اكسروه فكسر باب بيت المال فقال: أخرجوا المال. فجعل يعطي الناس فبلغ الذين في دار طلحة الذي صنع علي فجعلوا يتسللون إليه حتى ترك طلحة وحده، وبلغ الخبر عثمان فسر بذلك، ثم أقبل طلحة يمشي عائدا إلى دار عثمان فقلت: والله لأنظرن ما يقول هذا فتتبعته فاستأذن على عثمان فلما دخل عليه قال: يا أمير المؤمنين! أستغفر الله وأتوب إليه أردت أمرا فحال الله بيني وبينه، فقال عثمان: إنك والله ما جئت تائبا ولكنك جئت مغلوبا، الله حسيبك يا طلحة. تاريخ الطبري 6: 154، كامل ابن الأثير 3: 70، شرح ابن أبي الحديد 1: 165!. تاريخ ابن خلدون 2: 397.
قال الأميني: هذا لفظ تاريخ الطبري المطبوع وقد لعبت به أيدي الهوى بالتحريف وزادت فيه حديث الاخاء بين عثمان وعلي المتسالم على بطلانه بين فرق المسلمين، كأن القوم آلوا على أنفسهم بأن لا يدعو حديثا إلا شوهوه بالاختلاق، وقد حكى ابن أبي الحديد هذا الحديث عن تاريخ الطبري في شرحه 2: 506 ولا توجد فيه مسألة الاخاء وإليك لفظه:
____________
(1) أي: اشتد الأمر وتفاقم. كتب عثمان إلى علي عليه السلام: قد بلغ السيل الزبا وجاوز الحزام الطبيين. تاج العروس 1: 222.
وقد أسلفنا في الجزء الثالث ص 104 - 116 حديث المواخاة بأوسع ما يسطر وفيه: إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هو الذي واخى أمير المؤمنين عليه السلام لا غيره.
9 - ذكر البلاذري في حديث: إن طلحة قال لعثمان: إنك أحدثت أحداثا لم يكن الناس يعهدونها، فقال عثمان: ما أحدثت أحداثا ولكنكم أظناء تفسدون علي الناس وتؤلبوهم. الأنساب 5: 44.
10 - حكى البلاذري عن أبي مخنف وغيره: حرس القوم عثمان ومنعوا من أن يدخل عليه، وأشار عليه سعيد بن العاص بأن يحرم ويلبي ويخرج فيأتي مكة فلا يقدم عليه. فبلغهم قوله فقالوا: والله لئن خرج لا فارقناه حتى يحكم الله بيننا وبينه، واشتد عليه طلحة بن عبيد الله في الحصار، ومنع من أن يدخل إليه الماء حتى غضب علي ابن أبي طالب من ذلك، فأدخلت عليه روايا الماء. الأنساب 5: 71.
11 - في رواية للبلاذري ص 90: كان الزبير وطلحة قد استوليا على الأمر، و منع طلحة عثمان من أن يدخل عليه الماء العذب فأرسل علي إلى طلحة وهو في أرض له على ميل من المدينة: أن دع هذا الرجل فليشرب من مائة ومن بئره يعني بئر رومة، و لا تقتلوه من العطش. فأبى فقال علي: لولا أني قد آليت يوم ذي خشب أنه إن لم يعطني لا أرد عنه أحدا لا دخلت عليه الماء.
وفي الإمامة والسياسية 1: 34: أقام أهل الكوفة وأهل مصر بباب عثمان ليلا و نهارا وطلحة يحرض الفريقين جميعا على عثمان، ثم إن طلحة قال لهم: إن عثمان لا يبالي ما حضرتموه وهو يدخل إليه الطعام والشراب فامنعوه الماء أن يدخل عليه.
