الصفحة 441

7 ـ آيـة: (فـتلـقّى آدمُ...)

قال المصنّـف ـ رفع الله درجته ـ(1):

السابعة: قوله تعالى: ( فتلقّى آدمُ من ربّه كلمات )(2).

روى الجمهور، عن ابن عبّـاس، قال: سُئل رسول الله عن الكلمات التي تلقّاها آدم من ربّه فتاب عليه، قال: سأله بحقّ محمّـد وعليّ وفاطمـة والحسـن والحسـين إلاّ تبتَ علَيَّ ; فتاب عليه(3).


*    *    *

____________

(1) نهج الحقّ: 179.

(2) سورة البقرة 2: 37.

(3) انظر: مناقب الإمام عليّ (عليه السلام) ـ لابن المغازلي ـ: 104 ـ 105 ح 89، الدرّ المنثور 1 / 147.


الصفحة 442

وقال الفضـل(1):

اختلف المفسّرون في هذه الكلمات..

فقال بعضهم: هو التسـبيح والتهليـل والتحميـد(2).

وقال بعضهم: هي مناسك الحجّ، فيها غفر ذنوب آدم(3).

وقال بعضهم: هي الخصال العشرة(4) التي سُمّيت خصال الفطرة، وقد أُمر آدم بالعمل بها ليتوب الله عليه(5).

ولو صحّ ما رواه عن الجمهور ـ ولا نعرف هذا الجمهور ـ لدلّ على فضيلة كاملة لعليّ، ونحن نقول بها، ونعلم أنّ التوسّل بأصحاب العباء من أعظم الوسائل وأقرب الذرائع، ولكن لا يدلّ على نصّ الإمامة، فخرج الرجل من مدّعاه ; ويقيم الدلائل على فضائل عليّ من نصّ القرآن! وكلّ هذه الفضائل مسـلّمة.

____________

(1) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع ضمن إحقاق الحقّ ـ 3 / 77.

(2) تفسير القرطبي 1 / 221 ـ 222.

(3) الدرّ المنثور 1 / 145، تفسير الفخر الرازي 3 / 21.

(4) كذا، والصواب لغةً: " العشر ".

(5) لم نعثر على من سمّى الخصال العشر بخصال الفطرة، وقد روي في تفسير الآية: (وإذ ابتلى إبراهيمَ ربُّـه بكلمات فأتمّهنّ) سورة البقرة 2: 124، عن ابن عبّـاس أنّه قال: هي عشر خصال، كانت فرضاً في شرعه وهي سُـنّة في شرعنا، خمس في الرأس وخمس في الجسد، أمّا التي في الرأس: فالمضمضة والاستنشاق وفرق الرأس وقصّ الشارب والسواك، وأمّا التي في البدن: فالختان وحلق العانة ونتف الإبط وتقليم الأظفار والاستنجاء بالماء.

انظر: تفسير الفخر الرازي 4 / 42، فتح القدير 1 / 137.

ويبدو أن الأمر اختلط على الفضل، إذ لا يخفى عدم ملاءمة هذا المعنى مع الآية الكريمة مورد البحث، وهي: (فتلقّى آدمُ من ربّه كلمات) ; فلاحـظ!


الصفحة 443

وأقـول:

لا مناسبة بين مناسك الحجّ ونحوها ـ ممّا هو من قسم الأفعال ـ وبين الكلمات التي هي من الأقوال، فكيف يحسن أن تفسّر بها؟!

ولا يهمّنا اختلافهم بعدما صرّحت أخبارهم بالمدّعى..

ففي " الدرّ المنثور "، عن ابن النجّار، بسنده إلى ابن عبّـاس، قال: سألت رسول الله عن الكلمات التي تلقّاها آدم من ربّه فتاب عليه.

قال: سأله بحقّ محمّـد وعليّ وفاطمة والحسن والحسين إلاّ تبت علَيَّ ; فتاب عليه(1).

ومثله في " ينابيع المودّة "(2).

وفي " منهاج الكرامة " للمصنّف، عن ابن المغازلي، بسنده إلى ابن عبّـاس، إلاّ أنّه قال: " سُئل النبيُّ (صلى الله عليه وآله وسلم) " بالبناء للمجهول، كما ذكره المصنّف (رحمه الله) هنـا(3).

ونقله ابن الجوزي، عن الدارقطني، بلفظ: " سألت النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) "، قال الدارقطني: حدّثنا أبو ذرّ أحمد بن محمّـد بن أبي بكر الواسطي، حدّثنـا محمّـد بن علي بن خلف العطّار، حدّثنا حسين الأشقر، حدّثنا عمرو بن ثابت، عن أبيه، عن سعيد بن جُبير، عن ابن عبّـاس: " سألت

____________

(1) الدرّ المنثور 1 / 147.

(2) ينابيع المودّة 1 / 288 ب 24 ح 4.

(3) منهاج الكرامة: 124، وراجع: مناقب الإمام عليّ (عليه السلام) ـ لابن المغازلي ـ: 104 ـ 105 ح 89.


