذ سعيد أيوب في كتابه: " المسيح الدجال: قراءة سياسية في أصول الديانات الكبرى) ط 1 نشر دار الإعتصام بمصر 409 هـ 1989 م علق عليه بالتالي:
في ص 77 " قالوا في التفسير (إنما امرأة فاضلة... وقور ويأتي النسل من هذه المرأة) *.
ومكانة أولاد فاطمة رضي الله عنها من قلب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) معروفة * * وأهل الكتاب عندنا وضعوا الصفات التي ترمز إلى الاسم كون هذا الوضع مشكلة من:
هي أن صفحاتهم لم تفصح صدرها للأسماء العربية، لكنها امتلأت بالأسماء التي كانت تحتويها البيئات التي عاش فيها اليهود، وشاءت حكمة الله أن تضع أقلامهم صفات النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) التي تعتبر بحق علما عليه ".
وفي ص 90: " ثم يقول الرأي عن القيادات التي ستخرج من هذه العاصمة (يحرسها اثنا عشر ملاكا، ويقوم سور المدينة على اثني عشر دعامة كتبت عليها أسماء رسل الحمل الاثني عشر).
وعن البراء: أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أبصر حسنا وحسينا فقال: اللهم إني أحبهما فأحبهما رواه الترمذي بسند صحيح. (التاج الجامع للأصول 3 / 356).
والجدير بالذكر أن أبناء الحسن والحسين - رضي الله عنهم - اشتغلوا بالعلم. وذكرت تفاسير أهل الكتاب أن نسل المرأة الوقور سيواجه المخاطر، وحدث هذا فعلا. ولا حول ولا قوة إلا بالله.
قلت: هذه القيادات جاء ذكرها في حديث النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): (لا يزال هذا الدين، عزيزا ينصرون على من ناواهم عليهم اثنا عشر خليفة كلهم من قريش).
وفي حديث، (اثنا عشر عدة نقباء بني إسرائيل) كما في سفر الرؤيا فإنه ربط عدد نقباء المدينة الجديدة بعدد نقباء بني إسرائيل، ومن هؤلاء سيكون - المهدي المنتظر كما ذكر ابن كثير في تفسير سورة النور وقال: وفيهم المهدي الذي اسمه يطابق اسم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وقال: إن في الحديث دلالة على أنه لا بد من وجود اثني عشر خليفة ". مفاده:
يقول أستاذنا السيد محمد تقي الحكيم " والذي يستفاد من هذه الروايات:
____________
(*) يوم الدين / ستينفس: ص 87 و 106، تفسير الرؤيا / حنا ص 272، جين واكسون - آخر ساعة العدد الصادر في 26 / 9 / 1984 م.
(**) روى ابن عمر أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: " إن الحسن والحسين هما ريحانتاي من الدنيا " رواه البخاري، والترمذي (التاج الجامع للأصول: 1 / 356).
1 - أن عدد الأمراء، أو الخلفاء لا يتجاوزون الاثني عشر وكلهم من قريش.
2 - وأن هؤلاء الأمراء معينون بالنص، كما هو مقتضى تشبيههم بنقباء بني إسرائيل لقوله تعالى: * (ولقد أخذنا ميثاق بني إسرائيل وبعثنا فيهم اثني عشر نقيبا) *.
3 - أن هذه الروايات افترضت لهم البقاء ما بقي الدين الإسلامي أو حتى تقوم الساعة، كما هو مقتضى رواية مسلم: (إن هذا الأمر لا ينقضي حتى يمضي فيهم اثنا عشر خليفة).
وأصرح من ذلك روايته الأخرى في نفس الباب (لا يزال هذا الأمر في قريش ما بقي من الناس اثنان).
وإذا صحت هذه الاستفادة فهي لا تلتئم إلا مع مبنى الإمامية في عدد الأئمة وبقائهم وكونهم من المنصوص عليهم من قبله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وهي منسجمة جدا مع حديث الثقلين وبقائها حتى يردا عليه الحوض.
