الصفحة 162

على رسوله)"(1).

وفي الفضائل لابن سلاّم بسنده عن ابن عباس انه قرأ: (فما استمتعتم به منهن ـ إلى أجل ـ فآتوهن اجورهن...)(2).

وأيضاً بسنده عن [الإمام] علي [عليه السلام] انه قرأ: (والعصر ـ ونوائب الدهر لقد خلقنا الإنسان في خسر وانه فيه إلى آخر الدهر...)(3).

وأخرج مسلم في صحيحه عن أبي يونس مولى عائشة أنـّه قال:

"أمرتني عائشة أن أكتب لها مصحفاً قالت: وإذا بلغت هذه الآية فآذنّي (حافظوا على الصلوات والصلوة الوسطى و...) فلمّا بلغتها أذنتها فأملت علىّ: "حافظوا على الصلوات والصلوة الوسطى وصلاة العصر و..." قالت عائشة سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم بزيادة صلاة العصر"(4).

ومن التبديل في الألفاظ ما في مسند أحمد وصحيح الترمذي والمستدرك بسندهم عن ابن مسعود قال:

"أقرأني رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، اِنّي أنا الرزّاق ذو القوة المتين"(5).

____________

1 ـ عن كنز العمال: ج 2، ص 568 و594، الرقم 4745 و4815. وانظر أيضاً: تاريخ المدينة المنورة: ص 709 وتاريخ مدينة دمشق: ج 68، ص 101. وفي تفسير النسائي بسند آخر: ج 2، ص 308 والسنن الكبرى للنسائي: ج 6، ص 461.

2 ـ الفضائل: ص 169 والآية 22 من سورة النساء (4).

3 ـ نفس المصدر: ص 189 والمصاحف لابن أبي داود: ص 55.

4 ـ صحيح مسلم: باب الدليل لمن قال الصلاة الوسطى هي صلاة العصر، ج 1، ص 437 ـ 438.

5 ـ مسند أحمد: ج 1، ص 394، صحيح الترمذي: ج 5، ص 191 (قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح) وأيضاً المستدرك: ج 2، ص 234.


الصفحة 163
والآية (58) من سورة الذاريات هي: (ان الله هو الرزاق ذو القوة المتين).

ومن الزيادة في الكلمة ما في الإتقان بسنده عن ابن مسعود انه قرأ: "والليل إذا يغشى والنهار إذا تجلّى والذكر والانثى"(1). والآيات هكذا: (والليل إذا يغشى * والنهار إذا تجلّى * وما خلق الذكر والانثى) سورة الليل (92) الآيات 1 ـ 3.

وفي قراءة ابن عباس: (ليس عليكم جُناح ـ في مواسم الحج(2) ـ أن تبتغوا فضلا من ربّكم...) (سورة البقرة (2): الآية 198).

فمثل هذه الرّوايات كثيرة جداً، فراجع تاريخ المدينة المنورة لابن شبّة(3)وفضائل القرآن لابي عبيد القاسم بن سلاّم باب "الزوائد من الحروف التي خولف بها الخط في القرآن"(4).

الطائفة الثالثة: التّحريف بالزيادة من السور والآيات في المصحف:

أ ـ زيادة سورتي المعوذتين والفاتحة على ما زعمه عبد الله بن مسعود.

قال السيوطي في الدّر المنثور:

أخرج أحمد والبزاز والطبراني وابن مردويه من طرق صحيحة عن ابن عباس وابن مسعود، انه كان يحكّ المعوذتين من المصحف ويقول: "لا تخلطوا القرآن بما ليس منه، إنّهما ليستا من كتاب الله، إنّما أمر النبىّ أن يتعوذ بهما وكان ابن مسعود لا يقرأ بهما"(5).

____________

1 ـ الاتقان: ج 1، ص 80، تأويل مشكل القرآن: ص 48، ومثله مارووه عن أبي الدرّداء. انظر: صحيح البخاري: ج 2، ص 210 وصحيح الترمذي: ج 5، ص 191 وصحيح مسلم: ج 1، ص 565.

2 ـ صحيح البخاري: ج 3، ص 82.

3 - تاريخ المدينة المنورة: ص 707.

4 ـ فضائل القرآن: ص 189 وما بعدها.

5 ـ الدرّ المنثور للسيوطي: ج 8، ص 683.

