وماذا سيحمل في نفسه عنك الى بلده، الحاج الذي جاء ليصلي الجمعة خلفك في مسجد النبي صلى الله عليه وآله، فصفعته بهذه الغلظة؟!
اللهم بجاه نبيك الكريم الذي قلت فيه: (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، وقلت فيه: (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ) .. ارزقنا نفحةً من أخلاقه النبوية، وأعذنا من الفظاظة.
المسألة العاشرة
الرد على نهي البديري عن زيارة معالم المدينة المنورة!
قال البدير: (أيها الزائر المكرم! لايشرع زيارة شيء من المساجد في المدينة النبوية سوى هذين المسجدين مسجد رسول الله ومسجد قبا، ولايشرع للزائر ولغيره قصد بقاع بعينها يرجو الخير بقصدها أو التعبد عندها، لم تستحب الشريعة قصدها، وليس من المشروع تتبع مواطن أو مساجد صلى فيها رسول الله (ص) أو غيره من الصحابة الكرام، لقصد الصلاة فيها أو التعبد بالدعاء ونحوه عندها وهو (ص) لم يأمر بقصدها ولم يحث على زيارتها.
فعن المعرور بن سويد قال: خرجنا مع عمر بن الخطاب (رض) فعرض لنا في بعض الطريق مسجد فابتدر ناس يصلون، فقال (رض) : ماشانهم؟ وقال: هذا مسجد رسول الله (ص) فابتدر الناس يصلون فيه، فقال عمر (رض) : يا أيها الناس، إنما هلك من كان قبلكم باتباعهم مثل هذا حتى أحدثوها بيعاً، فمن عرضت له فيه صلاة فليصل، ومن لم تعرض فيه صلاة...) أخرجه بن أبي شيبة.
ولما بلغ عمر بن الخطاب (رض) أن ناساً يأتون الشجرة التي بويع تحتها النبي (ص) أمر بها فقطعت. أخرجه بن أبي شيبة) .
أيها المسلمون! ويشرع لزوار المدينة من الرجال زيارة أهل بقيع الغرقد وشهداء أحد للسلام عليهم والدعاء لهم.
عن أبي هريرة (رض) قال:كان رسول الله يعلمهم إذا خرجوا
وزيارة القبور إنما شرعت لمقصدين عظيمين أولهما للزائر لغرض الإعتبار والإدكار، وثانيهما للمزور بالدعاء لهم والترحم عليهم والإستغفار.
ويشترط لجواز زيارة القبور عدم القول الهجر، وأعظمه الشرك والكفر. فعن أبي هريرة (رض) أن رسول الله (ص) قال: كنت نهيتكم عن زيارة القبورفمن أراد أن يزورفليزر ولاتقولوا هجرًا. أخرجه النسائي.
فلا يجوز الطواف بهذه القبور ولا غيرها، ولا الصلاة اليها ولابينها، ولا التعبد عندها بقرائة القرآن أو الدعاء أو غيرها، لأن ذلك من وسائل الإشراك برب الأملاك والأفلاك، ومن اتخاذها مساجد حتى ولو لم يبن عليها مسجد. فعن عائشة وعبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: (لما نزل برسول الله (ص) الموت طفق يطرح خميصة على وجهه فإذا اغتم بها كشفها عن وجهه فقال وهو كذلك: لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد. يحذر ما صنعوا. أخرجه البخاري. وقال عليه الصلاة والسلام: إن من شرار الناس من تدرك الساعة وهم أحياء، والذين يتخذون القبور مساجد. أخرجه أحمد.
وعن أبي مرفد الغنوي (رض) قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم: الأرض كلها مسجد، إلا المقبرة والحمام. أخرجه أحمد.
وفي حديث أنس (رض) (إن النبي (ص) نهى أن يصلى بين القبور. أخرجه المحبان. ولايجوز السجود على المقابر، بل ذلك وثنية الجاهلية، وشذوذ الفكري، وتخلف عقلي.
ولا يجوز لزائرها أو غيره دفن شيء من شعره أو بدنه أو مناذيره، أو وضع صورته أو غير ذلك مما معه، في تربتها لقصد البركة.
ولا يجوز رمي النقود أو شئ من الطعام كالحبوب ونحوها عليها، فمن فعل شيئاً من ذلك وجب عليه التوبة وعدم العودة.
ولا يجوز تخليقها ولا تقبيلها، والقسم على الله بأصحابها.
ولايجوز سؤال الله بهم أو بجاهم وحقهم، بل ذلك توسل محرم من وسائل الشرك.
ولا يجوز تصوير القبور، لأن ذلك وسيلة إلى تعظيمها والإفتتان بها) .
