الصفحة 161
صنع في اليوم الأوّل، فلمّا أراد أبو لهب أن يتكلّم انتهره أبو طالب، ثمّ تكلّم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ، فقال: يا بني عبد المطّلب، إي والله ما أعلم شابّاً من العرب جاء قومه بأفضل ممّا جئتكم به، إنّي قد جئتكم بخير الدنيا والآخرة، وإنّ ربّي أمرني أن أدعوكم، فأيّكم يؤازرني على هذا الأمر على أن يكون أخي ووزيري ووصيّي وخليفتي من بعدي؟ فأحجم القوم عنها جميعاً ـ وإنّي لأحدثهم سنّاً ـ فقلت: أنا يا نبي الله، أكون وزيرك عليه، فأخذ برقبتي ثمّ قال: هذا أخي ووزيري ووصيّي وخليفتي من بعدي، فاسمعوا له وأطيعوا، فقام القوم يضحكون ويقولون لأبي طالب: قد أمرك أن تسمع لعلي ـ لابنك ـ وتطيع(1) .

هذا والله هو الحديث الذي يتّفق مع سياق الآية الشريفة، ويتناسب مع سرّية الدعوة في ذلك الوقت، ويشمّ منه ريح النبوّة، لا حديث أبي هريرة الذي يشمّ منه رائحة الوضع.

2 ـ روى مسلم ـ واللفظ له ـ وأحمد والبيهقي، عن أبي هريرة، قال:

____________

(1) مسند أحمد ج 1 ص 111 و 159 و 331، وأخرجه في فضائل الصحابة ج 2 ص 807 ـ 808 ح 1108 و ص 871 ح 1196 و ص 887 ح 1220، مسند البزار ج 2 ص 105 ـ 106 ح 456، سنن النسائي الكبرى ج 5 ص 125 ـ 126 ح 8451، تهذيب الآثار ـ مسند علي ـ ص 60 و 62 ح 127، وأخرجه في تاريخه ج 1 ص 542 ـ 543، وفي تفسيره ج 9 ص 483 ـ 484 ح 26806، شرح معاني الآثار ج 3 ص 284 ـ 285 و ج 4 ص 387، المعجم الأوسط ج 3 ص 241 ح 2836، طبقات ابن سعد ج 1 ص 147، علل الدارقطني ـ ج 3 ص 75 السؤال رقم 293، مستدرك الحاكم ج 3 ص 143 ح 4652، تفسير الثعلبي ج 7 ص 182، دلائل النبوّة ـ لأبي نعيم ـ ج 2 ص 425 ح 331، دلائل البيهقي ج 2 ص 179 ـ 180، تفسير البغوي ج 3 ص 341 ـ 342، تاريخ دمشق ج 42 ص 46 ـ 50 ومن عدّة طرق، الشفا ج 1 ص 293.


الصفحة 162
قال أبو جهل: هل يعفّر محمّد وجهه بين أظهركم؟ قال: فقيل: نعم، فقال: واللات والعزّى لئن رأيته يفعل ذلك لأطأنّ على رقبته أو لأُعفّرنّ وجهه في التراب، قال: فأتى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وهو يصلّي ليطأ على رقبته، قال: فما فَجِئَهم منه إلاّ وهو ينكص على عقبيه ويتّقي بيديه، قال: فقيل له: ما لك؟ فقال: إنّ بيني وبينه لخندق من نار وهولا وأجنحة، فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : لو دنا منّي لاختطفته الملائكة عضواً عضواً، قال فأنزل الله عزّ وجلّ، لا ندري في حديث أبي هريرة أو شيء بلغه: (كلاّ إنّ الإنسان ليطغى...) ... الحديث(1) .

ولا يخفى أنّ هذه الحادثة سبقت إسلام أبي هريرة وقدومه من اليمن بنحو 15 ـ 18 عاماً فمتى رأى أبا جهل وسمعه يقول هذا الكلام؟!

3 ـ وأخرج سعيد بن منصور وابن سعد والطبراني في الأوسط وابن مردويه، عن أبي هريرة، قال: لمّا رجع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ليلة أُسري به، فكان بذي طوى قال: يا جبرئيل! إنّ قومي لا يصدّقوني، قال يصدّقك أبو بكر وهو الصدّيق(2) .

