من أدلة إمامة علي عليه السلام
((حديث الولاية))
ومن الأدلة الصريحة في إمامة الإمام علي عليه السلام وخلافته لرسول الله صلى الله عليه وآله على الأمة حديث (الولاية)(1) وهو قول النبي صلى الله عليه وآله عن علي عليه السلام: (وهو ولي كل مؤمن بعدي) أو (وهو ولي كل مؤمن من بعدي) وقد رواه بهذا اللفظ ابن حبان في صحيحه(2) والترمذي في جامعه الصحيح وحسنه(3) والنسائي في السنن الكبرى(4) وأحمد بن حنبل في مسنده(5) وأبو يعلى في مسنده(6) وقال محقق الكتاب الشيخ حسين أسد (رجاله رجال الصحيح)
____________
(1) هذا الحديث أحد الأدلة التي يستند إليها الشيعة في مقام احتجاجهم على أهل السنة في إثبات أن الولاية والإمامة من بعد النبي صلى الله عليه وآله على الأمة هي لعلي بن أبي طالب عليه السلام، وقد تجاهل الشيخ عثمان الخميس هذا الدليل ولم يذكره مع مجموع الأدلة التي أوردها ووضع شبهاته حولها، وهناك أدلة أخرى كثيرة غير هذا الحديث كان نصيبها التجاهل منه أيضاً.
(2) صحيح ابن حبان 15/373 برقم: 6929.
(3) سنن الترمذي 5/632.
(4) سنن النسائي 5/45 برقم: 8146 و 5/132 برقم: 8474.
(5) مسند أحمد 4/437 برقم: 19942.
(6) مسند أبي يعلى 1/293 برقم: 355.
ورواه بلفظ (أنت ولي كل مؤمن بعدي) الحاكم النيسابوري في المستدرك على الصحيحين(4) وقال: (هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه) وقال الذهبي في تلخيص المستدرك: (صحيح)، وأبو داود الطيالسي في مسنده(5)، والطبراني في المعجم الكبير(6) وهو في فضائل الصحابة لابن حنبل(7).
ورواه بلفظ (وعلي ولي كل مؤمن بعدي) ابن أبي شيبة في مصنفه(8) وهو في فضائل الصحابة لابن حنبل(9).
ورواه بلفظ (وهو وليكم بعدي) أحمد بن حنبل في مسنده(10) وهو أيضاً في فضائل الصحابة(11).
____________
(1) مسند الطيالسي 1/111 برقم: 829.
(2) المعجم الكبير 18/128.
(3) فضائل الصحابة 2/605 برقم: 1035 و 2/649 برقم: 1104.
(4) المستدرك على الصحيحين 3/143 برقم: 4652.
(5) مسند الطيالسي 1/360 برقم: 2752.
(6) المعجم الكبير 12/97.
(7) فضائل الصحابة 2/682.
(8) مصنف ابن أبي شيبة 6/372 برقم: 32121.
(9) فضائل الصحابة 2/620 برقم: 1060.
(10) مسند أحمد 5/356 برقم: 23062.
(11) فضائل الصحابة 2/688 برقم: 1175.
ورواه بلفظ (وإنه وليكم من بعدي) الطبراني في المعجم الأوسط(2).
وهذا الحديث مروي بأسانيد صحيحة لا مطعن ولا مغمز فيها، ولذلك صححه العديد من الحفاظ وكبار العلماء عند أهل السنة.
قال ابن حجر في الإصابة: (وأخرج الترمذي بإسناد قوي عن عمران بن حصين قصة قال فيها: قال رسول الله (ص): " ما تريدون من علي إنّ علياً مني وأنا من علي وهو ولي كل مؤمن بعدي ")(3).
وقال المتقي الهندي: (" علي مني وأنا من علي، وعلي ولي كل مؤمن " ش عن عمران بن حصين، صحيح)(4).
وقال أيضاً: (عن عمران بن حصين قال: بعث رسول الله (ص) سرية واستعمل عليهم علياً فغنموا فصنع علي شيئاً أنكروه، وفي لفظ؛ فأخذ علي من الغنيمة جارية فتعاقد أربعة من الجيش إذا قدموا على رسول الله (ص) أن يعلموه، وكانوا إذا قدموا من سفر بدؤا برسول الله (ص) فسلّموا عليه ونظروا إليه، ثم ينصرفون إلى رحالهم، فلما قدمت السرية سلّموا على رسول الله (ص) فقام أحد الأربعة فقال: يا رسول الله! ألم تر أن علياً قد
____________
(1) السنن الكبرى 5/133 برقم: 8475.