أولاً: أنهم انتقصوا من مقام المدينة المنورة وخالفوا النبي صلى الله عليه وآله
مشكلة بعض الناس أنهم لايعرفون قدر النبي صلى الله عليه وآله ولا قدر مدينته المنورة! وإلا فإن المسلم السويّ يكفيه أن يتذكر المدينة حتى ينبض قلبه بحبها، ويستشرف نسيم بقاعها الطاهرة، وما أن يدخل الى رحابها حتى يتنفس هواءها العابق فيشم منه نفح النبي وآله الأطهار وأصحابه الأبرار صلى الله عليه وآله وأنفاسهم المقدسة، وحياتهم وجهادهم الذي افتخر به الملأ الأعلى!
نقول ذلك، لأن أصح مصادرهم روت في فضل المدينة ما يهز الوجدان!
ففي البخاري ج2ص221:
(عن أبي هريرة أنه كان يقول لو رأيت الظباء بالمدينة ترتع ماذعرتها، قال رسول الله (ص) : ما بين لابتيها حرام) .
وفي فتح الباري ج4 ص79:
(وفي هذا الحديث فضل المدينة على البلاد المذكورة، وهو أمر مجمع عليه، وفيه دليل على أن بعض البقاع أفضل من بعض، ولم يختلف العلماء في أن للمدينة فضلاً على غيرها، وإنما اختلفوا في الأفضلية بينها وبين مكة) . انتهى.
بل رووا أن تراب المدينة شفاء للمرض، ففي صحيح البخاري ج7 ص24: (عن عائشة قالت كان رسول الله (ص) يقول في الرقية: بسم الله تربة أرضنا، وريقة بعضنا، تشفي سقيمنا، بإذن ربنا) .
وفي سنن أبي داود ج2 ص227:
(للإنسان إذا اشتكى يقول
وفي مستدرك الحاكم ج4 ص412:
(عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وآله كان إذا اشتكى الإنسان الشئ منه أو كانت به قرحة أو جرح، قال النبي صلى الله عليه وآله بإصبعه هكذا ووضع سبابته بالأرض ثم رفعها:بسم الله تربة أرضنا بريقة بعضنا يشفى سقيمنا بإذن ربنا. هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه) .
وقال النووي في شرح مسلم ج1 4 ص 184:
(قال جمهور العلماء المراد بأرضنا هنا جملة الأرض، وقيل أرض المدينة خاصة لبركتها) .
وفي فتح الباري ج10ص177:
(تنبيه: أخرج أبو داود والنسائي ما يفسر به الشخص المرقي، وذلك في حديث عائشة أن النبي (ص) دخل على ثابت بن قيس بن شماس وهو مريض فقال: إكشف الباس رب الناس، ثم أخذ تراباً من بطحان فجعله في قدح، ثم نفث عليه، ثم صبه عليه) .
وفي عون المعبود ج10ص264:
(وصب ذلك التراب المخلوط بالماء (عليه) أي ثابت بن قيس، والمعنى أي جعل الماء في فيه، ثم رمى بالماء على التراب، ثم صب ذلك التراب المخلوط بالماء على ثابت بن قيس......قال الحافظ ابن القيم: هذا من العلاج السهل الميسر النافع المركب، وهي معالجة لطيفة يعالج بها القروح والجراحات الطرية) . انتهى.
وابن القيم هذا هو تلميذ ابن تيمية، وهو متعصب له ولأفكاره!
فما دامت مكانة المدينة المنورة وتربتها عند الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وآله
ألا يفكر هؤلاء المتطرفون قليلاً قبل أن يطلقوا عشرات فتاوي التحريم من منبر مسجد النبي ويصفعوا بها وجوه حجاج بيت الله وزوار قبر نبيه صلى الله عليه وآله؟!
فكيف صار الحجاج أكفر الكافرين، وصارت أعمالهم في حرم نبيهم ومدينته المنورة، وصلاتهم في بقاعها المباركة، ودعاءهم فيها، صارت كلها معاصي وذنوباً وآثاماً، وبدعاً وشركاً؟!
لقد شذ هذا البدير ورفقاؤه حتى عن مذهبهم! فإن كانوا يفتون لأنفسهم فهو أمر يخصهم، لكن ليسمحوا من فضلهم لأمة رسول الله صلى الله عليه وآله التي لاتقلدهم، أن تأخذ بفتاوي أئمة مذاهبها بالتبرك بكل بقاع المدينة وذرات ترابها الطاهر، والصلاة والدعاء فيها، وتقديس مائها وهوائها!
والحمد لله أن المسلمين لايعيرون بالاً لفتاوي هؤلاء، بل تراهم يأخذون بالتوجيه المروي عن الإمام الصادق عليه السلام قال: (ومن المشاهد بالمدينة التي ينبغي أن يؤتى إليها وتشاهد، ويصلى فيها وتتعاهد: مسجد قبا، وهو المسجد الذي أسس على التقوى، ومسجد الفتح، ومشربة أم إبراهيم، وقبر حمزة، وقبور الشهداء. وينبغي للزائر أن يكون آخر عهده خارجاً من المدينة قبر النبي صلى الله عليه وآله يودعه كما يفعل يوم دخوله ويقول كما قال، ويدعو ويودع بما تهيأ له من وداع، وينصرف) . (البحار ج96 ص 379) .
