أخرجه الحافظ الجزري في أسنى المطالب ص 8.
5 ـ ابو الدرداء قال: إن كنّا نعرف المنافقين معشر الانصار إلاّ ببغضهم عليَّ بن ابي طالب.
أخرجه الترمذي كما في تذكرة سبط ابن الجوزي ص 17.
ولم تكن هذه الكلمات دعاوي مجرّدة من القوم وإنَّما هي مدعومةٌ بما وعوه عن رسول الله(صلى الله عليه وآله) في عليٍّ(عليه السلام) وإليك نصوصه:
1 ـ عن امير المؤمنين انّه قال: والذي فلق الحبّة وبرأ النسمة إنّه لعهد النبيُّ الامِّيُّ إليَّ: أنَّه لا يُحبّني إلاّ مؤمنٌ، ولايُبغضني إلاّ منافق.
مصادره:
أخرجه مسلم في صحيحه(1) كما في الكفاية، الترمذي في جامعه 2 ص 299 من غير قَسَم وقال: حسنٌ صحيحٌ، أحمد في مسنده 1 ص 84، ابن ماجة في سننه 1 ص 55، النسائي في سننه
____________
(1) صحيح مسلم 1/86: ك الايمان ب الدليل على ان حب الانصار وعلي من الايمان ح 131.
____________
(1) لم أجده في المسند ووجدته في علل الحديث 2 / 400.
(2) جامع الاصول 8 / 656 ح 6500.
(3) الاحسان بترتيب صحيح ابن حبان 9 / 40.
(4) حلية الاولياء 4 / 185.
(5) السنة لابن ابي عاصم: 1325.
والعجلي في كشف الخفاء 2 ص 382 عن مسلم، والترمذي، والنسائي، وابن ماجة، وقد صدَّقه بدر الدين بن جماعة حين قاله ابن حيّان ابو حيّان الاندلسي: قد روى عليٌّ قال: عهد إليّ النبيُّ...
هل صدق في هذه الرواية؟!
فقال له ابن جماعة: نعم.
فقال: فالّذين قاتلوه سلّوا السيوف في وجهه كانوا يحبّونه أو يبغضونه؟
الدرر الكامنة 4 ص 208.
صورة اخرى
عن أمير المؤمنين: لعهد النبيّ(صلى الله عليه وآله) إليَّ: لا يحبّك إلاّ مؤمنٌ، ولا يُبغضك إلاّ منافقٌ.
مصادرها:
أخرجه أحمد في مسنده 1 ص 95، 138، الخطيب في تاريخه 14 ص426، النسائي في سننه 8 ص 117، وفي خصائصه 27، ابو
وقال في ج 1 ص 364: قدإتَّفقت الاخبار الصحيحة الّتي لا ريب فيها عند المحدِّثين على انَّ النبيَّ قال له: «لا يبغضك إلاّ منافقٌ، ولا يحبّك إلاّ مؤمنٌ»(2) .
شيخ الاسلام الحمّويي في الباب 22، الهيثمي في مجمع الزوائد 9 ص 133، السيوطي في جامعه الكبير كما في ترتيبه 6 ص 152، 408 من عدَّة طرق، ابن حجر في الاصابة 2 ص 509.
صورة ثالثة
قال أمير المؤمنين(عليه السلام): لو ضربتُ خيشوم المؤمن بسيفي هذا على أن يُبغضني ما أبغضني، ولو صببت الدنيا بجماتها على المنافق
____________
(1) شرح نهج البلاغة 4 / 83، 18 / 173.
(2) المصدر السابق.
تجدها في نهج البلاغة، وقال ابن ابي الحديد في شرحه 4 ص 264: مراده(عليه السلام) من هذا الفصل إذكار الناس ما قاله فيه رسول الله(صلى الله عليه وآله)(1) .
صورة رابعة
في خطبة لامير المؤمنين(عليه السلام): قضاءٌ قضاه الله عزَّوجلَّ على لسان نبيِّكم النبيّ الاُمِّي أن لا يُحبّني إلاّ مؤمنٌ، ولايُبغضني إلاّ منافقٌ.
أخرجه الحافظ ابن فارس، وحكاه عنه الحافظ محبُّ الدين في الرياض 2 ص 214، وذكره الزرندي في «نظم درر السمطين» وفي آخره: وقد خاب من افترى(2) .
صدر الحديث عن ابي الطفيل قال: سمعت عليّاً(عليه السلام) وهو يقول: لو ضربت خياشيم المؤمن بالسيف ما أبغضني، ولو نثرت على المنافق ذهباً وفضّة ما أحبّني، إنَّ الله أخذ ميثاق المؤمنين بحبِّي
____________
(1) شرح نهج البلاغة 18 / 173.
(2) نظم درر السمطين.
صورةٌ اُخرى
عن حبّة العرني عن عليّ(عليه السلام) إنّه قال: إنَّ الله عزّوجلَّ أخذ ميثاق كلِّ مؤمن على حبّي، وميثاق كلِّ منافق على بغضي، فلو ضربت وجه المؤمن بالسيف ما أبغضني، ولو صببت الدنيا على المنافق ما أحبَّني.
شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 1 ص 364(1) .
2 ـ عن اُمّ سلمة قالت: كان رسول الله(صلى الله عليه وآله) يقول: «لا يُحبّ عليّاً المنافق، ولا يُبغضه مؤمنٌ».
الترمذي في جامعه 2 ص 213 وصحَّحه، ابن ابي شيبة(2) ، الطبراني(3) ، البيهقي في المحاسن والمساوي 1 ص 29، محب الدين في رياضه 2 ص 214، سبط ابن الجوزي في تذكرته 15، ابن طلحة في مطالب السؤول 17، الجزري في اسنى المطالب 7، السيوطي في الجامع الكبير كما في ترتيبه 6 ص 152، 158.
____________
(1) شرح نهج البلاغة 4 / 83.
(2) المصنَّف 12 / 77 ح 12163.
(3) المعجم الكبير 23 / 374، 375 ح 885، 886.
صورة اخرى
عن اُمّ سلمة قال: إنَّ رسول الله(صلى الله عليه وآله) قال لعليٍّ: «لا يُبغضك مؤمنٌ، ولا يُحبّك منافقٌ».
الامام أحمد في «المناقب»(1) ، محبّ الدين في الرياض 2 ص 214، ابن كثير في تاريخه 7 ص 354.
صورة ثالثة
أخرج ابن عدي في كامله عن البغوي باسناده عن اُمّ سلمة قالت: سمعت رسول الله(صلى الله عليه وآله)يقول فى بيتي لعليٍّ: «لا يحبّك إلاّ مؤمنٌ، ولا يبغضك إلاّ منافقٌ».
