لا يتابع على حديثه بل عارضه ما هو أقوى منه. ثم ذكر من عمل أبي بكر وعمر وعلي على خلاف حديث ابن سيدان بأسانيد صحيحة.
فالسنة الثابتة في توقيت الجمعة هي السنة المتبعة في صلاة الظهر، وإقامة معاوية الجمعة في الضحى خروج عن سنة النبي صلى الله عليه وآله وهديه، وشذوذ عن سيرة السلف كشذوذه في بقية أفعاله وتروكه.
- 6 -
أحدوثة الجمع بين الأختين
أخرج ابن المنذر عن القاسم بن محمد: إن حيا سألوا معاوية عن الأختين مما ملكت اليمين يكونان عند الرجل يطؤهما؟ قال: ليس بذلك بأس، فسمع بذلك النعمان ابن بشير، فقال: أفتيت بكذا وكذا؟ قال: نعم. قال: أرأيت لو كان عند الرجل أخته مملوكته يجوز له أن يطأها. قال: أما والله لربما وددتني أدرك، فقل لهم: اجتنبوا ذلك، فإنه لا ينبغي لهم؟ فقال: إنما الرحم من العتاقة وغيرها (1)
قال الأميني: هذا الباب المرتج فتحه عثمان كما أسلفنا تفصيله في الجزء الثامن ص 220 - 229 وقد عد ذلك من أحداثه، ولم يوافقه عليه أحد من السلف والخلف ممن يعبأ به وبرأيه، حتى جاء معاوية معليا على ذلك البنيان المتضعضع، معليا بما شذ عن الدين الحنيف، أخذ بأحدوثة ابن عمه، صفحا عن كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وآله وسلم، وقد أتينا هنالك في بطلانه بما لم يبق معه في القوس منزع.
- 7 -
أحدوثة معاوية في الديات
أخرج الضحاك في الديات ص 50 من طريق محمد بن إسحاق قال: سألت الزهري قلت: حدثني عن دية الذمي كم كانت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قد اختلف علينا فيها. فقال: ما بقي أحد بين المشرق والمغرب أعلم بذلك مني، كانت على عهد رسول الله ألف دينار وأبي بكر وعمر وعثمان حتى كان معاوية أعطى أهل القتيل خمسمائة دينار، و وضع في بيت المال خمسمائة دينار.
____________
(1) الدر المنثور 2: 137
وفي الجوهر النقي: ذكر أبو داود في مراسيله بسند صحيح عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن قال: كان عقل الذمي مثل عقل المسلم في زمن رسول الله وزمن أبي بكر وزمن عمر وزمن عثمان حتى كان صدرا من خلافة معاوية، فقال معاوية: إن كان أهله أصيبوا به فقد أصيب به بيت مال المسلمين، فاجعلوا لبيت مال المسلمين النصف ولأهله النصف خمسمائة دينار، ثم قتل رجل من أهل الذمة. فقال معاوية: لو إنا نظرنا إلى هذا الذي يدخل بيت المال فجعلناه وضيعا عن المسلمين وعونا لهم، قال لمن هناك: وضع عقلهم إلى خمسمائة.
وقال ابن كثير في تاريخه 8: 139: قال الزهري: مضت السنة أن دية المعاهد كدية المسلم، وكان معاوية أول من قصرها إلى النصف وأخذ النصف.
قال الأميني: تقدم في الجزء الثامن ص 176: إن دية الذمي في دور النبوة لم يكن ألفا كما حسبه الزهري، ولم يذهب إليه أحد من أئمة المذاهب إلا أبا حنيفة وإن أول من جعلها ألفا هو عثمان، وعلى أي حال فما ارتكبه معاوية فيه بدع ثلاث.
1 - أخذ الدية ألفا.
2 - تنصيفه بين ورثة المقتول وبيت المال.
3 - وضعه حصة بيت المال أخيرا إن كانت الألف سنة ولبيت المال فيها حق.