قال ابن حجر في فتح الباري ج13ص259:
(وقد احتج أبو بكر الأبهري المالكي بأن المدينة أفضل من مكة بأن النبي صلى الله عليه وسلم مخلوق من تربة المدينة وهو أفضل البشر، فكانت تربته أفضل الترب. انتهى. وكون تربته أفضل الترب لا نزاع فيه، وإنما النزاع هل يلزم من ذلك أن تكون المدينة أفضل من مكة، لأن المجاور للشئ لو ثبت له جميع مزاياه لكان لما جاور ذلك المجاور نحو ذلك، فيلزم أن يكون ما جاور المدينة أفضل من مكة وليس كذلك اتفاقاً. كذا أجاب به بعض المتقدمين وفيه نظر) .انتهى.
ولم يحكم ابن حجر بأن مكة أفضل من المدينة!
بينما روى الصدوق في الفقيه ج2ص243:
عن الإمام الصادق عليه السلام أنه قال: (أحب الأرض إلى الله تعالى مكة، وما تربة أحب إلى الله عز وجل من تربتها، ولا حجر أحب إلى الله عز وجل من حجرها، ولا شجر أحب إلى الله عز وجل من شجرها، ولا جبال أحب إلى الله عز وجل من جبالها، ولا ماء أحب إلى الله عز وجل من مائها) . انتهى.
نعم قد يوافق مذهبنا على ما قاله البهوتي في كشاف القناع ج2 ص548، قال: (قال في الفنون: الكعبة أفضل من مجرد الحجرة فأما والنبي (ص) فيها، فلا والله، ولا العرش وحملته والجنة، لأن بالحجرة جسداً لو وزن به لرجح. قال في الفروع: فدل كلام أحمد والأصحاب على أن التربة على الخلاف) . انتهى.
ثانياً: لمحة من جرائم فتاواهم في إزالة آثار النبي وآله صلى الله عليه وآله
لماذا هذه الحساسية عند هؤلاء المتطرفين من قباب المدينة المنورة، ومعالمها، ومساجدها الكثيرة، المباركة؟! فقد تتبعوا آثار النبي صلى الله عليه وآله وأهل بيته الأطهار عليهم السلام وصحابته الأبرار، في ربوع المدينة المنورة، وأبادوها!
وما زالوا يتتبعون ما بقي منها ويبيدونه! كأنهم إلى الآن لم يشفوا ما في قلوبهم من الغيظ من آثار النبي وآله الطاهرين صلى الله عليه وآله!!
لقد قاموا بهجومهم الكبير في8 شوال 1344 على مشهد الأئمة من أهل البيت النبوي صلى الله عليه وآله، وكان أكبر مشهد في البقيع، يقع على ربوتها الوحيدة التي هي أعلى نقطة فيها، فهدموا قبابه وخربوا ضريحه، وهدموا كل القباب المباركة وضرائحها المشيدة في البقيع وفي المدينة وضواحيها، وسووا قبورها الطاهرة بالأرض، وأزالوا مئات الآثار المميزة، وحرموا الأجيال من وثائق إسلامية مادية، وشواهد عينية محسوسة من حياة النبي وآله الطاهرين صلى الله عليه وآله وأصحابه الميامين!!
وفي كل سنة تراهم مدوا أيديهم الطويلة إلى أثر آخر فحرفوه، أو أزالوه! وفي سنة 1422 أخبرني بعض الحجاج بآخر تحريف قاموا به في الضريح النبوي الشريف، ثم تأكدت منه بنفسي حيث غيروا الكتابة التي على الشبابيك الثلاثة من جهة الرأس الشريف، وهي كتابة مصنوعة من النحاس على شكل تاج مثلث مكتوب فيه (يا الله يا
كل هذا لأن أذهانهم الهوجاء وسليقتهم العوجاء تتخيل أن نداء النبي صلى الله عليه وآله (يا محمد) والتوسل به الى الله تعالى، شرك وكفر!!
أضف إلى ذلك أنهم حذفوا أوغيَّروا كثيراً من الكتابات وأبيات الشعر التي كانت على الضريح النبوي، وعلى أعمدة الروضة في المسجد الشريف!
وأزالوا الضريح الرمزي لفاطمة الزهراء عليه السلام في أواخر الحجرة النبوية الشريفة وغيروا مكان أبواب الحرم، ومنها باب جبرائيل، فموضعه الحالي ليس موضعه الأصلي، وقد جعلوا مكانه شباكاً. وأزالوا باب علي عليه السلام وهو من جهة البقيع، سدوه عند تجديد الحائط الشرقي، وجعلوا مكانه شباكاً.
وأزالوا الرخامة المكتوب عليها آية تغير القبلة في مسجد القبلتين! وهدموا كثيراً من المزارات الشريفة والآثار المباركة، وأزالوها.
