ثالثًا: خَبَر (ما رُفِع حَجَر إلا ووُجِد تحته دم)
روى الطبرانِي عن الزهري قال: (قال لِي عبد الملك بن مروان: أي واحد أنت إن أخبرتني أي علامة كانت يوم قتل الحسين بن علي؟ قال: قلت: لَم ترفَع حصاة ببيت المقدس إلا وُجِد تحتها دم عبيط..) (1).
وعلَّق عليه الهيثمي بقوله: (رواه الطبَرانِي ورجاله ثقات) (2).
وعن معمر أنه قال: (أوَّل ما عُرِف الزهري أنه تكلَّم في مجلس الوليد ـ أي الوليد بن عبد الملك ـ، فقال الوليد: أيكم يعلم ما فعَلَت أحجار بيت المقدس يوم قتل الحسين؟ فقال الزهري: بلغنِي أنه لَم يُقلَب حَجَر إلا وُجِد تحته دم عبيط) (3).
وجاء في كتاب " المعجم الكبير " عن ابن شهاب أنه قال: (ما رُفِع
____________
(1) الطبراني: المعجم الكبير ـ ج3 ص119.
(2) الهيثمي: مجمع الزوائد ومنبع الفوائد ـ ج9 ص199.
(3) الذهبي: سير أعلام النبلاء ـ ج3 ص314.
قال الهيثمي: (رواه الطبَرانِي ورجاله رجال الصحيح) (2).
رابعًا: خَبَر (أنهم ذبحوا جزورًا فصار كله دمًا)
روى الطبَرانِي في معجمه عن دويد الجعفي عن أبيه قال: (لَمَّا قتِل الحسين رضي الله عنه انتهبت جزور من عسكره، فلمَّا طبخت إذا هي دم..) (3).
ورواه أيضًا الهيثمي وقال: (رواه الطبَرانِي ورجاله ثقات) (4).
أقول: هذه هي الروايات التي دوَّنَها علماء أهل السنة في مصنفاتِهم وصحَّحوها، كلها تصرِّح بحدوث الكرامات يوم قتل الحسين عليه السلام، فهل يتراجع الشيخ عثمان الخميس عن قوله بأنها (كلها من أكاذيب وترهات الشيعة وليس لَها سند صحيح ولا حتى ضعيف)؟!
والجدير بالذِّكر أن الشيخ عثمان الخميس اعترف بِحُسن سَند حديث " أن الجِن ناحت على الحسين لَمَّا قتِل " (5)، وحديث " أن جبريل أخبَر
____________
(1) الطبراني: المعجم الكبير ـ ج3 ص113.
(2) الهيثمي: مجمع الزوائد ومنبع الفوائد ـ ج9 ص199.
(3) الطبراني: المعجم الكبير ـ ج3 ص121.
(4) الهيثمي: مجمع الزوائد ومنبع الفوائد ـ ج9 ص199.
(5) انظر عثمان الخميس: حقبة من التاريخ ـ ص114.
____________
(1) انظر نفس المصدر: ص114.
(2) انظر نفس المصدر: ص115.
(3) انظر نفس المصدر: ص116.
(4) انظر نفس المصدر: ص115.
الادعاء السابع
أن خروج الحسين عليه السلام لم تكن فيه
مصلحة دين ولا دنيا بل أدى إلـى الفساد
يقول الشيخ عثمان الخميس: (لَم يكن في خروج الحسين رضي الله عنه لا مصلحة دين ولا مصلحة دنيا، ولذلك نهاه أكابر الصحابة في ذلك الوقت.. وكان في خروجه وقتله مِن الفساد ما لَم يكن يحصل لو قعد في بلده. ولكن أمر الله تبارك وتعالى، ما قدَّر الله تبارك وتعالى كان ولو لَم يشأ الناس) (1).
أقول: إن لَم يكن هذا منطق النواصب فأي منطق يكون؟!
قد بلغت الوقاحة والصلافة والدناءة والحقارة بعثمان الخميس إلى درجة أنه اعتبَر ريحانة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وسيد شباب أهل الجنة مُخطئًا في خروجه، وأن ثورته أدَّت إلى مفاسد ولَم تشتمل على مصلحة دينية ولا دنيوية، بل كان الأفضل للحسين عليه السلام ـ في نظر عثمان الخميس ـ أن يبقى في بلده ويقعد في بيته ولا يخرج على يزيد بن معاوية لكي لا يُسبِّب فسادًا.