3 ـ في خطبة للنبيِّ(صلى الله عليه وآله): «يا أيّها النّاس اُوصيكم بحبِّ ذي قرنيها أخي وابن عمّي عليٍّ بن أبي طالب، فإنّه لا يُحبّه إلاّ مؤمنٌ، ولا يبغضه إلاّ منافقٌ.
مناقب أحمد(2) ، الرياض النضرة 2 ص 214، شرح ابن ابي الحديد 2 ص 451(3) ، تذكرة السبط: 17.
____________
(1) فضائل علي بن ابي طالب: 122 ح 181.
(2) المصدر السابق: 126 ح 188.
(3) شرح نهج البلاغة 9 / 172.
أخرجه الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد 9 ص 133.
وهذا الحديث ممّا احتجَّ به أمير المؤمنين(عليه السلام) يوم الشورى فقال: اُنشدكم بالله هل فيكم أحدٌ قال له(صلى الله عليه وآله): لا يُحبّك إلاّ مؤمن ولا يبغضك إلاّ منافق، غيري؟! قالوا: اللّهم لا(1) .
هذا ما عثرنا عليه من طرق هذا الحديث ولعلّ ما فاتنا منها أكثر، ولعلّك بعد هذه كلّها لا تستريب في أنّه لو كان هناك حديثٌ متواترٌ يقطع بصدوره عن مصدر الرسالة فهو هذا الحديث، أو انّه من أظهر مصاديقه.
كما أنَّك لا تستريب بعد ذلك كلّه انَّ أمير المؤمنين(عليه السلام) بحكم هذا الحديث الصادر ميزان الايمان ومقياس الهدى بعد رسول الله(صلى الله عليه وآله)، وهذه صفةٌ مخصوصةٌ به(عليه السلام) وهي لاتبارحها الامامة المطلقة، فإن من المقطوع به أنَّ أحداً من المؤمنين لم يتحلَّ بهذه المكرمة، فليس حبُّ أيِّ أحد منهم شارة ايمان ولا بغضه سمة نفاق، وإنّما هو نقصٌ في الاخلاق وإعوازٌ في الكمال ما لم تكن البغضاء لايمانه، وأمّا إطلاق القول بذلك مشفوعاً بتخصيصه بأمير المؤمنين فليس إلاّ
____________
(1) راجع حديث المناشدة ج 1 ص 159 - 163 «المؤلف (رحمه الله)».
مرت مناشدة الامام علي يوم الشورى ص الهامش
وقال: والله لا يبغضه أحد من أهل بيتي ولا من غيرهم من الناس إلاّ وهو خارجٌ من الايمان(2) .
ألا ترى كيف حكم عمر بن الخطاب بنفاق رجل رآه يسبُّ عليّاً وقال: إنّي أظنّك منافقاً.
اخرجه الحافظ الخطيب البغدادي في تاريخه 7 ص 453.
وحينئذ يحقّ لابن تيميّة أن ينفجرُ بركان حقده على هذا الحديث، فيرميه بأثقل القذائف، ويصعد في تحوير القول ويصوِّب.
وأمّا الحديث الاوَّل
فينتهي إسناده إلى ابن عبّاس، وسلمان، وابي ذرّ، وحذيفة اليماني، وابي ليلى الغفاري.
أخرج عن هؤلاء جمعٌ كثيرٌ من الحفّاظ والاعلام منهم:
____________
(1) مناقب ابن المغازي، شمس الاخبار37، الرياض 2/202، كنزالعمال 6/402 «المؤلف (رحمه الله)».
انظر مناقب الامام علي بن ابي طالب لابن المغازلي: 70 ح 101.
(2) شرح نهج البلاغة لابن ابي الحديد 2 / 78 «المؤلف (رحمه الله)».
وانظر طبعة القاهرة بتحقيق محمد ابو الفضل ابراهيم 6 / 217.
ابو نعيم.
الطبراني.
البيهقي.
العدني.
البزّار.
العقيلي.
المحاملي.
الحاكمي.
ابن عساكر.
الكنجي.
محبّ الدين.
الحمّويي.
القرشي.
الايجي.
ابن أبي الحديد.
الهيثمي.
السيوطي.
المتقي الهندي.
ولفظ الحديث عندهم:(1)
ستكون بعدي فتنةٌ فإذا كان ذلك فألزموا علىّ بن أبي طالب فإنَّه أوَّل مَن يصافحني يوم القيامة، وهو الصِّديق الاكبر، وهو فاروق هذه الاُمَّة يفرق بين الحقِّ والباطل; وهو يعسوب المؤمنين، والمال يعسوب المنافقين(2) .
وبعد هذا كلّه تعرف قيمة ما يقوله أو يتقوَّله ابن تيميّة من أنَّ الحديثين لم يُرو واحدٌ منهما في كتب العلم المعتمدة، ولا لواحد منهما إسنادٌ معروفٌ.
فإذا كان لا يرى الصحاح والمسانيد من كتب العلم المعتمدة،
____________
(1) باختلاف يسير عند بعضهم لايضر المغزى «المؤلف (رحمه الله)».
(2) راجع ج 2 ص 312، 313 من كتابنا «المؤلف (رحمه الله)».
اخرجه بهذهِ الالفاظ ابن ابي الحديد في شرح النهج 3 / 257، والقاضي الايجي في المواقف 3 / 276، والصفوري في نزهة المجالس 2 و 205.
وقريب من ذلك: الطبراني عن سلمان، وابي ذر، والبيهقي، والعدني عن حذيفة، والهيثمي في المجمع 9 / 102، والحافظ الكنجي في الكفاية: 79 من طريق الحافظ ابن عساكر، وفي آخره: وهو بابي الذي اوتى منه وهو خليفتي من بعدي، والمتقي الهندي في اكمال كنز العمال 6 / 56.
وأخرجه عن ابن عباس وابي ذر محب الدين في الرياض 2 / 155 عن الحاكمي والقرشي في شمس الاخبار: 35.
ورواه مع الزيادة شيخ الاسلام الحمويي في الفرائد ب 24. «المؤلف (رحمه الله)».
يا قوم اتَّبعونِ أهدكم سبيل الرَّشاد.
[عليٌّ يوم الجمل وصفين]
22 ـ قال: عليُّ(رضي الله عنه) لم يكن قتاله يوم الجمل وصفِّين بأمر من رسول الله(صلى الله عليه وآله)وإنِّما كان رأياً رآه 2 ص 231(1) .
|
____________
(1) منهاج السنة 4 / 496.
