الصفحة 585
وفرعاً، وأحسنها جنىً!

وكيف تهلك أمة أنا أولها واثنا عشر من بعدي من السعداء وأولي الألباب، والمسيح عيسى بن مريم آخرها؟!ولكن يهلك بين ذلك نتج الهرج، ليسوا مني ولست منهم).! (ورواه في كمال الدين ص 269، وفي عيون أخبار الرضا (عليه السلام):2/56).

ولا يتسع المجال للمقارنة بين هذين النوعين من الأحاديث، وإثبات بطلان حديث عمر

المســألة: 112
زعم كعب أن الكعبة ستهدم.. ومكة ستخرب فلا يسكنها أحد!

في مسند أحمد:2/220: (عن عبد الله بن عمرو قال سمعت رسول الله (ص) يقول: يخرب الكعبة ذوالسويقتين من الحبشة ويسلبها حليتها ويجردها من كسوتها! ولكأني أنظر إليه أصيلع أفيدع يضرب عليها بمسحاته ومعوله)!

وفي مجمع الزوائد:3/298: (عن أبي هريرة أن رسول الله (ص) قال: يبايع لرجل بين الركن والمقام ولن يستحل البيت إلا أهله فإذا استحلوه فلا تسل عن هلكة العرب! ثم تأتي الحبشة فتخربه خراباً لا يعمر بعده أبداً! وهم الذين يستخرجون كنزه. قلت في الصحيح بعضه رواه أحمد ورجاله ثقات).

وفي مصنف عبد الرزاق:5/ 136، بسند صحيح عندهم، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله (ص): في آخر الزمان يظهر ذو السويقتين على الكعبة قال: حسبت أنه قال: فيهدمها! قال معمر: وبلغني عن بعضهم أن الكعبة تهدم ثلاث مرات، ترفع في الثالثة أو

الصفحة 586
الرابعة، فاستمتعوا منها)!!

وروى أحمد:1 / 23: حديثاً نبوياً عن عمر أنه سمع رسول الله (ص) يقول: سيخرج أهل مكة ثم لايعبر بها أولا يعبر بها إلا قليل، ثم تمتلئ وتبنى ثم يخرجون منها فلا يعودون فيها أبداً)! (وقال عنه في مجمع الزوائد:3 / 298: رواه أحمد وأبو يعلي وفيه ابن لهيعة وحديثه حسن، وبقية رجاله رجال الصحيح).

أما البخاري فقد عقد باباً في:2/159، بعنوان: (باب هدم الكعبة!) وروى فيه حديث أحمد المتقدم لكن عن أبي هريرة مختصراً قال: (عن أبي هريرة عن النبي (ص) قال: يخرب الكعبة ذو السويقتين من الحبشة)! (ورواه مسلم:8/183)

ثم روى البخاري حديثين آخرين، أحدهما عن ابن عباس عن النبي (ص) قال: كأني به أسود أفحج يقلعها حجراً حجراً!!

وحديثاً عن عائشة عن النبي (ص) قال: يغزو جيش الكعبة فيخسف بهم!

وحديث (جيش الخسف) الذي رواه البخاري هنا وبتره معروف مشهور، لا علاقة له بهدم الكعبة، وقد رواه كبار أئمتهم عن كبار الصحابة، من علامات المهدي (عليه السلام) وأنه يعوذ بالبيت فيقصده جيش السفياني فيخسف الله بهم في بيداء المدينة! ولو أردنا أن نستعرض مصادره وطرقه وتصحيحات العلماء له لبلغ ذلك رسالة مستقلة بأكثر من مئة صفحة! وقد استقيصناه بشكل متوسط في معجم أحاديث الامام المهدي (عليه السلام):1/442.