البزاز: الحافظ أبو بكر أحمد بن عمرو (ت: 292 هـ. ق.) له مسندان: كبير وصغير، انظر ترجمته في تاريخ بغداد: ج 4، ص 334 وتذكرة الحفاظ: ص 204.

وابن مردويه: الحافظ الثبت أبو بكر أحمد بن موسى بن مردويه الاصبهاني صاحب تفسير المسند للقرآن والتاريخ وغير ذلك (ت: 410 هـ. ق.) انظر: تذكرة الحفاظ: ص 1051 وهدية العارفين: ج 1، ص 71.


الصفحة 164
وقال في الإتقان: مثله.

ثم قال:

"وقال ابن حجر في شرح البخاري: قد صح عن ابن مسعود انكار ذلك ـ أي انكار أنهما من القرآن ـ فأخرج أحمد وابن حبّان عنه أنه لا يكتب [أو يحكّ] المعوذتين في مصحفه... وأخرج البزاز والطبراني من وجه آخر عنه أنـّه كان يحك المعوذتين من المصحف... وأسانيدها صحيحة"(1).

وفي تفسير القرآن العظيم لابن كثير، فإنّه روى ذلك عن الحافظ أبي يعلى وعبد الله بن أحمد(2).

وفي فضائل القرآن لابن سلاّم بسنده عن ابن سيرين قال:

"كتب ابن كعب في مصحفه "فاتحة الكتاب" و"المعوذتين" و"اللهم إنّا نستعينك واللّهم إياك نعبد" وتركهن ابن مسعود، وكتب عثمان منهن: "فاتحة الكتاب" و"المعوذتين"(3).

وقال ابن الضريس بسنده عن زرّ بن حبيش:

____________

1 ـ الإتقان: ج 1، ص 79 وفتح الباري: ج 8، ص 571 وعمدة القاري للعيني: ج 20، ص 11، ابن حبّان: الحافظ العلامة أبو حاتم محمّد بن حبّان البستي، (ت: 354 هـ. ق.) انظر: تذكرة الحفاظ: ص 920.

2 ـ تفسير المعوذتين بتفسير ابن كثير: ج 4، ص 71. أبو يعلى: هو أحمد بن علي التميمي (ت: 307 هـ. ق.) الحافظ، الثقة. صاحب المسند الكبير، انظر: تذكرة الحفاظ: ص 707 ـ 709.

3 ـ فضائل القرآن: ص 189 ـ 190 وتأويل مشكل القرآن لابن قتيبة: ص 42.


الصفحة 165

"قال زرّ، قلت لأبي بن كعب: إنّ ابن مسعود لا يكتب المعوذتين في مصحفه فقال: أشهد أنّ النبىّ صلى الله عليه وسلم أخبرني أنّ جبريل قاله له: (قل أعوذ بربّ الفلق...) فقلتها ثمّ قال: (قل أعوذ بربّ الناس...) فقلتها فنحن نقول لكم كما قال رسول الله صلىّ عليه وسلم"(1).

وفي الإتقان أيضاً:

"أخرج أبو عبيد بسند صحيح أن ابن مسعود أسقط الفاتحة من مصحفه..."(2).

ب ـ زيادة آية بسم الله الرحمن الرحيم على حدّ زعم بعض الصحابة:

في صحيح مسلم وسنن النسائي ومسند أحمد عن قتادة عن أنس بن مالك، قال:

"صلّيت مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وأبي بكر وعمر وعثمان فلم أسمع أحداً منهم يقرأ: (بسم الله الرحمن الرحيم)."(3).

ومثل ما رواه الثلاثة ـ أيضاً ـ عن أنس أنه قال:

"صلّيت خلف النبىّ صلّى الله عليه وسلّم وأبي بكر وعمر وعثمان فكانوا يستفتحون بالحمد للّه ربّ العالمين لا يذكرون (بسم الله الرحمن الرحيم) في أول القراءة ولا في آخرها"(4).

____________

1 ـ فضائل القرآن: ص 124.

2 ـ الاتقان: ج 1، ص 80.

3 ـ صحيح مسلم: كتاب الصلاة، باب حجة من قال لا يجهر بالبسملة، الحديث رقم 50 و52 وسنن النسائي: باب ترك الجهر بالبسملة من كتاب افتتاح الصلاة: ج 1، ص 144 ومسند أحمد: ج 3، ص 177 و273 و278.

