الصفحة 48

16 - عن ابن عباس قال: كنت آخر الناس عهدا بعمر رضي الله عنه فسمعته يقول:

القول ما قلت. قلت: وما قلت؟ قال: الكلالة من لا ولد له.

(السنن الكبرى 6 ص 225، مستدرك الحاكم 2 ص 304)

قال الأميني: ما أعضلت الكلالة على الخليفة؟ وما أبهمها وأبهم حكمها عنده؟

وهي شريعة مطردة سمحة سهلة، وهل هو حين أكثر السؤال عنها أجاب عنه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أو لم يجب؟ فإن كان الأول فلم لم يحفظه أو قصر فهمه عن عرفانه وهو أحب إليه من حمر النعم، أو من الدنيا وما فيها، أو من أن يكون له مثل قصور الشام؟ وإن كان الثاني؟ فحاشا رسول الله أن يأخر البيان عن وقت الحاجة وهو يعلم أنه سوف يتربع على منصة الخلافة فترفع إليه المسائل والخصومات وإن من أكثرها اطرادا مسألة الكلالة، لكن الحقيقة هي ما نوه به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بقوله لحفصة: ما أرى أباك يعلمها.

أو بقوله: ما أراه يقيمها، وهو يعرب عن جلية الحال، ويوقف القارئ على الواقع إن لم يضله الهوى.

والخطب الفظيع أنه بعد هذه كلها ومع قوله: إنها لم تبين لي لم يتزحزح عن الحكم فيها، وكان يقضي فيها برأيه ما شاء ذاهلا عن قوله تعالى: ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا (1) وعن قوله تعالى: ولو تقول علينا بعض الأقاويل، لأخذنا منه باليمين، ثم لقطعنا منه الوتين، فما منكم من أحد عنه حاجزين (2) وتراه يتبع أبا بكر وهو يعلم أنه شاكلته وقد سمع منه قوله:

إني سأقول فيها برأيي فإن يك صوابا فمن الله وإن يك خطأ فمني ومن الشيطان. إن يتبعون إلا الظن وإن الظن لا يغني من الحق شيئا.

وقد رأى ابن حجر كثرة الخلاف في الكلالة بأنها: من ليس له الوالد والولد.

إنها من سوى الوالد. من سوى الوالد وولد الولد. من سوى الولد. الكلالة الأخوة. الكلالة هي المال. وقيل: الفريضة. وقيل: بنو العم ونحوهم. وقيل: العصبات وإن بعدوا.

____________

(1) سورة الاسراء - آية 36.

(2) سورة الحاقة. آية 44 - 47.

الصفحة 49
ثم قال: ولكثرة الاختلاف فيها صح عن عمر أنه قال: لم أقل في الكلالة شيئا (1)فكأنه يراها عذرا للخليفة في ربيكته بالكلالة، وأين هو من آية الكلالة؟ وكيف تخفى على أحد وهي بين يديه وفيها قوله تعالى (يبين الله لكم أن تضلوا) فيكف بينها الله ومثل الخليفة يقول: لم تبين لي؟ ومن أين أتى الخلاف وكثر وهي مبينة؟ وكيف يرى النبي صلى الله عليه وآله وسلم آية الصيف كافية في البيان لمن جهل الكلالة؟.

على أن الخليفة هو إمام الأمة ومرجعها الوحيد في خلافها، وبه القدوة والأسوة في التخاصم والتنازع في الآراء والمعتقدات، فلا عذر له في جهلة بشئ منها على كل حال خالفت الأمة أم لم تخالف.

30
رأي الخليفة في الأرنب

عن موسى بن طلحة: إن رجلا سأل عمر عن الأرنب فقال عمر: لولا إني أزيد في الحديث أو أنقص منه، وسأرسل لك إلى رجل. فأرسل إلى عمار فجاء فقال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم فنزلنا في موضع كذا وكذا فأهدى إليه رجل من الأعراب أرنبا فأكلناها فقال الأعرابي: يا رسول الله إني رأيتها تدمي أي تحيض فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا بأس بها.

أخرجه ابن أبي شيبة، وابن جرير الطبري كما في كنز العمال 8 ص 50، و أخرجه أبو يعلى في مسنده، والطبراني في الكبير من رواية ابن الحوتكية كما في عمدة القاري 6 ص 259، ورواه الهيثمي في مجمع الزوائد 3 ص 195 نقلا عن أحمد من طريق ابن الحوتكية.

أنا لا أقول: إن الذي أخاف الخليفة من الزيادة أو النقيصة في الحديث هو عدم معرفته بالحكم، ولا أقول: إن عمارا كان أبصر منه في القضية وأوثق منه في الرواية والنقل.

ولا أقول: أين كانت تلك الحيطة منه في غير الأرنب مما استبد بحكمه من دون أي اكتراث من مئات المسائل في الأموال والأنفس والعقود والايقاعات وهو يعلم أنه لم يحط بها علما.

لكني أكل ذلك إلى وجدانك الحر.