12 - قال البلاذري: قالوا: مر مجمع بن جارية الأنصاري بطلحة بن عبيد الله فقال: يا مجمع ما فعل صاحبك؟ قال: أظنكم والله قاتليه. فقال طلحة: فإن قتل فلا
13 - وروى البلاذري في حديث: وسلم عثمان على جماعة فيهم طلحة فلم يردوا عليه فقال: يا طلحة! من كنت أرى إنه أعيش إلى أن أسلم عليك فلا ترد علي السلام الأنساب 5: 76.
كأن هذه القضية غير ما وقع في أيام الحصار الثاني مما ذكره الديار بكري في تاريخ الخميس 2: 260 قال: أشرف عثمان عليهم ذات يوم وقال: السلام عليكم. فما سمع أحدا من الناس يرد عليه إلا أن يرد في نفسه. وسيوافيك حديث جبلة بن عمرو الأنصاري ونهيه الناس عن رد السلام على عثمان إذا سلمهم.
14 - أخرج البلاذري من طريق يحيى بن سعيد قال: كان طلحة قد استولى على أمر الناس في الحصار، فبعث عثمان عبد الله بن الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب إلى علي بهذا البيت:
وقال أبو مخنف: صلى علي بالناس يوم النحر وعثمان محصور فبعث إليه عثمان ببيت الممزق، وكان رسوله به عبد الله بن الحارث ففرق علي الناس عن طلحة، فلما رأى ذلك طلحة دخل على عثمان فاعتذر فقال له عثمان: يا ابن الحضرمية! ألبت علي الناس ودعوتهم إلى قتلي حتى إذا فاتك ما تريد جئت معتذرا، لا قبل الله ممن قبل عذرك. الأنساب 5: 77.
15 - روى البلاذري بإسناده من طريق ابن سيرين أنه قال: لم يكن من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أشد على عثمان من طلحة. الأنساب 5: 81، وذكره ابن عبد ربه في العقد الفريد 2: 269.
16 - أخرج ابن سعد وابن عساكر قال: كان طلحة يقول يوم الجمل: إنا داهنا في أمر عثمان فلا نجد شيئا أمثل من أن نبذل دماءنا فيه، أللهم خذ لعثمان مني اليوم حتى ترضى. طبقات ابن سعد، تاريخ ابن عساكر 7: 84، تذكرة السبط ص 44.
17 - أخرج ابن عساكر قال: كان مروان بن الحكم في الجيش يوم الجمل
____________
(1) هذا البيت للممزق العبدي شاش بن لها بن الأسود. وبه سمي الممزق.
قال أبو عمر في الاستيعاب: لا يختلف العلماء الثقات في أن مروان قتل طلحة يومئذ وكان في حزبه، روى عبد الرحمن بن مهدي عن حماد بن زيد عن يحيى بن سعيد قال: قال طلحة يوم الجمل:
أللهم خذ مني لعثمان حتى يرضى.
" بيان " الكسع: حي من قيس عيلان، وقيل: هم حي من اليمن رماة، و منهم الكسعي الذي يضرب به المثل في الندامة وهو رجل رام رمى بعد ما أسدف الليل عيرا فأصابه وظن أنه أخطأه فكسر قوسه وقيل: وقطع إصبعه ثم ندم من الغد حين نظر إلى العير مقتولا وسهمه فيه، فصار مثلا لكل نادم على فعل يفعله. وإياه عني الفرزدق بقوله:
وقال آخر:
وقيل: كان اسم الكسعي محارب بن قيس.
وأخرج أبو عمر بن طريق ابن أبي سبرة قال: نظر مروان إلى طلحة يوم الجمل فقال: لا أطلب بثأري بعد اليوم. فرماه بسهم فقتله.
وأخرج من طريق يحيى بن سعيد عن عمه أنه قال: رمى مروان طلحة بسهم ثم التفت إلى أبان بن عثمان قال: قد كفينا بعض قتلة أبيك.