ومن رواياته الصحيحة عندهم كما في أحمد:6/316، وأبي داود:4/107، وابن أبي شيبة:15/45

الصفحة 587
, وعبد الرزاق:11/ 371، وغيرهم:

(يكون اختلاف عند موت خليفة، فيخرج رجل من المدينة فيأتي مكة، فيستخرجه الناس من بيته وهو كاره فيبايعونه بين الركن والمقام، فيبعث إليه جيش من الشام، حتى إذا كانوا بالبيداء خسف بهم، فيأتيه عصائب العراق وأبدال الشام فيبايعونه، فيستخرج الكنوز ويقسم المال، ويلقي الاسلام بجرانه إلى الأرض)

ومن رواياته في مصادرنا كما في غيبة الطوسي ص269 والإختصاص ص255:

عن الإمام الباقر (عليه السلام): (ويبعث السفياني بعثاً إلى المدينة فينفر المهدي منها إلى مكة، فيبلغ أمير جيش السفياني أن المهدي قد خرج إلى مكة، فيبعث جيشاً على أثره، فلا يدركه حتى يدخل مكة خائفاً يترقب على سنة موسى بن عمران (عليه السلام). قال: فينزل أمير جيش السفياني البيداء، فينادي مناد من السماء: يا بيداء أبيدي القوم! فيخسف بهم فلا يفلت منهم إلا ثلاثة نفر يحول الله وجوههم إلى أقفيتهم وهم من كلب، وفيهم نزلت هذه الآية: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ آمِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقاً لِمَا مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهاً فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا.. الآية. قال: والقائم يومئذ بمكة، قد أسند ظهره إلى البيت الحرام مستجيراً به، فينادي:

يا أيها الناس إنا نستنصر الله، فمن أجابنا من الناس فإنا أهل بيت نبيكم محمد، ونحن أولى الناس بالله وبمحمد (صلى الله عليه وآله وسلم).

فمن حاجني في آدم فأنا أولى الناس بآدم، ومن حاجني في نوح فأنا أولى الناس بنوح، ومن حاجني في إبراهيم فأنا أولى الناس بإبراهيم، ومن حاجني في محمد فأنا أولى

الصفحة 588
الناس بمحمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، ومن حاجني في النبيين فأنا أولى الناس بالنبيين، أليس الله يقول في محكم كتابه: إِنَّ اللهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ. ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ.

فأنا بقية من آدم وذخيرة من نوح، ومصطفى من إبراهيم، وصفوة من محمد صلى الله عليهم أجمعين.

ألا فمن حاجني في كتاب الله فأنا أولى الناس بكتاب الله، ألا ومن حاجني في سنة رسول الله فأنا أولى الناس بسنة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فأنشد الله من سمع كلامي اليوم لما بلغ الشاهد الغائب، وأسألكم بحق الله، وحق رسوله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وبحقي، فإن لي عليكم حق القربي من رسول الله، إلا أعنتمونا ومنعتمونا ممن يظلمنا، فقد أخفنا وظلمنا، وطردنا من ديارنا وأبنائنا، وبغي علينا، ودفعنا عن حقنا، وافترى أهل الباطل علينا، فالله الله فينا، لاتخذلونا وانصرونا ينصركم الله تعالى.

قال: فيجمع الله عليه أصحابه ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً، ويجمعهم الله له على غير ميعاد قزعاً كقزع الخريف، وهي يا جابر الآية التي ذكرها الله في كتابه: أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللهُ جَمِيعاً إِنَّ اللهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ. فيبايعونه بين الركن والمقام، ومعه عهد من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قد توارثته الابناء عن الآباء، والقائم يا جابر رجل من ولد الحسين يصلح الله له أمره في ليلة. فما أشكل على الناس من ذلك يا جابر فلا يشكلن عليهم ولادته من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، ووراثته العلماء عالما بعد عالم، فإن

الصفحة 589
أشكل هذا كله عليهم، فإن الصوت من السماء لايشكل عليهم إذا نودي باسمه واسم أبيه وأمه).

تحير الشرح في أحاديث البخاري في هدم الكعبة!

قال ابن حجر في فتح الباري:3/368 عن حديث عائشة في جيش الخسف:

(فيه إشارة إلى أن غزو الكعبة سيقع فمرة يهلكهم الله قبل الوصول إليها وأخرى يمكنهم والظاهر أن غزو الذين يخربونه متأخر عن الأولين...

قوله كأني به.. كذا في جميع الروايات عن ابن عباس في هذا الحديث والذي يظهر أن في الحديث شيئاً حذف ويحتمل أن يكون هو ماوقع في حديث علي عند أبي عبيد في غريب الحديث من طريق أبي العالية عن علي قال: استكثروا من الطواف بهذا البيت قبل أن يحال بينكم وبينه فكأني برجل من الحبشة أصلع أو قال أصمع حمش الساقين قاعد عليها وهي تهدم!

