سلسلة الموضوعات
على النبي الأمين صلى الله عليه وآله

يهمنا ها هنا ذكر نماذج مما وضعته يد أولئك الكذابين والوضاعين المذكورين أو من يشاكلهم في الافتعال في باب الفضائل فحسب.

1 - عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما في الجنة شجرة إلا مكتوب على كل ورقة منها: لا إله إلا الله. محمد رسول الله. أبو بكر الصديق: عمر الفاروق، عثمان ذو النورين.

من موضوعات علي بن جميل الرقي أخرجه الطبراني وقال: موضوع وعلي ابن جميل وضاع، وقد تفرد به وسرقه منه معروف بن أبي معروف البلخي، وعبد العزيز بن عمرو الخراساني رجل مجهول.

وأخرجه أبو نعيم من طريق علي بن جميل، ورواه الختلي في الديباج من طريق عبد العزيز بن عمرو الخراساني كما في " ميزان الاعتدال ". قال مؤلفه الذهبي في ج 2 ص 138: عبد العزيز فيه جهالة والخبر باطل فهو الآفة فيه.

وأخرجه ابن عدي من طريق معروف البلخي، قال الذهبي في " الميزان " 3 ص 184: هذا موضوع لكنه مشهور بعلي بن جميل عن جرير وكان يحلف فيقول: حدثنا والله جرير، وقال ابن عدي: معروف هذا غير معروف ولعله سرقه من علي بن جميل.

ورواه أبو القاسم بن بشران في أماليه من طريق محمد بن عبد بن عامر السمرقندي وهو ذلك الكذاب الوضاع عن عصام بن يوسف قال ابن عدي: روى أحاديث لا يتابع عليها.

ورواه الخطيب البغدادي في تاريخه 5 ص 4 و ج 7 ص 337 من طريق الحسين بن إبراهيم الاحتياطي عن علي بن جميل. قال الذهبي في ميزانه 1 ص 253 بعد ذكره من هذا الطريق: هذا باطل والمتهم به حسين الاحتياطي. وقال في ج 3 ص 184: إنه موضوع.


الصفحة 2
وذكره ابن كثير في تاريخه 7: 205 من طريق الطبراني فقال: إنه حديث ضعيف في إسناده من تكلم فيه ولا يخلو من نكارة.

قال الأميني: ألا تعجب من إخراج ابن كثير الحديث من الوضع والبطلان إلى الضعف والنكارة؟! وهو يعلم أن مثل هذه الرواية لا يسمى ضعيفا في مصطلح أهل الفن وهو يرى نفسه منهم. نعم: شنشنة أعرفها من أخزم. وأعجب من ذلك أن الخطيب لم يذكر في هذه الرواية التي هذه حالها كلمة تعرب عما في سندها من الغمز وهذا شأنه في كثير من أمثال هذه الأحاديث الموضوعة.

2 - عن ابن عباس مرفوعا: إذا كان يوم القيامة نادى مناد تحت العرش: هاتوا أصحاب محمد فيؤتى بأبي بكر وعمر وعثمان وعلي فيقال لأبي بكر: قف على باب الجنة فأدخل فيها من شئت، ورد من شئت. ويقال لعمر: قف على الميزان فثقل من شئت برحمة الله، وخفف من شئت. ويعطى عثمان غصن شجرة من الشجرة التي غرسها الله بيده فيقال: ذد بهذا عن الحوض من شئت. ويعطى علي حلتين فيقال له: خذهما فإني ادخرتهما لك يوم أنشأت خلق السماوات والأرض.

رواه إبراهيم بن عبد الله المصيصي، وأحمد بن الحسن بن القاسم الكوفي، وكلاهما كذابان وضاعان والله أعلم أيهما وضع هذا الحديث، ذكره الذهبي بهذا اللفظ في ميزانه ج 1 ص 20، 42، وفيه آفة القلب بعد الوضع فإن المحفوظ من لفظه كما في الرياض النضرة 1 ص 32 بعد: وخفف من شئت. ويكسى عثمان حلتين ويقال له. ألبسهما فإني خلقتهما أو ادخرتهما من حين أنشأت خلق السماوات والأرض. ويعطى علي بن أبي طالب عصى عوسج من الشجرة التي غرسها الله تعالى بيده في الجنة فيقال: ذد الناس عن الحوض. فقلبوا ما لعلي عليه السلام من ذود المنافقين عن الحوض وجعلوه لعثمان بعد ما زادوا على الحديث صدرا مفتعلا، وحديث ذود أمير المؤمنين علي عن الحوض أخرجه الحفاظ من عدة طرق عن جمع من الصحابة قد أسلفنا طرقه وتصحيح الحاكم له في الجزء الثاني ص 321.

