الصفحة 395
اسماعيل ابن الامام الصادق (عليه السلام).

ولكن التاريخ حدّث بخلاف ذلك تماماً، يقول النوبختي: (إنّ الاماميّة لا زالوا ثابتين على إمامة أبي عبدالله جعفر بن محمّد في أيّام حياته غير نفر يسير)(1).

واُولئك النفر الذين حسبهم الكاتب جميع الاماميّة قد اختلطت عليهم الحسابات، أمّا الاماميّة أمثال هشام بن سالم، وعبدالله بن أبي يعفور، وعمر بن يزيد السابري، ومحمّد بن النعمان أبي جعفر الاحول مؤمن الطاق، وعبيد بن زرارة، وجميل بن درّاج، وأبان بن تغلب، وهشام بن الحكم، وغيرهم من وجوه الشيعة وأهل العلم منهم والنظر والفقه ـ كما يقول النوبختي ـ قد ثبتوا على إمامة موسى بن جعفر، وحتّى اُولئك النفر اليسير الذين جعلهم الكاتب العمود الفقري لنظريّته، حتّى اُولئك بعدما تبيّن الحقّ وتوفي الامام الصادق (عليه السلام) وورث الكاظم الامامة واُبطلت الدعاوى التي اُثيرت عادوا إلى القول بإمامة موسى بن جعفر، كما صرّح بذلك النوبختي، واجتمعوا جميعاً على إمامة موسى بن جعفر(2).

وكما قلنا ـ نتيجة لخفاء المصداق ـ تعلّق بعض الشيعة بإسماعيل ابن الامام الصادق (عليه السلام)، بدون دليل عليه، سوى علاقة الوالد بولده، من قبيل تقبيل الامام لاسماعيل في حالة وفاته، وبعض الادعية مثل قول الامام: "سألت الله في إسماعيل أن يبقيه بعدي"(3).

وهذه دعوى لا تسقط من فم أي أب، فضلاً عن الامام الصادق، فهذا المدح والحب وَلَّد ـ مع غموض الشخص الخلف من بعد الصادق (عليه السلام) ـ عند البعض الذين لم يكونوا مقرّبين من الامام هذا التشويش، ولهذا قالوا: إنّ أباه أشار إليه بالامامة(4)، ولم

____________

(1) فرق الشيعة: ص 75.

(2) فرق الشيعة: ص 89.

(3) رجال الكشي: ترجمة عبدالله بن شريك، ص 217، رقم 391.

(4) فرق الشيعة: ص 79.


الصفحة 396
يقولوا نصّ عليه، وقد اعترف الكاتب أيضاً بعدم وجود نص عليه(1)، ورغم كلّ ذلك قاوم الامام الصادق (عليه السلام) هذه الشبهة عند البعض، فأنزل جثمان ابنه إسماعيل عدّة مرّات ودعا المشيّعين للنظر إلى وجهه والتأكّد من وفاته، وقد اعترف بذلك أحمد الكاتب نفسه(2).

وفعل الامام هذا تقريراً لهم بأنّ الامام من بعده ليس إسماعيل كما توهّموا، ولم يقف الامر عند هذا الحد، بل التفّ عليهم أبو الخطّاب الذي لعنه الامام الصادق(3)، وتحوّل الامر من إمامة إسماعيل إلى نبوّة أبي الخطّاب نفسه(4)، ثمّ ساد الهرج والمرج فيهم.

أمّا وجوه الشيعة، وأهل العلوم منهم ـ كما يقول النوبختي ـ والنظر والفقه ثبتوا على إمامة موسى بن جعفر بعد أبيه، حتّى رجع إلى مقالتهم عامّة من كان قال بإمامة عبدالله بن جعفر(5).

وكان ذلك نتيجة للمنهاج الذي وضعه الامام الصادق (عليه السلام) لاصحابه في التعرّف على مَنْ بعده، بحيث قسمهم إلى قسمين: قربوا من المدينة وبعدوا عنها، فأمّا اُولئك الذين في المدينة وهم من المقرّبين لن يجهلوا الامام بعد أبيه، على حدّ تعبير الامام، وأمّا اُولئك الذين بعدوا عن محلّ إقامة الامام، لعلّهم يجهلون الامام من بعد أبيه، فسأله محمّد بن مسلم في شأن اُولئك البعيدين من إقامة الامام إذا قدموا المدينة، ما هي مواصفات الامام؟ قال: يعطى السكينة والوقار والهيبة(6).

وهذه المواصفات تميّز الامام الكاظم (عليه السلام) عن غيره من ولد الصادق (عليه السلام)، لانّ الكشّي قال بحقّ عبدالله الافطح: (ظهر منه من الاشياء التي لا ينبغي أن تظهر من

____________

(1) أحمد الكاتب، تطوّر الفكر السياسي: ص 89.