4 ـ صحيح مسلم: كتاب الصلاة، باب حجة من قال لا يجهر بالبسملة، الحديث رقم 52، وسنن النسائي، كتاب افتتاح الصلاة، باب 20 ومسند أحمد: ج 3، ص 230 و205 و223 و255 و278 و286 و289.


الصفحة 166
ومثله ما رواه الترمذي في سننه وأحمد في مسنده عن يزيد بن عبد الله...(1).

هذا ونحن نجد في كتب الحديث روايات صحيحة وموثقة وصريحة تناقض تلك الرّوايات، أنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم والخلفاء وجمعاً من الصحابة والتابعين جهروا بقراءة البسملة في الصلاة وقالوا إنها جزء من الحمد وأمروا بقراءتها إلى زمن فقهاء الحرمين، ومن هذه الروايات الصحيحة ما روي عن عبد الله بن عباس قال:

(بسم الله الرحمن الرحيم) آية(2).

وقال:

"استرق الشيطان من الناس أعظم آية من القرآن، وهي (بسم الله الرحمن الرحيم)"(3).

وعن طلحة بن عبيد الله قال:

قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "من ترك (بسم الله الرحمن الرحيم) فقد ترك آية من كتاب الله"(4).

بل قد روي عن الصحابي أنس نفسه، أنـّه قال:

"بينا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ذات يوم بين أظهرنا إذ أغفى إغفاءة ثم رفع رأسه متبسماً، فقلنا: ما أضحكك يا رسول الله؟ قال: اُنزلت عليّ آنفاً سورة، فقرأ: (بسم الله الرحمن الرحيم * إِنّا أعطيناك

____________

1 ـ سنن الترمذي: ج 2، ص 43 ومسند أحمد: ج 4، ص 85 والمصنف لعبد الرزاق: ج 2، ص 88.

2 ـ فضائل القرآن لابن الضريس: ص 39، رقم الحديث 28 ونقل عنه السيوطي في الدرّ المنثور: ج 1، ص 7.

3 ـ الإتقان: ج 1، ص 80 والدرّ المنثور: ج 1، ص 20 ومثله عن المصنف لعبد الرزاق: ج 2، ص 88.

4 ـ الدرّ المنثور: ج 1، ص 7. عن الثعلبي.


الصفحة 167

الكوثر...)"(1).

وعن ابن عباس قال:

"كان المسلمون لا يعرفون انقضاء السورة حتّى تنزل: (بسم الله الرحمن الرحيم)، فاذا نزلت عرفوا أن السورة قد انقضت"(2).

وعن أُمّ سلمة قالت:

"إنّ النبىّ صلّى الله عليه وسلّم كان يقرأ (بسم الله الرحمن الرحيم * الحمد للّه ربّ العالمين * الرحمن الرحيم...) إلى آخر سورة الحمد"(3).

وعن عائشة، أنّ رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم كان يجهر بـ (بسم الله الرحمن الرحيم)(4).

ومثله عن أبي الطفيل وأنس بن مالك وأبي هريرة(5).

والرّوايات في هذا الشأن كثيرة جداً إلى حد التواتر كما قال الرازي:

"أن النقل المتواتر ثابت بانّ (بسم الله...) كلام أنزله الله على محمّد صلّى الله عليه وسلّم وبأنه مثبت في المصحف بخط القرآن، وكل ما ليس من القرآن غير مكتوب بخط القرآن... ولمّا أجمعوا على كتابتها

____________

1 ـ صحيح مسلم: كتاب الصلاة، باب (حجة من قال: إنّ البسملة آية من كل سورة سوى براءة) الحديث 53، واللفظ له، وسنن النسائي: كتاب الافتتاح، باب قراءة البسملة وسنن أبي داود: كتاب الصلاة، باب من لم ير الجهر بالبسملة، ج 1، ص 208 ومسند أحمد: ج 3، ص 102 وسنن البيهقي: ج 1، ص 43.

2 ـ المستدرك للحاكم: ج 1، ص 231 ـ 232 وسنن البيهقي: ج 2، ص 43 والدرّ المنثور: ج 1، ص 7.

3 ـ المستدرك للحاكم وتلخيصه: ج 2، ص 232 ولفظه: يقرأ: (بسم الله الرحمن الرحيم * الحمد للّه ربّ العالمين...) يقطعها حرفاً حرفاً ثم قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، وأيّده الذهبي في تلخيصه والرازي، فانه أخرجها بسندين في تفسيره: ج 1، ص 19.