وقد لاحقت فتاويهم ومعاولهم كل مكان في المدينة المنورة، حتى النخلات التي غرسها النبي صلى الله عليه وآله بيده، التي واصل المسلمون غَرْسَ مكانها من فِسْلانها كلما شاخت، فبقيت أثراً مباركاً يستشفي المسلمون
ولا يتسع المجال لتعداد أفاعيلهم في آثار النبي وآله صلى الله عليه وآله وأصحابه، التي جعلتهم منفورين عند كل مسلمي العالم بكل مذاهبهم!
فيكفي للمسلم أن يتذكر تكفيرهم للمسلمين، ومنعهم من تعظيم سيد المرسلين، حتى يشمئز منهم. ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
لكن من عجائب هؤلاء المشايخ أن فتاويهم ومعاولهم خرست أمام حصن زعيم اليهود كعب بن الأشرف، العدو اللدود للنبي صلى الله عليه وآله، فما زال حصنه وآثاره في المدينة سليمةً معافاة! كأنهم أفتوا بوجوب المحافظة عليها؟!
ففي كتاب تاريخ معالم المدينة المنورة قديماً وحديثاً، لأحمد ياسين الخياري مع تعليق عبيد الله محمد أمين كردي، إصدار نادي المدينة المنورة الأدبي، مطابع شركة دار العلم في السعودية، كتب مؤلفه ص22:
(بقية حصن كعب بن الأشرف بأعلى بطحان وليس بالعوالي، قبل سد العوالي للصاعد إليه من العوالي، وترى آثاره على اليمين بعد حديقة البلدية بخسمأة متر تقريباً، وعليها لافتة من إدارة الآثار تمنع تغيير المعالم) !!
وفي موقع:
http://www.al-madinah.org/arabic/137.htm:
فارع، حصن كعب بن الأشرف
وهو قلعة صغيرة مبنية على هضبة صخرية في المنطقة الجنوبية الشرقية للمدينة، يبلغ طول الحصن 33 متراً، وعرضه 33 متراً، وارتفاع ما بقي من جدرانه 4 أمتار، وسمكها متر، وله باب واحد من الجهة الغربية، وثمانية أبراج ضخام مبنية من حجارة ضخمة، طول بعضها 140سم، وعرضها 80 سم، وسمكها 40 سم، وبوسطه رحبة واسعة مربعة تبلغ مساحتها ألف متر. وبجوانب الحصن من الداخل10 غرف، وبداخله بئر، وقد خرب هذا الحصن عندما أجلى الرسول (ص) بني النضير عن المدينة، وسمح لهم بحمل ما يستطيعون حمله من أمتعة دون السلاح.
وصاحب هذا الحصن كعب بن الأشرف، وهو يهودي عربي من قبيلة نبهان! أمه من بني النضير، وكان يؤلب المشركين على حرب المسلمين بشعره ويؤذي المسلمين، فأمر النبي (ص) بقتله، فذهب بعض الصحابة واحتالوا عليه وأخرجوه من حصنه ليلاً، وقتلوه سنة 2 للهجرة.
للتوسع: آثار المدينة المنورة / عبدالقدوس الأنصاري ص61. انتهى.
فما هو قصدهم بقولهم (وهو يهودي عربي من قبيلة نبهان) ؟! وهل عندنا قبائل عربية يهودية؟! لقد وقعوا في فخ الحزب القرشي حيث زعم أن كعباً كان عربياً، ليخفف من مؤامراته على الإسلام ونبيه صلى الله عليه وآله! فمتى سمح اليهود لعربي أن يترأس فيهم، خاصة بنو النضير أكثر اليهود تعصباً؟!
قال البيهقي في سننه ج9ص183:
(بعث رسول الله (ص) حين فرغ من بدر بشيرين إلى أهل المدينة، زيد بن حارثة وعبد الله بن رواحة، فلما بلغ ذلك كعب بن الأشرف فقال: ويلك أحق هذا؟! هؤلاء ملوك العرب وسادة الناس، يعني قتلى قريش، ثم خرج إلى مكة فجعل يبكى على قتلى قريش، ويحرض على رسول الله صلى الله عليه وسلم) !.
وفي فتح الباري ج7ص259:
(باب قتل كعب بن الأشرف أي اليهودي، قال بن إسحاق وغيره...وكان طويلاً جسيماً ذا بطن وهامة، وهجا المسلمين بعد وقعة بدر، وخرج إلى مكة فنزل على بن وداعة السهمي.... كان شاعراً وكان يهجو رسول الله (ص) ويحرض عليه كفار قريش....قدم على مشركي قريش فحالفهم عند أستار الكعبة على قتال المسلمين. ومن طريق أبي الأسود عن عروة أنه كان يهجو النبي (ص) والمسلمين ويحرض قريشاً عليهم...صنع طعاماً وواطأ جماعة من اليهود أنه يدعو النبي (ص) إلى الوليمة فإذا حضر فتكوا به، ثم دعاه فجاء ومعه بعض أصحابه فأعلمه جبريل بما أضمروه بعد أن جالسه، فقام فستره جبريل بجناحه فخرج، فلما فقدوه تفرقوا! فقال (صلى الله عليه وآله) حينئذ من ينتدب لقتل كعب) . انتهى.
