الصفحة 61
ويستعيبه في الديار المصرية فرأى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام وأبا بكر وعمر رضي الله عنهما بجانبه والغزالي جالس بين يديه وهو يقول: يا رسول الله! هذا يتكلم في، وإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: هاتوا السياط، وأمر به فضرب لأجل الغزالي، وقام هذا الرجل من النوم وأثر السياط على ظهره، ولم يزل كان يبكي ويحكيه للناس. وسنحكي منام أبي الحسن ابن حرزم المغربي المتعلق بكتاب (الإحياء) وهو نظير هذا.

قال الأميني: نعما هي لو صدقت الأحلام؟ إنا نحن نربأ صاحب الرسالة عن الاصفاق على تصديق مثل هذا الكتاب الذي هو في كثير من مواضيعه على الطرف النقيض لما صدع به من شريعته المقدسة، وليست أباطيل الغزالي بألغاز لا يحلها إلا الفني فيها، وإنما هي سرد متعارف يعرفها كل من وقف عليها من أهل العلم، وليس فهمها قصرا على قوم دون آخرين، فهي فتق لا يرتق، وصدع لا يرأب.

قال ابن الجوزي في المنتظم 9: 169: أخذ في تصنيف كتاب (الإحياء) في القدس ثم أتمه بدمشق إلا أنه وضعه على مذهب الصوفية وترك فيه قانون الفقه مثل إنه ذكر في محو الجاه ومجاهدة النفس: إن رجلا أراد محو جاهه فدخل الحمام فلبس ثياب غيره، ثم لبس ثيابه فوقها، ثم خرج يمشي على محل حتى لحقوه فأخذوها منه وسمي سارق الحمام، وذكر مثل هذا على سبيل التعليم للمريدين قبيح، لأن الفقه يحكم بقبح هذا فإنه متى كان للحمام حافظ وسرق سارق قطع، ثم لا يحل لمسلم أن يتعرض بأمر يأثم الناس به في حقه. وذكر أن رجلا اشترى لحما فرأى نفسه تستحيي من حمله إلى بيته فعلقه في عنقه ومشى، وهذا في غاية القبح، ومثله كثير ليس هذا موضعه، وقد جمعت أغلاط الكتاب وسميته [إعلام الأحياء بأغلاط الإحياء] وأشرت إلى بعض ذلك في كتابي المسمى [بتلبيس إبليس] مثل ما ذكر في كتاب النكاح: إن عائشة قالت للنبي صلى الله عليه وسلم: أنت الذي تزعم إنك رسول الله. وهذا محال.

إلى أن قال:

وذكر في كتاب (الإحياء) من الأحاديث الموضوعة وما لا يصح غير قليل، وسبب ذلك قلة معرفته بالنقل، فليته عرض تلك الأحاديث على من يعرف، وإنما نقل نقل حاطب ليل. وكان قد صنف للمستظهر كتابا في الرد على الباطنية، وذكر في آخر

الصفحة 62
مواعظ الخلفاء فقال: روي أن سليمان بن عبد الملك بعث إلى أبي حازم: ابعث إلي من إفطارك. فبعث إليه نخالة مقلوة فبقي سليمان ثلاثة أيام لا يأكل، ثم أفطر عليها وجامع زوجته، فجاءت بعبد العزيز، فلما بلغ ولد له عمر بن عبد العزيز. وهذا من أقبح الأشياء لأن عمر ابن عم سليمان وهو الذي ولاه، فقد جعله ابن ابنه، فما هذا حديث من يعرف من النقل شيئا أصلا. الخ.

وقال ابن الجوزي في (تلبيس إبليس) ص 352: قد حكى أبو حامد الغزالي في كتاب (الإحياء) قال: كان بعض الشيوخ في بداية إرادته يكسل عن القيام فألزم نفسه القيام على رأسه طول الليل لتسمح نفسه بالقيام عن طوع. قال: وعالج بعضهم حب المال بأن باع جميع ماله ورماه في البحر إذا خاف من تفرقته على الناس رعونة الجود ورياء البذل.

قال: وكان بعضهم يستأجر من يشتمه على ملأ من الناس ليعود نفسه الحلم. قال: وكان آخر يركب البحر في الشتاء عند اضطراب الموج ليصير شجاعا. ثم قال:

قال المصنف رحمه الله: أعجب من جميع هؤلاء عندي أبو حامد كيف حكى هذه الأشياء ولم ينكرها؟ وكيف ينكرها وقد أتى بها في معرض التعليم؟ وقال قبل أن يورد هذه الحكايات: ينبغي للشيخ أن ينظر إلى حالة المبتدئ فإن رأى معه مالا فاضلا عن قدر حاجته أخذه وصرفه في الخير، وفرغ قلبه منه حتى لا يلتفت إليه. وإن رأى الكبرياء قد غلب عليه أمره أن يخرج إلى السوق للكد ويكلفه السؤال والمواظبة على ذلك. وإن رأى الغالب عليه البطالة استخدمه في بيت الماء وتنظيفه وكنس المواضع القذرة وملازمة المطبخ ومواضع الدخان. وإن رأى شره الطعام غالبا عليه ألزم الصوم، وإن رآه عزبا ولم تنكسر شهوته بالصوم أمره أن يفطر ليلة على الماء دون الخبز وليلة على الخبز دون الماء ويمنعه اللحم رأسا. فقال:

