الصفحة 16
لقلبه تبعا كما قيل: وافق شن طبقه، فسلبك دينك وأمانتك ودنياك وآخرتك. راجع الجزء الثاني من كتابنا هذه ص 118 وفيه قوله: فإن يمكن الله منك ومن ابن آكلة الأكباد ألحقتكما بمن قتله الله من ظلمة قريش على رسول الله، وإن تعجزا وتبقيا بعدي فالله حسبكما، وكفى بانتقامه انتقاما، وبعقابه عقابا.

28 - من كتاب له صلوات الله عليه إلى محمد بن أبي بكر وأهل مصر: إياكم ودعوة الكذاب ابن هند، وتأملوا واعلموا أنه لا سواء إمام الهدى، وإمام الردى، ووصي النبي وعدو النبي، جعلنا الله وإياكم ممن يحب ويرضى.

شرح ابن أبي الحديد 2: 26، جمهرة الرسائل 1: 541.

29 - من كتاب له عليه السلام إلى محمد بن أبي بكر وقد بعث إليه عليه السلام ما كتبه معاوية وعمرو إليه وسيوافيك نصه: قد قرأت كتاب الفاجر ابن الفاجر معاوية، والفاجر ابن الكافر عمرو، المتحابين في عمل المعصية، والمتوافقين المرتشيين في الحكومة، المنكرين (1) في الدنيا، قد استمتعوا بخلاقهم كما استمتع الذين من قبلهم بخلاقهم، فلا يضرنك إرعادهما وإبراقهما.

تاريخ الطبري 6، 58، شرح ابن أبي الحديد 2: 32.

30 - من كتاب له عليه السلام إلى أهل العراق: فأيقظوا رحمكم الله نائمكم، وأجمعوا على حقكم، وتجردوا لحرب عدوكم، قد أبدت الرغدة عن الصريح، وبان الصبح لذي عينين، إنما تقاتلون الطلقاء وأبناء الطلقاء، وأولي الجفاء، ومن أسلم كرها وكان لرسول الله صلى الله عليه وسلم أنف الاسلام كله حربا، أعداء الله والسنة والقرآن، وأهل الأحزاب والبدع والأحداث، ومن كانت بوائقه تتقى، وكان على الاسلام مخوفا، أكلة الرشا وعبدة الدنيا، لقد أنهي إلي أن ابن النابغة لم يبايع معاوية حتى أعطاه، وشرط عليه أن يعطيه إتاوة هي أعظم مما في يديه من سلطانه، ألا صفرت يد هذا البايع دينه بالدنيا، وتربت يد هذا المشتري نصرة غادر فاسق بأموال المسلمين، وإن منهم لمن قد شرب فيكم الخمر وجلد حدا في الاسلام (2) يعرف بالفساد في الدين والفعل السئ، وإن فيهم

____________

(1) المنكرين بصيغة المفعول، وفي شرح ابن أبي الحديد: والمتكبرين على أهل الدين.

(2) يعني الوليد بن عقبة.

الصفحة 17
من لم يسلم حتى رضخ له على الاسلام رضيخة (1) فهؤلاء قادة القوم، ومن تركت ذكر مساوئه من قادتهم مثل من ذكرت منهم بل هو شر وأضر، وهؤلاء الذين ذكرت لو ولوا عليكم لأظهروا فيكم الكبر والفخر والفجور والتسلط بجبرته، والتطاول بالغضب، والفساد في الأرض، ولاتبعوا الهوى، وما حكموا بالرشاد [إلى قوله:] أفلا تسخطون وتهتمون أن ينازعكم الولاية عليكم سفهاؤكم والأشرار والأراذل منكم فاسمعوا قولي وأطيعوا أمري، فوالله لئن أطعتموني لا تغوون، وإن عصيتموني لا ترشدون خذوا للحرب أهبتها، وأعدوا لها عدتها، فقد شبت نارها، وعلا سنانها، وتجرد لكم فيها الفاسقون كي يعذبوا عباد الله، ويطفئوا نور الله، ألا إنه ليس أولياء الشيطان من أهل الطمع والمكر والجفاء بأولى في الجد في غيهم وضلالتهم من أهل البر والزهادة والاءخبات في حقهم وطاعة ربهم، والله لو لقيتهم فردا وهم ملء الأرض ما باليت ولا استوحشت، وإني من ضلالتهم التي هم فيها، والهدى الذي نحن عليه، لعلى ثقة وبينة ويقين وبصيرة، وإني إلى لقاء ربي لمشتاق، ولحسن ثوابه لمنتظر، ولكن أسفا يعتريني وحزنا يخامرني أن يلي أمر هذه الأمة سفاؤها وفجارها فيتخذوا مال الله دولا، و عباد الله خولا، والصالحين حربا، والقاسطين حزبا.

الإمامة والسياسة 1: 113، شرح ابن أبي الحديد 2: 37.

31 - من كتاب له عليه السلام إلى زياد بن أبيه: إن معاوية كالشيطان الرجيم يأتي المرء من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله، فاحذره ثم احذره ثم احذره، والسلام.

شرح ابن أبي الحديد 4: 68.

32 - من خطبة له عليه السلام حين أمر أصحابه بالمسير إلى حرب معاوية قال: سيروا إلى أعداء الله، سيروا إلى أعداء السنن والقرآن، سيروا إلى بقية الأحزاب قتلة المهاجرين والأنصار.