وليس هذا بغريب على عثمان الخميس، وهو الذي أفرَد في كتابه بابًا
____________
(1) نفس المصدر: ص116.
وليت الشيخ عثمان الخميس اقتدى بالحُر بن يزيد رضي الله عنه، وبِموقفه العظيم في كربلاء، وذلك عندما علم بأن الحق مع الحسين عليه السلام، وأن دخول الجنة لا يكون إلا بنصرته، فانضم إلى معسكره، وعندما سأله الأعداء عن السبب قال: (والله إنِي أخيِّر نفسي بين الجنة والنار، ووالله لا أختار على الجنة غيرها ولو قطِّعت وحُرِّقت) (3).
لكن الشيخ عثمان الخميس أبَت له نفسه إلا اختيار النار، فانضم إلى معسكر يزيد بن معاوية، وقال بأن الحق معه، وأنه أمير المؤمنين.
أما ادعاء الشيخ عثمان الخميس عدم وجود المصلحة في خروج الحسين عليه السلام وأن خروجه أدى إلى الفساد، فإنه باطل لأمور:
أوَّلاً: أنه قد تقدَّم ثبوت الروايات التِي تؤكِّد إخبار النبِي صلى الله عليه
____________
(1) نفس المصدر: ص103.
(2) الذهبي: سير أعلام النبلاء ـ ج4 ص40. وانظر ابن حجر العسقلاني: تهذيب التهذيب ـ ج6 ص 228. وأيضًا السيوطي: تاريخ الخلفاء ـ ص166.
(3) ابن كثير: البداية والنهاية ـ ج8 ص144. وانظر ابن الأثير: الكامل في التاريخ ـ ج3 ص421.
وأيضًا الطبري: تاريخ الأمم والملوك ـ ج3 ص320. وأيضًا عثمان الخميس: حقبة من التاريخ ـ ص111.
ثانيًا: لو لَم يكن في خروج الحسين عليه السلام مصلحة وكان فيه مفسدة، فلماذا كل هذا الاهتمام الإلَهي بقضية الحسين عليه السلام؟ ولِماذا أمطرت السماء دمًا، وظهر الدم تحت الأحجار، وتلطَّخت الجدران بالدم؟ وهل أنَّ الله تعالى يعتنِي بشخص سبَّب خروجه فسادًا ولَم يشتمل على مصالِح؟
ثالثًا: إن جميع علماء أهل السنة ـ ما عدا عثمان الخميس ومشايخه وأتباعه ـ اتفقوا على ثبوت المصلحة في خروج الحسين عليه السلام على يزيد بن معاوية، قال ابن العماد الحنبلي: (والعلماء مُجمعون على تصويب قتال علي لِمخالفيه لأنه الإمام الحق، ونُقِل الاتفاق أيضًا على تحسين خروج الحسين على يزيد..) (1).
____________
(1) ابن العماد: شذرات الذهب في أخبار من ذهب ـ ج1 ص122.
والغريب ما يقوله الشيخ عثمان الخميس من أن خروج الحسين عليه السلام هو (أمر الله تبارك وتعالَى، ما قدَّر الله تبارك وتعالَى كان ولو لَم يشأ الناس) (2).
فلو كان خروج الحسين عليه السلام بأمر من الله تعالى وبتقدير منه سبحانه، فإن الحال لا يَخلو من أحد أمرين لا ثالث لَهما:
إما أن يكون الحسين عليه السلام مَجبورًا على الخروج، أي أن الله تعالى أجبَره على ذلك، فلا يصح أن يقول الشيخ عثمان الخميس: (وكان في خروجه وقتله من الفساد ما لَم يكن يحصل لو قعد في بلده)، لأن
____________
(1) الشوكاني: نيل الأوطار من أحاديث سيد الأخيار ـ ج7 ص176.
(2) عثمان الخميس: حقبة من التاريخ ـ ص116.
وإما أن يكون عليه السلام مُخيَّرًا في خروجه ـ وهو الصحيح ـ، وبِهذا يكون عليه السلام قد أطاع أمر الله ونفَّذه، ولا شك أن أوامر الله كلها لا فساد فيها، بل لا يوجد أمر من أوامره سبحانه إلا وبه مصلحة، ولِهذا يكون خروج الحسين عليه السلام منَزَّهًا عن القبح والمفسدة ومشتملاً على الحُسن والمصلحة.