وهذا ليس بتامّ أيضاً لأنّ حادثة الإسراء سبقت إسلام أبي هريرة بنحو تسع سنين أو أكثر.

4 ـ ما رواه مسلم والترمذي وأحمد وأبو يعلى وغيرهم، عن أبي هريرة، قال: لمّا حضرت وفاة أبي طالب قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : يا عمّاه قل لا

____________

(1) صحيح مسلم ج 8 ص 130 كتاب صفة القيامة والجنّة والنار، مسند أحمد ج 2 ص 370، دلائل البيهقي ج 2 ص 189.

(2) المعجم الأوسط ج 8 ص 200 ح 7148، طبقات ابن سعد ج 1 ص 167، الدرّ المنثور ج 5 ص 221 ـ 222.


الصفحة 163
إله إلاّ الله، أشهد لك بها عند الله يوم القيامة، فقال: لولا أن تعيّرني قريش يقولون: ما حمله عليها إلاّ جزعه من الموت لأقررت بها عينك، فأنزل الله عليه (إنّك لا تهدي من أحببت) (1) (2) .

وهذا كسابقه ليس بتامّ لتأخّر إسلامه عن وفاة أبي طالب (رض) بنحو 9 سنوات أو أكثر فلا تصحّ روايته، وقد شاركه في رواية نحو هذا الخبر ابن عبّاس وابن عمر وروايتهما أيضاً لا تصحّ لصغرهما يومئذ.

إيمان أبي طالب:

والخبر يفيد بأنّ أبا طالب مات كافراً والعياذ بالله، وهذا ليس بتامّ لوجوه:

منها: إجماع أهل البيت (عليهم السلام) على إيمان أبي طالب وتضافر الروايات بذلك عنهم، وإجماعهم حجّة، لأنّهم أحد الثقلين اللذين أمر النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) بالتمسّك بهما بقوله: إن تمسّكتم بهما لن تضلّوا، كما صحّ وتواتر.

ومنها: ما رواه الطبراني والبزّار وابن عساكر من إسلام أبي طالب، عن ابن عمر، قال: جاء أبو بكر (رض) بأبيه أبي قحافة إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقوده شيخ أعمى يوم فتح مكّة فقال له رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : ألا تركت الشيخ حتّى نأتيه؟! قال: أردّت أن يؤجر، والله لأنا كنت بإسلام أبي طالب أشدّ فرحاً منّي بإسلام أبي ألتمس بذلك قرّة عينك، فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) :

____________

(1) سورة القصص 28: 56.

(2) صحيح مسلم ج 1 ص 41 كتاب الإيمان، سنن الترمذي ج 5 ص 318 ح 3188، مسند أحمد ج 2 ص 434 و 441، مسند أبي يعلى ج 11 ص 39 ح 6178.


الصفحة 164
صدقت.

ـ وفي لفظ: أما والذي بعثك بالحقّ ما كنت أشدّ فرحاً بإسلام أبي طالب منّي بإسلام أبي.

ـ وفي لفظ: والذي بعثك بالحقّ لإسلام أبي طالب كان أقرّ لعيني من إسلامه، وذلك أنّ إسلام أبي طالب كان أقرّ لعينك(1) .

ومنها: ثناء النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) عليه وشفاعته له، فلو كان كافراً لما شفع له، ومن ذلك قوله (صلى الله عليه وآله وسلم) : إنّ لأبي طالب عندي رحماً سأبلها ببلالها.

وقوله (صلى الله عليه وآله وسلم) عندما سأله العبّاس: ما ترجو لأبي طالب؟ قال: كلّ الخير من ربّي.

وقوله (صلى الله عليه وآله وسلم) : وصلتك رحم، جزاك الله خيراً يا عمّ.

وقوله (صلى الله عليه وآله وسلم) : إذا كان يوم القيامة شفعت لأبي وأُمّي، وعمّي أبي طالب، وأخ كان لي في الجاهلية(2) .