وفي النفس ما فيها في نفي البأس عن لحم الأرنب، وهو قول الأئمة الأربعة وكافة

____________

(1) فتح الباري شرح صحيح البخاري 8 ص 215.

الصفحة 50
العلماء إلا ما حكي عن عبد الله بن عمرو بن العاص، وعبد الرحمن بن أبي ليلى، وعكرمة مولى ابن عباس إنهم كرهوا أكلها (عمدة القاري 6 ص 259).

31
رأي الخليفة في القود

عن ابن أبي حسين: إن رجلا شج رجلا من أهل الذمة فهم عمر بن الخطاب أن يقيده منه فقال معاذ بن جبل: قد علمت أن ليس ذلك لك. وأثر ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم فأعطاه عمر بن الخطاب في شجته دينارا فرضي به.

أخرجه الحافظ السيوطي في جمع الجوامع كما في ترتيبه 7 ص 304.

32
لولا معاذ لهلك عمر

عن أبي سفيان عن أشياخ لهم: إن امرأة غاب عنها زوجها سنتين ثم جاء وهي حامل فرفعها إلى عمر فأمر برجمها، فقال له معاذ: إن يكن لك عليها سبيل فلا سبيل لك على ما في بطنها، فقال عمر: احبسوها حتى تضع فوضعت غلاما له ثنيتان فلما رآه أبوه عرف الشبه فقال: ابني ابني ورب الكعبة، فبلغ ذلك عمر فقال: عجزت النساء أن يلدن مثل معاذ، لولا معاذ لهلك عمر.

لفظ البيهقي

جاء رجل إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال: يا أمير المؤمنين إني غبت عن امرأتي سنتين فجئت وهي حبلى فشاور عمر رضي الله عنه ناسا في رجمها فقال معاذ بن جبل رضي الله عنه: يا أمير المؤمنين إن كان لك عليها سبيل فليس على ما في بطنها سبيل فاتركها حتى تضع. فتركها فولدت غلاما قد خرجت ثناياه فعرف الرجل الشبه فيه فقال: ابني ورب الكعبة فقال عمر رضي الله عنه: عجزت النساء أن يلدن مثل معاذ، لولا معاذ لهلك عمر.

أخرجه البيهقي في السنن الكبرى 7 ص 443، وأبو عمر في العلم ص 150، و الباقلاني إيعازا إليه في التمهيد ص 199، وابن أبي شيبة كما في كنز العمال 7 ص 82، وفتح الباري لابن حجر 12 ص 120 وقال: أخرجه ابن أبي شيبة ورجاله ثقات، والإصابة 3 ص 427 نقلا عن فوائد محمد بن مخلد العطار، وذكره ابن أبي الحديد في شرح النهج 3 ص 150 متسالما عليه.


الصفحة 51

33
رأي الخليفة في القود

عن مكحول إن عبادة بن الصامت دعا نبطيا يمسك له دابته عند بيت المقدس فأبى فضربه فشجه فاستدعى عليه عمر بن الخطاب فقال له: ما دعاك إلى ما صنعت بهذا؟

فقال: يا أمير المؤمنين أمرته أن يمسك دابتي فأبى وأنا رجل في حدة فضربته، فقال:

اجلس للقصاص. فقال زيد بن ثابت: أتقيد عبدك من أخيك؟ فترك عمر عنه القود وقضى عليه بالدية.

أخرجه البيهقي في السنن الكبرى 8 ص 32، وذكره السيوطي في جمع الجوامع كما في الكنز 7 ص 303.

34
رأي الخليفة في ذمي مقتول

عن مجاهد قال: قدم عمر بن الخطاب الشام فوجد رجلا من المسلمين قتل رجل من أهل الذمة فهم أن يقيده فقال له زيد بن ثابت: أتقيد عبدك من أخيك؟ فجعله عمر دية.

أخرجه عبد الرزاق، وابن جرير الطبري كما في كنز العمال 7 ص 304.

35
قصة أخرى في ذمي مقتول

عن عمر بن عبد العزيز إن رجلا من أهل الذمة قتل بالشام عمدا وعمر بن الخطاب إذ ذاك بالشام فلما بلغه ذلك قال عمر: قد ولعتم بأهل الذمة لأقتلنه به. قال أبو عبيدة ابن الجراح: ليس ذلك لك فصلى ثم دعا أبا عبيدة فقال: لم زعمت لا أقتله به؟ فقال أبو عبيدة: أرأيت لو قتل عبدا له أكنت قاتله به؟ فصمت عمر ثم قضي عليه بالدية بألف دينار تغليظا عليه.

أخرجه البيهقي في السنن الكبرى 8 ص 32، وذكره السيوطي في جمع الجوامع كما في ترتيبه 7 ص 303.