3 - عن أنس مرفوعا: لا أفتقد أحدا من أصحابي غير معاوية بن أبي سفيان لا أراه ثمانين عاما - أو سبعين عاما - فإذا كان بعد ثمانين عاما - أو سبعين عاما - يقبل

الصفحة 3
إلي على ناقة من المسك الأذفر حشوها من رحمة الله قوائمها من الزبرجد فأقول: معاوية؟ فيقول: لبيك يا محمد! فأقول: أين كنت من ثمانين عاما؟ فيقول: كنت في روضة تحت عرش ربي يناجيني وأناجيه ويحييني وأحييه ويقول: هذا عوض مما كنت تشتم في دار الدنيا.

من موضوعات عبد الله بن حفص الوكيل. قال ابن عدي: موضوع لا أشك أنه واضعه. وقال الخطيب: باطل إسنادا ومتنا ونراه مما وضعه الوكيل وإن إسناده رجاله كلهم ثقات غيره. وقال الذهبي في ميزانه بعد ذكره من طريق ابن عدي: قلت: ما كان ينبغي لابن عدي أن يتشاغل بالأخذ عن هذا الدجال الأعمى البصر والبصيرة والذي قال الله فيه: ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا. وقال في ترجمة عبيد الله بن سليمان: روى عن عبد الرزاق بخبر باطل فهو الآفة فيه.

وقال ابن حجر في " لسان الميزان " 4 ص 105: والخبر المذكور رواه ابن عساكر في ترجمته - ولفظه -: إني لأدخل الجنة فلا أفتقد منها أحدا إلا معاوية سبعين عاما ثم أراه فأقول: يا معاوية أين كنت؟ فيقول: كنت تحت عرش ربي يتحفني بيده فقال: هذا ما كان يشتمونك في دار الدنيا. قال ابن عساكر: هذا حديث منكر وفيه غير واحد من المجاهيل.

4 - عن أنس مرفوعا: ليلة أسري بي دخلت الجنة فإذا أنا بتفاحة تعلقت عن حوراء قالت: أنا للمقتول ظلما عثمان.

أخرجه الذهبي في ميزانه 2 ص 20 من طريق عباس بن محمد العدوي الوضاع وقال: خبر موضوع. وذكره أيضا في ج 3 ص 293 بتغيير يسير من طريق يحيى بن شبيب الكذاب الوضاع وقال: هذا كذب. والله يعلم أي الرجلين وضعه.

وقال ابن حجر في " لسان الميزان " 3 ص 245: ذكره ابن حبان في الضعفاء وقال: لا أصل لهذا من كلام النبي ولا أنس ولا ثابت ولا حماد " هم رجال سند الحديث " وأوعز الذهبي إليه في " الميزان " في ترجمة عبد الله بن إبراهيم الدمشقي وقال: خبر باطل. وقال ابن حجر في لسانه 3 ص 248: الحديث المذكور عن عقبة بن عامر رفعه:

لما عرج بي إلى السماء دخلت جنة عدن فوقعت في كفي تفاحة فانفلقت عن حوراء

الصفحة 4
مرضية كان أشعار عينيها مكارم أشعار النسور فقلت: لمن أنت؟ قالت: أنا للخليفة من بعدك المقتول ظلما عثمان بن عفان. وذكره في ص 293 وقال: حديث منكر.

وأخرجه الخطيب في تاريخه 5 ص 297: من طريق محمد بن سليمان أبي علي الشطوي عن نافع عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لما أسري بي إلى السماء فصرت إلى السماء الرابعة سقطت في حجري تفاحة فأخذتها بيدي فانفلقت فخرج منها حوراء تقهقه فقلت لها: تكلمي لمن أنت؟ قالت: للمقتول شهيدا عثمان بن عفان. وهذا موضوع بهذا الطريق أيضا. رأى الخطيب في تاريخه وابن الجوزي في الموضوعات والذهبي في ميزانه الحمل فيه على محمد بن سليمان أبي جعفر الخزاز.

5 - عن جابر مرفوعا: إن الله اختار أصحابي على جميع العالمين سوى النبيين والمرسلين، واختار من أصحابي أربعة: أبا بكر. وعمر. وعثمان. وعلي. فجعلهم خير أصحابي وأصحابي كلهم خير.

من موضوعات عبد الله بن صالح كاتب الليث، قال الذهبي في ميزانه 2 ص 47: قد قامت القيامة على عبد الله بن صالح بهذا الخبر، وحكى عن أبي زرعة: أنه قال: باطل وضعه خالد المصري ودلسه في كتاب عبد الله بن صالح. وقال النسائي: إنه موضوع.

6 - عن عبد الله بن عمر مرفوعا: لما ولد أبو بكر في تلك الليلة اطلع الله على جنة عدن فقال: وعزتي وجلالي لا أدخلك إلا من أحب هذا المولود.

قال الذهبي: موضوع آفته أحمد بن عصمة النيسابوري، وأخرجه الخطيب البغدادي في تاريخه 3 ص 309 وقال: إنه باطل وفي إسناده غير واحد من المجهولين.