(2) أحمد الكاتب، تطوّر الفكر السياسي: ص 87.

(3) معجم رجال الحديث: ج 14، ص 248

(4) فرق الشيعة: ص 81.

(5) فرق الشيعة: ص 89.

(6) الامامة والتبصرة من الحيرة: ص 88.


الصفحة 397
الامام)(1). ويقول المفيد: (كان متهماً بالخلاف على أبيه في الاعتقاد)(2).

فالسكينة والوقار والهيبة لم تكن مواصفات عبدالله الافطح، حتّى ييقول الكاتب: (أجمع فقهاء الشيعة ومشايخهم على إمامته)(3). فأين هذا الاجماع من قول النوبختي: (هشام بن سالم، وعبدالله بن أبي يعفور، وعمر بن يزيد السابري، ومحمّد بن النعمان أبي جعفر جعفر الاحول مؤمن الطاق، وعبيد بن زرارة، وجميل بن درّاج، وأبان بن تغلب، وهشام بن الحكم، وغيرهم من وجوه الشيعة وأهل العلم منهم والنظر والفقه، ثبتوا على إمامة موسى بن جعفر حتّى رجع إلى مقالتهم عامّة من كان قال بإمامة عبدالله بن جعفر، فاجتمعوا جميعاً على إمامة موسى بن جعفر)(4). فحدث تعارض بين قول النوبختي هذا، وقول أحمد الكاتب: (أجمع فقهاء الشيعة ومشايخهم على إمامة عبدالله)، وحل التعارض هذا لا يحتاج إلى كلام.

وبعد إفلاس الكاتب من كلّ ذلك، راح يتهم الصفّار والكليني والمفيد والكشي بالقول بأنّ أقطاب النظريّة الاماميّة كهشام بن سالم ومحمّد بن النعمان ذهبوا في البداية إلى إمامة عبدالله الافطح(5)، مع أنّ اُولئك الذين ذكرهم الكاتب لم يقولوا هذا، بل نقلوا رواية أنّ هؤلاء ذهبوا إلى عبدالله الافطح ليسألوه عن مسائل، ليبطلوا جلوسه مكان أبيه فسألوه فخرجوا منه ووردوا على موسى بن جعفر (عليه السلام) (6).

ثمّ راح الكاتب يتكلّم في (ص 89) بكلام يناقض كلامه المتقدّم في (ص 88)، أي بصفحة واحدة، فقال في (ص88): أجمع فقهاء الشيعة ومشايخهم على إمامة عبدالله الافطح. وفي (ص 89) قال: كاد أن يحظى بإجماع الشيعة.

____________

(1) رجال الكشي: ترجمة عمّار بن موسى الساباطي، ص 254، رقم 472.

(2) الارشاد: ج 2، ص 210.

(3) أحمد الكاتب، تطوّر الفكر السياسي: ص 88.

(4) فرق الشيعة: ص 89.

(5) أحمد الكاتب، تطوّر الفكر السياسي: ص 88.

(6) الكافي: ج 1، ص 412 ـ 413، ح 7.


الصفحة 398
فهذا التناقض والاضطراب ينم عن ضعف في دراسة الواقع دراسة متكاملة ثمّ إصدار حكم بحقّه.

إسماعيل في نظر الشيعة


لم تنظر الشيعة إلى إسماعيل بأنّه إمام من أئمّة أهل البيت (عليهم السلام)، كما يقول الشيخ المفيد:

(أنّه ليس أحد من أصحابنا يعترف بأنّ أبا عبدالله (عليه السلام) نصّ على ابنه إسماعيل، ولا رُوي ذلك في شاذ من الاخبار، ولا في معروف منها، وإنّما كان الناس في حياة إسماعيل يظنّون أنّ أبا عبدالله (عليه السلام) ينصّ عليه لانّه أكبر أولاده، وبما كانوا يرونه من تعظيمه، فلمّا مات إسماعيل رحمه الله زالت ظنونهم وعلموا أنّ الامامة في غيره).

وفتّش الشيخ عن وجود نص أو خبر على إمامة اسماعيل، ولم يجد، وقال: (لا يوجد أثر ولا خبر يعرفه أحد من نقلة الشيعة)(1).

فكان إسماعيل رجلاً محترماً، من أولاد الامام، ومن البيت العلوي، ولهذا كانت وفاته أمراً عاديّاً عند أصحاب الامام جعفر بن محمّد، لانّه سُئل عن إمامة إسماعيل فنفاها في حياته أكثر من مرّة(2).

ولكن بعض المتصيّدين بالماء العكر، أراد أن يدخل إلى السور الذي ضربه أئمّة أهل البيت (عليهم السلام) على الامامة من هذا الطريق، والبعض الاخر استعاروا مغفّلين مدح الامام الصادق (عليه السلام) لولده كدليل على الامامة، مع أنّ الامام الصادق (عليه السلام) نفى إمامة إسماعيل أكثر من مرّة(3).