(2) المعجم الأوسط 6/163 برقم: 6085.
(3) الإصابة 4/569.
(4) كنز العمال 11/608 برقم: 32941.
وقال الصالحي الشامي: (وروى ابن أبي شيبة وهو صحيح عن عمر رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله (ص): " علي مني وأنا منه، وعلي ولي كل مؤمن بعدي ")(2).
وأخرج ابن أبي عاصم في كتابه السنة بسنده عن عمران بن حصين قال: قال رسول الله (ص):" علي مني وأنا منه، وهو ولي كل مؤمن بعدي" قال الشيخ محمد ناصر الدين الألباني محقق الكتاب: (إسناده صحيح رجاله ثقات على شرط مسلم)(3).
وصححه الألباني أيضاً في سلسلته الصحيحة كما سيأتي وصحيح سنن الترمذي(4).
وقال الحافظ السيوطي في كتابه القول الجلي الحديث 40: (الحديث الأربعون: عن عمران بن الحصين: إن رسول الله (ص) قال: " علي مني
____________
(1) كنز العمال 13/142 برقم: 36444.
(2) سبل الهدى والرشاد 11/297.
(3) السنة لابن أبي عاصم 550 برقم: 1187.
(4) صحيح سنن الترمذي 3/521.
ولكون هذا الحديث يحمل في مضمونه نصاً صريحاً على ولاية أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام من بعد النبي صلى الله عليه وآله على الأمة لم يخلو من محاولات الطعن فيه.
أما ابن تيمية الحراني فقد أنكر صحته وجزم كاذباً أنه كذب على رسول الله صلى الله عليه وآله حيث قال في كتابه منهاج السنة وهو يرد على ابن المطهر الحلي رحمه الله: (وكذلك قــوله: " وهـو ولي كل مؤمن بعدي " كذب على رسول الله)(2).
وقد مرّ عليك أنّ هذا الحديث ثابت صحيح من أصح الأحاديث وأثبتها، وصرّح بصحته العديد من علماء أهل السنة وحفاظهم، وقد ردّ بعض العلماء على ابن تيمية تكذيبه لهذا الحديث وأنكروا عليه ذلك منهم محمد ناصر الدين الألباني في سلسلته الصحيحة، واتهمه بالجرأة لتكذيبه الحديث قال الألباني: (فمن العجيب حقاً أن يتجرأ شيخ الإسلام (!!!) ابن تيمية على إنكار هذا الحديث وتكذيبه)(3)، واعتبر تكذيبه له ناشئاً من تسرّعه ومبالغته في الرّد على الشيعة فقال: (فلا أدري بعد ذلك وجه تكذيبه
____________
(1) دراسات في منهاج السنة 282.
(2) منهاج السنة 7/391.
(3) سلسلة الأحاديث الصحيحة 5/263.
وممن أنكر على ابن تيمية تكذيبه لهذا الحديث الشيخ عبد الله الهرري، حيث قال في كتابه (المقالات السنية في كشف ضلالات أحمد بن تيمية): (سلك ابن تيمية عند كلامه على الأحاديث التي في فضائل علي رضي الله عنه مسلك التوسع في تضعيف هذه الأحاديث بل والحكم على أكثرها بالوضع وذلك ليصرفها عن إثبات فضائل لعلي رضي الله عنه، فحاله ما ذكر ابن حجر أنه ردّ في ردّه كثيراً من الأحاديث الجياد،يعني الصحيح والحسن.
وليعلم الناظرون أن ابن تيمية يضعف أحاديث ولا يبالي بتصحيح الحفاظ لها لشدة تعلق قلبه بتأييد هواه، كما أن من دأبه دعوى اتفاق العلماء على البدع التي يهواها كذباً وزوراً من غير استحياء من الله ولا من أهل العلم.
فهذا شأن ابن تيمية فإنه يحتج بالحديث الموضوع الذي يوافق هواه ويحاول أن يصححه، ويضعف الأحاديث الثابتة والمتواترة التي تخالف رأيه وعقيدته، حتى قال فيه تلميذه الذهبي في رسالة أرسلها له على شكل نصيحة بعد كلام ما نصه: " إلى كم تمدح كلامك بكيفية لا تمدح بها والله أحاديث الصحيحين، يا ليت أحاديث الصحيحين تسلم منك، بل في كل وقت تغير عليها بالتضعيف والإهدار أو التأويل والإنكار ".