36
رأي الخليفة في قاتل معفو عنه

عن إبراهيم النخعي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أتي برجل قد قتل عمدا

الصفحة 52
فأمر بقتله فعفا بعض الأولياء فأمر بقتله فقال ابن مسعود: كانت النفس لهم جميعا فلما عفا هذا أحيا النفس فلا يستطيع أن يأخذ حقه حتى يأخذ غيره قال: فما ترى؟ قال:

أرى أن تجعل الدية عليه في ماله وترفع حصة الذي عفا فقال عمر رضي الله عنه: وأنا أرى ذلك (1).

إن كان الحكم في هذه القضايا هو ما ارتآه الخليفة أولا فلماذا عدل عنه؟ وإن كان ما لفتوا نظره إليه أخيرا فلماذا هم أن ينوء بالأول؟ وهل من المستطاع أن نقول:

إن الحكم كان عازبا عن فكرة خليفة المسلمين في كل هذه الموارد؟ أو أن تلكم الأقضية كانت مجرد رأي وتحكم؟ أو هذه هي سيرة أعلم الأمة؟

37
رأي الخليفة في الأصابع

عن سعيد بن المسيب: أن عمر رضي الله عنه قضى في الأصابع في الابهام بثلاثة عشر، وفي التي تليها باثني عشر، وفي الوسطى بعشرة، وفي التي تليها بتسع، وفي الخنصر بست.

وفي لفظ آخر:

إن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قضى في الابهام بخمس عشرة، وفي التي تليها بعشر، وفي الوسطى بعشرة، وفي التي تلي الخنصر بتسع، وفي الخنصر بست.

وعن أبي غطفان: إن ابن عباس كان يقول في الأصابع عشر عشر فأرسل مروان إليه فقال: أتفتي في الأصابع عشر عشر وقد بلغك عن عمر رضي الله عنه في الأصابع؟ فقال ابن عباس: رحم الله عمر: قول رسول الله صلى الله عليه وسلم أحق أن يتبع من قول عمر رضي الله عنه (2) قال الأميني: ثبت في الصحاح والمسانيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في الأصابع عشر عشر على ما أفتى به ابن عباس، وهذه سنته صلى الله عليه وسلم المسلمة وهدية الثابت فيها، وما قضى به عمر فمن آراء الخاصة به، والأمر كما قال ابن عباس: قول رسول الله صلى الله عليه وسلم أحق أن يتبع من قول عمر. وأنا لا أدري أن الخليفة كان يعلم ذلك ويخالف، أم لم

____________

(1) كتاب الأم للشافعي 7 ص 295، سنن البيهقي 8 ص 60.

(2) كتاب الأم للشافعي 1 ص 58، 134، واختلاف الحديث للشافعي أيضا هامش كتاب الأم 7 ص 140، وكتاب الرسالة له ص 113، سنن البيهقي 8 ص 93.

الصفحة 53
يكن يعلم؟.

فإن كان لا يدري فتلك مصيبة * وإن كان يدري فالمصيبة أعظم

38
رأي الخليفة في دية الجنين

عن المسور بن مخرمة قال: إستشار عمر بن الخطاب رضي الله عنه الناس في إملاص المرأة فقال المغيرة بن شعبة: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى فيه بغرة عبد أو أمة. فقال:

ائتني بمن يشهد معك فشهد محمد بن مسلمة (1).

وعن عروة: أن عمر رضي الله عنه سأل - نشد - الناس من سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى في السقط؟ فقال المغيرة بن شعبة: أنا سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى فيه بغرة عبد أو أمة فقال: ائت بمن يشهد معك على هذا. فقال محمد بن مسلمة: أنا أشهد على النبي صلى الله عليه وسلم بمثل هذا (2).

وفي لفظ أبي داود: فقال عمر: الله أكبر لو لم أسمع بهذا لقضينا بغير هذا (3) وفي حديث: نشد عمر الناس في دية الجنين فقال حمل بن النابغة: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى فيه بغرة عبد أو وليدة فقضى به عمر (4) م - وزاد الشافعي: فقال عمر رضي الله عنه لو لم نسمع هذا لقضينا فيه بغير هذا. وفي لفظ: إن كدنا أن نقضي في مثل هذا برأينا.

قال ابن حجر في الإصابة 2 ص 259: أخرجه أحمد وأصحاب السنن بإسناد صحيح من طريق طاوس عن ابن عباس):

قال الأميني: ما أحوج الخليفة إلى العقل المنفصل في كل قضية حتى أنه يركن إلى مثل المغيرة أزنى ثقيف وأكذبها في شريعة إلهية؟ وهو لم يجز شهادة المغيرة للعباس

____________

(1) صحيح البخاري كتاب الديات باب جنين المرأة، صحيح مسلم 2 ص 41، سنن أبي داود 2 ص 255، مسند أحمد 4 ص 244، 253، سنن البيهقي 8 ص 114، تذكرة الحفاظ 1 ص 7.

(2) صحيح البخاري كتاب الديات باب جنين المرأة، السنن الكبرى للبيهقي 8 ص 114، 115.

(3) سنن أبي داود 2 ص 256.