وأخرج من طريق قيس نقلا عن ابن أبي شيبة أن مروان قتل طلحة، ومن طريق وكيع وأحمد بن زهير بإسنادهما عن قيس بن أبي حازم حديث: لا أطلب بثأري
____________
(1) هذا البيت معه ثلاثة أبيات أخر ذكرها ابن الأثير في أسد الغابة 3: 104، وسبط ابن الجوزي في التذكرة ص 44.
وقال ابن حجر في الإصابة 2: 230: روى ابن عساكر من طرق (1) متعددة: أن مروان بن الحكم هو الذي رماه فقتله، منها: وأخرجه أبو القاسم البغوي بسند صحيح عن الجارود بن أبي سبرة قال: لما كان يوم الجمل نظر مروان إلى طلحة فقال: لا أطلب ثاري بعد اليوم فنزع له بسهم فقتله.
وأخرج يعقوب بن سفيان بسند صحيح عن قيس بن أبي حازم أن مروان بن الحكم رأى طلحة في الخيل فقال: هذا أعان على عثمان فرماه بسهم في ركبته، فما زال الدم يسيح حتى مات. وأخرجه الحاكم في المستدرك 3: و 370.
أخرجه عبد الحميد بن صالح عن قيس، وأخرجه الطبراني من طريق يحيى بن سليمان الجعفي عن وكيع بهذا السند قال: رأيت مروان بن الحكم حين رمى طلحة يومئذ بسهم فوقع في عين ركبته، فما زال الدم يسيح إلى أن مات.
وأخرج الحاكم في المستدرك 3: 370 من طريق عكراش قال: كنا نقاتل عليا مع طلحة ومعنا مروان قال: فانهزمنا فقال مروان: لا أدرك بثأري بعد اليوم من طلحة فرماه بسهم فقتله.
وقال محب الدين الطبري في الرياض 2: 259: المشهور أن مروان بن الحكم هو الذي قتله رماه بسهم وقال: لا أطلب بثأري بعد اليوم. وذلك أن طلحة زعموا أنه كان ممن حاصر عثمان واشتد عليه.
وأخرج البلاذري في " الأنساب " ص 135 في حديث عن روح بن زنباع: إنه قال: رمى مروان طلحة فاستقاد منه لعثمان.
يوجد حديث قتل مروان بن الحكم طلحة بن عبيد الله أخذا بثار عثمان في مروج الذهب 2: 11، القعد الفريد 2: 279، مستدرك الحاكم 3: 370، الكامل لابن الأثير 3، 104، صفة الصفوة لابن الجوزي 1: 132، أسد الغابة 3: 61، دول الاسلام للذهبي
____________
(1) حذفتها يد الطبع الأمينة على ودايع العلم حيا الله الأمانة. لقد لعبت يد الشيخ عبد القادر بن بدران بتاريخ ابن عساكر لما هذبه ورتبه على زعمه فأخرجه عما هو عليه، وجعله مسيخا مشوها بإدخال آرائه الساقطة فيه، وأسقط منه أحاديث كثيرة متنا وإسنادا مما لا يروقه.
18 - أخرج ابن سعد بالإسناد عن شيخ من كلب قال: سمعت عبد الملك بن مروان يقول: لولا أن أمير المؤمنين مروان أخبرني أنه قتل طلحة ما تركت أحدا من ولد طلحة إلا قتلته بعثمان.
19 - أخرج الحميدي في النوادر من طريق سفيان بن عيينة عن عبد الملك بن مروان قال: دخل موسى بن طلحة على الوليد فقال له الوليد: ما دخلت علي قط إلا هممت بقتلك لولا أن أبي أخبرني أن مروان قتل طلحة. تهذيب التهذيب 5: 22.
20 - أخرج الطبري في حديث: فقام طلحة والزبير خطيبين (يعني بالبصرة) فقالا: يا أهل البصرة توبة بحوبة، إنما أردنا أن يستعتب أمير المؤمنين عثمان ولم نرد قتله فغلب سفهاء الناس الحلماء حتى قتلوه. فقال الناس طلحة: يا أبا محمد قد كانت كتبك تأتينا بغير هذا. تاريخ الطبري 5: 179.