«...وهو الذي ابتدأ اهل صفين في صفين فى القتال، وعلي انما قاتل الناس على طاعته لا على طاعة الله...»
ونحن نعلم ما تُوسوس به صدره، غاية الرجل من هذا الحكم الباتِّ تغرير الاُمة والتمويه على الحقيقة، وجعل تلك الحروب الدامية نتيجة رأي واجتهاد من الطرفين حتّى يسع له القول بالتساوي بين أمير المؤمنين ومقاتليه في الرأي والاجتهاد، وانَّ كلاًّ منهما مجتهدٌ وله رأيه مصيباً كان أو مخطئاً، غير انَّ للمصيب أجرين وللمخطئ أجر واحد، ذاهلاً عن أنَّ المنقِّب لا يخفى عليه هذا التدجيل، ويد التحقيق توقظ نائمة الاثكل، وقلم الحقِّ لا يترك الاُمة سُدى، ويُنبؤهم عن أنَّ إجتهاد القوم إن صحَّت الاحلام إجتهادٌ في مقابلة النصِّ النبويِّ الاغرِّ.
وليت شعري كيف يخفى الامر على أيِّ أحد؟ أو كيف يسع أن يتجاهل أيُّ أحد؟ وبين يدي الملا العلمي قول رسول الله(صلى الله عليه وآله)لزوجاته: «أيَّتكنَّ صاحبة الجمل الادبب ـ وهو كثير الشعر ـ تخرج فينبحها كلاب الحوأب، يُقتل حولها قتلى كثير، وتنجو بعدما كادت تُقتل(1) .
____________
(1) أخرجه البزار، ابو نعيم، ابن ابي شيبة، الماوردي في الاعلام: 82، الزمخشري في الفائق 1 ص 190، ابن الاثير في النهاية 2 ص 10، الفيروز آبادي في القاموس 1 ص 65، الكنجي في الكفاية: 71، القسطلاني في المواهب اللدنية 2 ص 195، شرح الزرقاني 7 ص 216، الهيثمي في مجمع الزوائد 7 ص 234 وقال: رواه البزار ورجاله ثقات، السيوطي في جمع الجوامع كما في الكنز 6 ص 83، الحلبي في سيرته 3 ص 313، زيني دحلان في سيرته 3 ص 193 هامش الحلبية، الصبان فى الاسعاف 67. «المؤلف (رحمه الله)».
وقوله(صلى الله عليه وآله) لهنَّ: أيَّتكنَّ التي تنبح عليها «تنبحها» كلاب الحوأب؟(2) .
وقوله(صلى الله عليه وآله) لهنَّ: ليت شعري أيَّتكنَّ تنبحها كلاب الحوأب سائرة إلى الشرق في كتيبة.
معجم البلدان 3 ص 356.
وفي لفظ الخفاجي في شرح الشفا 3 ص 166: ليت شعري
____________
(1) أخرجه احمد في مسنده 6 ص 52، وابن أبي شيبة، نعيم بن حماد في الفتن، وعن الاخيرين السيوطي في جمع الجوامع كما في الكنز 6 ص 84. «المؤلف (رحمه الله)».
(2) مسند أحمد 6 ص 97، تاريخ الطبري 5 ص 178، كفاية الكنجي 71، جمع الجوامع كما في ترتيبه 6 ص 83، 84، وصححه مجمع الزوائد 7 ص 234 وقال: رواه أحمد وابو يعلى ورجال احمد رجال الصحيح، تذكرة السبط 39، السيرة الحلبية 3 ص 313، وفي هامشها سيرة زيني دحلان 3 ص 193، اسعاف الراغبين 67. «المؤلف (رحمه الله)».
وقوله(صلى الله عليه وآله). لعائشة: كأنّي بإحداكنَّ قد نبحها كلاب الحوأب، وإيّاك أن تكوني أنت يا حميراء(2) .
وقوله(صلى الله عليه وآله) لها: يا حميراء كأنّي بك تنبحك كلاب الحوأب. تُقاتلين عليّاً وأنت له ظالمة(3) .
وقوله(صلى الله عليه وآله) لها: انظري يا حميراء أن لا تكون أنتِ(4) .
وقوله(صلى الله عليه وآله) لعليٍّ: إن وليتَ من أمرها شيئاً. فارفق بها(5) .
وقوله(صلى الله عليه وآله): سيكون بعدي قومٌ يُقاتلون عليّاً على الله جهادهم، فمن لم يستطع جهادهم بيده فبلسانه، فمن لم يستطع بلسانه فبقلبه، ليس وراء ذلك شيءٌ.
أخرجه الطبراني كما في مجمع الزوائد 9 ص 134، وكنز العمال
____________
(1) الازب: كثير شعر الوجه. «المؤلف (رحمه الله)».
(2) الامامة والسياسة 1 ص 56. تاريخ اليعقوبي 2 ص 157. جمع الجوامع كما فى ترتيبه 6 ص 84 وصححه. «المؤلف (رحمه الله)».
(3) العقد الفريد 2 ص 283. «المؤلف (رحمه الله)».
(4) أخرجه الحاكم في المستدرك 3 ص 119، والبيهقي عن ام سلمة، وراجع مناقب الخوارزمي 107. الاجابة للزركشى ص 11، سيرة زيني دحلان 3 ص 194، المواهب للقسطلاني 2 ص 195، شرح المواهب للزرقاني 7 ص 216. «المؤلف (رحمه الله)».
(5) نفس المصادر السابقة في رقم 6 «المؤلف (رحمه الله)».
وقيل لحذيفة اليماني: حدِّثنا ما سمعت عن رسول الله(صلى الله عليه وآله).
قال: لو فعلت لرجمتموني.
قلنا: سبحان الله!
قال لو حدَّثتكم أنَّ بعض اُمَّهاتكم تغزوكم في كتيبة تضربكم بالسيف ما صدَّقتموني.
قالوا: سبحان الله، ومَن يُصدِّقك بهذا؟
قال: أتتكم الحميراء في كتيبة تسوق بها أعلاجها(1) .
وأخرج الطبراني وغيره(2) : لَمّا سمعت عائشة رضي الله عنها نُباح الكلاب فقالت: أيّ ماء هذا؟!
قالوا: الحوأب.
فقالت: إنّا لله وإنّا إليه راجعون، إنّي لَهيه، قد سمعت رسول الله(صلى الله عليه وآله) يقول وعنده نساؤه: «ليت شعري أيَّتكنَّ تنبحها كلاب الحوأب».
____________
(1) مستدرك الحاكم 4 ص 471، الخصائص 2 ص 137.
(2) تاريخ الطبري 5: 178، تاريخ ابى الفدا ج 1 / 173.