كتاب صفين ص 105، جمهرة الخطب 1: 142.

33 - من خطبة له عليه السلام في الدعوة إلى جهاد الرجل: نحن سائرون إنشاء الله إلى من سفه نفسه، وتناول ما ليس له وما لا يدركه، معاوية وجنده الفئة الباغية الطاغية،

____________

يعني معاوية. راجع جمهرة الرسائل 1: 551.

الصفحة 18
يقودهم إبليس ويبرق لهم ببارق تسويفه، ويدليهم بغروره.

كتاب صفين ص 126.

34 - من خطبة له سلام الله عليه يوم صفين: ثم أتاني الناس وأنا معتزل أمرهم فقالوا لي: بايع. فأبيت عليهم، فقالوا لي: بايع فإن الأمة لا ترضى إلا بك، وإنا نخاف إن لم تفعل أن يفترق الناس. فبايعتهم، فلم يرعني إلا شقاق رجلين قد بايعاني، وخلاف معاوية إياي الذي لم يجعل الله له سابقة في. الدين، ولا سلف صدق في الاسلام، طليق ابن طليق، وحزب من الأحزاب لم يزل لله ولرسوله وللمسلمين عدوا هو وأبوه حتى دخلا في الاسلام كارهين مكرهين، فعجبنا لكم (1) ولإجلابكم معه، وانقيادكم له، وتدعون أهل بيت نبيكم صلى الله عليه وآله وسلم الذين لا ينبغي لكم شقاقهم ولا خلافهم، ولا أن تعدلوا بهم أحدا من الناس، إني أدعوكم إلى كتاب الله عز وجل وسنة نبيكم صلى الله عليه وآله وسلم، وإماتة الباطل، وإحياء معالم الدين.

كتاب صفين ص 227، تاريخ الطبري 6 ص 4، جمهرة الخطب 1: 161.

35 - من خطبة له عليه السلام يوم صفين: إنهدوا إليهم، عليكم السكينة والوقار، وقار الاسلام، وسيمى الصالحين، فوالله لأقرب قوم من الجهل قائدهم ومؤذنهم معاوية وابن النابغة وأبو الأعور السلمي وابن أبي معيط شارب الخمر، المجلود حدا في الاسلام، وهم أولى من يقومون فينقصونني ويجذبونني وقبل اليوم ما قاتلوني، وأنا إذ ذاك أدعوهم إلى الاسلام، وهم يدعونني إلى عبادة الأصنام، الحمد لله قديما عاداني الفاسقون، فعبدهم (2) الله، ألم يفتحوا؟ (2) إن هذا لهو الخطب الجليل، إن فساقا كانوا غير مرضيين، وعلى الاسلام وأهله متخوفين، خدعوا شطر هذه الأمة، واشربوا قلوبهم حب الفتنة، واستمالوا أهواءهم بالإفك والبهتان، قد نصبوا لنا الحرب في إطفاء نور الله عز وجل، أللهم فافضض خدمتهم (4) وشتت كلمتهم، وأبسلهم بخطاياهم، فإنه لا يذل من واليت، ولا يعز من عاديت.

____________

(1) عند ابن أبي الحديد: فيا عجبا لكم. الطبري: فلا غرو إلا خلافكم معه.

(2) أي ذللهم. المعبد: المذلل.

(3) الفتح: القهر والغلبة والتذليل.

(4) أي: فرق بينهم.

الصفحة 19
تاريخ الطبري 6: 24، كتاب صفين ص 445.

36 - من خطبة له عليه السلام بصفين: وقد عهد إلي رسول الله صلى الله عليه وآله عهدا، فلست أحيد عنه، وقد حضرتم عدوكم، وعلمتم أن رئيسهم منافق ابن منافق يدعوهم إلى النار، وابن عم نبيكم معكم وبين أظهركم يدعوكم إلى الجنة وإلى طاعة ربكم، والعمل بسنة نبيكم، ولا سواء من صلى قبل كل ذكر، لا يسبقني الصلاة مع رسول الله أحد وأنا من أهل بدر، ومعاوية طليق ابن طليق، والله إنا على الحق وإنهم على الباطل، فلا يجتمعن على باطلهم، وتتفرقوا عن حقكم حتى يغلب باطلهم حقكم، قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم، فإن لم تفعلوا يعذبهم بأيدي غيركم.

كتاب صفين ص 355، شرح ابن أبي الحديد 1: 503، جمهرة الخطب 1: 178.

37 - من خطبة له عليه السلام: أما بعد: فإن الله قد أحسن بلاءكم، وأعز نصركم فتوجهوا من فوركم هذا إلى معاوية وأشياعه القاسطين، الذين نبذوا كتاب الله وراء ظهورهم واشتروا به ثمنا قليلا فبئس ما شروا به أنفسهم لو كانوا يعلمون.

الإمامة والسياسة 1: 110، تاريخ الطبري 6: 51، مروج الذهب 2: 38، شرح ابن أبي الحديد 1: 179، جمهرة الخطب 1: 231.

38 - من خطبة له عليه السلام يستنفر الناس لقتال معاوية: يا أيها الناس استعدوا لقتال عدو في جهادهم القربة إلى الله عز وجل ودرك الوسيلة عنده، قوم حيارى عن الحق لا يبصرونه، موزعين بالجور والظلم لا يعدلون به، جفاة عن الكتاب، نكب عن الدين، يعمهون في الطغيان، ويتسكعون في غمرة الضلال، فأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل، وتوكلوا على الله وكفى بالله وكيلا.