قلت: وإني لا تعجب من (أبي حامد) كيف يأمر بهذه الأشياء التي تخالف الشريعة؟ وكيف يحل القيام على الرأس طول الليل فينعكس الدم إلى وجهه ويورثه ذلك مرضا شديدا؟ وكيف يحل رمي المال في البحر؟ وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن إضاعة المال. وهل يحل سب مسلم بلا سبب؟ وهل يجوز للمسلم أن يستأجر على ذلك

الصفحة 63
وكيف يجوز ركوب البحر زمان اضطرابه؟ وذاك زمان قد سقط فيه الخطاب بأداء الحج، وكيف يحل السؤال لمن يقدر أن يكتسب؟ فما أرخص ما باع أبو حامد الغزالي الفقه بالتصوف؟.

وقال: وحكى أبو حامد: إن أبا تراب النخشبي قال لمريد له: لو رأيت أبا يزيد مرة واحدة كان أنفع لك من رؤية الله سبعين مرة. فقال: قلت: وهذا فوق الجنون بدرجات.

هذه جملة من كلمات ابن الجوزي حول [إحياء العلوم] ومن أمعن النظر في أبحاث هذا الكتاب يجده أشنع مما قاله ابن الجوزي، وحسبك ما جاء به من حلية الغناء والملاهي وسماع صوت المغنية الأجنبية والرقص واللعب بالدرق والحراب، ونسبة كل ذلك إلى نبي القداسة رسول الله صلى الله عليه وآله فقال (1) بعد سرد جملة من الموضوعات تدعيما لرأيه السخيف: فيدل هذا على إن صوت النساء غير محرم تحريم صوت المزامير، بل إنما يحرم عند خوف الفتنة، فهذه المقاييس والنصوص تدل على إباحة الغناء، والرقص، والضرب بالدف، واللعب بالدرق والحراب، والنظر إلى رقص الحبشية والزنوج في أوقات السرور كلها قياسا على يوم العيد فإنه وقت سرور، وفي معناه يوم العرس، والوليمة، والعقيقة، والختان، ويوم القدوم من السفر، وسائر أسباب الفرح وهو كل ما يجوز به الفرح شرعا، ويجوز الفرح بزيارة الإخوان ولقائهم واجتماعهم في موضع واحد على طعام أو كلام فهو أيضا مظنة السماع. ثم ذكر سماع العشاق تحريكا للشوق وتهييجا للعشق وتسلية للنفس. وفصل القول في ذلك بما لا طائل تحته، وخلط الحابل بالنابل، وجمع فيه بين الفقه المزيف وبين السلوك بلا فقاهة.

ومن طامات كتاب (الإحياء) أو من شواهد جهل مؤلفه المبير ومبلغه من الدين والورع رأيه الساقط في اللعن قال في ج 3: 121: وعلى الجملة ففي لعن الأشخاص خطر فليجتنب، ولا خطر في السكوت عن لعن إبليس مثلا فضلا عن غيره، فإن قيل:

هل يجوز لعن يزيد لأنه قاتل الحسين أو أمره به؟ قلنا: هذا لم يثبت أصلا، فلا يجوز

____________

(1) راجع إحياء العلوم 2: 276.

الصفحة 64
أن يقال: إنه قتله، أو أمر به ما لم يثبت فضلا عن اللعنة، لأنه لا تجوز نسبة مسلم إلى كبيرة من غير تحقيق ثم ذكر أحاديث في النهي عن لعن الأموات فقال:

فإن قيل: فهل يجوز أن يقال: قاتل الحسين لعنه الله، أو الآمر بقتله لعنه الله؟

قلنا: الصواب أن يقال: قاتل الحسين إن مات قبل التوبة لعنه الله لأنه يحتمل أن يموت بعد التوبة، فإن وحشيا قاتل حمزة عم رسول الله صلى الله عليه وسلم قتله وهو كافر، ثم تاب عن الكفر والقتل جميعا، ولا يجوز أن يلعن والقتل كبيرة، ولا تنتهي إلى رتبة الكفر، فإذا لم يقيد بالتوبة وأطلق كان فيه خطر، وليس في السكوت خطر فهو أولى. ا هـ.

فهلم معي أيها القارئ الكريم إلى هذه التافهات المودوعة في غضون [إحياء العلوم] هل يراها النبي الأعظم صلى الله عليه وآله شيئا حسنا، وحلف بذلك؟ وهل سره دفاع الرجل عن إبليس اللعين أو عن جروه يزيد الطاغية الذي أبكى عيون آل الله وعيون صلحاء أمة محمد صلى الله عليه وآله في ريحانته إلى الأبد؟!