فمرحى بخليفة يجهل حكما واحدا من الشريعة من شتى نواحيه، أو: يعلمه لكنه يتلاعب به كيفما حبذته له ميوله، وهو لا يقيم للحكم الإلهي وزنا، ولا يرى لله حدودا لا يتجاوزها، ويقول: لو أنا نظرنا. إلخ. ولا يبالي بما تقول على الله ولا يكترث لمغبة ما أحدثه في الدين وفي الذكر الحكيم قوله تعالى: ولو تقول علينا بعض الأقاويل، لأخذنا منه باليمين، ثم لقطعنا منه الوتين سورة الحاقة 44، 45، 46.
- 8 -
ترك التكبير المسنون في الصلوات
أخرج الطبراني (وفي نيل الأوطار: الطبري) عن أبي هريرة: إن أول من ترك التكبير معاوية، وروى أبو عبيد: إن أول من تركه زياد.
وأخرج ابن أبي شيبة من طريق سعيد بن المسيب أنه قال: أول من نقص التكبير معاوية. (1)
قال ابن حجر في فتح الباري 2: 215: هذا لا ينافي الذي قبله، لأن زيادا تركه بترك معاوية. وكان معاوية تركه بترك عثمان (2)، وقد حمل ذلك جماعة من أهل العلم على الاخفاء.
وفي الوسائل إلى مسامرة الأوائل ص 15: أول من نقص التكبير معاوية كان إذا قال: سمع الله لمن حمده. انحط إلى السجود فلم يكبر، وأسنده العسكري عن الشعبي، وأخرج ابن أبي شيبة عن إبراهيم قال: أول من نقص التكبير زياد.
وفي نيل الأوطار للشوكاني 2: 266: هذه الروايات غير متنافية، لأن زيادا تركه بترك معاوية، وكان معاوية تركه بترك عثمان وقد حمل ذلك جماعة من أهل العلم على الاخفاء، وحكى الطحاوي: إن بني أمية كانوا يتركون التكبير في الخفض دون الرفع، وما هذه بأول سنة تركوها.
وأخرج الشافعي في كتابه " الأم " 1: 93 من طريق أنس بن مالك قال: صلى معاوية بالمدينة صلاة فجهر فيها بالقرائة فقرأ بسم الله الرحمن الرحيم لأم القرآن ولم يقرأ بها للسورة التي بعدها حتى قضى تلك القرائة، ولم يكبر حين يهوي حتى قضى تلك - الصلاة، فلما سلم ناداه من سمع ذلك من المهاجرين من كل مكان: يا معاوية؟ أسرقت الصلاة أم نسيت؟ فلما صلى بعد ذلك قرأ بسم الله الرحمن الرحيم للسورة التي بعد أم القرآن وكبر حين يهوي ساجدا.
وأخرج في كتاب " الأم " 1: 94. من طريق عبيد بن رفاعة: أن معاوية قدم المدينة
____________
(1) فتح الباري 2: 215، تاريخ الخلفاء للسيوطي ص 134، نيل الأوطار 2: 266، شرح الموطأ للزرقاني 1: 145.
(2) أخرج حديثه أحمد في مسنده من طريق عمران كما يأتي في المتن بعيد هذا
وأخرجه من طريق أنس صاحب " الانتصار " كما في البحر الزخار 1: 249.
قال الأميني: تنم هذه الأحاديث عن أن البسملة لم تزل جزئا من السورة منذ نزول القرآن الكريم، وعلى ذلك تمرنت الأمة، وانطوت الضمائر، وتطامنت العقائد، و لذلك قال المهاجرون والأنصار لما تركها معاوية: إنه سرق ولم يتسن لمعاوية أن يعتذر لهم بعدم الجزئية حتى التجأ إلى إعادة الصلاة مكللة سورتها بالبسملة، أوانه إلتزم بها في بقية صلواته، ولو كان هناك يومئذ قول بتجرد السورة عنها لاحتج به معاوية لكنه قول حادث ابتدعوه لتبرير عمل معاوية ونظرائه من الأمويين الذين اتبعوه بعد تبين الرشد من الغي.
وأما التكبير عند كل هوي وانتصاب فهي سنة ثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وآله عرفها الصحابة كافة فأنكروا على معاوية تركها، وعليها كان عمل الخلفاء الأربعة، واستقر عليها إجماع العلماء وهي مندوبة عندهم عدا ما يؤثر عن أحمد في إحدى الروايتين عنه من وجوبها وكذلك عن بعض أهل الظاهر، وإليك جملة مما ورد في المسألة:
1 - عن مطرف بن عبد الله قال: صليت خلف علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنا وعمران بن حصين فكان إذا سجد كبر، وإذا رفع رأسه كبر، وإذا نهض من الركعتين كبر، فلما قضى الصلاة أخذ بيدي عمران بن حصين فقال: قد ذكرني هذا صلاة محمد، أو قال:
لقد صلى بنا صلاة محمد صلى الله عليه وسلم.