وإذا أراد الشيخ عثمان الخميس أن يفهم أهداف الثورة الحسينية المقدسة وأبعاد نهضة الإمام الحسين عليه السلام، ويأخذ درسًا في فلسفة واقعة الطف وأسبابِها ونتائجها، فعليه أن يرجع إلى ما ذكرناه في " الأمر الثالث " من هذا الكتاب، فإن فيه الكفاية لِمن يريد الهداية.
الادعاء الثامن
أنه لا يجوز اللطم والنوح وشق الجيب
عند ذِكر مقتل الحسين عليه السلام
يقول الشيخ عثمان الخميس: (لا يَجوز للإنسان إذا تذكَّر مقتل الحسين أن يقوم باللطم والشق ـ أي شق الجيوب ـ وما شابه ذلك بل كل هذا منهي عنه) (1)، ثُم ذكر روايات من صحيحَي البخاري ومسلم مفادها النهي عن لطم الخدود وشق الجيوب والنياحة.
أقول: كان الأولَى بالشيخ عثمان الخميس أن لا يَخوض في المباحث الفقهية، وكان الأجدر به أن لا يَحشر أنفه في القضايا الشرعية، لأن هذه المطالب تحتاج إلى شخص لديه سعة اطِّلاع وطول باع،كما أن البحث فيها يتطلَّب شخصًا يتمتع بِفهم واستيعاب عميقين لعلم الفقه وأصوله، لا مَن يتحدَّث بالخرص ويتلفظ بالكذب ويفتي بغير علم فيركب رأسه وهو لا يدري ـ كما هو حال الشيخ ـ.
ولِهذا نقول لعثمان الخميس وأضرابه: إنَّ مِن العناوين العامة والمستحبات الثابتة عند المسلمين، إظهار مودة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته عليهم السلام بالفرح لأفراحهم والحزن لِمصائبهم، وقد ثبت من
____________
(1) نفس المصدر: ص117.
والشعائر الحسينية التي يقوم بِها الشيعة هي أحد مصاديق إظهار المودة للنبي صلى الله عليه وآله وسلم وآله عليهم السلام والحزن على مصائبهم، فالبكاء، والرثاء، ولبس السَّواد، والنوح، واللطم على الرؤوس والصدور، حزنًا على ما جرى على الحسين عليه السلام أحد أبرز صور إظهار مودته والحزن عليه، إلا أنَّ كل ذلك مشروط بأن لا تلحق هذه الأفعال ضررًا مُحرَّمًا بالمكلَّف.
وقد أجمع فقهاء الشيعة على أنَّ الأحكام الشرعية ـ مثل الواجب والمستحب والمكروه والحرام ـ يتم استنباطها من مصادر التشريع، وهي
____________
(1) وهناك فتاوى صريحة من علماء الشيعة بتحريم التطبير، أبرزها فتوى سَماحة السيد الخامنئي حفظه الله.
أما بخصوص اللطم والنوح وشق الجيب على المصائب التي حلَّت على الإمام الحسين عليه السلام، فقد وردت روايات خاصة عند الشيعة تفيد أن ذلك مستحب لا كراهة فيه، ولِهذا أفتى فقهاؤنا باستحباب البكاء واللطم والنوح والجَزَع على الحسين عليه السلام.
وأما ما أرسله الشيخ عثمان الخميس إرسال المسلَّمات مِن " فتواه " بِحرمة اللطم وشق الجيب والنياحة، فإنه مُخالف لِما ذهب إليه علماء أهل السنة، حيث إنَّ هذه المسألة وقع فيها الخلاف بينهم، فقال بعضهم بالجواز وقال بعضهم بعدمه.
وإلى ذلك أشار ابن قدامة بقوله: (وأما الندب.. والنياحة وخَمش الوجوه وشق الجيوب وضرب الخدود والدعاء بالويل والثبور، فقال بعض أصحابنا: هو مكروه، ونقل حرب عن أحمد كلامًا فيه احتمال إباحة النوح والندب، اختاره الخلال وصاحبه، لأن واثلة بن الأسقع
وقال ابن مفلح المقدسي: (وذكر الشيخ أنَّ عن أحمد ما يدل على إباحتهما ـ أي الندب والنوح ـ، وأنه اختيار الخلال وصاحبه، وجزم صاحب " المحرر " أنه لا بأس بيسير الندب إذا كان صدقًا..) (2).