وأكثر من ذلك عندما توفي إسماعيل كشف الامام عن وجهه حتّى لا يدّعوا حياته، وراح يقبّله مراراً وتكراراً.

____________

(1) الفصول المختارة: ج 2، ص 308 ـ 309.

(2) هامش فرق الشيعة: ص 75، رقم 1.

(3) المصدر السابق.


الصفحة 399
ووجد الكاتب ضالّته في موقف هؤلاء من دون أن ينقل أي نص لهم على إمامة إسماعيل، بل أطلق عبارة اعلاميّة قال فيها: (سببت وفاة إسماعيل هزّة في الفكر الامامي)(1).

ولو سألنا النوبختي عن هذه الهزّة لقال: (إنّ القائلين بإمامة جعفر بن محمّد لم يزالوا ثابتين على إمامته أيّام حياته غير نفر يسير)(2).

فهذه الهزّة المدّعاة لم يصدّق بها ولا نقلها أي شخص سوى الكاتب، وقد نسجها من خياله وقدّمها للقارئ لكي يشوّش الحقيقة ويضيّعها.

الامامة الالهيّة


لفظ الامام من الالفاظ القرآنيّة التي وردت في القرآن الكريم، ونسبها إلى بعض أنبياء الله تعالى بقوله: (وَإِذْ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمات فَأَتَمَهُنَّ قَالَ إِنِّى جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِى قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِى الظَّالِمِينَ)(3).

فالامامة مفهوم قرآني اُعطي لابراهيم (عليه السلام)، وتساءل نبي الله إبراهيم (عليه السلام) عن مواصفات مَن يشغل هذا المنصب، فأجابه تعالى (لاَ يَنَالُ عَهْدِىَ الظَّالِمِينَ)، فاُطلقت كلمة الظالمين هنا ولم تحدّد، فشملت كل أنواع الظلم للنفس وللغير، فتدل الاية على عصمة ذلك الشخص الذي يحمل هذا المفهوم(4).

وثبت ذلك المفهوم لامير المؤمنين (عليه السلام) بنص القرآن الكريم: (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ)(5)، واُتّفق أنّها نزلت في علي (عليه السلام)، والمراد من كلمة (وَلِيُّكُمُ) من كان متحققاً بتدبيركم، والقيام

____________

(1) أحمد الكاتب، تطوّر الفكر السياسي: ص 106.

(2) فرق الشيعة: ص 75.

(3) البقرة: 124.

(4) تفسير الرازي: ج 4، ص 31 ـ 42.

(5) المائدة: آية 55.


الصفحة 400
باُموركم، وثبت أنّ المعني بـ (الَّذِينَ آمَنُوا) أمير المؤمنين، وفي ثبوت هذين الوصفين ـ كما يقول الشيخ الطوسي ـ دلالة على كونه إماماً لنا(1).

وكذلك ثبتت إمامته (عليه السلام) بنصوص رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من قبيل: "من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهمّ والِ من والاه وعادِ من عاداه"(2)، "إنّ عليّاً منّي وأنا منه وهو وليكم بعدي"(3)، "أنت ولي كلّ مؤمن بعدي ومؤمنة"(4)، "إنّ هذا أخي ووصيي وخليفتي فيكم، فاسمعوا له وأطيعوا"(5)، إلى غير ذلك من العشرات، بل المئات من الاحاديث النبويّة الشريفة التي توّجت أمير المؤمنين (عليه السلام) إماماً للمسلمين، وخليفة لرسول ربّ العالمين، ونقلتها كتب الخاصّة والعامّة على السواء.

وأمّا سريان هذه الامامة في ولد أمير المؤمنين علي (عليه السلام) فجاء أيضاً على لسان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ونقلته كتب الشيعة والمنصفين من السنّة.

فلقد خاطب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الحسين (عليه السلام) بقوله: "أنت سيّد ابن سيّد أخو سيّد، أنت إمام ابن إمام أخو إمام، أنت حجّة ابن حجّة أخو حجّة، وأنت أبو حجج تسعة، تاسعهم قائمهم"(6).

وكذلك قول سيد البشر: "إنّ الله اختار من صلبك يا حسين تسعة أئمّة، تاسعهم خاتمهم وكلّهم في الفضل والمنزلة عند الله سواء"(7).

وصرّح أئمّة أهل البيت بهذه الحقيقة، يقول السجّاد (عليه السلام): "فينا نزلت (وَجَعَلَهَا كَلِمَةً

____________

(1) تلخيص الشافي: ج 2، ص 10.

(2) مسند أحمد: ج 1، ح 642 و672 و953 و964; سنن النسائي: كتاب الخصائص، ح 8542; البداية والنهاية: ج 5، ص 229 ـ 232.