وفي لفظ لأحمد: قال عمران: ما صليت منذ حين. أو قال: منذ كذا كذا أشبه بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم من هذه الصلاة. صلاة علي.
وفي لفظ آخر له: عن مطرف عن عمران قال: صليت خلف علي صلاة ذكرني صلاة صليتها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم والخليفتين قال: فانطلقت فصليت معه فإذا هو يكبر كلما سجد وكلما رفع رأسه من الركوع فقلت: يا أبا نجيد من أول من تركه؟ قال عثمان بن عفان رضي الله عنه حين كبر وضعف صوته تركه.
2 - عن أبي هريرة أنه كان يصلي بهم فيكبر كلما خفض ورفع فإذا انصرف قال:
إني لأشبهكم صلاة برسول الله. وفي لفظ للبخاري: فلم تزل تلك صلاته حتى لقي الله.
راجع صحيح البخاري 2: 57، 58، صحيح مسلم 2: 7 بعدة طرق وألفاظ، سنن النسائي 2: 181، 235، سنن أبي داود 1: 133، سنن الدارمي 1: 285، المدونة الكبرى 1: 73، نصب الراية 1: 372، البحر الزخار 1: 255.
3 - عن عكرمة قال: رأيت رجلا عند المقام يكبر في كل خفض ورفع وإذا قام وإذا وضع فأخبرت ابن عباس رضي الله عنه قال: أو ليس تلك صلاة النبي صلى الله عليه وسلم لا أم لك.
وفي لفظ: عن عكرمة صليت خلف شيخ بمكة فكبر ثنتين وعشرين تكبيرة، فقلت لابن عباس: إنه أحمق فقال: ثكلتك أمك سنة أبي القاسم صلى الله عليه وسلم.
صحيح البخاري 2: 57، 58، مسند أحمد 1: 218، البحر الزخار 1: 255.
قال الأميني: يظهر من هذه الرواية أن تغيير الأمويين هذه السنة الشريفة وفي مقدمهم معاوية كان مطردا بين الناس حتى كادوا أن ينسوا السنة فحسبوا من ناء بها أحمقا، أو تعجبوا منه كأنه أدخل في الشريعة ما ليس منها، كل ذلك من جراء ما اقترفته يدا معاوية وحزبه الأثيمتان، وجنحت إليه ميولهم وشهواتهم، فبعدا لأولئك القصيين عما جاء به محمد صلى الله عليه وآله وسلم.
4 - عن علي وابن مسعود وأبي موسى الأشعري وأبي سعيد الخدري وغيرهم:
إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكبر عند كل خفض ورفع. صحيح البخاري 2: 70، سنن الدارمي 1: 285، سنن النسائي 2: 205، 230، 233، المدونة الكبرى 1: 73، نصب الراية 1: 372، بدايع الصنايع 1: 207، منتقى الأخبار لابن تيمية، البحر الزخار 1: 254.
5 - أخرج أحمد وعبد الرزاق والعقيلي من طريق عبد الرحمن بن غنم قال: إن أبا
6 - عن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكبر كلما خفض ورفع، فلم تزل تلك صلاته حتى قبضه الله.
المدونة الكبرى 1: 73، نصب الراية 1: 372.
7 - في المدونة الكبرى 1: 72: إن عمر بن عبد العزيز كتب إلى عماله يأمرهم أن يكبروا كلما خفضوا ورفعوا في الركوع والسجود إلا في القيام من التشهد بعد الركعتين لا يكبر حتى يستوي قائما مثل قول مالك.
هذه سنة الله ورسوله صلى الله عليه وآله في تكبير الصلوات عند كل هوي وانتصاب، وبها أخذ الخلفاء، وإليها ذهبت أئمة المذاهب، وعليها استقر الإجماع، غير أن معاوية يقابلها بخلافها ويغيرها برأيه ويتخذ الأمويون أحدوثته سنة متبعة تجاه ما جاء به نبي الاسلام.