وأما الأحاديث التِي ذكرها الشيخ عثمان الخميس، واستدل بِها على صحة " فتواه " بِحرمة النياحة وشق الجيوب ولطم الخدود، لورود النهي فيها من النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فيَرِد عليها أمور:
الأول: أنَّ هذه الأحاديث لو صحَّت في كتب أهل السنة، فليس بالضرورة أن تكون صحيحة عند الشيعة، وعليه فلَن تكون مُلزِمة للطرفين ولا حُجَّة عليهما، وإنما تكون مُلزِمة لأهل السنة فقط، وذلك لعدم ثبوت صحتها عند الشيعة.
الثانِي: قد تقدَّم رأي علماء الشيعة في عدم جواز اللطم وشق الثوب على غير الأب والأخ، وحرمة النوح إذا اشتمل على الكذب أو الويل والثبور، فلو ثبتت صحة هذه الأحاديث عند الشيعة، فهي مَحمولة على هذه الموارد لا على مُصاب الحسين عليه السلام.
الثالث: أنَّ بعض علماء أهل السنة قد حَمَل النهي الوارد فِي هذه
____________
(1) ابن قدامة: المغني والشرح الكبير ـ ج2 ص411.
(2) ابن مفلح: الفروع في فقه الإمام أحمد بن حنبل ـ ج1 ص580.
وقال ابن حَجَر العسقلانِي ـ في شرحه لعنوان باب " ما يُكرَه من النياحة على الميت " ـ ما نصُّه: (قال الزين بن المنير:.. ويُحتمَل أن تكون (ما) مصدرية و (من) تبعيضية، والتقدير كراهية بعض النياحة، أشار إلى ذلك ابن المرابط وغيره، ونقل ابن قدامة عن أحمد رواية أن بعض النياحة لا تحرم، وفيه نظر، وكأنه أخذه من كونه صلى الله عليه وسلم لَم ينهَ عمَّة جابر لَمَّا ناحت عليه، فدل على أن النياحة إنما تحرم إذا انضاف إليها فِعل مِن ضرب خد أو شق جيب، وفيه نظر..) (2).
والعجيب من ابن تيمية ـ عند دفاعه عن يزيد بن معاوية ـ أنه اعتبَر
____________
(1) ابن قيِّم الجوزية: عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين ـ ص98-100.
(2) ابن حجر العسقلاني: فتح الباري في شرح صحيح البخاري ـ ج3 ص207.
أقول: هذا ما قاله ابن تيمية واعتبَره منقبة وفضيلة ليزيد بن معاوية، فلِماذا كل هذا التشنيع والتهويل على الشيعة؟
أما أنَّ يزيد بن معاوية قد " أكرم " آل الحسين عليه السلام ـ كما هو ادعاء ابن تيمية ـ، فهذا ما سنتعرض إليه في الصفحات الآتية.
____________
(1) ابن تيمية: منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة والقدرية ـ ج2 ص249.
الادعاء التاسع
أن يزيد بن معاوية ليس له يَد
فـي قتل الحسين عليه السلام ولم يسبِ نساءه
يقول الشيخ عثمان الخميس: (لَم يكن ليزيد يد في قتل الحسين وليس هذا دفاعًا عن يزيد ولكنه دفاع عن الحق) (1)، ثُم نقل قول شيخه ابن تيمية بأنه: (لَمَّا بلغ يزيد قتل الحسين أظهر التوجُّع على ذلك وظهر البكاء في داره ولَم يَسبِ لَهم حريمًا بل أكرم أهل بيته.. أما الروايات التي في كتب الشيعة أنه أهين نساء آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنهن أخِذن إلى الشام مسبيَّات وأهِنَّ هناك هذا كله كلام باطل..) (2).
أقول: ما دمتَ تعتقد أنَّ يزيد بن معاوية أمير المؤمنين، وأنَّ دفاعك عنه دفاع عن الحق، فحشرك الله معه في يوم القيامة، وإذا أردت أن تعرف سيرة يزيد ودوره في قتل الحسين عليه السلام وسبي النساء، فإليك بعضًا من النصوص التاريخية التي أعرضت عنها والتي سطَّرها علماؤك في كتبهم:
____________
(1) عثمان الخميس: حقبة من التاريخ ـ ص118.
