راجع الجزء الخامس ص 259 ط 1، 304 ط 2.
3 - عن جابر: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم استشار جبريل في استكتاب معاوية فقال:
استكتبه فإنه أمين.
راجع الجزء الخامس ص 260 ط 1، 305 ط 2.
4 - عن عبادة بن الصامت: أوحى الله إلى النبي صلى الله عليه وسلم: استكتب معاوية فإنه أمين مأمون.
راجع الجزء الخامس ص 261 ط 1، 305 ط 2.
5 عن أنس مرفوعا: الأمناء سبعة: اللوح والقلم وإسرافيل وميكائيل وجبريل ومحمد ومعاوية.
راجع الجزء الخامس ص 262 ط 1، 308 ط 2.
6 - عن أبي هريرة مرفوعا: الأمناء عند الله ثلاثة: أنا وجبريل ومعاوية.
راجع الجزء الخامس ص 261 ط 1، 306 ط 2.
7 - أخبر رجل عن رجل قال: اجتمع عشرة من بني هاشم فغدوا على النبي صلى الله عليه وسلم فلما قضى الصلاة قالوا: يا رسول الله! غدونا ليك لنذكر لك بعض أمورنا، إن الله قد تفضل بهذه الرسالة فشرفك، بها وشرفنا لشرفك وهذا معاوية بن أبي سفيان يكتب الوحي فقد رأينا أن غيره من أهل بيتك أولى به لك منه قال: نعم. انظروا في رجل غيره قال: وكان الوحي ينزل في كل أربعة أيام من عند الله إلى محمد فأقام جبريل أربعين يوما لا ينزل، فلما كان يوم أربعين هبط جبريل بصحيفة فيها مكتوب: يا محمد! ليس لك أن تغير من اختاره الله لكتابة وحيه فأقره فإنه أمين، فأقره.
راجع الجزء الخامس ص 262 ط 1، 307 ط 2.
8 - عن واثلة مرفوعا: إن الله ائتمن على وحيه جبريل وأنا ومعاوية، وكاد أن يبعث معاوية نبيا من كثرة علمه وائتمانه على كلام ربي، يغفر الله معاوية ذنوبه، ووقاه حسابه، وعلمه كتابه، وجعله هاديا مهديا وهدى به.
راجع الجزء الخامس ص 262 ط، 1 308 ط 2.
9 - عن سعد: إن النبي صلى الله عليه وآله قال لمعاوية: إنه يحشر وعليه حلة من نور
راجع الجزء الخامس ص 276 ط 1، 324 ط 2.
10 - عن عبد الله بن عمر: إن جعفر بن أبي طالب أهدى إلى النبي صلى الله عليه وآله سفرجلا فأعطى معاوية ثلاث سفرجلات وقال: تلقاني بهن في الجنة.
راجع الجزء الخامس ص 281 ط 1، 329 ط 2.
قال ابن حبان: موضوع. وقال الخطيب: حديث غير ثابت. وقال ابن عساكر:
لا أصل له. راجع اللئالي المصنوعة 1: 422، 423.
11 - عن عبد الله بن عمر مرفوعا: الآن يطلع عليكم رجل من أهل الجنة، فطلع معاوية فقال: أنت يا معاوية! مني وأنا منك، لتزاحمني على باب الجنة كهاتين وأشار بإصبعيه.
ذكره الذهبي في الميزان 2: 133 وقال: خبر باطل.
12 - أخرج البخاري في تاريخه 4 قسم ص 180 عن إسحاق بن يزيد عن محمد بن مبارك الصوري عن صدقة بن خالد عن وحشي بن حرب بن وحشي عن أبيه عن جده قال:
كان معاوية ردف النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا معاوية! ما يليني منك؟ قال: بطني قال صلى الله عليه وسلم: اللهم املأه علما وحلما. وذكره الذهبي في الميزان 3: 268.