(4) كتاب الرسالة للشافعي ص 113، اختلاف الحديث له في هامش كتاب الأم 7 ص 20 عمدة القاري 5 ص 410، تهذيب التهذيب 3 ص 36.

الصفحة 54
عم النبي صلى الله عليه وآله وسلم في دعواه أنه صلى الله عليه وآله وسلم أقطع له البحرين (1) أو يستند إلى مثل محمد بن مسلمة الذي ما جاء عنه غير ستة أحاديث (2) أو إلى مثل حمل بن النابغة الذي ليس له عندهم غير هذا الحديث (3)

قال ابن دقيق العيد: إستشارة عمر في ذلك أصل في سؤال الإمام عن الحكم إذا كان لا يعلمه، أو كان عنده شك، أو أراد الاستثبات (4) لكنا لا نرى في مستوى الإمامة مقيلا لمن يجهل حكما من الأحكام، أو يشك فيما علمه، أو يحتاج إلى التثبت فيما اتصل به يقينه بقول هذا وذاك، فإنه المقتدى في الأحكام كلها، فلو جاز له الجهل في شئ منها أو الشك أو الحاجة إلى التثبت؟ لجاز أن يقع ذلك حيث لا يجد من يسأله فيرتبك في الجواب، أو يربك صاحبه في الضلال، أو يتعطل الحكم الإلهي من جراء ذلك ألا تسمع قول عمر: الله أكبر لو لم أسمع بهذا لقضينا بغير هذا. أو: إن كدنا أن نقضي في مثل هذا برأينا.

39
رأي الخليفة في سارق

عن عبد الرحمن بن عائذ قال: أتي عمر بن الخطاب رضي الله عنه برجل أقطع اليد والرجل قد سرق فأمر به عمر رضي الله عنه أن يقطع رجله فقال علي رضي الله عنه:

إنما قال الله عز وجل: إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله، الآية (5) فقد قطعت يد هذا ورجله فلا ينبغي أن تقطع رجله فتدعه ليس له قائمة يمشي عليها، إما أن تعزره وإما أن تستودعه السجن. قال: فاستودعه السجن.

السنن الكبرى للبيهقي 8 ص 274، كنز العمال 3 ص 118.

40
إجتهاد الخليفة في هدية ملكة الروم

عن قتادة قال: بعث عمر رسولا إلى ملك الروم فاستقرضت أم كلثوم بنت علي

____________

(1) تاريخ ابن خلكان 2 ص 456 في ترجمة يزيد من ربيعة.

(2) تهذيب التهذيب 9 ص 455.

(3) تهذيب التهذيب 3 ص 36.

(4) إرشاد الساري للقسطلاني 10 ص 67

(5) سورة المائدة آية 33.

الصفحة 55
- وكانت امرأة عمر - دينارا فاشترت به عطرا وجعلته في قارورة وبعثت به مع الرسول إلى امرأة ملك الروم فلما أتاها بعثت لها شيئا من الجواهر وقالت للرسول: إذهب به إلى امرأة عمر فلما أتاها أفرغته على البساط فدخل عمر فقال: ما هذا؟ فأخبرته فأخذ الجواهر وخرج بها إلى المسجد ونادى الصلاة جامعة فلما اجتمع الناس أخبرهم الخبر وأراهم الجواهر وقال: ما ترون في ذلك؟ فقالوا: إنا نراها تستحق ذلك لأنه هدية جاءتها من امرأة لا جزية ولا خراج عليها ولا يتعلق بها حكم من أحكام الرجال. فقال:

لكن الزوجة زوجة أمير المؤمنين، والرسول رسول أمير المؤمنين، والراحلة التي ركبها للمؤمنين، وما جاء ذلك كله لولا المؤمنون، فأرى أن ذلك لبيت مال المسلمين، ونعطيها رأس مالها. فباع الجواهر ودفع لزوجته دينارا وجعل ما بقي في بيت مال المسلمين (1).

2 - يروى أن امرأة أبي عبيدة أرسلت إلى امرأة ملك الروم هدية فكافأتها بجوهر فبلغ ذلك عمر فأخذه فباعه وأعطاها ثمن هديتها ورد باقيه إلى بيت مال المسلمين (2)

قال الأميني: كل ما ذكره الخليفة ليس من المملك ولا من المخرجات من الملك أما كونها زوجة الخليفة فمن الدواعي لإهداء زوجة ملك الروم، وأما وجود المؤمنين فهو من بواعث شوكة الخليفة التي من جهتها تكون زوجته معتنى بها عند أزواج الملوك.

وكون الرسول رسول الخليفة لا يبيح ما اؤتمن عليه الرسول في ايصاله إلى صاحبه.

ودابة المؤمنين لا تستبيح ما حمله الراكب عليها. نعم من الممكن إن كان له ثقل يعتد به أن يأخذ المؤمنون الأجرة على حمله.