وهل يحق لمسلم صحيح ينزه عن النزعة الأموية الممقوتة، ويطلع على فقه الاسلام وطقوسه، ويعلم تاريخ الأمة، ويعرف نفسيات أبناء بيت أمية الساقط، ولا يجهل أو لا يتجاهل بما أتت به يد يزيد الطاغية الأثيمة، وما نطق به ذلك الفاحش المتفحش وما أحدثه في الاسلام من الفحشاء والمنكر، وما ثبت عنه من أفعاله وتروكه، وما صدر عنه من بوائق وجرائم وجرائر، أن يدافع عنه بمثل ما أتى به هذا المتصوف الثرثار البعيد عن العلوم الدينية وحياتها؟ وهو لا يبالي بما يقول، ولا يكترث لمغبة ما خطته يمناه الخاطئة، والله من وراءه حسيب، وهو نعم الحكم العدل، والنبي الأعظم، ووصيه الصديق، والشهيد السبط المفدى هم خصماء الرجل يوم يحشر للحساب مع يزيد الخمور والفجور - ومن أحب حجرا حشره الله معه - وسيذوق وبال مقاله ويرى جزاء محاماته.

ولست أدري إلى الغاية إن حد المفتري الذي أقامه رسول الله صلى الله عليه وآله على أبي الحسن ابن حرازم إن كان بحق - ولا بد أن يكون ما يفعله النبي حقا - فلماذا درأته عنه شفاعة الشيخ أبي بكر؟ ولا شفاعة في الحدود. وإن لم يكن أبو الحسن مستحقا

الصفحة 65
له فبماذا أقامه رسول الله صلى الله عليه وآله؟ ولماذا أرجأ الشيخ رأيه في اجتهاد ابن حرازم إلى أن جرد وضرب خمسة أسواط؟ وكيف خفي على رسول الله صلى الله عليه وآله ما يدرأ به الحد من شبهة الاجتهاد؟ ومن سنته الثابتة درأ الحدود بالشبهات. وهل تقام الحدود في عالم الطيف؟

- 65 -
اللامشي يسجد على أرض النهر

قال السمعاني: سمعت أبا بكر الزاهد السمرقندي يقول: بت ليلة مع الإمام اللامشي - الحسين بن علي أبي علي الحنفي المتوفى 522 - في بعض بساتينه فخرج من باب البستان نصف الليل ومر على وجهه فقمت أنا وتبعته من حيث لا يعلم، فوصل إلى نهر كبير عميق، وخلع ثيابه، واتزر بميرز وغاض في الماء، وبقي زمانا لا يرفع رأسه فظننت أنه غرق فصحت وقلت: يا مسلمون! غرق الشيخ فإذا بعد ساعة قد ظهر وقال:

يا بني لا نغرق. فقلت:

يا سيدي! ظننت أنك غرقت، فقال: ما غرقت ولكن أردت أن أسجد لله سجدة على أرض النهر فإن هذه أرض أظن أن أحدا ما سجد لله عليها سجدة [الجواهر المضية في طبقات الحنفية] 1: 215.

مرحى بالسخافة وزه بمستسخف الناس الذين يخضعون لأمثال هذه السفاسف، وحيا الله هذه النفس التي لم يأخذ بخناقها انقطاع النفس طيلة تلك المدة تحت الماء، وليس ذلك من خرافة القصاصين بعجيب، ولا عجب فإن المغالاة في الحب يستسهل وقوع ما يحيله العقل.

- 66 -
الطلحي يستر سوأته بعد موته

أخرج ابن الجوزي وابن كثير بالإسناد عن أحمد الاسواري وكان ثقة وهو تولى غسل إسماعيل بن محمد الحافظ (1) أنه قال: أراد أن ينحي الخرقة عن سوأته وقت الغسل

____________

(1) أبو القاسم الطلحي الشافعي من أهل أصبهان قال ابن الجوزي: إمام في الحديث والتفسير و اللغة حافظ متقن دين ولد 459 وتوفي باصبهان سنة 535.

الصفحة 66
فجذبها الشيخ إسماعيل من يده وغطى فرجه، فقال الغاسل: أحياة بعد الموت؟

المنتظم 10: 90، تاريخ ابن كثير 12: 217.

قال الأميني: لا حياة بعد الموت لأمثال الطلحي، إلى يوم الوقت المعلوم، لكن الغلو في الحب يحيي ويميت ويميت ويحيي.

- 67 -
طاعة الحيوانات والجمادات للمنبجي

قال الإمام أبو محمد ضياء الدين الوتري في (روضة الناظرين) ص 36: قال الشيخ عقيل بن شهاب الدين أحمد المنبجي العمري أحد أحفاد عمر بن الخطاب، وكان يلقب بالغواص: أعطاني الله الكلمة النافذة في كل شئ، ثم داخله وجد فقام: وقال: يا هوام! يا حجارة! يا شجر! صدقوني، فإني ما ادعيت باطلا، فوفدت الوحوش من الجبل وقد ملأ زئيرها وصراخها البقاع ودارت به، ورقصت الحجارة، فهذه صاعدة وهذه نازلة، واشتبكت الأغصان بعضها ببعضها، ثم حضر فسكت وعاد كل لما كان عليه.