الصفحة 444
النبيّ... "(1) الحديث.

وزعم ابن الجوزي في (الأحاديث الموضوعة) أنّه موضوع، قال: " تفرّد به عمرو، عن أبيه أبي المقدام ; وتفرّد به حسين، عنه..

وعمرو: قال يحيى [بن معين] : لا(2) ثقة، ولا مأمون.

وقال ابن حبّان: يروي الموضوعات عن الأثبات "(3).

وفيه: إنّ التفرّد لو تمّ لا يقتضي الوضع، ولا سـيّما في فضائل آل الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) الّذين يَخشى من يروي لهم فضيلة أسـنّةَ الضَـلال، وألسنةَ الضُـلاّل، بل روايته في فضائلهم بتلك العصور تشهد بوثاقته، كما سـبق في المقـدِّمة(4).

وأمّا ما حكاه عن يحيى، فلو اعتبرناه فهو معارض بما حكاه عنه في " ميزان الاعتدال " أنّه قال: لا يكذب في حديثه(5).

على أنّ ضعف الراوي لا يقتضي وضع روايته!

وأمّـا ابن حبّان، فمع عدم اعتبار قوله ـ كما عرفته في مقدّمة الكتاب(6) ـ، لا يقتضي كلامه وضع هذا الحديث بعينه، مع أنّه قد شهد لعمرو، أبو داود بالصدق في الحديث، قال: ليس في حديثه نكارة.

وقال: هو رافضي خبيث، وكان رجل سوء، ولكنّه صدوقاً في الحديث.

____________

(1) الموضوعات 2 / 3.

(2) في المصدر: " غير ".

(3) الموضوعات 2 / 3.

(4) انظر: ج 1 / 7 وما بعدها من هذا الكـتاب.

(5) ميزان الاعتدال 5 / 302 رقم 6346.

(6) انظر: ج 1 / 35 ـ 36 من هذا الكـتاب.


الصفحة 445
وقال أيضاً: رافضي خبيث، ولكن ليس يشبه حديثه أحاديث الشيعة ـ يعني أنّه مسـتقيم [الحديث] ـ.

كما ذكر ذلك كلّه ابن حجر في " تهذيب التهذيب "، وذكر بعضه في " ميزان الاعتدال "(1).

وبالجملة: إنّ الرجل صدوق كما قاله أبو داود، فلا يصحّ نسبة الوضع إليه، وإنّما طعن به القوم لتشـيّعه.

ويعضد هذا الحديث ما نقله السيوطي في " الدرّ المنثور "، عن الديلمي في " مسـند الفردوس "، بسـند أخرجه عن عليّ، قال: سـألت النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) عن قول الله تعالى: ( فتلقّى آدمُ من ربّه كلمات فتاب عليـه )(2).

فقال: إنّ الله أهبط آدم بالهند... إلى أن قال: حتّى بعث الله إليه جبرئيل، قال: قل:

اللّهمّ إنّي أسألك بحقّ محمّـد وآل محمّـد، سبحانك لا إله إلاّ أنت عملتُ سوءاً وظلمتُ نفسي، فاغفر لي، إنّك أنت الغفور الرحيـم.

اللّهمّ إنّي أسألك بحقّ محمّـد وآل محمّـد، سبحانك لا إله إلاّ أنت عملتُ سوءاً وظلمت نفسي، فتب علَيَّ، إنّك أنت التوّاب الرحيـم.

فهذه الكلمات التي تلـقّى آدم "(3).

____________

(1) تهذيب التهذيب 6 / 122 رقم 5156، ميزان الاعتدال 5 / 303 رقم 6346.

(2) سورة البقرة 2: 37.

(3) الدرّ المنثور 1 / 147.


الصفحة 446
وأمّا دلالة هذه الآية مع تفسيرها بهذه الأخبار على إمامة أمير المؤمنين (عليه السلام)، فأوضح من أن تحتاج إلى بيان ; لأنّ توسّل شيخ النبيّين بمحمّـد وآله ـ بتعليم الله سبحانه ـ وهم في آخر الزمان، والإعراض عن أعاظم المرسلين وهم أقرب إليه زماناً، لأدلّ دليل على فضلهم على جميع العالمين، وعلى عصمتهم من كلّ زلل وإن كان مكروهاً.

فإنّ آدم إنّما عصى بارتكاب المكروه، فلا يصحّ التوسّل بهم في التوبـة عمّا ارتكب إلاّ لأنّهم لم يرتكبوا معصية ومكروهاً، فلا بُـدّ أن تنحصر خلافة الرسول بآله ; لفضلهم على الأنبياء، وعصمتهم دون سائر أُمّـة محمّـد (صلى الله عليه وآله وسلم).

وكيف يكون المعصوم من كلّ زلّة الفاضل حتّى على أعاظم الأنبياء رعيّةً ومأموماً لسائر الناس، ولا سيّما مَن أفنى أكثر عمره بالشرك، وعبادة الأوثان، وقضى باقيه بالفرار من الزحف، والعصيان؟!