(2) نفس المصدر: ص119.
أولاً: دور يزيد بن معاوية في قتل الحسين عليه السلام
ذكر الذهبِي يزيد بن معاوية في كتابه " ميزان الاعتدال " وقال عنه: (مقدوح في عدالته، ليس بأهل أن يُروَى عنه، وقال أحمد بن حنبل: لا ينبغي أن يُروَى عنه) (1).
وقال عنه أيضًا: (وكان ناصبيًّا، فظًّا، غليظًا، جلفًا، يتناول المسكِر، ويفعل المنكر، افتتح دولته بِمقتل الشهيد الحسين، واختتمها بواقعة الحرة، فمقته الناس، ولَم يُبارَك في عمره، وخرج عليه غير واحد بعد الحسين..) (2).
وجاء في كتاب " تاريخ الخلفاء ": (.. فكتب يزيد إلى واليه بالعراق عبيد الله بن زياد بقتاله) (3)، أي بقتال الحسين عليه السلام.
قال ابن كثير: (وقد أخطأ يزيد خطأ فاحِشًا فِي قوله لِمسلم بن عقبة أن يُبيح المدينة ثلاثة أيام.. وقد تقدَّم أنه قَتَل الحسين وأصحابه على يدي عبيد الله بن زياد..) (4).
وجاء في رسالة يزيد بن معاوية إلى الوليد بن عتبة: (أما بعد، فخذ حسينًا وعبد الله بن عمر وعبد الله بن الزبير بالبيعة أخذًا شديدًا ليست
____________
(1) الذهبي: ميزان الاعتدال في نقد الرجال ـ ج4 ص440.
(2) الذهبي: سير أعلام النبلاء ـ ج4 ص37و38.
(3) السيوطي: تاريخ الخلفاء ـ ص165.
(4) ابن كثير: البداية والنهاية ـ ج8 ص178.
ولِهذا قال التفتازانِي: (والحق أنَّ رضا يزيد بقتل الحسين واستبشاره بذلك وإهانته أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم مِمَّا تواتر معناه وإن كان تفصيله آحادًا..) (2).
ونقل ابن الأثير قول عبيد الله بن زياد: (أما قتلي الحسين، فإنه أشار عَلَيَّ يزيد بقتله أو قتلي، فاخترت قتله..) (3).
كما نقل ابن كثير قول يزيد بن معاوية عن نفسه: (فأبغضني البِر والفاجر بِما استعظم الناس علَي مِن قتلي حسينًا) (4).
أما ادعاء ابن تيمية ـ حسب نقل الشيخ عثمان الخميس ـ بأن يزيد أظهر التوجع لقتل الحسين عليه السلام، فهو ادعاء يفتقِر إلى الدليل، والثابت أن يزيد بن معاوية فرح عندما علم بِمقتل الحسين عليه السلام، ثُم ندم بعد أن رأى بُغض الناس له وسخطهم عليه والآثار التي ترتبت على ذلك، أي أن ندَمه كان سياسيًّا، لا حبًّا للحسين عليه السلام.
ويؤكِّد ذلك ما قاله السيوطي: (ولَمَّا قتِل الحسين وبنو أبيه، بعث
____________
(1) الطبري: تاريخ الأمم والملوك ـ ج3 ص169. وانظر ابن كثير: البداية والنهاية ـ ج8 ص118.
وأيضًا ابن الأثير: الكامل في التاريخ ـ ج3 ص377.
(2) ابن العماد: شذرات الذهب في أخبار من ذهب ـ ج1 ص123.
(3) ابن الأثير: الكامل في التاريخ ـ ج3 ص474.
(4) ابن كثير: البداية والنهاية ـ ج8 ص186. وانظر ابن الأثير: الكامل في التاريخ ـ ج3 ص440.
وأيضًا الطبري: تاريخ الأمم والملوك ـ ج3 ص365.
وجاء في " الكامل في التاريخ ": (لَمَّا وصل رأس الحسين إلى يزيد حسنت حال ابن زياد عنده، ووصله، وسَرَّه ما فعل، ثُم لَم يلبث إلا يسيرًا حتى بلغه بغض الناس له ولعنهم وسبهم، فندم..) (2).