قال ابن حجر في فتح الباري 2: 215 استقر الأمر على مشروعية التكبير في الخفض والرفع لكل مصل، فالجمهور على ندبية ما عدا تكبيرة الاحرام، وعن أحمد وبعض أهل العلم بالظاهر يجب كله.
وقال في ص 216: أشار الطحاوي إلى أن الإجماع استقر على أن من تركه فصلاته تامة، وفيه نظر لما تقدم عن أحمد، والخلاف في بطلان الصلاة بتركه ثابت في مذهب مالك إلا أن يريد إجماعا سابقا.
وقال النووي في شرح مسلم: إعلم أن تكبيرة الاحرام واجبة وما عداها سنة لو تركه صحت صلاته لكن فاتته الفضيلة وموافقة السنة، هذا مذهب العلماء كافة إلا أحمد بن حنبل رضي الله عنهم في إحدى الروايتين عنه إن جميع التكبيرات واجبة.
وقال الشوكاني في نيل الأوطار 2: 265: حكى مشروعية التكبير في كل خفض ورفع عن الخلفاء الأربعة وغيرهم ومن بعدهم من التابعين قال: وعليه عامة الفقهاء والعلماء، وحكاه ابن المنذر عن أبي بكر الصديق، وعمر بن الخطاب، وابن مسعود،
وعن ابن عبد البر في شرح الموطأ للزرقاني 1: 145: وقد اختلف في تاركه فقال ابن القاسم: إن أسقط ثلاث تكبيرات سجد لسهوه وإلا بطلت، وواحدة أو اثنتين سجد أيضا، فإن لم يسجد فلا شيئ عليه، وقال عبد الله بن عبد الحكم وأصبغ: إن سها سجد فإن لم يسجد فلا شيئ عليه، وعمدا أساء وصلاته صحيحة، وعلى هذا فقهاء الأمصار من الشافعيين والكوفيين وأهل الحديث والمالكيين إلا من ذهب منهم مذهب ابن القاسم.
- 9 -
ترك التلبية خلافا لعلي عليه السلام
أخرج النسائي في سننه 5: 253، والبيهقي في السنن الكبرى 5: 113 من طريق سعيد بن جبير قال: كان ابن عباس بعرفة فقال: يا سعيد! مالي لا أسمع الناس يلبون؟
فقلت: يخافون معاوية. فخرج ابن عباس من فسطاطه فقال: لبيك أللهم لبيك، وإن رغم ألف معاوية، اللهم العنهم فقد تركوا السنة من بغض علي.
وقال السندي في تعليق سنن النسائي: (من بغض علي) أي لأجل بغضه، أي وهو كان يتقيد بالسنن فهؤلاء تركوها بغضا له.
وفي كنز العمال: عن ابن عباس قال: لعن الله فلانا إنه كان ينهى عن التلبية في هذا اليوم يعني يوم عرفة، لأن عليا كان يلبي فيه. ابن جرير.
وفي لفظ أحمد في المسند 1: 217 عن سعيد بن جبير قال: أتيت ابن عباس بعرفة وهو يأكل رمانا فقال: أفطر رسول الله بعرفة وبعثت إليه أم الفضل بلبن فشربه. وقال:
لعن الله فلانا عمدوا إلى أعظم أيام الحج فمحوا زينته، وإنما زينة الحج التلبية. وحكاه في كنز العمال عن ابن جرير الطبري.
وفي تاريخ ابن كثير 8: 130 من طريق صحيح عن سفيان عن حبيب عن سعيد عن ابن عباس إنه ذكر معاوية وإنه لبى عشية عرفة فقال فيه قولا شديدا، ثم بلغه أن
وقال ابن حزم في المحلى 7: 136: كان معاوية ينهى عن ذلك.
قال الأميني: إن السنة المسلمة عند القوم استمرار التلبية إلى رمي جمرة العقبة أو لها أو آخرها على خلاف فيه. وإليك ما يؤثر منها عندهم:
1 - عن الفضل: أفضت مع النبي صلى الله عليه وسلم من عرفات فلم يزل يلبي حتى رمى جمرة العقبة، ويكبر مع كل حصاة، ثم قطع التلبية مع آخر حصاة. وفي لفظ: لم يزل يلبي حتى بلغ الجمرة.