فليت هؤلاء المشايخ يعاملون آثار النبي وأهل بيته وأصحابه صلى الله عليه وآله كما يعاملون آثار حصن كعب اليهودي!
بل ليتهم عاملوا مساجد المدينة الأثرية المباركة كما عاملوا حصن كعب اليهودي؟! فقد هدموا مسجد السـقيا الذي هو أحد المساجد السبعة المشهورة، وكذلك مسجد الشمـس الذي رد الله فيه الشمس
قلت لأحد هؤلاء المشايخ: مادامت آثار النبي وآله وأصحابه صلى الله عليه وآله وقبابهم على قبورهم بدعة يجب أن تهدم، لسد ذرائع الشرك وعبادة غير الله تعالى، فأفتوا لنا بهدم قبة أحمد بن حنبل في بغداد، ونحن نكفيكم إياها؟!
فنظر اليَّ بغضب ولم يجب! وحسبنا الله ونعم الوكيل.
خـتــام
في ارتكاب البدير مخالفةً وبدعةً في خطبته!
ختم الشيخ البدير خطبته النكراء بقوله: (اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد، وعلى الخلفاء الراشدين الأئمة المهديين، أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعلى سائر الصحابة أجمعين، والتابعين لهم وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين، بمنك وكرمك وإحسانك يا رب العالمين) .
وقد ارتكب في صيغة صلاته هذه على النبي صلى الله عليه وآله مخالفةً، وبدعة!
أما المخالفة فهي حذفه الصلاة على آل النبي صلى الله عليه وآله، في صلاته الختامية المفصلة، مع أنه أتى بها في صلاته العادية المختصرة! وقد اتفقت مصادر الجميع على أن المسلمين سألوا النبي صلى الله عليه وآله كيف نصلي عليك؟ فأمرهم بالصلاة عليه وعلى آله معاً، وعلمهم صيغتها! وهذا نصها من البخاري:
(4797:قِيلَ يَارَسُولَ اللَّهِ أَمَّا السَّلامُ عَلَيْكَ فَقَدْ عَرَفْنَاهُ فَكَيْفَ الصَّلاةُ عَلَيْكَ؟ قَالَ: قُولُوا اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ اللَّهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ) .راجع الأحاديث: 3369، 3370، 6357، 6358، 4798، 6360 وتسمى الصلاة الإبراهيمية لأن فيها فقرة: (كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ
فلماذا حذف منها هذا الشيخ الخطيب الذي يوجه المسلمين من على منبر نبيهم صلى الله عليه وآله، ويحذرهم أن يشركوا بربهم تعالى، أو يعصوا نبيهم صلى الله عليه وآله؟!
السبب لايخلو من أمرين:
الأول:
أن يكون قلد بني أمية في معصية النبي صلى الله عليه وآله وبغض أهل بيته الطاهرين عليهم السلام، فقد اعترف الحافظ الحنبلي الشهير ابن حجر بأن العلماء والرواة ارتكبوا تحريف أحاديث النبي صلى الله عليه وآله وحذفوا منها الصلاة على آل النبي (تقيةً) من حكام بني أمية، وأتباعهم!
قال في سبل السلام:1/192:
(ودعوى النووي وغيره الإجماع على أن الصلاة على الآل مندوبة غير مسلمة، بل نقول: الصلاة عليه (ص) لاتتم ويكون العبد ممتثلاً بها، حتى يأتي بهذا اللفظ النبوي الذي فيه ذكر الآل، لأنه قال السائل: كيف نصلي عليك؟ فأجابه بالكيفية أنها الصلاة عليه وعلى آله، فمن لم يأت بالآل فما صلى عليه بالكيفية التي أمر بها، فلا يكون ممتثلاً للأمر، فلا يكون
وكذلك بقية الحديث: من قوله: كما صليت إلى آخره يجب، إذ هو من الكيفية المأمور بها، ومن فرق بين ألفاظ هذه الكيفية بإيجاب بعضها وندب بعضها، فلا دليل له على ذلك.
وأما استدلال المهدي في البحر على أن الصلاة على الآل سنة بالقياس على الأذان، فإنهم لم يذكروا معه (ص) فيه، فكلام باطل، فإنه كما قيل لا قياس مع النص، لأنه لا يذكر الآل في تشهد الأذان لا ندباً ولا وجوباً، ولأنه ليس في الأذان دعاء له (ص) ، بل شهادة بأنه رسول الله، والآل لم يأت تعبد بالشهادة بأنهم آله.