(3) مسند أحمد: ج 4، ح 19426; سنن الترمذي: ج 5، ح 3712; مصنف بن أبي شيبة، فضائل علي: ج 7، ص 504، رقم 58.

(4) المستدرك على الصحيحين: ج 3، ص 143 ـ 144، ح 4652.

(5) تاريخ الطبري: ج2، ص63; الكامل في التاريخ: ج2، ص62 ـ 64; السيرة الحلبيّة: ج1، ص461.

(6) ينابيع المودّة: ج 3، ص 394، باب 94، ح 44; مقتل الحسين للخوارزمي: ص 212 ـ 213، ح 7.

(7) ينابيع المودّة: ج 3، ص 395، باب 94.


الصفحة 401
بَاقِيَةً فِى عَقِبِه)، والامامة في عقب الحسين بن علي بن أبي طالب إلى يوم القيامة"(1).

وكذلك قال أبو جعفر (عليه السلام): "يكون تسعة أئمّة بعد الحسين بن علي، تاسعهم قائمهم"(2). وروى الكافي هذا الحديث بسند صحيح جدّاً.

إذن، الامامة لعلي بنص القرآن، ولولده بنص رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).

ولم ينقل الكاتب هذه النصوص للقارئ ليطّلع على حقيقة الامر، واكتفى بالاشارات إلى ذلك من دون تعليق(3).

الامامة في مواجهة الظروف الموضوعيّة


حملت الامامة امتيازات خاصّة حصلت عليها من إشارات القرآن، وتأكيدات رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ومن هذه الامتيازات قول خزيمة بن ثابت: إنّي سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: "أهل بيتي يفرقون بين الحق والباطل، وهم الائمّة الذين يُقتدى بهم"(4)، وقال أبو ذر: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: "الامر لعليٍّ بعدي، ثمّ للحسن والحسين، ثمّ في أهل بيتي من ولد الحسين"(5). ونتيجة لذلك هنّأ عمر بن الخطّاب علي بن أبي طالب بقوله: (بخٍّ بخٍّ لك يابن أبي طالب أصبحت مولاي ومولى كلّ مؤمن ومؤمنة) عندما قلّد الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) علي بن أبي طالب (عليه السلام) وسام الولاية.

وبقيت هذه الفكرة في أذهان الصحابة والمؤمنين، ولكن وبعد أن اُقصي من يمثّلها بالقوّة نتيجة: (كره العرب أن تجتمع النبوّة والخلافة في بيت واحد) على حدّ تعبير عمر بن الخطّاب(6)، ظلّت هذه الفكرة عرضة لقراصنة السياسة من الامويين

____________

(1) كمال الدين: ص 303، ح 8.

(2) الكافي: ج 1، ص 599، باب 126، ح 15.

(3) أحمد الكاتب، تطوّر الفكر السياسي: ص 58.

(4) الاحتجاج: ج 1، ص 197.

(5) الخصال: ج 2، ص 544، باب الاثني عشر، ح 5.

(6) الكامل لابن الاثير: ج 3، ص 63، سيرة عمر سنة 23; تاريخ الطبري: ج 3، ص 289.


الصفحة 402
والعبّاسيين وغيرهم، ليحصلوا على امتيازاتها، واستمرّ أئمّة أهل البيت (عليهم السلام) رغم الاقصاء المتعمد يدافعون عن هذا المنصب مستغلّين ظروف الدولة.

فالامامة كانت ولا زالت واضحة في الفكر الاسلامي، ولكن مصداقها تارة يدافع ويعلن نفسه، واُخرى يكتم ذلك; للظروف التي تحيط به، فعلي (عليه السلام) أعلن نفسه للاُمّة، واستنكر على اُولئك المتربّصين بهذا المنصب عملهم، وقال: "أوَمنهم من ينكر حقّنا"، وراح يعاتب الاُمّة على ما فعلوه بقوله: "فياعجبي! ومالي لا أعجب من خطأ هذه الفرقة على اختلاف حجمها في دينها، لا يقتصّون أثر نبي، ولا يقتدون بعمل وصي"(1).

وصرّح أمير المؤمنين (عليه السلام) بالخلافة بقوله: "ولا تصلح الامامة والخلافة إلاّ فينا"(2)، وراح يناشد البدريين بحقّه، كما حدّث بذلك أحمد بن حنبل والنسائي والترمذي وابن ماجة وابن كثير(3)، واستمرّ أمير المؤمنين (عليه السلام) بالمطالبة العلنيّة، ولكن أحكمت الدولة قبضتها على الاُمّة، ولم تنفع الاحتجاجات آنذاك.

فجاء من بعده ولده الحسن، وطالب بمنصب أبيه أيضاً، وخاطب الناس بكون علي خاتم الاوصياء، ثمّ راح (عليه السلام) يطالبهم بمميّزات هذا المنصب وهي الطاعة له، فقال لهم: "ألا تعلمون أنني إمامكم مفترض الطاعة عليكم"(4)، وناشد عدي بن حاتم الاُمّة بهذا النمط من الخطاب بقوله: (ألا تجيبون إمامكم وابن بنت نبيّكم)(5).