*    *    *


الصفحة 447

8 ـ آيـة: (إنّي جاعلك للناس إماماً)

قال المصنّـف ـ نـوّر الله ضريحه ـ(1):

الثامنة: قوله تعالى: ( إنّي جاعلك للناس إماماً قال ومن ذرّيّـتي )(2).

روى الجمهور، عن ابن مسعود، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): " انتهت الدعوة إليَّ، وإلى عليّ، لم يسجد أحدنا لصنم قطّ، فاتّخذني [الله] نبيّـاً، واتّـخذ عليّـاً وصيّـاً "(3).


*    *    *

____________

(1) نهج الحقّ: 179.

(2) سورة البقرة 2: 124.

(3) مناقب الإمام عليّ (عليه السلام) ـ لابن المغازلي ـ: 239 ـ 240 ح 322.


الصفحة 448

وقال الفضـل(1):

هذه الرواية ليسـت في كتب أهل السُـنّة والجماعة، ولا أحد من المفسّرين ذكر هذا.

وإنْ صحّ، دلّ على أنّ عليّـاً وصيُّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، والمراد بالوصاية: ميراث العلم والحكمة، وليسـت هي نصّاً في الإمامة كما ادّعاه.


*    *    *

____________

(1) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع ضمن إحقاق الحقّ ـ 3 / 80.


الصفحة 449

وأقـول:

قد نقل المصنّف (رحمه الله) هذه الرواية في " منهاج الكرامة " عن ابن المغازلي، ولم ينكرها ابن تيميّة، ولكـنّه طالب بصحّتها(1).

وفيـه: إنّه لا ريب بصحّتها ; لأنّ كلّ من يروي في ذلك الزمان فضيلـةً لآل محمّـد فقد أوقع نفسـه في خطـرَي: الموت، وسـقوط الشـأن، ولا موجب له إلاّ الوثاقة وحبُّ الصدق بتلك الرواية، كما عرفتـه في مقـدّمة الكتاب(2).

على أنّ سـند الحديث ليس بأيدينا فعلا، ولعلّه صحيح عندهم.

وأمّا دلالة الآية بضميمة الحديث على إمامة أمير المؤمنين (عليه السلام) ; فلأنّ الحديث قد دلّ على استجابة دعوة إبراهيم في بعض ذرّيّته، وصيرورتهم أئمّـةً للناس لكونهم أنبياء أو أوصياء..

ودلّ على أنّ الدعوة انتهت إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وعليّ (عليه السلام)، فكانت إمامة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) باتّخاذ الله له نبيّاً، وإمامة عليّ باتّخاذه وصيّاً، فوصايته لا بُـدّ أن تكون بإمامته للناس ومن أنواعها.

ولو سُلّم أنّ المرادَ بالوصاية وراثةُ العلم والحكمة، فهي من خواصّ الأئمّـة ; لقـوله تعـالى: ( أفمن يهدي إلى الحـقّ أحـقُّ أن يُتّبـع أم من

____________

(1) منهاج الكرامة: 125، وانظر: مناقب الإمام عليّ (عليه السلام) ـ لابن المغازلي ـ: 239 ـ 240 ح 322، منهاج السُـنّة 7 / 133.

(2) انظر ج 1 / 7 وما بعدها من هذا الكـتاب.


الصفحة 450
لا يَهِدِّي إلاّ أن يُهدى فما لكم كيف تحكمون )(1).

ثمّ إنّ قوله (صلى الله عليه وآله وسلم): " لم يسجد أحدُنا لصنم قطّ " إشارة إلى انتفاء مانع النبوّة والإمامة عنهما، أعني: المعصية والظلم المذكور في تلك الآية بقوله سبحانه: ( لا ينال عهدي الظالمين )(2).

فيكون معنى كلامه (صلى الله عليه وآله وسلم): انتهت إليَّ وإلى عليّ دعوة إبراهيم لذرّيّته ; لانتفاء الظلم عنّا الذي جعله الله مانعاً عن نيل الإمامة، فاتّخذني نبيّـاً وعليّـاً وصيّـاً.

وإنّما خصّ السجود للصنم بالذِكر دون سائر الظلم والمعصية ; لأنّه الفرد الأهمُّ في الانتفاء، وابتلاء عامّة قومه به.

فالمقصود إنّما هو بيان انتفاء المانع المذكور في الآية عنهما، لا بيانَ أنّ عدم السجود للصنم علّة تامّة لانتهاء الدعوة إليهما، حتّى تلزم إمامة كلّ مَن لم يسجد لصنم، وإن كان جاهلا عاصياً..

ولا بيانَ كون عدم السجود للصنم فضيلةً مختصّةً بهما في دائم الدهر، حتّى يقال بمشاركة كلّ من وُلد على الإسلام لهما.

ولا بيانَ أنّ عدم السجود للصنم سبب تامٌّ للأفضلية، حتّى يقال: إنّ بعض مَن تاب عن الكفر أفضل ممّن وُلد على الإسلام.