صحيح البخاري 3: 109، صحيح مسلم 4: 71، صحيح الترمذي 4: 150، قال: وفي الباب عن علي، وابن مسعود، وابن عباس، سنن النسائي 5: 268، 275، 276، سنن ابن ماجة 2: 244، سنن أبي داود 1: 287، سنن الدارمي 2: 62، سنن البيهقي 5: 112، 119، كتاب الأم 2: 174 وقال: وروى ابن مسعود عن النبي مثله. هـ. مسند أحمد 1: 226، وأخرجه ابن خزيمة وقال: هذا حديث صحيح مفسرا لما أبهم في الروايات الأخرى (1) وقال الترمذي: والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم.
2 - عن جابر بن عبد الله وأسامة وابن عباس: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لزم التلبية و لم يقطعها حتى رمى جمرة العقبة.
راجع صحيح البخاري 3: 114، سنن ابن ماجة 2: 244، المحلى 7: 136، بدايع الصنايع 2: 156.
3 - عن عبد الرحمن بن يزيد: إن عبد الله بن مسعود لبى حين أفاض من جمع فقيل له:
عن أي هذا؟ " وفي لفظ مسلم: فقيل: أعرابي هذا " فقال: أنسي الناس أم ضلوا؟ سمعت الذي أنزلت عليه سورة البقرة يقول في هذا المكان: لبيك أللهم لبيك.
راجع صحيح مسلم 1: 363 وفي ط 4: 71، 72، سنن البيهقي 5: 122، المحلى 7: 135 وصححه، ورواه الطحاوي بإسناد صحيح كما في فتح الباري 3: 420، بدايع الصنايع 2: 154.
____________
(1) نيل الأوطار 5: 55.
كتاب الأم 2: 174، سنن البيهقي 5: 113، المحلى 7: 136 5 - عن ابن عباس: تلبي حتى تأتي حرمك إذا رميت الجمرة.
سنن البيهقي 5: 113.
6 - عن ابن عباس أيضا: سمعت عمر يلبي غداة المزدلفة.
المحلى لابن حزم 7: 136.
7 - عن ابن عباس أيضا: سمعت عمر بن الخطاب يهل وهو يرمي جمرة العقبة فقلت له: فيما الاهلال يا أمير المؤمنين؟ فقال: وهل قضينا نسكنا بعد؟
كتاب الأم مختصرا 2: 174، سنن البيهقي 5: 113، المحلى، 7: 136.
8 - عن ابن عباس أيضا: حججت مع عمر إحدى عشرة حجة وكان يلبي حتى يرمي الجمرة.
أخرجه سعيد بن منصور كما في فتح الباري 3: 419.
9 - عن ابن عباس أيضا: التلبية شعار الحج فإن كنت حاجا فلب حتى بدء حلك، وبدء حلك أن ترمي جمرة العقبة.
أخرجه ابن المنذر بإسناد صحيح كما في فتح الباري 3: 419.
10 - عن ابن مسعود: لا يمسك الحاج عن التلبية حتى يرمي جمرة العقبة.
المحلى لابن حزم 7: 136.
11 - عن الأسود بن يزيد: إنه سمع عمر بن الخطاب يلبي بعرفة.
سنن البيهقي 5: 113، المحلى 7: 136.
12 - أخرج ابن أبي شيبة من طريق عكرمة يقول: أهل رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى رمى الجمرة، وأبو بكر وعمر. المحلى 7: 136.
13 - عن أنس بن مالك في الجواب عن التلبية يوم عرفة: سرت هذا المسير مع النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه فمنا المكبر، ومنا المهل، ولا يعيب أحدنا على صاحبه. صحيح مسلم 4: 73.
15 - عن عبد الرحمن الأسود: إن أباه صعد إلى ابن الزبير المنبر يوم عرفة فقال له: ما يمنعك أن تهل؟ فقد رأيت عمر في مكانك هذا يهل فأهل ابن الزبير.
المحلى لابن حزم 7: 136.
16 - عن مولانا أمير المؤمنين إنه لبى حتى رمى جمرة العقبة. المحلى 7: 136.
