فالجواب: أن البخاري يعرف الإختلاف في أن المعوذتين هل هما من القرآن أم زائدتان؟! ومع ذلك تعمد أن يروي رواية التشكيك في المعوذتين فقط ويترك الروايات التي تثبت أنهما من القرآن! فلماذا ترك أحاديث صحيحة على شرطه، وقد روى بعضها الحاكم؟!
فما ذكره البخاري من كلمات ظاهرها أنه يعتقد بقرآنية المعوذتين، يزيد الإشكال عليه: بأنك لماذا عندما وصلت إلى الأحاديث التي تثبت أنهما من القرآن، وعمدتها عندك وعند أستاذك ابن خزيمة حديث الجهني.. لم تروِ شيئاً منها! ورويت بدلها الأحاديث التي تقول بأنهما وحيٌ علمه جبريل للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ليتعوذ بهما ويعوذ الحسنين (عليهما السلام)، ولكن جبرئيل لم يقل له إنهما من القرآن؟!
فالذي فعله البخاري أنه اقتصر على هذه الروايات النافية لجزئيتهما، مع علمه بوجود أحاديث صحيحة تثبت جزئيتهما؟!
وهل لايفهم البخاري أن أقل تشكيك في جزئية سورة من القرآن نفيٌ لقرآنيتها لأن
ألم يدرس عند أستاذه ابن خزيمة ما رواه في صحيحه:1/266: (باب قراءة المعوذتين في الصلاة ضد قول من زعم أن المعوذتين ليستا من القرآن.. أخبرنا...) وأورد الرواية التي تركها البخاري!!!
وقال ابن نجيم المصري في البحر الرائق:2/68: (وما وقع في السنن وغيرها من زيادة المعوذتين أنكرها الإمام أحمد وابن معين، ولم يخترها أكثر أهل العلم، كما ذكره الترمذي. كذا في شرح منية المصلي). انتهى.
فمن هم الذين زعموا إن المعوذتين ليستا من القرآن عند ابن خزيمة؟ هل هم الشيعة؟! وما هي السنن التي تقول بزيادة المعوذتين إلا روايات البخاري التي رواها هو وغيره؟! ولكن الفرق أن غيره روى معها ما يثبت أنهما من القرآن، بينما هو اقتصر على رواية التشكيك!!
ثم لوكان القول بزيادتهما لا وجود له، فلماذا احتاج إمامكم أحمد بن حنبل أن يرده؟! وهل هذا القول إلا ما رواه البخاري؟!
فالصحيح أن البخاري وقع في تناقض حيث ظهر من بعض كلامه أنه يقول بجزئية المعوذتين من القرآن، بينما اقتصر في روايته على ما تمسك به النافون لجزئيتهما! وهذه المسألة واضحة عند فقهائهم حيث اختلفوا في كفر من سخر بآيات المعوذتين!
قال ابن نجيم في البحر الرائق:5/205:
فمن هم هؤلاء الذين قالوا (لايكفر من سخر بآياتهما) لأنهما لم تثبت قرآنيتهما، هل هم الشيعة؟!!
الأسئلة
1 ـ ماذا تفهمون من حديث البخاري في تعويذ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) للحسن والحسين (عليهما السلام) ونصه على أنه كتعويذ إبراهيم لإسماعيل وإسحاق؟قال في:4/119: (عن ابن عباس قال:كان النبي (ص) يعوذ الحسن والحسين ويقول: إن أباكما كان يعوذ بها إسماعيل وإسحاق: أعوذ بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامة)؟!
2 ـ ماذا تفهمون من رواية عائشة لتعويذ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) للحسن والحسين (عليهما السلام) وعدم ذكرها اسمهما، بل قالت (يعوذ بعض أهله، يعوذ بعضهم) البخاري:7/24و26؟!
3 ـ إذا كان الحديث الذي يثبت أن المعوذتين من القرآن هو حديث الجهني فقط، فأين التواتر الذي تحتاجونه لإثبات قرآنيتهما؟!