ومن هنا تعلم: أن حذف لفظ الآل من الصلاة كما يقع في كتب الحديث، ليس على ما ينبغي! وكنت سئلت عنه قديماً فأجبت إنه قد صح عند أهل الحديث بلا ريب كيفية الصلاة على النبي (ص) وهم رواتها، وكأنهم حذفوها خطأ تقيةً لمَّا كان في الدولة الأموية من يكره ذكرهم، ثم استمر عليه عمل الناس متابعةً من الآخر للأول، فلا وجه له. وبسطت هذا الجواب في حواشي شرح العمدة بسطاً شافياً) . انتهى.
والثاني:
أن يكون البدير قلد عبد الله بن الزبير، الذي كان في خلافته يصلي الجمعة فلا يذكر النبي صلى الله عليه وآله أو إذا ذكره لايصلي عليه صلى الله عليه وآله! فعوتب على ذلك فقال: (إن هذا الحي من بني هاشم إذا سمعوا ذكره أشرأبت أعناقهم، وأبغض الأشياء إليه ما يسرهم! لايمنعني ذكره إلا أن تشمخ رجال بآنافها!
وفي رواية أو ذات مرة قال: إن له أهيل سوء ينغضون رؤوسهم
(راجع الصحيح من السيرة ج 2 ص153، عن العقد الفريد ج 4 ص413 ط دار الكتاب العربي، وشرح النهج ج20 ص127، وأنساب الأشراف ج4 ص 28 وقاموس الرجال ج 5 ص 452، ومقاتل الطالبيين ص 474) .
ونحن نرجح أن البدير كابن الزبير، وأنه ترك الصلاة على آل النبي صلى الله عليه وآله عمداً لكي لايَسُرَّ (المشركين) بأهل البيت عليهم السلام، وهم عامة المسلمين الذين تحت منبره من كافة المذاهب! لأنهم يتوسلون بالنبي وأهل بيته الطاهرين صلى الله عليه وآله ويتبركون ببقاعهم الطاهرة، وخاصة الشيعة منهم!
لكن ينبغي لهذا البدير أن يتعمق في فقه ابن الزبير، فقد يكون عدم ذكر النبي صلى الله عليه وآله بالمرة عنده أحوط، وأقرب الى الله تعالى!!
وأما البدعة التي ارتكبها البدير، فهي إضافته الصلاة على الصحابة الى الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله فقد وضعهم بدل الآل الذين حذفهم! قال: (اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى الخلفاء الراشدين، الأئمة المهديين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعلى سائر الصحابة أجمعين...الخ.) .
فإن كان عنده حديث يجوِّز له قَرْنَ الصحابة بالنبي صلى الله عليه وآله في الصلاة عليه فهو معذور، وإلا فإن عمله يكون استدراكاً على النبي صلى الله عليه وآله وبدعة! وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار! وحكم البدعة بفتوى ابن تيمية أن يستتاب صاحبها، فإن لم يتب يحكم بكفره ويقتل!
قال الحافظ الصديق المغربي في (القول المقنع في الرد على الألباني المبتدع) مطبوع بطنجة سنة 1986، ص12:
(وننبه هنا على خطأ وقع من جماهير المسلمين، قلد فيه بعضهم بعضاً ولم يتفطن له إلا الشيعة، ذلك أن الناس حين يصلون على النبي صلى الله عليه وآله وسلم يذكرون معه أصحابه، مع أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم حين سأله الصحابة فقالوا: كيف نصلي عليك؟ أجابهم بقوله: قولوا اللهم صل على محمد وآل محمد. وفي رواية: اللهم صل على محمد وأزواجه وذريته، ولم يأت في شئ من طرق الحديث ذكر أصحابه مع كثرة الطرق وبلوغها حد التواتر.
فذكرُ الصحابة في الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم زيادةٌ على ما علمه الشارع، واستدراكٌ عليه، وهو لايجوز.
وأيضاً فإن الصلاة حقٌّ للنبي ولآله صلى الله عليه وآله وسلم، ولا دخلَ للصحابة فيها، لكن يترضى عنهم) .
وقد رد الألباني على الصديق المغربي في مقدمة كتابه (سلسلة الأحاديث الضعيفة) ج3 ص 8، رداً مطولاً، ومما قاله:
(قلت: ليس في هذا الكلام من الحق إلا قولك الأخير: إنه لا تجوز الزيادة على ما علمه الشارع..إلخ، فهذا حق نقول به ونلتزمه ما استطعنا إلى ذلك سبيلا. ولكن ما بالك أنت وأخوك خالفتم ذلك، واستحببتم زيادة كلمة (سيدنا) في الصلاة عليه صلى الله عليه وآله وسلم، ولم ترد في شئ من طرق الحديث؟! أليس في ذلك استدراك صريح عليه صلى الله عليه وآله وسلم، يامن يدعي تعظيمه بالتقدم بين يديه؟! أما سائر كلامك فباطل لوجوه، الأول: أنك أثنيت على الشيعة بالفطنة ونزهتهم عن البدعة، وهم
هذا العموم المزعوم أنت أول مخالف له لأنه يستلزم الصلاة عليه (ص) بهذه الصلوات الابراهيمية كلما ذكر عليه الصلاة والسلام، وما رأيتك فعلت ذلك ولو مرة واحدة في خطبة كتاب أو في حديث ذكر فيه النبي (ص) ، ولا علمنا أحداً من السلف فعل ذلك، والخير كله في الإتباع (!) .