4 ـ الدرّ المنثور: ج 1، ص 8 عن الدار قطني.

5 ـ راجع: الدرّ المنثور: ج 1، ص 8 ـ عن البزاز والدار قطني والبيهقي ـ والمستدرك للحاكم: ج 1، ص 232.


الصفحة 168

بخط القرآن علمنا أنـّها من القرآن."(1)

بل أفرد عدّة من العلماء كتباً في وجوب قراءة البسملة(2).

ومع هذا يؤدي تناقض الرّوايات الآنفة في شأن البسملة إلى اختلاف أهل السنة في وجوب قراءة البسملة أو عدمه، وفي الجهر بها أو عدمه(3).

الطائفة الرابعة: إلقاء الشيطان في الوحي ونسخه بعد

هناك بعض الأحاديث التي تدلّ على إلقاء الشيطان بعض الآيات ـ نعوذ بالله ـ ونسخها بعد من الله.

ففي تفسير الطبري(4) بسنده: عن محمّد بن كعب القرظي ومحمّد بن قيس قالا:

"جلس رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في ناد من أندية قريش كثير أهله فتمنّى يومئذ أن لا يأتيه من الله شيء فينفروا عنه فأنزل الله عليه (والنجم إذا هوى ما ضلّ صاحبُكم وما غوى)فقرأها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، حتى إذا بلغ (أفرأيتم اللاّت والعزّى * ومناة

____________

1 ـ تفسير الكبير: ج 1، ص 197.

2 ـ مثل كتاب البسملة لابن خزيمة (ت: 311 هـ.) وكتاب الجهر بالبسملة للخطيب البغدادي (ت: 463 هـ.) وكتاب الجهر بالبسملة لأبي سعيد البوشنجي (ت: 536 هـ.) وكتب الدارقطني (ت: 385 هـ.) جزءاً في البسملة وصحّحه.

3 ـ فقد قال الشافعي: إنها آية من أول سورة الفاتحة ويجب قراءتها معه. وقال مالك والاوزاعي: إنّه ليس من القرآن ولا يقرأ لا سرّاً ولا جهراً اِلاّ في قيام شهر رمضان وقال أبو حنيفة: تقرأ ويستر بها ولم يقل: إنّها آية من السورة أم لا.

راجع أقوال العلماء المذكورين في بحوث من التفسير الكبير: ج 1، ص 194 وكتاب الاُمّ للشافعي: ج 1، ص 107 والعُدّة للصنعاني: ج 2، ص 410 والبيان للسيد الخوئي: ط 3، ص 467 و468 و552، والمنتقى: ج 1، ص 151.

4 ـ جامع البيان في تأويل آي القرآن: ج 17، ص 131.


الصفحة 169

الثالثة الاخرى)(1). ألقى عليه الشيطان كلمتين: "تلك الغرانيق العلى(2) وإنّ شفاعتهن لترجى" فتكلّم بها، ثم مضى فقرأ السورة كلها فسجد في آخر السورة وسجد القوم جميعاً... قالا: فلّما أمسى أتاه جبرائيل عليه السلام فعرض عليه السورة فلمّا بلغ الكلمتين اللّتين ألقى الشيطان عليه قال: ما جئتك بهاتين! فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: افتريت على الله وقلت على الله ما لم يقل، فأوحى الله إليه (وإن كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك لتفتري علينا غيره...)(3) فما زال مغموماً مهموماً حتى نزلت عليه (وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلاّ إذا تمنّى ألقى الشيطان في أُمنيّته)(4).

وفي صحيح البخاري بسنده عن ابن عباس قال: سجد النبىّ صلّى الله عليه وسلّم بالنجم وسجد معه المسلمون والمشركون والجن والانس وفي رواية أخرى بمضمونه(5). ولا يخفى أنّ عبارة سجد المشركون بالنجم تدلّ على تأييد حديث البخاري لاسطورة الغرانيق.

____________

1 ـ سورة النجم (53): الآيتين 19 ـ 20.

واللات: صنم كان لقريش أو ثقيف. والعزى: سمرة كانت لغطفان تعبدها. ومناة: صخرة كانت خزاعة وهذيل تعبدانها والثالثة الاخرى; بمعنى المتأخرة (الاصنام للكلبي)

2 ـ الغرانيق: جمع غرنوق أو غرنيق; وهو طير من طيور الماء كبير طويل العنق أبيض استعير للأصنام.