4 ـ بماذ تفسرون اقتصار البخاري على روايات التشكيك في قرآنية المعوذتين، وهي صحيحة على مبناه وعند أستاذه؟!!
5 ـ لماذا كانت قراءة المعوذتين في الصلاة أمراً مستنكراً عند أتباع الخلافة وأن أول من جهر بقراءتهما عبيد الله بن زياد بعد نحو أربعين سنة من وفاة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)؟! قال ابن أبي شيبة في المصنف: 7/216: (عن مغيرة عن إبراهيم قال: أول من جهر بالمعوذتين في الصلاة عبيد الله بن زياد). انتهى.
فهل جاء هذا العرف عند عامة الناس،
6 ـ مارأيكم في فتوى البخاري وابن حبان وغيرهما الذين جوزوا أن يضم المصلي إلى قراءة المعوذتين سورة أخرى، لأنهما مشكوك في قرآنيتهما!! قال ابن حبان في صحيحه:6/201: (ذكر الإباحة للمرء أن يضم قراءة المعوذتين إلى قراءة قل هو الله أحد في وتره)؟!!
7 ـ ما رأيكم في قول الرازي في المحصول:4/480: (أنكر ابن مسعود كون المعوذتين من القرآن، فكأنه ما شاهد قراءة الرسول (ص) لهما ولم يهتدِ إلى ما فيهما من فصاحة المعجزة، أو لم يصدق جماعة الأمة في كونهما من القرآن. فإن كانت تلك الجماعة ليست حجة عليه فأولى أن لا تكون حجة علينا، فنحن معذورون في أن لا نقبل قولهم).؟!!
8 ـ ما رأيكم في قول النووي في شرح المهذب: (أجمع المسلمون على أن المعوذتين والفاتحة من القرآن وأن من جحد منهما شيئاً كفر وما نقل عن ابن مسعود باطل ليس بصحيح، ففيه نظر.
وقول الفخر الرازي في أوائل تفسيره: الأغلب على الظن أن هذا النقل عن ابن مسعود كذب باطل والطعن في الروايات الصحيحة بغير مستند لايقبل، بل الرواية صحيحة والتأويل محتمل والإجماع الذي نقله أم أراد شموله لكل عصر، فهو مخدوش وإن أراد استقراره فهو مقبول).؟!! (فتح الباري: 8/571)
المســألة: 103
سورتا الحفد والخلع بدل المعوذتين، كان يصلي بهما عمر!
ترتبط قصة سورتي الحفد والخلع المزعومتين بعملهم لحذف سورتي المعوذتين من جهة، وحذف قنوت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ودعائه على زعماء قريش من جهة أخرى!
لعن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) زعماء قريش في صلاته!
كان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يقنت في صلاته ويدعو على فراعنة قريش ويسميهم بأسمائهم ويلعنهم، ومنهم أبو سفيان، وسهيل بن عمر، والحارث بن هشام، وصفوان بن أمية، وبعض زعماء قبائل العرب! واستمر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في ذلك حتى بعد فتح مكة وإعلانهم إسلامهم تحت السيف، وكان ذلك من أصعب الأمور عليهم!
ففي صحيح مسلم:2/134، عن أبي هريرة: (كان رسول الله (ص) يقول حين يفرغ من صلاة الفجر من القراءة ويكبر ويرفع رأسه سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد، ثم يقول وهو
ثم قال أبو هريرة: ثم بلغنا أنه ترك ذلك لما أنزل: لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ). انتهى.
ولكن كلام أبي هريرة الأخير كان مداراة للسلطة القرشية، لأن مسلماً نفسه روى عنه بعد ذلك أنه قال: (والله لأقربن بكم صلاة رسول الله (ص) فكان أبو هريرة يقنت في الظهر والعشاء الآخرة وصلاة الصبح، ويدعو للمؤمنين ويلعن الكفار). انتهى.