وصحة هذه الاستفادة موقوفة على أن يكون المراد من بقاء الأمر فيهم بقاء الإمامة والخلافة - بالاستحقاق - لا السلطة الظاهرية.
لأن الخليفة الشرعي خليفة يستمد سلطته من الله، وهي في حدود السلطة التشريعية لا التكوينية، لأن هذا النوع من السلطة هو الذي تقتضيه وظيفته كمشرع، ولا ينافي ذلك ذهاب السلطنة فهم في واقعها الخارجي لتسلط الآخرين عليهم...
ومن الجدير بالذكر أن هذه الروايات كانت مأثورة في بعض الصحاح، والمسانيد قبل أن يكتمل عدد الأئمة فلا يحتمل أن تكون من الموضوعات بعد اكتمال العدد المذكور، على أن جميع رواتها من أهل السنة ومن الموثوقين لديهم.
ولعل حيرة كثير من العلماء في توجيه هذه الأحاديث وملائمتها للواقع التاريخي كان منشؤها عدم تمكنهم من تكذيبها، ومن هنا تضاربت الأقوال في توجيهها وبيان المراد منها..
والحقيقة أن هذه الأحاديث لا تقبل توجيهها إلا على مذهب الإمامية في أئمتهم واعتبارها من دلائل النبوة في صدقها عن الأخبار بالمغيبات أولى من محاولة إثارة الشكوك حولها كما صنفه بعض الباحثين متخطيها في ذلك جمع الاعتبارات العلمية، وبخاصة بعد أن ثبت صدقها بانطباقها على الأئمة الاثني عشرية.
الأصول العامة للفقه المقارن. وانظر: خلاصة الكلام: 33 - 311. حديث باب حطة ونصه:
كما في رواية الصواعق المحرقة ص 150: " إنما مثل أهل بيتي فيكم مثل باب حطة في بني إسرائيل، من دخله غفر له. وفي رواية: غفر له الذنوب ".
وتخلص من كل ما تقدم إلى التالي:
1 - إن هذه الأدلة، وهي ما بين متواتر، ومستفيض، أقرنته دلائل القطع بصدوره عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وعشرات أخرى أمثالها، صريحة في شرعية مذهب أهل البيت، ومشروعية أتباعه.
بل هي صريحة في وجوب اتباعهم، ولزوم الالتزام بهديهم.
2 - إن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) نص على إمامة علي (عليه السلام) في حديث الغدير وفي هذه الأحاديث المتقدمة، وفي عشرات أمثالها.
ثم امتدت الإمامة منه إلى أبنائه الأحد عشر بوصية السابق على اللاحق.
3 - ولأنا رأينا أن مذهب أهل البيت هو التفرع الأصيل لمدرسة النبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) يأتي هذا أيضا في حق مذهب الإمامية لأنه التجسيد الحقيقي لمذهب أهل البيت.
قال الشيخ محمد المنتصر الكناني في كتابه: (معجم فقه السلف: عترة، وصحابة وتابعين نشر المركز العالمي للتعليم الإسلامي بجامعة أم القرى - مكة المكرمة) ج 1 ص 5:
" والظفر بفقه العترة ظفر بالعلم والهدى والأمان من الضلال، وبكتاب الله مقترنا بالهداية والأمان حتى دخول الجنة ".
وقال السيد محمد بن يوسف الحسيني التونسي المالكي، الشهير بالكافي، في كتاب:
(السيف اليماني المسلول ص 169 طبعة الترقي بدمشق):
روى أبو بكر محمد بن مؤمن الشيرازي في كتابه المستخرج من التفسير الاثني عشر في إتمام الحديث المتقدم (يعني حديث السفينة) بعده: فقال علي يا رسول الله من الفرقة الناجية؟
فقال: (المتمسكون بما أنت عليه وأصحابك).
وفي الأحاديث المذكورة آنفا ما يدل على أن المتبعين لأهل البيت، والمقدمين لهم والمقتدين بهم هم الفرقة الناجية.