وقال العرني صاحب جمل عائشة: لَمّا طرقنا ماء الحوأب فنبحتنا كلابها قالوا: أيَّ ماء هذا؟
قلت: ماء الحوأب.
قال: فصرخت عائشة بأعلى صوتها ثمّ ضربت عضد بعيرها فأناخته، ثمَّ قالت: أنا والله صاحبة كلاب الحوأب طروقاً ردّوني، تقول ذلك ثلاثاً.
فأناخت وأناخوا حولها، وهم على ذلك وهي تأبى، حتّى كانت الساعة التي أناخوا فيها من الغد. قال: فجاءها ابن الزبير فقال: النجاء النجاء فقد أدرككم والله عليّ بن ابي طالب، قال: فارتحلوا وشتموني(1) .
وفي حديث قيس بن ابي حازم قال: لمّا بلغت عائشة رضي الله عنهابعض ديار بني عامر نبحت عليهاالكلاب فقالت:أيّ ماء هذا؟!
قالوا: الحوأب.
قالت: ما أظنّني إلاّ راجعة.
فقال الزبير: لا بعد تقدُّمي ويراك الناس ويصلح الله ذات
____________
(1) تاريخ الطبري 5: 171.
قالت: ما أظنّني إلاّ راجعة سمعت رسول الله(صلى الله عليه وآله) يقول: «كيف باحداكنّ إذا نبحتها كلاب الحوأب؟!»(1) .
وفي معجم البلدان 3: 356: في الحديث: أنّ عائشة لمّا أرادت المضيَّ إلى البصرة في وقعة الجمل مرّت بهذا الموضوع ـ يعني الحوأب ـ فسمعت نباح الكلاب فقالت: ما هذا الموضع؟!
فقيل لها: هذا موضعٌ يقال له: الحوأب.
فقالت: إنّا لله، ما أراني إلاّ صاحبة القصّة.
فقيل لها: وأيَّ قصّة؟!
قالت سمعت رسول الله(صلى الله عليه وآله) يقول وعنده نساؤه: «ليت شعري أيَّتكنَّ تنبحها كلاب الحوأب سائرةً إلى الشرق في كتيبة.
وهمّت بالرجوع فغالطوها وحلفوا لها انّه ليس بالحوأب.
قال الاميني: ما كان الله ليضلَّ قوماً بعد إذ هداهم حتّى يُبيِّن لهم ما يتَّقون، ليهلك مَن هلك عن بيِّنة، ويحيى من حيَّ عن بيِّنة، وإنَّ الله لسميعٌ عليم، وكان الانسان أكثر شيء جدلا، بل الانسان على نفسه بصيرة ولو ألقى معاذيره.
____________
(1) مستدرك الحاكم 3: 120.
فقال: اللهمَّ نعم. الحديث.
أخرجه الحاكم في المستدرك 3: 366 وصحَّحه هو والذهبي والبيهقي فى الدلائل(1) ، وابو يعلى(2) ، وابو نعيم(3) ، والطبري في تاريخه 5: 200، 204، وابو الفرج في الاغاني 16: 131، 132، وابن عبد ربّه في العقد الفريد 2: 279، والمسعودي في مروج الذهب 2: 10، والقاضي في الشفا، وذكره ابن الاثير في الكامل 3: 102، ابن طلحة في المطالب ص 41، محبّ الدين في الرِّياض 2: 273، الهيثمي في المجمع 7: 235، ابن حجر في فتح الباري 13: 46، القسطلاني في المواهب 2: 195، الزرقاني في شرح المواهب 3: 318، ج 7: 217، السيوطي فى الخصائص 2: 137 نقلاً عن جمع من الحفّاظ بطرقهم عن ابي الاسود، وابي
____________
(1) دلائل النبوة 6 / 414، 415.
(2) مسند ابو يعلى الموصلي 2 / 30 ح 666.
(3) حلية الاولياء 1 / 91.
وانظر ايضاً كنز العمال 11 / 340 ح 31688 ومجمع الزوائد للهيثمي 7 / 235.
وهذه كلمات الصحابة مبثوثةٌ في طيّات الكتب والمعاجم، وهي تُعرب عن انَّ رسول الله(صلى الله عليه وآله)كان يحثُّ أصحابه إلى نصرة أمير المؤمنين في تلك الحروب، ويدعوهم إلى القتال معه، ويأمر عيون أصحابه بقتال الناكثين، والقاسطين، والمارقين.
منهم:
1 ـ ابو أيّوب الانصاري ذلك الصحابيُّ العظيم، قال ابو صادق: قَدِم ابو أيّوب العراق فأهدت له الازد جزراً فبعثوا بها معي فدخلت فسلّمت إليه وقلت له: قد أكرمك الله بصحبة نبيّه ونزوله عليك فما لي أراك تستقبل الناس تقاتلهم؟! تستقبل هؤلاء مرَّة وهؤلاء مرَّة فقال: إنَّ رسول الله(صلى الله عليه وآله)عهد إلينا أن نقاتل مع عليٍّ الناكثين فقد قاتلناهم، وعهد إلينا أن نقاتل معه القاسطين فهذا وجهنا إليهم يعني معاوية وأصحابه، وعهد إلينا أن نقاتل مع عليٍّ المارقين فلم أرهم بعدُ(1) .
____________
(1) تاريخ ابن عساكر 5 ص 41، اربعين الحاكم ولفظه يقرب من هذا، تاريخ ابن كثير 7 ص 306، كنز العمال 6 ص 88. «المؤلف (رحمه الله)».
ورواه ايضاً السيوطي في اللالي 1 / 213، والخطيب في تاريخ بغداد 13 / 186، ترجمة يعلى بن عبد الرحمان.
وانظر ايضاً ترجمة الامام علي من تاريخ دمشق 3 / 170 ح 1208.
وقال عتاب بن ثعلبة: قال ابو أيّوب الانصاري في خلافة عمر بن الخطّاب: أمرني رسول الله(صلى الله عليه وآله) بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين مع عليٍّ.
ورواه عنه أصبغ بن نباتة غير أنَّ فيه: أمرنا(2) .
2 ـ ابو سعيد الخدري قال: أمرنا رسول الله(صلى الله عليه وآله) بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين.
____________
(1) تاريخ الخطيب البغدادي 13 ص 187، كفاية الكنجي: 70، تاريخ ابن كثير 7 ص 306. «المؤلف (رحمه الله)».
انظر المصادر السابقة.
(2) اخرجه الحافظ ابن حبان والطبري كما ذكره السيوطي، ورواه الحاكم في اربعينه، وابن عبد البر في الاستيعاب 3 ص 53. «المؤلف (رحمه الله)».
