مناظرته مع عبد الله بن نافع الأزرق

- الكافي : عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن الحسن بن زيد النوفلي ، عن علي بن داود اليعقوبي ، عن عيسى بن عبد الله العلوي قال : وحدثني الأسيدي ومحمد بن مبشر أن عبد الله بن نافع الأزرق كان يقول : لو أني علمت أن بين قطريها أحدا تبلغني إليه المطايا يخصمني أن عليا قتل أهل النهروان وهو لهم غير ظالم لرحلت إليه ، فقيل له ولا ولده ؟ فقال : أفي ولده عالم ؟ فقيل له : هذا أول جهلك ، وهم يخلون من عالم ؟ قال : فمن عالمهم اليوم ؟ قيل : محمد بن علي بن الحسين بن علي قال : فرحل إليه في صناديد أصحابه حتى أتى المدينة فاستأذن على أبي جعفر فقيل له : هذا عبد الله بن نافع فقال : وما يصنع بي ؟ وهو يبرأ مني ومن أبي طرفي النهار .

فقال له أبو بصير الكوفي : جعلت فداك إن هذا يزعم أنه لو علم أن بين قطريها أحدا تبلغه المطايا إليه يخصمه أن عليا قتل أهل النهروان وهو لهم غير ظالم لرحل إليه ، فقال له أبو جعفر : أتراه جاءني مناظرا ؟ قال : نعم قال : يا غلام اخرج فحط رحله وقل له : إذا كان الغد فأتنا قال : فلما أصبح عبد الله بن نافع غدا في صناديد أصحابه ، وبعث أبو جعفر إلى جميع أبناء المهاجرين والأنصار فجمعهم ثم خرج إلى الناس في ثوبين ممغرين وأقبل على الناس كأنه فلقة قمر فقال : الحمد لله محيث الحيث ، ومكيف الكيف ، ومؤين الأين الحمد لله الذي لا تأخذه سنة ولا نوم ، له ما في السماوات وما في الأرض - إلى آخر الآية - وأشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، اجتباه وهداه إلى صراط مستقيم ، الحمد لله الذي أكرمنا بنبوته ، واختصنا بولايته ، يا معشر أبناء المهاجرين والأنصار ! من كانت عنده منقبة لعلي بن أبي طالب ؟ فليقم وليتحدث .

قال : فقام الناس فسردوا تلك المناقب فقال عبد الله : أنا أروى لهذه المناقب من هؤلاء ، وإنما أحدث علي الكفر بعد تحكيمه الحكمين ، حتى انتهوا في المناقب إلى حديث خيبر : لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله ، ويحبه الله ورسوله ، كرارا غير فرار ، حتى لا يرجع يفتح الله على يديه فقال أبو جعفر عليه السلام : ما تقول في هذا الحديث ؟ فقال : هو حق لا شك فيه ، ولكن أحدث الكفر بعد فقال له أبو جعفر : ثكلتك أمك أخبرني عن الله عز وجل أحب علي بن أبي طالب يوم أحبه ، وهو يعلم أنه يقتل أهل النهروان ، أم لم يعلم ؟ قال : فإن قلت : لا كفرت قال : فقال : قد علم ، قال : فأحبه الله على أن يعمل بطاعته أو على أن يعمل بمعصيته ؟ فقال : على أن يعمل بطاعته ، فقال له أبو جعفر : فقم مخصوما ، فقام وهو يقول : حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ، الله أعلم حيث يجعل رسالته .

بيان : الصنديد السيد الشجاع ، والمغرة طين أحمر والممغر بها ، والفلقة بالكسر الكسرة يقال : أعطني فلقة الجفنة أي نصفها ، قوله : محيث الحيث أي جاعل المكان مكانا بايجاده ، وعلى القول بمجعولية المهيات ظاهر ، ومؤين الأين أي موجد الدهر والزمان فإن الأين يكون بمعنى الزمان أيضا كما قيل ولكنه غير معتمد ويحتمل أن يكون بمعنى المكان إما تأكيدا أو بأن يكون حيث للزمان قال ابن هشام : قال الأخفش : وقد ترد حيث للزمان ، ويحتمل أن تكون حيث تعليلية أي هو علة العلل ، وجاعل العلل عللا قوله واختصنا بولايته أي بأن نتولاه أو بأن جعل ولايتنا ولايته ، أو بأن جعلنا ولي من كان وليه ، وقال الجوهري : فلان يسرد الحديث سردا : إذا كان جيد السياق له ، وحاصل إلزامه أن الله تعالى إنما يحب من يعمل بطاعته لأنه كذلك ، فكيف يحب من يعلم بزعمك الفاسد أنه يكفر ويحبط جميع أعماله .

العودة إلى الصفحة الرئيسية

www.mezan.net <‎/TITLE> ‎<META HTTP-EQUIV="Content-Type" CONTENT="text/html; charset=windows-1256">‎ ‎<META NAME="keywords" CONTENT=" السيد محمد حسين فضل الله في الميزان ">‎ ‎<META NAME="description" CONTENT=" مقولات السيد فضل الله في كتبه ">‎ ‎<META NAME="author" CONTENT=" مقولات السيد فضل الله بصوته ">‎ ‎<META NAME="copyright" CONTENT=" رأي المراجع العظام والعلماء ">‎ <‎/HEAD>