7 - عن أبي هريرة مرفوعا: إن في السماء الدنيا ثمانين ألف ملك يستغفرون الله لمن أحب أبا بكر وعمر. وفي السماء الثانية ثمانون ألف ملك يلعنون من أبغض أبا بكر وعمر.

من وضع أبي سعيد الحسن بن علي العدوي البصري. أخرجه الخطيب وقال:

هذا الحديث وضعه العدوي على كامل بن طلحة، وإنما يرويه عبد الرزاق بن منصور البندار عن أبي عبد الله الزاهد السمرقندي عن ابن لهيعة. وأبو عبد الله الزاهد مجهول فألزقه العدوي على كامل وكامل ثقة والحديث ليس بمحفوظ عن ابن لهيعة. ثم ذكره

الصفحة 5
بطريق آخر فقال: هذا الاسناد صحيح ورجاله كلهم ثقات وقد أتى العدوي أمرا عظيما وارتكب أمرا قبيحا في الجرأة بوضعه أعظم من جرأته في حديث ابن لهيعة.

وأخرجه الديلمي وزاد فيه: ومن أحب الصحابة جميعا فقد برئ من النفاق. و حكم الذهبي بوضعه أيضا. وذكره ابن حجر من طريق آخر عن أنس في " لسان الميزان " 4 ص 107 فقال: هذا بهذا الاسناد باطل.

8 - عن أنس: إن يهوديا أتى أبا بكر فقال: والذي بعث موسى وكلمه تكليما إني لأحبك. فلم يرفع أبو بكر رأسا تهاونا باليهودي فهبط جبرئيل على النبي صلى الله عليه وسلم وقال: يا محمد إن العلي الأعلى يقرأ عليك السلام ويقول لك: قل لليهودي: إن الله قد أحاد عنك النار. فأحضر اليهودي فأسلم. وفي لفظ: قد أحاد عنه في النار خلتين: لا توضع الأنكال في عنقه. ولا الأغلال في عنقه لحبه أبا بكر فأخبره.

من آفات الحسن بن علي أبي سعيد العدوي البصري قال السيوطي في " اللئالي " 1 ص 151: موضوع، العدوي وغلام خليل وضاعان والبصري مجهول.

9 - عن البراء مرفوعا: إن الله اتخذ لأبي بكر في أعلى عليين قبة من ياقوتة بيضاء معلقة بالقدرة تخترقها رياح الرحمة، للقبة أربعة آلاف باب كلما اشتاق أبو بكر إلى الله انفتح منها باب ينظر إلى الله عز وجل.

من موضوعات محمد بن عبد الله أبي بكر الأشناني. قال الخطيب في تاريخه 5 ص 441، من ركب هذا الحديث على مثل هذا الاسناد فما أبقى من اطراح الحشمة و الجرأة على الكذب شيئا ونعوذ بالله من الخذلان ونسأله العصمة عن تزيين الشيطان إنه ولي ذلك والقادر عليه. وقال في ص 442: إنه - الأشناني - كان يضع ما لا يحسنه غير أنه والله أعلم أخذ أسانيد صحيحة من بعد الصحف فركب عليها هذه البلايا.

وأخرجه أيضا في ج 9: 445 من طريق أحمد بن عبد الله الذراع فقال: هذا باطل والحمل فيه عندي على الذراع وإنه مما صنعته يده والله أعلم. وعده الذهبي في " ميزان الاعتدال " من طاماث أبي بكر الأشناني.

10 - عن أنس قال: لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من الغار أخذ أبو بكر بغرزه فنظر النبي صلى الله عليه وسلم إلى وجهه فقال: يا أبا بكر ألا أبشرك؟ قال: بلى فداك أبي وأمي

الصفحة 6
قال: إن الله يتجلى يوم القيامة للخلايق عامة ويتجلي لك خاصة.

من موضوعات محمد بن عبد أبي بكر التميمي السمرقندي. قال الخطيب في تاريخه 2: 388: هذا الحديث لا أصل له عند ذوي المعرفة بالنقل فيما نعلمه، وقد وضعه محمد بن عبد إسنادا ومتنا، وله أحاديث كثيرة تشابه ما ذكرناه، وكلها تدل على سوء حاله و سقوط رواياته.

وأخرجه في ج 12: 19 من طريق علي بن عبدة وقال: باطل ثم أخرجه من طريق آخر غير طريق علي بن عبدة فقال: هذا باطل والحمل فيه على أبي حامد بن حسنويه فإنه لم يكن ثقة.

وذكره الذهبي في " الميزان " 2: 221، 232 وقطع بأنه من الموضوعات وقال:

ورواه ابن عدي في كامله وقال: هذا باطل. وقال في 2 ص 269: إنه حديث باطل. واتهم يوسف بن أحمد بإلصاق هذا الحديث إلى ابن الخليفة كما في " ميزان الاعتدال 3: 336.

وعده الفيروز آبادي صاحب " القاموس " في خاتمة كتابه " سفر السعادة " من أشهر الموضوعات في باب فضائل أبي بكر ومن المفتريات المعلوم بطلانها ببديهة العقل.