قال الأميني: لو كان لهذه الرواية اعتبار ولو قليلا عند البخاري لأخرجه في صحيحه، ولم يجعل باب ذكر معاوية خاليا عن كل فضيلة ومنقبة، وهو يعلم أن معاوية بكله فارغ عن العلم والحلم فكيف يصدقها من يعرف الرجل بالجهل والغضب المرديين؟
ولو كان رسول الله صلى الله عليه وآله دعا على رجل بأن يخلو بطنه من العلم والحلم فهل كان هو غير باطن معاوية؟ أي عمل الرجل في ورده وصدره ينبأ عن الخلتين؟ وأي فرق فيهما بين جاهليته الممقوتة وبين إسلامه المظلم؟ فتلك وهذا سواسية، وهو بينهما رهين جهله المبير وغضبه المهلك، فإذا سألت عبادة بن الصامت (الصحابي العظيم) عن علمه فعلى الخبير سقطت يقول لك: إن أمه هند أعلم منه (1) وإذا سألت شريكا عن حلمه
____________
(1) تاريخ ابن عساكر 7: 210.
أين كان حلمه حين قتل حجرا وأصحابه؟ ويل له من حجر وأصحابه.
وقال شريك حين ذكر معاوية عنده بالحلم: هل كان معاوية إلا معدن السفه؟
والله لقد أتاه قتل أمير المؤمنين وكان متكيا فاستوى جالسا ثم قال: يا جارية غنيني فاليوم قرت عيني فأنشأت تقول:
فرفع معاوية عمودا كان بين يديه فضرب رأسها ونثر دماغها، أين كان حلمه ذلك اليوم؟ (3) والذي جاء في بطن معاوية من الحديث المتسالم عليه إنما هو إنه صلى الله عليه وآله دعا عليه وقال: لا أشبع الله بطنه. وأما غيره فحديث إفك لا يؤبه به.
13 - عن جابر: إن النبي صلى الله عليه وسلم أعطى معاوية سهما وقال: هاك حتى تلقاني به في الجنة. وفي لفظ عن أبي هريرة: حتى توافيني به في الجنة.
رواه قاسم بن بهران. قال ابن حبان: لا يجوز الاحتجاج به بحال. وقال ابن عدي: إنه كذاب. وقال الذهبي: موضوع (4).
14 - عن خارجة بن زيد عن أبيه مرفوعا: يا أم حبيبة! لله أشد حبا لمعاوية منك كأني أراه على رفارف الجنة. ميزان الاعتدال 3: 56، قال الذهبي: خبر باطل اتهم بوضعه محمد بن رجاء.
قال الأميني: وفي الاسناد: عبد الرحمن بن أبي الزناد قال يحيى بن معين: ليس
____________
(1) تاريخ ابن كثير 8: 130.
(2) مر حديثه في هذا الجزء.
(3) هذه القضية ذكرها الراغب في محاضراته المخطوطة الموجودة، وهكذا نقلت عنها في تشييد المطاعن في ج 2: 409 غير إن يد الطبع الأمينة؟ حرفتها من الكتاب مع أحاديث ترجع إلى معاوية راجع ج 2: 214 من المحاضرات وقابلها بالمخطوطة منها.
(4) راجع ميزان الاعتدال 2: 38، لسان الميزان 4: 414، 459، ج 6: 219.
مضطرب الحديث. وعن ابن المديني: كان عند أصحابنا ضعيفا. وقال النسائي: لا يحتج بحديثه، وكان يضعف لروايته عن أبيه. تهذيب التهذيب 6: 170.
15 - قال أبو عمرو الزاهد: أخبرني علي بن محمد ابن الصائغ عن أبيه أنه قال:
رأيت الحسين وقد وفد على معاوية زائرا فأتاه في يوم جمعة وهو قائم على المنبر خطيبا فقال له رجل من القوم: يا أمير المؤمنين! إيذن للحسين يصعد المنبر، فقال له معاوية: ويلك دعني افتخر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: سألتك بالله يا أبا عبد الله! أليس أنا ابن بطحاء مكة؟ فقال: أي والذي بعث جدي بالحق بشيرا، ثم قال: سألتك بالله يا أبا عبد الله!