وقوله (صلى الله عليه وآله وسلم) : إنّ أصحاب الكهف أسرّوا الإيمان وأظهروا الكفر فآتاهم الله أجرهم مرّتين، وإنّ أبا طالب أسرّ الإيمان وأظهر الشرك، فآتاه الله أجره مرّتين(3) .

وقول العبّاس عم النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) عندما أصغى إليه يتسمع قوله في مرضه: يا رسول الله قد والله قال الكلمة التي سألته ـ وفي لفظ: أمرته أن

____________

(1) المعجم الكبير ج 9 ص 40 ح 8323، زوائد البزّار ج 1 ص 167، تاريخ دمشق ج 66 ص 326 ـ 327، مجمع الزوائد ج 6 ص 174، ديوان أبي طالب وأخباره ص 154، جمع علي بن حمزة البصري التميمي.

(2) تاريخ ابن عساكر ج 66 ص 335 ـ 340.

(3) شرح ابن أبي الحديد ج 14 ص 70.


الصفحة 165
يقولها ـ(1) .

ومنها: بقاء فاطمة بنت أسد تحت أبي طالب إلى أن مات وهي عاشر مـن أسـلم، فقـد روي أنّ علي بـن الحسين (عليه السلام) سـئل عـن هـذا، فقـال: وا عجباً! إنّ الله تعالى نهى رسول الله أن يقرّ مسلمة على نكاح كافر، وقد كانت فاطمة بنت أسد من السابقات إلى الإسلام، ولم تزل تحت أبي طالب حتّى مات(2) .

ومنها: إنّ كتمان أبي طالب إيمانه كان في غاية الحكمة والصلاح وحسن التدبير حتّى يحافظ على هيبته وسيادته التي تكع قريش من الإقدام على ما أقدموا عليه بعد وفاته، وإلاّ لكان حاله حال الحمزة وغيره من أعمام رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) .

ومنها: ما روي من أنّ أبا طالب لمّا مات جاء علي (عليه السلام) إلى رسول (صلى الله عليه وآله وسلم) فآذنه بموته، فتوجّع عظيماً وحزن شديداً، ثمّ قال له: إمض فتولّ غسله، فإذا رفعته على سريره فأعلمني، ففعل، فاعترضه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو محمول على رؤس الرجال، فقال: وصلتك رحم يا عمّ، وجزيت خيراً! فلقد ربّيت وكفلت صغيراً، ونصرت وآزرت كبيراً، ثمّ تبعه إلى حفرته، فوقف عليه، فقال: أما والله لأستغفرنّ لك ولأشفعنّ فيك شفاعة يعجب لها الثقلان.

قالوا: والمسلم لا يجوز أن يتولّى غسل الكافر، ولا يجوز للنبيّ أن يرقّ لكافر ولا أن يدعو له بخير، ولا أن يعده بالاستغفار والشفاعة، وإنّما

____________

(1) سيرة ابن اسحاق ص 238، سيرة ابن هشام ج 2 ص 265، دلائل البيهقي ج 2 ص 346، ديوان أبي طالب ص 153.

(2) شرح ابن أبي الحديد ج 14 ص 69.


الصفحة 166
تولى عليّ (عليه السلام) غسله، لأنّ طالباً وعقيلا لم يكونا أسلما بعد، وكان جعفر بالحبشة، ولم تكن صلاة الجنائز شرعت بعد، ولا صلّى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) على خديجة وإنّما كان تشييع ورقّة وحزن(1) .

ومنها: ما روي عن الباقر (عليه السلام) أنّه قال: إنّ أمير المؤمنين عليّاً (عليه السلام) كان يأمر أن يحجّ عن عبد الله وأبيه أبي طالب، في حياته، ثمّ أوصى في وصيّته بالحجّ عنهم(2) .

ومنها: أشعاره وقصائده التي تكشف عن عميق إيمانه، وشاهق إسلامه، كقصيدته اللامية الشهيرة الطافحة بالإيمان والتي يقول فيها الحافظ ابن كثير: هذه القصيدة عظيمة بليغة جدّاً لا يستطيع أن يقولها إلاّ من نسبت إليه، وهي أفحل من المعلّقات السبع، وأبلغ في تأدية المعنى منها جميعاً(3) .