كتاب صفين، تاريخ الطبري 6: 51، الإمامة والسياسة 1: 110، شرح ابن أبي الحديد 1: 179.

39 - من خطبة له عليه السلام لما رفع أهل الشام المصاحف على الرماح: عباد الله إني أحق من أجاب إلى كتاب الله ولكن معاوية وعمرو بن العاص وابن أبي معيط وحبيب بن مسلمة وابن أبي سرح ليسوا بأصحاب دين ولا قرآن، إني أعرف بهم منكم، صحبتهم أطفالا، وصحبتهم رجالا، فكانوا شر أطفال وشر رجال، إنها كلمة حق يراد بها الباطل،

الصفحة 20
إنهم والله ما رفعوها إنهم يعرفونها ويعملون بها، ولكنها الخديعة والوهن والمكيدة، أعيروني سواعدكم وجماجمكم ساعة واحدة، فقد بلغ الحق مقطعه، ولم يبق إلا أن يقطع دابر الذين ظلموا.

كتاب صفين ص 560، تاريخ الطبري 6: 27، الكامل لابن الأثير 3: 136.

40 - قيل لعلي (سلام الله عليه) يوم صالح: أتقر أنهم مؤمنون مسلمون؟ فقال علي: ما أقر لمعاوية ولا لأصحابه أنهم مؤمنون ولا مسلمون، ولكن يكتب معاوية ما شاء بما شاء لنفسه ولأصحابه، ويسمي نفسه بما شاء وأصحابه.

كتاب صفين ص 584، شرح ابن أبي الحديد 1: 191.

41 - كان علي عليه السلام إذا صلى الغداة يقنت فيقول: أللهم العن معاوية، وعمرا، وأبا الأعور السلمي، وحبيبا، وعبد الرحمن بن خالد، والضحاك بن قيس، والوليد. وكانت عائشة تدعو في دبر الصلاة على معاوية.

مر الحديث بتفصيله في ج 2: 120، 121 ط 1.

42 - كتب معاوية كتابا إلى أبي أيوب الأنصاري صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأخبر بذلك عليا عليه السلام فقال: يا أمير المؤمنين! إن معاوية كهف المنافقين كتب إلي بكتاب.

شرح ابن أبي الحديد 2: 280.

43 - من كتاب لقيس بن سعد بن عبادة أمير الخزرج إلى معاوية مر في ج 2: 89 ط 1، أما بعد: فإنما أنت وثن ابن وثن، دخلت في الاسلام كرها، وخرجت منه طوعا، لم يقدم إيمانك، ولم يحدث نفاقك. ومنه: ونحن أنصار الدين الذي خرجت منه، وأعداء الدين الذي دخلت فيه.

وفي لفظ: أما بعد: فإنما أنت وثني ابن وثني، دخلت في الاسلام كرها، وأقمت فيه فرقا. وخرجت منه طوعا، ولم يجعل الله لك فيه نصيبا لم يقدم إيمانك، ولم يحدث نفاقك، ولم تزل حربا لله ولرسوله، وحزبا من أحزاب المشركين، وعدوا لله ولنبيه وللمؤمنين من عباده. الخ.

44 - من كلام لقيس لما بويع معاوية: يا معشر الناس؟ لقد اعتضتم الشر من الخير، واستبدلتم الذل من العز، والكفر من الإيمان، فأصبحتم بعد ولاية أمير المؤمنين

الصفحة 21
وسيد المسلمين، وابن عم رسول رب العالمين، وقد وليكم الطليق ابن الطليق، يسومكم الخسف، ويسير فيكم بالعسف، فكيف تجهل ذلك أنفسكم؟ أم طبع الله على قلوبكم وأنتم لا تعقلون؟. راجع ج 2: 93 ط 1.

45 - من كتاب آخر لقيس إلى الرجل: تأمرني بالدخول في طاعتك طاعة أبعد الناس من هذا الأمر، وأقولهم للزور، وأضلهم سبيلا، وأبعدهم من رسول الله وسيلة، ولديك قوم ضالون مضلون، طاغوت من طواغيت إبليس. راجع ج 2: 88 ط 1

46 - كتب محمد بن أبي بكر إلى معاوية: بسم الله الرحمن الرحيم. من محمد بن أبي بكر إلى الغاوي معاوية بن صخر. سلام على أهل طاعة الله ممن هو مسلم لأهل ولاية الله.