3 ـ سورة الاسراء (17): الآيتين 73 ـ 74.

4 ـ سورة الحج (22): الآية 52.

5 ـ صحيح البخاري، كتاب التفسير، سورة النجم: ج 6، ص 177 وتفسير ابن كثير: ج 7، ص 444 وتفسير القرطبي: ج 7، ص 124 وج 12، ص 82، وقد نقل القرطبي كلام القاضي عياض بنصه هناك.


الصفحة 170

الطائفة الخامسة: الرّوايات التي تدل على التّحريف بالنقيصة

توجد أحاديث كثيرة في كتب أهل السنة تدل على التحريف بالنقيصة من السور والآيات في القرآن.

فمنها:

إسقاط سورتي الحفد والخلع.

ففي فضائل ابن الضريس بسنده عن عبد الله بن عبد الرحمن عن أبيه قال: في مصحف ابن عباس قراءة اُبيّ وأبي موسى:

"بسم الله الرحمن الرحيم اللهم انا نستعينك ونستغفرك ونثني عليك الخير ولا نكفرك ونخلع ونترك من يفجرك".

وفيه: "اللّهم إيّاك نعبد ولك نصلي ونسجد وإليك نسعى ونحفد ونخشى عذابك ونرجو رحمتك إنّ عذابك بالكفار ملحق"(1).

وفي الإتقان عن الطبراني ما ملخّصه:

"إنه روي عن عبد الله بن زرير قال: لقد علّمني علىّ بن أبي طالب سورتين علّمهما إيّاه رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم: "... اللّهم إنّا نستعينك..." الحديث.

وقال:

روي عن البيهقي وأبي داود عن خالد بن أبي عمران: "أن جبرئيل نزل بذلك على النبىّ وهو في الصّلاة..." الحديث.

____________

1 ـ فضائل القرآن: ص 157 وعنه الإتقان: النوع التاسع عشر في عدد سوره وآياته وكلماته وحروفه: ج 1، ص 67.

و"ابن الضريس" الحافظ أبو عبد الله محمّد بن أيوب البجلي، (ت: 294 هـ.) من تصانيفه تفسير القرآن وفضائل القرآن انظر: هدية العارفين: ج 1، ص 21.


الصفحة 171
وقال:

وأخرج الطبراني بسند صحيح عن أبي إسحاق قال: (أمَّنا أمية بن عبد الله بن خالد بن اسيد بخراسان فقرأ بهاتين السورتين: "إنّا نستعينك و..."(1) أي: إنّ أميّة كان يقرأ في الصّلاة سورتي الحفد والخلع.

كما جاء التصريح بهذه التسمية في الأحاديث الآتية في تفسير الفاتحة من الدرّ المنثور:

أخرج عبد بن حميد ومحمّد بن نصر المروزي في كتاب الصلاة، وابن الإنباري في المصاحف عن محمّد بن سيرين، أنّ اُبيّ بن كعب كان يكتب "فاتحة الكتاب" و"المعوذتين" و"اللّهم إيّاك نعبد" و"اللّهم إيّاك نستعين" ولم يكتب ابن مسعود شيئاً منهن، وكتب عثمان بن عفان الفاتحة والمعوذتين(2).

ونقل الزركشي عن ابن المنادي في "الناسخ والمنسوخ" أنـّه قال:

____________

1 ـ الإتقان: النوع التاسع عشر، ج 1، ص 67.

و"الطبراني" أبو القاسم، سليمان بن أحمد اللخمي الشامي من كبار المحدثين، اصله من طبرية الشام، له المعاجم الثلاثة: الكبير والصغير والاوسط في الحديث وكتاب التفسير وغيرها. (ت: 360 هـ.).

2 ـ الدرّ المنثور: ج 1، ص 3 والإتقان: ج 1، ص 67 وفضائل القرآن لابي عبيد القاسم بن سلاّم: ص 189 وتاريخ المدينة المنورة: ص 712.

وعبد بن حميد بن نصر الكِسِّي وقيل اسمه عبد الحميد، صاحب المسند والتفسير، أحد أئمة الحديث (ت: 249 هـ.) راجع: تذكرة الحفاظ: ص 534.

ومحمّد بن نصر، أبو عبد الله المروزي، الفقيه الشافعي، له تصانيف كثيرة، منها: تعظيم الصلاة. راجع: هدية العارفين: ج 2، ص 21.