وحث الرسول على الاقتداء بهم والتمسك بما هم عليه وإيجاب ذلك على جميع الخلق بروايات الكل يعلمنا علما ضروريا أن أهل البيت هم الفرقة الناجية.
فكل من اقتدى بهم وسلك آثارهم فقد نجى ومن تخلف عنهم وزاغ عن طريقهم فقد غوى.
تراثنا العدد 27 / 21 - 25 قراءة في كتاب التوحيد.
____________
(1) أربعون مصدرا من مصادر السنة يتفقون مع الشيعة في أن المهدي مولود.
أربعون عالما من علماء السنة يعترفون بوجود الإمام المهدي (عليه السلام) وهم:
1 - محمد بن طلحة بن محمد الحسن القرشي النصيبي الشافعي في كتابه:
" مطالب السئول ".
2 - محمد بن يوسف بن محمد الگنجي الشافعي في كتابه: " البيان ".
3 - الشيخ نور الدين علي بن محمد بن الصباغ في كتابه: " الفصول المهمة ".
4 - شمس الدين أبو المظفر يوسف بن قرعلي الحنفي سبط ابن الجوزي في آخر كتابه الموسوم: ب " تذكرة خواص الأمة ".
5 - الشيخ محيي الدين بن عربي الطائي الأندلسي في الباب - 366 - في كتابه: " الفتوحات المكية ".
6 - الشيخ العارف الخبير أبو المواهب عبد الوهاب الشعراني في المبحث (65) من كتاب:
" اليواقيت والجواهر ".
7 - الشيخ حسن العراقي العابد الزاهد الذي اجتمع في المهدي محمد بن الحسن العسكري في جامع دمشق وأقام عنده سبعة أيام بلياليها فيما ذكره الشعراني في كتابه: " لواحق الأنوار في طبقات الأخيار " المطبوع بمصر سنة 1305 هـ.
8 - الشيخ علي البراسي صاحب المقامات والكرامات الكثيرة حيث صدق الشيخ العراقي فيما أخبره به في الاجتماع به في الاجتماع بالمهدي وأن عمره (عليه السلام) كان يومئذ 620 سنة.
9 - نور الدين عبد الرحمن بن أحمد الدشتي الحنفي المعروف بالملا جامي شارح كفاية ابن الحاجب في كتابه: " شواهد النبوة ".
10 - محمد بن محمد بن محمود البخاري المعروف بخواجه بارسا من أعيان علماء الحنفية في كتابه: " فصل الخطاب " في المحاضرات.
11 - الحافظ أبو الفتح محمد بن أبي الفوارس في أربعينه.
12 - الشيخ عبد الحق الدهلوي المحدث الفقيه صاحب التصانيف الشائعة الكثيرة البالغة مائة مجلد وهو حنفي المذهب في رسالته التي أفردها لمناقب الأئمة من أهل البيت.
13 - السيد جمال الدين عطاء بن السيد غياث الدين فضل الله الشيرازي المحدث المعروف في كتابه " روضة الأحباب " وهي من الكتب المشهورة.
14 - الحافظ أحمد بن إبراهيم بن هاشم الطوسي البلاذري المعاصر للإمام أبي محمد الحسن العسكري وقد كتب عنه بمكة، وروى عن الإمام المهدي أيام غيبته الصغرى كما في كتاب المسلسلات المشهور ب " الفضل المبين " وهو كتاب يعرفه محدثوا السنة.
15 - حجة الإسلام عبد الله بن أحمد بن محمد الخشاب المعروف في كتابه: " تاريخ مواليد الأئمة ووفياتهم ".
16 - ملك العلماء شهاب الدين بن عمر الهندي صاحب التفسير في كتاب: المناقب الموسوم ب " هداية السعداء ".
17 - العلامة المحدث الشيخ المتقي بن حسام الدين بن القاضي عبد الملك ابن قاضي خان القرشي في كتابيه " المرقاة في شرح المشكاة "، و " البرهان في علامة مهدي آخر الزمان ".