وقال الوتري: كان يلقب بالغواص، وذلك لأنه مر بجماعة من تلامذة شيخه السروجي بالفرات، ففرش سجادته على الماء وجلس عليها وغاص بالماء إلى الجانب الآخر، ثم ظهر من الماء، ولا بلل بثيابه، فذكر ذلك إخوانه لشيخه مسلمة السروجي فقال: عقيل غواص. فاشتهر بذلك (1)

قال الأميني: حقا إن تأثير هذا الرجل في المواليد الثلاث أقوى من تأثير الله سبحانه في تصديقها إياه إن حققت المزاعم والتافهات، فقد جاء في الذكر الحكيم: و إن من شئ إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم. (2) وسبح لله ما في السموات والأرض (5) ولله يسجد ما في السموات والأرض (4) والنجم والشجر يسجدان (5)

____________

(1) روضة الناظرين ص 35.

(2) سورة الاسراء: 47.

(3) سورة الصف: 2.

(4) سورة النحل: 52.

(5) سورة الرحمن: 7.

الصفحة 67
ألم تر إن الله يسجد له من في السموات ومن في الأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب وكثير من الناس (1) ومع ذلك لم يسمع أحد للوحوش والدواب نعيقا، وللشجر هفيفا، وللأحجار صعودا وهبوطا، بعنوان السجدة و التسبيح، فهو لا محالة إما بلسان ملكوتي، أو بعنوان جعل الاستعداد، أو الشهادة التكوينية التي لا تفارق كل موجود على حد قول القائل:

وفي كل شئ له آية * تدل على إنه واحد

وعليه ينزل قوله تعالى: شهد الله أنه لا إله إلا هو. أي خلق ما يشهد له بأحد الوجوه المذكورة، وإلا فهي دعوى لا شهادة لها إن أريد بها ظاهرها.

أو إن للموجودات في تسبيحها وسجودها لغة وأطوارا لا يحسها البشر، إلا من اصطفاه الله من عباده المنتجبين، وعلمه منطق الطير، وعرفه لغة الحجر والشجر والهوام، لكن الشيخ الغواص أعطاء الله الكلمة النافذة في كل شئ حتى زارت وصرخت له الوحوش، ورقصت الحجارة، واشتبكت أغصان الأشجار، فحظيت بسماعها ورؤيتها آذان أولئك الغالين في فضائله ومقلهم، فحيى الله منحة المولى سبحانه لعبده أكثر مما عنده، ولك إمعان النظر وتدقيق البحث حول السجادة والغوص، وهذه كلها سهلة غير مستصعب على الشيخ مهما كان حفيد عمر الخلفية، وقد سمعت كراماته الظاهرة في العناصر الأربعة في الجزء الثامن ص 83 - 87 ط 1، هكذا يخلق أو يختلق الغلو الفضائل، وافقت العقل أم لم توافق.

- 68 -
كرامة لابن مسافر الأموي

قال عمر بن محمد: خدمت الشيخ عدي - ابن مسافر الشامي الأموي المتوفى 557 / 8 - سبع سنين شهدت له فيها خارقات أحدها: أني صببت على يديه ماء فقال لي:

ما تريد؟ قلت أريد تلاوة القرآن ولا أحفظ منه غير الفاتحة وسورة الاخلاص، فضرب بيده في صدري فحفظت القرآن كله في وقتي، وخرجت من عنده وأنا أتلوه بكماله.

[شذرات الذهب] لابن العماد الحنبلي 4: 180،

____________

(1) سورة الحج: 19.

الصفحة 68
قال الأميني: ليت هذا الأموي أدرك عهد الخليفة الثاني فيضرب بيده في صدره فلا يتجشم بمقاساة الشدة لحفظ سورة البقرة في أثني عشر عاما. لكنه لم يدرك.

وليت شعري هل كان يرضخ راوي هذه الأسطورة لها لو كان صاحبها علويا؟ أو إن رضوخه قصر على الأموي فحسب؟

وذكر ابن العماد أيضا في شذرات ذهبه نقلا عن اليونيني - الآتي ذكره. قال قال لي عدي بن مسافر يوما: إذهب إلى الجزيرة السادسة بالبحر المحيط تجد بها مسجدا فادخله ترى فيه شيخا فقل له: يقول لك الشيخ عدي بن مسافر: إحذر الاعتراض و لا تختر لنفسك أمرا ليست لك فيه إرادة. فقلت: يا سيدي! وأنى لي بالبحر المحيط؟

فدفعني بين كتفي فإذا أنا بجزيرة والبحر محيط بها وثم مسجد فدخلته فرأيت شيخا مهيبا يفكر فسلمت عليه وبلغته الرسالة فبكى وقال: جزاه الله خيرا، فقلت: يا سيدي! ما الخبر؟ فقال: إعلم أن أحد السبعة الخواص في النزع وطمحت نفسي و إرادتي أن أكون مكانه، ولم تكمل خطرتي حتى أتيتني فقلت: يا سيدى! وأنى لي بالوصول إلى جبل هكار؟ فدفعني بين كتفي فإذا أنا بزاوية الشيخ عدي فقال لي:

هو من العشرة الخواص.