وجاء الحسين بن علي ليطالب الاُمّة علناً بحفظ الحقوق، فناشدها بحديث الغدير الذي أثبت الخلافة لعلي وأولاده من بعده(6)، وانتفض على الوضع القائم بثورة دوت

____________

(1) نهج البلاغة: ص 143، الخطبة 88.

(2) الاحتجاج: ج 1، ص 353.

(3) مسند أحمد: ج 1، ح 642 و672 و953; سنن النسائي: رقم 8542; سنن الترمذي: ج 5، ح 3713; سنن ابن ماجه: ج 1، ح 116 و121.

(4) كمال الدين: ص 296 ـ 297، باب 29، ح 2.

(5) شرح نهج البلاغة: ج 16، باب 31، ص 38.

(6) كتاب سليم: ج 2، ص 791، ح 26.


الصفحة 403
في ربوع المناطق الاسلاميّة، دوّت بشعاراتها التي حملتها زينب ووصيّه علي بن الحسين (عليهما السلام)، ولكن وبعد أن استقرّ الامر ليزيد مدّة من الزمن، ادّعى كما ادّعى أبيه من قبل، بأنّه خليفة الله، وراح يحارب مصاديق الامامة الالهيّة التي طرحها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، ولكن شيئاً فشيئاً صار المصداق مكتوماً، وصارت الامامة كما يقول الحسين ابن عبدالوهاب: (صارت الامامة في عصر الامام مكتومة مستورة إلاّ من اتبعه من المؤمنين)(1).

وهكذا راح الائمّة (عليهم السلام) من ولد علي (عليه السلام) ينظرون إلى الموقف، وإلى الظروف التي تحيط بهم.

وبدأ الطغاة يبثّون العيون، وخصوصاً أبا جعفر المنصور، كما يقول الكليني، فلقد بثّ جواسيسه في المدينة ينظرون إلى من تتفق شيعة جعفر عليه فيضربون عنقه(2)، ولام هشام بن سالم نفسه عندما كلّم رجلاً من بني مخزوم بالامامة وظلّ خائفاً للاجواء المحيطة بالامام الصادق(3).

وتسابق كلّ من الامويين والعباسيين بهذه السياسات الارهابيّة للحصول على هذا المنصب، فراح العبّاسيّون يعدّون سلسلة الوصاية بحيث جعلوا جذرها يرتوي من علي بن أبي طالب (عليهما السلام)، ولكن عندما علموا أنّ أولاد علي الحسن والحسين وأولادهم أحقّ منهم بالمطالبة، عدّلوا هذا البند، وجعلوا الجذر يرتوي من العبّاس مباشرة، والظروف هي التي كانت تحدّد موقف الامام، فتارة يعلن إمامته ويدافع عنها واُخرى يكتم أمره ويأمر أصحابه بعدم إذاعة السرّ; لضعف الناصر، وقلّة العدد.

هذه هي الظروف التي عاشتها الامامة، ولابدّ أن تؤخذ في الحساب عندما تبحث هذه المسألة، وكلّ من حاول أن يحدّد موقف الامام بدون هذا الواقع وبدون تلك المقدّمات تصبح دراسته ناقصة غير موصلة إلى نتيجة سليمة، وبهذا وقع أحمد

____________

(1) عيون المعجزات: ص 67.

(2) الكافي: ج 1، ص 412، باب 7.

(3) معجم رجال الحديث: ج 19، ص 298.