ثانيًا: سَبي يزيد بن معاوية للنساء وإهانته لهن
روى ابن كثير عن فاطمة بنت علي قالت: (إنَّ رجلاً من أهل الشام أحمر قام إلى يزيد فقال: يا أمير المؤمنين هَب لي هذه ـ يعنيني ـ وكنت جارية وضيئة، فارتعدت فزِعة من قوله وظننت أن ذلك جائز لَهم، فأخذت بثياب أختي زينب ـ وكانت أكبر مني وأعقل وكانت تعلم أن ذلك لا يجوز ـ، فقالت لذلك الرجل: كذبت والله ولؤمت وما ذلك لك وله، فغضب يزيد فقال لَها: كذبت والله إنَّ ذلك لِي، ولو شئت أن أفعله لفعلت، قالت: كلاَّ والله ما جعل الله ذلك لك إلا أن تخرج من ملَّتنا وتدين بغير ديننا، قالت: فغضب يزيد واستطار ثم قال: إياي تستقبلين بِهذا؟ إنما خرج من الدين أبوك وأخوك، فقالت
____________
(1) السيوطي: تاريخ الخلفاء ـ ص166.
(2) ابن الأثير: الكامل في التاريخ ـ ج3 ص439.
وفي رواية أنه: (لَمَّا أقبل وفد الكوفة برأس الحسين دخلوا به مسجد دمشق، فقال لَهم مروان بن الحكم: كيف صنعتم؟ قالوا: ورد علينا منهم ثَمانية عشر رجلاً فأتينا والله على آخرهم، وهذه الرؤوس والسبايا..) (2).
ولِهذا قال ابن العماد: (ولَمَّا تم قتله ـ يعني الحسين عليه السلام ـ حُمِل رأسه وحرم بيته وزين العابدين معهم إلى دمشق كالسبايا) (3).
وقال التفتازانِي: (والحق أنَّ رضا يزيد بقتل الحسين واستبشاره بذلك، وإهانته أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم مِمَّا تواتر معناه..) (4).
____________
(1) ابن كثير: البداية والنهاية ـ ج8 ص156. وانظر ابن الأثير: الكامل في التاريخ ـ ج3 ص438و 439. وأيضًا الطبري: تاريخ الأمم والملوك ـ ج3 ص339. وأيضًا ابن الجوزي: المنتظم في تاريخ الملوك والأمم ـ ج5 ص343و344.
(2) نفس المصدر: ج8 ص157. وانظر الطبري: تاريخ الأمم والملوك ـ ج3 ص341.
(3) ابن العماد: شذرات الذهب في أخبار من ذهب ـ ج1 ص122.
(4) نفس المصدر: ج1 ص123.
وذكر اليافعي أنَّ عبيد الله بن زياد (دعا بعلي بن الحسين، فحَمَله وحَمَل عماته وأخواته إلى يزيد على مَحامل بغير وطاء، والناس يخرجون إلى لقائهم في كل بلد ومنـزل حتى قدموا دمشق.. وأقيموا على درج باب المسجد الجامع حيث يُقام السبي) (2).
وقال أيضًا: (ولَمَّا قُتِل الحسين وأصحابه سيقت حريمهم كما تساق
____________
(1) ابن كثير: البداية والنهاية ـ ج8 ص155. وانظر الطبري: تاريخ الأمم والملوك ـ ج3 ص338و 339.
(2) اليافعي: مرآة الجنان وعبرة اليقظان ـ ج1 ص109.
أقول: هذا ما ورد في مصادر علماء أهل السنة، ذكرناه على سبيل المثال لا الحصر، ليتضح بطلان وفساد ما ذهب إليه عثمان الخميس وإمامه ابن تيمية مِن أن يزيد بن معاوية لِم يكن له يد فِي قتل الحسين عليه السلام، وأنه لَم يسبِ نساءه، وليظهر زيف ما زعمه النواصب حول فاجعة كربلاء، تلك الفاجعة التي عبَّر عنها السيوطي بقوله: (لا يَحتمل القلب ذكرها) (2).
ولِهذا نعود ونقول للشيخ عثمان الخميس: إنَّ هذه الأخبار والأقوال التي نقلناها هي لأكابر علمائك، وقد وردت في أمهات كتبهم، فإما أنك تعلم بوجودها، وإما أنك لا تعلم.
فإن كنت لا تدري فتلك مصيبة | وإن كنت تدري فالمصيبة أعظم |
____________
(1) نفس المصدر: ج1 ص109.
(2) السيوطي: تاريخ الخلفاء ـ ص165.