قال الأميني: الجنون فنون، وأرقها جنون الحب والمغالاة في الفضائل.

- 69 -
عبد القادر يحيي دجاجة

قال اليافعي في مرآة الجنان 3: 356: روى الشيخ الإمام الفقيه العالم المقري أبو الحسن علي بن يوسف بن جرير بن معضاد الشافعي اللخمي في مناقب الشيخ عبد القادر (1) بسنده من خمس طرق، وعن جماعة من الشيوخ الجلة أعلام الهدى العارفين المقتنين للاقتداء، قالوا: جاءت امرأة بولدها إلى الشيخ عبد القادر فقالت له:

يا سيدي! إني رأيت قلب ابني هذا شديد التعلق بك، وقد خرجت عن حقي فيه لله

____________

(1) الشيخ السيد عبد القادر بن أبي صالح موسى الحسني الجيلاني، مؤسس الطريقة القادرية، من كبار المتصوفين، ولد في 491 بجيلان [وراء طبرستان] وانتقل إلى بغداد شابا، وتوفي سنة 561 ودفن ببغداد وقبره مشهور يزار.

الصفحة 69
عز وجل ولك، فقبله الشيخ وأمره بالمجاهدة وسلوك الطريق، فدخلت أمه عليه يوما فوجدته نحيلا مصفرا من آثار الجوع والسهر، ووجدته يأكل قرصا من الشعير فدخلت إلى الشيخ فوجدت بين يديه إناء فيه عظام دجاجة مسلوقة قد أكلها، فقالت:

يا سيدي! تأكل لحم الدجاج ويأكل ابني خبز الشعير؟ فوضع يده على تلك العظام وقال: قومي بإذن الله تعالى الذي يحيي العظام وهي رميم. فقامت الدجاجة سوية وصاحت، فقال الشيخ: إذا صار ابنك هكذا فليأكل ما شاء.

وذكرها الشيخ عبد القادر القادري في [تفريح الخاطر] ص 32.

قال الأميني: إن خاصة الأنبياء وفي الطليعة منها إحياء الموتى هل تتأتى لكل مرتاض، فلا يبقى بينه وبين النبي المرسل أي مائز؟ وهب إن الباحث تصور لصدورها من الأولياء اعتبارا آخر فتكون كرامة للولي ومعجزة للنبي الذي ينتحل شرعته، إلا أنه اعتبار اهتدى إليه الفكر بعد روية طويلة، لكنه لا خارج له تصل إليه العامة، فاطرادها بل وظهورها من غير اطراد يحط عندها من مقام النبوة لمحض المشاكلة الصورية، وكلما كان كذلك لا يمكن وقوعه.

ثم هل لأكل خبز الشعير وما جشب من الطعام بمحضه أن يوصل السالك إلى مرتبة يحيي فيها الموتى، وإن كان المولى سبحانه يعلم إنه متى بلغ إلى هذه المرتبة ألهاه أكل الدجاجة المسلوقة أكلا لما؟!

وهل الرياضة شرط في حدوث القوة في النفس والملكات الفاضلة وليست شرطا في بقائها؟!

أو ليس التلهي باللذايذ مزيحة لتلكم الأحوال النفسية كما كانت الرياضة مجتذبة لها؟ فاحف القول السؤال عن هذه المشكلات، فإن أجابوك فأخبرني.

- 70 -
عبد القادر يحتلم في ليلة أربعين مرة

ذكر الشعراني في الطبقات الكبرى 1: 110 قال: كان الشيخ عبد القادر (الجيلاني) رضي الله عنه يقول: أقمت في صحراء العراق وخرائبه خمسا وعشرين سنة مجردا سائحا لا أعرف الخلق ولا يعرفوني، يأتيني طوائف من رجال الغيب والجان أعلمهم

الصفحة 70
الطريق إلى الله عز وجل، ورافقني الخضر عليه السلام في أول دخولي العراق، وما كنت عرفته وشرط أن لا أخالفه وقال لي: اقعد هنا. فجلست في الموضع الذي أقعدني فيه ثلاث سنين، يأتيني كل سنة مرة ويقول لي: مكانك حتى آتيك. قال: ومكثت سنة في خرائب المدائن آخذ نفسي بطريق المجاهدات فآكل المنبوذ ولا أشرب الماء، ومكثت فيها سنة أشرب الماء ولا آكل المنبوذ، وسنة لا أكل ولا أشرب ولا أنام، ونمت مرة بايوان كسرى في ليلة باردة فاحتلمت فقمت وذهبت إلى الشط واغتسلت، ثم نمت فاحتلمت فذهبت إلى الشط واغتسلت فوقع لي ذلك في تلك الليلة أربعين مرة وأنا أغتسل، ثم صعدت إلى الايوان خوف النوم.

