الصفحة 558
على أصحابه ويفضّله عليهم "..

فهو من مخيّـلات أُمّـة أبي بكر وتسويلاتهم!

وأمّـا ما نقله عن محمّـد بن الحنفـيّـة(1)، فهو ممّا رقَمَهُ(2) قلمُ الأهـواء، ولا حـجّـة لهـم ـ بنقلهـم ـ على خصـومهم، وكيـف يفضّـله أميـر المؤمنين (عليه السلام)، وهو مولى المؤمنيـن والمؤمنـات؟!

وقال في " خطبته الشـقشـقية ": " لقد تقمَّصها ابنُ أبي قُحافة، وهو يعلم أنّ مَحلّي منها محلُّ القُطـب من الرحى، ينحـدر عنّي السَّـيلُ، ولا يرقى إليَّ الطيرُ "(3).

وما زال يتظلّم منه ومن أصحابـه(4).

وأمّـا ما حكاه عن ابن عمر(5)، فقد سـبق أنّه من موارد الطعن عليه، ومن كذباته الواضحـة(6).

فهل ترى أعجب من ابن عمر، يسمع نداءَ آية المباهلة بأنّه نفس سـيّد النبيّين، وآية التصدّق بأنّه مع اللهِ ورسولِه وليُّ المؤمنين.. إلى أمثالهما من الكتاب والسُـنّة، ثمّ يجعله من سائر المسلمين، ويجعل فضلَ

____________

1- تقـدّمت في الصفحة 488 ـ 489 من هذا الجـزء.

2- الـرَّقْـمُ والـتَّـرْقيم: تَـعْجيمُ الكـتاب، ورَقَـمَ الكـتاب يَـرْقُـمُـهُ رَقْـماً: أَعجمَه وبـيَّـنه، وكـتابٌ مَـرْقُوم: أي كـتابٌ مكـتوبٌ قد بُـيِّـنَـتْ حروفه بعلاماتها من التنقيط; انظر: لسان العرب 5 / 290 مادّة " رقم ".

3- نهج البلاغة: 48 رقم 3، شرح نهج البلاغة 1 / 151.

4- وقد تظـلّم (عليه السلام) من قريـش مـرّات عـدّة; فانظـر: نهج البلاغة: 97 ـ 98 رقم 67 و ص 246 رقم 172 و ص 336 رقم 217.

5- تقـدّمت في الصفحة 489 من هذا الجـزء.

6- راجـع الصفحات 500 ـ 507 من هذا الجـزء.


الصفحة 559
أبيـه وصاحـبَـيـه مفروغـاً عنـه؟!

ما هـذا إلاّ الغـيُّ والحمـق!!

وبما ذكرنا من بيان حال صحاحهم في المقـدّمة وغيـرها(1)، تسـتغني عن التعـرّض لبقـيّـة ما ذكره الفضلُ من الأحاديث والتكلّم في أسـانيدها ومتونها ومعارضاتها.

وأمّا ما زعمه من جعل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لأبي بكر إماماً في الصلاة تلويحاً إلى خلافته، وأنّه صلّى بهم أيّـام مرضـه(2)..

فهو من كذبـاتهم..

والحقّ أنّه لم يصلِّ بالناس إلاّ في صلاة واحدة، وهي صلاة الصبح، تلـبّـس بها بأمر ابنته، فعلم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فخرج يتهادى بين عليّ والعبّـاس ـ أو ابنه الفضل ـ، ورجلاه تخطّان في الأرض من المـرض(3)، وممّا لحقه مِن تقدُّمِ أبي بكر، ومخالفةِ أمره بالخروج في جيش أُسامة، فنحّـاه النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم)، وصلّى، ثمّ خطب، وحذّر الفتنة، ثمّ توفّي من يومه، وهو يوم الاثنيـن.

وقد صـرّحت بذلك أخبارنـا(4)..

ودلّت عليه أخبارهم; لإفادتها أنّ الصلاة التي تقدّم فيها هي التي عزله النبيّ عنها، وأنّها صبح الاثنين، وهو الذي توفّي فيـه..

____________

1- راجـع: ج 1 / 27 وما بعـدها من هذا الكـتاب.

2- تقـدّم في الصفحة 490 من هذا الجـزء.

3- انظر: شرح نهج البلاغة 9 / 197، البداية والنهاية 2 / 231.

4- انظر: الإرشاد في معرفة حجج الله على العباد 1 / 182 ـ 183، إعلام الورى 1 / 265.


الصفحة 560
أمّـا الأوّل(1); فلِما رواه مسلم(2)، عن عائشة، قالت: " لمّـا ثقل رسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) جاء بلال يؤذِنُه بالصلاة، فقال: مُـرُوا أبا بكر فليصلِّ بالناس.