أما بعد: فإن الله بجلاله وعظمته وسلطانه وقدرته خلق خلقا بلا عنت ولا ضعف في قوته؟ ولا حاجة به إلى خلقهم، ولكنه خلقهم عبيدا، وجعل منهم شقيا وسعيدا، و غويا ورشيدا، ثم اختارهم على علمه، فاصطفى وانتخب منهم محمدا صلى الله عليه وآله وسلم فاختصه برسالته، واختاره لوحيه، وائتمنه على أمره وبعثه رسولا مصدقا لما بين يديه من الكتب ودليلا على الشرائع، فدعا إلى سبيل ربه بالحكمة والموعظة الحسنة، فكان أول من أجاب وأناب، وصدق ووافق، وأسلم وسلم أخوه وابن عمه علي بن أبي طالب عليه السلام، فصدقه بالغيب المكتوم، وآثره على كل حميم، فوقاه كل هول، وواساه بنفسه في كل خوف، فحارب حربه، وسالم سلمه، فلم يبرح مبتذلا لنفسه في ساعات الأزل (1) ومقامات الروع، حتى برز سابقا لا نظير له في جهاده، ولا مقارب له في فعله، وقد رأيتك تساميه وأنت أنت، وهو هو، المبرز السابق في كل خير، أول الناس إسلاما، وأصدق الناس نية، وأطيب الناس ذرية، وأفضل الناس زوجة، وخير الناس ابن عم، وأنت اللعين ابن اللعين ثم لم تزل أنت وأبوك تبغيان الغوائل لدين الله، وتجهدان على إطفاء نور الله، وتجمعان على ذلك الجموع، وتبذلان فيه المال، وتحالفان فيه القبائل، على ذلك مات أبوك، و على ذلك خلفته، والشاهد عليك بذلك من يأوي ويلجأ إليك من بقية الأحزاب ورؤس النفاق والشقاق لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، والشاهد لعلي مع فضله المبين، وسبقه القديم، أنصاره

____________

(1) الأزل: الضيق والشدة.

الصفحة 22
الذين ذكروا بفضلهم في القرآن، فأثنى الله عليهم من المهاجرين والأنصار، فهم معه عصائب وكتائب حوله، يجالدون بأسيافهم ويهريقون دماءهم دونه، يرون الفضل في اتباعه، والشقاء في خلافه، فكيف - يا لك الويل - تعدل نفسك بعلي؟ وهو وارث رسول الله ووصيه وأبو ولده، وأول الناس اتباعا، وآخرهم به عهدا، يخبره بسره، و يشركه في أمره، وأنت عدوه وابن عدوه؟ فتمتع ما استطعت بباطلك، وليمدد لك ابن العاصي في غوايتك، فكأن أجلك قد انقضى، وكيدك قد وهى، وسوف يستبين لمن تكون العاقبة العليا، وأعلم أنك إنما تكايد ربك الذي قد أمنت كيده، وأيست من روحه، وهو لك بالمرصاد، وأنت منه في غرور. وبالله وأهل رسوله عنك الغناء، والسلام على من اتبع الهدى.

مروج الذهب 2: 59، كتاب صفين ص 132، شرح ابن أبي الحديد 1: 283 جمهرة الرسائل 1: 542.

47 - من كتاب آخر لمحمد بن أبي بكر إلى معاوية: أنا أرجو أن تكون الدائرة عليكم، وأن يهلككم الله في الوقعة، وأن ينزل بكم الذل، وأن تولوا الدبر، وإن تؤتوا النصر ويكن لكم الأمر في الدنيا، فكم لعمري من ظالم قد نصرتم، وكم من مؤمن قد قتلتم ومثلتم به، وإلى الله مصيركم ومصيرهم وإلى الله مرد الأمور، وهو أرحم الراحمين.

تاريخ الطبري 6: 58، شرح ابن أبي الحديد 2: 32.

48 - قال معن بن يزيد بن الأخنس السلمي الصحابي ممن شهد بدرا لمعاوية: ما ولدت قرشية من قرشي شرا منك. الإصابة 3: 450.

49 - من كتاب الإمام السبط أبي محمد الحسن عليه السلام إلى معاوية: فاليوم فليتعجب المتعجب من توثبك يا معاوية! على أمر لست من أهله، لا بفضل في الدين معروف، ولا أثر في الاسلام محمود، وأنت ابن حزب من الأحزاب، وابن أعدى قريش لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولكتابه، والله حسيبك فسترد وتعلم لمن عقبى الدار، وبالله لتلقين عن قليل ربك ثم ليجزينك بما قدمت يداك، وما الله بظلام للعبيد.

مقاتل الطالبيين ص 22، شرح ابن أبي الحديد 4: 12، جمهرة الرسائل 2: 9

الصفحة 23
50 - لما قدم معاوية المدينة صعد المنبر فخطب وقال: من ابن علي؟ ومن علي؟

فقام الحسن فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: إن الله عز وجل لم يبعث بعثا إلا جعل له عدوا من المجرمين، فأنا ابن علي وأنت ابن صخر، وأمك هند وأمي فاطمة، وجدتك قتيلة وجدتي خديجة، فلعن الله ألأمنا حسبا، وأخملنا ذكرا، وأعظمنا كفرا، وأشدنا نفاقا، فصاح أهل المسجد: آمين آمين. فقطع معاوية خطبته ودخل منزله. (1)

وفي لفظ:

خطب معاوية بالكوفة حين دخلها، والحسن والحسين رضي الله عنهما جالسان تحت المنبر، فذكر عليا عليه السلام فنال منه ثم نال من الحسن، فقام الحسين ليرد عليه، فأخذه الحسن بيده فأجلسه ثم قام فقال:

أيها الذاكر عليا! أنا الحسن وأبي علي، وأنت معاوية، وأبوك صخر، وأمي فاطمة، وأمك هند، وجدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وجدك عتبة بن ربيعة، وجدتي خديجة، وجدتك قتيلة، فلعن الله أخملنا ذكرا، وألأمنا حسبا، وشرنا قديما وحديثا، وأقدمنا كفرا ونفاقا. فقال طوائف من أهل المسجد: آمين. (2)

51 - أرسل معاوية إلى الحسن (السبط الزكي) يسأله أن يخرج فيقاتل الخوارج فقال الحسن: سبحان الله تركت قتالك وهو لي حلال لصلاح الأمة وألفتهم، أفتراني أقاتل معك؟. شرح ابن أبي الحديد 4: 6.