ولا أدري كيف فعل الخليفة ما فعل؟ وكيف استساغ المسلمون ذلك المال أخيرا بعد أن رأوا إنها تستحقه أو لا؟ ثم ما وجه إعطاء ثمن الهدية في القضيتين؟ فإن كان لحق لصاحبتيهما في الجواهر؟ فهو لها في كله، وإلا فقد أقدمتاهما إلى إتلاف مالهما فلا وجه لإعطاء بدله من مال المسلمين.

41
رأي الخليفة في جلد المغيرة

عن عبد الرحمن بن أبي بكر: إن أبا بكر وزيادا ونافعا وشبل بن معبد كانوا

____________

(1) الفتوحات الإسلامية 2 ص 413.

(2) الفتوحات الإسلامية 2 ص 413.

الصفحة 56
في غرفة والمغيرة في أسفل الدار فهبت ريح ففتحت الباب ورفعت الستر فإذا المغيرة بين رجليها فقال بعضهم لبعض: قد ابتلينا. قال فشهد أبو بكرة ونافع وشبل وقال زياد: لا أدري نكحها أم لا فجلدهم عمر رضي الله عنه إلا زيادا فقال أبو بكرة رضي الله عنه: أليس قد جلدتموني؟

قال: بلى. قال: فأنا أشهد لقد فعل. فأراد عمر أن يجلده أيضا فقال علي: إن كانت شهادة أبي بكرة شهادة رجلين فارجم صاحبك وإلا فقد جلدتموه، يعني لا يجلد ثانيا بإعادة القذف.

وفي لفظ آخر: فهم عمر أن يعيد عليه الحد فنهاه علي رضي الله عنه وقال: إن جلدته فارجم صاحبك، فتركه ولم يجلده.

وفي لفظ ثالث: فهم عمر بضربه فقال علي: لئن ضربت هذا فارجم ذاك (1).

صورة مفصلة

عن أنس بن مالك: إن المغيرة بن شعبة كان يخرج من دار الأمارة وسط النهار، وكان أبو بكرة - نفيع الثقفي - يلقاه فيقول له: أين يذهب الأمير؟ فيقول.

إلى حاجة، فيقول له: حاجة ما؟ إن الأمير يزار ولا يزور، قال: وكانت المرأة - أم جميل بنت الأفقم - التي يأتيها جارة لأبي بكرة، قال: فبينا أبو بكرة في غرفة له مع أصحابه وأخويه نافع وزياد ورجل آخر يقال له: شبل بن معبد، وكانت غرفة تلك المرأة بحذاء غرفة أبي بكرة فضربت الريح باب غرفة المرأة ففتحته فنظر القوم فإذا هم بالمغيرة ينكحها فقال أبو بكرة: هذه بلية ابتليتم بها فانظروا. فنظروا حتى أثبتوا فنزل أبو بكرة حتى خرج عليه المغيرة من بيت المرأة فقال له: إنه قد كان من أمرك ما قد علمت فاعتزلنا، قال: وذهب ليصلي بالناس الظهر فمنعه أبو بكرة وقال له: والله لا تصلي بنا وقد فعلت ما فعلت. فقال الناس: دعوه فليصل فإنه الأمير واكتبوا بذلك إلى عمر. فكتبوا إليه فورد كتابه أن يقدموا عليه جميعا المغيرة والشهود.

قال مصعب بن سعد: إن عمر بن الخطاب رضي الله عنه جلس ودعا بالمغيرة والشهود فتقدم أبو بكرة فقال له، أرأيته بين فخذيها؟ قال: نعم والله لكأني أنظر تشريم جدري بفخذيها، فقال له المغيرة: لقد ألطفت النظر، فقال له: ألم أك قد أثبت ما يخزيك الله به؟

____________

(1) السنن الكبرى للبيهقي 8 ص 235.

الصفحة 57
فقال له عمر: لا والله حتى تشهد لقد رأيته يلج المرود في المكحلة. فقال: نعم أشهد على ذلك، فقال له: اذهب مغيرة ذهب ربعك، ثم دعا نافعا فقال له: علام تشهد؟ قال:

على مثل شهادة أبي بكرة. قال: لا حتى تشهد أنه يلج فيه ولوج المرود في المكحلة، فقال: نعم حتى بلغ قذذه. فقال: إذهب مغيرة ذهب نصفك، ثم دعا الثالث فقال: علام تشهد؟ فقال: على مثل شهادة صاحبي. فقال له: اذهب مغيرة ذهب ثلاثة أرباعك ثم كتب - عمر - إلى زياد فقدم على عمر فلما رآه جلس له في المسجد واجتمع له رؤس المهاجرين والأنصار فقال المغيرة: ومعي كلمة قد رفعتها لأحلم القوم قال: فلما رآه عمر مقبلا قال:

إني لأرى رجلا لن يخزي الله على لسانه رجلا من المهاجرين. فقال: يا أمير المؤمنين أما إن الحق ما حق القوم فليس ذلك عندي ولكني رأيت مجلسا قبيحا، وسمعت أمرا حثيثا وانبهارا، ورأيته متبطنها، فقال له: أرأيته يدخله كالميل في المكحلة؟ فقال: لا.