والسر في ذلك أن هذا العموم المدعى إنما هو خاص بالتشهد في الصلاة، كما أفادته بعض الأحاديث الصحيحة، ونبه عليه الإمام البيهقي فيما ذكره الحافظ في فتح الباري:11/154، الطبعة السلفية فليراجعه من شاء، والإمام الشافعي في رسالته على ما ذكره الحافظ السخاوي في القول البديع. والرافعي، والشيرازي، والنووي، وابن تيمية، وابن القيم، وابن حجر، وغيرهم كثير وكثير جداً لا يمكن حصرهم، ما زال كل واحد منهم يصلي على النبي (ص) في خطبة كتبه ويصلي على أصحابه معه، كما أفعل أنا أحياناً اقتداءً بهم، وبخاصة أن الحافظ ابن كثير نقل في تفسيره الإجماع على جوازه (!) ، ومع ذلك كله رميتني بسبب ذلك بدائك وبَدَّعتني، أفهؤلاء الأئمة مبتدعةٌ عندك! ويحك، أم أنت تزن بميزانين وتكيل بكيلين؟!....
وهو يعلم أن النبي (ص) كان يصلي على أصحابه بمناسبات مختلفة، ومن ذلك حديث: كان إذا أتاه قوم بصدقتهم قال: اللهم صل عليهم، فأتاه أبو أوفى بصدقته فقال: اللهم صل على آل أبي أوفى. رواه
ولا دليل على أن ذلك من خصوصياته (ص) بل قد صح عن ابن عمر أنه كان يقول في الجنازة: اللهم بارك فيه وصل عليه واغفر له وأورده حوض رسولك. رواه ابن أبي شيبة في المصنف:10/414، وسنده صحيح على شرط الشيخين. وبعد هذا كله فإني أرجو أن يكون ظهر للقراء جميعاً من هو المبتدع!) . انتهى.
هذا لبُّ ماذكره الألباني من كلام طويل جداً، لم يأت فيه بدليل على جواز قرن الصحابة بالنبي في الصلاة عليه صلى الله عليه وآله، وغاية ما ذكره ثلاثة أدلة:
الدليل الأول:
قوله: (والسر في ذلك أن هذا العموم المدعى إنما هو خاص بالتشهد في الصلاة، كما أفادته بعض الأحاديث
ويقصد الألباني أنه لاعموم لصيغة الصلاة التي علمها النبي صلى الله عليه وآله للمسلمين للصلاة عليه، بل هو تعليم نبوي خاص بتشهد الصلاة، فنحن نلتزم بهذه الصيغة النبوية في تشهد الصلاة دون غيرها، ففي غير الصلاة يجوز لم أن تحذف الصلاة على الآل، وتضع مكانهم الصحابة، ولا حرج!
لكن ما هو دليل الألباني على تخصيصها بتشهد الصلاة، وحديثها في البخاري وغيره عام مطلق ليس فيه حصر في التشهد، قالوا: (فَكَيْفَ الصَّلاةُ عَلَيْكَ؟ قَالَ: قُولُوا اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ...) ؟!
يقول الألباني دليلي على تخصيصها: (أفادته بعض الأحاديث الصحيحة، ونبه عليه الإمام البيهقي فيما ذكره الحافظ في فتح الباري...) فقد ادعى الألباني وجود أحاديث نبوية صحيحة تحصر صيغة الصلاة النبوية التعليمية للمسلمين في تشهد الصلاة.. فأين هي هذه الأحاديث الصحيحة؟!
الجواب: يبعث لك الله، فلا توجد أحاديث لا صحيحة ولا ضعيفة!
وإلا لأتى بها الألباني في رده الطويل الذي أخذ أكثر من عشر صفحات!
فإن قيل: هل يكذب الألباني؟
فالجواب: إنهم يستحلون الكذب لرد أهل البدع، وللدفاع عن الصحابة!
ثم قال الألباني: (ونبه عليه الإمام البيهقي فيما ذكره الحافظ في فتح الباري...) يعني أن هؤلاء العلماء الذين ليس فيهم واحد قبل القرن السادس! نبهوا على تخصيص صيغة الصلاة التعليمية النبوية بالتشهد دون غيره!
لا بأس، فما هو دليلهم على هذا التخصيص؟
الجواب: هو الأحاديث الصحيحة التي وعد بها الألباني، ولا وجود لها!!
أرأيتم كيف يتجرؤون على تقييد صيغة الصلاة النبوية التعليمية التوقيفية العامة المطلقة، ويحصرونها في تشهد الصلاة، ليذبحوها خارج الصلاة؟!