قالت: فقلت: يا رسول الله! إنّ أبا بكر رجل أَسِـيف(3)، وإنّه متى يقم مقامك لم يُسمِـع الناسَ، فلو أمرتَ عمر؟

فقال: مروا أبا بكر فليصلِّ بالناس!

قالت: فقلت لحفصة: قولي له: إنّ أبا بكر رجل أسـيف، وإنّه متى يقم مقامك لا يُسمِـع الناسَ، فلو أمرت عمر؟

فقالت له; فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): إنّـكنّ لأنتُـنّ صواحبُ يوسف! مُـرُوا أبا بكر فليصلِّ بالناس!

قالت: فأمروا أبا بكر يُصلّي بالناس.

[ قالت: ] فلمّا دخل في الصلاة وجد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من نفسه خفّةً، فقام يُهادى بين رجلين(4)، ورجلاه تخطّان في الأرض.

فلمّا دخل المسجد سمع أبو بكر حسّه، فذهب يتأخّر، فأومأ إليه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) [ قُمْ مكانك ]، فجاء رسول الله حتّى جلس عن يسار أبي بكر.

____________

1- أي: عزل أبي بكر عن الصلاة.

2- في باب اسـتخلاف الإمام إذا عرض له عذر من كتاب الصلاة [ 2 / 23 ]. منـه (قدس سره).

3- الأَسِـيفُ ـ والأَسُـوفُ ـ: السريعُ البكاء والحزن والكآبة، الرقيق القلب، والشـيخ الفاني; انظر مادّة " أسف " في: لسان العرب 1 / 142 ـ 143، تاج العروس 12 / 82.

4- يُـهادى بين رَجُـلَـين: أي يمشي بينهما يعتمد عليهما من ضَعفه وتمايله; انظر: لسان العرب 15 / 63 مادّة " هدي ".


الصفحة 561
فكان أبو بكر يصلّي قائماً، وكان رسول الله يصلّي قاعداً، يقتدي أبو بكر بصلاة رسول الله، والناس يقتدون بصلاة أبي بكر ".

ورواه البخاري(1) ونحـوه(2).

وهو ـ كما تراه ـ صريحٌ في أنّ أوّل صلاة صلاّها أبو بكر هي التي عزله النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) عنها.

وتدلّ عليه أخبار أُخر أيضـاً(3).

وأمّا الثاني; وهو أنّها صبح يوم الاثنين; فلِما رواه الطبري(4)، عن عبـد الله بن أبي مُليكة، قال: " لمّا كان يوم الاثنين خرج رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)عاصباً رأسه إلى الصبح، وأبو بكر يصلّي بالناس.

فلمّـا خرج رسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) تفـرّج الناس، فعرف أبو بكر أنّ الناس لم يفعلوا ذلك إلاّ لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فنكص عن مصلاّه فدفع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في ظهره، وقال: صلِّ بالناس; وجلس رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)إلى جنبه، فصلّى قاعداً عن يمين أبي بكر.

فلمّا فرغ من الصلاة، أقبل على الناس وكلّمهم رافعاً صوته، حتّى خرج صوته من باب المسجد، يقول: يا أيّها الناس! سُعِّرت النار، وأقبلت الفـتن كقطـع الليل المظلـم، وإنّي والله لا تُمسـكون علَيَّ شـيئاً، إنّي لم

____________

1- في باب الرجل يأتمّ بالإمام ويأتمّ الناس بالمأموم، من أبواب صلاة الجماعة [ 1 / 287 ح 102 ]. منـه (قدس سره).

2- في باب قبل الباب المذكور [ 1 / 287 ح 101 ]. منـه (قدس سره).

3- انظر: سنن ابن ماجة 1 / 519 ح 1624، مسند أحمد 6 / 251، صحيح ابن خزيمة 1 / 127 ح 257.

4- في تاريخه، ص 196 من الجزء الثالث [ 2 / 231 ]. منـه (قدس سره).


الصفحة 562
أُحلّ لكم إلاّ ما أحلَّ لكم القرآن، ولم أُحرّم عليكم إلاّ ما حرّم عليكم القـرآن... ".. الحـديث.

وأمّا الثالث; هو أنّها في يوم وفاة النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم); فلِما حكاه في " كنز العمّال "(1)، عن ابن جرير، عن عبـد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، قال: " صلّى ـ أي: النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ـ في اليوم الذي مات فيه صلاة الصبح في المسـجد ".