قال الأميني: اقرأه مع إمعان وتبصر في شأن هذا العارف معلم طوائف من رجال الغيب والجان الذي اتخذوه الطريق إلى الله، وكان رفيق الخضر عليه السلام، وأعجب من إنسان لم يأكل سنة، ولم يشرب أخرى، ويتركهما ثالثة، ولم تخر قواه حتى يحتلم في ليلة شاتية أربعين مرة، ويعبث به الشيطان بهذا العدد الجم وهو فان في الله ولو كان اتفق له ذلك خلال تلكم الأيام التي كان يأكل فيها الدجاجة المسلوقة ويحيي عظامها كما مر لكان يعد بعيدا عن الطبيعة البشرية.

وما أطول تلك الليلة حتى وسعت أربعين نومة ذات احتلام، وأغسالا بعدها على عدد الأحلام المتخللة بالذهاب إلى الشط والإياب إلى مقره ومنامه، وبعد ذلك كله تبقى منها برهة يصعد الشيخ إلى الايوان خوفا من النوم، ولعله لو نام بعد نومته المتممة للأربعين لبلغ العدد الأربعمائة أو أكثر، ولم يكن الشيطان يفارق ذلك الهيكل القدسي واللعب به مهما امتدت ليلته، وليس إحيائه عظام الدجاجة بأعظم من هذه الكرامة، وإن هي إلا أحلام نائم نسجتها أيدي العرونة غلوا في الفضائل.

- 71 -
قدم النبي صلى الله عليه وآله على رقبة عبد القادر

قال الشيخ السيد عبد القادر الكيلاني: لما عرج بجدي صلى الله عليه وسلم ليلة المرصاد، وبلغ سدرة المنتهى بقي جبريل الأمين عليه السلام متخلفا وقال: يا محمد! لو دنوت أنملة لاحترقت فأرسل الله تعالى روحي إليه في ذلك المقام، لاستفادتي من سيد الأنام عليه وعلى آله

الصفحة 71
الصلاة والسلام، فتشرفت به، واستصحلت على النعمة العظمى والوراثة والخلافة الكبرى، وحضرت وأوجدت بمنزلة البراق حتى ركب علي جدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وعناني بيده حتى وصل، فكان قاب قوسين أو أدنى وقال لي: يا ولدي وحدقة عيني!

قدمي هذه على رقبتك، وقدماك على رقاب كل أولياء الله تعالى. وقال رضي الله عنه:

وصلت إلى العرش المجيد بحضرتي * فلاحت لي الأنوار والحق أعطاني
نظرت لعرش الله قبل تخلقي * فلاحت لي الأملاك والله سماني
وتوجني تاج الوصال بنظرة * ومن خلقه التشريف والقرب أكساني

- 72 -
عبد القادر وملك الموت

عن السيد الشيخ الكبير أبي العباس أحمد الرفاعي قال: توفي أحد خدام الشيخ عبد القادر الكيلاني وجاءت زوجته إليه فتضرعت والتجأت إليه وطلبت حياة زوجها فتوجه الشيخ إلى المراقبة فرأى في عالم الباطن إن ملك الموت عليه السلام يصعد إلى السماء ومعه الأرواح المقبوضة في ذلك اليوم فقال: يا ملك الموت! قف واعطني روح خادمي فلان، وسماه باسمه، فقال ملك الموت: إني أقبض الأرواح بأمر إلهي وأوديها إلى باب عظمته، كيف يمكنني أن أعطيك روح الذي قبضته بأمر ربي؟ فكرر الشيخ عليه إعطاء روح خادمه إليه، فامتنع من إعطائه، وفي يده ظرف معنوي كهيئة الزنبيل فيه الأرواح المقبوضة في ذلك اليوم، فبقوة المحبوبية جر الزنبيل وأخذه من يده، فتفرقت الأرواح ورجعت إلى أبدانها، فناجى ملك الموت عليه السلام ربه وقال: يا رب! أنت أعلم بما جرى بيني و بين محبوبك ووليك عبد القادر، فبقوة السلطنة والصولة أخذ مني ما قبضته من الأرواح في هذا اليوم فخاطبه الحق جل جلاله: يا ملك الموت! إن الغوث الأعظم محبوبي ومطلوبي لم لا أعطيته روح خادمه؟ وقد راحت الأرواح الكثيرة من قبضتك بسبب روح واحد، فتندم هذا الوقت (2).

____________

(1) نفس المصدر الآتي في الخرافة التالية.

(2) تفريح الخاطر في ترجمة عبد القادر ص 5، 12 ط مصر مطبعة عيسى البابي الحلبي و شركاؤه سنة 1339.

