في قصده
- الخرائج : حدث بطريق متطبب بالري قد أتى عليه مائة سنة ونيف وقال : كنت تلميذ بختيشوع طبيب المتوكل ، وكان يصطفيني فبعث إليه الحسن ابن علي بن محمد بن علي الرضا أن يبعث إليه بأخص أصحابه عنده ليفصده فاختارني وقال : قد طلب مني ابن الرضا من يفصده ، فصر إليه وهو أعلم في يومنا هذا بمن هو تحت السماء ، فاحذر أن لا تعترض عليه فيما يأمرك به .

فمضيت إليه فأمرني إلى حجرة وقال : كن إلى أن أطلبك ، قال : وكان الوقت الذي دخلت إليه فيه عندي جيدا محمودا للفصد ، فدعاني في وقت غير محمود له ، و أحضر طستا عظيما ففصدت الأكحل فلم يزل الدم يخرج حتى امتلأ الطست ، ثم قال لي : اقطع فقطعت وغسل يده وشدها ، وردني إلى الحجرة ، وقدم من الطعام الحار والبارد شئ كثير ، وبقيت إلى العصر ثم دعاني فقال : سرح ! ودعا بذلك الطست فسرحت وخرج الدم إلى أن امتلأ الطست فقال : اقطع فقطعت وشد يده وردني إلى الحجرة ، فبت فيها .

فلما أصبحت وظهرت الشمس دعاني وأحضر ذلك الطست ، وقال : سرح فسرحت ، فخرج مثل اللبن الحليب إلى أن امتلأ الطست ، فقال : اقطع فقطعت فشد يده ، وقدم لي بتخت ثياب وخمسين دينارا ، وقال : خذ هذا وأعذر وانصرف فأخذت وقلت : يأمرني السيد بخدمة ؟ قال نعم ، تحسن صحبة من يصحبك من دير العاقول ! فصرت إلى بختيشوع ، وقلت له القصة فقال : اجتمعت الحكماء على أن أكثر ما يكون في بدن الانسان سبعة أمناء من الدم وهذا الذي حكيت لو خرج من عين ماء لكان عجبا ، وأعجب ما فيه اللبن ، ففكر ساعة ثم مكثنا ثلاثة أيام بلياليها نقرء الكتب على أن نجد لهذه القصة ذكرا في العالم ، فلم نجد ثم قال : لم يبق اليوم في النصرانية أعلم بالطب من راهب بدير العاقول ، فكتب إليه كتابا يذكر فيه ما جرى .

فخرجت وناديته فأشرف علي وقال : من أنت ؟ قلت : صاحب بختيشوع ، قال : معك كتابة ؟ قلت : نعم فأرخى لي زنبيلا فجعلت الكتاب فيه فرفعه فقرأ الكتاب ونزل من ساعته فقال : أنت الرجل الذي فصدت ؟ قلت : نعم ، قال : طوبى لامك وركب بغلا ومر .

فوافينا سر من رأى وقد بقي من الليل ثلثه قلت : أين تحب ؟ دار أستاذنا أو دار الرجل ، فصرنا إلى بابه ، قبل الأذان ، ففتح الباب وخرج إلينا غلام أسود وقال : أيكما راهب دير العاقول ؟ فقال : أنا جعلت فداك ، فقال : انزل ، وقال لي الخادم : احتفظ بالبغلتين وأخذ بيده ودخلا .

فأقمت إلى أن أصبحنا وارتفع النهار ثم خرج الراهب ، وقد رمى بثياب الرهبانية ، ولبس ثيابا بيضا وقد أسلم ، فقال : خذ بي الآن إلى دار أستاذك فصرنا إلى دار بختيشوع فلما رآه بادر يعدو إليه ثم قال : ما الذين أزالك عن دينك ؟ قال : وجدت المسيح ، فأسلمت على يده ، قال : وجدت المسيح ؟ ! ! قال : أو نظيره فان هذه الفصدة لم يفعلها في العالم إلا المسيح ، وهذا نظيره في آياته وبراهينه ثم انصرف إليه ولزم خدمته إلى أن مات .

- الخرائج : روى أحمد بن محمد ، عن جعفر بن الشريف الجرجاني قال : حججت سنة فدخلت على أبي محمد بسر من رأى ، وقد كان أصحابنا حملوا معي شيئا من المال ، فأردت أن أسأله إلى من أدفعه ؟ فقال قبل أن أقول ذلك : ادفع ما معك إلى المبارك خادمي .

قال : ففعلت وخرجت وقلت : إن شيعتك بجرجان يقرءون عليك السلام قال : أو لست منصرفا بعد فراغك من الحج ؟ قلت : بلى ، قال : فإنك تصير إلى جرجان من يومك هذا إلى مائة وسبعين يوما وتدخلها يوم الجمعة لثلاث ليال يمضين من شهر ربيع الآخر في أول النهار فأعلمهم أني أوافيهم في ذلك اليوم في آخر النهار وامض راشدا فان الله سيسلمك ويسلم ما معك ، فتقدم على أهلك وولدك ، ويولد لولدك الشريف ابن فسمه الصلت بن الشريف بن جعفر بن الشريف وسيبلغ الله به ويكون من أوليائنا .

فقلت : يا ابن رسول الله إن إبراهيم بن إسماعيل الجرجاني هو من شيعتك كثير المعروف إلى أوليائك يخرج إليهم في السنة من ماله أكثر من مائة ألف درهم ، وهو أحد المتقلبين في نعم الله بجرجان ، فقال : شكر لله لأبي إسحاق إبراهيم بن إسماعيل صنيعه إلى شيعتنا ، وغفر له ذنوبه ، ورزقه ذكرا سويا قائلا بالحق فقل له : يقول لك الحسن بن علي : سم ابنك أحمد .

فانصرفت من عنده وحججت فسلمني الله حتى وافيت جرحان في يوم الجمعة في أول النهار من شهر ربيع الآخر على ما ذكره وجاءني أصحابنا يهنؤني فوعدتهم أن الإمام وعدني أن يوافيكم في آخر هذا اليوم فتأهبوا لما تحتا جون إليه ، واغدوا في مسائلكم وحوائجكم كلها .