ثم قال ابن حجر:

قيل:

هذا الحديث يخالف قوله تعالى: أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَماً آمِناً، ولأن الله حبس عن مكة الفيل ولم يمكن أصحابه من تخريب الكعبة ولم تكن إذ ذاك قبلة، فكيف يسلط عليها الحبشة بعد أن صارت قبلة للمسلمين؟!

وأجيب:

بأن ذلك أمر يقع في آخر الزمان قرب قيام الساعة حيث لايبقى في الأرض أحد يقول الله الله، كما ثبت في صحيح مسلم: لا تقوم الساعة حتى لايقال في الأرض الله الله،

الصفحة 590
ولهذا وقع في رواية سعيد بن سمعان لايعمر بعده أبداً. وقد وقع قبل ذلك فيه من القتال وغزو أهل الشام له في زمن يزيد بن معاوية ثم من بعده في وقائع كثيرة من أعظمها وقعة القرامطة بعد الثلاثمائة.... وكل ذلك لايعارض قوله تعالى: أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَماً آمِناً، لأن ذلك إنما وقع بأيدي المسلمين فهو مطابق لقوله (ص): ولن يستحل هذا البيت إلا أهله فوقع ما أخبر به النبي (ص) وهو من علامات نبوته وليس في الآية ما يدل على استمرار الأمن المذكور فيها. والله أعلم).

وبذلك رجح ابن حجر أحاديث هدم الكعبة وزوالها، على غيرها!!

ثم واجه في المجلد:13/ 68: الحديث النبوي بأن البيت يبقى عامراً حتى عند قرب القيامة ومجئ يأجوج ومأجوج! فحاول أن يوفق بينهما بأن هدم الكعبة قبل يأجوج ومأجوج! قال: (تقدم في الحج أن البيت يحج بعد خروج يأجوج ومأجوج وتقدم الجمع بينه وبين حديث لاتقوم الساعة حتى لايحج البيت وأن الكعبة يخربها ذو السويقتين من الحبشة، فينتظم من ذلك أن الحبشة إذا خربت البيت خرج عليهم القحطاني فأهلكهم، وأن المؤمنين قبل ذلك يحجون في زمن عيسى بعد خروج يأجوج ومأجوج وهلاكهم، وأن الريح التي تقبض أرواح المؤمنين تبدأ بمن بقي بعد عيسى ويتأخر أهل اليمن بعدها! ويمكن أن يكون هذا مما يفسر به قوله الايمان يمان أي يتأخر الإيمان بها بعد فقده من جميع الأرض! وقد أخرج مسلم حديث

الصفحة 591
القحطاني عقب حديث تخريب الكعبة ذو السويقتين فلعله رمز إلى هذا)! انتهى.

وهذا تخليط من ابن حجر في تسلسل الأحداث بعد ظهور المهدي (عليه السلام)

وكذلك في تصديق رواياتها كحديث القحطاني الذي جعل ظهوره بعد المهدي وعيسى (عليهما السلام)، مع أن روايته في مصادرهم متضاربة متناقضة! بعضها يقول يظهر قبل المهدي، وبعضها بعد المهدي، وبعضها يقول هو المهدي، وأكثرها مقطوعة غير مسندة، وأصلها كلها فيما يبدو عن كعب!!

وبعضها يقول إن القحطاني أو المنصور الموعود هو اليماني وزير المهدي (عليه السلام)، وهو الموافق لأحاديث أهل البيت (عليهم السلام).

ويفهم من حديث ابن حماد في الفتن ص237: أن أصل رواية القحطاني إضافة من بعض اليمانية في مقابل أحاديث المهدي (عليه السلام)، قال: (حدثنا ابن لهيعة عن عبد الرحمن بن قيس بن جابر الصدفي أن رسول الله (ص) قال: سيكون من أهل بيتي رجل يملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً. ثم من بعده القحطاني والذي بعثني بالحق ما هو دونه).

وروى ابن حماد رد عبدالله بن عمرو بن العاص على اليمانيين، قال: (يا معشر اليمن تقولون إن المنصور منكم! والذي نفسي بيده إنه لقرشي أبوه ولو أشاء أن أسميه إلى أقصى حد هو له، لفعلت).!!