52 - كتب الإمام السبط أبو عبد الله عليه السلام إلى معاوية: أما بعد: فقد جاءني كتابك تذكر فيه أنه انتهت إليك عني أمور لم تكن تظنن بها رغبة بي عنها، وإن الحسنات لا يهدي لها ولا يسدد إليها إلا الله تعالى، وأما ما ذكر أنه رقي إليك عني، فإنما رقاه الملاقون المشاءون بالنميمة، المفرقون بين الجمع، وكذب الغاوون المارقون، ما أردت حربا ولا خلافا، وإني لأخشى الله في ترك ذلك منك ومن حزبك القاسطين المحلين، حزب الظالم، وأعوان الشيطان الرجيم.

ألست قاتل حجر وأصحابه العابدين المخبتين الذين كانوا يستفظعون البدع، و

____________

(1) المستطرف 1: 157، الإتحاف ص 10.

(2) شرح ابن أبي الحديد 4: 16.

الصفحة 24
يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر؟ فقتلتهم ظلما وعدوانا من بعد ما أعطيتهم المواثيق الغليظة، والعهود المؤكدة (1) جرأة على الله واستخفافا بعهده.

أو لست بقاتل عمرو بن الحمق الذي أخلقت وأبلت وجهه العبادة؟ فقتلته من بعد ما أعطيته من العهود ما لو فهمته العصم نزلت من سقف الجبال.

أو لست المدعي زيادا في الاسلام، فزعمت أنه ابن أبي سفيان، وقد قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الولد للفراش وللعاهر الحجر، ثم سلطته على أهل الاسلام يقتلهم و يقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف، ويصلبهم على جذوع النخل؟.

سبحان الله يا معاوية! لكأنك لست من هذه الأمة، وليسوا منك، أو لست قاتل الحضرمي (2) الذي كتب إليك فيه زياد أنه على دين علي كرم الله وجهه، ودين علي هو دين ابن عمه صلى الله عليه وسلم الذي أجلسك مجلسك الذي أنت فيه، ولولا ذلك كان أفضل شرفك وشرف آبائك تجشم الرحلتين: رحلة الشتاء والصيف، فوضعها الله عنكم بنا منة عليكم، وقلت فيما قلت: لا تردن هذه الأمة في فتنة. وإني لا أعلم لها فتنة أعظم من أإمارتك عليها، وقلت فيما قلت: انظر لنفسك ولدينك ولأمة محمد. وإني والله ما أعرف فضل من جهادك، فإن أفعل فإنه قربة إلى ربي، وإن لم أفعله فاستغفر الله لديني، وأسأله التوفيق لما يحب ويرضى، وقلت فيما قلت: متى تكدني أكدك (3) فكدني يا معاوية ما بدا لك، فلعمري لقديما يكاد الصالحون، وإني لأرجو أن لا تضر إلا نفسك ولا تمحق إلا عملك، فكدني ما بدا لك، واتق الله يا معاوية! واعلم أن لله كتابا لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها، واعلم أن الله ليس بناس لك قتلك بالظنة، وأخذك بالتهمة، وإمارتك صبيا يشرب الشراب، ويلعب بالكلاب، ما أراك إلا قد أوبقت نفسك، وأهلكت دينك، وأضعت الرعية. والسلام.

الإمامة والسياسة 1: 131 وفي ط 148، جمهرة الرسائل 2: 67.

53 - خطب الإمام السبط الحسين الشهيد سلام الله عليه لما قدم معاوية المدينة

____________

(1) سيأتي بيان العهود المعزوة إليها في هذا الجزء إنشاء الله.

(2) سيوافيك تفصيل قتل الحضرمي في هذا الجزء.

(3) هذه الجملة لا توجد في كلام معاوية

الصفحة 25
حاجا وأخذ البيعة ليزيد وخطب ومدح يزيد الطاغية ووصفه بالعلم بالسنة وقراءة القرآن والحلم الذي يرجح بالصم الصلاب. فقام الحسين فحمد الله وصلى على الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ثم قال:

أما بعد: يا معاوية! فلن يؤدي القائل - وإن أطنب - في صفة الرسول صلى الله عليه وسلم من جميع جزءا، قد فهمت ما ألبست به الخلف بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم من إيجاز الصفة، والتنكب عن استبلاغ البيعة، وهيهات هيهات يا معاوية! فضح الصبح فحمة الدجى، وبهرت الشمس أنوار السرج، ولقد فضلت حتى أفرطت، واستأثرت حتى أجحفت، ومنعت حتى بخلت، وجرت حتى جاوزت، ما بذلت لذي حق من أتم حقه بنصيب حتى أخذ الشيطان حظه الأوفر، ونصيبه الأكمل، وفهمت ما ذكرته عن يزيد من اكتماله وسياسته لأمة محمد صلى الله عليه وسلم، تريد أن توهم الناس في يزيد، كأنك تصف محجوبا أو تنعت غائبا، أو تخبر عما كان مما احتويته بعلم خاص، وقد دل يزيد من نفسه على موقع رأيه، فخذ ليزيد فيما أخذ به من استقرائه الكلاب المتهارشة عند التحارش، والحمام السبق لأترابهن، والقينات ذوات المعازف، وضروب الملاهي، تجده ناصرا ودع عنك ما تحاول، فما أغناك أن تلقى الله بوزر هذا الخلق أكثر مما أنت لاقيه، فوالله ما برحت تقدم باطلا في جور، وحنقا في ظلم، حتى ملأت الأسقية، وما بينك و بين الموت إلا غمضة، فتقدم على عمل محفوظ في يوم مشهود، ولات حين مناص، ورأيتك عرضت بنا بعد هذا الأمر، ومنعتنا عن آبائنا تراثا، ولقد - لعمر الله - أورثنا الرسول عليه الصلاة والسلام ولادة، وجئت لنا بما حججتم به القائم عند موت الرسول عليه الصلاة والسلام، فأذعن للحجة بذلك، ورده الإيمان إلى النصف، فركبتم الأعاليل، وفعلتم الأفاعيل، وقلتم: كان ويكون، حتى أتاك الأمر يا معاوية! من طريق كان قصدها لغيرك، فهناك فاعتبروا يا أولي الأبصار. الخطبة.