ـ وقال ابن أبي الحديد بعد أن ذكر جملة من أشعار أبي طالب: قالوا: فكلّ هذه الأشعار قد جاءت مجيء التواتر، لأنّه إن لم تكن آحادها متواترة فمجموعها يدلّ على أمر واحد مشترك، وهو تصديق محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم) ، ومجموعها متواتر، كما أنّ كلّ واحدة من قتلات علي (عليه السلام) الفرسان منقولة آحاداً، ومجموعها متواتر، يفيدنا العلم الضروري بشجاعته وكذلك القول في ما روي من سخاء حاتم... قالوا: واتركوا هذا كلّه جانباً، ما قولكم في القصيدة اللامية التي شهرتها كشهرة قِفا نَبكِ؟! وإن جاز الشكّ فيها أو في شيء من أبياتها، جاز الشكّ في قِفا نَبكِ وفي بعض

____________

(1) شرح ابن أبي الحديد ج 14 ص 76.

(2) شرح ابن أبي الحديد ج 14 ص 68.

(3) تاريخ ابن كثير ج 3 ص 46.


الصفحة 167
أبياتها(1) .

ـ وقال العيني: قصيدة طنّانة لامية من بحر الطويل وهي مئة وعشر أبيات(2) .

ـ وقال القسطلاني: قصيدة جليلة بليغة من بحر الطويل، وعدّة أبياتها مئة وعشرة أبيات، قالها لمّا تمالأ قريش على النبي (صلى الله عليه وسلم) ونفّروا عنه من يريد الإسلام(3) .

ـ وقال ابن التين: إنّ في شعر أبي طالب هذا دليلا على أنّه كان يعرف نبوّة النبيّ (صلى الله عليه وسلم) قبل أن يبعث لمّا أخبره به بحيرا وغيره من شأنه(4) .

ـ وقال علي بن حمزة البصري التميمي (ت 375 هـ) أحد من جمع ديوان أبي طالب: ونصرة أبي طالب للنبيّ ما لا خفاء به على ذي لُبّ، قولا وفعلا، والله تقدّست أسماؤه يقول: (فالذين آمنوا به وعزّروه ونصروه واتّبعوا النور الذي أُنزل معه أُولئك هم المفلحون) (5) .

ثمّ قال: وقال أبو بشرـ أحمد بن إبراهيم بن معلّى بن أسـد العمّي (ت 350 هـ) : قد نجد لأبي طالب في الأخبار ألفاظاً تدلّ على إيمانه، من ذلك قوله في رسول الله: إنّه أمين، وإنّه صادق، وإنّه ما كذب قطّ، وإنّ الذي يخبر به كائن لا محالة، وقد شرح طرق ذلك في تاريخه، والله يجازيه عن ذلك بمشيئته، ولولا التطويل لأوردنا ذلك، ولكن غرضنا تصنيف شعره وما يتعلّق به من أخباره.

____________

(1) شرح ابن أبي الحديد ج 14 ص 78.

(2) عمدة القاري ج 7 ص 30.

(3) إرشاد الساري ج 3 ص 26.

(4) المواهب اللدنّية ج 1 ص 185.

(5) سورة الأعراف 7: 157.


الصفحة 168
ولولا استجازة طائفة من الحشوية ـ جذّ الله دابرهم ولعنهم ـ لم نحتج إلى ذكر بعض ما ذكرناه، ولكنّهم ـ شاهت وجوههم ـ زعموا أنّه كافر، واستجازوا لعنه، فلم نجد بدّاً من إيراد ما أوردناه.

ثمّ قال: ونحن نذكر من شعره ما يدلّ على إيمانه بيتاً بيتاً، ليستدلّ به أيضاً، ويقرب تناوله على متلمّسه، والله نسأل العون بلطفه.