والذي يخص بحثنا هنا أن ابن حجر نسي أن أحاديث هدم الكعبة عندهم تنص على أنها لاتبنى بعده، فكيف يحج اليها بعد ذلك؟! ففي صحيح أحمد أو موثقه المتقدم: (ثم

الصفحة 592
تأتي الحبشة فتخربه خراباً لا يعمر بعده أبداً)!!

بل رواه الحاكم:4/452 وصححه على شرط الشيخينوفيه: (ثم يجئ الحبشة فيخربونه خراباً لايعمر بعده)! فلا بد لمن ثبت عنده أن البيت يُحج بعد خروج يأجوج ومأجوج أن يكذب أحاديث هدمه، وهذا هو الصحيح. أو يتمحل ويقول كما قال أبو يعلى في مسنده:2/278، بأن البيت يكون خرباناً ويُحَجُّ مكانه!!

وأخيراً نلاحظ أنه يوجد حديث نبوي آخر يأمر بترك حرب الحبشة، وأن الذي يستخرج كنز الكعبة رجل من الحبشة، لكن ليس فيه ذم للأفارقة ولا أن أحداً منهم أو من غيرهم يهدم الكعبة، وقد رواه أحمد وعدد من مصادرهم، كما رواه قرب الإسناد من مصادرنا، لكن البخاري ومسلم تركاه ورويا حديث هدم الكعبة!

قال الحاكم في المستدرك:4/453: (عن عبدالله بن عمرو أن النبي (ص) قال: أتركوا الحبشة ما تركوكم فإنه لايستخرج كنز الكعبة إلا ذو السويقتين من الحبشة. ثم قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد وليم يخرجاه. وقد اتفقا جميعا على إخراج حديث سفيان عن وثاب بن سعد عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: يخرب الكعبة ذو السويقتين من الحبشة). (راجع: مسند أحمد:5/ 371، وأبو داود:2/316، والنسائي:5/216، و قرب الإسناد للحميري القمي ص 82 وبحار الأنوار:18/145)

*  *  *


الصفحة 593

الصفحة 594

المســألة: 113
قال كعب: قريش ستفنى بيد أهل اليمن فلا يبقى منها أحد!

زعمت أحاديث في مصادر السنيين أن قريشاً ستفنى بيد اليمانيين فلا يبقى منهم أحد! وفيها أحاديث صحيحة السند على شرط الشيخين!!

وأكثر الظن أنها وضعت في زمن معاوية وبعده عندما اشتد تسلط الأمويين على مقدرات المسلمين، وشعر اليمانيون بالغبن والإضطهاد من القرشيين رغم مشاركتهم الواسعة في الفتوحات، وكونهم قوام الجيش الأموي!

ولاشك عندي أن أصل هذه الأحاديث من اختراع كعب الأحبار لتحريك اليمانيين وتحقيق أحلامه اليهودية! فإن أي مسلم يعرف أن أمة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وأهل بيته باقون الى يوم القيامة، فقد أوصى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بعترته والقرآن وأخبر أنهما لن يفترقا حتى يردا عليه الحوض، ووعد أمته بأن الله تعالى سيبعث فيها المهدي (عليه السلام) في آخر الزمان فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعد أن ملئت ظلماً وجوراً.. الخ.

والرواية التالية تكشف دور كعب، وأن كلامه صار حديثاً نبوياً رواه أبو هريرة وغيره!

قال نعيم في كتابه الفتن ص239: (حدثنا بقية وعبد القدوس، عن أبي بكر، عن المشيخة عن كعب قال: إذا قاتلت اليمن صاحب بيت المقدس أقبلوا على قريش

الصفحة 595
فقتلوهم فلا يبقى منهم أحد إلا قتلوه حتى يصاب نعل من نعالهم فيقال هذه نعل قرشي)!

وفي صفحة 242: (حدثنا بقية بن الوليد وعبد القدوس وعبد الله بن مروان عن أبي بكر بن أبي مريم عن المشيخة، عن كعب: قال صاحب جلاء أهل اليمن رجل من بني هاشم منزله بيت المقدس حرسه اثنا عشر ألفاً يجلي أهل اليمن حتى ينتهوا إلى مقدم الأرض فينزلوا على لخم وجذام فيواسونهم في معائشهم حتى يصيروا فيها سواء، ثم يقبل أهل اليمن بعضهم على بعض فيقولون أين تذهبون وإلى مَ ترجعون؟

فينتدب لهم رجل منهم فيقول أنا رسولكم إلى واليكم هذا برسالتكم فينطلق حتى يقدم عليه ببيت المقدس بكتابهم ورسالتهم أن يعفيهم ويردهم إلى منازلهم، فيأمر بضرب عنقه، فإذ أبطأ عليهم بعثوا رجلاً آخر فإذا قوم عليهم أمر بضرب عنقه فإذ أبطأ عليهم بعثوا رجلاً آخر فيأمر بضرب عنقه فيخلصه الله تعالى حتى يقدم عليهم فيخبرهم بقتل صاحبيه وما أراد من قتله! فيجتمعون فيولون عليهم أميراً منهم ثم يسيرون إليه فيقاتلونه فينصرهم الله تعالى عليه ويقتلونه، ثم يقبلون على قريش فلا يبقى قرشي إلا قتلوه، حتى يصاب نعل من نعالهم فيقال هذا نعل قرشي). انتهى.

فأنت ترى أن كعباً اليهودي اليماني يصور (سيناريو) حرب اليمن مع قريش بعد ظهور مهديهم الموعود!

وعندما ترى أن كلام كعب الأحبار تحول

الصفحة 596
الى حديث نبوي فلا تعجب! فإن أبا هريرةكان معجباً به كعمر، وكان يروي عنه، مع أن كعباً لم ير النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)!! وقد يسند أبو هريرة أحاديث كعب الى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)!!

وقد تحول كلام كعب هذا عن فناء قريش الى أحاديث نبوية!!

ففي مسند أحمد:2/336، عن أبي هريرة قال قال رسول الله (ص): أسرع قبائل العرب فناء قريش، ويوشك أن تمر المرأة بالنعل فتقول إن هذا نعل قرشي)!!

وفي مصنف ابن أبي شيبة:8/694، (قال أبو هريرة: والله لو تعلمون ما أعلم لضحكتم كثيراً ولبكيتم قليلاً، ولو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً، والله ليقعن القتل والموت في هذا الحي من قريش حتى يأتي الرجل الكنا سة، فيجد بها نعل قرشي)!! (راجع روايته أيضاً في مسند ابن راهويه:1/390، والآحاد والمثاني للضحاك:4:/ 135) وفي صحيح ابن حبان:15/266، عن أبي هريرة: (وإن أول قبائل العرب فناء قريش. والذي نفسي بيده أوشك أن يمر الرجل على النعل وهي ملقاة في الكناسة فيأخذها بيده ثم يقول كانت هذه من نعال قريش في الناس).انتهى.

(وراه في كنز العمال:11/248، و:12/ 23 و:14/ 253)

*  *  *


الصفحة 597

المســألة: 114
زعمهم أن القرآن يرفع من الأرض ومن الصدور!

لعله اتضح مما تقدم أن أحاديث رفع القرآن من الأرض وفقد المصاحف كلها، ورفعه من صدور الناس! ما هي إلا من خيالات كعب الأحبار عن حتمية نكبة المسلمين التي كان يروج لها بأخباره (التراجيدية) عن مستقبلهم!

والتي تلقاها منه ونقلها أبو هريرة، وعمر، وعبدالله بن عمر، وعبدالله بن عمرو بن العاص، وأبو والليث بن سعد.

ولئن كان أكثرهم لم يسندها الى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) هنا، فقد أسندوا أخواتها فيما تقدم، وقد رووها كأنها أحاديث شريفة، ثم رووا عن عبدالله بن مسعود حديثاً مسنداً حسنه ابن الجوزي وبذلك أخذت أقوال كعب عنده وعند غيره قوة الحديث النبوي الصحيح، وتمسك بها كما يأتي!

وقد عقد ابن شيبة في مصنفه:7/192: باباً بعنوان: (رفع القرآن والإسراء به) وروى فيه عن عبد الله بن عمر قال: كيف أنتم إذ أُسْرِيَ على كتاب الله فذُهِب به؟ وقال: إن هذا القرآن الذي بين أظهركم يوشك أن ينزع منكم، قال: قلت كيف ينزع منا وقد أثبته الله في قلوبنا وأثبتناه في مصاحفنا، قال يسرى عليه في ليلة واحدة فينزع ما في القلوب ويذهب ما في المصاحف ويصبح الناس منه فقراء، ثم قرأ: (وَلَئِنْ شِئْنَا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ ثُمَّ لاتَجِدُ لَكَ بِهِ عَلَيْنَا وَكِيلاً)!!


الصفحة 598
وروى السيوطي العديد من أحاديثها في الدر المنثور:1/135: قال:

(وأخرج الأزرقي عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: إن الله يرفع القرآن من صدور الرجال والحجر الأسود قبل يوم القيامة.

وأخرج الأزرقي عن مجاهد قال: كيف بكم إذا أسرى بالقرآن فرفع من صدوركم ونسخ من قلوبكم، ورفع الركن؟!.

وأخرج الأزرقي عن عثمان بن ساج قال: بلغني أن النبي (ص) قال: أول ما يرفع الركن والقرآن ورؤيا النبيِّ في المنام.

وأخرج ابن أبى شيبة والطبراني عن عبد الله بن عمرو قال: حجوا هذا البيت واستلموا هذا الحجر، فوالله ليرفعن أو ليصيبنه أمر من السماء. إن كانا لحجرين أهبطا من الجنة فرفع أحدهما وسيرفع الآخر. وان لم يكن كما قلت فمن مرَّ على قبري فليقل هذا قبر عبد الله بن عمرو الكذاب!!).

وقال السيوطي في:4/201: (وأخرج محمد بن نصر في كتاب الصلاة، عن عبدالله بن عمرو بن العاص قال: لا تقوم الساعة حتى يرفع القرآن من حيث نزل له دويٌّ حول العرش كدوي النحل، يقول: أتلى ولا يعمل بي!

وأخرج محمد بن نصر عن الليث بن سعد قال: إنما يرفع القرآن حيث يقبل الناس على الكتب ويكبون عليها ويتركون القرآن)!!

وروى الهيثمي في موارد الظمآن ص471: تحت عنوان: (قبض روح كل مؤمن ورفع القرآن) في

الصفحة 599
حديث عن أبي هريرة عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) جاء فيه: (لاتقوم الساعة حتى تبعث ريح حمراء من قبل اليمن فيكفت بها الله كل نفس تؤمن بالله واليوم الآخر... ويُسْرَى على كتاب الله فيرفع إلى السماء، فلا يبقى في الأرض منه آية!)

وفي كنز العمال:14/233، عن الديلمي عن عبدالله بن عمرو بن العاص قال: لاتقوم الساعة حتى يرجع القرآن من حيث جاء فيكون له دوي حول العرش كدوي النحل فيقول الرب عز وجل: مالَكَ؟ فيقول: منك خرجت وإليك أعود، أتلى فلا يعمل بي، فعند ذلك يرفع القرآن)!!.

وفي:14/223، عن السجزي عن عمر: لاتقوم الساعة حتى يرفع الركن والقرآن).

وفي:14/211: أول من يرفع الركن والقرآن ورؤيا التي في المنام)!!

وفي الجامع الصغير للسيوطي:1/ 435: (أول ما يرفع الركن، والقرآن، ورؤيا النبي في المنام) ونحوه في: 2/743

وفي تفسير الثعالبي:3/539: قال القرطبي في تذكرته وذكر عن عمرو بن دينار الخضر والياس (عليهما السلام) حيان، فإذا رفع القرآن ماتا. قال القرطبي: وهذا هو الصحيح). انتهى

وقال ابن الجوزي في زاد المسير:5/59: (قوله تعالى:وَلَئِنْ شِئْنَا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ ثُمَّ لاتَجِدُ لَكَ بِهِ عَلَيْنَا وَكِيلاً.. وروي عن عبد الله ابن مسعود أنه قال يُسرى على القرآن في ليلة واحدة فيجئ جبريل من جوف الليل

الصفحة 600
فيذهب به من صدورهم ومن بيوتهم فيصبحون لا يقرؤون آية ولا يحسونها

ورد أبو سليمان الدمشقي صحة هذا الحديث بقوله عليه الصلاة والسلام:

إن الله لايقبض العلم انتزاعاً.

وحديث ابن مسعود مروي من طرق حسان فيحتمل أن يكون النبي (ص) أراد بالعلم ما سوى القرآن، فإن العلم ما يزال ينقرض حتى يكون رفع القرآن آخر الأمر). انتهى.

وهو تصور عجيب من الجوزي بأن القرآن يرفع، وتبقى علوم المسلمين!

الرد على روايات رفع القرآن

دلت أحاديثنا عن أهل البيت الطاهرين (عليهم السلام)، على بطلان مقولة رفع القرآن وكذلك الحديث المشترك في مصادر الطرفين عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) (إن الله لايقبض العلم انتزاعاً)، والذي ذكر ابن الجوزي أن أبا سليمان الدمشقي رد به صحة حديث ابن مسعود عن رفع القرآن:

أما أحاديثنا الخاصة، ففي كتاب من لايحضره الفقيه:2/158:

(سأل رجل الصادق (عليه السلام) فقال: أخبرني عن ليلة القدر كانت أو تكون في كل عام؟فقال: لو رفعت ليلة القدر لرفع القرآن).

وفي بصائر الدرجات:ص134: (عن الإمام الصادق (عليه السلام) قال: إن العلم الذي هبط مع آدم لم يرفع، وإن العلم يتوارث، وما يموت منا عالم حتى يخلفه من أهله من يعلم علمه،

الصفحة 601
أو ما شاء الله).

وأما مارواه الجزائري في نور البراهين:2/152:من سؤال الأشعث لأمير المؤمنين (عليه السلام): كيف يؤخذ من المجوس الجزية ولم ينزل عليهم كتاب ولم يبعث إليهم نبي؟ قال: بلى يا أشعث قد أنزل الله عليهم كتاباً وبعث إليهم رسولاً، حتى كان لهم ملك سكر ذات ليلة فدعا بابنته إلى فراشه فارتكبها، فلما أصبح تسامع به قومه فاجتمعوا إلى بابه فقالوا: أيها الملك دنست علينا ديننا وأهلكته فاخرج نطهرك ونقم عليك الحد، فقال لهم: اجتمعوا واسمعوا كلامي فإن يكن لي مخرج مما ارتكبت وإلا فشأنكم، فاجتمعوا فقال لهم: هل علمتم أن الله لم يخلق خلقا أكرم عليه من أبينا آدم وأمنا حواء؟

قالوا: صدقت أيها الملك، قال: أفليس قد زوج بنيه من بناته وبناته من بنيه؟ قالوا: صدقت هذا هو الدين فتعاقدوا على ذلك! فمحا الله ما في صدورهم من العلم، ورفع عنهم الكتاب، فهم الكفرة يدخلون النار بلا حساب).انتهى.

فهو على فرض صحته خاص بالمجوس، ولايدل على رفع القرآن من هذه الأمة!

وأما الحديث المشترك فقد رواه ابن شعبة الحراني في تحف العقول ص37: عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: لايقبض العلم انتزاعاً من الناس، ولكنه يقبض العلماء، حتى إذا لم يبق عالم اتخذ الناس رؤساء جهالاً، استفتوا فأفتوا بغير علم، فضلوا وأضلوا).

ورواه القاضي المغربي في دعائم الاسلام:1/96، بلفظ: (إن الله لا يقبض العلم انتزاعا

الصفحة 602
ينتزعه من الناس ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يبق عالم اتخذ الناس رؤساء جهالاً، فسئلوا فأفتوا بغير علم، فضلوا وأضلوا).

وروى عن علي (عليه السلام) أنه قال: تعلموا العلم قبل أن يرفع، أما إنى لاأقول هكذا، ورفع يده، ولكن يكون العالم في القبيلة، فيموت فيذهب بعلمه، ويكون الآخر في القبيلة فيموت فيذهب بعلمه، فإذا كان ذلك اتخذ الناس رؤساء جهالا يفتون بالرأى ويتركون الآثار فيضلون ويضلون، فعند ذلك هلكت هذه الأمة).

وواه في مستدرك الوسائل:17/308: عن الإمام العسكري (عليه السلام) عن آبائه، عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، بلفظ: إن الله لايقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من الناس، ولكن يقبضه بقبض العلماء، فإذا لم ينزل عالم إلى عالم يصرف عنه طلاب حطام الدنيا وحرامها، ويمنعون الحق أهله ويجعلونه لغير أهله، واتخذ الناس رؤساء جهالاً، فسئلوا فأفتوا بغير علم، فضلوا وأضلوا). انتهى.

(ورواه المفيد في الأمالي ص20، عن والكراجكي في كنز الفوائد، وابن شهراشوب في المناقب:3/92، وابن أبي جمهور الأحسائي في غوالي اللئالي:4/62، والشهيد الثاني في منية المريد، وغيرهم)

ورواه من مصادرهم البخاري:1/ 33، عن عبدالله بن عمرو بن العاص قال:

سمعت رسول الله (ص) يقول: إن الله لايقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من العباد، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يبق عالم اتخذ الناس رؤساء جهالاً فسئلوا فأفتوا بغير علم، فضلوا وأضلوا). (ونحوه مسلم:8/

الصفحة 603
60، وابن ماجه:1/20، والترمذي:4/139، والدارمي:1/77، وغيرهم)

وقال في فتح الباري:1/175: (قوله لايقبض العلم انتزاعاً. أي محوا من الصدور وكان تحديث النبي (ص) بذلك في حجة الوداع كما رواه أحمد والطبراني من حديث أبي أمامة قال: لما كان في حجة الوداع قال النبي (ص): خذوا العلم قبل أن يقبض أو يرفع، فقال أعرابي:كيف يرفع؟ فقال: ألا أن ذهاب العلم ذهاب حملته، ثلاث مرات). انتهى.

وبهذا لا بد أن نضيف أحاديث رفع القرآن من الأرض ومحوه من الصدور الى أخواته من أساطير كعب، مثل زوال الإسلام وأمته، وهدم الكعبة وخراب مكة حرسها الله، وهدم الكعبة صانها الله تعالى.

*  *  *


الصفحة 604

الأسئلة

1- ماهو السبب برأيكم في ثقة عمر العالية بكعب الأحبار، وهل كان عمر يعتقد أنه يعلم الغيب؟!

2- ما تفسيركم لمعرفة كعب بقتل عمر في تلك السنة: (أتاه كعب فقال: يا أمير المؤمنين إعهد فإنك ميت في عامك، قال عمر: وما يدريك يا كعب؟ قال: وجدته في كتاب الله!.)

3 ـ هل تعتقدون أن الجراد يتولد من أنف الحوت، وأنه من صيد البحر؟

4- مارأيكم في قول كعب الأحبار إن الكعبة تسجد لبيت المقدس؟!

5 ـ ما رأيكم في حديث عمر في أن الإسلام كالبعير لابد أن يهرم ويفنى؟!

6- هل صح عدكم حديث: (إنما مثل أمتي كمثل حديقة أطعم منها فوج عاماً، ثم أطعم منها فوج عاماً) أو بمعناه؟

7 ـ ما رأيكم في أحاديثكم الصحيحة أن الكعبة ستهدم نهائياً ثم لاتبنى، وأن مكة ستخرب نهائياً فلا تسكن؟!

8 ـ ما رأيكم فيما رواه السيوطي في الدر المنثور:1/136، قال: (وأخرج البزار في مسنده وابن خزيمة وابن حبان والطبراني والحاكم وصححه عن ابن عمر قال: قال رسول الله (ص): استمتعوا بهذا البيت فقد هدم

الصفحة 605
مرتين، ويرفع في الثالثة)؟!!

9- ما رأيكم في تقطيع البخاري للأحاديث؟!

10 ـ هل صحت عندكم أحاديث أن قريشاً ستفنى؟

11 ـ ما رأيكم في أحاديثكم الصحيحة أن القرآن سيرفع إلى السماء وتفقد كل نسخه، وينسى الناس ما حفظوه منه!

12 ـ كيف تجمعون بين الحديث الثقلين المتواتر وأن القرآن والعترة لايفترقان حتى يردا على النبي حوضه، وبين المقولات المتقدمة مثل فناء قريش وهدم الكعبة ورفع القرآن؟.. الخ.

13 ـ كيف تجمعون بين أحاديثكم الصحيحة أو الحسنة في رفع القرآن، وبين حديثكم الصحيح: (إن العلم لايتنزع انتزاعاً)؟!

14 ـ ما تفسيركم لوجود هذه الأحاديث في مصادركم وخلو مصادر الشيعة منها؟!


*  *  *


تم المجلد الأول من كتاب
ألف سؤال وإشكال على المخالفين لأهل البيت الطاهرين
والحمد لله رب العالمين.