فلما صلوا الظهر والعصر اجتمعوا كلهم في داري ، فوالله ما شعرنا إلا وقد وافانا أبو محمد فدخل إلينا ونحن مجتمعون فسلم هو أو لا علينا ، فاستقبلناه وقبلنا يده ، ثم قال : إني كنت وعدت كنت وعدت جعفر بن الشريف أن أوافيكم في آخر هذا اليوم ، فصليت الظهر والعصر بسر من رأى ، وصرت إليكم لأجدد بكم عهدا وها أنا قد جئتكم الآن ، فاجمعوا مسائلكم وحوائجكم كلها .

فأول من ابتدأ المسألة النضر بن جابر قال : يا ابن رسول الله إن ابني جابرا أصيب ببصره منذ شهر فادع الله له أن يرد إليه عينيه ، قال : فهاته فمسح بيده على عينيه فعاد بصيرا ثم تقدم رجل فرجل يسألونه حوائجهم وأجابهم إلى كل ما سألوه حتى قضى حوائج الجميع ، ودعا لهم بخير ، فانصرف من يومه ذلك .

- مناقب ابن شهرآشوب ، الخرائج : روي عن علي ، بن زيد بن علي بن الحسين بن زيد بن علي قال : صحبت أبا محمد من دار العامة إلى منزله ، فلما صار إلى الدار وأردت الانصراف ، قال : أمهل ، فدخل ثم أذن لي فدخلت فأعطاني مائتي دينار ، وقال : اصرفها في ثمن جارية فان جاريتك فلانة قد ماتت وكنت خرجت من المنزل و عهدي بها أنشط ما كانت فمضيت فإذا الغلام قال : ماتت جاريتك فلانة الساعة ، قلت : ما حالها ؟ قيل : شربت ماء فشرقت فماتت .

- مناقب ابن شهرآشوب ، الخرائج : روى الحسن بن ظريف أنه قال اختلج في صدري مسألتان وأردت الكتاب بهما إلى أبي محمد فكتبت أسأله عن القائم بم يقضي وأين مجلسه وأردت أن أسأله عن رقية الحمى الربع ، فأغفلت ذكر الحمى ، فجاء الجواب : سألت عن القائم إذا قام يقضي بين الناس بعلمه كقضاء داود ولا يسأل البينة ، وكنت أردت أن تسأل عن الحمى الربع فأنسيت فاكتب ورقة وعلقها على المحموم " يا نار كوني بردا وسلاما على إبراهيم " فكتبت وعلقت على المحموم فبرأ .

- الخرائج : روي عن أحمد بن الحارث القزويني قال : كنت مع أبي بسر من رأى وكان أبي يتعاطى البيطرة في مربط أبي محمد ، وكان عند المستعين بغل لم ير مثله حسنا وكبرا ، وكان يمنع ظهره واللجام ، وجمع الرواض فلم تكن لهم حيلة في ركوبه .

فقال له بعض ندمائه : ألا تبعث إلى الحسن بن الرضا حتى يجئ فإما أن يركبه وإما يقتله فبعث إلى أبي محمد ومضى معه أبي . فلما دخل الدار نظر أبو محمد إلى البغل واقفا في صحن الدار ، فوضع يده على كتفه ، فعرق البغل ثم صار إلى المستعين فرحب به وقال : الجم هذا البغل فقال أبو محمد لأبي : ألجمه فقال المستعين ألجمه أنت يا أبا محمد فقام أبو محمد فوضع طيلسانه فألجمه ثم رجع إلى مجلسه ، فقال يا أبا محمد أسرجه ، فقال أبو محمد لأبي أسرجه ، فقال المستعين : أسرجه أنت يا أبا محمد ؟ فقام أبو محمد ثانية فأسرجه ورجع .

فقال : ترى أن تركبه ؟ قال : نعم فركبه أبو محمد من غير أن يمتنع عليه ثم ركضه في الدار ثم حمله عليه الهملجة فمشى أحسن مشي ، ثم نزل فرجع إليه فقال المستعين : قد حملك عليه أمير المؤمنين فقال أبو محمد لأبي : خذه فأخذه وقاده .

- مناقب ابن شهرآشوب ، الخرائج : روي عن علي بن زيد بن [ علي بن ] الحسين بن زيد ابن علي قال : كان لي فرس وكنت به معجبا أكثر ذكره في المجالس ، فدخلت على أبي محمد يوما فقال : ما فعل فرسك ؟ قلت : هو ذا على بابك الآن فقال : استبدل به قبل المساء إن قدرت على مشتر لا تؤخر ذلك .

ودخل [ علينا ] داخل فانقطع الكلام ، قال : فقمت متفكرا ومضيت إلى منزلي فأخبرت أخي بذلك ، فقال : لا أدري ما أقول في هذا ؟ وشححت به .

فلما صليت العتمة جاءني السائس وقال : نفق فرسك الساعة ، فاغتممت و علمت أنه عنى هذا بذلك القول .

ثم دخلت على أبي محمد عليه السلام [ من الغد ] وأقول في نفسي : ليته أخلف علي دابة فقال قبل أن أتحدث بشئ : نعم نخلف عليك ، يا غلام أعطه برذوني الكميت ثم قال : هذا أخير من فرسك وأطول عمرا وأوطأ .

بيان : لعل أمره عليه السلام بالاستبدال لمحض إظهار الاعجاز لعلمه بأنه لا يفعل ذلك أو يقال لعله لم يكن يموت عند المشتري ، أو أنه علم أن المشتري يكون من المخالفين .

- مناقب ابن شهرآشوب ، الخرائج : روى أبو هاشم الجعفري قال : شكوت إلى أبي محمد ضيق الحبس وشدة القيد ، فكتب إلي أنت تصلي الظهر في منزلك ، فأخرجت عن السجن وقت الظهر ، فصليت في منزلي .

وكنت مضيقا فأردت أن أطلب منه معونة في الكتاب الذي كتبته فاستحييت فلما صرت إلى منزلي وجه إلي بمائة دينار ، وكتب إلي : إذا كانت لك حاجة فلا تستحي واطلبها تأتيك على ما تحب أن تأتيك .

- مناقب ابن شهرآشوب ، الخرائج : روي عن أبي حمزة نصير الخادم قال : سمعت أبا محمد غير مرة يكلم غلمانه وغيرهم بلغاتهم وفيهم روم وترك وصقالبة ، فتعجبت من ذلك وقلت هذا ولد بالمدينة ، ولم يظهر لاحد حتى قضى أبو الحسن ولا رآه أحد فكيف هذا ؟ أحدث بهذا نفسي فأقبل علي وقال : إن الله بين حجته من بين سائر خلقه وأعطاه معرفة كل شئ فهو يعرف اللغات ، والأنساب والحوادث ولولا ذلك لم يكن بين الحجة والمحجوج فرق .