18 - العلامة فضل بن روزبهان شارح " شمائل الترمذي " في كتابه الذي سماه " إبطال الباطل " ردا على " نهج الحق " للعلامة الحلي.
19 - الشيخ سليمان بن خواجة كالان الحسيني القندوزي في كتابه: " ينابيع المودة ".
20 - شيخ السلام أحمد الجامي.
21 - صلاح الدين الصفدي في " شرح الدائرة ".
22 - الشيخ عبد الرحمن البسطامي في كتابه " دائرة المعارف ".
23 - المولوي علي أكبر بن أسد الله المؤودي الهندي في كتابه: " المكاشفات ".
24 - عبد الرحمن شيخ مشايخ الصوفية في كتابه: " الانتباه ".
25 - القطب المدار الذي كتب عبد الرحمن الصوفي المتقدم الذكر كتاب - " مرآة الأسرار " لأجله.
26 - قاضي جواد الساباطي في كتابه: " البراهين الساباطية ".
27 - الشيخ سعد الدين محمد بن المؤيد بن أبي الحسين المعروف بالشيخ سعد الدين الحموي في كتابه الذي أفرده لأحوال المهدي (عليه السلام).
28 - الشيخ عامر بن عامر البصري في قصيدته التائية الطويلة المسماة: " بذات الأنوار ".
29 - صدر الدين القونوي في قصيدته الرائية المذكورة في: " ينابيع المودة ".
30 - شيخ مشائخ الصوفية المولى جلال الدين الرومي صاحب " المثنوي ". كما يدل عليه بعض الأشعار الفارسية الموجودة في ديوانه.
31 - الشيخ العارف محمد الشهير بشيخ عطار في كتابه: " مظهر الصفاة ".
32 - شمس الدين التبريزي.
33 - السيد نعمة الله الولي.
34 - السيد النسيبي.
35 - السيد علي بن شهاب الدين الهمداني في المودة العاشرة من كتابه، الموسوم ب: " المودة القربى ".
36 - علامة زمانه الشيخ محمد الصبان في كتابه: " إسعاف الراغبين ".
37 - عبد الله بن محمد المطيري المدني في كتابه: " الرياض الزاهرة ".
38 - شيخ الإسلام أبو المعالي محمد سراج الدين الرفاعي في كتابه الموسوم ب " صحاح الأخبار ".
39 - الناصر لدين الله أحد خلفاء بني العباس.
40 - بعض المصريين من مشايخ الشيخ إبراهيم القادري الحلبي.
وهؤلاء الأربعة كانت ترجع إليهم الشيعة الإمامية في الغيبة الصغرى وكانوا هم الواسطة بين الإمام، والشيعة الإمامية في أخذ الأحكام الشرعية والقضايا وغيرها.
والثانية: " الكبرى " وعينوا فيها أئمة أهل البيت (عليهم السلام) صفاتا خاصة لترجع إليه شيعتهم ومن تتوفر فيه الصفات الآتية عند إمكان الوصول إليهم لرؤيتهم ومشاهدتهم وأخذ الأحكام منهم وهي هذه:
" من كان من الفقهاء صائنا لنفسه، محافظا لدينه، مخالفا لهواه، مطيعا لأمر مولاه فللعوام أن يقلدوه.
أي يرجعوا إليه في أخذ الأحكام الشرعية وحل قضاياهم الإسلامية.
ولذلك ترى الشيعة الإمامية في هذا العصر " عصر الغيبة الكبرى " يرجعون
وأدل دليل على وجود الإمام المهدي (عليه السلام) " حديث الثقلين " لقوله صلوات الله عليه وآله " لن يفترقا حتى يردا علي الحوض ".
فالإمام المهدي هو حي وموجود لأن قرينه هو: القرآن الكريم موجود.
ويجب عندنا " نحن الشيعة الإمامية " تقليد الأفقه، الأعلم، ولا يجوز عندنا تقليد الميت ابتداء، وأن باب الاجتهاد مفتوح عندنا ولذلك ترى مذهب الشيعة الإمامية يتمشى مع روح العصر في تفهم الأحكام وتطورها.