ثمّ إنّ المراد بانتهاء الدعوة إليهما: وصولها إليهما، لا انقطاعها عندهما ; لتعديته بـ " إلى "، فلا ينفي إمامة الحسن والحسين، والتسعة من بعدهما، وقد ظهر بذلك بطلان ما لفّـقه ابن تيميّة في المقام(3)، ويظهر منه

____________

(1) سورة يونس 10: 35.

(2) سورة البقرة 2: 124.

(3) انظر: منهاج السُـنّة 7 / 133 ـ 135.


الصفحة 451
تجويز نبوّة من كان كافراً، بل وقوعها، فإنّه لمّا أنكر كون عدم السجود للصنم موجباً للفضل على من كان كافراً ثمّ تاب، اسـتدلّ عليه بأنّ لوطاً آمن لإبراهيم ثمّ بعثه الله نبيّـاً، وأنّ شُعيباً قال: ( قد افترينا على الله كذباً إنْ عُدنا في ملّتكم بعد إذ نجّانا الله منها )(1)، وأنّ الله سبحانه قال: ( وقال الّذين كفروا لرسلهم لـنُخرجنّـكم من أرضنا أو لتعُودُنَّ في ملّـتنا )(2).

وإذا كان هؤلاء أنبياء، فمن المعلوم أنّ الأنبـياء أفضل من غيرهم، فلا يكون عدم السجود للأصنام موجباً للأفضلـيّـة(3).

وفيه: إنّ إيمان لوط لإبراهيم لا يستدعي سبق الكفر منه ـ وحاشاه ـ ; لاحتمال ولادته بعد نبوّة إبراهيم، أو أنّه كان متديّناً بشريعة سابقة، وآمن به في أوّل نبوّته.

وأمّا إطلاق العود في الآيتين الأخيرتين، فمن باب التغليب بلحاظ أتباعهم.

ثمّ إنّ مقتضى استدلال ابن تيميّة بالآية الأخيرة ; كون الرسل كلّهم أو أكثرهم ـ بزعمه ـ كانوا كفّاراً، وهو خلاف ضرورة الإسلام والمسلمين!

وما الداعي له إلى هذا الضلال إلاّ إنكار فضل أمير المؤمنين على أقوام أفـنوا أكثر أعمارهم في الكفر، ولمزيد نصبه أنكر عدم سجود أخ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) للأصنام قبل إسلامه(4)، خلافاً لإجماع المسلمين! حتّى إنّ

____________

(1) سورة الأعراف 7: 89.

(2) سورة إبراهيم 14: 13.

(3) انظر: منهاج السُـنّة 7 / 133 ـ 135.

(4) انظر: منهاج السُـنّة 7 / 134.


الصفحة 452
قومه السُـنّـيّـين إذا ذكروا عليّـاً (عليه السلام) قالوا: " كرّم الله وجهه " إشارة إلى عدم سجوده للأصنام أصلا.

ولم يزل يتمحّل لإنكار فضل وليّ المؤمنين تلك التمحّلات، ويتقلّب بهاتيك الجهالات، فالله حسـيبه، والنبيُّ شاهده، وعليٌّ خصمه.


*    *    *


الصفحة 453

9 ـ آيـة: (سـيجعل لهم الرحمن ودّاً)

قال المصنّـف ـ أعلى الله درجـته ـ(1):

التاسعة: قوله تعالى: ( إنّ الّذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودّاً )(2).

روى الجمهـور، عن ابن عبّـاس، قـال: نـزلت في أمير المؤمنين عليّ (عليه السلام) ; قال: الودّ: المحبّة في قلوب المؤمنيـن(3).


*    *    *

____________

(1) نهج الحقّ: 180.

(2) سورة مريم 19: 96.

(3) المعجم الكبير 12 / 96 ح 12655، المعجم الأوسط 6 / 10 ح 5516، تفسير الحبري: 289 ح 43، تفسير الثعلبي 6 / 233، ما نزل من القرآن في عليّ ـ لأبي نعيم ـ: 129 و 132، مناقب الإمام عليّ (عليه السلام) ـ لابن المغازلي ـ: 269 ـ 270 ح 374، شواهد التنزيل 1 / 359 ـ 367 ح 489 ـ 509، الطيوريات: 398 ـ 399 ح 702، الكشّاف 2 / 527، مناقب الإمـام عليّ (عليه السلام) ـ للخوارزمي ـ: 278 ح 268، زاد المسير 5 / 197، تذكرة الخواصّ: 26، كفاية الطالب: 249، تفسير القرطبي 11 / 107، ذخائر العقبى: 159، الرياض النضرة 3 / 179، فرائد السمطين 1 / 79 ح 49، التسهيل لعلوم التنزيل 3 / 10، الدرّ المنثور 5 / 544، جواهر العقدين: 327.


الصفحة 454

وقال الفضـل(1):

ليست هذه الرواية في تفاسير أهل السُـنّة(2)، وإن صحّت دلّت على وجوب محبّته، وهو واجب بالاتّفاق، ولم يثبت به النصُّ على الإمامة وهو المـدّعى.