الإمامة والسياسة 1: 153، جمهرة الخطب 2: 242.

54 - من كلام لابن عباس ألقاه في البصرة: أيها الناس! استعدوا للمسير إلى أمامكم، وانفروا في سبيل الله خفافا وثقالا، وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم فإنكم تقاتلون المحلين القاسطين الذين لا يقرءون القرآن ولا يعرفون حكم الكتاب، ولا يدينون

الصفحة 26
دين الحق، مع أمير المؤمنين. فقام إليه عمرو بن مرجوم العبدي فقال: وفق الله أمير المؤمنين وجمع له أمر المسلمين، ولعن المحلين القاسطين الذين لا يقرءون القرآن، نحن والله عليهم حنقون، ولهم في الله مفارقون.

كتاب صفين ص 130، 131.

55 - من كلام لعمار بن ياسر يوم صفين: يا أهل الاسلام؟ أتريدون أن تنظروا إلى من عادى الله ورسوله وجاهدهما، وبغى على المسلمين، وظاهر المشركين، فلما أراد الله أن يظهر دينه وينصر رسوله أتى النبي صلى الله عليه فأسلم، وهو والله فيما يرى راهب غير راغب، وقبض الله رسول صلى الله عليه وإنا والله لنعرفه بعداوة المسلم ومودة المجرم؟ ألا و إنه معاوية، فالعنوه لعنه الله، وقاتلوه فإنه ممن يطفئ نور الله، ويظاهر أعداء الله.

راجع تاريخ الطبري 6: 7، كتاب صفين ص 240، الكامل لابن الأثير 3: 136.

56 - من مقال لعبد الله بن بديل يوم صفين: إن معاوية ادعى ما ليس له ونازع الأمر أهله ومن ليس مثله، وجادل بالباطل ليدحض به الحق، وصال عليكم بالأعراب والأحزاب، وزين لهم الضلالة، وزرع في قلوبهم حب الفتنة، ولبس عليهم الأمر، و زادهم رجسا إلى رجسهم، وأنتم والله على نور من ربكم وبرهان مبين، قاتلوا الطغام الجفاة ولا تخشوهم، وكيف تخشونهم وفي أيديكم كتاب من ربكم ظاهر مبرور؟

أتخشونهم فالله أحق أن تخشوه إن كنتم مؤمنين، قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين. قاتلوا الفئة الباغية الذين نازعوا الأمر أهله وقد قاتلتهم مع النبي صلى الله عليه، والله ما هم في هذه بأزكى ولا أنقى ولا أبر، قوموا إلى عدو الله وعدوكم رحمكم الله.

تاريخ الطبري 6: 9، كتاب صفين ص 263، الاستيعاب في ترجمة عبد الله 1: 340، شرح ابن أبي الحديد 1: 483، جمهرة الخطب 1: 176.

57 - من خطبة لسعيد بن قيس: فوالله الذي بالعباد بصير أن لو كان قائدنا حبشيا مجدعا إلا أن معنا من البدريين سبعين رجلا، وإنما رئيسنا ابن عم نبينا، بدري صدق (1)، صلى صغيرا، وجاهد مع نبيكم كبيرا، ومعاوية طليق من وثاق الاسئار و

____________

(1) أشار إلى أن كونه بدريا ليس ككون عثمان بدريا بالتمحل والتصنع كما مر حديثه في هذا الجزء.

الصفحة 27
ابن طليق، ألا إنه أغوى جفاة فأوردهم النار، وأورثهم العار، والله محل بهم الذل و - الصغار، ألا إنكم ستلقون عدوكم غدا، فعليكم بتقوى الله والجد والحزم والصدق والصبر فإن الله مع الصابرين، ألا إنكم تفوزون بقتلهم ويشقون بقتلكم، والله لا يقتل رجل منكم رجلا منهم إلا أدخل الله القاتل جنات عدن، وأدخل المقتول نارا تلظى لا يفتر عنهم وهم فيه مبلسون.

كتاب صفين ص 266، شرح ابن أبي الحديد 1: 483، جمهرة الخطب 1: 179.