- الخرائج : روي أن أبا محمد سلم إلى نحرير فقالت له امرأته : اتق الله فإنك لا تدري من في منزلك ؟ - وذكرت عبادته وصلاحه وإني أخاف عليك منه ، فقال : لأرمينه بين السباع ثم استأذن في ذلك فاذن له ، فرمي به إليها ولم يشكوا في أكلها له ، فنظروا إلى الموضع ليعرفوا الحال ، فوجدوه قائما يصلي وهي حوله فأمر باخراجه .

- الخرائج : روى أبو سليمان داود بن عبد الله قال : حدثنا المالكي عن ابن الفرات قال : كنت بالعسكر قاعدا في الشارع وكنت أشتهي الولد شهوة شديدة فأقبل أبو محمد فارسا فقلت : تراني ارزق ولدا ؟ فقال برأسه : نعم ، فقلت : ذكرا ؟ فقال برأسه : لا ، فولدت لي ابنة وكشف الغمة : من دلائل الحميري ، عن جعفر بن محمد قال : كنت قاعدا وذكر نحوه .

- الخرائج : روي أبو سليمان ، عن علي بن يزيد المعروف بابن رمش قال : اعتل ابني أحمد وركبت بالعسكر وهو ببغداد فكتبت إلى أبي محمد أسأله الدعاء فخرج توقيعه : أو ما علم أن لكل أجل كتابا ؟ فمات الابن .

- الخرائج : روى أبو سليمان المحمودي قال : كتبت إلى أبي محمد أسأله الدعاء بأن ارزق ولدا فوقع : رزقك الله ولدا وأصبرك عليه ، فولد لي ابن ومات .

- الخرائج : روي عن محمد بن علي بن إبراهيم الهمداني قال : كتبت إلى أبي محمد أسأله التبرك بأن يدعو أن ارزق ولدا من بنت عم لي ، فوقع : رزقك الله ذكرانا فولد لي أربعة .

- الخرائج : روي عن علي بن جعفر ، عن حلبي قال : اجتمعنا بالعسكر وترصدنا لأبي محمد يوم ركوبه ، فخرج توقيعه : ألا لا يسلمن علي أحد ، ولا يشير إلي بيده ولا يومئ فإنكم لا تؤمنون على أنفسكم ، قال : وإلى جانبي شاب فقلت : من أين أنت ؟ قال من المدينة ، قلت : ما تصنع ههنا ؟ قال : اختلفوا عندنا في أبي محمد فجئت لأراه وأسمع منه أو أرى منه دلالة ليسكن قلبي وإني لولد أبي ذر الغفاري .

فبينما نحن كذلك إذ خرج أبو محمد مع خادم له فلما حاذانا نظر إلى الشاب الذي بجنبي ، فقال : أغفاري أنت ؟ قال : نعم ، قال : ما فعلت أمك حمدوية ، فقال : صالحة ، ومر .

فقلت للشاب : أكنت رأيته قط وعرفته بوجهه قبل اليوم ؟ قال : لا ، قلت : فينفعك هذا ؟ قال : ودون هذا .

- الخرائج : روى يحيى بن المرزبان قال : التقيت مع رجل من أهل السيب سيماه الخير فأخبرني أنه كان له ابن عم ينازعه في الإمامة والقول في أبي محمد وغيره فقلت : لا أقول به أو أرى منه علامة ، فوردت العسكر في حاجة فأقبل أبو محمد فقلت في نفسي متعنتا : إن مد يده إلى رأسه ، فكشفه ثم نظر ورده قلت به .

فلما حاذاني مد يده إلى رأسه فكشفه ، ثم برق عينيه في ثم ردهما ثم قال : يا يحيى ما فعل ابن عمك الذي تنازعه في الإمامة ؟ قلت : خلفته صالحا قال : لا تنازعه ثم مضى .

- الخرائج : روي عن ابن الفرات قال : كان لي على ابن عمي عشرة آلاف درهم فكتبت إلى أبي محمد أسأله الدعاء لذلك فكتب إلى أنه راد عليك ما لك و هو ميت بعد جمعة قال : فرد علي ابن عمي مالي ، فقلت : ما بدا لك في رده وقد منعتنيه ؟ قال : رأيت أبا محمد في النوم فقال : إن أجلك قددنا فرد على ابن عمك ماله .

- مناقب ابن شهرآشوب ، الخرائج : روي عن علي بن الحسن بن سابور قال : قحط الناس بسر من رأى في زمن الحسن الأخير فأمر الخليفة الحاجب ، وأهل المملكة أن يخرجوا إلى الاستسقاء ، فخرجوا ثلاثة أيام متوالية إلى المصلى ويدعون فما سقوا .

فخرج الجاثليق في اليوم الرابع إلى الصحراء ، ومعه النصارى والرهبان وكان فيهم راهب فلما مد يده هطلت السماء بالمطر فشك أكثر الناس ، وتعجبوا وصبوا إلى دين النصرانية ، فأنفذ الخليفة إلى الحسن وكان محبوسا فاستخرجه من محبسه وقال : الحق أمة جدك فقد هلكت فقال : إني خارج في الغد ومزيل الشك إنشاء الله تعالى .

فخرج الجاثليق في اليوم الثالث والرهبان معه وخرج الحسن في نفر من أصحابه فلما بصر بالراهب وقد مد يده أمر بعض مماليكه أن يقبض على يده اليمنى ويأخذ ما بين أصبعيه ففعل وأخذ من بين سبابتيه عظما أسود ، فأخذه الحسن بيده ثم قال له : استسق الآن ، فاستسقى وكان السماء متغيما فتقشعت وطلعت الشمس بيضاء .

فقال الخليفة : ما هذا العظم يا أبا محمد ؟ قال : هذا رجل مر بقبر نبي من الأنبياء فوقع إلى يده هذا العظم ، وما كشف من عظم نبي إلا وهطلت السماء بالمطر .

بيان : صبا إلى الشئ مال .

- الخرائج : روى أبو سليمان قال : حدثنا أبو القاسم الحبشي قال : كنت أزور العسكر في شعبان في أوله ثم أزور الحسين في النصف ، فلما كان في سنة من السنين ، وردت العسكر قبل شعبان ، ظننت أني لا أزوره في شعبان .

فلما دخل شعبان قلت : لا أدع زيارة كنت أزورها ، خرجت إلى العسكر وكنت إذا وافيت العسكر أعلمتهم برقعة أو رسالة فلما كان في هذه المرة قلت : أجعلها زيارة خالصة لا أخلطها بغيرها ، وقلت لصاحب المنزل : أحب أن لا تعلمهم بقدومي .

فلما أقمت ليلة جاءني صاحب المنزل بدينارين وهو يتبسم متعجبا ويقول : بعث إلي بهذين الدينارين وقيل لي : ادفعهما إلى الحبشي وقل له : من كان في طاعة الله كان الله في حاجته .

- الخرائج : روى إسحاق بن يعقوب ، عن بذل مولى أبي محمد قال : رأيت من رأس أبي محمد نورا ساطعا إلى السماء وهو نائم .

- الخرائج : روي عن علي بن زيد بن علي بن الحسين بن زيد قال : دخلت على أبي محمد يوما فاني جالس عنده إذا ذكرت منديلا كان معي فيه خمسون دينارا ، فتقلقلت لها ، وما تكلمت بشئ ولا أظهرت ما خطر ببالي فقال أبو محمد : محفوظة إنشاء الله فأتيت المنزل فردها إلي أخي .

- مناقب ابن شهرآشوب ، الخرائج : روي أبي العيناء محمد بن القاسم الهاشمي قال : كنت أدخل على أبي محمد عليه السلام فأعطش واجله أن أدعو بالماء فيقول : يا غلام اسقه ، وربما حدثت نفسي بالنهوض فأفكر في ذلك فيقول : يا غلام دابته .

- الخرائج : روي عن أبي بكر الفهفكي قال : أردت الخروج بسر من رأى لبعض الأمور وقد طال مقامي بها فغدوت يوم الموكب ، وجلست في شارع أبي قطيعة ابن داود إذ طلع أبو محمد يريد دار العامة فلما رأيته قلت في نفسي : أقول له : يا سيدي إن كان الخروج عن سر من رأى خيرا فأظهر التبسم في وجهي .

فلما دنا مني تبسم تبسما جيدا فخرجت من يومي فأخبرني أصحابنا أن غريما كان له عندي مال قدم يطلبني ولو ظفر بي يهتكني لان ما له لم يكن عندي شاهدا .

- الخرائج : روي عن عمر بن أبي مسلم قال : كان سميع المسمعي يؤذيني كثيرا ويبلغني عنه ما أكره ، وكان ملاصقا لداري ، فكتبت إلى أبي محمد أسأله الدعاء بالفرج منه ، فرجع الجواب : أبشر بالفرج سريعا ، ويقدم عليك مال من ناحية فارس ، وكان لي بفارس ابن عم تاجر لم يكن له وارث غيري فجاءني ماله بعد ما مات بأيام يسيرة .

ووقع في الكتاب : استغفر الله وتب إليه مما تكلمت به ، وذلك أني كنت يوما مع جماعة من النصاب فذكروا أبا طالب حتى ذكروا مولاي فخضت معهم لتضعيفهم أمره ، فتركت الجلوس مع القوم ، وعلمت أنه أراد ذلك .

- الخرائج : روي عن الحجاج بن يوسف العبدي قال : خلفت ابني بالبصرة عليلا وكتبت إلى أبي محمدا أسأله الدعاء لابني فكتب إلي : رحم الله ابنك إن كان مؤمنا قال الحجاج : فورد علي كتاب من البصرة أن ابني مات في ذلك اليوم الذي كتب إلي أبو محمد بموته ، وكان ابني شك في الإمامة للاختلاف الذي جرى بين الشيعة .

- الخرائج : روي عن محمد بن عبد الله قال : وقع أبو محمد وهو صغير في بئر الماء وأبو الحسن في الصلاة ، والنسوان يصرخن ، فلما سلم قال : لا بأس فرأوه وقد ارتفع الماء إلى رأس البئر وأبو محمد على رأس الماء يلعب بالماء .

- الخرائج : روي عن أحمد بن محمد مطهر قال : كتب بعض أصحابنا إلى أبي محمد من أهل الجبل يسأله عمن وقف على أبي الحسن موسى أتوالاهم أم أتبرء منهم ؟ فكتب : أتترحم على عمك ؟ لا رحم الله عمك ، وتبرء منه أنا إلى الله منهم برئ ، فلا تتوالاهم ، ولا تعد مرضاهم ، ولا تشهد جنائزهم ، ولا تصل على أحد منهم مات أبدا .

سواء من جحد إماما من الله أو زاد إماما ليست إمامته من الله ، وجحد أو قال ثالث ثلاثة إن الجاحد أمر آخرنا جاحد أمر أولنا ، والزائد فينا كالناقص الجاحد أمرنا ، وكان هذا السائل لم يعلم أن عمه كان منهم فأعلمه ذلك .

- الخرائج : من معجزاته أن قبور الخلفاء من بني العباس بسر من رأى عليها من زرق الخفافيش والطيور مالا يحصى ، وينقى منها كل يوم ، ومن الغد تكون القبور مملوءة زرقا ، ولا يرى على رأس قبة العسكريين ولا على قباب مشاهد آبائهما زرق طير ، فضلا على قبور هم إلهاما للحيوانات إجلالا لهم .

- الخرائج : روي عن علي بن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه ، عن جده ، عن عيسى بن صبيح قال : دخل الحسن العسكري علينا الحبس وكنت به عارفا وقال : لك خمس وستون سنة وأشهرا ويوما ، وكان معي كتاب دعاء وعليه تاريخ مولدي وإنني نظرت فيه فكان كما قال وقال : هل رزقت من ولد ؟ قلت : لا ، قال : اللهم ارزقه ولدا يكون له عضدا فنعم العضد الولد ثم تمثل :

من كان ذا عضد يدرك ظلامته       إن الذليل الذي ليست له عضد

قلت : ألك ولد ؟ قال : إي والله سيكون لي ولد يملأ الأرض قسطا وعدلا فأما الآن فلا ، ثم تمثل :

لعلك يوما أن تراني كأنما        بني حوالي الأسود اللوابد

فان تميما قبل أن يلد الحصى        أقام زمانا وهو في الناس واحد

بيان : اللبدة بالكسر الشعر المتراكب بين كتفيه ، والأسد ذو لبدة ، وأبو لبد كصرد وعنب الأسد ، والحصى صغار الحجارة والعدد الكثير ويقال : نحن أكثر منهم حصى أي عددا .

- الخرائج : روي أن رجلا من موالي أبي محمد العسكري دخل عليه يوما وكان حكاك الفصوص ، فقال : يا ابن رسول الله إن الخليفة دفع إلي فيروزجا أكبر ما يكون ، وأحسن ما يكون ، وقال : أنقش عليه كذا وكذا ، فلما وضعت عليه الحديد صار نصفين وفيه هلاكي ، فادع الله لي ، فقال : لا خوف عليك إنشاء الله .

قال : فخرجت إلى بيتي ، فلما كان من الغد دعاني الخليفة وقال لي : إن حظيتين اختصمتا في ذلك الفص ، ولم ترضيا إلا أن تجعل ذلك نصفين بينهما فاجعله وانصرفت وأخذت وقد صار قطعتين فأخذتهما ورجعت بهما إلى دار الخلافة فرضيتا بذلك ، وأحسن الخليفة إلي بسبب ذلك فحمدت الله . بيان : " الحظوة " بالضم والكسر المكانة والمنزلة ، وهي حظيتي .

- مناقب ابن شهرآشوب ، الخرائج : روي عن محمد بن الحسن بن ذوير ، عن أبيه قال : كان يغشى أبا محمد العسكري بسر من رأى كثيرا وأنه أتاه يوما فوجده وقد قدمت إليه دابته ليركب إلى دار السلطان ، وهو متغير اللون من الغضب ، وكان بجنبه رجل من العامة وإذا ركب دعا له وجاء بأشياء يشنع بها عليه وكان يكره ذلك .

فلما كان في ذلك اليوم ، زاد الرجل في الكلام وألح فسار حتى انتهى .

إلى مفرق الطريقين ، وضاق على الرجل أحدهما من كثرة الدواب فعدل إلى طريق يخرج منه ويلقاه فيه ، فدعا بعض خدمه وقال له : امض وكفن هذا فتبعه الخادم .

فلما انتهى إلى السوق ، ولحق معه ، خرج الرجل من الدرب ليعارضه ، وكان في الموضع بغل واقف فضربه البغل فقتله ، ووقف الغلام فكفنه كما أمره ، وسار وسرنا معه .

- الإرشاد : ابن قولويه عن الكليني ، عن علي بن محمد ، عن محمد بن إسماعيل ابن إبراهيم بن موسى قال : كتب أبو محمد الحسن إلى أبي القاسم إسحاق بن جعفر الزبيري قبل موت المعتز بنحو من عشرين يوما : الزم بيتك حتى حدث الحادث فلما قتل بريحة كتب إليه : قد حدث الحادث فما تأمرني ؟ فكتب إليه : ليس هذا الحادث الحادث الآخر فكان من المعتز ما كان .

قال وكتب إلى رجل آخر يقتل محمد بن داود قبل قتله بعشرة أيام فلما كان اليوم العاشر قتل .

- الإرشاد ، ابن قولويه عن الكليني ، عن علي بن إبراهيم المعروف بابن الكردي ، عن محمد بن علي بن إبراهيم بن موسى بن جعفر قال : ضاق بنا الامر قال لي أبي : امض بنا حتى نصير إلى هذا الرجل يعني أبا محمد فإنه قد وصف عنه سماحة .

فقلت : تعرفه ؟ فقال لي : ما أعرفه ولا رأيته قط ، قال : فقصدناه ، قال أبي وهو في طريقه : ما أحوجنا إلى أن يأمر لنا بخمس مائة درهم : مائتي درهم للكسوة ، ومائتي درهم للدقيق ، ومائة درهم للنفقة ، وقلت في نفسي : ليته أمر لي بثلاث مائة درهم : مائة أشتري بها حمارا ومائة للنفقة ، ومائة للكسوة ، وأخرج إلى الجبل .

فلما وافينا الباب خرج إلينا غلامه ، وقال : يدخل علي بن إبراهيم وابنه محمد فلما دخلنا عليه وسلمنا قال لأبي : يا علي ما خلفك عنا إلى هذا الوقت ؟ قال : يا سيدي استحييت أن ألقاك على هذه الحال ، فلما خرجنا من عنده جاءنا غلامه فناول أبي صرة وقال : هذه خمس مائة مائتان للكسوة ، ومائتان للدقيق ، ومائة للنفقة ، وأعطاني صرة وقال : هذه ثلاث مائة درهم فاجعل مائة في ثمن حمار ومائة للكسوة ، ومائة للنفقة ، ولا تخرج إلى الجبل وصر إلى سورا .

قال : فصار إلى سورا وتزوج امرأة منها فدخله اليوم أربعة آلاف دينار ومع هذا يقول بالوقف . قال محمد بن إبراهيم الكردي : أتريد أمرا أبين من هذا ؟ فقال : صدقت ولكنا على أمر قد جرينا عليه .

- مناقب ابن شهرآشوب ، الإرشاد : أبو علي بن راشد عن أبي هاشم الجعفري قال : شكوت إلى أبي محمد الحسن بن علي الحاجة فحك بسوطه الأرض فأخرج منها سبيكة فيها نحو الخمس مائة دينار ، فقال : خذها يا أبا هاشم وأعذرنا .

- الإرشاد : ابن قولويه عن الكليني ، عن علي بن محمد ، عن عبد الله بن صالح ، عن أبيه ، عن أبي علي المطهري أنه كتب إليه من القادسية يعلمه انصراف الناس عن المضي إلى الحج وأنه يخاف العطش إن مضى فكتب إليه امضوا ولا خوف عليكم إنشاء الله فمضى من بقي سالمين ولم يجدوا عطشا .

- الإرشاد : بالاسناد عن علي بن محمد ، عن علي بن الحسين بن الفضل قال : نزل بالجعفري من آل جعفر خلق كثير لا قبل له بهم ، فكتب إلى أبي محمد يشكو ذلك فكتب إليه : تكفونهم انشاء الله قال : فخرج إليه في نفر يسير ، والقوم يزيدون على عشرين ألف نفس ، وهو في أقل من ألف فاستباحهم .

 بيان : استباحهم " أي استأصلهم .

- الإرشاد : ابن قولويه ، عن الكليني ، عن علي بن محمد ، عن إسحاق بن محمد ، عن إسماعيل بن محمد بن علي بن إسماعيل بن علي بن عبد الله بن العباس قال : قعدت لأبي محمد على ظهر الطريق فلما مربي شكوت إليه الحاجة ، وحلفت أنه ليس عندي درهم فما فوقه ، ولا غداء ولا عشاء قال فقال : تحلف بالله كاذبا وقد دفنت مائتي دينار ؟ وليس قولي هذا دفعا لك عن العطية أعطه يا غلام ما معك فأعطاني غلامه مائة دينار .

ثم أقبل علي فقال : إنك تحرم الدنانير التي دفنتها أحوج ما تكون إليها وصدق وذلك أني أنفقت ما وصلني به ، واضطررت ضرورة شديدة إلى شئ أنفقه ، وانغلقت علي أبواب الرزق ، فنبشت عن الدنانير التي كنت دفنتها فلم أجدها فنظرت فإذا ابن لي قد عرف موضعها فأخذها ، وهرب . فما قدرت منها على شئ .

- كتاب النجوم : نقلت من خط من حدثه محمد بن هارون بن موسى التلعكبري قال : حدثنا محمد بن هارون قال : أنفذني والدي مع بعض أصحاب أبي القلا صاعد النصراني لأسمع منه ما روى عن أبيه من حديث مولانا أبي محمد الحسن بن علي العسكري فأوصلني إليه فرأيت رجلا معظما وأعلمته السبب في قصدي فأدناني وقال : حدثني أبي أنه خرج وإخوته وجماعة من أهله من البصرة إلى سر من رأى للظلامة من العامل ، فإذا بسر من رأى في بعض الأيام إذا بمولانا أبي محمد على بغلة ، وعلى رأسه شاشة ، وعلى كتفه طيلسان ، فقلت في نفسي هذا الرجل يدعي بعض المسلمين أنه يعلم الغيب ، وقلت : إن كان الامر على هذا فيحول مقدم الشاشة إلى مؤخرها ، ففعل ذلك .

فقلت : هذا اتفاق ولكنه سيحول طيلسانه الأيمن إلى الأيسر والأيسر إلى الأيمن ففعل ذلك وهو يسير ، وقد وصل إلى فقال : يا صاعد لم لا تشغل بأكل حيدانك عما لا أنت منه ولا إليه وكنا نأكل سمكا .

هذا لفظة حديثه نقلناه كما رأيناه ورويناه ، ومن عرف كيف عرفناه كان كمن شاهد ذلك وسمعه ورآه ، وأسلم صاعد بن مخلد وكان وزيرا للمعتمد ز

بيان : قوله : " لم لا تشغل بأكل حيدانك " كذا كان في المنقول منه ولعله تصحيف جيداتك أي اللحوم الجيدة أوحنذاتك من قولهم حنذت الشاة حنذا أي شويتها وجعلت فوقها حجارة محماة لينضجها ، فهي حنيذ ووصف السمك بأنه لا أنت منه ولا إليه ، لأنه يحصل من الماء ويعيش فيه ، وأصل الانسان من التراب ، ومرجعه إليه ، فلا يوافقه في الطبع 58 - كتاب النجوم : روينا بإسنادنا إلى عبد الله بن جعفر الحميري في كتاب الدلائل بإسناده عن الكليني ، عن إسحاق بن محمد ، عن عمرو بن أبي مسلم أبي علي قال : كتبت إلى أبي محمد وجاريتي حامل أسأله أن يسمي ما في بطنها فكتب : سم ما في بطنها إذا ظهرت .

ثم ماتت بعد شهر من ولادتها فبعث إلي بخمسين دينارا على يد محمد بن سنان الصواف ، وقال : اشتر بهذه جارية .

- مناقب ابن شهرآشوب : كافور الخادم قال : كان يونس النقاش يغشى سيدنا الامام ويخدمه فجاءه يوما يرعد فقال : يا سيدي أوصيك بأهلي خيرا قال : وما الخبر ؟ قال عزمت على الرحيل ، قال : ولم يا يونس ؟ وهو يتبسم قال : وجه إلى ابن بغا بفص ليس له قيمة أقبلت انقشه فكسرته باثنين ، وموعده غدا وهو ابن بغا إما ألف سوط أو القتل ، قال : امض إلى منزلك إلى غد ، فرح لا يكون إلا خيرا .

فلما كان من الغد وافاه بكرة يرعد ، فقال : قد جاء الرسول يلتمس الفص فقال : امض إليه فلن ترى إلا خيرا قال : وما أقول له يا سيدي ؟ قال : فتبسم وقال : امض إليه واسمع ما يخبرك به ، فلا يكون إلا خيرا .

قال : فمضى وعاد يضحك وقال قال لي يا سيدي : الجواري اختصمن فيمكنك أن تجعله اثنين حتى نغنيك فقال الإمام : اللهم لك الحمد إذ جعلتنا ممن يحمدك حقا فأيش قلت له ؟ قال : قلت له : حتى أتأمل أمره فقال : أصبت .

بيان قد أوردنا هذه القصة بعينها في معجزات أبي الحسن الهادي عليه السلام وهو الظاهر لان كافور من أصحابه .

- مناقب ابن شهرآشوب : أبو هاشم الجعفري ، عن داود بن الأسود قال : دعاني سيدي أبو محمد فدفع إلي خشبة كأنها رجل باب مدورة طويلة ملء الكف فقال : صر بهذه الخشبة إلى العمري فمضيت فلما صرت في بعض الطريق عرض لي سقاء معه بغل ، فزاحمني البغل على الطريق ، فناداني السقاء ضح على البغل فرفعت الخشبة التي كانت معي فضربت بها البغل ، فانشقت فنظرت إلى كسرها فإذا فيها كتب فبادرت سريعا فرددت الخشبة إلى كمي فجعل السقاء يناديني ويشتمني ويشتم صاحبي .

فلما دنوت من الدار راجعا استقبلني عيسى الخادم عند الباب الثاني فقال : يقول لك مولاي أعزه الله : لم ضربت البغل وكسرت رجل الباب ؟ فقلت له : يا سيدي لم أعلم ما في رجل الباب ، فقال : ولم احتجت أن تعمل عملا تحتاج أن تعتذر منه إياك بعدها أن تعود إلى مثلها ، وإذا سمعت لنا شاتما فامض لسبيلك التي أمرت بها وإياك أن تجاوب من يشتمنا أو تعرفه من أنت ، فانا ببلد سوء ، ومصر سوء وامض في طريقك فان أخبارك وأحوالك ترد إلينا فاعلم ذلك .

إدريس بن زياد الكفرتوثائي قال : كنت أقول فيهم قولا عظيما فخرجت إلى العسكر للقاء أبي محمد فقدمت ، وعلي أثر السفر ووعثاؤه ، فألقيت نفسي على دكان حمام فذهب بي النوم ، فما انتبهت إلا بمقرعة أبي محمد قد قرعني بها حتى استيقظت فعرفته فقمت قائما اقبل قدمه وفخذه وهو راكب والغلمان من حوله .

فكان أول ما تلقاني به أن قال : يا إدريس " بل عباد مكرمون لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون " فقلت : حسبي يا مولاي وإنما جئت أسألك عن هذا .

قال : فتركني ومضى .

[ عن ] محمد بن موسى قال : شكوت إلى أبي محمد مطل غريم لي ، فكتب إلي : عن قريب يموت ، ولا يموت حتى يسلم إليك مالك عنده ، فما شعرت إلا وقد دق علي الباب ، ومعه مالي .

وجعل يقول : اجعلني في حل مما مطلتك ، فسألته عن موجبه فقال : إني رأيت أبا محمد في منامي وهو يقول لي : ادفع إلى محمد بن موسى ماله عندك ، فان أجلك قد حضر واسأله أن يجعلك في حل من مطلك .

حمزة بن محمد السروي قال : أملقت وعزمت على الخروج إلى يحيى بن محمد ابن عمى بحران وكتبت أسأله أن يدعو لي فجاء الجواب : لا تبرح فإن الله يكشف ما بك ، ابن عمك قد مات ، وكان كما قال ووصلت إلى تركته .

إسحاق قال : حدثني يحيى القنبري قال : كان لأبي محمد وكيل قد اتخذ معه في الدار حجرة يكون معه خادم أبيض فراود الوكيل الخادم على نفسه ، فأبى أن يأتيه ، إلا بنبيذ ، فاحتال له بنبيذ ، ثم أدخله عليه وبينه وبين أبي محمد ثلاثة أبواب مغلقة .

قال : فحدثني الوكيل قال : إني لمنتبه إذا أنا بالأبواب تفتح حتى جاء بنفسه ، فوقف على باب الحجرة ثم قال : يا هؤلاء خافوا الله فلما أصبحنا أمر ببيع الخادم واخراجي من الدار .

سفيان بن محمد الضبعي قال : كتبت إلى أبي محمد عليه السلام أسأله عن الوليجة وهو قول الله عز وجل : " ولم يتخذوا من دون الله ولا رسوله ولا المؤمنين وليجة " قلت في نفسي لا في الكتاب : من ترى المؤمن ههنا ، فرجع الجواب : الوليجة التي تقام دون ولي الأمر ، وحدثتك نفسك عن المؤمنين ، من هم في هذا الموضع ؟ فهم الأئمة يؤمنون على الله فيجيز أمانهم .

أشجع بن الأقرع قال : كتبت إلى أبي محمد أسأله أن يدعو الله لي من وجع عيني وكانت إحدى عيني ذاهبة ، والأخرى على شرف هار ، فكتب إلي : حبس الله عليك عينيك ، فأقامت الصحيحة ، ووقع في آخر الكتاب : آجرك الله وأحسن ثوابك فاغتممت بذلك ولم أعرف في أهلي أحدا مات فلما كان بعد أيام جاءني وفاة ابني طيب ، فعلمت أن التعزية له .

عمر بن [ أبي ] مسلم قال : قدم علينا بسر من رأى رجل من أهل مصر يقال له سيف بن الليث ، يتظلم إلى المهدي في ضيعة له غصبها شفيع الخادم وأخرجه منها فأشرنا إليه أن يكتب إلى أبي محمد يسأله تسهيل أمرها فكتب إليه أبو محمد ، لا بأس عليك ضيعتك ترد عليك فلا تتقدم إلى السلطان وأت الوكيل الذي في يده الضيعة ، خوفه بالسلطان الأعظم الله رب العالمين .

فلقيه فقال له الوكيل الذي في يده الضيعة : قد كتب إلى عند خروجك أن أطلبك وأن أرد الضيعة عليك فردها عليه بحكم القاضي ابن أبي الشوارب وشهادة الشهود ، ولم يحتج أن يتقدم إلى المهتدي ، فصارت الضيعة له .

علي بن محمد عن بعض أصحابنا قال : كتب محمد بن حجر إلى أبي محمد يشكو عبد العزيز بن دلف ويزيد بن عبد الله فكتب إليه : أما عبد العزيز فقد كفيته وأما يزيد فان لك وله مقاما بين يدي الله عز وجل ، فمات عبد العزيز وقتل يزيد محمد بن حجر .

أحمد بن إسحاق قال : دخلت إلى أبي محمد فسألته أن يكتب لأنظر إلى خطه فأعرفه إذا ورد ، فقال : نعم ثم قال : يا أحمد إن الخط سيختلف عليك ما بين القلم الغليظ والقلم الدقيق فلا تشكن ، ثم دعا بالدواة ، فقلت في نفسي : أستوهبه القلم الذي كتب به ، فلما فرغ من الكتابة أقبل يحدثني - وهو يمسح القلم بمنديل الدواة - ساعة ، ثم قال : هاك يا أحمد فناولنيه [ فتناولته ] الخبر .

- الكافي : محمد بن يحيى عن أحمد بن إسحاق مثله إلى قوله فناولنيه فقلت : جعلت فداك إني أغتم بشئ يصيبني في نفسي ، وقد أردت أن أسأل أباك فلم يقض لي ذلك ، فقال : وما هو يا أحمد ؟ .

فقلت سيدي روي لنا عن آبائك أن نوم الأنبياء على أقفيتهم ونوم المؤمنين على أيمانهم ، ونوم المنافقين على شمائلهم ونوم الشياطين على وجوههم فقال : كذلك هو ، فقلت : سيدي فاني أجتهد أن أنام على يميني فما يمكنني ، ولا يأخذني النوم عليها .

فسكت ساعة ثم قال : يا أحمد ادن مني فدنوت منه ، فقال : أدخل يدك تحت ثيابك فأدخلتها فأخرج يده من تحت ثيابه ، وأدخلها تحت ثيابي فمسح بيده اليمنى على جانبي الأيسر ، وبيده اليسرى على جانبي الأيمن ثلاث مرات .

فقال أحمد : فما أقدر أن أنام على يساري منذ فعل بي ذلك ، وما يأخذني نوم عليها أصلا .

بيان : " ما بين القلم " أي اختلافا كائنا فيما بينهما ، الحاصل أنه انظر إلى أسلوب الخط ولا تلتفت إلى الجلاء والخفاء ، ولا تلتفت بسببهما وفي الكافي ثم دعا بالدواة فكتب وجعل يستمد إلى مجرى الدواة ، فقلت الخ كأن المعنى يأخذ المداد من قعر الدواة جارا القلم إلى فم الدواة لقلة مدادها ، أو لعدم الحاجة إلى العود سريعا و " هاك " اسم فعل بمعنى خذ " أدخل يدك " أي أخرج يديك من كميك فأخرج أيضا يديه من كميه ليلمس بجميع يديه الشريفتين جميع جنبي أحمد ويديه .

- مناقب ابن شهرآشوب : شاهويه بن عبد ربه قال : كان أخي صالح محبوسا فكتبت إلى سيدي أبي محمد أسأله أشياء فأجابني عنها ، وكتب إن أخاك يخرج من الحبس يوم يصلك كتابي هذا ، وقد كنت أردت أن تسألني عن أمره فأنسيت ، فبينا أنا أقرأ كتابه إذا أناس جاؤوني يبشرونني بتخلية أخي ، فتلقيته وقرأت عليه الكتاب .

أبو العباس ومحمد بن القاسم قال : عطشت عند أبي محمد ولم تطب نفسي أن يفوتني حديثه ، وصبرت على العطش ، وهو يتحدث فقطع الكلام ، وقال : يا غلام اسق أبا العباس ماء .

علي بن أحمد بن حماد قال : خرج أبو محمد في يوم مصيف راكبا وعليه جفاف وممطر ، فتكلموا في ذلك فلما انصرفوا من مقصدهم أمطروا في طريقهم وابتلوا سواه .

محمد بن عباس قال : تذاكرنا آيات الإمام فقال ناصبي : إذا أجاب عن كتاب أكتبه بلا مداد علمت أنه حق فكتبنا مسائل وكتب الرجل بلا مداد على ورق وجعل في الكتب ، وبعثنا إليه فأجاب عن مسائلنا وكتب على ورقة اسمه واسم أبويه ، فدهش الرجل فلما أفاق اعتقد الحق .

الجلا والشفا قال أبو جعفر العمري : إن أبا طاهر بن بلبل حج فنظر إلى علي بن جعفر الهمداني وهو ينفق النفقات العظيمة ، فلما انصرف كتب بذلك إلى أبي محمد عليه السلام فوقع في رقعته : قد أمرنا له بمائة ألف دينار ، ثم أمرنا لك بمثلها وهذا يدل على أن كنوز الأرض تحت أيديهم .

- كشف الغمة : من كتاب دلائل الحميري ، عن علي بن عمر النوفلي قال : كنت مع أبي الحسن في صحن داره ، فمر علينا جعفر ، فقلت : جعلت فداك هذا صاحبنا ؟ قال : لا صاحبكم الحسن .

وعن محمد بن درياب الرقاشي قال : كتبت إلى أبي محمد أسأله عن المشكاة وأن يدعو لامرأتي وكانت حاملا على رأس ولدها ، أن يرزقني الله ذكرا وسألته أن يسميه فرجع الجواب : المشكاة قلب محمد ولم يجبني عن امرأتي بشئ وكتب في آخر الكتاب : عظم الله أجرك ، وأخلف عليك ، فولدت ولدا ميتا وحملت بعده فولدت غلاما .

قال عمر بن أبي مسلم : كان سميع المسمعي يؤذيني كثيرا ويبلغني عنه ما أكره وكان ملاصقا لداري فكتبت إلى أبي محمد أسأله الدعاء بالفرج منه ، فرجع الجواب ، أبشر بالفرج سريعا ، وأنت مالك داره ، فمات بعد شهر واشتريت داره فوصلتها بداري ببركته .

عن محمد بن عبد العزيز البلخي قال : أصبحت يوما فجلست في شارع الغنم فإذا بأبي محمد قد أقبل من منزله يريد دار العامة ، فقلت في نفسي : ترى إن صحت أيها الناس هذا حجة الله عليكم فاعرفوه ، يقتلوني ؟ فلما دنا مني أومأ بأصبعه السبابة على فيه أن اسكت ! ورأيته تلك الليلة يقول إنما هو الكتمان أو القتل فاتق الله على نفسك .

- كشف الغمة : من كتاب الدلائل حدث محمد بن الأقرع قال : كتبت إلى أبي محمد أسأله عن الامام هل يحتلم ؟ وقلت في نفسي بعدما فصل الكتاب : الاحتلام شيطنة وقد أعاذ الله أولياءه من ذلك ، فرد الجواب : الأئمة حالهم في المنام ، حالهم في اليقظة لا يغير النوم منهم شيئا قد أعاذ الله أولياءه من لمة الشيطان كما حدثتك نفسك .

- كشف الغمة : من كتاب الدلائل عن أبي بكر قال : عرض علي صديق أن أدخل معه في شراء ثمار من نواحي شتى فكتبت إلى أبي محمد أستأذنه فكتب : لا تدخل في شئ من ذلك ، ما أغفلك عن الجراد والحشف ؟ فوقع الجراد فأفسده وما بقي منه تحشف ، وأعاذني الله من ذلك ببركته .

حدثني الحسن بن طريف قال : كتبت إلى أبي محمد أسأله : ما معنى قول رسول الله لأمير المؤمنين " من كنت مولاه فعلي مولاه " قال : أراد بذلك أن جعله علما يعرف به حزب الله عند الفرقة .

العودة إلى الصفحة الرئيسية

www.mezan.net <‎/TITLE> ‎<META HTTP-EQUIV="Content-Type" CONTENT="text/html; charset=windows-1256">‎ ‎<META NAME="keywords" CONTENT=" السيد محمد حسين فضل الله في الميزان ">‎ ‎<META NAME="description" CONTENT=" مقولات السيد فضل الله في كتبه ">‎ ‎<META NAME="author" CONTENT=" مقولات السيد فضل الله بصوته ">‎ ‎<META NAME="copyright" CONTENT=" رأي المراجع العظام والعلماء ">‎ <‎/HEAD>