أليس أنا خال المؤمنين؟ فقال: أي والذي بعث جدي نبيا، ثم قال: سألتك بالله يا أبا عبد الله! أليس أنا كاتب الوحي؟ فقال: أي والذي بعث جدي نذيرا. ثم نزل معاوية وصعد الحسين بن علي فحمد الله بمحامد لم يحمده الأولون والآخرون بمثلها ثم قال:
حدثني أبي عن جدي عن جبريل عن الله تعالى: إن تحت قائمة كرسي العرش ورقة آس خضراء مكتوب عليها: لا إله إلا الله، محمد رسول الله، يا شيعة آل محمد! لا يأتي أحدكم يوم القيامة يقول لا إله إلا الله إلا أدخله الله الجنة فقال له معاوية: سألتك بالله يا أبا عبد الله! من شيعة آل محمد؟ فقال: الذين لا يشتمون الشيخين أبا بكر وعمر، ولا يشتمون عثمان، ولا يشتمون أبي، ولا يشتمونك يا معاوية!.
أخرجه ابن عساكر في تاريخه 4:، 312، 313 وقال: هذا حديث منكر ولا أرى إسناده متصلا إلى الحسين.
قال الأميني: ألا تعجب من حافظ يروي مثل هذا الحديث ويراه منكرا غير مسند؟ أليس في إسناده أبو عمر الزاهد محمد بن عبد الواحد الذي ألف من الأكاذيب جزءا في فضائل معاوية ومنها هذه الأكذوبة الفاحشة؟ أليس فيه علي بن محمد الصائغ ؟ ي قال الخطيب في تاريخه 3: 222: ضعيف جدا؟ ألا يقول الحافظ؟: إن علي بن محمد الصائغ الذي يروي عنه أبو أحمد الجرجاني المتوفى 374 الذي يروي عن مالك المتوفى 179 بواسطة كيف يروي أبوه عن الحسين السبط عليه السلام الشهيد سنة 60؟! وكيف يعقل إدراكه معاوية وحضوره في خطبته؟!
16 - مرفوعا: يبعث معاوية عليه رداء من نور.
أخرجه ابن حبان من طريق جعفر بن محمد الأنطاكي وقال: خبر باطل (ميزان الاعتدال 1: 193، لسان الميزان 2: 124) أقر الذهبي وابن حجر بطلان الحديث وعدم ثقة الأنطاكي.
17 - أخرج أبو نعيم في الحلية 10: 393 عن عبد الله بن محمد بن جعفر عن أحمد بن محمد البزاز المدني عن إبراهيم بن عيسى الزاهد عن أحمد الدينوري عن عبد العزيز بن يحيى عن إسماعيل بن عياش عن عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار عن أبيه عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يطلع عليكم رجل من أهل الجنة. فطلع معاوية، ثم قال من الغد مثل ذلك فطلع معاوية، ثم قال من الغد مثل ذلك فطلع معاوية. قال الذهبي: إنه ليس بصحيح. راجع لسان الميزان 2: 213.
قال الأميني: أحمد بن مروان - الدينوري مالكي صاحب المجالسة، صرح الدار قطني في غرائب مالك بأنه يضع الحديث. وذكر حديث: سبقت رحمتي غضبي فقال: لا يصح بهذا الاسناد، والمتهم به أحمد بن مروان، وهو عندي ممن كان يضع الحديث. لسان الميزان 1: 309.
وفي الاسناد: عبد العزيز بن يحيى، قال ابن أبي حاتم سمع منه أبي ثم تركه وقال: لا أحدث عنه ضعيف. وقال أبو زرعة: ليس بثقة وذكرته لإبراهيم بن المنذر فكذبه، وذكرته لأبي مصعب فقلت: يحدث عن سليمان بن بلال، فقال: كذاب أنا أكبر منه وما أدركته. وقال العقيلي: يحدث عن الثقات بالبواطيل، ويدعي من الحديث ما لا يعرف به غيره من المتقدمين عن مالك وغيره. وقال ابن عدي: ضعيف جدا وهو يسرق حديث الناس. ميزان الاعتدال 2: 140، تهذيب التهذيب 6: 363.
وفيه: عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار، ضعفه ابن معين. وقال أبو حاتم: فيه لين يكتب حديثه ولا يحتج به وقال ابن عدي: وبعض ما يرويه منكر لا يتابع عليه وهو في جملة من يكتب حديثه من الضعفاء. ميزان 2: 109، تهذيب التهذيب 6: 206.