17 - عن مولانا علي أيضا إنه لبى في الحج حتى إذا زاغت الشمس من يوم عرفة قطع التلبية.
أخرجه مالك في الموطأ 1: 247 وقال: وذلك الأمر الذي لم يزل عليه أهل العلم ببلدنا. وذكره صاحب البحر الزخار 2: 342.
18 - عن عكرمة: كنت مع الحسين بن علي " عليهما السلام " فلبى حتى رمى جمرة العقبة.
هذه هي السنة المتسالم عليها عند القوم، وبها أخذت أئمة الفقه والفتوى قال ابن حزم في المحلى 7: 135: لا يقطع التلبية إلا مع آخر حصاة من جمرة العقبة، فإن مالكا قال: يقطع التلبية إذا نهض إلى عرفة، ثم زيف أدلة مالك، وأنت سمعت قول مالك قبيل هذا وإنه يخالف ما عزاه إليه ابن حزم.
وقال في ص 136: لا يقطعها حتى يرمي الجمرة وهو قول أبي حنيفة والشافعي و أحمد وإسحاق وأبي سليمان.
وقال ملك العلماء في البدايع 2: 154: لا يقطع التلبية وهذا قول عامة العلماء، وقال مالك: إذا وقف بعرفة يقطع التلبية والصحيح قول العامة.
وقال ابن حجر في فتح الباري 3: 419: وباستمرارها قال الشافعي وأبو حنيفة والثوري وأحمد وإسحاق وأتباعهم.
وفي نيل الأوطار 5: 55: إن التلبية تستمر إلى رمي جمرة العقبة، وإليه ذهب الجمهور.
هذا ما تسالمت عليه الأمة سلفا وخلفا، لكن معاوية جاء متهاونا بالسنة لمحض أن عليا عليه السلام كان ملتزما بها، فحدته بغضاءه إلى مضادته ولو لزمت مضادة السنة،
وإني لست أدري أكان من السائغ الجائز لعن ابن عباس وهو محرم في ذلك الموقف العظيم، في مثل يوم عرفة اليوم المشهود معاوية باغض علي أمير المؤمنين ومناوئه تارك سنة محمد صلى الله عليه وآله وسلم؟ هلا كان حبر الأمة يعلم أن الصحابة كلهم عدول؟ أو أن الصحابي كائنا من كان لا يجوز سبه؟ أو أن معاوية مجتهد وللمخطأ من المجتهدين أجر واحد؟ أنا لا أدري، غير أن ابن عباس لا يقول بالتافه ولا يخبت إلى الخرافة.
وما أظلم معاوية الجاهل بأحكام الله؟ فإنه يخالف هاهنا عليا عليه السلام وهو بكله حاجة وافتقار إلى علم الإمام الناجع، قال سعيد بن المسيب: إن رجلا من أهل الشام وجد رجلا مع امرأته فقتله وقتلها فأشكل على معاوية الحكم فيه فكتب إلى أبي موسى ليسأل له علي بن أبي طالب رضي الله عنهم فقال له علي رضي الله عنه: هذا شيئ ما وقع بأرضي عزمت عليك لتخبرني. فقال له أبو موسى: إن معاوية كتب إلي به أن أسألك فيه. فقال علي رضي الله عنه: أنا أبو الحسن إن لم يأت بأربعة شهداء فليعط برمته. (1)
أخرجه مالك في الموطأ 2: 117، سنن البيهقي 8: 231، تيسير الوصول 4: 73
لفت نظر
هذه النزعة الأموية الممقوتة بقيت موروثة عند من تولى معاوية جيلا بعد جيل فترى القوم يرفعون اليد عن السنة الثابتة خلافا لشيعة أمير المؤمنين عليه السلام، أو إحياء لما سنته يد الهوى تجاه الدين الحنيف. كما كان معاوية يفعل ذلك إحياء لما أحدثه خليفة بيته الساقط تارة، كما مر في الإتمام في السفر ومواضع أخرى، وخلافا للإمام آونة كما في التلبية وغيرها.
قال الشيخ محمد بن عبد الرحمن الدمشقي في كتاب " رحمة الأمة في اختلاف الأئمة " المطبوع بهامش الميزان للشعراني 1: 88: السنة في القبر التسطيح، وهو أولى على الراجح من مذهب الشافعي. وقال أبو حنيفة ومالك وأحمد: التسنيم أولى لأن التسطيح
____________
(1) الرمة: الحبل الذي يقاد به الجاني.