ثم قدمت لسيادته: مجموعة من مطبوعاتنا في القاهرة، وكتاب: " تحت راية الحق " (1) وغيرهما. وسألته عن الخلفاء بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وعن أفضلهم فقال:
قرأت قبل أيام في كتاب: أن عبد الله بن أحمد بن حنبل قال:
قلت لأبي ما تقول في التفضيل قال في الخلافة: أبو بكر وعمر وعثمان، قلت:
فعلي؟
قال يا بني: علي بن أبي طالب من أهل بيت لا يقاس بهم أحد (2) ثم قال الأستاذ:
الإمام علي نفس رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وذكره الله تعالى في آية المباهلة بقوله:
(وأنفسنا وأنفسكم) فهو نفس رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).
ثم قلت له: هل قرأت من كتب الشيعة الإمامية، وما هي انطباعاتك عنها:
____________
(1) قدم لهذا الكتاب الدكتور حامد حفني داود رئيس الأدب العربي بجامعة عين شمس بمصر (في طبعته الرابعة) ونقد فيه الدكتور أحمد أمين وأشار إلى زلاته وأخطائه الكثيرة التي لا تعد، والتي وردت في فجر إسلامه وطبع في دار التوفيقية للطباعة بالأزهر الشريف.
(2) أنظر: تاريخ بغداد: 7 / 41، طبقات الحنابلة: 2 / 120.
فقلت: ما رأيكم فيها.
قال: إنها من أقوى الكتب والبحث مغن فيها، ومعظم أسانيدها من كتب أهل السنة.
ثم قلت: هل زرتم مراقد أئمة أهل البيت في العراق؟
قال: الحمد لله الذي أكرمني بالزيارة وكان البرنامج زيارة الكاظمية، والنجف، وكربلاء، وقال:
أكرمني الله تعالى بتعرفي على الأستاذ المحامي إسماعيل قطيمش في العراق وكان له الفضل في صحبتي إلى سامراء لزيارة الإمامين علي الهادي، والحسن العسكري والغيبة.
ثم سألت الأستاذ وقلت:
ما رأيكم في الإمامة؟ وهل تنعقد بالنص أو الإجماع؟
فأجاب: الإمامة لا تصلح في الانتخاب، وإنما تكون بالنص أو الإشارة.
ثم قال: ما من مصري إلا ويحب الإمام علي وأهل بيته، وهم قمة وما عداهم دون ذلك.
ثم سألته: هل قرأت من فقه الشيعة الإمامية شيئا؟
أجاب:
____________
(1) هذه الكتب التي ذكرها الأستاذ هي من مطبوعاتنا في القاهرة وقد كنا قد أهديناها له عند
زيارتنا له في داره العامرة.
- المؤلف -
أن اتفاقا كان قد حصل بين أبي بكر وعمر حول موضوع الخلافة وأنه قرأ في مجلة لواء الإسلام أن أحد الحاضرين قال لعمر - عند قراءته كتاب أبي بكر حول توليته الخلافة - بالأمس ولاك، واليوم وليته. فطلبت من الأستاذ " أبي العزائم " أن يطلعني على هذه المجلة فجاء بها وهذا نصها:
لقد وقف عمر في المسجد يعرض كتاب أبي بكر وهو مغلق، على القوم وقال:
هذا كتاب أبي بكر فقام أحد الحاضرين وقال له:
أتعلم ما فيه يا عمر؟ قال: لا.
قال: " ولاك أبو بكر هذا العام، ووليته عام أول ".
فلم يتقاصر فرد من القوم أن يصرح بما في نفسه.. وانجلى الأمر عن أن عمر تلى كتاب استخلافه من أبي بكر.. (1).
ثم أخذ الأستاذ أبو العزائم يتلو علينا من شعر جده الشيخ محمد أبو العزائم في مناجاته لآل البيت (عليهم السلام) فقال:
____________
(1) راجع مجلة لواء الإسلام القاهرية ص 387، السنة 14 / العدد 6.