وما في " الكنز " أيضاً(2)، عن أبي يعلى في " مسنده "، وابن عساكر، عن أنس، قال: " لمّا مرض رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) مرضَهُ الذي مات فيه، أتاه بلال فآذنه بالصلاة، فقال: يا بلال! قد بلّغت، فمن شاء فليصلِّ، ومن شاء فَـلْـيَـدَعْ.

قال: يا رسـول الله! فمن يصلّي بالناس؟

قال: مُـرُوا أبا بكر فليصلِّ بالناس.

فلمّا تقدّم أبو بكر رُفعت الستور عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فنظرنا إليه كأنّه ورقةٌ بيضاءُ عليه خميصة(3) سوداء، فظنّ أبو بكر أنّه يُريد الخروج، فتأخّر، فأشار إليه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أن صلِّ مكانك، فصلّى أبو بكر، فما رأينا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حتّى مات من يومه ".

____________

1- ص 60 من الجزء الرابع [ 7 / 272 ح 18852 ]. منـه (قدس سره).

2- ص 57 ج 4 [ 7 / 261 ح 18822 ]. منـه (قدس سره).

وانظر: مسـند أبي يعلى 6 / 264 ح 3567، مختصر تاريخ دمشق 2 / 381 ـ 382، مسـند أحمد 3 / 202، مصنّـف ابن أبي شيبة 2 / 227 ح 2.

3- الخَمِيصة: كساء أو ثوب خَـزّ أو صوف مُعلَم أسودُ مُـرَبَّـع له عَلَمانِ، فإن لم يكن مُعْلماً فليـس بخميصة، وقيل: لا تسمّى إلاّ ان تكون سوداءَ مُـعْـلَمة; انظر: لسان العرب 4 / 219 ـ 220 مادّة " خمص ".


الصفحة 563
ومنه ما في " الكنز " أيضاً(1)، عن أبي الشيخ في الأذان، عن عائشة، قالت: " ما مرّ علَيَّ ليلةٌ مثل ليلة مات رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، يقول: يا عائشة! هل طلع الفجر؟

فأقول: لا يا رسـول الله; حتّى أذّن بلال بالصبح.

ثمّ جاء بلال، فقال: السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته! الصلاة يرحمك الله.

فقال النبيّ: ما هذا؟

فقلت: بلال.

فقال: مُـرِي أباك أن يصلّي بالناس ".

فقد ثبت من جميع ما ذكرنا، أنّ أوّل صلاة تقدّم فيها أبو بكر هي التي عزله النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) عنها، وأنّها صبح يوم الاثنين الذي توفّي فيه، ولم يتقـدّم في غيـرها.

فما في بعض أخبار عائشة، من أنّ الصلاة التي تأخّر فيها أبو بكر عن النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) هي الظهر، وأنّه صلّى بالناس في مرض النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم)أيّـامـاً(2)، مردودةٌ بالأخبار المذكورة.

مع أنّها ليسـت حجّةً علينا، ولا سـيّما أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) قد نبـز عائشة وصاحبتها بأنّـهما صواحب يوسـف(3)، وهي أيضاً محلّ التهمة في حقّ

____________

1- ص 58 ج 4 [ 7 / 266 ح 18834 ]. منـه (قدس سره).

2- انظر: صحيح البخاري 1 / 278 ـ 279 ح 78، صحيح مسلم 2 / 20 ـ 21، سـنن النسائي 2 / 101، الإحسان بترتيب صحيح ابن حبّان 3 / 276 ـ 277 ح 2113، مسـند أبي عوانة 1 / 440 ح 1632.

3- انظر: صحيح البخاري 1 / 273 ح 69 و 70 و ص 287 ح 101 و 102 و ص 289 ح 105، صحيح مسلم 2 / 22 ـ 23، سـنن الترمذي 5 / 573 ح 3672.


الصفحة 564
أبيهـا.

وأقـرّت بكذبها في المقام بما أظهرته من سـبب الاسـتعفاء; فإنّها تقول في كثير من أخبارهم: " ما حملني على كثرة مراجعتي إلاّ أنّي كنت أرى أنّه لن يقوم أحدٌ مقامَ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) إلاّ تشاءم الناس به "(1).

فمع هذا ونحوه، كيف تُـعتبر روايتُها وتُقـدّم على ما يخالفها؟!

كما لا نعتبر خبرها بأنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) هو الآمر بتقديم أبي بكر، بل إنّما أمر أن يصلّي بالناس بعضُهم، فانتهزت عائشة الفرصة فأمرت بتقديم أبي بكر; كما يشهد له خبر عائشة السابق في رواية أبي الشيخ، حيث أخبرت في آخره بأنّ النبيّ قال: " مُـرِي أباك أن يصلّي بالناس "(2)، فإنّـه كاشف عن أنّ الأمر بتقديم أبيها قد صدر منها، لكن ادّعت أنّـه عن أمر النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم)!