الصفحة 404
الكاتب عندما رأى أنّ بعض الائمّة أمروا أصحابهم بعدم إذاعة السر، وبعضهم عمل على خلاف ذلك، راح يشكّك بنظريّة الامامة الالهيّة، ناسياً أنّ فكرة الامامة لم تختفِ من الفكر الاسلامي قط، والذي حصل أنّ هذا الامام أو ذاك أخفى نفسه خوفاً على الموقع الذي يشغله في الاسلام، وعندما علم الكاتب أنّ القارئ ليس غافلاً عن هذه الظروف راح يبحث عن زاوية اُخرى، وهي البيت العلوي وشخصيّاته الذين نقل التاريخ عن مواقفهم ببعض الروايات التي اُسيء فهمها، وجعلها ضربة جديدة لنظريّة الامامة، والشخصيّة المقصودة هي شخصيّة زيد بن علي بن الحسين (عليه السلام)، وما دار من حوار بين زيد وبين مؤمن الطاق، فقال الكاتب: (إنّ زيداً قد فوجئ بالامامة، واستغرب أن يكون الامام السجّاد والد زيد قد أخبر مؤمن الطاق ولم يخبره)(1)، ولكن الكاتب تناسى قول زيد في الامامة: وما نقله حول إمامة الاثني عشر لولده يحيى، وعندما سأله ولده هل أنت منهم، قال: (لا، ولكني من العترة)، ولهذا ترحّم عليه الصادق (عليه السلام)، وأخبر أصحابه أنّ زيداً "كان مؤمناً وكان عارفاً، وكان عالماً، وكان صدوقاً، أمَا إنّه لو ظفر لوفى"(2)، فهذه الصفات والالقاب التي حازها زيد من الامام الصادق (عليه السلام) تنم عن وفاء زيد ودرايته بالامر، والسرّ الذي أدّى بالكاتب وغيره من المؤلّفين إلى القول الخاطئ بحقّ زيد هو ذلك الحوار الذي دار بين زيد (عليه السلام) وبين مؤمن الطاق، فلقد كان حواراً تلفّه السريّة التامّة في مسألة الامامة، ولم يتوصّل مؤمن الطاق إلى القصد الحقيقي لزيد، ولاجل أن يقف القارئ على حقيقة الامر ننقل ذلك الحوار بالكامل، وللثمرات الجمّة التي تحتويها هذه المقابلة.

تقول الرواية: (إنّ زيداً بعث إلى مؤمن الطاق ـ وهو الذي يتكلّم ـ فقال لي: يا أبا جعفر، ما تقول إن طرقك طارق منّا، أتخرج معه؟ قال: فقلت له: إن كان أباك أو أخاك خرجت معه. قال: فقال لي: فأنا اُريد أن أخرج اُجاهد هؤلاء القوم فاخرج معي. قال: قلت: لا، ما أفعل جعلت فداك. قال: فقال لي: أترغب بنفسك عنّي؟ قال:

____________

(1) أحمد الكاتب، تطوّر الفكر السياسي: ص 75.

(2) معجم رجال الحديث: ج 7، ص 347.


الصفحة 405
قلت له: إنّما هي نفسٌ واحدة، فإن كان لله في الارض حجّة فالمتخلّف عنك ناج والخارج معك هالك وإن لا تكن لله في الارض حجّة فالمتخلّف عنك والخارج معك سواء. قال: فقال لي: يا أبا جعفر، كنت أجلس مع أبي على الخوان فيلقمني البضعة السمينة ويبرد لي اللقمة الحارة حتّى تبرد شفقةً عليَّ، ولم يشفق عليَّ من حرّ النار، إذ أخبرك بالدين ولم يخبرني به؟ فقلت له: جعلت فداك من شفقته عليك من حرّ النار لم يخبرك، خاف عليك أن لا تقبله فتدخل النار، وأخبرني أنا، فإن قبلت نجوت، وإن لم أقبل لم يبالِ أن أدخل النار..... فقال زيد: أما والله، لئن قلت ذلك لقد حدّثني صاحبك ـ الامام الصادق (عليه السلام) ـ بالمدينة أنّي اُقتل واُصلب بالكناسة، وأنّ عنده لصحيفة فيها قتلي وصلبي)(1).

وحملت هذه الرواية ثمرات عديدة:

الثمرة الاُولى: اعتراف صريح وواضح بأنّ الفكر الامامي قائم على مسألة الامامة الالهيّة، وهذا الاعتراف في زمن الامام الصادق (عليه السلام)، وعلم الصادق (عليه السلام) بذلك وعدم ردعه يفنّد قول الكاتب بأنّ الامامة فكرة حادثة.

الثمرة الثانية: قول زيد بن علي: (لقد حدَّثني صاحبك بالمدينة أنّي اُقتل واُصلب بالكناسة، وأنّ عنده صحيفة فيها قتلي وصلبي)، وهو اعتراف من زيد (عليه السلام) بإخبار الصادق له عن المغيّبات، وبنفس هذا الاخبار نكتشف أنّ لزيد مكانة عند الصادق (عليه السلام)، وإلاّ لما أخبره بهذا الخبر خوفاً من أن ينتشر ويُقتل زيد غير هذه القتلة التي أخبر بها الصادق، فيكذّبوا الصادق (عليه السلام) عندها ويسقطوه من أعين الناس.

الثمرة الثالثة: عدم إحاطة مؤمن الطاق بمقولة زيد (كنت أجلس مع أبي على الخوان فيلقمني البضعة السمينة...)، فهذا استنكار واضح من قبل زيد بن علي على مؤمن الطاق، بأنّه كيف أنّ السجّاد لا يخبرني بالامامة ويخبره، كلاّ بل أخبرني أي بالامامة وأنا خارج اُجاهد هؤلاء بأمر إمامي الذي أخبرني حتّى بقتلي وصلبي، ولم يخبرني بالامامة؟ أي أخبرني حتّى في الجزئيّات، فكيف لا يخبرني بالكليّات، وهذا ما

____________

(1) معجم رجال الحديث: ج 7، ص 347.