*    *    *

____________

(1) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع ضمن إحقاق الحقّ ـ 3 / 87.

(2) راجع الهامش رقم 3 من الصفحة السابقة.


الصفحة 455

وأقـول:

قال السيوطي في " الدرّ المنثور ": أخرج الطبراني وابن مردويه، عن ابن عبّـاس، قال: نزلت في عليّ بن أبي طالب: ( إنّ الّذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودّاً )، قال: محبّـة في قلوب المؤمنين(1).

وقال السيوطي أيضاً: أخرج ابن مردويه والديلمي، عن البراء، قال: " قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لعليّ: قل: اللّهمّ اجعل لي عندك عهداً، واجعل لي عندك ودّاً، واجعل لي في صدور المؤمنين مودّةً.

فأنزل الله تعالى: ( إنّ الّذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودّاً )، قال: نزلت في عليّ "(2).

وروي مثل الأخير في " الكـشّاف "(3).

ونقله سبط ابن الجوزي في " تذكرة الخواصّ " عن " تفسير الثعلبي "(4).

وكذا نقله عنه المصنّف (رحمه الله) في " منهاج الكرامة " مع الحديث الأوّل عن أبي نعيم(5).

____________

(1) الدرّ المنثور 5 / 544، وانظر: المعجم الكبير 12 / 96 ح 12655، المعجم الأوسـط 6 / 10 ح 5516.

(2) الدرّ المنثور 5 / 544.

(3) تفسير الكشّاف 2 / 527.

(4) تذكرة الخواصّ: 26.

(5) منهاج الكرامة: 125، وانظر: ما نزل من القرآن في عليّ: 129 و 132.


الصفحة 456
وقال في " الصواعق "، في المقصد الثاني من المقاصد المتعلّقة بالآية الرابعة عشرة من الآيات النازلة في أهل البيت (عليهم السلام): " أخرج الحافظ السلفي، عن محمّـد بن الحنفية، أنّه قال في تفسير هذه الآية: لا يبقى مؤمن إلاّ وفي قلبه ودٌّ لعليّ وأهل بيته "(1).

والظاهر أنّ ما رواه في " الكشّاف " مذكور في " تفسير الرازي "، كما نقله السيّد السعيد عنه(2)، فإنّ عمدة ما ذكره الرازي هنا مأخوذ من " الكشّاف "، لكنّ نسخة " تفسير الرازي " التي رأيتها خالية عن تلك الرواية، فلا يبعد أنّ فيها سقطاً.

وأمّا دلالة الآية على إمامة أمير المؤمنين (عليه السلام) دون غيره، فمحتاجة إلى بيان معناها أوّلا..

قال في " الكشّاف ": " المعنى: سيُحدث لهم في القلوب مودّةً، ويزرعها لهم فيها من غير تودّد منهم، ولا تعرّض للأسباب التي توجب الودّ ويكتسب بها الناس مودّات القلوب، من قرابة، أو صداقة، أو اصطناع بمبرّة، أو غير ذلك.. وإنّما هو اختراع منه ابتداءً، اختصاصاً منه لأوليائه بكرامة خاصّة، كما قذف في قلوب أعدائهم الرعب [والهيبة] إعظاماً لهم وإجلالا لمكانهم "(3).

ومثله في " تفسـير الرازي "(4).

ولا يخفى أنّ هذه العناية الإلهية، والبشارة الربّانية التي استحقّت

____________

(1) الصواعق المحرقة: 261.

(2) انظر: إحقاق الحقّ 3 / 87.

(3) تفسير الكشّاف 2 / 527.

(4) تفسير الفخر الرازي 21 / 256.


الصفحة 457
الذِكر في الكتاب المجيد، ناشئة من أهليّة مَن به العناية، وامتيازه بالقرب إلى الله تعالى، وارتقائه على كلّ المؤمنين بالفضل والطاعة، وهي مختصّة بأمير المؤمنين ; ولذا نزلت الآية به دون غيره من الصحابة.

فيكون أفضل الأُمّة وإمامها بشهادة تعظيم الله سبحانه له، حيث عبّر عنه: بـ ( الّذين آمنوا وعملوا الصالحات )، كنايةً عن أنّه بمنزلتهم جميعاً في الإيمان والعمل الصالح، لكونه إمامهم، وسبب إيمانهم وعملهم الصالحات ; ولذا قال رسول الله في حقّه يوم الخندق: " برز الإيمان كلّـه إلى الشرك كلّه "(1).. وقال: " ضربة عليّ تعدل عبادة الثقلين "(2).

ثمّ إنّه بمقتضى رواية " الصواعق "(3) تكون العناية ثابتة أيضاً لأبناء أمير المؤمنين الطاهرين، فتثبت لهم الإمامة أيضاً.

وأمّا ما ذكر الفضل من دلالة الآية على وجوب محبّته (عليه السلام)، فخلاف الظاهر ; لأنّ المراد بالجعل فيها على الأظهر هو التكوين لا التكليف كما عرفته من كلام " الكـشّاف "(4).