58 - من خطبة لمالك بن الحارث الأشتر يوم صفين: واعلموا أنكم على الحق وأن القوم على الباطل، يقاتلون مع معاوية، وأنتم مع البدريين قريب من مائة بدري، ومن سوى ذلك من أصحاب محمد صلى الله عليه، أكثر ما معكم رايات قد كانت مع رسول الله صلى الله عليه ومع معاوية رايات قد كانت مع المشركين على رسول الله صلى الله عليه، فما يشك في قتال هؤلاء إلا ميت القلب، فإنما أنتم على إحدى الحسنيين: إما الفتح، وإما الشهادة.

كتاب صفين ص 268، شرح ابن أبي الحديد 1: 484، جمهرة الخطب 1: 183 59 - من مقال لهاشم بن عتبة المرقال: سر بنا يا أمير المؤمنين؟ إلى هؤلاء القوم القاسية قلوبهم، الذين نبذوا كتاب الله وراء ظهورهم، وعملوا في عباد الله بغير رضا الله، فأحلوا حرامه، وحرموا حلاله، واستهوى بهم الشيطان، ووعدهم الأباطيل، ومناهم الأماني حتى أزاعهم عن الهدى، وقصد بهم قصد الردى، وحبب إليهم الدنيا، ومنه: وهم يا أمير - المؤمنين؟ يعلمون منك مثل الذي نعلم، ولكن كتب عليهم الشقاء، ومالت بهم الأهواء، وكانوا ظالمين. جمهرة الخطب 1: 151.

60 - من خطبة لابن عباس بصفين: إن ابن آكلة الأكباد قد وجد من طغام أهل الشام أعوانا على علي بن أبي طالب ابن عم رسول الله وصهره، وأول ذكر صلى معه، بدري قد شهد مع رسول الله صلى الله عليه كل مشاهده التي فيها الفضل، ومعاوية وأبو سفيان مشركان يعبدان الأصنام، واعلموا: والله الذي ملك الملك وحده فبان به وكان أهله، لقد قاتل علي بن أبي طالب مع رسول الله صلى الله عليه، وعلي يقول: صدق الله ورسوله، ومعاوية وأبو سفيان يقولان: كذب الله ورسوله. فما معاوية في هذه بأبر ولا أتقى ولا أرشد ولا أصوب منه في تلكم، فعليكم بتقوى الله والجد والحزم والصبر، وإنكم لعلى الحق وإن القوم

الصفحة 28
لعلى الباطل.

كتاب صفين ص 360، شرح ابن أبي الحديد 1: 504.

وسيوافيك حديث لعن ابن عباس معاوية يوم عرفة في المجتمع العام.

61 - من أبيات لعلقمة بن عمرو يوم صفين:

ما لابن صخر حرمة ترتجى * لها ثواب الله بل مندمه
لاقيت ما لاقى غداة الوغى * من أدرك الأبطال يا بن الأمه
ضيعت حق الله في نصرة * للظالم المعروف بالمظلمه
إن أبا سفيان من قبله * (إلى آخر الأبيات)

62 - من شعر مجزأة بن ثور السدوسي الصحابي العظيم ارتجز به يوم صفين:

أضربهم ولا أرى معاويه * الأبرج العين (1) العظيم الحاويه
هوت به في النار أم هاويه * جاوره فيها كلاب عاويه
أغوى طغاما لاهدته هاديه

يروى هذا الرجز لعلي عليه السلام في مروج الذهب 2: 25 وفيه: وقيل: إن هذا الشعر لبديل بن ورقاء، وكذلك عزاه إليه سلام الله عليه في لسان العرب 18: 229، وذكر - الطبري البيت الأول في تاريخه 6: 23 ونسبه إلى أمير المؤمنين، وذكر ابن مزاحم ثلاثة أشطر في كتاب صفين ص 460 وعزاها إلى أمير المؤمنين عليه السلام، وذكر الأشطر برمتها في ص 454 ونسبها إلى مالك الأشتر، ورواها لمجزأة بن ثور في ص 344 وذكرها ابن أبي الحديد في شرحه 1: 500 لمحرز بن ثور نقلا عن نصر بن مزاحم، وتعزى إلى الأخنس كما في الاشتقاق ص 148.

63 - قال أبو عمر في الاستيعاب 1: 251: لما قتل عثمان وبايع الناس عليا دخل عليه المغيرة بن شعبة فقال له: يا أمير المؤمنين؟ إن لك عندي نصيحة، قال: وما هي؟ قال: إن أردت أن يستقيم لك الأمر فاستعمل طلحة بن عبيد الله على الكوفة، والزبير بن العوام على البصرة، وابعث معاوية بعهده على الشام حتى يلزمه طاعتك فإذا استقرت لك الخلافة فأدرها كيف شئت برأيك. قال علي: أما طلحة والزبير فأرى رأيي فيهما، وأما معاوية فلا والله لا أراني مستعملا له ولا مستعينا به ما دام على حاله، ولكني أدعوه إلى الدخول

الصفحة 29
فيما دخل فيه المسلمون، فإن أبى حاكمته إلى الله، وانصرف عنه المغيرة مغضبا له لما لم يقبل عنه نصيحته، فلما كان الغداة أتاه فقال: يا أمير المؤمنين! نظرت فيما قلت لك بالأمس وما جاوبتني به فرأيت أنك وفقت للخير وطلب الحق، ثم خرج عنه فلقيه الحسن رضي الله عنه وهو خارج فقال لأبيه: ما قال لك هذا الأعور؟ قال: أتاني أمس هكذا وأتاني اليوم هكذا، قال: نصح لك والله أمس، وخدعك اليوم، فقال له علي: إن أقررت معاوية على ما في يده كنت متخذ المضلين عضدا.