18 - أخرج الذهبي في الميزان وابن كثير في تاريخه 8 ص 121 من طريق نصير عن أبي هلال محمد بن سليم حدثنا جبلة عن رجل عن مسلمة بن مخلد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: اللهم علم معاوية الكتاب، ومكن له في البلاد.
قال الذهبي: جبلة لا يعرف والخبر منكر بمرة. وقال ابن حجر في اللسان 2: 96: ولعل الآفة في الحديث من الرجل المجهول. قال الأميني: لم لا تكن الآفة من الرجل المعلوم (محمد بن سليم) الكذاب، وقد ترجمه الذهبي في الميزان وابن حجر في لسانه عن يحيى بن معين بأنه كان يكذب في الحديث، راجع الميزان 3: 62 ولسان الميزان 5: 192.
19 - أخرج العقيلي من طريق بشر بن بشار السمسار عن عبد الله بن بكار المقري من ولد أبي موسى الأشعري عن أبيه عن جده عن أبي موسى رضي الله عنه قال: دخل النبي صلى الله عليه وآله على أم حبيبة ورأس معاوية في حجرها فقال لها: أتحبينه؟ قالت: وما لي لا أحب؟ أخي، قال: فإن الله ورسوله يحبانه.
20 - عن أنس مرفوعا: ائتمن الله على وحيه جبرئيل ومحمدا ومعاوية.
زيفه الذهبي لمكان محمد بن أحمد البلخي الضعيف سارق الحديث الذي لم يكن من أهل الحديث. راجع ميزان الاعتدال 3: 15، لسان الميزان 5: 34.
21 - مرفوعا: إن معاوية يبعث نبيا من علمه وائتمانه على كلام ربي.
ذكره الذهبي من طريق محمد بن الحسن وقال: روى عنه إسحاق بن محمد السوسي أحاديث مختلقة في فضل معاوية، ولعله النقاش صاحب التفسير فإنه كذاب، أو هو آخر من الدجاجلة. راجع ميزان الاعتدال 3: 43، لسان الميزان 5: 125.
وفي اللسان 1: 374: إسحاق بن محمد السوسي ذاك الجاهل الذي أتى بالموضوعات السمجة في فضائل معاوية رواها عبيد الله بن محمد بن أحمد السقطي عنه، فهو المتهم بها أو شيوخه المجهولون.
22 - أخرج البخاري في تاريخه 4 قسم 1 ص 328 من طريق عمرو بن واقد الدمشقي، عن يونس الدمشقي، عن أبي إدريس الدمشقي، عن عمير بن سعد نزيل دمشق قال: لا تذكروا معاوية إلا بخير فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: اللهم اهده.
قال الأميني: عمرو بن واقد الدمشقي كان ممن لا يشك شيوخ الحديث إنه يكذب، وإنه ليس بشئ، وإنه ضعيف منكر الحديث، وإنه يقلب الأسانيد، وإن أحاديثه معضلة منكرة، استحق الترك (1).
ألم يك في الحواضر الإسلامية من رجال الحديث من قرع سمعه نبأ هذه الأفيكة؟ فلماذا خصت بالشام، وسلسلت حلقة إسنادها بالشاميين فحسب؟ أنت تدري لماذا.
23 - أخرج ابن كثير في تاريخه 8: 120 من طريق المسيب بن واضح عن ابن عباس قال: أتى جبريل إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: يا محمد! اقرأ معاوية السلام واستوص
____________
(1) راجع ميزان الاعتدال 2: 302، تهذيب التهذيب 8: 115.
قال الأميني. قال الدارقطني: المسيب بن واضح ضعيف، قال ابن عدي:
قلت لعبدان: أيهما أحب إليك: عبد الوهاب بن الضحاك أو المسيب بن واضح؟ فقال:
كلاهما سواء وعبد الوهاب من الكذابين الوضاعين المعروفين، متروك ضعيف جدا كثير الخطأ والوهم. (1)
وأخرجه الطبراني في الأوسط قال: حدثنا علي بن سعيد الرازي، حدثنا محمد بن فطر الراملي، حدثنا مروان بن معاوية الفزاري، عن عبد الملك بن أبي سليمان، عن عطاء ابن أبي رباح عن ابن عباس.