ومن هذه الأحاديث التي حكم عليها ابن تيمية بناء على هواه...) وذكر الشيخ الهرري الحديث الأول وهو قوله صلى الله عليه وآله لعمار بن ياسر: " تقتلك الفئة الباغية " ثم قال: (الحديث الثاني: قوله (ص) لعلي: " أنت ولي كل مؤمن
____________
(1) سلسلة الأحاديث الصحيحة 5/264.
ثم ذكر الهرري مجموعة من المصادر المعتمدة عند أهل السنة التي روت الحديث المذكور، وذكر تصحيح الحاكم النيسابوري له على شرط مسلم وتقوية ابن حجر للحديث في كتابه الإصابة.(1).
وممن حاول الطعن في الحديث الحافظ أبو العلاء المباركفوري في كتابه تحفة الأحوذي فقد قال: (وقد استدل به الشيعة على أنّ علياً رضي الله عنه كان خليفة بعد رسول الله (ص) من غير فصل واستدلالهم به على هذا باطل فإن مداره على صحة زيادة لفظة " بعدي " وكونها صحيحة محفوظة قابلة للإحتجاج، والأمر ليس كذلك...)(2).
ثم زعم أن لفظة " بعدي " تفرد بها جعفر بن سليمان الضبي وهو شيعي غال في التشيع، ثم استدرك على نفسه بالقول: (فإن قلت: لم يتفرد بزيادة قـوله " بعدي " جعفر بن سليمان بل تابعه عليها أجلح الكندي) ثم ذكر رواية الأجلح من مسند أحمد وقال بعدها: (قلت: أجلح الكندي هذا أيضاً شيعي) ثم قال: (والظاهر أن زيادة " بعدي " في هذا الحديث من وهم
____________
(1) المقالات السنية في كشف ضلالات أحمد بن تيمية 348 – 351.
(2) تحفة الأحوذي 10/199.
فالمباركفوري لم ينكر دلالة الحديث على الولاية على الأمّة، بل مفهوم كلامه أنّه يرى دلالته على ذلك ولكنه حاول رد قول الشيعة أن الحديث فيه دلالة على ولايـة علي المباشـرة وبلا فصل بعـد النبي صلى الله عليه وآله زاعماً أنّ لفظـة " بعدي " غير محفوظة وأنها من وهم جعفر بن سليمان والأجلح الكندي! وهدفه من ذلك تصحيح خلافة الثلاثة الذين تسنّموا سدّة خلافة النبي صلى الله عليه وآله قبل أمير المؤمنين عليه السلام.
ويظهر من كلامه أيضاً أن استدلال الشيعة بالحديث على أنّ علياً عليه السلام هو الخليفة من بعد النبي صلى الله عليه وآله بلا فصل يكون صحيحاً لو ثبت أنّ لفظة " بعدي" محفوظة مروية من طريق صحيح ليس فيه شيعي واحد.. نعم هذا هو ظاهر كلامه.
وإذْ اتضح لك ذلك فتعال معي لتسمع كلاماً للشيخ محمد ناصر الدين الألباني أورده في كتابه سلسلة الأحاديث الصحيحة وهو يصلح لأن يكون ردّاً على الحافظ المباركفوري ويسقط ما في يده ويؤكد صحة استدلال الشيعة.
قال الشيخ الألباني بعد أن ذكر الحديث من طريق الأجلح وجعفر بن سليمان: (فإن قال قائل: راوي هذا الشاهد شيعي، وكذلك في سند المشهود له شيعي آخر وهو جعفر بن سليمان، أفلا يعتبر ذلك طعناً في الحديث وعلة فيه؟
فأقول: كلا، لأنّ العبرة في رواية الحديث إنّما هو الصدق والحفظ وأمّا المذهب فهو بينه وبين ربّه فهو حسيبه، ولذلك نجد صاحبي " الصحيحين " وغيرهما قد أخرجوا لكثير من الثقات المخالفين كالخوارج والشيعة وغيرهم
ثم ذكر طريقاً صحيحاً للحديث ليس فيه شيعي واحد فقال: (وأما قوله: " وهو ولي كل مؤمن بعدي " فقد جاء من حديث ابن عباس فقال الطيالسي حدثنا أبو عوانة عن أبي بلج عن عمرو بن ميمون عنه " ابن عباس " أنّ رسول الله (ص) قال لعلي: " أنت ولي كل مؤمن بعدي " وأخرجه أحمد ومـن طريقـه الحاكم وقال: " صحيح الإسناد "، ووافقه الذهبي وهو كما قالا)(2).
____________
(1) أقول: وهل الميل إلى أهل البيت عليهم السلام بدعة في الدين؟!!!.
(2) سلسلة الأحاديث الصحيحة 5/262 – 263.