شبه الجنون الذي اعترى جابر بن يزيد الجعفي

- الكافي : علي بن محمد ، عن صالح بن أبي حماد ، عن محمد بن أورمة ، عن أحمد بن النضر ، عن النعمان بن بشير ، قال : كنت مزاملا لجابر بن يزيد الجعفي فلما أن كنا بالمدينة ، دخل على أبي جعفر فودعه وخرج من عنده وهو مسرور ، حتى وردنا الأخيرجة - أول منزل تعدل من فيد إلى المدينة - يوم جمعة فصلينا الزوال ، فلما نهض بنا البعير إذا أنا برجل طوال آدم معه كتاب فناوله فقبله ووضعه على عينيه ، وإذا هو من محمد بن علي إلى جابر بن يزيد وعليه طين أسود رطب ، فقال له : متى عهدك بسيدي ؟ فقال : الساعة ، فقال له : قبل الصلاة أو بعد الصلاة ؟ فقال : بعد الصلاة ، قال : ففك الخاتم وأقبل يقرأه و يقبض وجهه حتى أتى على آخره ، ثم أمسك الكتاب فما رأيته ضاحكا ولا مسرورا حتى وافى الكوفة . فلما وفينا الكوفة ليلا بت ليلتي ، فلما أصبحت أتيته إعظاما له ، فوجدته قد خرج علي وفي عنقه كعاب قد علقها وقد ركب قصبة وهو يقول أجد منصور ابن جمهور أميرا غير مأمور وأبياتا من نحو هذا ، فنظر في وجهي ونظرت في وجهه فلم يقل لي شيئا ولم أقل له وأقبلت أبكي لما رأيته ، واجتمع علي وعليه الصبيانوالناس وجاء حتى دخل الرحبة وأقبل يدور مع الصبيان والناس يقولون : جن جابر ابن يزيد ، فوالله ما مضت الأيام حتى ورد كتاب هشام عبد الملك إلى واليه أن انظر رجلا يقال له : جابر بن يزيد الجعفي فاضرب عنقه وابعث إلي برأسه فالتفت إلى جلسائه فقال لهم : من جابر بن يزيد الجعفي ؟ قالوا : أصلحك الله كان رجلا له علم وفضل وحديث وحج فجن وهو ذا في الرحبة مع الصبيان على القصب يلعب معهم ، قال : فأشرف عليه فإذا هو مع الصبيان يلعب على القصب ، فقال : الحمد لله الذي عافاني من قتله ، قال : ولم تمض الأيام حتى دخل منصور بن جمهور الكوفة وصنع ما كان يقول جابر.

بيان : فيد : منزل بطريق مكة ، والمعنى أنك إذا توجهت من فيد إلى المدينة فهو أول منازلك ، والحاصل : أن الطريق من الكوفة إلى مكة وإلى المدينة مشتركان إلى فيد ثم يفترق الطريقان ، فإذا ذهبت إلى المدينة عادلا عن طريق مكة فأول منزل تنزله الأخيرجة .

وقيل : أراد به أن المسافة بين الأخيرجة وبين المدينة كالمسافة بين فيد والمدينة .

وقيل : المعنى أن المسافة بينها وبين الكوفة كانت مثل ما بين فيد والمدينة وما ذكرنا أظهر . ومنصور بن جمهور كان واليا بالكوفة ولاه يزيد بن الوليد من خلفاء بني أمية بعد عزل يوسف بن عمر في سنة ست وعشرين ومائة ، وكان بعد وفات الباقر باثنتي عشرة سنة ، ولعل جابرا رحمه الله أخبر بذلك فيما أخبر من وقائع الكوفة .