ويشهد لعدم تعيين النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) للمصلّي، ما في " الاستيعاب " بترجمة أبي بكر، عن عبـد الله بن زَمْعة(3)، قال: قال النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم): " مُـرُوا

____________

1- انظـر: صحيـح البخاري 6 / 33 ح 432، صحيـح مسلم 2 / 22، السـنن الكبـرى ـ للبيهقي ـ 8 / 152.

2- تقـدّم آنفاً في الصفحـة السابقة.

3- هو: عبـد الله بن زَمْعة بن الأسود بن عبـد المطّلب بن أسد بن عبـد العزّى بن قصي القرشي الأسدي، أُمّه: قُـرَيْـبَـة بنت أبي أُميّة بن المغيرة، أُخت أُمّ سلمة أُمّ المؤمنين رضوان الله عليها.

قُتل أبوه زمعة وعمُّـه عقيل يوم بدر كافـرَين، وأبوهما: الأسود، كان من المسـتهزئين الّذين قال الله تعالى فيهم: (إنّـا كفيناك المسـتهزئين) سورة الحجر 15: 95.

وقُـتل هو سـنة 35 هـ مع عثمان بن عفّان في داره يوم هجم عليه المسلمون.

انظر: معرفة الصحابة 3 / 1653 رقم 1638، الاستيعاب 3 / 910 رقم 1537، أُسد الغابة 3 / 141 رقم 2949، الإصابة 4 / 95 رقم 4687.


الصفحة 565
مَن يصلّي بالناس ".

لكـنْ زَعَـمَ ابنُ زمعـة أنّـه أَمـرَ عمرَ بالصـلاة، فلمّـا كـبّر سمع رسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) صوتَـه، قال: " فأين أبو بكر؟! يـأبى الله ذلـك والمسلمون! "(1).

وهو غير مقبول منه; لأنّه يقتضي قطع صلاة عمر، وتأخيره، وتقديم أبي بكر; وهو حادث كبير، لو صحَّ لشاع.

ويشهد أيضاً لعدم تعيين النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) للمصلّي بالناس، ما أخبر به أنـس في الرواية المذكورة، أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: " يا بـلال! قد بلّغت، فمـن شاء فليصلِّ، ومن شاء فلـيَـدَعْ "(2).

فإنّ مراد النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) هو التخيير في أمر الجماعة والإمامة، لا أصل الصـلاة بالضرورة، وحينئـذ فيكون خبر الراوي في تتمّـة الحـديث بأنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: " مُـرُوا أبا بكر فليصلِّ بالناس "(3) من الإضافات التي قضت بها السـياسـة!

وكيف يجتمع زعمُهم أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) هو الآمر بتقديم أبي بكر، وأنّـه صلّى بالناس أيّـاماً، مع جعله من جيـش أُسامة، ولعن من تخلّف عنـه؟!(4).

وأيضاً: لو كان النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) هو الآمر المصرُّ على تقديم أبي بكر، وقد قصد التلويح إلى خلافته، فما معنى خروجه (صلى الله عليه وآله وسلم) بأوّل صلاة صلاّها

____________

1- الاسـتيعاب 3 / 969 ـ 970.

2- تقـدّم آنفاً في الصفحـة 562.

3- تقـدّم آنفاً في الصفحـة 560.

4- راجـع الصفحة 557 هـ 1 من هـذا الجـزء.


الصفحة 566
أبو بكر وعزله عن الجماعة، وهو بتلك الحال الشديدة المشجية، تخطّ رجلاه في الأرض، ويتهادى بين رجلين، حتّى صلّى بالناس من جلوس صلاة المضطـرّين؟!

فلا بُـدّ أن يكون مريداً بخروجه المسـتغرَب رفع ما لبسوه على الناس، من أنّ رسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) هو الآمر بتقديمه.

وأيضـاً: لو كانت صلاتـه بأمر النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم)، وصلّى بالناس أيّـاماً، لا صلاة الصبح فقط، فلِـمَ لم يحضر صلاة النهار يوم وفاة النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم)، بل كان بمنزله في السُّـنْـح(1)؟!

وأيضاً: لو كانت صلاته بأمر النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم)، ومرغوبةً له، ومريداً بها التلويح إلى خلافته التي يعلم بوقوعها، وأنّها على الهدى كما زعموا، فما الذي حدث حتّى خرج على تلك الحال، وخطب تلك الخطبة العالية، وقال: " سُـعّرت النار، وأقبلت الفتن "(2)؟!