وقد بادرت السلطة القرشية بعد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لمعالجة هذه المشكلة حيث أن عدداً من الملعونين على لسان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وأبناءهم الطلقاء كانوا موجودين في المدينة، وبثقلهم استطاع عمر أن ينتزع الخلافة من بني هاشم والأنصار! فقد ورد أن عدد الذين كان أرسلهم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) منهم في جيش أسامة تسع مئة مقاتل!
وقد عالجوا مشكلة الملعونين بعدة معالجات:
منها، أنهم رووا أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) اعترف بخطئه، ودعا الله تعالى أن يجعل لعنه لهم (صلاة وقربة، زكاة وأجراً، زكاة ورحمة، كفارة له يوم القيامة، صلاة وزكاة وقربة تقربه بها يوم القيامة، مغفرة وعافية وكذا وكذا.. بركة ورحمة ومغفرة
ومنها، زعمهم أن الله تعالى أنزل عليه توبيخاً لذلك بقوله تعالى: (لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَئٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ) (سورة آل عمران: 128) فإنك تجد الروايات في تفسيرهم لها من كل حدب وصوب في تخطئته (صلى الله عليه وآله وسلم) وتوبيخه لأنه دعا بأمر ربه على طغاة قريش ولعنهم! وكأنهم وجدوا ضالتهم من القرآن ضد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)!!
فقد عقد البخاري لها أربعة أبواب! روى فيهاكيف رد الله تعالى دعاء نبيه (صلى الله عليه وآله وسلم) عليهم ومنعه من لعنهم! ولم يسم في أكثر رواياته الملعونين المحترمين حفظاً على (كرامتهم)!
قال في:5/35: (عن سالم عن أبيه أنه سمع رسول الله (ص) إذا رفع رأسه من الركوع من الركعة الأخيرة من الفجر يقول اللهم العن فلاناً وفلاناً وفلاناً بعد ما يقول سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد، فأنزل الله عزوجل: ليس لك من الأمر شئ الى قوله فإنهم ظالمون). انتهى.
وفي:5/35: (كان رسول الله (ص) يدعو على
ونتيجة رواياتهم: أن الآية نزلت عدة مرات، من أجل عدة أشخاص أو فئات، وفي أوقات متفاوتة، فبلغت أسباب نزولها العشرين مناسبة متناقضة في الزمان والمكان والأشخاص الملعونين!!
ومنها، أن جبرئيل جاء إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو يقنت ويلعنهم في صلاته، فقطع عليه قنوته وصلاته ووبخه وعلمه بدل اللعن (سورتي الحفد والخلع)!!
قال البيهقي في سننه:2/210: (عن خالد بن أبي عمران قال: بينا رسول الله (ص) يدعو على مضر (يعني قريش) إذ جاءه جبرئيل فأومأ إليه أن اسكت فسكت، فقال: يا محمد إن الله لم يبعثك سَبَّاباً ولا لَعَّاناً! وإنما بعثك رحمة ولم يبعثك عذاباً، ليس لك من الأمر شئ أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون. ثم علمه هذا القنوت: اللهم إنا نستعينك ونستغفرك ونؤمن بك ونخضع لك ونخلع ونترك من يكفرك.
اللهم إياك نعبد ولك نصلي ونسجد وإليك نسعى ونحفد ونرجو رحمتك ونخشى عذابك ونخاف عذابك الجد، إن عذابك بالكافرين ملحق).
ثم قال البيهقي: (هذا مرسل وقد روي عن عمر بن الخطاب صحيحاً موصولاً. ثم روى أن عمر قنت بعد الركوع فلعن كفرة أهل الكتاب! وقال:
بسم الله الرحمن الرحيم. اللهم إنا نستعينك ونستغفرك ونثني عليك ولا نكفرك ونخلع ونترك من يفجرك.
وكرره في روايات متعددة، ليس أكثر منها إلا روايات السيوطي في الدر المنثور: 6/420، تحت عنوان: (ذكر ما ورد في سورة الخلع وسورة الحفد).