وفي لفظ قال: رأيته رافعا برجليها، ورأيت خصيتيه تترددان بين فخذيها، و رأيت خفزا شديدا، وسمعت نفسا عاليا.

وفي لفظ الطبري قال: رأيته جالسا بين رجلي امرأة، فرأيت قدمين مخضوبتين تخفقان، وإستين مكشوفتين، وسمعت خفزانا شديدا.

فقال له: أرأيته يدخله كالميل في المكحلة؟ فقال: لا، فقال عمر: الله أكبر قم إليهم فاضربهم، فقام إلى أبي بكرة فضربه ثمانين وضرب الباقين وأعجبه قول زياد ودرأ عن المغيرة الرجم فقال أبو بكرة بعد أن ضرب: فإني أشهد أن المغيرة فعل كذا وكذا. فهم عمر بضربه فقال له علي عليه السلام: إن ضربته رجمت صاحبك ونهاه عن ذلك (1).

قال الأميني: لو كان للخليفة قسط من حكم هذه القضية لما هم بجلد أبي بكرة ثانيا، ولا عزب عنه حكم رجم المغيرة إن جلد.

وإن تعجب فعجب إيعاز الخليفة إلى زياد لما جاء يشهد بكتمان الشهادة بقوله: إني لأرى رجلا لن يخزي الله على لسانه رجلا من المهاجرين (2) أو بقوله: أما إني أرى وجه

____________

(1) الأغاني لأبي الفرج الاصبهاني 14 ص 146، تاريخ الطبري 4 ص 207، فتوح البلدان للبلاذري ص 352، تاريخ الكامل لابن الأثير 2 ص 228، تاريخ ابن خلكان 2 ص 455، تاريخ ابن كثير 7 ص 81، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 3 ص 161، عمدة القاري 6 ص 340.

(2) الأغاني كما مر.

الصفحة 58
رجل أرجو أن لا يرجم رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على يده ولا يخزى بشهادته (1)أو بقوله: إني لأرى غلاما كيسا لا يقول إلا حقا ولم يكن ليكتمني شيئا (2) أو بقوله:

إني أرى غلاما كيسا لن يشهد إن شاء الله إلا بحق (3) وهو يوعز إلى أن الذين تقدموه أغرار شهدوا بالباطل، وعلى أي فقد استشعر زياد ميل الخليفة إلى درأ الحد عن المغيرة فأتى بجمل لا تقصر عن الشهادة، ولكنه تلجلج عن صراح الحقيقة لما انتهى إليه، و كيف يصدق في ذلك؟ وقد رئا إستاها مكشوفة، وخصيتين مترددتين بين فخذي أم جميل، وقدمين مخضوبتين مرفوعتين، وسمع خفزانا شديدا ونفسا عاليا، ورئاه متبطنا لها، وهل تجد في هذا الحد مساغا لأن يكون الميل في خارج المكحلة؟ أو أن يكون قضيب المغيرة جامحا عن فرج أم جميل؟.

نعم كان في القضية تأول واجتهاد أدى إلى أهمية درأ الحد في المورد خاصة، وإن كان الخليفة نفسه جازما بصدق الخزاية كما يعرب عنه قوله للمغيرة: والله ما أظن أبا بكرة كذب عليك، وما رأيتك إلا خفت أن أرمى بالحجارة من السماء. قاله لما وافقت أم جميل عمر بالموسم والمغيرة هناك فسأله عنها فقال: هذه أم كلثوم بنت علي فقال عمر:

أتتجاهل علي؟ والله ما أظن. إلخ. (4)

وليت شعري لماذا كان عمر يخاف أن يرمى بالحجارة من السماء؟ ألرده الحد حقا؟ وحاشا الله أن يرمي مقيم الحق، أو لتعطيله الحكم؟ أو لجلده مثل أبي بكرة الذي عدوه من خيار الصحابة وكان من العبادة كالنصل؟ أنا لا أدري.

وكانت علي أمير المؤمنين عليه السلام يصافق عمر على ما ظن أو جزم به فخاف أن يرمى بالحجارة، وينم عن ذلك قوله عليه السلام: لئن لم ينته المغيرة لأتبعنه أحجاره. أو قوله: لئن أخذت المغيرة لأتبعنه أحجاره (5).

وقد هجاه حسان بن ثابت في هذه القصة بقوله:

____________

(1) فتوح البلدان للبلاذري ص 353.

(2) سنن البيهقي 8 ص 235

(3) كنز العمال.

(4) الأغاني 14 ص 147. شرح النهج 3 ص 162.

(5) الأغاني 14 ص 147.

الصفحة 59

لو أن اللوم ينسب كان عبدا * قبيح الوجه أعور من ثقيف
تركت الدين والاسلام لما * بدت لك غدوة ذات النصيف
وراجعت الصبا وذكرت لهوا * من القينات في العمر اللطيف (1)

ولا يشك ابن أبي الحديد المعتزلي في أن المغيرة زنى بأم جميل وقال: إن الخبر بزناه كان شايعا مشهورا مستفيضا بين الناس (2) غير أنه لم يخطى عمر بن الخطاب في درأ الحد عنه ويدافع عنه بقوله: لأن الإمام يستحب له درأ الحد وإن غلب على ظنه أنه قد وجب الحد عليه.