وعده السيوطي من الموضوعات في " اللئالي " 1، 148 وزيف طرقه. وذكره العجلوني في كشف الخفاء 2: 419 وأردفه بمثل كلمة الفيروز آبادي.

وقال ابن حجر في " لسان الميزان " 2 ص 64: له طرق كلها واهية. وقال ابن درويش الحوت في " أسنى المطالب " ص 63: موضوع ذكره ملا علي القارئ - يعني في كتاب موضوعاته - وأخرجه الحاكم في " المستدرك " 3: 78 في حديث عن جابر بن عبد الله فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أبا بكر أعطاك الله الرضوان الأكبر فقال له بعض القوم: وما الرضوان الأكبر يا رسول الله؟ قال: يتجلى الله لعباده في الآخرة عامة ويتجلي لأبي بكر خاصة فأعقبه الذهبي في تلخيص " المستدرك " بقوله: تفرد به محمد بن خالد الختلي عن كثير بن هشام عن جعفر بن برقان عن ابن سوقة وأحسب محمدا وضعه. وقال في " ميزان الاعتدال " في ترجمة الختلي: قال ابن الجوزي في الموضوعات: كذبوه روى عن كثير: يتجلى لأبي بكر خاصة. وقال ابن مندة: صاحب مناكير.


الصفحة 7
11 - عن أبي هريرة مرفوعا: عرج بي إلى السماء فما مررت بسماء إلا وجدت فيها مكتوبا: محمد رسول الله، وأبو بكر الصديق من خلفي.

من موضوعات عبد الله بن إبراهيم الغفاري. ذكره الذهبي في ميزانه من طريق الخطيب عن محمد بن عبد الله الهلالي البصري وقال: خبر باطل. ثم رواه بإسناد آخر فقال: وهو باطل ما أدري من يغمز فيه فإن هؤلاء ثقات ثم ذكره من طريق الغفاري فقال: متهم بالكذب فهذا عنه محتمل. لم 5 ص 235. وذكره السيوطي في الموضوعات وقال: أخرجه ابن عدي بإسناده عن الغفاري عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ثم قال:

لا يصح، الغفاري يضع، وشيخ ضعيف بالاتفاق.

وذكره ابن حجر في " تهذيب التهذيب " 5 ص 138 نقلا عن ابن حبان من طريق عبد الله بن عمر بلفظ: ما جئت ليلة أسري بي من سماء إلى سماء إلا رأيت إسمي مكتوبا محمد رسول الله، أبو بكر الصديق. فقال: قال ابن حبان: هذا خبر باطل وأرى البلية فيه من عبد الله بن إبراهيم.

12 - عن أنس مرفوعا: إن لله تعالى في كل ليلة جمعة مائة ألف عتيق من النار إلا رجلين فإنهما يدخلان في أمتي وليسا منهم وإن الله لا يعتقهما فيمن عتق منهم من أهل الكبائر في طبقتهم مصفدين مع عبدة الأوثان مبغضي أبو بكر وعمر وليس هم داخلين في الاسلام وإنما هم يهود هذه الأمة ثم قال: ألا لعنة الله على مبغضي أبي بكر وعمر و عثمان وعلي.

من موضوعات مسرة بن عبد الله أبي شاكر مولى المتوكل. أخرجه الخطيب في تاريخه 13 ص 272 فقال: هذا الحديث كذب موضوع والرجال المذكورون في إسناده كلهم ثقات أئمة سوى مسرة والحمل عليه فيه، على أنه ذكر سماعه من أبي زرعة بعد موته بأربع سنين لأن أبا زرعة مات في سنة أربع وستين ومائتين من غير خلاف في ذلك - وهو يروي الحديث عن أبي زرعة بالري سنة ثمان وستين ومائتين - وعده الذهبي في ميزانه 3 ص 162 من موضوعات مسرة.

13 - عن أنس قال آخى النبي صلى الله عليه وسلم بين كتفي أبي بكر وعمر فقال لهما: أنتما وزيراي في الدنيا والآخرة، ما مثلي ومثلكما في الجنة إلا كمثل طائر يطير في الجنة فأنا

الصفحة 8
جؤجؤ الطائر وأنتما جناحاه، وأنا وأنتما نسرح في الجنة، وأنا وأنتما نزور رب العالمين، وأنا وأنتما نقعد في مجالس الجنة. فقال: وفي الجنة مجالس؟ قال: نعم مجالس ولهو فقال: أي شئ لهو الجنة؟ قال: آجام من قصب من كبريت أحمر رحلها الدر الرطب فيخرج ريح من تحت ساق العرش يقال لها: الطيبة فتثور تلك الآجام فيخرج صوت ينسي أهل الجنة أيام الدنيا وما كان فيها.

من موضوعات زكريا بن دريد الكندي. أخرجه أين حبان وقال: موضوع آفته زكريا. وحكى الذهبي جملتين من الرواية في " الميزان " 1 ص 348 عن ابن حبان وأنه قال: حدثنا بهما أحمد بن موسى بن معدان بحران حدثنا زكريا بن دريد بنسخة كتبناها كلها موضوعة لا يحل ذكرها.