ولو سُلّم، فهو أيضاً دالٌّ على الإمامة ; لأنّ إيجاب المودّة على الإطلاق مسـتلزم لوجوب الطاعة مطلقاً، المستلزم للإمامة وللعصمة التي هي شرط الإمامة، فإذا فُقد هذا الشرط عن غيره بالإجماع والضرورة تعيّنت إمامتـه (عليه السلام).

____________

(1) شرح نهج البلاغة 13 / 285، حياة الحيوان ـ للدميري ـ 1 / 274، ينابيع المودّة 1 / 281 ح 2 و ص 283 ـ 284 ضمن ح 7.

(2) المواقف: 412، شرح المقاصد 5 / 298، شرح المواقف 8 / 371، السيرة الحلبية 2 / 642 ـ 643.

(3) الصواعق المحرقة: 261.

(4) الكشّاف 2 / 527.


الصفحة 458

10 ـ آيـة: (ولكلّ قوم هـاد)

قال المصنّـف ـ أعلى الله درجته ـ(1):

العاشرة: قوله تعالى: ( إنّما أنت مُنذرٌ ولكلّ قوم هاد )(2).

نقل الجمهور، عن ابن عبّـاس، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): " أنا المنـذر، وعليٌّ الهادي، وبك يا عليّ يهتـدي المهـتدون [من بعـدي] "(3).


*    *    *

____________

(1) نهج الحقّ: 180.

(2) سورة الرعد 13: 7.

(3) انظر: مسند أحمد 1 / 126، زوائد عبـد الله بن أحمد بن حنبل على المسند: 355 ح 148، المعجم الأوسط 2 / 94 ح 1383، المعجم الصغير 1 / 261، تفسير الحبري: 281 ـ 283 ح 38 و 39، تفسير الطبري 7 / 344 ح 20161، المستدرك على الصحيحين 3 / 140 ح 4646، تفسير الثعلبي 5 / 272، ما نزل من القرآن في عليّ ـ لأبي نعيم ـ: 117، تاريخ بغداد 12 / 372، شواهد التنزيل 1 /293 ـ 303 ح 398 ـ 416، فردوس الأخبار 1 / 42 ح 103، تاريخ دمشق 42 / 359 ـ 360، زاد المسير 4 / 236، تفسير الفخر الرازي 19 / 20، كفاية الطالب: 232 ـ 233، فرائد السمطين 1 / 148 ح 111 و 112، تفسير ابن كثير 2 / 483، مجمع الزوائد 7 / 41، الدرّ المنثور 4 / 608.


الصفحة 459

وقال الفضـل(1):

ليس هذا في تفاسير السُـنّة، ولو صحّ دلّ على أنّ عليّـاً هادي، وهو مسلّم، وكذا أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) هداة ; لقوله (صلى الله عليه وآله وسلم): " أصحابي كالنجوم، بأيّهم اقتديتم اهتديتهم "(2)، ولا دلالة فيه على النصّ.


*    *    *

____________

(1) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع ضمن إحقاق الحقّ ـ 3 / 93.

(2) لسان الميزان 2 / 118 رقم 448.


الصفحة 460

وأقـول:

نقل الحديث المذكور بعينه في " كنز العمّال " بفضائل عليّ (عليه السلام)(1)، عن الديلمي في كتاب " الفردوس "(2).

ونقله عنه أيضاً المصنّـف (رحمه الله) في " منهاج الكرامة "(3).

وذكـر السـيوطي فـي " الـدرّ المنـثور " أخبـاراً أربعـة فـي نزولهـا بعليّ (عليه السلام)(4):

الأوّل: ما أخرجه ابن جرير، وابن مردويه، وأبو نعيم في " المعرفة "، والديلمي، وابن عساكر، وابن النجّار، عن ابن عبّـاس، قال: " لمّا نزلت: ( إنّما أنت منذرٌ ولكلّ قوم هاد )، وضع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)يده على صدره فقال: " أنا المنذر "، وأومأَ بيده إلى عليّ (عليه السلام) فقال: " أنت الهادي يا عليّ، بك يهتدي المهتدون من بعدي "(5).

ولعلّه هو حديث الديلمي السابق.

الثاني: ما أخرجه ابن مردويه، عن أبي برزة الأسلمي: " سمعت رسول الله يقول: " إنّما أنت منذر " ووضع يده على صدره، ثمّ وضعها

____________

(1) ص 157 من الجزء السادس [11 / 620 ح 33012] . منـه (قدس سره).

(2) فردوس الأخبار 1 / 42 ح 103.

(3) منهاج الكرامة: 126.

(4) وقد توسّع السيّد عليّ الحسيني الميلاني بدراسة تفسير الآية الكريمة وما ورد في ذلك من أحاديث، سنداً ودلالة، في موسوعته: نفحات الأزهار 20 / 297 ـ 368 ; فراجـع!