وابن الانباري، الحافظ العلامة محمّد بن القاسم بن محمّد بن بشار، شيخ الأدب، صنّف التصانيف الكثيرة، منها المصاحف (ت: 328 هـ.) راجع: تذكرة الحفاظ: ص 842 ـ 844 والعبر: ج 2، ص 214.


الصفحة 172

"ولا خلاف بين الماضين الغابرين أنـّهما مكتوبتان في المصاحف المنسوبة إلى اُبيّ بن كعب وأنـّه ذكر عن النبىّ صلّى الله عليه وسلّم أنـّه أقرأه إيّاهما، وسمّيتا سورتي الخلع والحفد"(1).

فكثرة الأحاديث المروية في شأن السورتين المزعومتين أدّت بالسيوطي إلى أن يدونهما في تفسيره الدرّ المنثور بعد سورة الناس(2).

ومنها:

ذهاب أكثر القرآن!!

في الإتقان وكنز العمال عن الطبراني في الأوسط وابن مردويه وأبي نصر السجزي في الإبانة عن الخليفة عمر ابن الخطاب أنه قال:

"القرآن ألف ألف حرف وسبعة وعشرون ألف حرف"(3) أي ذهب أكثر من ثلثي آي القرآن.

بينما نقل الزركشي:

"انهم عدّوا حروف القرآن فكانت ثلاثمائة ألف حرف وأربعون ألفاً وسبعمائة وأربعون حرفاً"(4).

____________

1 ـ البرهان في علوم القرآن: ج 2، ص 37.

وابن المنادي هو الحافظ أبو الحسين أحمد بن جعفر، من كبار القراء، من تآليفه الناسخ والمنسوخ (ت: 334 أو 336 هـ.) راجع: تذكرة الحفاظ: ص 849 وكشف الظنون: ج 2، ص 1921 في مادة الناسخ والمنسوخ.

2 ـ الدرّ المنثور: ج 8، ص 695.

3 ـ الإتقان: ج 1، ص 72 في آخر النوع التاسع عشر والدرّ المنثور: ج 6، ص 422 وكنز العمال: ج 1، ص 460، الحديث 2309 وص 481، الحديث 2427.

الحافظ أبو نصر السجزي، هو عبيد الله بن سعيد بن حاتم الوابلي (ت: 444 هـ.) له تصانيف كثيرة، منها، الابانة الكبرى في الحديث، راجع: تذكرة الحفاظ: ص 1118 وهدية العارفين: ج 1، ص 248.

4 ـ البرهان في علوم القرآن: ج 1، ص 249.


الصفحة 173
وفي فضائل القرآن لأبي عبيد القاسم بن سلاّم بسنده عن عبد الله بن عمر أنـّه قال:

"لا يقولَنَّ أحدكم قد أخذت القرآن كلّه ما يدريه ما كلّه، قد ذهب منه قرآن كثير، ولكن ليقل قد أخذت ما ظهر منه"(1).

وروى ابن أبي داود عن ابن شهاب، قال:

"بلغنا أنه كان أُنزل قرآن كثير، فقتل علماؤه يوم اليمامة، الذين كانوا قد وعوه، ولم يعلم بعدهم ولم يكتب..."(2)!

ومنها:

إسقاط سورة كانت تعادل براءة وأخرى تشبه المسبّحات:

روى مسلم في صحيحه أن أبا موسى الأشعري بعث إلى قرّاء البصرة فدخل عليه ثلاثمئة رجل، فقال لهم فيما قال:

"إنّا كنّا نقرأ سورة كنا نشبّهها في الطول والشدة ببراءة، فأُنسيتها غير أنـّي حفظت منها: لو كان لابن آدم واديان من مال لابتغى وادياً ثالثاً ولا يملأ جوف ابن آدم إلاّ التراب".

وقال:

"كنّا نقرأ سورة نشبّهها باحدى المسبّحات فأنسيتها غير أنـّي حفظت منها: يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون فتكتب شهادة في أعناقكم فتسألون عنها يوم القيمة".

وفي لفظ مسلم أيضاً عن أنس وابن عباس الآية المزعومة في السورة المنسيّة

____________

1 ـ فضائل القرآن: ص 190 وانظر أيضاً: الإتقان: ج 3، ص 72 والدرّ المنثور: ج 1، ص 106 فقد أورد الرواية عن ابن الضريس وابن الانباري.

2 ـ عن الإتقان: ج 3، ص 72.