ثم أفتى فقهاؤهم باستحباب ذلك شرعاً ففي فتح العزيز:4/250: (واستحب الأئمة منهم صاحب التلخيص أن يضيف إليه (القنوت) ما روي عن عمر)! وأفتى به مالك في المدونة:1/103، والشافعي في الأم:7/148، والنووي في المجموع:3/493، وأوردوا رواية البيهقي وقنوت عمر.
ومن الطبيعي أن تكون هاتان (السورتان) موجودتين في مصحف عمر الذي كان عند حفصة! الذي أحرقه مروان ولم ينشر والحمد لله.
ابن حزم يتجرأ ويفضح سورتي عمر!
وقد تجرأ ابن حزم وأفتى بأن (السورتين) من كلام عمر وليست مأثورة عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)!! قال في المحلى:4/148: (وقد جاء عن عمر القنوت بغير هذا، والمسند أحب إلينا. فإن قيل: لايقوله عمر إلا وهو عنده عن النبي (ص). قلنا لهم: المقطوع في الرواية على أنه عن
فإن قلتم ليس ظناً، فأدخلوا في حديثكم أنه مسند فقولوا: عن عمر عن النبي (ص)! فان فعلتم كذبتم، وإن أبيتم حققتم أنه منكم قولٌ على رسول الله (ص) بالظن الذي قال الله تعالى فيه إن الظن لا يغني من الحق شيئاً).
وقال في:3/91: (ويدعو المصلي في صلاته في سجوده وقيامه وجلوسه بما أحب، مما ليس معصية، ويسمي في دعائه من أحب. وقد دعا رسول الله (ص) على عصية ورعل وذكوان، ودعا للوليد بن الوليد وعياش بن أبي ربيعة وسلمة بن هشام، يسميهم بأسمائهم، وما نهى عليه السلام قط عن هذا ولا نُهِيَ هو عنه) انتهى.
وكلامه الأخير ضربة قوية لسورتي الحفد والخلع، وتكذيب لحديث الشافعي والبيهقي: (يا محمد إن الله لم يبعثك سباباً ولا لعاناً)!
ونسبوا حفد عمر وخلعه إلى أبيّ بن كعب!
بهذا التوضح الموجز تعرف أن سورتي الحفد والخلع عمريتان قرشيتان، ولا علاقة لهما بالأنصار ولا بأبيّ بن كعب!
وأن كل رواية تنسبهما إليه فهي لاستغلال اسمه في تسويقهما! من نوع ما رواه في الدر المنثور: 6/420، عن حماد قال: (قرأنا في مصحف أبيّ بن كعب: اللهم إنا نستعينك وتستغفرك ونثني عليك الخير ولا
وفي مصحف ابن عباس قراءه أبيٍّ وأبي موسى: بسم الله الرحمن الرحيم. اللهم إنا نستعينك ونستغفرك ونثني عليك الخير ولا نكفرك ونخلع ونترك من يفجرك. وفي مصحف حجر: اللهم إنا نستعينك. وفي مصحف ابن عباس قراءة أبيّ وأبي موسى: اللهم إياك نعبد ولك نصلي ونسجد وإليك نسعى ونحفد، نخشى عذابك ونرجو رحمتك إن عذابك بالكفار ملحق). انتهى.
فإن أرادوا نسبتها إلى أبيٍّ نفسه، فقد عرفت ما فيه.
وإن أرادوا نسبتها إلى مصحفه، فإن ابنه محمداً سلمه إلى عثمان عندما وحد المصحف، ولم يكن عند أحد.
الأسئلة
1 ـ معنى اللعن الطرد من رحمة الله تعالى، فهل تتصورون أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يلعن أحداً من عنده بدون إذن الله تعالى أو أمره؟
2 ـ هل تنسبون إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ما نسبه مسلم إليه من أنه كان يؤذي ويسب ويضرب ظلماً بدون حق؟ (صحيح مسلم: 8/26عن أبي هريرة: سمعت رسول الله (ص) يقول: اللهم إنما محمد بشر يغضب كما يغضب البشر، وإني قد اتخذت عندك عهداً لن تخلفنيه، فأيما مؤمن آذيته أو سببته أو جلدته فاجعلها له كفارة وقربة تقربه بها إليك يوم القيامة).؟!!