الصفحة 72

- 73 -
وفاة الشيخ عبد القادر

ذكروا: إنه لما قربت وفاة الشيخ عبد القادر الجيلاني جاء سيدنا عزرائيل عليه السلام بمكتوب ملفوف من الرب الجليل في وقت غروب الشمس وأعطاه ولده الشيخ عبد الوهاب وكان مكتوب، على ظهره: يصل هذا المكتوب من المحب إلى المحبوب.

فلما رآه ولده بكى وتحسر ودخل بالمكتوب مع سيدنا عزرائيل عليه السلام على حضرة الشيخ، وقبل هذا بسبعة أيام كان معلوما لدى الشيخ انتقاله إلى العالم العلوي، وكان مسرورا ودعا الله لمحبيه ومخلصيه بالمغفرة، وتعهد أن يكون لهم شفيعا يوم القيامة، وسجد لله تعالى وجاء النداء: يا أيتها النفس المطمأنة! ارجعي إلى ربك راضية مرضية. وضج عالم الناسوت بالبكاء، وابتهج عالم الملكوت باللقاء (1).

هذه نماذج من أوهام جاء بها الغلو في مناقب الشيخ عبد القادر الجيلاني، ونحن لو ذهبنا لنجمع ما عزوه إلى الشيخ من الكرامات وإن شئت قلت: من الخرافات.

مما لا يوافقه العقل، ولا يصافق عليه المنطق، ولا يساعده الشرع الاسلامي الأقدس، ولا يدعم بحجة، ولا تصدقه البرهنة لأريناك موسوعة ضخمة تبعثك إلى الضحك تارة وإلى البكاء أخرى.

- 74 -
الرفاعي يقبل يد النبي صلى الله عليه وآله

قال أبو محمد ضياء الدين الوتري في [روضة الناظر] ص 54: وفي هذه السنة [يعني 555] حج السيد أحمد الرفاعي (1) رضي الله عنه بإشارة معنوية، وزار قبر جده عليه الصلاة والسلام، وأنشد تجاه القبر الطاهر.

في حالة البعد روحي كنت أرسلها * تقبل الأرض عني وهي نائبتي

____________

(1) تفريح الخاطر ص 38.

(2) ولد 512 بقرية حسن من أعمال واسط وتوفي 578 توجد ترجمته في غير واحد من معاجم التراجم وأفرد فيها أحمد عزت پاشا العمري الموصلي كتابا أسماه [العقود الجوهرية في مدائح الحضرة الرفاعية] طبع بمصر في المطبعة البهية سنة 1306 في 139 صفحة.

الصفحة 73

وهذه دولة الأشباح قد حضرت * فامدد يمينك كي يحظى بها شفتي (1)

فظهرت له يد جده عليه الصلاة والسلام فقبلها والناس ينظرون. وهذه القصة تواتر خبرها، وعلا ذكرها، وصحت أسانيدها، وكتبها الحفاظ والمحدثون، وكثير من أهل الطبقات والمؤرخين، لا ينكرها إلا جاهل قليل الرواية، حاسد لسلطان النبوة، وظهور المعجزة المحمدية، أو معذور من غير هذه الأمة الأحمدية، على إن ظهور هذه المعجزة النبوية في تلك الأعصار التي ظهرت بها البدع، وكثرت بها الفتن، وتفرقت بها الأهواء، وذهب بها أهل الباطل إلى مذاهب كثيرة كالإلحاد والزندقة وغير ذلك مما سلكه الفرق الضالة من طرق الضلالة ما كان إلا لإعلاء كلمة الحق والشريعة والدين على يد هذا السيد الجليل الذي اختصه الله ورسوله بهذه النعمة وأبرزه لهذه الخدمة، لعدم وجود من يماثله أو يشاكله في ذلك القرن من الأولياء والسادات وصالحي الوقت نفعنا الله بهم.

وقال في ص 62: إذا عدت كرامات الرجال كفاه [يعني السيد أحمد الرفاعي] فخرا وشرفا تقبل يد النبي صلى الله عليه وسلم بين جم غفير من المسلمين حتى سارت بها الركبان، وتواتر خبرها في البلدان، وقصر عندها باع أكابر الإنس والجان، وغبطه عليها الملأ الأعلى، كما قال ذلك في شأنه الشيخ عبد القادر الجيلي عليه الرحمة والرضوان.

وفي العقود الجوهرية ص 5 عن العبد الصالح العارف بالله عبد الملك بن حماد إنه قال: قدر الله لي الحج سنة خمسمائة وخمسة وخمسين، وجئت إلى المدينة وتشرفت بزيارة النبي صلى الله عليه وسلم وفي ذلك الأسبوع جاء لزيارة قبره عليه الصلاة والسلام شيخنا سيد العارفين إمام الأمة السيد أحمد الرفاعي رضي الله عنه وقد دخل البلدة بقافلة عظيمة من الزوار فلما دخل الحرم الشريف النبوي وقف تجاه القبر الأفضل، والوقت بعد العصر وقد غص الحرم المبارك بالناس وأنشد غائبا عن نفسه حاضرا بمحبوبه:

في حالة البعد روحي كنت أرسلها * تقبل الأرض عني وهي نائبتي

____________

(1) نسبهما والقصة برمتها صاحب [تفريح الخاطر] إلى الشيخ عبد القادر الجيلاني، ولا ضير في كل عز ومختلق مهما كانت الغاية تفريح الخاطر غلوا في الفضائل، بعد الغض عن حكم العقل والشرع والمنطق.