14 - عن أنس مرفوعا: إن لله تعالى سيفا مغمودا في غمده ما دام عثمان بن عفان حيا فإذا قتل جرد ذلك السيف فلم يغمد إلى يوم القيامة.

أخرجه ابن عدي وقال: موضوع آفته عمرو بن قائد وشيخه موسى بن سيار (1) كذاب أيضا. لي 1 ص 164. وقال الذهبي في ميزانه 2 ص 299: هذا ظاهر النكارة.

15 - عن أنس مرفوعا: هبط علي جبريل ومعه قلم من ذهب إبريز فقال إن العلي الأعلى يقرئك السلام ويقول لك: حبيبي قد أهديت هذا القلم من فوق عرشي إلى معاوية بن أبي سفيان فأوصله إليه ومره أن يكتب آية الكرسي بخطه بهذا القلم ويشكله ويعجمه ويعرضه عليك فإني قد كتبت له من الثواب بعدد كل من قرأ آية الكرسي من ساعة يكتبها إلى يوم القيامة. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من يأتيني بأبي عبد الرحمن؟ فقام أبو بكر الصديق ومضى حتى أخذ بيده وجاءا جميعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسلموا عليه فرد عليهم السلام ثم قال لمعاوية: ادن مني يا أبا عبد الرحمن؟ ادن مني يا أبا عبد الرحمن؟ فدنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم فدفع إليه القلم ثم قال له: يا معاوية؟ هذا قلم أهداه إليك ربك من فوق العرش لتكتب به آية الكرسي بخطك وتشكله وتعجمه وتعرضه علي، فاحمد الله واشكره على ما أعطاك، فإن الله قد كتب لك من الثواب من قرأ آية الكرسي من ساعة تكتبها إلى يوم القيامة. فأخذ القلم من يد النبي صلى الله عليه وسلم فوضعه فوق أذنه. فقال

____________

(1) في لئالي السيوطي عند نقل هذه العبارة غلط فاحش هذا صحيحها. راجع

الصفحة 9
رسول الله صلى الله عليه وسلم: أللهم إنك تعلم أني قد أوصلته إليه. ثلاثا. فجثا معاوية بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم ولم يزل يحمد الله على ما أعطاه من الكرامة ويشكره حتى أتى بطرس و محبرة فأخذ القلم ولم يزل يخط به آية الكرسي أحسن ما يكون من الخط حتى كتبها وشكلها وعرضها على النبي صلى الله عليه وسلم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا معاوية! إن الله قد كتب لك من الثواب بعدد كل من يقرأ آية الكرسي من كتبتها إلى يوم القيامة.

قالوا: موضوع وأكثر رجاله مجاهيل، ويراه ابن الجوزي من وضع الحسين بن يحيى الختاني كما في " ميزان الاعتدال " 1 ص 257. وعند الذهبي باطل كأنه عمله أحمد بن عبد الله الأيلي كما في " الميزان " 1 ص 52. ويرى ابن حجر في " لسان الميزان ":

إن الأمر ينحصر بأحمد الأيلي وهو الذي وضعه، وأخرجه النقاش في الموضوعات بلفظ أخصر وقال: حديث موضوع بلا شك وضعه أحمد أو حسين [ لي 1 ص 216، لم 1 ص 285 ].

16 - عن جابر إن رسول الله صلى الله عليه وسلم استشار جبريل في: استكتاب معاوية فقال:

استكتبه فإنه أمين.

أخرجه ابن عساكر في تاريخه بإسناده من طريق السري بن عاصم أبي عاصم الهمداني أحد الكذابين الوضاعين، والحسن بن زياد وهو اللؤلؤي الوضاع الكذاب، والقاسم بن بهرام المشترك بين ثقة وكذاب، وقد زيفه ابن كثير في " البداية والنهاية " 5 ص 354 فقال:

والعجب من الحافظ ابن عساكر مع جلالة قدره واطلاعه على صناعة الحديث أكثر من غيره من أبناء عصره - بل ومن تقدمه بدهر - كيف يورد في تاريخه هذا وأحاديث كثيرة من هذا النمط ثم لا يبين حالها ولا يشير إلى شئ من ذلك إشارة لا ظاهرة ولا خفية؟! ومثل هذا الصنيع فيه نظر والله أعلم. وأخرجه الذهبي في ميزانه 3 ص 95 عن أمير المؤمنين مرفوعا من طريق أصرم بن حوشب الكذاب الوضاع الخبيث، وعده من مناكير محمد بن عبد المجيد.

17 - عن عبادة بن الصامت قال: أوحى الله إلى النبي صلى الله عليه وسلم استكتب معاوية فإنه أمين مأمون.

