سديف المكي

سديف بن مهران بن ميمون المكي .

عده الشيخ في رجاله في أصحاب أبي جعفر الباقر وهو شاعر مكثر في هجاء ، بني أمية ، ومدح السفاح في قتلهم ، وحرض السفاح على الأخذ بثار الحسنين وزيد وحمزة وإبراهيم الإمام ، ولما تولى السفاح ومن بعده أخذ في مدح العلويين ، وهذه القصيدة في هجو بني أمية ومطلعها :

أمست أمية قد أظل فناؤها * يا قرة العين المداوى داؤها

أمست أمية قد تصدع سيفها * سيف الضلال وشتت أهوائها

ولقد سررت لعبد شمس انها * أمست تساق مباحة أحماؤها

إلى ان قال في ختام القصيدة :

يا أيها الباكي أمية ضلة * ارسل دموع العين طال بكاؤها

أمست أمية لا أمية ترتجى * قلب الزمان لها وهم فناؤها

كان ظهور الدولة العباسية وقتل بني أمية بعد قتل آخر ملك منهم وهو مروان بن محمد الملقب بالحمار سنة 132 ه‍ .

وجاء سديف على نجيب له من الحجاز ودخل على أبي العباس السفاح بالحيرة فيستأذن ، فلما دخل ونظر إلى أبي العباس جالسا على سريره ، وبنو هاشم دونه على الكراسي ، وبنو أمية على وسائد قد ثنيت لهم .

حدر اللثام عن وجهه وانشد يقول ، في قصيدة مطلعها :

أصبح الملك ثابت الأساس * بالبهاليل من بني العباس

بالصدور المقدمين قديما * والرؤوس القماقم الرؤاس

إلى أن قال :

لا تقيلن عبد شمس عثارا * واقطعن كل رقلة وغراس

أنزلوها بحيث أنزلها الل‍ * - ه بدار الهوان والأنفاس

إلى أن قال في ختام قصيدته :

فلقد سائني وساء سوائي * قربهم من نمارق وكراسي

نعم كلب الهراش مولاك لولا * أود من حبائل الافلاس

فتغير لون وجه أبي العباس وارتعد ، فالتفت بعض ولد سليمان بن عبد الملك إلى رجل منهم كان بجنبه وقال قتلنا والله العبد .

ثم اقبل أبو العباس عليهم فقال يا بني الفواعل لا أرى قتلاكم من أهلي قد سلفوا وأنتم أحياء تتلذذون في الدنيا ، خذوهم ، فاخذتهم الخراسانية فاهمدوهم ، وكتب إلى أعماله في النواحي بقتل بني أمية ، بما فيهم سليمان بن عبد الملك وولديه ، وكتب أبو العباس إلى عمه عبد الله بن علي إذا قرأت كتابي فانظر من كان قبلك من بني أمية فلا تبقين منهم ديارا فأرسل إليهم " أي إلى بني أمية " أن سيروا إلى فسار إليه منهم نيف وسبعون رجلا فقتلهم .

ثم انشد سديف قائلا :

لا يغرنك ما ترى من رجال * ان تحت الضلوع داء دويا

فضع السيف وارفع السوط حتى * لا ترى فوق ظهرها أمويا

فقال سليمان بن عبد الملك مالي ولك أيها الشيخ قتلتني قتلك الله ، فقام أبو العباس فدخل وإذا المنديل قد القي في عنق سليمان ثم جر وقتل ، وقتل ولديه معه وتبعهم بقية الأمويين الذين كانوا في المجلس . فلما سمع السفاح ذلك امر بقتل جميعهم وأجاز سديفا بألف دينار ثم قال المنصور كأني بك يا سديف ، قد قدمت المدينة فقلت لعبد الله بن الحسن يا ابن رسول الله انما نداهن بني العباس لأجل عطاياهم نقوم بها أودنا ، واقسم بالله يا سديف لئن فعلت لأقتلنك ، ففعل سديف ذلك ، ودفع المبلغ لعبد الله بن الحسن ، وكان سديف علوي الهوى ، والسفاح والمنصور يعرفانه .

فلما رأى سديف ظلم بني العباس وإسرافهم في قتل العلويين بعد القضاء على الأمويين ، اخذ في مدح العلويين وهجو العباسيين وهجى العباسيين هجو الأمويين إلى أن قتله المنصور .

ولما خرج محمد بن عبد الله بن الحسن بن علي بن أبي طالب بالمدينة وأخوه بالبصرة ، مال إليه سديف وتابعه وكان من خاصته وصار يطعن على أبي جعفر المنصور ، ويقول فيه ، ويمتدح بنى على ويتتبع لهم فجعل يوما " وكان محمد بن عبد الله على المنبر وسديف عن يمين المنبر " يقول ويشير بيده إلى العراق يريد أبا جعفر المنصور والعباسيين :

أسرفت في قتل البرية جاهدا * فاكفف يديك أظلها

مهديها فلتأتينك غارة حسنية * جرارة يحتثها حسنيها

حتى يصبح قرية كوفية * لما تغطرس ظالما حرميها

فلما بلغ ذلك أبو جعفر المنصور قال : قتلني الله ان لم أسرف في قتله فلما قتل عيسى بن موسى العباسي محمد بن عبد الله الحسني ، كتب أبو جعفر المنصور إلى عمه عبد الصمد العباسي وكان عامله على مكة ، ان ظفر بسديف ان يقتله فظفر به على رؤوس الناس ، وكان يحفظ له ما كان من مدائحه إياهم قبل خروجه ، فقال له : ويحك يا سديف ليس فيك حيلة وقد أخذتك ظاهرا على رؤوس الناس ، ولكنني أعاود فيك المنصور ، فكتب إلى أبي جعفر المنصور بخبره بأمره ، فكتب إليه والله لئن لم تقتله قتلتك .

تحرج عبد الصمد من قتله في الحرم ، فأخرجه إلى خارج حدود الحرم فقتله ، ولم يتحرج من أصل قتله ، قتل مؤمن صالح .

العودة إلى الصفحة الرئيسية

www.mezan.net <‎/TITLE> ‎<META HTTP-EQUIV="Content-Type" CONTENT="text/html; charset=windows-1256">‎ ‎<META NAME="keywords" CONTENT=" السيد محمد حسين فضل الله في الميزان ">‎ ‎<META NAME="description" CONTENT=" مقولات السيد فضل الله في كتبه ">‎ ‎<META NAME="author" CONTENT=" مقولات السيد فضل الله بصوته ">‎ ‎<META NAME="copyright" CONTENT=" رأي المراجع العظام والعلماء ">‎ <‎/HEAD>