مناظرته مع قتادة بن دعامة

- الكافي : عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن أبيه ، عن محمد بن سنان ، عن زيد الشحام قال : دخل قتادة بن دعامة على أبي جعفر فقال : يا قتادة أنت فقيه أهل البصرة ؟ فقال : هكذا يزعمون فقال أبو جعفر : بلغني أنك تفسر القرآن ؟ قال له قتادة : نعم ، فقال له أبو جعفر : بعلم تفسره أم بجهل ؟ قال : لا بعلم ، فقال له أبو جعفر : فإن كنت تفسره بعلم فأنت أنت ، وأنا أسألك ؟ قال قتادة : سل ، قال : أخبرني عن قول الله عز وجل في سبا : " وقدرنا فيها السير سيروا فيها ليالي وأياما آمنين " فقال قتادة : ذاك من خرج من بيته بزاد حلال وراحلة حلال وكرى حلال ، يريد هذا البيت كان آمنا حتى يرجع إلى أهله فقال أبو جعفر : نشدتك الله يا قتادة هل تعلم أنه قد يخرج الرجل من بيته بزاد حلال وكرى حلال يريد هذا البيت ، فيقطع عليه الطريق فتذهب نفقته ، ويضرب مع ذلك ضربة فيها اجتياحه ؟ قال قتادة : اللهم نعم .

فقال أبو جعفر : ويحك يا قتادة إن كنت إنما فسرت القرآن من تلقاء نفسك ، فقد هلكت وأهلكت ، وإن كنت قد أخذته من الرجال ، فقد هلكت وأهلكت ، ويحك يا قتادة ذلك من خرج من بيته بزاد وراحلة وكرى حلال ، يروم هذا البيت عارفا بحقنا يهوانا قلبه كما قال الله عز وجل : " فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم " ولم يعن البيت ، فيقول " إليه " فنحن والله دعوة إبراهيم التي من هوانا قلبه ، قبلت حجته ، وإلا فلا ، يا قتادة فإذا كان كذلك كان آمنا من عذاب جهنم يوم القيامة قال قتادة : لا جرم والله لا فسرتها إلا هكذا فقال أبو جعفر : ويحك يا قتادة إنما يعرف القرآن من خوطب به .

ايضاح : هو قتادة بن دعامة من مشاهير محدثي العامة ومفسريهم ، قوله : فأنت أنت أي فأنت العالم المتوحد الذي لا يحتاج إلى المدح والوصف ، وينبغي أن يرجع إليك في العلوم ، قوله تعالى : وقدرنا فيها السير ، اعلم أن المشهور بين المفسرين ان هذه الآية لبيان حال تلك القرى في زمان قوم سبا أي قدرنا سيرهم في القرى على قدر مقيلهم ومبيتهم ، لا يحتاجون إلى ماء ولا زاد لقرب المنازل والامر في قوله تعالى " سيروا " متوجه إليهم على إرادة القول بلسان الحال ، أو المقال ، ويظهر من كثير من الاخبار أن الامر متوجه إلى هذه الأمة أو خطاب عام يشملهم أيضا .

قوله : ولم يعن البيت ، أي لا يتوهم أن المراد ميل القلوب إلى البيت وإلا لقال إليه بل كان غرض إبراهيم أن يجعل الله ذريته الذين أسكنهم عند البيت أنبياء وخلفاء ، تهوي إليهم قلوب الناس ، فالحج وسيلة للوصول إليهم ، وقد استجاب الله هذا الدعاء في النبي وأهل بيته ، فهم دعوة إبراهيم .

قال الجزري : ومنه الحديث وسأخبركم بأول أمري دعوة أبي إبراهيم وبشارة عيسى ، دعوة إبراهيم هي قوله تعالى " وابعث فيهم رسولا منهم يتلو عليهم آياتك " وبشارة عيسى قوله : " ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد " قوله : لا جرم أي البتة ولا محالة .