وذكره الهيثمي في المجمع 9: 357 وقال: فيه محمد بن فطر ولم أعرفه، وعلي بن سعيد الرازي فيه لين. وحكاه السيوطي بإسناده في اللئالي المصنوعة 1: 419 وقال:
أما مروان والراوي عنه فلم أر من ترجمهما لا في الثقات ولا في الضعفاء.
قال الأميني: علي بن سعيد الرازي هو الذي قال الدارقطني لما سئل عنه:
ليس في حديثه بذاك وسمعت بمصر: إنه كان والي قرية وكان يطالبهم بالخراج فما يعطونه فيجمع الخنازير في المسجد. فقيل: كيف هو في الحديث؟ قال: حدث بأحاديث لم يتابع عليها. ثم قال: في نفسي منه، وقد تكلم فيه أصحابنا بمصر، وأشار بيده وقال هو كذا وكذا ونقض بيده يقول: ليس بثقة. لسان الميزان 4: 231.
لقد أوقفناك فيما سلف ج 5: 309، على أمانة الرجل على كل ما تحسب إنه أمين عليه، ونزيدك هنا إحفاء السؤال عن معنى الأمانة على كتاب الله ووحيه، أليست هي كلائتهما عن التحريف والعمل بمؤداهما والجري على مفادهما والأخذ بحدودهما، وقطع الأيدي الأثيمة عن التلاعب بهما؟ وهل كان معاوية إلا ردئا بهذه كلها وقد قلب على الكتاب والوحي ظهر المجن في كل وروده وصدوره، ووجه إليهما نظرته الشزراء في حله ومرتحله؟ وهل هو إلا عدوهما الألد؟ وصحائف تاريخه المظلم تطفح بهذه كلها، وإن ما ذكرناه في هذا الكتاب من نماذج ما أثبتته له الحقيقة وخلده الدهر مع ذكره الشائن وحديثه المائن.
____________
(1) راجع الجزء الخامس من الغدير ص 242 ط 2، ولسان الميزان 6: 41.
قال الطبراني: تفرد به السري بن عاصم (3) قال الأميني: المتفرد بهذه الأكذوبة الفاحشة على رسول الله صلى الله عليه وآله هو أحد الكذابين الوضاعين، راجع ما أسلفناه في الجزء الخامس ص 231، و ج 8 ص 143.
ليت شعري هل بهذا القلم الذي يزعم معاوية إنه أعده لله ولرسوله كان يكتب تلكم القوارص والقذائف إلى مولانا أمير المؤمنين عليه السلام؟! ويكتب إلى عماله أوامره الباتة بلعن سيد الوصيين صلوات الله عليه ولعن من يمت به من شبليه الإمامين السبطين وعظماء المؤمنين؟! ويكتب إلى أمراءه الجائرين بهدر دماء صلحاء الأمة وشيعة أهل بيت الوحي عليهم السلام؟! وهل كان يكتب به أحكامه الجائرة، وفتاواه النائية عن الحق المبين، وآراءه الشاذة عن الكتاب والسنة، وكلما يلفظه بفم ويخطه بقلم من جرائر وجرائم؟!
ثم هل استجيبت هذه الدعوة المعزوة إلى صاحب الرسالة حتى نعتقد في ابن هند اعتناق الهدى، والتجنب عن الردى، والمغفرة في الآخرة والأولى؟! لكن موبقات
____________
(1) الصحيح: السري بن عاصم.
(2) كذا والصحيح: عن أبيه عن هشام.
(3) تاريخ ابن كثير 8: 120.
على أن معاوية لو كان على الهدى متجنبا عن الردى للزم أن يكون صاحب الخلافة الكبرى مولانا أمير المؤمنين عليه السلام على قدسه وطهارته خلوا من ذلك كله، لأنه كان يناوئه ويناجزه القتال، وكذلك حجر وأصحابه وكل صالح صحابي أو تابعي قتل تحت نير ظلم معاوية، هل يسع لمسلم أن يدعي ذلك؟ غفرانك اللهم وإليك المصير.