وقال الغزالي والماوردي: إن تسطيح القبور هو المشروع لكن لما جعلته الرافضة شعارا لهم عدلنا عنه إلى التسنيم.
وقال مصنف " الهداية " من الحنفية: إن المشروع التختم في اليمين ولكن لما اتخذته الرافضة جعلناه في اليسار. هـ.
وأول من اتخذ التختم باليسار خلاف السنة هو معاوية كما في ربيع الأبرار للزمخشري.
وقال الحافظ العراقي في بيان كيفية إسدال طرف العمامة: فهل المشروع إرخاؤه من الجانب الأيسر كما هو المعتاد أو الأيمن لشرفه؟ لم أر ما يدل على تعيين الأيمن إلا في حديث ضعيف عند الطبراني، وبتقدير ثبوته فلعله كان يرخيها من الجانب الأيمن ثم يردها إلى الجانب الأيسر كما يفعله بعضهم، إلا أنه صار شعارا للإمامية فينبغي تجنبه لترك التشبه بهم. شرح المواهب للزرقاني 5: 13.
وقال الزمخشري في تفسيره 2: 439: القياس جواز الصلاة على كل مؤمن لقوله تعالى: هو الذي يصلي عليكم. وقوله تعالى: وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم. وقوله صلى الله عليه وسلم: أللهم صل على آل أبي أوفى. ولكن للعلماء تفصيلا في ذلك وهو: إنها إن كانت على سبيل التبع كقولك صلى الله على النبي وآله فلا كلام فيها، وأما إذا أفرد غيره من أهل البيت بالصلاة كما يفرد هو فمكروه لأن ذلك شعار لذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم ولأنه يؤدي إلى الاتهام بالرفض، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من كان يؤمن بالله و اليوم الآخر فلا يقفن مواقف التهم.
وقال ابن تيمية في منهاجه 2: 143 عند بيان التشبه بالروافض: ومن هنا ذهب من ذهب من الفقهاء إلى ترك بعض المستحبات إذا صارت شعارا لهم، فإنه وإن لم يكن الترك واجبا لذلك لكن في إظهار ذلك مشابهة لهم فلا يتميز السني من الرافضي، و مصلحة التمييز عنهم لأجل هجرانهم ومخالفتهم أعظم من مصلحة هذا المستحب.
ثم جعل هذا كالتشبه بالكفار في وجوب التجنب عن شعارهم، وسيوافيك التفصيل في بيان هذه كلها ونظراؤها عند الكلام عن الفتاوى الشاذة عن الكتاب والسنة إن
وقال الشيخ إسماعيل البروسوي في تفسيره [روح البيان] 4: 142: قال في عقد الدرر واللئالي: (1) المستحب في ذلك اليوم - يعني يوم عاشوراء - فعل الخيرات من الصدقة والصوم والذكر وغيرهما، ولا ينبغي للمؤمن أن يتشبه بيزيد الملعون في بعض الأفعال، وبالشيعة والروافض والخوارج أيضا. يعني لا يجعل ذلك اليوم يوم عيد أو يوم مأتم، فمن اكتحل يوم عاشوراء فقد تشبه بيزيد الملعون وقومه، وإن كان للاكتحال في ذلك اليوم أصل صحيح، فإن ترك السنة سنة إذا كان شعارا لأهل البدعة كالتختم باليمين فإنه في الأصل سنة لكنه لما كان شعار أهل البدعة والظلمة صارت السنة أن يجعل الخاتم في خنصر اليد اليسرى في زماننا كما في شرح القهستاني.
ومن قرأ يوم عاشوراء وأوائل المحرم مقتل الحسين رضي الله عنه، فقد تشبه بالروافض، خصوصا إذا كان بألفاظ مخلة بالتعظيم لأجل تحزين السامعين، وفي كراهية القهستاني: لو أراد ذكر مقتل الحسين ينبغي أن يذكر أولا مقتل سائر الصحابة لئلا يشابه الروافض.