الصفحة 406
ذهب إليه السيّد الخوئي(1).

مع أنّ زيداً نفسه قال: (الائمّة اثنا عشر...)، وإنّ (جعفر إمامنا في الحلال والحرام)(2).

وعندما اُغلقت كلّ النوافذ أمامه راح يتشبّث بعلم الغيب لكي يخرجه من مأزقه، وعندما بحث ولم يجد رواية واحدة صريحة ينفي فيها أحد الائمّة علم الغيب عن نفسه، لجأ إلى تزوير الاحاديث، فقال: (وكانت النظريّة الاماميّة في البداية تقوم على موضوع علم الائمّة بالغيب كطريق لاثبات ارتباط الامام بالله، ولكنّ الامام الصادق كان دائماً ينفي علمه بالغيب ويقول بصراحة: "يا عجباً لاقوام يزعمون أنّ نعلم الغيب")(3).

وحاول الكاتب النفوذ إلى نظريّة الامامة من هذا الطريق، مستدلاًّ بحديث يدلّ بظاهره على نفي الامام العلم بالغيب، وهذا الحديث جاء عن الصادق (عليه السلام) قائلاً: "وياعجباً لاقوام يزعمون أنّ نعلم الغيب"(4).

ولم يترك الامام الصادق (عليه السلام) الفرصة لاحمد الكاتب وغيره كي يستغلّ هذا الحديث، فذكر الصادق (عليه السلام) في ذيل هذا الحديث مباشرة، وبعدما قام من مجلسه، ذكر لاصحابه بعدما سألوه: لماذا هذا القول؟ قال لهم: إنّ لديه علم الكتاب كلّه، وأنّ الذي جاء بعرش بلقيس إلى سليمان علمه علم من الكتاب، وإن نسبة علم هذا إلى علم الامام كقدر قطرة من المطر في البحر الاخضر(5).

ولكن ـ وللاسف ـ قطع أحمد الكاتب هذا القسم من الحديث، ونقل صدر الحديث الذي نطق به الامام في مجلس عام، فالكاتب لم يدرس أجواء الرواية والحديث، بل أخذ المقطع الذي ينفعه من دون رويّة ودراسة، بالاضافة إلى أنّه غير أمين في

____________

(1) معجم رجال الحديث: ج 7، ص 355.

(2) معجم رجال الحديث: ج 7، ص 347.

(3) أحمد الكاتب، تطوّر الفكر السياسي: ص 77.

(4) أحمد الكاتب، تطوّر الفكر السياسي: ص 77.

(5) بصائر الدرجات: ص 230 ـ 231، ح 5.


الصفحة 407
نقله للاحاديث.

ثمّ يقول الكاتب: (إنّ الامام الصادق كان دائماً ينفي علمه بالغيب)(1).

فلو تفضّل علينا الكاتب ونقل لنا رواية واحدة خالصة تدلّ على أنّ الامام نفى عنه علم الغيب الذي أعطاه الله لنبيّه، وعلّمه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى أوصيائه، وبما أنّه لم يجد ذلك استشهد بالرواية أعلاه التي يلف صدرها جو التقيّة، وأمّا ذيلها بعدما انفضّ المجلس ـ كما تقول الرواية ـ ففيه تصريح الامام لاصحابه بمقدار علمه.

ثمّ راح أحمد الكاتب يستدلّ برواية تقول: إنّ الامام أخبر أصحابه بأنّ عليهم عيناً، ولم يرَ اُولئك الاصحاب ذلك العين، فقال الكاتب معقباً على الرواية بأنّها تحمل التناقض في نفسها، لانّ الامام يخبرهم عن العين وأصحابه لم يشاهدوه، وراح يشنّع على الشيعة بذلك، ونسي الكاتب أنّ الرواية ضعيفة بإبراهيم بن إسحاق الاحمر الذي يقول النجاشي بحقّه: (ضعيفاً في حديثه مموهاً)(2)، وكذلك قال الطوسي: (ضعيفاً في حديثه، متهماً في دينه)(3).

ونحن هنا نريد أن ننبّه الكاتب على أنّ الباحث عليه أن يطمئن للروايات التي يستدلّ بها، وليس من قصدنا تضعيف الرواية، لانّه على فرض صحّة الرواية، فإنّه لا يوجد فيها أي تناقض، لانّ إخبار الامام بأنّ عليهم عيناً لا يستلزم معرفتهم به، أضف إلى ذلك أنّها معارضة بجم غفير من الروايات التي حفلت بها كتب الشيعة، والتي تصرّح بأنّ الائمّة لهم علم خاص ورثوه من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، كما صرّح بذلك الامام الصادق (عليه السلام) (4).

ثمّ شنّ الكاتب هجومه الجديد على الشيعة حول مسألة التقيّة، وجعلها ظاهرة

____________

(1) أحمد الكاتب، تطوّر الفكر السياسي: ص 77.