من ذلك قوله:


مليك الناس ليس لهُ شريكهو الوهّاب والمبدي المعيد
ومن فوق السماء لهُ لحقٌومن تحت السماءِ لهُ عبيد

وقوله أيضاً:


إنّ ابن آمنة النبيّ محمّداًعندي بمثل منازل الأولادِ

وقوله:


فما برحوا حتّى رأوا من محمّدأحاديث تجلو غمّ كلّ فؤادِ

وقوله:


وذلك من أعلامه وبيانهوليس نهارٌ واضحٌ كظلامِ

وقوله:


والله لا أخذل النبيّ ولايخذلهُ من بني ذو حسب

وقوله:


فوالله لولا الله لا شيء غيرهلأصبحتم لا تملكون لنا شربا

وقوله: القصيدة الطويلة ـ يعني اللامية ـ التي تعوّذ فيها بالله وآلائه وحرمه وشرايع حجِّه، ما لا يشكّ من سمعها أنّ قائلها من أفاضل المسلمين.

وقوله: يقولون لي:


دع نصر من جاء بالهدىوغالب لنا غلاّب كلِّ مغالب


الصفحة 169
وقوله:


ألم تعلموا أنّا وَجدْنا محمّداًنبيّاً كموسى خطّ في أوّل الكتبِ

وقوله:


ألا إنّ أحمد قد جاءهمبحقّ ولم يأتهم بالكذب

وقوله:


أميناً حَييّا في البلاد مسوماًبخاتم ربٍّ قاهر للخواتم

وقوله:


وحُطْ من أتى بالدين من عند ربّهبحقّ وصدق لا تكن حَمزَ كافرا
فقد سرّني أن قلت: إنّك مؤمنفكن لرسول الله في الله ناصرا

وقوله:


أُقيم على نصر النبيّ محمّدأُجاهد عنه بالقنا في القبائل

وقوله:


تعلم مليك الحبش أنّ محمّداًإمام كموسى والمسيح بن مريم
أتى بهدىً مثل الذي أتيا بهوكلٌّ بحمدِ الله يهدي ويعصم

وقوله:


نبيٌّ أتى بالوحي من عند ربّهفمن قال لا يقرع بها سنّ نادم

وكثير من شعره يدلّ على إيمانه، وستأتي هذه الأبيات في جمل القصائد إن شاء الله تعالى.

وفي الذي أوردناه من شهادة العبّاس له بالتوحيد، وشهادة أبي بكر، وقول أمير المؤمنين ـ رضي الله عنه ـ فيه، وقوله: أنا على ملّة عبد المطّلب، وما أتى من لفظه نثراً وقوله شعراً، ما يستدّل به اللبيب على إيمانه، ولكن طبع الله على قلوب أعدائه واستحوذ عليهم الشيطان، فبطيئاً

الصفحة 170
ما يبصرون، وكلّ من عاند أبا طالب فلبغضه لأمير المؤمنين علي ـ كرّم الله وجهه ـ، والله تعالى بالمرصاد، وسيعلم الذين ظلموا أيّ منقلب ينقلبون.

وإن ذهبنا إلى إيراد فضائل أبي طالب، واستقصاء ما كان يظهر على لسانه، طال شرح ذلك(1) .

ومن غرر أبياته التي تشعّ بنور الإيمان قوله:


يا شاهد الله عليّ فاشهدإنّي على دين النبيّ أحمد

من ضلّ في الدين فإني مهتد

وقوله:


وظلم نبي جاء يدعو إلى الهدىوأمرٌ أتى من عند ذي العرش قيّم

وقوله:


لقد أكرم الله النبيّ محمّداًفأكرم خلق الله في الناس أحمد
وشقّ له من اسمه ليُجلّهفذو العرش محمود وهذا محمّد

وقوله: وقيل لطالب بن أبي طالب:


وخير بني هاشم أحمدرسول الإله على فترة

وقوله:


ولقد علمت بأنّ دين محمّدمن خير أديان البرية دينا

وقوله:


أو تؤمنوا بكتاب منزل عجبعلى نبي كموسى أو كذي النونِ

وقوله:


قد أتاكم من المليك رسولٌفاقبلوه بصالح الأعمالِ

____________

(1) ديوان أبي طالب لعلي بن حمزة التميمي البصري: ص 157 ـ 161.