فالمنصِف يعلم من هذا أنّ صلاة أبي بكر لم تكن عن أمره، بل كانت فتنةً اتّخذها أولياؤه حجّـةً، وكانت أوّلَ نار سُعّرت على الحـقّ، وفتنـةً مظلمـةً!

ولذا لم يعتـدّ بها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وصلّى مبتدئاً; فإنّه لو صلّى إماماً لهم من حيث وصل إليه أبو بكر، لخلت صلاتُه ـ على الأقل ـ من

____________

1- انظر: تاريخ الطبري 2 / 231 و 232، تاريخ دمشق 2 / 56، البداية والنهاية 5 / 184 ـ 186، شرح نهج البلاغة 13 / 36.

والسُّـنْـح: هي إحدى محالّ المدينة المنوّرة، وهي في طرف من أطرافها، بينها وبين منزل النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ميـل، كان بها منزل أبي بكر.

انظر: معجم البلدان 3 / 301 رقم 6675.

2- تقـدّم آنفاً في الصفحـة 561.


الصفحة 567
تكبيـرة الافتـتاح، فـتبطـل!

فإذا كان مبتدئاً تعيّن أن يكون الناس قد ابتدأوا معه غير معتـدّين بصلاة أبي بكر، وإلاّ كانوا سابقين على النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) في بعض أفعال الصلاة، وهو غيرُ جائز في الجماعـة(1).

ومن الواضح أنّ عدم اعتداد النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) بصلاة أبي بكر، دليلٌ على أنّها ليسـت بأمره، وأنّها أوّل فتنة أصابت الإسلام.

هـذا، ومن الأوهام والخيالات زعمُهم أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) قدّمه في الصلاة تلويحاً إلى خلافتـه(2)..

والحال أنّ إمامة الصلاة عندهم لا يعتبر فيها العدالة، فضلا عن الاجتهاد ونحوه من شروط الإمامة العامّـة(3)، فكيف تكون تلويحاً إلى الزعامة العظمى والرياسـة الكبـرى؟!

وأعجـب من ذلك، ما كـذبوا فيه على أمير المؤمنين (عليه السلام)، أنّـه قـال ـ كما في " الاسـتيعاب " ـ: " رضينا لدنيانا مَن رضي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)لديننـا "(4)..

إذ مع معلوميّة تظلّم أمير المؤمنين منهم وسخطه عليهم إلى حين وفاته، كيف يجعل الخلافة من أمر الدنيا، ويجعل الرضا بها تابعاً للرضا

____________

1- انظر: الأُمّ 1 / 310، الحاوي الكبير 2 / 430 ـ 431، حاشـية ردّ المحتار 1 / 508، بداية المجتهد 2 / 312 ـ 313.

2- تقـدّم في الصفحة 490 من هذا الجـزء.

3- انظر: المدوّنة الكبرى 1 / 83، الحاوي الكبير 2 / 214 ـ 215، النكت والفوائد السـنيّـة 1 / 169، الفتاوى الكبرى 1 / 71 و ج 2 / 36، نصب الراية 2 / 34.

4- الاسـتيعاب 3 / 971 رقم 1633.


الصفحة 568
بإمامة الصلاة التي تجوز حتّى للفاجر بزعم القوم؟!

وأعجب من الجميع، زعم الفضل معارضة ما دلّ على خلافة أمير المؤمنين بما أُشـير فيه إلى خلافة أبي بكر..

فإنّ هذا من أخبارهم، فلا يكون حجّة على خصومهم حتّى يوجب المعارضة، ولا سـيّما أنّهم أقـرّوا بأنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يخلّف أبا بكر، وَرَوَوْهُ عن عمر مسـتفيضاً(1)، فيلزم تكذيب ذلك أو تأويله، ويبقى ما دلّ على خلافة أمير المؤمنين بلا معارض!

مع أنّ ما زعموا الإشارة فيه إلى خلافة أبي بكر نادر لا يصلح للمعارضة، وغيرُ دالّ على مرادهم أصـلا; إذ لا دلالة أصلا في خبر جبير ابن مطعم(2) على أنّ الشيء الذي كلّمـت المرأة فيه النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) من الأشـياء التي مرجعها السلطان.

كمـا لا دلالـة بقولهـا: " لم أجـدك " على إرادة المـوت، وقـول جبيـر: " كأنّها تريد الموت "، ظـنٌّ أو احتمالٌ، والظنّ لا يُغني من الحـقّ شـيئـاً.