الدليل الثاني:
قال (وهو يعلم أن النبي (ص) كان يصلي على
والجواب: أن موضوعنا كيف يجب أن نصلي نحن على النبي صلى الله عليه وآله؟
فانظر كيف يستدل عليه بصلاة النبي صلى الله عليه وآله على المسلمين؟!
النبي صلى الله عليه وآله يعرف تكليفه كيف يصلي هو علينا، وقد بين لنا تكليفنا كيف نصلي نحن عليه، فهل نزل علينا جبرئيل لنقول للنبي صلى الله عليه وآله: كلا، نريد أن نصلي عليك كما نحب، ونضم في الصلاة عليك من نحب، ونحذف منها لا نحب! لأنك أنت تفعل ذلك؟!
الدليل الثالث:
قال الألباني: (ولا دليل على أن ذلك من خصوصياته (ص) بل قد صح عن ابن عمر أنه كان يقول في الجنازة: اللهم بارك فيه وصل عليه واغفر له وأورده حوض رسولك. رواه ابن أبي شيبة في المصنف:10/414، وسنده صحيح على شرط الشيخين) .
يقول الألباني بذلك لقد ثبت بأثر صحيح عن ابن عمر أنه قال لميت (الله بارك فيه وصل عليه) فالصلاة على المسلمين ليست من مختصات النبي صلى الله عليه وآله بل يجوز لأي مسلم أن يقول لمسلم آخر (اللهم صل عليه) ، ونحن نقول: اللهم صل على الصحابة، فما المانع؟!
والجواب: أن الألباني يعرف أن المسألة ليست جواز الصلاة على مسلم بقولنا (اللهم صل عليه) ، بل هي: هل يجوز أن نتعدى تعليم النبي صلى الله عليه وآله بالصلاة عليه، ونحذف آله من صلاتنا عليه، ونضع
فانظر كيف غيَّر الموضوع، وشطَّ عنه بعيداً! وكذلك يفعلون!
إن حذفهم لآل النبي صلى الله عليه وآله ووضعهم للصحابة بدلهم، معضلةٌ لايستطيع أن يحلها البدير ولا أساتذته، فليست هي واحدة واثنتين، بل هي ست معضلات فقهية كاملة:
1- هل يجوز الصلاة على غير النبي، ومن أمر النبي صلى الله عليه وآله بالصلاة عليه؟
2- هل يوجد دليل يخصص صيغة الصلاة النبوية الإبراهيمية بتشهد الصلاة؟ 3- هل يجوز حدف آل النبي صلى الله عليه وآله من الصلاة عليه؟
4- هل يجوز وضع الصحابة مكانهم وقرنهم بالنبي صلى الله عليه وآله؟
5- هل يجوز أن ننوي بصلاتنا على آل النبي صلى الله عليه وآله جميع ذريته من فاطمة وعلي صلى الله عليه وآله وكل ذرية بني هاشم وعبد المطلب الى يوم القيامة، ونقرنهم بالنبي صلى الله عليه وآله وفيهم من ثبت أنهم أعداء لله ورسوله، وفيهم اليوم نصارى وملحدون وقتلة وأشرار؟! فكيف يأمرنا الله تعالى أن نصلي على هؤلاء الكفار والفجار وأن نقرنهم بسيد المرسلين صلى الله عليه وآله؟!
فهل يجب للتخلص من هذا الإشكال أن نقول (وآله المؤمنين) ؟!
6- إذا حلينا أصل مشكلة ضم الصحابة وقرنهم بالصلاة مع النبي صلى الله عليه وآله فهل يجوز لنا أن نعمم الصلاة عليهم جميعاً بدون تخصيص أو تقييد، لأنا عندما نقول (صلى الله وعلى أصحابه أجمعين) نشمل بذلك أكثر من مئة ألف شخص، ونقرنهم بالنبي صلى الله عليه وآله وهؤلاء فيهم
فهل يجب التخلص من هذا الإشكال بأن نقول: (عليه وعلى أصحابه المؤمنين، أو المرضيين) ؟!
إنها مشكلات أوقع البدير نفسه فيها، لأنه حذف آل النبي صلى الله عليه وآله من صلاته عليه، ووضع بدلهم آخرين! بل هي أصل مشكلة المتطرفين!
أما نحن فلا مشكلة عندنا، لأننا لانستحل أن نقرن بنبينا في الصلاة عليه صلى الله عليه وآله إلا آله وأهل بيته عليهم السلام الذين أمرنا بقرنهم به، وهم عندنا مصطلح نبوي خاص حدده النبي صلى الله عليه وآله بعلي وفاطمة والحسن والحسين، وتسعة من ذرية الحسين آخرهم المهدي عليهم السلام.
والحمد لله رب العالمين.
وقع الفراغ منه بقم المشرفة
في اليوم الثاني من ربيع الثاني سنة 1423
وحرره أقل خدمة العترة النبوية: علي الكوراني