25 - أخرج الطبراني عن يحيى بن عثمان بن صالح عن نعيم بن حماد عن محمد بن شعيب بن سابور عن مروان بن جناح عن يونس بن ميسرة بن حلبس عن عبد الله بن بسر: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم استشار أبا بكر وعمر في أمر فقال: أشيروا علي. فقالا: الله ورسوله أعلم، فقال: ادعوا معاوية. فقال أبو بكر وعمر: أما في رسول الله ورجلين من رجال قريش ما يتقنون أمرهم حتى يبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى غلام من غلمان قريش؟
فقال: ادعوا لي معاوية فدعي له فلما وقف بين يديه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أحضروه أمركم، وأشهدوه أمركم فإنه قوي أمين. وزاد نعيم: وحملوه أمركم (1).
رجال إسناده:
1 - يحيى بن عثمان. كان يتشيع وكان صاحب وراقة يحدث من غير كتبه فطعن فيه لأجل ذلك، تهذيب التهذيب 11: 257.
2 - نعيم بن حماد، كذاب وضاع. راجع الجزء الخامس ص 269 ط 2.
3 - محمد بن شعيب. شامي أموي.
4 - مروان بن جناح، شامي أموي، قال أبو حاتم: لا يحتج به وبأخيه روح.
5 - يونس بن ميسرة، شامي أعمي.
6 - عبد الله بن بسر، يعد في الشاميين وهو آخر من مات بالشام من الصحابة.
هلم معي إلى تعمية الجاهلين وتغرير بسطاء الأمة بالتمويه على الحقائق، قال
____________
(1) تاريخ ابن كثير 8: 122، مجمع الزوايد 9: 356.
وقال بعد ذكر الحديث السادس والعشرين الذي تفرد به السري الكذاب الوضاع: وقد أورد ابن عساكر بعد هذا أحاديث كثيرة موضوعة، والعجب منه مع حفظه واطلاعه كيف لا ينبه عليها وعلى نكارتها وضعف رجالها؟ والله الموفق للصواب.
ترى ابن كثير ها هنا يتحامل على ابن عساكر رجاء أن ينطلي بذلك للأغرار ما سرده من الأكاذيب الموضوعة ويزيف جملة منها لإثبات بعضها الآخر. ذاهلا عن أن يد التنقيب تكشف عما غطاه دجله غلوا منه في الفضائل.
26 - أخرج ابن عساكر من طريق نعيم بن حماد عن محمد بن حرب عن أبي بكر بن أبي مريم عن محمد بن زياد عن عوف بن مالك الأشجعي قال: بينما أنا راقد في كنيسة يوحنا - وهي يومئذ مسجد يصلى فيها - إذ انتبهت من نومي فإذا أنا بأسد يمشي بين يدي، فوثبت إلى سلاحي، فقال الأسد: مه. إنما أرسلت إليك برسالة لتبلغها، قلت: و من أرسلك؟ قال: الله أرسلني إليك لتبلغ معاوية السلام وتعلمه إنه من أهل الجنة.
فقلت له: ومن معاوية؟ قال: معاوية بن أبي سفيان. (1)
في الاسناد:
1 - نعيم بن حماد، مر القول بأنه كذاب وضاع.
2 - محمد بن زياد هو الحمصي، شامي ناصبي من الداء أعداء أمير المؤمنين، وثقه ابن معين، وقال: ثقة مأمون، وذكره ابن حبان في الثقات وقال: لا يعتد بروايته إلا ما كان من رواية الثقات عنه. وقال الحاكم: اشتهر عنه النصب كحريز (2) بن عثمان.
تهذيب التهذيب 9: 170.
____________
(1) تاريخ ابن كثير 8: 123، مجمع الزوائد 9: 357.
(2) كان يلعن عليا كل يوم سبعين مرة، أحد رجال صحيح البخاري.
قال ابن كثير بعد ذكر الحديث: وفيه ضعف وهذا غريب جدا ولعل الجميع مناما ويكون قوله: إذا انتبهت من نومي مدرجا لم يضبطه ابن أبي مريم. والله أعلم قال الأميني: أنا حائر سادر بين رسالة هذا الأسد الضاري وبشارته معاوية بالجنة، وبين رسالة النبي المعصوم الذي لا ينطق عن الهوى، وبشارته معاوية بالنار ولعنه إياه.
وكذا بين رسالة الأسد وبين تلكم الصحاح التي جاءت عن الإمام المعصوم أمير المؤمنين وعن عدول الصحابة أو الصحابة العدول في معاوية الخؤن مما أسلفناه في الجزء العاشر.