3 ـ هل تقبلون أسباب النزول المتناقضة التي روتها صحاحكم في سبب نزول قوله تعالى: (لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَئٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ)؟!
4 ـ هل تقبلون رواية البيهقي في نزول جبرئيل وتوبيخ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وقطع صلاته، أم توافقون على كلام ابن حزم؟!
5 ـ هل تقبلون نسبة سورتي الحفد والخلع إلى أبيّ بن كعب؟!
6 ـ هل تفتون باستحباب القنوت بسورتي عمر؟!
الفصل الثالث عشر
صحِّحوا مصاحفكم..أو خطِّئوا مصادركم!
المســألة: 104
إفتحوا مصاحفكم وصححوها.. أو ارفضوا البخاري وعمر!
وقف عمر بن الخطاب في وجه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ورفض أن يكتب وصيته لأمته لكي يؤمنها من الضلال! فقال عمر (كتاب الله حسبنا)!
فوقفتم معه وصحتم في وجه نبيكم: (القول ما قاله عمر)!!
ووقف عمر في السقيفة وقال نحن قبائل قريش، ومحمد قرشي، فمن ذا ينازعنا سلطان محمد؟! فوقفتم معه!!
وهاجم عمر بيت علي وفاطمة (عليهما السلام) وأحضر الحطب وأشعله في باب الدار، وهددهم إن لم يخرجوا ويبايعوا أن يحرق عليهم البيت بمن فيه! وفيه علي وفاطمة والحسن والحسين وعدد من كبار المهاجرين والأنصار وقفوا إلى جانب أهل البيت!
فوقفتم مع عمر، وقلتم ما فعله هو الحق!
ثم أخذتم من عمر كل دينكم، وأطعتموه فيما قال وفيما فعل، بل جعلتموه أساس دينكم فتوليتم من والاه وعاديتم من رفضه وعاداه!
فما لكم تخذلونه في آيات من كتاب الله بيَّنها لكم، وكان يقرؤها في صلاته وغير صلاته؟!
فمن الآن توبوا عن مخالفة إمامكم، وليفتح كل منكم مصحفه ويصححه حسب قراءة عمر:
صححوا هذه الآية في سورة الجمعة:
قال البخاري في صحيحه:6/63: (قوله: وَآخَرِينَ
وروى ابن شبة في تاريخ المدينة:2/711: (عن إبراهيم عن خرشة بن الحر قال: رأى معي عمر بن الخطاب لوحاً مكتوباً فيه: إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله، فقال: من أملى عليك هذا؟ قلت أبي بن كعب، فقال إن أبياً كان أقرأنا للمنسوخ، إقرأها: فامضوا إلى ذكر الله!). (ورواه البيهقي في سننه:3/227 والسيوطي في الدر المنثور:6/219) وصححوا آيتين في سورة الحمد:
قال السيوطي في الدر المنثور:1/15: (أخرج وكيع وأبو عبيد وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي داود وابن الأنباري كلاهما في المصاحف من طرق، عن عمر بن الخطاب أنه كان يقرأ: سراط من أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم وغير الضالين). (ورواه البغوي في معالم التنزيل:1/42 والراغب في المحاضرات:2/ 199 وابن جزي في التسهيل، وغيرهم.. وغيرهم).
وفي تفسير ابن كثير:1/31: (ولهذا روى أبو عبد القاسم بن سلام في كتاب فضائل القرآن عن أبي معاوية، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن الأسود ن عن عمر بن الخطاب أنه كان يقرأ: غير المغضوب عليهم وغير الضالين. وهذا إسناد صحيح).
وفي فتح الباري:8/122: (ويؤيده قراءة عمر: غير المغضوب عليهم وغير الضالين. ذكرها أبو عبيد وسعيد بن منصور بإسناد صحيح).