21 - ذكر المسعودي في حديث وقعة الجمل: ثم نادى علي رضي الله عنه طلحة حين رجع الزبير: يا أبا محمد! ما الذي أخرجك؟ قال: الطلب بدم عثمان. قال علي: قتل الله أولانا بدم عثمان (1) مروج الذهب 2: 11.
22 - لما نزل طلحة والزبير السبخة (2) أتاهما عبد الله بن الحكيم التميمي لكتب كانا كتباها إليه فقال لطلحة: يا أبا محمد! أما هذه كتبك إلينا؟ قال: بلي، قال: فكتبت أمس تدعونا إلى خلع عثمان وقتله حتى إذا قتلته أتيتنا ثائرا بدمه، فلعمري ما هذا رأيك، لا تريد إلا هذه الدنيا، مهلا إذا كان هذا رأيك فلم قبلت من علي ما عرض عليك من البيعة؟ فبايعته طائعا راضيا ثم نكثت بيعتك، ثم جئت لتدخلنا في فتنتك. الحديث (3).
23 - قال ابن قتيبة: ذكروا أنه لما نزل طلحة والزبير وعائشة البصرة اصطف
____________
(1) لقد استجاب الله تعالى دعاء الإمام عليه السلام فقتل طلحة في أسرع وقت.
(2) السبخة بالتحريك موضع بالبصرة.
(3) شرح ابن أبي الحديد 2: 500.
____________
(1) أتى هذا المحال والتمحل من قوارصها التى مرت في ص 77 - 85.
(2) الإمامة والسياسية 1: 60.
25 - أخرج الطبري في تاريخه 5: 183 من طريق علقمة بن وقاص الليثي قال: لما خرج طلحة والزبير وعائشة رضي الله عنهم رأيت طلحة وأحب المجالس إليه أخلاها وهو ضارب بلحيته على زوره (3) فقلت: يا أبا محمد! أرى أحب المجالس إليك أخلاها وأنت ضارب بلحيتك على زورك، إن كرهت شيئا فاجلس. قال: فقال لي: يا علقمة بن وقاص! بينا نحن يد واحدة على من سوانا إذا صرنا جبلين من حديد يطلب بعضنا بعضا إنه كان مني في عثمان شئ ليس توبتي إلا أن يسفك دمي في طلب دمه.
الوجه في هذه التوبة إن صحت وكان الموئود من النفوس المحترمة أن يسلم نفسه لأولياء القتيل أو لإمام الوقت فيقيدوا منه، لا أن يلقح فتنة كبرى تراق فيها دماء بريئة من دم عثمان، وتزهق أنفس لم تكن هنالك في حل ولا مرتحل، فيكون قد زاد ضغثا على ابالة، وجاء بها حشفا وسوء كيلة.
5 - حديث الزبير بن العوام
أحد العشرة المبشرة، وأحد أصحاب الشورى الست.
1 - أخرج الطبري في حديث وقعة الجمل: خرج علي على فرسه فدعا الزبير فتواقفا فقال علي للزبير: ما جاء بك؟ قال: أنت، ولا أراك لهذا الأمر أهلا ولا أولى به منا. فقال علي: لست (4) له أهلا بعد عثمان رضي الله عنه؟ قد كنا نعدك من بني عبد المطلب حتى بلغ ابنك ابن السوء ففرق بيننا وبينك. وعظم عليه أشياء فذكر أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم مر عليهما فقال لعلي: ما يقول ابن عمتك؟ ليقاتلنك وهو لك ظالم (5)
____________
(1) ذكرها ابن أبي الحديد في شرح النهج 1: 101.
(2) يا لها من دعوة مستجابة أصابت الرجلين من دون مهلة.