أخرجه الطبراني في الأوسط عن محمد بن معاوية الزيادي عن أحمد بن عبد الرحمن الحراني عن محمد بن زهير السلمي عن أبي محمد ساكن بيت المقدس فقال: محمد بن معاوية كذاب وشيخه ليس بمؤمن، والسلمي وشيخه لا يعرف. وللحديث طرق أخرى

الصفحة 10
كلها باطلة، راجع " اللئالي " 1 ص 218.

وذكره الذهبي في " الميزان " 3 ص 59 فقال: خبر باطل لعله [ يعني محمد بن زهير السلمي ] هو افتراه متنه. وقال في أحمد الحراني: قال أبو عروة: ليس بمؤتمن على دينه.

م - قال الأميني: كيف تصح هذه الرواية عن عبادة بن الصامت؟! وهو الذي أنغل الشام على معاوية فكتب معاوية إلى عثمان بالمدينة: إن عبادة قد أفسد علي الشام وأهله، فإما أن تكفه إليك، وإما أن أخلي بينه وبين الشام، فكتب إليه عثمان: أن ارحل عبادة حتى ترجعه إلى داره من المدينة، فبعث بعبادة حتى قدم المدينة، فدخل على عثمان في الدار وليس فيها إلا رجل من السابقين أو من التابعين الذين قد أدركوا القوم متوافرين فلم يفج عثمان به إلا وهو قاعد في جانب الدار فالتفت إليه وقال: ما لنا ولك يا عبادة؟!

فقام عبادة بين ظهراني الناس فقال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا القاسم يقول: إنه سيلي أموركم بعدي رجال يعرفونكم ما تنكرون، وينكرون عليكم ما تعرفون، فلا طاعة لمن عصى، فلا تضلوا بربكم. فوالذي نفس عبادة بيده إن فلان - يعني معاوية - لمن أولئك. فما راجعه عثمان بحرف. تاريخ ابن عساكر 7: 311، 312 ".

18 - عن أبي هريرة مرفوعا: الأمناء عند الله ثلاثة: أنا وجبريل ومعاوية.

قال الخطيب والنسائي وابن حبان: هذا الحديث باطل موضوع. رأى الخطيب في تاريخه 11 ص 8 الحمل فيه على علي البرداني. وقال ابن عدي: باطل من كل وجه. وزيف الحاكم طرقه وفيها جمع من الكذابين والوضاعين. راجع لي 1: 217. وقال الذهبي في ميزانه 1 ص 233، هذا كذب. وذكره في ترجمة الحسن بن عثمان فقال: هذا كذب.

م - وذكره ابن كثير في تاريخه 8 ص 120 من طريق أبي هريرة وأنس وواثلة بن الأسقع فقال: لا يصح من جميع وجوهه. وفي لسان الميزان 2: 220: أورد ابن الجوزي الأول في الموضوعات وجزم بأن هذا وضعه، (يعني وضع الحسن بن عثمان) وقال ابن عدي:

الحسن كان عندي يضع الحديث ويسرق حديث الناس وسألت عنه عبدان الأهوازي فقال:

كذاب. وقال أبو علي النيسابوري: هذا كذاب يسرق الحديث ] وفي " شذرات الذهب " 2 ص 366: عده ابن الجوزي من موضوعات أبي عيسى أحمد الخشاب.

قال الأميني: بهذه المخازي هتكوا ناموس الاسلام، ودنسوا ساحة قدس صاحب

الصفحة 11
الرسالة، فما قيمة أمينين يكون معاوية ثالثهما في الأمانة؟!.

19 - عن زياد بن معاوية بن يزيد بن عمر حفيد يزيد بن معاوية بن أبي سفيان عن عبد الرحمن بن الحسام قال: أخبرنا رجل من أهل الحوران أخبر عن رجل آخر قال:

اجتمع عشرة من بني هاشم فغدوا على النبي صلى الله عليه وسلم فلما قضى الصلاة قالوا: يا رسول الله!

غدونا إليك لنذكر لك بعض أمورنا، إن الله قد تفضل بهذه الرسالة فشرفك بها وشرفنا لشرفك وهذا معاوية بن أبي سفيان يكتب الوحي فقد رأينا أن غيره من أهل بيتك أولى به لك منه قال: نعم، انظروا في رجل غيره قال: وكان الوحي ينزل في كل أربعة أيام من عند الله إلى محمد فأقام جبريل أربعين يوما لا ينزل فلما كان يوم أربعين هبط جبريل بصحيفة فيها مكتوب:

يا محمد! ليس لك أن تغير من اختاره الله لكتاب وحيه فأقره فإنه أمين. فأقره.

أخرجه ابن عساكر في تاريخه وقال: هذا خبر منكر وفيه غير واحد من المجهولين وقال ابن حجر في " لسان الميزان " 3 ص 411: قلت: بل هو مما يقطع ببطلانه فوالله إني لأخشى أن يكون الذي افتراه مدخول الإيمان.