وصححوا ثلاث آيات في سورة البقرة وآل عمران وطه:
قال البخاري:6/72 (كما قرأ عمر: الحي
وفي فتح الباري:8/510: (قوله كما قرأ عمر الحي القيام.. وقد أخرج أبو عبيدة في فضائل القرآن من طريق يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب عن أبيه عن عمر أنه صلى العشاء الآخرة فاستفتح آل عمران فقرأ الله لا إله إلا هو الحي القيام، وأخرج بن أبي داود في المصاحف من طرق عن عمر أنه قرأها كذلك).
وصححوا آية في سورة النازعات:
وهي قوله تعالى: (أَإِذَا كُنَّا عِظَاماً نَخِرَةً) فاكتبوها (ناخرة) بالألف!
قال السيوطي في الدر المنثور:6/312: (وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد عن عمر بن الخطاب أنه كان يقرأ: أئذا كنا عظاماً ناخرة، بألف). (وكذلك في كنز العمال:2/591) وفي تاريخ ابن معين:2/121: (سمعت يحيى بن معين يقول: حدثنا غندر، عن شعبة، عن سفيان، عن الأعمش، عن زيد بن معاوية عن ابن عمر أنه قرأ عظاماً ناخرة) وفي مجمع الزوائد:7/133 (عن ابن عمر أنه كان يقرأ هذا الحرف: أئذا كنا عظاماً ناخرة.
الأسئلة
1 ـ ماذا تختارون: تصحيح المصاحف، أو تخطئة البخاري وعمر؟!
2- ما رأيكم في قول عمر وما روي عن ابن مسعود أن معنى فاسعوا إلى ذكر الله، أي فاركضوا ركضاً! ففي مجمع الزوائد:7/124 (عن إبراهيم قال قال عبد الله بن مسعود... لو قرأتها فاسعوا سعيت حتى يسقط ردائي! وكان يقرؤها فامضوا. رواه الطبراني وإبراهيم لم يدرك ابن مسعود ورجاله ثقات)!!
3 ـ ما رأيكم في فتوى القرطبي بأنه يجوز جحد قراءات عمر؟!
قال في تفسيره:1/83: (ومما يحكون عن عمر بن الخطاب أنه قرأ: غير المغضوب عليهم وغير الضالين، مع نظائر لهذه الحروف كثيرة لم ينقلها أهل العلم على أن الصلاه بها تحل، ولا على أنها معارض بها مصحف عثمان، لأنها حروف لوجحدها جاحد أنها من القرآن لم يكن كافراً، والقرآن الذي جمعه عثمان بموافقة الصحابة له لو أنكر بعضه منكر كان كافراً، حكمه حكم المرتد يستتاب، فإن تاب وإلا ضربت عنقه).
4 ـ ما رأيكم في ترجيح من رجح قراءة عمر على المصحف الموجود، وفي تخطئة ابن حجر لعمر؟
في فتح الباري:8/530: (قال أبو عبيدة في قوله تعالى (عظاما نخرة): ناخرة ونخرة سواء، وقال الفراء مثله، قال وهما
قلت قرأها نخرة بغير ألف جمهور القراء وبالألف الكوفيون لكن بخلف عن عاصم.
تنبيه: قوله والباخل والبخيل. في رواية الكشميهني بالنون والحاء المهملة فيهما، وبغيره بالموحدة والمعجمة، وهو الصواب.وهذا الذي ذكره الفراء قال هو بمعنى الطامع والطمع والباخل والبخل. وقوله سواء أي في أصل المعنى وإلا ففي نخرة مبالغة ليست في ناخرة). انتهى.
5 ـ لو أنصفتم لرأيتم أن المشكلة ليست هذه القراءات العمرية فقط، بل الكثير غيرها أيضاً من آراء عمر وشهاداته في الآيات وقراءاته!
فماذا تصنعون عندما يثبت لكم قول أو فعل لعمر يخالف القرآن الذي بأيدي المسلمين؟!
المســألة: 105
آيات عائشة التي أكلتها السخلة!
فجعلت قرآن المسلمين ناقصاً إلى يوم الدين!!