(3) الزور: الصدر وقيل: وسط الصدر. وقيل: أعلى الصدر. وقيل: ملتقى أطراف عظام الصدر.
(4) في الكامل لابن الأثير: ألست.
(5) هذا الحديث أخرجه جمع من الحفاظ كما أسلفناه في الجزء الثالث ص 191 ط 2.
وقول علي عليه السلام للزبير: أتطلب مني دم عثمان وأنت قتلته. الخ. أخرجه أيضا الحافظ العاصمي في زين الفتى. وفي لفظ المسعودي: قال علي: ويحك يا زبير! ما الذي أخرجك؟ قال: دم عثمان. قال علي: قتل الله أولانا بدم عثمان.
قال الأميني: إنما حلف الزبير على ترك القتال لأنه وجده بعد تذكير الإمام عليه السلام له الحديث النبوي، وبعد إتمام الحجة عليه بذلك محرما عليه في الدين، وإنه من الظلم الفاحش الذي استقل العقل بتحريمه، فهل التكفير بعتق الغلام يبيح ذلك المحرم بالعقل والشريعة؟ ويسوغ الخروج على الإمام المفترض طاعته؟ لا. لكن تسويل عبد الله هو الذي فرق بين الزبير وبين آل عبد المطلب، وأباح له كل محظور، فقاتل إمام الوقت ظالما كما ورد في النص النبوي، وصدق الخبر الخبر.
2 - ذكر المسعودي في حديث: إن مروان بن الحكم قال يوم الجمل: رجع الزبير، يرجع طلحة، ما أبالي رميت ها هنا أم هاهنا، فرماه في أكحله فقتله. (مروج الذهب 2: 11)
3 - قال ابن أبي الحديد في شرح النهج 2: 404: كان طلحة من أشد الناس تحريضا عليه، وكان الزبير دونه في ذلك، رووا أن الزبير كان يقول: أقتلوه فقد بدل دينكم. فقالوا له: إن ابنك يحامي عنه بالباب. فقال: ما أكره أن يقتل عثمان ولو بدئ با بني، إن عثمان لجيفة على الصراط غدا.
4 - أخرج البلاذري في الأنساب 5: 76 من طريق أبي مخنف قال: جاء الزبير إلى عثمان فقال له: إن في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم جماعة يمنعون من ظلمك، ؤ يأخذونك
____________
(1) تاريخ الطبري 5: 204، مروج الذهب 2: 10، الكامل لابن الأثير 3: 102.
5 - قال البلاذري في الأنساب 5: 14: وجدت في كتاب لعبد الله عن الصالح العجلي ذكروا: إن عثمان نازع الزبير فقال الزبير: إن شئت تقاذفنا؟ فقال عثمان: بما ذا أيا لبعير يا أبا عبد الله؟ قال: لا والله ولكن بطبع خباب، وريش المقعد، وكان خباب يطبع السيوف، وكان المقعد يريش النبل.
وقال ابن المغيرة بن الأخنس متغنيا على قعود له:
6 - حديث طلحة والزبير
1 - من كلام لمولانا أمير المؤمنين في شأن الرجلين: والله ما أنكروا علي منكرا ولا جعلوا بيني وبينهم نصفا، وإنهم ليطلبون حقا هم تركوه، ودما هم سفكوه، فإن كنت شريكهم فيه فإن لهم نصيبهم منه، وإن كانوا ولوه دوني فما الطلبة إلا قبلهم، وإن أول عدلهم للحكم على أنفسهم، وإن معي لبصيرتي ما لبست ولا لبس علي، وإنها للفئة الباغية فيها الحما والحمة (2). (نهج البلاغة 1: 254)
وفي لفظ أبي عمر في " الاستيعاب " في ترجمة طلحة بن عبيد الله: إني منيت بأربعة: أدهى الناس وأسخاهم طلحة، وأشجع الناس الزبير، وأطوع الناس في الناس عائشة، وأسرع الناس إلى الفتنة يعلى بن منية، والله ما أنكروا علي شيئا منكرا، ولا استأثرت بمال، ولا ملت بهوى، وإنهم ليطلبون حقا تركوه، ودما سفكوه، ولقد ولوه دوني، وإن كنت شريكهم في الانكار لما أنكروه، وما تبعة عثمان إلا عندهم، وإنهم لهم الفئة الباغية. إلى قوله عليه السلام: والله إن طلحة والزبير وعائشة ليعلمون أني على الحق وأنهم مبطلون.