وأمّا ما رواه عن عائشة، من قول النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) في مرضه: " ادعي لي

____________

1- إشارة إلى ما رووه عن عمر عندما قيل له: ألا تسـتخلف؟! فقال: إنْ أترك فقد ترك من هو خير منّي، رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم); وإنْ أسـتخلف فقد اسـتخلف من هو خير منّي، أبو بكر.

انظر: صحيح البخاري 9 / 145 ح 75، صحيح مسلم 6 / 4 ـ 5، سنن أبي داود 3 / 133 ح 2939، سـنن الترمـذي 4 / 435 ح 2225، مسـند أحمـد 1 / 43 و 46 و 47، مصنّـف عبـد الرزّاق 5 / 448 ـ 449 ح 9763، مسـند البزّار 1 / 257 ح 153، مسند الطيالسي: 6 ـ 7، الطبقات الكبرى ـ لابن سعد ـ 3 / 261، مسند عمر ـ لابن النجاد ـ: 73 ح 42 و ص 90 ح 70.

2- تقـدّم في الصفحة 490 من هذا الجـزء.


الصفحة 569
أباك وأخاك... "(1) إلى آخـره..

فقد كفانا أمره عمر بقوله: " إنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ـ وحاشاه ـ يهجر "(2).

مـع احتمـال أن يريـد النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يعطيـه مالا ويكـتب له فيه، أو يكـتب له في الصلاة بالناس التي زعموا أمر النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) بها، أو نحو ذلـك.

على أنّ هذا الحـديث مقطوع الكـذب; إذ كيف يُـتصوّر أن يأمـر النبـيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) عائشة بدعـوة أبيهـا ـ وتـحتمـل أن يكـتب لـه بالخلافـة ـ فـلا تحضره، والحال أنّـها تدعـوه بلا دعـوة!

أخرج الطبري في " تاريخـه "(3)، عن الأرقم بن شرحبيل، قال: " سألت ابن عبّـاس: أوصى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)؟

قال: لا.

قلت: فكيف ذلك؟!

قال: قال رسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ابعثوا إلى عليّ فادعوه!

فقالت عائشة: لو بعثت إلى أبي بكر؟

وقالت حفصة: لو بعثت إلى عمر؟

فاجتمعوا عنده جميعاً، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): انصرفوا! فإنْ تكُ لي حاجة أبعث إليكم; فانصرفوا ".

____________

1- تقـدّم في الصفحة 490 من هذا الجـزء.

2- قد تقـدّم تخريج ذلك مفصّـلا في ج 4 / 93 هـ 2 من هذا الكـتاب; وانظر إضافة إلى ذلك: صحيح البخاري 4 / 211 ـ 212 ح 10 و ج 6 / 29 ح 422، البداية والنهاية 5 / 173 أحداث سـنة 11 هـ.

3- ص 195 من الجزء الثالث [ 2 / 230 ]. منـه (قدس سره).


الصفحة 570
ونقل السيوطي في " اللآلئ المصنوعة "، عن الدارقطني، أنّه أخرج عن عائشة، قالت: " لمّا حضر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الموت قال: ادعوا لي حبيبي!

فدعوت له أبا بكر، فنظر، ثمّ وضع رأسه، فقال: ادعوا لي حبيبي!

فدعوا له عمر، فنظر إليه، ثمّ وضع رأسه، وقال: ادعوا لي حبيبي!

فقلت: ويلكم! ادعوا له عليّ بن أبي طالب، فوالله ما يريد غيره.

فلمّا رآه أفرد الثوب الذي كان عليه، ثمّ أدخله فيه، فلم يزل محتضنه حتّى قُبض ويده عليه "(1).

ثمّ نقل السـيوطي، عن ابن الجوزي، أنّه قال: " موضوع "(2).

ولم يذكر له دليـلا!

ثمّ نقل عن الدارقطني، أنّه قال: " غريب، تفرّد به مسلم بن كيسان الأعور، وتفـرّد به عن ابنـه(3) إسماعيلُ بن أبان الورّاق "(4).

ثمّ قال السيوطي: " مسلم: روى له الترمذي، وابن ماجة، وهو متروك، وإسماعيل بن أبان من شـيوخ البخاري "(5).

ثـمّ قـال: " ولـه طريـق آخـر " وأنهـاه إلى عبـد الله بن عمرو، قـال: " إنّ رسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال في مرضه: ادعوا لي أخي! فدعوا له أبا بكر، فأعرض عنه!

____________

1- اللآلئ المصنوعة 1 / 341 ـ 342.

2- اللآلئ المصنوعة 1 / 342، الموضوعات 1 / 392.