راجع ما أسلفناه في الجزء السادس ص 142 ط 2.

64 - قال أبو عمر في الاستيعاب عند ترجمة حبيب بن مسلمة 1: 123: وروينا أن الحسن ابن علي قال لحبيب بن مسلمة في بعض خرجاته بعد صفين: يا حبيب! رب مسير لك في غير طاعة الله. فقال له حبيب: أما إلى أبيك فلا. فقال له الحسن: بل والله لقد طاوعت معاوية على دنياه وسارعت في هواه، فلئن كان قام بك في دنياك لقد قعد بك في دينك، فليتك إذ أسأت الفعل أحسنت القول فتكون كما قال الله تعالى: وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا، ولكنك كما قال الله تعالى: كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون.

65 - عن أبي سهيل التميمي قال: حج معاوية فسأل عن امرأة من بني كنانة كانت تنزل بالحجون يقال لها: دارمية الحجونية. وكانت سوداء كثيرة اللحم فأخبر بسلامتها فبعث إليها فجئ بها فقال: ما جاء بك يا ابنة حام؟ فقالت: لست لحام إن عبتني، أنا امرأة من بني كنانة، قال: صدقت أتدري لما بعثت إليك؟ قالت: لا يعلم الغيب إلا الله، قال: بعث إليك لأسألك علام أحببت عليا وأبغضتني؟ وواليته وعاديتني؟ قالت: أو تعفيني؟ قال: لا أعفيك. قالت: أما إذا أبيت فإني أحببت عليا على عدله في الرعية، و قسمه بالسوية، وأبغضتك على قتال من هو أولى منك بالأمر، وطلبتك ما ليس لك بحق، وواليت عليا على ما عقد له رسول الله صلى الله عليه وسلم من الولاء، وحبه المساكين، وإعظامه لأهل الدين، وعاديتك على سفك الدماء، وجورك في القضاء، وحكمك بالهوى. قال:

فلذلك انتفخ بطنك وعظم ثدياك، وربت عجزتك؟ قالت: يا هذا بهند والله كان يضرب

____________

(1) البرج: سعة العين.

الصفحة 30
المثل في ذلك لا بي. قال معاوية: يا هذه اربعي فإنا لم نقل إلا خيرا، إنه إذا انتفخ بطن المرأة تم خلق ولدها، وإذا عظم ثدياها تروي رضيعها، وإذا عظمت عجزتها رزن مجلسها فرجعت وسكنت، قال لها: يا هذه هل رأيت عليا؟ قالت: أي والله، قال: فكيف رأيته؟

قالت: رأيته والله لم يفتنه الملك الذي فتنك، ولم تشغله النعمة التي شغلتك، قال: فهل سمعت كلامه؟ قالت: نعم والله، فكان يجلو القلوب من العمى كما يجلو الزيت صدأ الطست قال: صدقت، فهل لك من حاجة؟ قالت: أو تفعل إذا سألتك؟ قال: نعم. قالت: تعطيني مائة ناقة حمراء فيها فحلها وراعيها، قال: تصنعين بها ماذا؟ قالت: أغذوا بألبانها الصغار، وأستحيي بها الكبار، وأكتسب بها المكارم، وأصلح بها بين العشائر، قال: فإن أعطيتك ذلك فهل أحل عندك محل علي بن أبي طالب؟ قالت: سبحان الله أو دونه فأنشأ معاوية يقول

إذا لم أعد بالحلم مني عليكم * فمن ذا الذي بعدي يؤمل للحلم؟
خذيها هنيئا واذكري فعل ماجد * جزاك على حرب العداوة بالسلم

ثم قال: أما والله لو كان علي حيا ما أعطاك منها شيئا، قالت: لا والله ولا وبرة واحدة من مال المسلمين. العقد الفريد 1: 162، بلاغات النساء لابن أبي طاهر ص 72.

66 - دخلت أروى بنت الحرث بن عبد المطلب على معاوية وهي عجوز كبيرة فلما رآها معاوية قال: مرحبا بك وأهلا يا خالة! فكيف كنت بعدنا؟ فقالت: يا ابن أخي لقد كفرت يد النعمة، وأسأت لابن عمك الصحبة، وتسميت بغير اسمك، وأخذت غير حقك، من غير دين كان منك ولا من آبائك، ولا سابقة في الاسلام بعد أن كفرتم برسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنفس الله منكم الجدود، وأضرع منكم الخدود، ورد الحق إلى أهله ولو كره المشركون، وكانت كلمتنا هي العليا، ونبينا صلى الله عليه وسلم هو المنصور، فوليتم علينا من بعده، وتحتجون بقرابتكم من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونحن أقرب إليه منكم و أولى بهذا الأمر، فكنا فيكم بمنزلة هارون من موسى، فغايتنا الجنة وغايتكم النار.

الحديث. العقد الفريد 1: 164، بلاغات النساء ص 27.

67 - من حديث طويل أسلفنا شطرا منه في ترجمة عمرو بن العاص ج 2 ص 133 - 136 فتكلم الحسن بن علي عليه السلام فحمد الله وأثنى عليه وصلى على رسوله صلى الله عليه وآله ثم قال: أما بعد: يا معاوية! فما هؤلاء شتموني ولكنك شتمتني فحشا ألفته، وسوء رأي