عزب على ابن أبي الحديد أن درأ الحد بالشبهات لا يخص بالمغيرة فحسب بل للإمام رعاية حال الشهود أيضا ودرأ الحد عنهم، فأنى للإمام درأ الحد عمن يقال:

إنه كان أزنى الناس في الجاهلية فلما دخل في الاسلام قيده الاسلام وبقيت عنده منه بقية ظهرت في أيام ولايته بالبصرة (3)؟ أنى له رفع اليد عن مثل الرجل وقد غلب على ظنه وجوب الحد عليه، وحكمه بالحد على أبرياء ثلاثة يشك في الحد عليهم وفيهم من يعد من عباد الصحابة؟ وأني يتأتى الاحتياط في درأ الحد عن واحد مثل المغيرة برمي ثلاثة بالكذب والقذف وتشويه سمعتهم في المجتمع الديني وتخذيلهم بإجراء الحد عليهم؟.

ثم هلا اجتمعت كلمة الشهود الأربعة على ما شهد به زياد من معاصي المغيرة دون إيلاج المرود في المكحلة؟ فلماذا لم يعزره على ما اقترفه من الفاحشة؟ أولم تكن المعاصي تستوجب تعزيرا؟ أولم يكن من رأي الخليفة جلد صائم أخذ على شراب كما يأتي في نادرة 72.

أولم يكن من رأيه ضرب خمسين على من وجد مع امرأة في لحافها على فراشها؟ (4).

أولم يكن مقررا حكم عبد الله بن مسعود في رجل وجد مع امرأة في لحاف فضرب عبد الله كل واحد منهما أربعين سوطا وأقامهما للناس فذهب أهل المرأة وأهل الرجل

____________

(1) الأغاني 14 ص 147. شرح بن أبي الحديد 3 ص 163.

(2) شرح نهج البلاغة 3 ص 163.

(3) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 3 ص 163 نقلا عن المدايني.

(4) أخرجه إمام الشافعية في كتاب الأم 7 ص 170.

الصفحة 60
فشكوا ذلك إلى عمر بن الخطاب فقال عمر لابن مسعود: ما يقول هؤلاء؟ قال: قد فعلت ذلك. قال: أو رأيت ذلك؟ قال: نعم. فقال: نعم ما رأيت. فقالوا: أتيناه نستأذنه فإذا هو يسأله (1).

نعم: للقارئ أن يفرق بين ما نحن فيه وبين تلكم المواقف التي حكم فيها بالتعزير بأن الحكم هناك قد دار مدار اللحاف ولم يكن لحاف على المغيرة وأم جميل في فحشائهما:

والقول بمثل هذه الخزاية أهون من تلكم الكلم التي توجد في الدفاع عن الخليفة حول هذه القضية ولدتها.

هذا مغيرة وهذا إلى أمثالها بوائقه، وكان يعرف بها في إسلامه وقبله، وقد أتى أمير المؤمنين عليه السلام عند ما تولى الخلافة يظهر بزعمه النصح له بإقرار معاوية في ولايته على الشام ردحا ثم يفعل به ما أراد، وبما أن أمير المؤمنين عليه السلام لم يكن ممن يداهن ويجامل أعداء الله في أمر الدين ولا يؤثر الدهاء على حكم الشريعة، وكان يرى أن مفاسد إبقاء معاوية على الأمر لا تكافئ مصلحة إغفاله عن المقاومة، فإنه غير صالح لتولي أمر المسلمين فيومه لدة سنته، وساعته كمثل عمره في الفساد، رفض ذلك الرأي المغيري، ولم يكن بالذي يتخذ المضلين عضدا فبهض ذلك المغيرة فولى عنه منشدا:

نصحت عليا في ابن هند نصيحة * فردت فلم اسمع لها الدهر ثانية
وقلت له: أوجز عليه بعهده * وبالأمر حتى يستقر معاويه
وتعلم أهل الشام أن قد ملكته * وأن أذنه صارت لأمرك واعيه
فتحكم فيه ما تريد فإنه * لداهية فارفق به أي داهيه
فلم يقبل النصح الذي قد نصحته * وكانت له تلك النصيحة كافيه (2)

وأجاب عنها العلامة الأوردبادي بقوله:

أتيت إمام المسلمين بغدرة * فلم تلف نفسا منه للغدر صاغيه
وأسمعته إدا من القول لم يصخ * له إذ رأى منه الخيانة باديه

____________

(1) أخرجه الطبراني والهيثمي في مجمع الزوائد 6 ص 270 وقال: رجاله رجال الصحيح.

(2) مروج الذهب 2: 16، تاريخ الطبري 5: 160، تاريخ ابن كثير 8: 128، الاستيعاب 1: 251، تاريخ أبي الفدا ج 1: 172.