3- أي تفـرّد إسماعيلُ عن ابن مسلم، وهو عبـد الله. منـه (قدس سره).

4- اللآلئ المصنوعة 1 / 342.

5- اللآلئ المصنوعة 1 / 342.


الصفحة 571
ثمّ قال: ادعوا لي أخي! فدعوا له عمر، فأعرض عنه!

ثمّ قال: ادعوا لي أخي! فدعوا له عثمان، فأعرض عنه!

ثمّ قال: ادعوا لي أخي! فدعوا له عليّ بن أبي طالب، فسـتره بثوب وأكـبّ عليـه.

فلمّا خرج من عنده قيل له: ما قال؟

قال: علّمني ألفَ باب، يُفتح لي من كلّ باب ألف باب "(1).

أقـول:

مضمون الحديث معتـبَـرٌ; لاعتضاد طرقه بعضها ببعض، ولا سـيّما أنّ مناقشة الدارقطني بإسماعيل ليسـت في محلّها; لأنّه ممّن احتجّ به البخاري في صحيحه، ووثّـقه عامّة علمائهم حتّى الدارقطني في إحدى الروايتين عنه، كما في " تهذيب التهذيب "(2).

وأمّـا مسلم بن كيسان، فدعوى أنّـه متروكٌ، غير مسموعة..

كيف؟! وقد أخرج له الترمذي وابن ماجة في صحيحيهما(3)، وروى عنه عدّة عديدة وفيهم أكابر رواتهم، كشعبة، والثوري، والحسن بن صالح، وعليّ بن مسهر، والأعمش، وسفيان بن عيينة، وابن فضيل، وإسرائيل، وشريك، وورقاء، ومحمّـد بن جحادة، وزياد، وعليّ بن

____________

1- اللآلئ المصنوعة 1 / 342، وانظر: المجروحين ـ لابن حبّان ـ 2 / 14، العلل المتناهية 1 / 221 ح 347.

2- تهذيب التهذيب 1 / 286 رقم 443، وانظر: صحيح البخاري 2 / 311 ح 239.

3- انظر: سنن الترمذي 3 / 337 ح 1017، سنن ابن ماجة 2 / 825 ح 2469 و ص 1184 ح 3577.


الصفحة 572
عابـس، وجرير بن عبـد الحميد، وغيرهم، كما في " تهذيب التهذيب "(1)(2).

وأمّا قوله: " والإجماع فضـل زائـد... " إلى آخـره..

فقد سـبق ما في دعوى الإجماع، في أوائل مباحث الإمامـة(3).

وأمّا قوله: " ولمّا سمع المنافق أنّ هؤلاء مطعونون فرح... " إلى آخـره..

فـفـيـه: إنّ المنـافق يعلـم أنّ صاحـبَ الدِّيـن ومؤسّـسَـه هـو رسـولُ الله (صلى الله عليه وآله وسلم) خاصّة، فلا طعن في الدِّين إلاّ بالطعن به نفسه، دون آحاد أُمّـته أو جميعها; ولذا طعن الله سـبحانه بالأُمّة فما كان منه نقصاً في نبيّـه الكريم، قال سـبحانه: { أفإن مات أو قتل انقلبتم... }(4) الآية; ونحـن ما زدنا على هذا الطعن!

على أنّ المنافق لا يرى فرقاً بين المشايخ الثلاثة، وعبـد الملك، والمنصور، والرشيد، وأشـباههم ممّن فتحوا الفتوح، ومصّروا الأمصـار، واتّخذهم القوم أئمّـة وأُمراء للمؤمنيـن.

____________

1- تهذيب التهذيب 8 / 158 رقم 6912، وانظر: تهذيب الكمال 18 / 84 رقم 6530.

2- نـقـول: وقد توسّع السـيّد عليّ الحسـيني المـيـلاني ـ حفظـه الله ورعـاه ـ فـي دراسة وبحث هذه الأخبار، سـنداً ودلالة، في مقاله: " اسـتخلاف النبيّ أبا بكر في الصلاة "، المنشور أوّلا في مجلّة " تراثنا "، العدد 24، السـنة 6، رجب 1411 هـ، ص 7 ـ 76; وثانياً ضمن كـتابه " الرسائل العشر في الأحاديث الموضوعة "، فكان الرسالة الرابعـة منها، بعنوان: " رسالة في صلاة أبي بكر "; فراجـع!

3- راجـع: ج 4 / 249 وما بعـدها من هذا الكـتاب.

4- سورة آل عمران 3: 144.