(5) انظر: معرفة الصحابة 1 / 87 ـ 88 ح 344، تاريخ دمشق 42 / 359.


الصفحة 461
على صدر عليّ وهو يقول: ( لكلّ قوم هاد )(1).

الثالث: ما أخرجه ابن مردويه، والضياء في " المختارة "، عن ابن عبّـاس، قال: " رسول الله المنذر، وعليّ بن أبي طالب الهادي "(2).

الرابع: ما أخرجه عبـد الله بن أحمد في " زوائد المسند "، وابن أبي حاتم، والطبراني في " الأوسط "، والحاكم وصحّحه، وابن مردويه، وابن عساكر، عن عليّ بن أبي طالب (عليه السلام)، في قوله تعالى: ( إنّما أنت منذر ولكلّ قوم هاد )، قال: " رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) المنذر، وأنا الهادي "(3).

قال السيوطي: وفي لفظ: " والهادي رجل من بني هاشم "، يعني نفسـه(4).

وقد ذكر الحاكم هذا الحديث في " المستدرك "(5)، وقال: " صحيح الإسناد " ; وما تعقّبه الذهبي إلاّ ببهت النصب وتحكّم الضلالة، فقال: " بل كذب، قبّح الله واضعه ".

وقد نقل جماعة هذا الحديث باللفظ الثاني عن الثعلبي مع أوّل الأحاديث التي ذكرها السيوطي، منهم صاحب " ينابيع المودّة "، وهو أيضاً نقل الحديث الأخير باللفظ الثاني عن الحمويني، قال: " أخرجه بسنده عن أبي هريرة "(6).

ونقل أيضاً خبراً آخر عن الحاكم أبي القاسم الحسكاني، بسنده عن

____________

(1) الدرّ المنثور 4 / 608.

(2) الدرّ المنثور 4 / 608.

(3) الدرّ المنثور 4 / 608.

(4) الدرّ المنثور 4 / 608.

(5) ص 129 من الجزء الثالث [3 / 140 ح 4646] . منـه (قدس سره).

(6) ينابيع المودة 1 / 296 ح 5 و 6.


الصفحة 462
بريـدة الأسلمي، قال: دعا رسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بماء للطهور، فأخذ بيد عليّ ـ بعدما تطهّر ـ فألصق يده بصدره، فقال: " أنا المنذر "، ثمّ ردّ يده إلى صدر عليّ، فقال: أنت ( لكلّ قوم هاد ).

ثمّ قال له: " أنت منادي(1) الأنام، وغاية الهدى، وأمير الغرّ المحجّلين، أشهد لك إنّك كذلك "(2).

ثمّ قال في " الينابيع ": " المالكي أيضاً أخرجه عن ابن عبّـاس "(3).

ويعني بالمالكي: علي بن أحمد، صاحب " الفصول المهمّة "، ونقل أيضاً أخباراً كثيرة من هذا النحو(4).

ونقل الرازي في تفسيره الخبر الأوّل من أخبار السيوطي، وذكر في الآية أقوالا ثلاثة، ثالثها ما دلّ عليه هذا الخبر(5).

ولا ريب أنّه المتَّـبَع ; لأنّه تفسير بالرواية عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، والقولان الأوّلان تفسير بالرأي، ولو فرض ورود رواية بهما فلا تكون حجّـة علينا، ولا تعارض تلك الروايات ; لاتّفاق الفريقين عليها، فقول الفضل: " ليس هذا في تفاسير السُـنّة " كما ترى!

وقد ذكر السيّد السعيد (رحمه الله)، أنّ ابن عقدة صنّف كتاباً في هذه الآية وروايات نزولها في شأن أمير المؤمنين (عليه السلام)(6).

____________

(1) في شواهد التنزيل: منارة.

(2) ينابيع المودّة 1 / 296 ـ 297 ح 7، وانظر: شواهد التنزيل 1 / 301 ـ 302 ح 414.

(3) ينابيع المودّة 1 / 297 ذ ح 7، وانظر: الفصول المهمّة: 123.

(4) ينابيع المودّة 1 / 296 ـ 297 ح 5 ـ 10.

(5) تفسير الفخر الرازي 19 / 20.

(6) إحقاق الحقّ 3 / 93.


الصفحة 463
وأمّـا دلالتها على إمامته دون غيره فأوضح من أنْ تحتاج إلى بيان ; لأنّ الله تبارك وتعالى جعله في قرن النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) بأنّ له الإنذار ولعليّ الهداية، أي إراءة الطريق، وعمّم هدايته لكلّ قوم، وذلك من آثار الإمامة، لا سيّما وقد قال له رسول الله: " وبك يهتدي المهتدون من بعدي "(1).

فإنّه بمقتضى تقديم الجار والمجرور دالٌّ على حصر الهداية به بعد وفاة النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم)، مع أنّه قد أثنى عليه في رواية الحسكاني بما يناسب الإمامـة(2).

وممّا بيّـنّا يُعلم ما في قول الفضل: " دلّ على أنّ عليّـاً هاد "، مريداً به عدم دلالة الآية والرواية على اختصاص الهداية به.