الصفحة 74

وهذه دولة الأشباح قد حضرت * فامدد يمينك كي تحظى بها شفتي

فظهرت له يد النبي عليه الصلاة والسلام تتلمع بيضاء سوية كأنها زند البرق، فقبلها والناس ينظرونه، وقد من الله تعالى تفضلا علي فرأيتها ورأيت كيف استلمها، وإني أعد هذا الشهود الباهر ذخيرة المعاد، وزاد القدوم على الله تعالى.

ثم قال: وكان في القافلة المذكورة الشيخ أحمد الزعفراني، والشيخ عدي بن مسافر الأموي، والسيد عبد الرزاق الحسيني الواسطي، والشيخ عبد القادر الجيلاني، والشيخ أحمد الزاهد، والشيخ حيوة بن قيس الحراني، والشيخ عقيل المنبجي العمري، و جماعة من مشاهير أولياء العصر وقد تشرفت الكل برؤيا اليد النبوية الطاهرة الزكية واندرجوا تحت بيعة مشيخته رضي الله عنه وعنهم أجمعين، وخبر هذه القصة متواتر مشهور، وقد ساقه كثير من أعيان الرجال بوجه التفصيل فليراجع.

قال الشيخ تقي الدين الفقيه النهروندي المتوفى 594 في قصيدة أولها:

أي سر جاءت به الأنبياء * وحديث رواته الأولياء؟
سلسلته السادات أهل المعالي * وحكته الأئمة الأتقياء
فروى نشره الصديرين ريا * وأضاءت بنوره البطحاء
مد طه يمينه للرفاعي * فانجلت عندها له الأشياء

إلى أن قال:

لا تقل كيف تم هذا؟ وأيقن * يفعل الله ربنا ما يشاء
واهجر المارقين واعذر إذا ما * أنكر الشمس مقلة عمياء
أيكون النبي ميتا؟ وفي القرآن * أحياء ربها الشهداء
وبمد اليمين لابن الرفاعي * حجة في مقامها سمحاء
شهدتها المساء آلاف قوم * ورآها الاقران والأكفاء
صار ذاك المساء صبحا فما أعجب * يوما فيه الصباح مساء؟

وقال صاحب العقود الجوهرية يمدحه في قصيدة له:

ذاك الرفاعي الذي فعله * يعز في النقد على الناقد
كم ركب الليث؟ وكم راكب * ذلل من صولة مستأسد؟


الصفحة 75

كف رسول الله في لثمها * حاز بها الفخر على الجاحد
قد مدها من قبره نحوه * لاحت إلى الحاضر والشاهد

وقال الحافظ الحاج ملا عثمان الموصلي في قصيدة يمدح بها السيد الرفاعي:

له الأفاعي وأسد الغاب طائعة * والجن تبصر من آياته العجبا
ألا ترى إن من ينمى إليه فلا * يخشى من النار مهما أوقدت لهبا؟
كفاه تقبيل يمنى الهاشمي أبي * الزهراء فخرا وعنها الغير قد حجبا

وقال السيد محمد أبو الهدى الرفاعي في تخميس قصيدة سراج الدين المخزومي:

أكرمت من طه بكف جنابه * بين القفول مذ التجأت ببابه
فلثمته وعرفت في أحبابه * نورا أراد الله أن تحيى به
رغما لمن فتكت به الظلمات

وقال من قصيدة يمدحه بها:

كفى شرفا تكليم خير الورى له * وامداده إذ مد جهرا له اليدا
وليس عجيبا حين صح انتسابه * إليه إذا أبدى إليه توددا
كرامة حق وهي ثابتة له * ومعجزة للمصطفى خير من هدى

وقال بهاء الدين السيد محمد الرواس في قصيدة له يمدحه بها.

كفاه إن رسول الله مد له * يد القبول وزهر العصر نضار
وقال من جده خير الورى خلقا * له انطوى فيه إعزاز وإظهار

وقال عبد الحميد أفندي الطرابلسي في قصيدة له يمدحه بها:

هو الحجة الكبرى على كل قائم * لذاك يد المختار مدت له جهرا
ومن هذه والله حجة فضله * أجل غيره في القوم حجته صغرى

وقال السيد عبد الغفار الأخرس في قصيدة يمدحه بها:

تولد من رسول الله شبل * به دانت له كل السباع
وقبل كف والده جهارا * غدت بالنور بادية الشعاع
وشاهدها الثقات وكل فرد * رآها بانفراد واجتماع
فتلك مزية لم يحظ فيها * سواه من مطيع أو مطاع