____________
(1) كتاب صفين لابن مزاحم ط مصر ص 60، 66.
(2) قال ابن أبي الحديد: كنى علي عليه السلام عن الزوجة بالحمة. وهي: سم العقرب. والحما يضرب مثلا لغير الطيب ولغير الصافي.
قال ابن أبي الحديد في الشرح 3: 290: أما طلحة والزبير فكانا شديدين عليه (على عثمان) والوجيف: سير سريع وهذا مثل يقال للمستمرين في الطعن عليه حتى أن السير السريع أبطأ ما يسيران في أمره، والحداء العنيف أرفق ما يحرضان به عليه.
3 - قال البلاذري: حدثني المدائني عن ابن الجعدبة قال: مر علي بدار بعض آل أبي سفيان فسمع بعض بناته تضرب بدف وتقول:
فقال علي: قاتلها الله، ما أعلمها بموضع ثأرها؟ الأنساب 5: 105
4 - أخرج الطبري من طريق ابن عباس قال: قدمت المدينة من مكة بعد قتل عثمان رضي الله عنه بخمسة أيام فجئت عليا أدخل عليه فقيل لي: عنده المغيرة بن شعبة فجلست بالباب ساعة فخرج المغيرة فسلم علي فقال: متي قدمت؟ فقلت: الساعة. فدخلت على علي فسلمت عليه فقال لي: لقيت الزبير وطلحة؟ قال: قلت: لقيتهما بالنواصف.
قال: من معهما؟ قلت: أبو سعيد بن الحارث بن هشام في فئة من قريش. فقال علي:
أما إنهم لن يدعوا أن يخرجوا يقولون: نطلب بدم عثمان والله نعلم أنهم قتلة عثمان. (تاريخ الطبري 5: 160)
5 - أخرج الطبري عن عمر بن شبه من طريق عتبة بن المغيرة بن الأخنس قال:
لقي سعيد بن العاص مروان بن الحكم وأصحابه بذات عرق فقال: أين تذهبون؟ و ثأركم على أعجاز الإبل اقتلوهم (1) ثم ارجعوا إلى منازلكم لا تقتلوا أنفسكم. قالوا:
____________
(1) يعني طلحة والزبير وأصحابهما.
6 - وفي كتاب كتبه ابن عباس إلى معاوية جوابا: وأما طلحة والزبير فإنهما أجلبا عليه وضيقا خناقه، ثم خرجا ينقضان البيعة ويطلبان الملك، فقاتلناهما على النكث كما قاتلناك على البغي. كتاب نصر بن مزاحم ص 472، شرح ابن أبي الحديد 2: 289.
7 - قدم على حابس بن سعد سيد طي بالشام ابن عمه فأخبره أنه شهد قتل عثمان بالمدينة المنورة وسار مع علي إلى الكوفة وكان له لسان وهيبة فغدا به حابس إلى معاوية فقال: هذا ابن عمي قدم من الكوفة، وكان مع علي وشهد قتل عثمان بالمدينة وهو ثقة فقال معاوية: حدثنا عن أمر عثمان. قال: نعم وليه محمد بن أبي بكر، وعمار ابن ياسر، وتجرد في أمره ثلاث نفر: عدي بن حاتم، والأشتر النخعي، وعمرو بن الحمق، ودب (1) في أمره رجلان: طلحة والزبير، وأبرأ الناس منه علي بن أبي طالب ثم تهافت الناس على علي بالبيعة تهافت الفراش حتى ضلت (2) النعل، وسقط الرداء، ووطئ الشيخ ولم يذكر عثمان ولم يذكروه. الخ.