وأمّا ما رواه من حديث " أصحابي كالنجوم "، فهو باطل متناً وسـنداً(3)..

أمّا الأوّل: فلأنّ عمومه لكلّ أصحابه مخالف للضرورة ; لأنّ أكثرهم من الجاهلين..

وكثيراً منهم من المرتدّين بعده كما دلّت عليه أخبار الحوض، بل بعضها دالٌّ على ارتداد الكلّ إلاّ مثل همل النعم(4)..

____________

(1) كما في رواية ابن جرير وابن مردويه وأبي نعيم والديلمي وابن عساكر وابن النجّار، عن ابن عبّـاس.

(2) تقدّمت آنفاً في الصفحة 431 ـ 432.

(3) وانظر: رسالة في حديث " أصحابي كالنجوم "، وهي الرسالة الأُولى من كتاب " الرسائل العشر "، للسيّد عليّ الحسيني الميلاني، فقد توسّع في بحثه سنداً ودلالة، على ضوء كلمات علماء وحفّاظ أهل السُـنّة وآرائهم ; فراجـع!

(4) تقـدّم تخريج ذلك مفصّـلا في ج 2 / 27 ـ 28 هـ 1، وانظر: الصفحة 212 ـ 313 هـ 1 من هذا الجزء.


الصفحة 464
كما أنّ بعضهم من المنافقين في وقته، قال تعالى: ( ومن أهل المدينة مردوا على النفاق لا تعلمهم نحن نعلمهم )(1)..

وبعضهم من القاسطين والناكثين والمارقين(2)..

وبعضهم من الزنّائين، والفاسقين، كالمغيرة والوليد وأشباههما(3)..

فكيف يقول النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم): " بأيّهم اقتديتم اهتديتم "؟! وهو يقتضي العصمة، ولا أقلّ من العدالة، ويقتضي العلم والإحاطة بما جاء به الرسول وأكثرهم من الجاهلين!

فلا بُـدّ أنْ يكون المراد بالأصحـاب في الحـديث ـ على فرض صحّته ـ ثـقل النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) وسفينة النجاة، وهم آله كما فُسِّر بهم (عليهم السلام)(4).

وأمّا الثاني: فلِما نقله السيّد السعيد (رحمه الله) عن شارح " الشفاء " للقاضي عياض، أنّه قال: " اعلم أنّ حديث: (أصحابي كالنجوم بأيّهم اقتديتم اهتديتم) أخرجه الدارقطني في (الفضائل) وابن عبـد البرّ في (العلم)، من طريق من حديث جابر، وهذا إسناد لا يقوم به حجّة ; لأنّ الحارث بن

____________

(1) سورة التوبة 9: 101.

(2) سيأتي الكلام عنهم.

(3) استفاضت الأخبار بزنا المغيرة في الجاهلية والإسلام حتّى ضرب بزناه المثل، وقصّته مع أُمّ جميل أثناء ولايته على البصرة مشهورة ; راجع: فتوح البلدان: 344، تاريخ الطبري 2 / 492 ـ 494، الأغاني 16 / 103 ـ 110، الكامل في التاريخ 2 / 384 ـ 385، البداية والنهاية 7 / 66 ـ 67.

أمّا الوليد، فقد نزل فيه قوله تعالى: (إن جاءكم فاسق بنبأ فتبيّـنوا...)سورة الحجرات 49: 6 ; انظر: تفسير الطبري 11 / 383 ـ 384 ح 31686 ـ 31692، تفسير البغوي 4 / 191، الكشّاف 3 / 559، تفسير الفخر الرازي 28 / 120، تفسير ابن كثير 4 / 210.

(4) انظر: معاني الأخبار: 156 ح 1.


الصفحة 465
غضين: مجهول.

ورواه عبـد بن حميد في مسنده، من رواية عبـد الرحيم بن زيد، عن أبيه، عن [ابن] المسيّب، عن [ابن] عمر ; قال البزّار: منكَر لا يصحّ.

ورواه ابن عديّ في (الكامل)، من رواية حمزة بن أبي حمزة النصيبي، عن نافع عن [ابن] عمر بلفظ: (بأيّهم أخذتم بقوله) بدل (اقتديتم)، وإسناده ضعيف لأجل حمزة ; لأنّه متّهم بالكذب.

ورواه البيهقي في (المدخل)، من حديث ابن عبّـاس، وقال: متنه مشهور، وأسانيده ضعيفة لم يثبت منها في هذا الباب إسـناد.

وقال ابن حزم: مكذوبٌ موضوعٌ باطلٌ ".

انتهى كلام شارح " الشـفاء "(1).


*    *    *

____________

(1) شرح الشفاء 2 / 91 ـ 92، ولم يرد فيه قول ابن حزم، وانظر: جامع بيان العلم وفضله 2 / 110 ـ 111، الكامل في الضعفاء 2 / 377 رقم 502.

وراجـع: إحقاق الحـقّ 3 / 95 ـ 99.