قال الأميني: هذه هتيكة لا يتفوه بها إلا المستهزء بالله ورسوله من الذين اتخذوا آيات الله هزوا، ودين الله سخريا، والنبوة مجهلة، وأجهل من أولئك المهاجمين على قدس صاحب الرسالة بوضع هذه السفاسف المخزية عليه صلى الله عليه وآله هو الحافظ الذي يتكلم في سندها ويرى مثل هذا الحديث منكرا لمكان المجهولين في رجاله، ذاهلا عن أن واجب المحدث النظرة في متن الحديث قبل البحث عن سنده، فالقول ما قاله ابن حجر.

20 - عن يزيد بن محمد المروزي عن أبيه عن جده قال سمعت أمير المؤمنين عليا رضي الله عنه يقول فذكر خبرا فيه: بينا أنا جالس بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاء معاوية فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم القلم من يدي فدفعه إلى معاوية فما وجدت في نفسي إذ علمت أن الله أمره بذلك.

عده ابن حجر في " لسان الميزان " 6 ص 20 من موضوعات مسرة بن عبد الله الخادم فقال: هذا متن باطل وإسناد مختلق.

م - وأخرج الخطيب في تاريخه 13: 273 حديثا في المناقب فقال: هذا الحديث كذب موضوع، والرجال المذكورون في إسناده كلهم ثقات أئمة سوى مسرة

الصفحة 12
" الخادم " والحمل عليه فيه ".

21 - عن أنس مرفوعا: الأمناء سبعة: اللوح والقلم وإسرافيل وميكائيل وجبريل ومحمد ومعاوية.

ذكر الذهبي في " الميزان " 1 ص 321 لداود بن عفان عن أنس وهو الوضاع أخرج عن أنس بنسخة موضوعة راجع سلسلة الكذابين، م - وذكره ابن كثير في تاريخه 8: 120 من رواية ابن عباس فقال: هذا أنكر من الأحاديث التي قبله وأضعف إسنادا ]

قال الأميني: تعسا لأمة تروي مثل هذه المخازي ولم تند منها جبهتها حياءا أليس عارا على الاسلام وأهله أن يجعل معاوية الخؤن لدة نبيه وأمناء الله المعصومين في الأمانة؟!.

22 - عن واثلة مرفوعا: إن الله ائتمن على وحيه جبريل وأنا ومعاوية، وكاد أن يبعث معاوية نبيا من كثرة علمه وائتمانه على كلام ربي، يغفر الله لمعاوية ذنوبه، و وقاه حسابه، وعلمه كتابه، وجعله هاديا مهديا وهدى به.

أخرجه ابن عساكر عن رجل م - قال الحاكم: سئل أحمد بن عمر الدمشقي و كان عالما بحديث الشام عن هذا الحديث فأنكره جدا. وحدث بهذا الحديث عبد الله بن جابر أبو محمد الطرسوسي البزار وهو ذاهب الحديث وقال مرة: هو منكر الحديث (1) قال الأميني: ] أحسب أن رواة السوء أرادوا حطا من مقام النبوة لا ترفيعا لمقام معاوية لما نعلمه من البون الشاسع بين مرتبة النبوة التي تعتقد بها المسلمون وبين متبوأ هذا المقعي على أنقاض مستوى الخلافة، فنسائل القوم عن الذي أوجب له هذا المقام الشامخ، أهو أصله الزاكي تلك الشجرة الملعونة في القرآن ولسان نبيه؟! أم فرعه الغاشم الظلوم؟! أم دؤبه على الكفر إلى ما قبل وفاة النبي صلى الله عليه وآله بأشهر قلائل؟! أم محاربته خليفة وقته المفترضة طاعته عليه؟! وقد بايعه أهل الحل والعقد ورضي به المسلمون، فشهر السيف أمامه، وأراق الدماء المحرمة. أم بوائقه أيام استحواذه على الملك؟! من قتل الأبرياء الأخيار كحجر بن عدي وأصحابه؟! وقتل عمرو بن حمق الخزاعي إلى كثيرين من أمثالهم، ومن قنوته بلعن أمير المؤمنين والحسن والحسين و لمة من صفوة المؤمنين؟! وحمله سماسرة الأهواء على الوقيعة في أهل بيت النبوة، وافتعال

____________

(1) تاريخ ابن عساكر 7: 322.

الصفحة 13
رواة الجرح فيهم، وخلق أحاديث الثناء في الأمويين؟ واستلحاقه زيادا مراغما للحديث الثابت عند الأمة جمعاء؟! - الولد للفراش وللعاهر الحجر -، وأخذ البيعة ليزيد ذلك الماجن الخائن السكير وتسليطه على الأعراض والدماء؟ وإدمانه على هذه المخاريق و أمثالها؟ التي سودت صحيفة التاريخ حتى أفعمت كأس بغيه واخترمته منيته.