رواها السيوطي في اللالي 1 / 213 عن اربعين الحاكم. والطبراني في المعجم الكبير 4 / 172 ح 4049.
وروها ايضاً عن الحاكم الجويني في الفرائد ب 53 ح 231، وابن كثير في البداية والنهاية 7 / 305 عن الحاكم ايضاً.
قال: مع عليٍّ بن ابي طالب(1) .
3 ـ ابو اليقظان عمّار بن ياسر قال: أمرني رسول الله(صلى الله عليه وآله) بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين.
أخرجه الطبراني وفي لفظه الاخر من طريق آخر: أمرنا.
أخرجه الطبراني وابو يعلى وعنهما الهيثمي في مجمع الزوائد 7 ص 238(2) .
وأمّا كون قتال أمير المؤمنين نفسه بأمر من رسول الله، وانَّه لم يكن رأياً يخصُّ به فتوقفك على حقِّ القول فيه عدّة أحاديث:
1 ـ خليد العصري قال: سمعت أمير المؤمنين عليّاً يقول يوم النهروان: أمرني رسول الله(صلى الله عليه وآله)بقتال الناكثين، والقاسطين، والمارقين(3) .
2 ـ ابو اليقظان عمّار بن ياسر قال: قال رسول الله(صلى الله عليه وآله): «يا عليُّ
____________
(1) أخرجه الحاكم في أربعينه كما ذكره السيوطي، والحافظ الكنجي في الكفاية ص 72، وابن كثير فى تاريخه 7 ص 305. «المؤلف (رحمه الله)».
وانظر اللالي المصنوعة للسيوطي 1 / 214.
(2) مسند ابو يعلى الموصلي 3 / 194 ح 1623، ولم أجده في معجم الطبراني مسنداً الى عمّار ونقله عنه في اللالي المصنوعة 1 / 214.
(3) الخطيب في تاريخه 8 ص 340، وابن كثير في تاريخه 7 ص 305. «المؤلف (رحمه الله)».
3 ـ ومن كلام لعمّار بن ياسر خاطب به ابا موسى: أما انّي أشهد أنَّ رسول الله(صلى الله عليه وآله) أمر عليّاً بقتال الناكثين، وسمّى لي فيهم مَن سمّى، وأمره بقتال القاسطين، وإن شئت لاُقيمنَّ لك شهوداً يشهدون انَّ رسول الله(صلى الله عليه وآله) إنَّما نهاك وحدك وحذَّرك من الدخول في الفتنة.
شرح ابن ابي الحديد 3 ص 293(2) .
4 ـ ابو أيّوب الانصاري قال في خلافة عمر بن الخطّاب: أمر رسول الله(صلى الله عليه وآله) عليّاً بقتال الناكثين، والقاسطين، والمارقين(3) .
5 ـ عبد الله بن مسعود قال: أمر رسول الله(صلى الله عليه وآله) عليّاً. الحديث(4) .
____________
(1) أخرجه ابن عساكر في تاريخه، والسيوطي في جمع الجوامع كما في ترتيبه 6 ص 155، وحكاه الزرقاني عن ابن عساكر في شرح المواهب 3: 317. «المؤلف (رحمه الله)».
راجع ترجمة الامام علي من تاريخ دمشق 3 / 171 ح 1209.
(2) شرح نهج البلاغة 14 / 13.
(3) أخرجه الحاكم في المستدرك 3 ص 139، وذكره السيوطي في الخصائص 2 ص 138. «المؤلف (رحمه الله)».
(4) اخرجه الطبراني، والحاكم في اربعينه من طريقين، وأبو عمرو في الاستيعاب 3 ص 53 هامش الاصابة، والهيثمي في مجمع الزوائد 7 ص 238. «المؤلف (رحمه الله)».
انظر المعجم الكبير للطبراني 10 / 112 ح 10053، 10054.
7 ـ ابو سعيد مولى رباب قال: سمعت عليّاً يقول: اُمرت بقتال الناكثين، والقاسطين، والمارقين(2) .
8 ـ سعد بن عبادة قال: قال عليٌّ(عليه السلام): اُمرت بقتال الناكثين، والقاسطين، والمارقين(3) .
9 ـ أخرج ابن عساكر من طريق زيد الشهيد عن عليّ إنّه قال:
____________
(1) اخرجه البزار، والطبراني في الاوسط، والحافظ الهيثمي في المجمع 7 ص 238 وقال: أحد اسنادي البزار رجاله رجال الصحيح غير الربيع بن سعيد ووثقه ابن حبان.
واخرجه أبو يعلى كما في تاريخ ابن كثير 7 ص 304، وشرح المواهب للزرقاني 3 ص 217 وقال: سند جيد.
انظر مسند ابي يعلى الموصلي 1 / 397 ح 519.
(2) ايضاح الاشكال للحافظ عبد الغني بن سعيد، المناقب للخوارزمي 106 من طريق الحافظ ابن مردويه. «المؤلف (رحمه الله)».
(3) اخرجه جمع من الحفاظ من غير طريق، راجع تاريخ ابن كثير 7 ص 305، وكنز العمال 6 ص 72. «المؤلف (رحمه الله)».
انظر ترجمة الامام علي من تاريخ دمشق لابن عساكر 3 / 161 ح 1199، اللالي المصنوعة 1 / 213، كنز العمال 15 / 96.
تاريخ ابن كثير 7 ص 305، كنز العمّال 6 ص 392.
10 ـ أنس بن عمرو عن أبيه عن عليّ قال: اُمرت بقتال ثلاثة: المارقين، والقاسطين والناكثين.
أخرجه ابن عساكر كما في تاريخ ابن كثير 7 ص 305.
11 ـ عبد الله بن مسعود قال: خرج رسول الله(صلى الله عليه وآله) فأتى منزل اُمّ سلمة فجاء عليٌّ فقال رسول الله(صلى الله عليه وآله): «يا اُمّ سلمة هذا والله قاتل القاسطين، والناكثين، والمارقين من بعدي»(1) .
12 ـ ابن عبّاس قال: قال رسول الله(صلى الله عليه وآله) لاُمّ سلمة في حديث مرّ ج 1 ص 337 و ج 3 ص 109 يصف عليّاً بأنَّه: يقتل القاسطين، والناكثين، والمارقين(2) .
____________
(1) اربعين الحاكم، الرياض النضرة 2 ص240، تاريخ ابن كثير 7 ص 305، مطالب السؤول 24 نقلا عن مصابيح البغوي، فرائد السمطين الباب الـ 27، كنز العمال 6ص391. «المؤلف (رحمه الله)».