- بصائر الدرجات : محمد بن الحسين ، عن إبراهيم بن أبي البلاد ، عن سدير الصيرفي قال : أوصاني أبو جعفر بحوائج له بالمدينة قال : فبينا أنا في فخ الروحاء على راحلتي إذا انسان يلوي بثوبه ، قال : فملت إليه وظننت أنه عطشان فناولته الأداوة ، قال : فقال : لا حاجة لي بها ، ثم ناولني كتابا طينه رطب ، قال : فلما نظرت إلى ختمه إذا هو خاتم أبي جعفر ، فقلت له : متى عهدك بصاحب الكتاب ؟ قال : الساعة ، قال : فإذا فيه أشياء يأمرني بها ، قال : ثم التفت فإذا ليس عندي أحد ، قال : فقدم أبو جعفر فلقيته ، فقلت له : جعلت فداك رجل أتاني بكتابك وطينه رطب ، قال : إذا عجل بنا أمر أرسلت بعضهم يعني الجن . وزاد فيه محمد بن الحسين بهذا الاسناد : يا سدير إن لنا خدما من الجن فإذا أردنا السرعة بعثناهم .

- عيون المعجزات : روي أن حبابة الوالبية رحمها الله ، بقيت إلى إمامة أبي جعفر فدخلت عليه ، فقال : ما الذي أبطأ بك يا حبابة ؟ قالت : كبر سني وابيض رأسي وكثرت همومي ، فقال : ادني مني ، فدنت منه فوضع يده في مفرق رأسها ودعا لها بكلام لم نفهمه ، فاسود شعر رأسها وعاد حالكا وصارت شابة ، فسرت بذلك وسر أبو جعفر لسرورها ، فقالت : بالذي أخذ ميثاقك على النبيين أي شئ كنتم في الأظلة ؟ فقال : يا حبابة نورا قبل أن خلق الله آدم نسبح الله سبحانه فسبحت الملائكة بتسبيحنا ، ولم تكن قبل ذلك ، فلما خلق الله تعالى آدم أجرى ذلك النور فيه .

- منتخب البصائر : عن أبي سليمان بن داود ، بإسناده عن سهل بن زياد ، عن عثمان بن عيسى ، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة ، عن أبيه ، عن أبي بصير ، قال : قلت لأبي جعفر : أنا مولاك ومن شيعتك ضعيف ضرير فاضمن لي الجنة ، قال : أولا أعطيك علامة الأئمة ؟ قلت : وما عليك أن تجمعها لي ، قال : وتحب ذلك ؟ قلت : وكيف لا أحب ، فما زاد أن مسح على بصري فأبصرت جميع الأئمة عنده في السقيفة التي كان فيها جالسا ، قال : يا أبا محمد مد بصرك فانظر ماذا ترى بعينك ؟ قال : فوالله ما أبصرت إلا كلبا أو خنزيرا أو قردا قلت : ما هذا الخلق الممسوخ ؟ قال : هذا الذي ترى هو السواد الأعظم ، ولو كشف للناس ما نظر الشيعة إلى من خالفهم إلا في هذه الصورة ، ثم قال : يا أبا محمد إن أحببت تركتك على حالك هذا وإن أحببت ضمنت لك على الله الجنة ورددتك إلى حالك الأول ، قلت : لا حاجة لي في النظر إلى هذا الخلق المنكوس ردني ردني إلى حالتي فما للجنة عوض ، فمسح يده على عيني فرجعت كما كنت .

قد مضى أخبار ظهور الملائكة والجن له في كتاب الإمامة وسيأتي كثير من معجزاته في الأبواب الآتية .

العودة إلى الصفحة الرئيسية

www.mezan.net <‎/TITLE> ‎<META HTTP-EQUIV="Content-Type" CONTENT="text/html; charset=windows-1256">‎ ‎<META NAME="keywords" CONTENT=" السيد محمد حسين فضل الله في الميزان ">‎ ‎<META NAME="description" CONTENT=" مقولات السيد فضل الله في كتبه ">‎ ‎<META NAME="author" CONTENT=" مقولات السيد فضل الله بصوته ">‎ ‎<META NAME="copyright" CONTENT=" رأي المراجع العظام والعلماء ">‎ <‎/HEAD>