ومتى كان معاوية للعلم والقرآن وهو لا يحسن آية واحدة كقوله سبحانه: أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم؟ أولم يكن أمير المؤمنين علي عليه السلام من أولي الأمر على أي من التفسيرين؟ وكقوله تعالى: ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاءه جهنم خالدين فيها. وكقوله تعالى: الذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا. إلى آيات كثيرة تشنع على ما كان عليه من الطامات، وهل يؤتمن على القرآن وهو لا يعمل بآية منه ولا يقيم حدوده؟! ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه، ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله نارا خالدا فيها وله عذاب مهين.

وهل علمه المتكثر الذي كاد به أن يبعث نبيا كان يدعوه إلى عداء العترة الطاهرة؟

وإلى تلكم البوائق المخزية؟ والفواحش المبينة التي حفظها التاريخ عنه وعن ربات تلك الجباه السود؟ وقد حفظ لنا التاريخ قتله الذريع لشيعة أمير المؤمنين بالكوفة خاصة وفي أرجاء المملكة عامة، وأما أذاه المعكر لصفو حياة شيعة آل الله فحدث عنه ولا حرج، وسنعرفك معاوية بعجره وبجره على ما يستحق.

ثم نسائل الرواة عن الأمانة التي استحق بها معاوية أن يكون ثالثا للنبي و جبرئيل أو سابعا له صلى الله عليه وآله وأمناء الله الخمسة المذكورة في الرواية ال 21: أهي أمانته على الكتاب؟ وقد خالفه. أم على السنة؟ ولم يعمل بها. أم على الدماء؟ وقد أراقها. أم على العترة الطاهرة؟ وقد اضطهدها. أم على أمن الأمة؟ وقد أقلقه. أم على الصدق؟ وقد باينه. أم على المين؟ وقد حث عليه. أم على المؤمنين؟ وقد قطع أوصالهم. أم على الاسلام؟ وقد ضيعه. أم على الأحكام؟ وقد بدلها. أم على الأعواد؟ وقد شوهها بلعن أولياء الله المقربين عليها. أم؟ أم؟ أم؟

أبهذه المخازى مع لداتها كاد أن يبعث معاوية نبيا كما اختلقته رواة السوء؟ زه بهذه النبوة التي يكاد أن يكون مثل هذا الرجل حاملا لأعبائها..


الصفحة 14

قد خم ريش سفيد أشك دمادم يحيى * تو باين حالت اگر عشق نبازي چه شود

وشتان بين هذه الرواية وإنكارهم على ابن حبان قوله: النبوة العلم والعمل.

فحكموا عليه بالزندقة وهجر وكتب فيه إلى الخليفة فكتب بقتله (1) وذلك أن النبوة موهبة من الله تعالى لمن اصطفاه من عباده والله يعلم حيث يجعل رسالته، ولا حيلة للبشر في اكتسابها أبدا وإن بلغ من العلم والعمل أي مرتبة رابية.

وليت رواة السوء كانوا قد أجمعوا آرائهم على حديث الأرز ولم يعدوه ولم يهبوا النبوة لمثل معاوية وكان فيه غنى وكفاية في عرفان النبوة وفضلها وهو:

لو كان الأرز حيوانا لكان آدميا، ولم كان آدميا لكان رجلا صالحا، ولو كان صالحا لكان نبيا، ولو كان نبيا لكان مرسلا، ولو كان مرسلا لكان أنا (2)

ومن العجب أن تفنيد الحفاظ لهذه الروايات لم يعد ناحية السند مع أن متونها أدل على وضعها، لكنهم لا يهمهم أن يكون مثل معاوية معرفا بتلك الحدود مع ما يصادمها من نواميس مطردة أوعزنا إلى يسير منها. نعم: هي شنشنة أعرفها من أخزم.

23 - عن ابن عباس مرفوعا: هبط علي جبريل وعليه طنفسة وهو متخلل بها فقلت: يا جبريل! ما نزلت إلي في مثل هذا الزي. قال: إن الله تعالى أمر الملائكة أن تتخلل في السماء لتخلل أبي بكر في الأرض.

أخرجه الخطيب في تاريخه 5 ص 442 من طريق محمد بن عبد الله الأشناني الكذاب الوضاع عن حنبل بن إسحاق عن وكيع فقال: ما أبعد الأشناني من التوفيق تراه ما علم أن حنبلا لم يرو عن وكيع ولا أدركه ايضا، ولست أشك أن هذا الرجل ما كان يعرف من الصنعة شيئا وقد سمعت بعض شيوخنا ذكره فقال: كان يضع الحديث [ إلى أن قال ]: أخذ أسانيد صحيحة من بعض الصحف فركب عليها هذه البلايا ونسأل الله السلامة في الدنيا والآخرة.

24 - عن عبد الله بن عمر مرفوعا: إن الله أمرني بحب أربعة: أبي بكر. وعمر وعثمان. وعلي. عده الذهبي من بلايا سليمان بن عيسى السجزي الكذاب الوضاع

____________

(1) تذكرة الحفاظ 3 ص 137.

(2) قال الصغاني: موضوع. كشف الخفاء ج 2 ص 160.