(الإمامة والسياسة 1 ص 74، كتاب صفين لابن مزاحم ص 72، شرح ابن أبي الحديد 1: 259).
8 - أخرج الحاكم في المستدرك 3: 118 بإسناده عن إسرائيل بن موسى أنه قال: سمعت الحسن يقول: جاء طلحة والزبير إلى البصرة فقال لهم الناس: ما جاء بكم؟
قالوا: نطلب دم عثمان. قال الحسن: أيا سبحان الله! أفما كان للقوم عقول فيقولون:
والله ما قتل عثمان غيركم؟
____________
(1) لفظ ابن مزاحم: وجد في أمره رجلان.
(2) وفي لفظ: ضاعت النعل.
فانطلق إلى طلحة فاسمع ما يقول. فذهب إلى طلحة فوجده سادرا في غيه مصرا على الحرب والفتنة. الحديث.
الإمامة والسياسة 1 ص 57، العقد الفريد 2: 278، شرح ابن أبي الحديد 2: 81 10 - خرج عثمان بن الحنيف إلى طلحة والزبير في أصحابه فناشدهم الله والاسلام وأذكرهما بيعتهما عليا فقالا: نطلب بدم عثمان. فقال لهما: وما أنتما وذاك؟ أين بنوه؟ أين بنو عمه الذين هم أحق به منكم؟ كلا والله، ولكنكما حسدتماه حيث اجتمع الناس عليه، وكنتما ترجوان هذا الأمر وتعملان له، وهل كان أحد أشد على عثمان قولا منكما؟ فشتماه شتما قبيحا وذكرا أمه. الحديث. شرح ابن أبي الحديد 2: 500.
11 - لما نزل طلحة والزبير وعائشة بأوطاس من أرض خيبر أقبل عليهم سعيد ابن العاصي على نجيب له فأشرف على الناس ومعه المغيرة بن شعبة فنزل وتوكأ على قوس له سوداء فأتى عائشة فقال لها: أين تريدين يا أم المؤمنين؟ قالت: أريد البصرة.
____________
(1) حفر ابن موسى هي ركايا احفرها أبو موسى الأشعري على جادة البصرة إلى مكة بينها و بين البصرة خمس ليال.
ثم قال المغيرة بن شعبة: أيها الناس إن كنتم إنما خرجتم مع أمكم؟ فارجعوا بها خيرا لكم، وإن كنتم غضبتم لعثمان؟ فرؤساؤكم قتلوا عثمان، وإن كنتم نقمتم على علي شيئا؟ فبينوا ما نقمتم عليه، أنشدكم الله، فتنتين في عام واحد؟ فأبوا إلا أن يمضوا بالناس. " الإمامة والسياسة 1: 55 "
12 - لما نزل طلحة والزبير البصرة قال عثمان بن حنيف: نعذر إليهما برجلين فدعا عمران بن حصين صاحب رسول الله وأبا الأسود الدؤلي فأرسلهما إلى الرجلين فذهبا إليهما فناديا: يا طلحة! فأجابهما فتكلم أبو الأسود الدؤلي فقال: يا محمد؟ إنكم قتلتم عثمان غير مؤامرين لنا في قتله، وبايعتم عليا غير مؤامرين لنا في ييعته، فلم نغضب لعثمان إذ قتل، ولم نغضب لعلي إذ بويع، ثم بدا لكم فأردتم خلع علي ونحن على الأمر الأول، فعليكم المخرج مما دخلتم فيه. ثم تكلم عمران فقال: يا طلحة! إنكم قتلتم عثمان ولم نغضب له إذ لم تغضبوا، ثم بايعتم عليا وبايعنا من بايعتم، فإن كان قتل عثمان صوابا فمسيركم لماذا؟ وإن كان خطأ؟ فحظكم منه الأوفر، ونصيبكم منه الأوفى، فقال طلحة: يا هذان إن صاحبكما لا يرى أن معه في هذا الأمر غيره وليس على هذا بايعناه، وأيم الله ليسفكن دمه. فقال أبو الأسود: يا عمران! أما هذا فقد صرح أنه إنما غضب للملك. ثم أتيا الزبير فقالا: يا أبا عبد الله! إنا أتينا طلحة. قال الزبير: إن طلحة وإياي كروح في جسدين، وإنه والله يا هذان! قد كانت منا في عثمان فلتات احتجنا فيها إلى المعاذير، ولو استقبلنا من أمرنا ما استدبرناه نصرناه الحديث. " الإمامة والسياسة 1 ص 56 ".