منها:
ثم تلى علينا قصيدة مطلعها:
ثم قال: أريد أن أؤلف كتابا عن الإمام الحسين (عليه السلام) وسأصدر بعض القصائد التي قالها جدي في الإمام الحسين (عليه السلام). ثم ذكر أن ألف كتابا في موضوع " الجفر " فقام من مكانه وجاء بنسخة منه وكتب عليها الإهداء لي فتسلمتها وشكرته، وودعناه ونزل في توديعنا إلى الباب وانصرفنا.
____________
(1) يشير إلى آية التطهير الواردة في أهل البيت (عليهم السلام) وهي: * (إنما يريد الله ليذهب عنكم
الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) * وذكر نزول هذه الآية فيهم (عليهم السلام). العلامة ابن حجر
الهيثمي في صواعقه المحرقة ضمن الآيات الواردة فيهم (عليهم السلام).
- المؤلف -
- 5 -
الشيخ محمد زكي إبراهيم
رائد العشيرة المحمدية بجمهورية مصر العربية
جلست معه قليلا، وقدمت لفضيلته مجموعة من الكتب التي قمت بنشرها بالقاهرة ونشروا عنها في مجلة المسلم ضمن الكتب التي تهدى إلى المجلة في عدد الشهر القادم حينذاك. كما أني قد أهديت لفضيلته كتاب " مصادر نهج البلاغة وأسانيده ".
وعندما اطلع فضيلته بأن لي دار نشر باسم " مكتبة النجاح " في النجف الأشرف - العراق نشروا عني في أحد الأعداد للمجلة وكتبوا فيه:
تطلب هذه المجلة من وكيلنا في العراق - السيد مرتضى الرضوي صاحب " مكتبة النجاح " في النجف الأشرف وطلبت من فضيلته أن يقدم لكتاب " الزهراء " لكاتبه سماحة العلامة الكبير السيد محمد جمال الهاشمي وكنت قد صحبته معي من العراق وكان في نيتي أن أقوم بطبعه في القاهرة بعد تقديم أحد الأعلام له. فدفعته إليه ليكتب له التقديم، واتصلت بفضيلته بعد مدة هاتفيا وأخبرني أنه مريض وكان قد كتب شيئا مختصرا، وإليك ما كتبه:
الله
شعارنا وغايتنا
لبيك اللهم لبيك
أخي في الله تعالى، الأستاذ المؤمن الصادق، والمجاهد الموفق، الشريف العالم (1) السيد مرتضى الرضوي.. رضي الله عنه.
عليكم السلام ورحمة الله وبركاته، ولكن أبرك دعائي، وأخلص ثنائي. وقد تفضلتم مشكورين مبرورين، فأحسنتم بنا الظن، وطلبتم منا كلمة تقدمون بها إلى جمهوركم المثقف رسالة " الزهراء " للكاتب المحقق السيد محمد جمال الهاشمي، بعد أن أضفتم إلى الرسالة فصولا جديدة استوعبت أطراف البحث، واستكملت الموضوع في إجمال تفصيلي، أو تفصيل مجمل، كله تفتح وإيمان، وغيرة، ومحبة، وصفاء.
وقد تلقيت رغبتكم الشريفة، وأنا أعاني أزمة مرضية، ونفسية فوق الطاقة فليس في قدرتي ما يساعفني بقراءة الرسالة والملحقات، ولا في قدرتي ما يساعفني بالكتابة عن جدتنا البتول، بضعة الرسول، وزوج سيف الله المسلول، وأم أحب الأمة إلى نبي الأمة سيد شباب أهل الجنة، وريحانتي الدوحة المقدسة، جدنا الإمام أبي محمد الحسن، وجدنا الإمام أبي عبد الله الحسين (عليهما السلام).
____________
(1) أردت حذف هذه الألقاب من هذا الكتاب لعدم انطباعتها علي، ولكن بعض الأعلام أشار
علي بعدم حذفها وقال: هذه أمانة يجب أن تنشر كما هي.