قصة السخلة التي أكلت الآيات ترتبط بمسألة رضاع الكبير التي تفردت بها عائشة فقالت يجوز للمرأة أن ترضع الرجل الكبير فيكون ابناً لها في الرضاعة وخالفها نساء النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) واستنكرن ذلك، لكنها أصرت على قولها، وزادت عليه أن الرضاعة التي تجعله ابناً خمس رضعات وليس خمس عشرة رضعة أو عشر رضعات كما يقلن!
وقالت نزلت آية تكتفي بخمس رضعات وكانت تقرأ في القرآن حتى توفي النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وكانت مكتوبة مع آيات غيرها على ورقة تحت سريرها، فانشغلت بوفاة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فدخلت سخلة وأكلت الورقة!
قال مسلم:4/167: (عن عائشة أنها قالت: كان فيما أنزل من القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن، ثم نسخن بخمس معلومات، فتوفي رسول الله (ص) وهن فيما يقرأ من القرآن)! ورواه الدارمي:2/157، وابن ماجة:1/625، ومسند الشافعي ص416، وروى بعده قولها: (لقد نزلت آية الرجم ورضاعة الكبير عشراً، ولقد كان في صحيفة تحت سريري، فلما مات رسول الله (ص) وتشاغلنا بموته دخل داجن فأكلها). انتهى.
والداجن: الحيوان الذي يربى في المنزل، ولذا قلنا: أكلتها السخلة.
وكانت عائشة ترسل الرجل الذي تريده
وذكر الرواة أسماء بعض الرجال الذين أرضعتهم عائشة عند أقاربها ليدخلوا عليها بدون حرج.
قال أحمد في مسنده:6/271: (كانت عائشة تأمر أخواتها وبنات أخواتها أن يرضعن من أحبت عائشة أن يراها ويدخل عليها وإن كان كبيراً، خمس رضعات ثم يدخل عليها! وأبت أم سلمة وسائر أزواج النبي (ص) أن يدخلن عليهن بتلك الرضاعة أحداً من الناس حتى يرضع في المهد). انتهى.
أما الأئمة من أهل البيت (عليهم السلام) فقالوا: لارضاع بعد فطام، ولا رضاع مع طعام فلا بد أن يكون الطفل في سن الرضاعة، وأن يرضع من المرأة خمس عشرة رضعة متصلة، أو ما ينبت اللحم ويشد العظم.
الأسئلة
1 ـ ما رأيكم في رضاع الرجل الكبير من المرأة الأجنبية؟!
2 ـ ما رأيكم فيما فعلته حفصة، فقد أورد عبد الرزاق في مصنفه: 7/458، تحت باب رضاع الكبير نحو خمسين رواية، منها: عن ابن جريح قال: سمعت نافعاً مولى ابن عمر يحدث أن ابنة أبي عبيد امرأة ابن عمر أخبرته أن حفصة بنت عمر زوج النبي (ص) أرسلت بغلام نفيس لبعض موالي عمر إلى أختها فاطمة بنت عمر، فأمرتها أن ترضعه عشر مرات ففعلت، فكان يلج عليها بعد أن كبر). انتهى.
3 ـ ما رأيكم بفتوى عبد الله بن عمر بأن المصة الواحدة تحرِّم؟ قال السيوطي في الدر المنثور:2/135: (وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عمر قال: المصة الواحدة تحرِّم) انتهى.
4 ـ مارأيكم فيما رواه البخاري:6/125: (عن مسروق عن عائشة أن النبي (ص) دخل عليها وعندها رجل، فكأنه تغير وجهه كأنه كره ذلك! فقالت إنه أخي. فقال: أنظرن من إخوانكن! فإنما الرضاعة من المجاعة)!
وفي:3/150:قال: ياعائشة من هذا؟ قلت أخي من الرضاعة...
5 ـ زعمتم أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) تمرض وتوفي ودفن في بيت عائشة أي في غرفتها. وقالت عائشة هنا: (ولقد كان في صحيفة تحت سريري، فلما مات رسول الله (ص) وتشاغلنا بموته،