13 - من خطبة لعمار بن ياسر خطبها بالكوفة فقال: يا أهل الكوفة! إن كان غاب عنكم أنباؤنا فقد انتهت إليكم أمورنا، إن قتلة عثمان لا يعتذرون من قتله إلى الناس ولا ينكرون ذلك، وقد جعلوا كتاب الله بينهم وبين محاجيهم فيه، أحيا الله من أحيا،
14 - روى البلاذري عن المدائني قال: ولى عبد الملك علقمة بن صفوان بن المحرث مكة فشتم طلحة والزبير على المنبر فلما نزل قال لأبان بن عثمان: أرضيتك في المدهنين في أمير المؤمنين عثمان؟ قال: لا والله، ولكن سؤتني، بحسبي بلية أن تكون شركا في دمه. " الأنساب للبلاذري 5: 120 ".
15 - أخرج أبو الحسن علي بن محمد المدائني من طريق عبد الله بن جنادة خطبة لمولانا أمير المؤمنين منها قوله: بايعني هذان الرجلان في أول من بايع، تعلمون ذلك وقد نكثا وغدرا ونهضا إلى البصرة بعائشة ليفرقا جماعتكم، ويلقيا بأسكم بينكم، أللهم فخذهما بما عملا أخذة واحدة رابية، ولا تنعش لهما صرعة، ولا تقل لهما عثرة، ولا تمهلهما فواقا، فإنهما يطلبان حقا تركاه، ودما سفكاه، أللهم إني أقتضيك وعدك فإنك قلت: وقولك الحق لمن بغي عليه لينصرنه الله، أللهم فانجز لي موعدك، ولا تكلني إلى نفسي إنك على كل شئ قدير. " شرح ابن أبي الحديد 1: 102 ".
16 - من خطبة لمولانا أمير المؤمنين ذكرها الكلبي كما في شرح ابن أبي الحديد 1: 102: فما بال طلحة والزبير؟ وليسا من هذا الأمر بسبيل، لم يصبرا علي حولا ولا أشهرا حتى وثبا ومرقا، ونازعاني أمرا لم يجعل الله لهما إليه سبيلا بعد أن بايعا طائعين غير مكرهين، يرتضعان أما قد فطمت، ويحييان بدعة قد أميتت، أدم عثمان زعما؟ والله ما التبعة إلا عندهم وفيهم، وإن أعظم حجتهم لعلى أنفسهم، وأنا راض بحجة الله عليهم وعلمه فيهم. الحديث.
17 - من كلمة لمالك الأشتر: لعمري يا أمير المؤمنين! ما أمر طلحة والزبير و
عائشة علينا بمخيل، ولقد دخل الرجلان فيما دخلا فيه وفارقا على غير حدث أحدثت
ولا جور صنعت، زعما أنهما يطلبان بدم عثمان فليقيدا من أنفسهما، فإنهما أول من
ألب عليه وأغرى الناس بدمه، وأشهد الله لئن لم يدخلا فيما خرجا منه لنلحقنهما بعثمان