(2) اخرج البيهقي في المحاسن والمساوي 1 / 31، والخوارزمي في المناقب: 52 و58 عن ابن عباس قال: قال رسول الله(صلى الله عليه وآله) لام سلمة: «هذا علي بن ابي طالب لحمه من لحمي ودمه من دمي، وهو مني بمنزلة هارون من موسى الاّ انه لا نبي بعدي، يا ام سلمة هذا امير المؤمنين وسيد المسلمين ووعاء علمي ووصي وبابي الذي أوتى منه، أخي في الدنيا والاخرة ومعي في المقام الاعلى، علي يقاتل القاسطين، والناكثين والمارقين».
ورواه الحمويني فى الفرائد في الباب السابع والعشرين والتاسع و العشرين بطرق ثلاث وفيه «وعيبة علمي مكان وعاء علمي» والكنجي في الكفاية: 69، والمتقي في الكنز 6 و 154. من طريق الحافظ العقيلي. «المؤلف (رحمه الله)».
شمس الاخبار: 38.
14 ـ ابو أيوب الانصاري قال سمعت النبي(صلى الله عليه وآله) يقول لعليِّ بن ابي طالب: تقاتل الناكثين، والقاسطين، والمارقين.
مستدرك الحاكم 3 ص 140.
15 ـ قال ابن ابي الحديد في شرحه 3 ص 245: قد ثبت عن النبيّ(صلى الله عليه وآله)انَّه قال لعليٍّ(عليه السلام): «تقاتل بعدي الناكثين والقاسطين والمارقين»(1) .
16 ـ وبهذا الحديث احتجَّ أمير المؤمنين(عليه السلام) يوم الشورى وقال: اُنشدكم الله هل فيكم أحدٌ يُقال الناكثين والقاسطين والمارقين على لسان النبيِّ، غيري؟
قالوا: اللهمَّ لا.
____________
(1) شرح نهج البلاغة 13 / 183.
قال: أنا يا رسول الله؟!
قال: نعم.
قال: أنا؟!
قال: نعم.
قال: فأنا أشقاهم يا رسول الله؟!
قال: لا، ولكن إذا كان ذلك فارددها إلى مأمنها».
أخرجه أحمد في مسنده 6 ص 393، والهيثمي في مجمع الزوائد 7 ص 234 وقال: رواه أحمد، والبزّار، والطبراني(1) ، ورجاله ثقات.
ويوجد في كنز العمال 6 ص 37، والخصائص الكبرى 2 ص 137.
18 ـ اخرج ابو نعيم عن الحارث قال: كنت مع عليٍّ بصفِّين فرأيت بعيراً من إبل الشّام جاء وعليه راكبه وثقله، فألقى ما عليه وجعل يتخلّل الصفوف إلى عليٍّ، فجعل مشفره فيما بين راس عليٍّ ومنكبه وجعل يحرِّكها بجرانه، فقال عليٌّ: والله إنّها للعلامة التي
____________
(1) المعجم الكبير للطبراني 1 و 332 ح 995، مسند أحمد 6 / 393.
الخصائص الكبرى 2 ص 138.
[بعض فضائل الامام علي(عليه السلام)]
23 ـ قال: قال الرافضيُّ ـ يعني العلاّمة الحلّي ـ: وعن عمرو بن ميمون قال: لعليِّ بن ابي طالب عشر فضائل ليست لغيره، قال النبي(صلى الله عليه وآله): لابعثنَّ رجلاً لا يخزيه الله أبداً، يُحبُّ الله ورسوله، ويُحبّه الله ورسوله، فاستشرف إليها مَن استشرف فقال: أين عليُّ ابن ابي طالب؟ قالوا: هو أرمد في الرحا يطحن، وما كان أحدهم يطحن، قال: فجاء وهو أرمد لايكاد أن يبصر، قال: فنفث في عينيه ثمَّ هزَّ الراية ثلاثاً وأعطاها إيّاه فجاء بصفيّة بنت حيّ. قال: ثمَّ بعث ابا بكر بسورة براءة، فبعث عليّاً خلفه فأخذها منه، وقال: لا يذهب بها إلاّ رجلٌ هو منّي وأنا منه. وقال لبني عمِّه: أيّكم يُواليني في الدُّنيا والاخرة؟ قال: وعليٌّ جالسٌ معهم، فأبوا، فقال عليٌّ: أنا اُواليك في الدنيا والاخرة، قال: فتركه ثمّ أقبل
|
على رجل رجل منهم، فقال: أيكم يواليني في الدنيا والاخرة؟ فأبوا، فقال عليٌّ: أنا اُواليك في الدنيا والاخرة، فقال: أنت وليّي في الدنيا والاخرة. قال: وكان عليٌّ أوَّل من أسلم من الناس بعد خديجة. قال: وأخذ رسول الله(صلى الله عليه وآله) ثوبه فوضعه على عليٍّ وفاطمة والحسن والحسين فقال: إنَّما يُريد الله ليُذهبَ عَنكم الرّجس أهل البيت ويطهِّركم تطهيرا. قال: وشرى عليٌّ نفسه ولبس ثوب رسول الله(صلى الله عليه وآله) ثمِّ نام مكانه وكان المشركون يرمونه بالحجارة. وخرج رسول الله(صلى الله عليه وآله) بالنّاس فى غزوة تبوك فقال له عليٌّ: أخرج معك؟ فقال:لا. فبكى عليٌّ، فقال له: أما ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى؟! إلاّ انَّك لستَ بنبيّ، لا ينبغي أن أذهب إلاّ وأنت خليفتي، وقال له رسول الله(صلى الله عليه وآله): أنت وليّي في(1) كلِّ مؤمن بعدي.
|
____________
(1) كذا. والصحيح المحفوظ في اصول الحديث: أنت ولي كل مؤمن بعدي.
قال: وسدَّ أبواب المسجد إلاّ باب عليٍّ، قال: وكان يدخل المسجد جنباً وهو طريقه ليس له طريق غيره، وقال له: مَن كنت مولاه فعليٌّ مولاه ج 3 ص 8(1) . ثمَّ قال ما ملخَّصه: الجواب: إنَّ هذا ليس مسنداً بل هو مرسلٌ لو ثبت عن عمرو بن ميمون. وفيه ألفاظ هي كذبٌ على رسول الله(صلى الله عليه وآله) كقوله: لا ينبغي أن أذهب إلاّ وأنت خليفتي فإنَّ النبي(صلى الله عليه وآله)ذهب غير مرَّة وخليفته على المدينة غير عليٍّ. ـ ثم ذكر عدَّةً من ولاته على المدينة ـ فقال: وعام تبوك ما كان الاستخلاف إلاّ على النساء والصبيان، ومن عذر الله وعلى الثلاثة الذين خلّفوا أو متَّهم بالنفاق وكانت المدينة آمنةً لا يخاف على أهلها ولا يحتاج المستخلف إلى الجهاد. وكذلك قوله: وسدَّ الابواب كلّها إلاّ باب عليّ، فإنَّ هذا ممّا وضعته الشيعة على طريق المقابلة
|
____________
(1) منهاج السنة 5 / 30.