(2) رجال النجاشي: ص 19، رقم 21.

(3) معجم رجال الحديث: ج 1، ص 204 ـ 206/ 102.

(4) بصائر الدرجات: ص 129.


الصفحة 408
حديثة في الاسلام أطلقها الاماميّة(1). وسنلاحظ ذلك في بحث مستقلّ إن شاء الله تعالى.

الوكالة منهج الائمّة للاتصال بشيعتهم


اعتمد أئمّة أهل البيت منهجاً في الاتصال بالشيعة في مختلف بقاع الارض، وهو منهج الوكالة، أو ما يسمّى اليوم بالسفارة، وهذا المنهج ليس هو بالجديد المبتكر، فهو وسيلة الاتصال القديمة والحاضرة لكلّ دولة برعاياها البعيدين عنها، يقول أحمد بن إسحاق: قلت للامام الهادي: يا سيّدي أنا أغيب وأشهد، ولا يتهيّأ لي الوصول إليك إذا شهدت في كلّ وقت، فقول من نقبل وأمر من نمتثل؟

فأجابه الامام: "هذا أبو عمرو الثقة الامين، ما قاله لكم فعنّي يقول، وما أدّاه إليكم فعنّي يؤدّي"(2).

وأبوعمرو هذا هو عثمان بن سعيدالعمري، وهو وكيل الامام الهادي والعسكري (عليهما السلام)والمهدي (عج)، والذي يقول السيّد الخوئي بحقّه: (و الروايات في مدحه وجلالته متظافرة)(3). وأمّا الكاتب فيقول بحقّ تلك الروايات: (ضعيفة سنداً ومتناً)(4).

فهو والسيّد الخوئي في وثاقة العمري على طرفي نقيض، واتهم العمري باستصحاب الوكالة، بينما نجد الشيعة عندما يتوفّى الامام السابق، يسألون اللاحق عن وضع الوكلاء، فبالرغم من التوثيق الذي أصدره الهادي بحقّ أبي عمرو عثمان بن سعيد العمري، جاء السائل إلى العسكري مباشرة يسأله بهذا السؤال، وهو عمّن نأخذ وممن نقبل؟ فأجابه العسكري (عليه السلام) بنفس جواب الهادي (عليه السلام):

"هذا أبو عمرو الثقة الامين، ثقة الماضي وثقتي في المحيا والممات، فما قاله لكم فعنّي

____________

(1) أحمد الكاتب، تطوّر الفكر السياسي: ص 78.

(2) الغيبة للطوسي: ص 215.

(3) معجم رجال الحديث: ج 11، ص 112، رقم 7591.

(4) أحمد الكاتب، تطوّر الفكر السياسي: ص 226 ـ 227.


الصفحة 409
يقول، وما أدّاه إليكم فعنّي يؤدّي"(1).

ولهذا كان عبدالله بن جعفر والشيعة يسألون العمري بحقّ التوثيقين الصادرين من الهادي والعسكري أن يخبرهم بخبر الامام الحجّة(2).

فتجاهل الكاتب كل تلك الاستفسارات والتأكيدات من قبل الشيعة على الوكيل، وصيّر هذا المنصب للمستصحبين، كلّ من يستصحب الوكالة السابقة فهي له، متناسياً متابعات الشيعة الدقيقة حتّى للخطّ الصادر من الامام، ومقارنته بالخطوط القديمة، خوفاً من التزوير والتلاعب، ولهذا يقول أحدهم:

(كانت تخرج من عثمان وابنه محمّد توقيعات بالخطّ الذي كان يخرج في حياة الحسن العسكري)(3).

كلّ ذلك تجاهله الكاتب، ورمى الشيعة بأنّهم يتعلّقون بالوكلاء لانّهم يخبرونهم عن الغيب، بينما نجد الكثير من التوقيعات تتعلّق بمسائل شرعيّة وعقائديّة وما إلى ذلك.

ولم يكتفِ بذلك، بل نفى ومن دون مناقشة أي نص حول وكالة محمّد بن عثمان بن سعيد العمري(4).

بينما نجد العسكري (عليه السلام) يقول: "إنّ عثمان بن سعيد العمري وكيلي، وإنّ ابنه محمّد وكيل ابني مهديّكم"(5).

بالاضافة إلى قول الامام المهدي (عج): "محمّد بن عثمان العمري فإنّه ثقتي وكتابه كتابي"(6).

____________

(1) الغيبة للطوسي: ص 215.

(2) الغيبة للطوسي: ص 215.

(3) الغيبة للطوسي: ص 216.

(4) أحمد الكاتب، تطوّر الفكر السياسي: ص 227.

(5) الغيبة للطوسي: ص 216.

(6) كمال الدين: ص 440، باب التوقيعات.