- الكافي : علي بن إبراهيم ، عن أبيه ومحمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان جميعا ، عن ابن أبي عمير ، عن عبد الرحمن بن الحجاج ، عن أبي عبد الله قال : إن محمد بن المنكدر كان يقول : ما كنت أرى أن علي بن الحسين يدع خلفا أفضل منه حتى رأيت ابنه محمد بن علي فأردت أن أعظه فوعظني فقال له أصحابه : بأي شئ وعظك ؟ قال : خرجت إلى بعض نواحي المدينة في ساعة حارة فلقيني أبو جعفر محمد بن علي وكان رجلا بادنا ثقيلا وهو متكئ على غلامين أسودين أو موليين ، فقلت في نفسي : سبحان الله شيخ من أشياخ قريش في هذه الساعة على هذه الحال في طلب الدنيا ! أما لأعظنه ، فدنوت منه فسلمت عليه فرد علي بنهر ، هو يتصاب عرقا فقلت : أصلحك الله شيخ من أشياخ قريش في هذه الساعة على هذه الحال في طلب الدنيا أرأيت لو جاءك أجلك وأنت على هذه الحال ما كنت تصنع ؟ فقال : لو جاءني الموت وأنا على هذه الحال جاءني وأنا في طاعة من طاعة الله عز وجل أكف بها نفسي وعيالي عنك وعن الناس ، وإنما كنت أخاف أن لو جاءني الموت وأنا على معصية من معاصي الله فقلت : صدقت يرحمك الله أردت أن أعظك فوعظتني .

- الإحتجاج : عن أبان بن تغلب ، قال : دخل طاووس اليماني إلى الطواف ومعه صاحب له فإذا هو بأبي جعفر يطوف أمامه ، وهو شاب حدث فقال طاووس لصاحبه : إن هذا الفتى لعالم ، فلما فرغ من طوافه صلى ركعتين ، ثم جلس فأتاه الناس فقال طاووس لصاحبه : نذهب إلى أبي جعفر نسأله عن مسألة لا أدري عنده فيها شئ ، فأتياه فسلما عليه ثم قال له طاووس : يا أبا جعفر هل تعلم أي يوم مات ثلث الناس ؟ فقال : يا أبا عبد الرحمن لم يمت ثلث الناس قط ، بل إنما أردت ربع الناس قال : وكيف ذلك ؟ قال : كان آدم ، وحوا ، وقابيل ، وهابيل ، فقتل قابيل هابيل فذلك ربع الناس ، قال : صدقت ، قال أبو جعفر هل ترى ما صنع بقابيل ؟ قال : لا ، قال : علق بالشمس ينضح بالماء الحار إلى أن تقوم الساعة .

- الإحتجاج : عن أبي بصير قال : كان مولانا أبو جعفر محمد بن علي الباقر جالسا في الحرم وحوله عصابة من أوليائه إذ أقبل طاووس اليماني في جماعة من أصحابه ثم قال لأبي جعفر : ائذن لي بالسؤال قال : أذنا لك فسل ! قال : أخبرني متى هلك ثلث الناس ؟ قال : وهمت يا شيخ أردت أن تقول متى هلك ربع الناس وذلك يوم قتل قابيل هابيل كانوا أربعة : آدم ، وحواء ، وقابيل ، وهابيل ، فهلك ربعهم ، فقال : أصبت ووهمت أنا ، فأيهما كان أبا الناس القاتل أو المقتول ؟ قال : لا واحد منهما ، بل أبوهم شيث بن آدم قال : فلم سمي آدم آدم ؟ قال : لأنه رفعت طينته من أديم الأرض السفلى قال : فلم سميت حوا حوا ؟ قال : لأنها خلقت من ضلع حي ، يعني ضلع آدم قال : فلم سمي إبليس إبليس ؟ قال : لأنه أبلس من رحمة الله عز وجل فلا يرجوها قال : فلم سمي الجن جنا ؟ قال : لأنهم استجنوا فلم يروا قال : فأخبرني عن أول كذبة كذبت ، من صاحبها ؟ قال : إبليس حين قال " أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين " .

قال : فأخبرني عن قوم شهدوا شهادة الحق ، وكانوا كاذبين ؟ قال : المنافقون حين قالوا لرسول الله : " نشهد إنك لرسول الله " فأنزل الله عز وجل : " إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون " قال : فأخبرني عن طير طار مرة ، ولم يطر قبلها ولا بعدها ذكره الله عز وجل في القرآن ما هو ؟ فقال : طور سيناء أطاره الله عز وجل على بني إسرائيل حين أظلهم بجناح منه فيه ألوان العذاب حتى قبل التوراة وذلك قوله عز وجل " وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة وظنوا أنه واقع بهم " قال : فأخبرني من رسول بعثه الله تعالى ليس من الجن ولا من الانس ولا من الملائكة ذكره الله عز وجل في كتابه ؟ فقال : الغراب حين بعثه الله عز وجل ليري قابيل كيف يواري سوأة أخيه هابيل حين قتله ، قال الله عز وجل " فبعث الله غرابا يبحث في الأرض ليريه كيف يواري سوأة أخيه " قال : فأخبرني عمن أنذر قومه ليس من الجن ولا من الانس ولا من الملائكة ، ذكره الله عز وجل في كتابه ؟ قال : النملة حين قالت : ( يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم لا يحطمنكم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون قال فأخبرني من كذب عليه ، ليس من الجن ولا من الانس ولا من الملائكة ذكره الله عز وجل في كتابه ؟ قال : الذئب الذي كذب عليه إخوة يوسف قال : فأخبرني عن شئ قليله حلال وكثيره حرام ، ذكره الله عز وجل في كتابه قال : نهر طالوت قال الله عز وجل : " إلا من اغترف غرفة بيده " قال : فأخبرني عن صلاة مفروضة تصلى بغير وضوء وعن صوم لا يحجر عن أكل وشرب ؟ قال : أما الصلاة بغير وضوء فالصلاة على النبي وآله .

وأما الصوم فقوله عز وجل " إني نذرت للرحمن صوما فلن أكلم اليوم إنسيا قال : فأخبرني عن شئ يزيد وينقص ؟ وعن شئ يزيد ولا ينقص ؟ وعن شئ ينقص ولا يزيد ؟ فقال الباقر : أما الشئ الذي يزيد وينقص : فهو القمر والشئ الذي يزيد ولا ينقص : فهو البحر ، والشئ الذي ينقص ولا يزيد : فهو العمر .

- الكافي : علي ، عن أبيه ومحمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان جميعا ، عن ابن أبي عمير ، عن عمر بن أذينة ، عن زرارة قال : كنت قاعدا إلى جنب أبي جعفر وهو محتب مستقبل القبلة فقال : أما إن النظر إليها عبادة ، فجاءه رجل من بجيلة يقال له عاصم بن عمر فقال لأبي جعفر : إن كعب الأحبار كان يقول : إن الكعبة تسجد لبيت المقدس في كل غداة ، فقال له أبو جعفر : فما تقول فيما قال كعب ؟ فقال : صدق ، القول ما قال كعب فقال له أبو جعفر : كذبت وكذب كعب الأحبار معك وغضب ، قال زرارة ما رأيته استقبل أحدا بقول كذبت غيره ، ثم قال : ما خلق الله عز وجل بقعة في الأرض أحب إليه منها - ثم أومأ بيده نحو الكعبة - ولا أكرم على الله عز وجل منها ، لها حرم الله الأشهر الحرم في كتاب يوم خلق السماوات والأرض ثلاثة متوالية للحج : شوال ، وذو القعدة ، و ذو الحجة ، وشهر مفرد للعمرة وهو رجب .

العودة إلى الصفحة الرئيسية

www.mezan.net <‎/TITLE> ‎<META HTTP-EQUIV="Content-Type" CONTENT="text/html; charset=windows-1256">‎ ‎<META NAME="keywords" CONTENT=" السيد محمد حسين فضل الله في الميزان ">‎ ‎<META NAME="description" CONTENT=" مقولات السيد فضل الله في كتبه ">‎ ‎<META NAME="author" CONTENT=" مقولات السيد فضل الله بصوته ">‎ ‎<META NAME="copyright" CONTENT=" رأي المراجع العظام والعلماء ">‎ <‎/HEAD>