وقال حجة الاسلام الغزالي: يحرم على الواعظ وغيره رواية مقتل الحسين و حكايته وما جرى بين الصحابة من التشاجر والتخاصم، فإنه يهيج بغض الصحابة والطعن فيهم وهم أعلام الدين، وما وقع بينهم من المنازعات فيحمل على محامل صحيحة، ولعل ذلك لخطأ في الاجتهاد لا لطلب الرياسة والدنيا كما لا يخفى. ا هـ.
وقال ابن حجر في فتح الباري 11: 142: تنبيه: اختلف في السلام على غير الأنبياء بعد الاتفاق على مشروعيته في تحية الحي، فقيل: يشرع مطلقا. وقيل: بل تبعا ولا يفرد لواحد لكونه صار شعارا للرافضة. ونقله النووي عن الشيخ أبي محمد الجويني.
- 10 -
أحدوثة تقديم الخطبة على الصلاة
قال الزرقاني في شرح الموطأ 1: 324 في بيان كون الصلاة قبل الخطبة في العيدين:
____________
(1) في فضل الشهور والأيام والليالي للشيخ شهاب الدين أحمد بن أبي بكر الحموي الشهير بالرسام.
وأخرج الشافعي عن عبد الله بن يزيد نحو حديث ابن عباس وزاد حتى قدم معاوية فقدم الخطبة، وهذا يشير إلى أن مروان إنما فعل ذلك تبعا لمعاوية، لأنه كان أمين المدينة من جهته، وروى عبد الرزاق عن ابن جريج عن الزهري: أول من أحدث الخطبة قبل الصلاة في العيد معاوية، وروى ابن المنذر عن ابن سيرين: أول من فعل ذلك زياد بالبصرة. قال عياض: ولا مخالفة بين هذين الأثرين وأثر مروان لأن كلا من مروان وزياد كان عاملا لمعاوية فيحمل على أنه ابتدأ ذلك وتبعه عماله. ا هـ
وقال السكتواري في محاضرة الأوائل ص 144: أول من بدأ بالخطبة قبل الصلاة معاوية، وجرى ذلك في الأمراء المروانية كمروان وزياد وهو فعله بالعراق، و معاوية بالمدينة شرفها الله تعالى.
قال الأميني: مر في الجزء الثامن ص 164 - 171 بيان السنة الثابتة في خطبة العيدين، وانها بعد الصلاة كما مضى عليه الرسول الأمين صلى الله عليه وآله واتبعه الشيخان و
وأول من أحدث أحدوثة السب هو معاوية، فالشنعة عليه في المقام أعظم ممن بدل السنة قبله، فإنه وإن تابع البادي على البدعة غير أنه قرنها بأخرى شوهاء شنعاء، فأمعن النظرة في تطبيق هذه البدعة بصورتها الأخيرة على ما صح عن رسول الله صلى الله عليه وآله من قوله:
من سب عليا فقد سبني ومن سبني فقد سب الله (1) وقوله صلى الله عليه وآله: لا تسبوا عليا فإنه ممسوس بذات الله (2) ثم ارجع البصر كرتين إلى أنه هل يباح لأي مسلم أن يجتهد بجواز سب مولانا أمير المؤمنين تجاه نص الكتاب العزيز في تطهيره وولايته ومودته وكونه نفس النبي الأقدس صلى الله عليه وآله، تجاه هذا النص الجلي الخاص له عليه السلام والنصوص العامة الواردة في سباب المؤمن مثل قوله صلى الله عليه وآله وسلم: سباب المسلم فسوق؟! (3) وهل يشك مسلم أن أمير المؤمنين أول المسلمين وأولاهم بهم من أنفسهم وهو أميرهم وسيدهم؟!
- 11 -
حد من حدود الله متروك
ذكر الماوردي وآخرون: إن معاوية أتى بلصوص فقطعهم حتى بقي واحد من بينهم فقال:
فقال معاوية: كيف أصنع بك؟ قد قطعنا أصحابك. فقالت أم السارق: يا أمير
____________
(1) أخرجه الحفاظ بإسناد رجاله كلهم ثقات صححه الحاكم والذهبي.
(2) حلية الأولياء 1: 68.
(3) أخرجه البخاري ومسلم والترمذي وابن ماجة والنسائي والحاكم والدارقطني وغيرهم
في الصحاح والمسانيد.