فإنَّ الذي في الصحيح عن ابي سعيد عن النبيَّ(صلى الله عليه وآله)انّه قال في مرضه الذي مات فيه: إنَّ أمنَّ الناس عليَّ في ماله وصحبته ابو بكر، ولو كنت متَّخذاً خليلاً غير ربِّي لاتَّخذتُ ابا بكر خليلاً، ولكن اُخوَّة الاسلام ومودَّته، لايبقين في المسجد خوخة إلاّ سدَّت إلاّ خوخة ابي بكر. ورواه ابن عبّاس ايضاً في الصحيحين. ومثل قوله: أنت وليّي في كلِّ مؤمن بعدي، فإنَّ هذا موضوعٌ باتِّفاق أهل المعرفة بالحديث(1) . ثمَّ أردفه بخرافات وتافهات في بيان عدم اختصاص عليٍّ بهذه المناقب.
|
____________
(1) المصدر السابق.
فهلمَّ معي نمعن النظرة في هملجته حول هذا الحديث وماله فيه من جلبة وسخب:
فأوَّل ما يتقوَّل فيه: انَّه مرسلٌ وليس مسند.
فكأنَّ عينيه في غشاوة عن مراجعة المسند لامام مذهبه أحمد بن حنبل فإنَّه أخرجه في ج 1 ص 331 عن يحيى بن حمّاد، عن ابي عوانة، عن ابي بلج، عن عمرو بن ميمون، عن ابن عبّاس(1) .
____________
(1) مرّ بلفظه 1 / 50 «المؤلف (رحمه الله)».
واليك نص الحديث:
عمرو بن ميمون عن ابن عباس في حديث طويل قال: إني جالس الى ابن عباس اذ أتاه تسعة رهط فقالوا: يا ابن عباس امّا أن تقوم معنا، وامّا ان تخلو بنا من بين هؤلاء.
فقال ابن عباس: بل انا اقوم معكم.
=>
____________
<=
قال ابن عباس: ثم بعث رسول الله فلاناً بسورة التوبة فبعث علياً خلفه فأخذها منهُ وقال: لايذهب بها الاّ رجل هو مني وأنا منهُ.
فقال ابن عباس: وقال النبي لبني عمه، ايكم يواليني في الدنيا والاخرة؟ بأبوا، قال: وعلي جالس معهم، فقال علي: انا اواليك في الدنيا والاخرة، قال: فتركه واقبل على رجل منهم فقال: ايكم يواليني في الدنيا والاخرة، فابوا فقال علي: انا اواليك في الدنيا والاخرة، فقال لعلي: انت ولييّ في الدنيا والاخرة.
قال ابن عباس: وكان علي اول من آمن من الناس بعد خديجة (رضي الله عنها). قال: وأخذ رسول الله ثوبه فوضعه على علي وفاطمة وحسن وحسين وقال: انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس اهل البيت ويطهركم تطهيراً.
قال ابن عباس: وشرى علي نفسه فلبس ثوب النبي(صلى الله عليه وآله) ثم نام مكانه: قال ابن عباس: وكان المشركون يرمون رسول الله فجاء ابو بكر وعلي نائم قال: وابو بكر يحسب انهُ رسول الله، قال فقال: يا نبي الله، فقال له علي: ان نبي الله قد انطلق نحو بئر ميمون فادركه، قال: فانطلق ابو بكر فدخل معه الغار، قال: وجعل علي(رضي الله عنه) تُرمى بالحجارة كما يرمى نبي الله وهو يتضور، وقد لفّ راسه في الثوب لايخرجه حتى أصبح ثم كشف عن راسه فقالوا: انك للئيم، وكان صاحبك لا يتضور ونحن نرميه وانت تتضور، وقد استنكرنا ذلك.
فقال ابن عباس: وخرج رسول الله(صلى الله عليه وآله) في غزوة تبوك، وخرج الناس معهُ فقال له عليُّ: أخرج معك: فقال النبي(صلى الله عليه وآله): لا، فبكى علي فقال له: أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى، الاّ انه ليس بعدي نبي، انهُ لا يبنغي ان أذهب الاّ وانت خليفتي.
قال ابن عباس: وقال له رسول الله(صلى الله عليه وآله): انت ولي كل مؤمن بعدي ومؤمنة.
قال ابن عباس: وسد رسول الله(صلى الله عليه وآله) ابواب المسجد غير باب علي فكان يدخل المسجد جنباً وهو طريقه ليس هل طريق غيره.
قال ابن عباس: وقال رسول الله(صلى الله عليه وآله): من كنت مولاه فإنّ مولاه عليٌ... الحديث «المؤلف (رحمه الله)».
وأخرجه بسند صحيح رجاله كلّهم ثقات الحفاظ النسائي في الخصائص 7، والحاكم في المستدرك 3 ص 132 وصحَّحه هو والذهبي، والطبراني كما في المجمع للحافظ الهيثمي وصحَّحه، وابو يعلى كما في البداية والنهاية، وابن عساكر في الاربعين الطوال، وذكره ابن حجر في الاصابة 2 ص 509 وجمعٌ آخرون أسلفناهم في الجزء الاوَّل ص 51(2) .
____________
(1) أبو بلج يحيى بن سليم الفزاري الواسطي، وثقه ابن معين، والنسائي، والدارقطني كما في خلاصة الخزرجي: 383، ووثقه الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد 9 / 109. «المؤلف (رحمه الله)».
(2) منهم: امام الحنابلة احمد في مسنده 1 / 331 عن يحيى بن حماد عن ابي عوانة عن ابي بلج عن عمرو بن ميمون عن ابن عباس، والخوارزمي في المناقب: 75 رواه بطريق الحافظ البيهقي، والطبري في الرياض 2/203، وذخائر العقبى: 87، والحافظ الحمويني في الفرائد باسناده عن الضحاك عنهُ بطريق الطبراني، وابن كثير في البداية 7 / 337، عن طريق احمد بالسند المذكور، والهيثمي في مجمع الزوائد 9 / 108 عن احمد والطبراني، وقال: ورجال احمد رجال الصحيح غير ابي بلج الفزاري وهو ثقة. ورواه بطوله الحافظ الكنجي في الكفاية ص 115 نقلاً عن احمد وابن عساكر في كتابه الاربعين الطوال. «المؤلف (رحمه الله)».