الصفحة 61

رغبت إليه في ابن هند ولاية * أبى الدين إلا أن ترى عنه نائيه
أيؤتمن الغاوي على إمرة الهدى؟ * تعاد على الدين المعرة ثانيه
ويرعى القطيع الذئب والذئب كاسر * ويأمن منه في الأويقة عاديه؟ 5
وهل سمعت أذناك قل لي هنيهة * بزوبعة هبت فلم تعد سافيه؟
وهل يأمن الأفعى السليم سويعة * ومن شدقها قتالة السم جاريه؟
فيوم ابن هند ليس إلا كدهره * فصفقته كانت من الخير خاليه
وللشر منه والمزنم جروه * ووالده شيخ الفجور زبانيه
متى كان للتقوى علوج امية؟ * وللغي منهم كل باغ وباغيه
وللزور والفحشاء منهم زبائن * وللجور منهم كل دهياء داهيه
هم أرهجوها فتنة جاهلية * إذ انتهزوا للشر أجواء صافيه
فماذا على حلف التقى وهو لا يرى * يراوغ في أمر الخلافة طاغيه؟
وشتان في الاسلام هذا وهذه * فدين (علي) غير دنيا معاويه
أتنقم منه إن شرعة (أحمد) * تجذ يمينا لابن سفيان عاديه؟ 15
وتحسب أن قد فاته الرأي عنده * كأنك قد أبصرت ما عنه خافيه
ولولا التقى ألفيت صنو (محمد) * لتدبير أمر الملك أكبر داهيه
عرفناك يا أزنى ثقيف ووغدها * عليك بيوميك الشنار سواسيه
وإنك في الاسلام مثلك قبله * وأم جميل للخزاية راويه 19

وكان المغيرة في مقدم أناس كانوا ينالون من أمير المؤمنين عليه السلام قال ابن الجوزي قدمت الخطباء إلى المغيرة بن شعبة بالكوفة فقام صعصعة بن صوحان فتكلم، فقال المغيرة: أخرجوه فأقيموه على المصطبة فليلعن عليا. فقال: لعن الله من لعن الله ولعن علي بن أبي طالب، فأخبره بذلك فقال: أقسم بالله لتقيدنه فخرج فقال: إن هذا يأبى إلا علي بن أبي طالب فالعنوه لعنه الله. فقال المغيرة: أخرجوه أخرج الله نفسه. رسائل الجاحظ ص 92، الأذكياء ص 98.

وأخرج أحمد في مسنده 4 ص 369 عن قطبة بن مالك قال: نال المغيرة بن شعبة من علي فقال زيد بن أرقم: قد علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ينهى عن سب الموتى

الصفحة 62
فلم تسب عليا وقد مات.

وأخرج في المسند أيضا ج 1 ص 188 أحاديث نيله من أمير المؤمنين عليه السلام في خطبته واعتراض سعيد بن زيد عليه.

42
كل أفقه من عمر حتى العجائز

لما رجع عمر بن الخطاب من الشام إلى المدينة إنفرد عن الناس ليعرف أخبارهم فمر بعجوز في خبائها فقصدها فقالت: يا هذا ما فعل عمر؟ قال: هوذا قد أقبل من الشام قالت: لا جزاه الله عني خيرا، قال: ويحك ولم؟ قالت: لأنه والله ما نالني من عطائه منذ ولي إلى يومنا هذا دينار ولا درهم، فقال: ويحك وما يدري عمر حالك وأنت في هذا الموضع؟ فقالت: سبحان الله ما ظننت أن أحدا يلي على الناس ولا يدري ما بين مشرقها ومغربها، قال: فأقبل عمر وهو يبكي ويقول: واعمراه واخصوماه كل واحد أفقه منك يا عمر. الحديث. وفي لفظ: كل واحد أفقه منك حتى العجائز يا عمر!.

الرياض النضرة 2 ص 57، الفتوحات الإسلامية 2 ص 408، نور الأبصار ص 65.

قال الأميني: نحن ندرس من هذه القصة إن فكرة إحاطة علم الإمام بالأشياء كلها أو جلها فضلا عن الشرائع والأحكام فكرة بسيطة عامة يشترك في لزومها الرجال والنساء، فهي غريزة لا تعزب عن أي ابن أنثى وقد فقدها الخليفة واعترف بأن كل واحد أفقه منه.

43
إستشارة الخليفة في متسابين

أخرج البيهقي في السنن الكبرى 8 ص 252: إن رجلين استبا في زمن عمر بن الخطاب فقال أحدهما على الآخر: والله ما أرى أبي بزان ولا أمي بزانية. فاستشار عمر الناس في ذلك فقال قائل: مدح أباه وأمه. وقال آخرون. قد كان لأبيه وأمه مدح غير هذا نرى أن تجلده الحد. فجلده عمر الحد ثمانين.

وذكره النيسابوري في تفسيره في سورة النور عند قوله تعالى: الذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة.