كلام الخضر معه وقصة شيخ

- إكمال الدين : ابن البرقي ، عن أبيه ، عن جده أحمد ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حمزة بن حمران وغيره عن الصادق جعفر بن محمد قال : خرج أبو جعفر محمد بن علي الباقر بالمدينة فتصحر وأتكأ على جدار من جدرانها مفكرا ، إذ أقبل إليه رجل فقال : يا أبا جعفر على م حزنك ؟ أعلى الدنيا ؟ فرزق الله حاضر يشترك فيه البر والفاجر ، أم على الآخرة ؟ فوعد صادق ، يحكم فيه ملك قادر قال أبو جعفر : ما على هذا أحزن أما حزني على فتنة ابن الزبير فقال له الرجل : فهل رأيت أحدا خاف الله فلم ينجه ؟ أم هل رأيت أحدا توكل على الله فلم يكفه ؟ وهل رأيت أحدا استخار الله فلم يخر له ؟ قال أبو جعفر : فولى الرجل وقال : هو ذاك ، فقال أبو جعفر : هذا هو الخضر .

قال الصدوق : جاء هذا الحديث هكذا ، وقد روي في حديث آخر أن ذلك كان مع علي بن الحسين .

- الكافي : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن محمد بن سنان ، عن إسحاق بن عمار قال : حدثني رجل من أصحابنا ، عن الحكم بن عتيبة قال : بينا أنا مع أبي جعفر والبيت غاص بأهله ، إذ أقبل شيخ يتوكأ على عنزة له ، حتى وقف على باب البيت فقال : السلام عليك يا ابن رسول الله ورحمة الله وبركاته ، ثم سكت فقال أبو جعفر : وعليك السلام ورحمة الله وبركاته ، ثم أقبل الشيخ بوجهه على أهل البيت وقال : السلام عليكم ، ثم سكت حتى أجابه القوم جميعا وردوا عليه السلام ، ثم أقبل بوجهه على أبي جعفر ثم قال : يا ابن رسول الله أدنني منك جعلني الله فداك ، فوالله إني لأحبكم وأحب من يحبكم ، ووالله ما أحبكم وأحب من يحبكم لطمع في دنيا ، وإني لأبغض عدوكم وأبرأ منه ، ووالله ما أبغضه وأبرأ منه لوتر كان بيني وبينه ، والله إني لأحل حلالكم وأحرم حرامكم ، وأنتظر أمركم ، فهل ترجو لي جعلني الله فداك ؟ فقال أبو جعفر إلي إلي حتى أقعده إلى جنبه .

ثم قال : أيها الشيخ إن أبي علي بن الحسين أتاه رجل فسأله عن مثل الذي سألتني عنه فقال له أبي : إن تمت ترد على رسول الله وعلى علي والحسن والحسين ، وعلى علي بن الحسين ، ويثلج قلبك ، ويبرد فؤادك وتقر عينك وتستقبل بالروح والريحان مع الكرام الكاتبين ، لو قد بلغت نفسك ههنا - وأهوى بيده إلى حلقه - وإن تعش ترى ما يقر الله به عينك ، وتكون معنا في السنام الأعلى .

قال الشيخ : قلت : كيف يا أبا جعفر ؟ فأعاد عليه الكلام فقال الشيخ : الله أكبر يا أبا جعفر إن أنا مت أرد على رسول الله وعلى علي والحسن والحسين وعلي بن الحسين ، وتقر عيني ؟ ويثلج قلبي ، ويبرد فؤادي ، واستقبل بالروح والريحان مع الكرام الكاتبين ، لو قد بلغت نفسي ههنا ، وإن أعش أرى ما يقر الله به عيني ، فأكون معكم في السنام الأعلى ؟ ثم أقبل الشيخ ينتحب ، ينشج ها ها ها حتى لصق بالأرض ، وأقبل أهل البيت ينتحبون وينشجون ، لما يرون من حال الشيخ ، وأقبل أبو جعفر يمسح بإصبعه الدموع من حماليق عينيه وينفضها .

ثم رفع الشيخ رأسه فقال لأبي جعفر : يا ابن رسول الله ناولني يدك جعلني الله فداك ، فناوله يده فقبلها ، ووضعها على عينيه وخده ، ثم حسر عن بطنه وصدره ، فوضع يده على بطنه وصدره ، ثم قام ، فقال : السلام عليكم ، وأقبل أبو جعفر ، ينظر في قفاه وهو مدبر ، ثم أقبل بوجهه على القوم فقال : من أحب أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة ، فلينظر إلى هذا ، فقال الحكم بن عتيبة : لم أر مأتما قط يشبه ذلك المجلس .

بيان : غاص بأهله : أي ممتلئ بهم ، والوتر الجناية التي يجنيها الرجل على غيره ، من قتل أو نهب أو سبي ، ويثلج قلبك أي يطمئن قلبك ، وتفرح فؤادك ، وتسر عينك ، والعرب تعبر عن الراحة والفرح والسرور بالبرد ، والسنام الأعلى أي أعلا درجات الجنان ، وسنام كلى شئ أعلاه ، والانتحاب رفع الصوت بالبكاء ، ونشج الباكي ينشج نشجا إذا غص بالبكاء في حلقه ، وحملاق العين باطن أجفانها الذي يسودها الكحل ، وجمعه حماليق .

- الكافي : محمد بن أبي عبد الله ، ومحمد بن الحسن ، عن سهل بن زياد ، ومحمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد جميعا ، عن الحسن بن العباس بن الحريش ، عن أبي جعفر الثاني قال : قال أبو عبد الله : بينا أبي يطوف بالكعبة ، إذا رجل معتجر قد قيض له ، فقطع عليه أسبوعه حتى أدخله إلى دار جنب الصفا ، فأرسل إلي فكنا ثلاثة فقال : مرحبا يا ابن رسول الله ، ثم وضع يده على رأسي وقال : بارك الله فيك ، يا أمين الله بعد آبائه ، يا أبا جعفر إن شئت فأخبرني ، وإن شئت فأخبرتك وإن شئت سلني ، وإن شئت سألتك ، وإن شئت فأصدقني ، وإن شئت صدقتك ، قال : كل ذلك أشاء قال : فإياك أن ينطق لسانك عند مسألتي بأمر تضمر لي غيره قال : إنما يفعل ذلك من في قلبه علمان ، يخالف أحدهما صاحبه ، وإن الله عز وجل أبى أن يكون له علم فيه اختلاف ، قال : هذه مسألتي وقد فسرت طرفا منها ، أخبرني عن هذا العلم الذي ليس فيه اختلاف ، من يعلمه ؟ قال : أما جملة العلم فعند الله جل ذكره ، وأما ما لابد للعباد منه فعند الأوصياء .

قال : ففتح الرجل عجرته ، واستوى جالسا وتهلل وجهه وقال : هذه أردت ولها أتيت زعمت أن علم ما لا اختلاف فيه من العلم عند الأوصياء فكيف يعلمونه ؟ قال : كان رسول الله يعلمه إلا أنهم لا يرون ما كان رسول الله يرى لأنه كان نبيا وهم محدثون ، وإنه كان يفد إلى الله جل جلاله ، فيسمع الوحي وهم لا يسمعون فقال : صدقت يا ابن رسول الله سآتيك بمسألة صعبة : أخبرني عن هذا العلم ماله لا يظهر ، كما كان يظهر مع رسول الله قال : فضحك أبي وقال : أبى الله أن يطلع على علمه إلا ممتحنا للايمان به كما قضى على رسول الله أن يصبر على أذى قومه ، ولا يجاهدهم إلا بأمره ، فكم من اكتتام قد اكتتم به حتى قيل له : " اصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين " وأيم الله أن لو صدع قبل ذلك ، لكان آمنا ، ولكنه إنما نظر في الطاعة ، وخاف الخلاف ، فلذلك كف ، فوددت أن عينيك تكون مع مهدي هذه الأمة ، والملائكة بسيوف آل داود بين السماء والأرض ، تعذب أرواح الكفرة من الأموات ، وتلحق بهم أرواح أشباههم من الاحياء ، ثم أخرج سيفا ثم قال : ها ! إن هذا منها .

قال : فقال أبي إي والذي اصطفى محمدا على البشر ، قال : فرد الرجل اعتجاره وقال : أنا إلياس ما سألتك عن أمرك ولي به جهالة ، غير أني أحببت أن يكون هذا الحديث قوة لأصحابك ، وساق الحديث بطوله إلى أن قال : ثم قام الرجل وذهب فلم أره .

العودة إلى الصفحة الرئيسية

www.mezan.net <‎/TITLE> ‎<META HTTP-EQUIV="Content-Type" CONTENT="text/html; charset=windows-1256">‎ ‎<META NAME="keywords" CONTENT=" السيد محمد حسين فضل الله في الميزان ">‎ ‎<META NAME="description" CONTENT=" مقولات السيد فضل الله في كتبه ">‎ ‎<META NAME="author" CONTENT=" مقولات السيد فضل الله بصوته ">‎ ‎<META NAME="copyright" CONTENT=" رأي المراجع العظام والعلماء ">‎ <‎/HEAD>