والاعجب: انَّه عطف بعد ذلك على فقرات من الحديث وهو يُحاول تفنيدها ويحسبها من الاكاذيب منها قوله(صلى الله عليه وآله): لا ينبغي أن أذهب إلاّ وأنت خليفتي، فارتآه كذباً مستدلاً بأنَّ النبيَّ(صلى الله عليه وآله) ذهب غير مرَّة وخليفته على المدينة غير عليٍّ.
ومن استشفَّ الحقيقة من هذا الموقف علم أنّها قضيّةٌ شخصيّةٌ لا تعدُ قصة تبوك لِما كان(صلى الله عليه وآله)يعلمه من عدم وقوعه الحرب فيها، وكانت حاجة المدينة إلى خلافة مثل أمير المؤمنين عليها مسيسة لِما تداخل القوم من عظمة ملك الروم «هرقل» وتقدُّم جحفله الجرّار، وكانوا يحسبون انَّ رسول الله(صلى الله عليه وآله) وحشده الملتفَّ به لا قِبل لهم به.
ومن هنا تخلّف المتخلّفون من المنافقين، فكان أقرب الحالات في المدينة بعد غيبة النبي(صلى الله عليه وآله)أن يرجف بها المنافقون للفتِّ في عضد صاحب الرسالة، والتزلّف إلى عامل بلاد الروم الزّاحف، فكان من واجب الحالة عندئذ أن يخلف عليها أمير المؤمنين(عليه السلام) المهيب في أعين القوم، والعظيم في النفوس الجامحة، وقد عرفوه بالبأس الشديد، والبطش الصارم، إتِّقاء بادرة ذلك الشرِّ المترقِّب. وإلاّ
وعلى هذا إتَّفق علماء السير كما قال سبط ابن الجوزي في التذكرة ص 12.
وفي وسع الباحث أن يستنتج ما بيّناه من قوله(صلى الله عليه وآله) لعليٍّ: كذبوا ولكن خلّفتك لما ورائي. فيما أخرجه ابن اسحاق بإسناده عن سعد بن ابي وقاص قال: لَمّا نزل رسول الله الجرف طعن رجال من المنافقين في إمرة عليٍّ وقالوا: إنّما خلّفه استثقالاً، فخرج عليٌّ فحمل سلاحه حتّى أتى النبيَّ(صلى الله عليه وآله) بالجرف فقال: يا رسول الله؟ ما تخلّفت عنك في غزوة قطٌّ قبل هذه، قد زعم المنافقون إنك خلّفتني استثقالاً.
فقال: «كذبوا ولكن خلّفتك لما ورائي...» الحديث(2) .
ومّما صحَّ عنه(صلى الله عليه وآله) حين أراد أن يغزو انّه قال: ولا بدَّ من أن اُقيم
____________
(1) الاستيعاب 3 ص 34 هامش الاصابة، شرح التقريب 1 ص 85، الرياض النضرة 2 ص 163، الصواعق 72، الاصابة 2 ص 507، السيرة الحلبية 3 ص 148، الاسعاف 149. «المؤلف (رحمه الله)».
(2) الرياض النضرة 2 ص 162، الامتاع للمقريزي 449، عيون الاثر 2 ص 217، السيرة الحلبية 3 ص 148، شرح المواهب للزرقاني 3 ص 69، سيرة زيني دحلان 2 ص 338. «المؤلف (رحمه الله)».
إذا عرفت ذلك كلّه فلا يذهب عليك انَّ قوله(صلى الله عليه وآله): «لا ينبغي أن أذهب إلاّ وأنت خليفتي»، ليس له مغزى إلاّ خصوص هذه الواقعة، وليس في لفظه عموم يستوعب كلَّ ما غاب(صلى الله عليه وآله) عن المدينة، فمن الباطل نقض الرجل باستخلاف غيره على المدينة في غير هذه الواقعة، حيث لم تكن فيه ما أوعزنا إليه من الارجاف، وكانت حاجة الحرب أمسّ إلى وجود أمير المؤمنين(عليه السلام)حيث لم يكن غيره كمثله يكسر صولة الابطال، ويغير في وجوه الكتائب، فكان(صلى الله عليه وآله) في أخذ أمير المؤمنين معه إلى الحروب واستخلافه في مغيبه يتبع أقوى المصلحتين.
[حديث المنزلة]
ثمَّ: إنَّ الرَّجل حاول تصغيراً لصورة الخلافة فقال: وعام تبوك ما كان الاستخلاف...
غير أنَّ نظّارة التنقيب لا تزال مكبِّرة لها من شتّى النواحي:
الاولى:
قوله: «أما ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من____________
(1) أخرجه الطبراني بطريق صحيح كما في مجمع الزوائد 9 ص 111. «المؤلف (رحمه الله)».
انظر المعجم الكبير للطبراني 5 / 203 ح 5094.
فهو خلافةٌ عنه(صلى الله عليه وآله) وإنزالٌ لعليٍّ(عليه السلام) منزلة نفسه لا محض استعمال كما يظنّه الظانّون، فقد استعمل(صلى الله عليه وآله) قبل هذه على البلاد اُناساً، وعلى المدينة آخرين وأمَّر على السرايا رجالاً لم يقل في أحد منهم ما قاله في هذا الموقف، فهي منقبةٌ تخصّ أمير المؤمنين فحسب.
الثانية:
قوله(صلى الله عليه وآله) فيما مرَّ عن سعد بن ابي وقّاص: «كذبوا ولكن خلّفتك لَما ورائي».لَمّا طعن رجالٌ من المنافقين في إمرة عليٍّ(عليه السلام) ولا يوعز(صلى الله عليه وآله) به إلاّ إلى ما اشرنا إليه عن خشية الارجاف بالمدينة عند مغيبه، وانَّ إبقاءه كان لابقاء بيضة الدين عن أن تنتهك، وحذار أن يتَّسع خرقها بهملجة المنافقين، لولا هناك من يطأ فورتهم بأخمص بأسه وحجاه، فكان قد خلّفه لمهمّة لاينوء بها غيره.
الثالثة:
قوله(صلى الله عليه وآله) لعليٍّ(عليه السلام) في حديث البراء بن عازب وزيد بن أرقم قالا: قال حين أراد(صلى الله عليه وآله)أن يغزو: «انَّه لابدَّ من أن اُقيم أو