الصفحة 573
فكما لا يجوز منّـا ترك القول بالحـقّ في الآخرين لأجل أن لا يفرح المنـافق، لا يـجـوز مـنّـا تركـه فـي الأوّليـن، ولـو أنصـف المنافق لـرأى أنّ مـن دلائـل صحّـة الإسـلام فسـاد أُمرائـه، وهـو لا يـزداد إلاّ رفعـةً وسـناءً.

ثـمّ إنّ الطـعن لو صـحّ لم يختـصّ بأُمّـة نبـيّـنـا (صلى الله عليه وآله وسلم)، بـل هـو جـار فـي الأُمـم السـالفة، كمـا فـي أمـر السـامري(1)، وبلعـم(2)، وغيـرهمـا(3).

وكلّ ما جرى في أُمّة نبيّـنا (صلى الله عليه وآله وسلم) جرى في الأُمم السابقة، حذو

____________

1- قال تعـالى: {قال فإنّـا قد فـتَـنّـا قومَك مِن بعدك وأضلّهم السامريّ * ... قال فاذهب فإنّ لك في الحياة أن تقول لا مساس وإنّ لك موعداً لن تُخلفه وانظر إلى إلـهك الذي ظلْت عليه عاكفاً لنحـرّقـنّـه ثمّ لننـسفـنّـه في اليمّ نسفاً} سورة طـه 20: 85 ـ 97.

انظر ما جرى للسامريّ مع نبـيَّـي الله موسى وهارون عليهما السلام، في تفسـير الآيات المذكورة من كـتب التفسـير.

وانظر: تاريخ الطبري 1 / 250 ـ 253، الكامل في التاريخ 1 / 145 ـ 146، البداية والنهاية 1 / 252 ـ 254، المنتظم 1 / 235.

2- قال تعـالى: {واتلُ عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها فأَتبعه الشـيطانُ فكان من الغاوين * ولو شـئـنا لرفعناه بها ولكـنّـه أخلد إلى الأرض واتّبع هواه فمثَلَه كمَثَلِ الكلب إنْ تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث ذلك مَثَلُ القوم الّذين كـذّبوا بآياتنا فاقصص القصص لعلّهم يتفكّرون} سورة الأعراف 7: 175 و 176.

انظر تفصيل ما جرى لبلعم بن باعوراء، في تفسـير الآيتين المذكورتين من كـتب التفسـير.

وانظر: تاريخ الطبري 1 / 258 ـ 260، الكامل في التاريخ 1 / 153، البداية والنهاية 1 / 280، المنتظم 1 / 237.

3- مثل: طالوت وجالوت، وأقوام نوح (عليه السلام) وصالح (عليه السلام) ولوط (عليه السلام)، وغيرهم ممّن ذكرهم القرآن الكريم.


الصفحة 574
النعـل بالنعـل، والـقُـذّة بالـقُـذّة(1)، كمـا صـرّحت بـه أخبـارنا(2)وأخبـارهم(3)..

فهل يحسن من الخصم ترك القول في السامريّ وأمثاله، لئلاّ يفرح المنافـق حتّى يحسن منّـا ترك القول بأشـباههم؟!

ثمّ ما باله لم يوجّـه الاعتراض أوّلا إلى إمامه معاوية، حيث نَسـبَ إلى أخي النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم)، ونفسِـه، ومَن كان منه بمنزلة هارون من موسى، كـلَّ مكروه، وسـبّه على المنائر والمنابر؟!

فكان اللازم عليـه أن يدعو أوّلا بعدم الفـلاح على معاوية، وسائر بني أُميّة وأشـياعهم، ولو دعا لأََمَّـنّـا وحمـدنا الله على ذلك!


*  *  *

تـمّ الجـزء الثـاني،
ويليـه الجـزء الثـالث(4).


*  *  *

____________

1- الـقُـذَّة: ريـش السهم، وجمعها: قَـذَذٌ وقِـذَاذ; والحديث الشريف يُضرب مثـلا للشـيئين يسـتويان ولا يتفاوتان; انظر مادّة " قذذ " في: لسان العرب 11 / 71 ـ 72، تاج العروس 5 / 388 ـ 389.

2- انظر: من لا يحضره الفقيه 1 / 130 ح 609، الخصال 2 / 463 ح 4، علل الشرائع 1 / 247 ح 12، قرب الإسـناد: 381 ح 1343، كفاية الأثر: 15، دعائم الإسلام 1 / 1.

3- تقـدّمت تخريجاته مفصّـلة في ج 3 / 202 هـ 1 و ج 4 / 269 هـ 1 و 2 و ص 283 هـ 7 من هذا الكـتاب; فراجـع!

4- طبقـاً لتقسـيم الشـيخ المظـفّر (قدس سره).