وكذا بين رسالة الأسد وبين ما جاء في الكتاب الكريم من عذاب كل آثم اقترف سيئة وأحاطت به خطيئته، ووعيد من حاد عن حدود الاسلام بالنار، ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون، ولا يستوي الحسنة ولا السيئة ولا المحسن ولا المسيئ.
وكذا بين رسالة الأسد وبين ما جاء عن نبي الاسلام في تلكم البوائق الموبقة التي كان معاوية قد اقترفها وشوه بها صحيفة تاريخه.
فماذا الذي خص معاوية برسالة الأسد إليه خاصة في كنيسة يوحنا بعد رسالة محمد صلى الله عليه وآله الخاتمة، بعد تلكم الأنباء الصادقة الواردة في الكتاب العزيز والسنة النبوية الشريفة، بعد تلكم البشائر السارة الجمة العامة لأهل الصلاح والفلاح؟
27 - أخرج أحمد ومسلم والحاكم وغيرهم من طريق ابن عباس قال: كنت ألعب مع الغلمان فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد جاء فقلت: ما جاء إلا إلي فاختبأت على باب فجاءني فخطاني خطى أو خطاتين ثم قال: اذهب فادع لي معاوية قال: فذهبت فدعوته له فقيل: إنه يأكل، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت:: إنه يأكل، فقال: إذهب فادعه،
هذا الحديث ذكره ابن كثير في عد مناقب معاوية فقال: قد انتفع معاوية بهذه الدعوة في دنياه وأخراه، أما في دنياه فإنه لما صار إلى الشام أميرا، كان يأكل في اليوم سبع مرات يجاء بقصعة فيها لحم كثير وبصل فيأكل منها، ويأكل في اليوم سبع أكلات بلحم، ومن الحلوى والفاكهة شيئا كثيرا ويقول: والله ما أشبع وإنما أعياه، وهذه نعمة ومعدة يرغب فيها كل الملوك. وأما في الآخرة فقد أتبع مسلم هذا الحديث بالحديث الذي رواه البخاري وغيرهما من غير وجه عن جماعة من الصحابة أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: أللهم إنما أنا بشر فإيما عبد سببته أو جلدته أو دعوت عليه وليس لذلك أهلا فاجعل ذلك كفارة وقربة تقربه بها عندك يوم القيامة. فركب مسلم من الحديث الأول وهذا الحديث فضيلة لمعاوية، ولم يورد له غير ذلك. 1 هـ.
قال الأميني: هنا يرتج علي القول في مسائلة هذا المدافع عن ابن هند والناحت له فضيلة مركبة من رذيلة ثابتة لمعاوية، وأفيكة مفتراة على قدس صاحب الرسالة، إنه هل عرف النافع من الضار، فحكم بانتفاع معاوية بالدعوة المذكورة في دنياه وأخراه؟
وإنه هل عرف حدود الانسانية وكمال النفس؟ ولا أظنه، وإلا لما حكم بأن الذي كان يرغب فيه معاوية وحسب إنه يرغب فيه الملوك من كثرة الأكل وقوة المعدة إلى ذلك الحد الممقوت المساوق حد البهائم نعمة من نعم الله أتت ابن آكلة الأكباد ببركة دعوة النبي المعصوم صلى الله عليه وآله ولم يعرف من سعادة الحياة إلا أن يملأ أكراشا جوفا وأجربة سغبا، وما ملأ آدمي وعاء شرا من بطنه، يحسب ابن آدم أكلات يقمن صلبه، فإن كان لا محالة فثلث لطعامه، وثلث لشرابه، وثلث لنفسه (2).
ثم إن الذي يتبين من تضاعيف الروايات وخصوصيات المقام إن المورد مورد نقمة لا مورد رحمة، وإنما الدعاء عليه لا له كيفما تمحل ابن كثير، فقد طعن على الرجل
____________
(1) صحيح مسلم 8: 27، تاريخ ابن كثير 8: 119.
(2) من قولنا: وما ملأ آدمي إلى آخره حديث أخرجه أحمد والترمذي وابن ماجة والحاكم
مرفوعا عن رسول الله صلى الله عليه وآله كما في الجامع الصغير.