ومن كلامه لجابر أيضا

خرج يوما وهو يقول : أصبحت والله يا جابر محزونا مشغول القلب ، فقلت : جعلت فداك ما حزنك وشغل قلبك ، كل هذا على الدنيا ؟ فقال : لا يا جابر ، ولكن حزن هم الآخرة ، يا جابر ، من دخل قلبه خالص حقيقة الإيمان شغل عما في الدنيا من زينتها ، إن زينة زهرة الدنيا إنما هي لعب ولهو وإن الدار الآخرة لهي الحيوان ، يا جابر ، إن المؤمن لا ينبغي له أن يركن ويطمئن إلى زهرة الحياة الدنيا .

واعلم أن أبناء الدنيا هم أهل غفلة وغرور وجهالة وأن أبناء الآخرة هم المؤمنون العاملون الزاهدون أهل العلم والفقه وأهل فكرة واعتبار واختبار لا يملون من ذكر الله .

واعلم يا جابر : أن أهل التقوى هم الأغنياء ، أغناهم القليل من الدنيا فمؤونتهم يسيرة ، إن نسيت الخير ذكروك . وإن عملت به أعانوك ، أخروا شهواتهم ولذاتهم خلفهم وقدموا طاعة ربهم أمامهم .

ونظروا إلى سبيل الخير وإلى ولاية أحباء الله فأحبوهم ، وتولوهم واتبعوهم .

فانزل نفسك من الدنيا كمثل منزل نزلته ساعة ثم ارتحلت عنه ، أو كمثل مال استفدته في منامك ففرحت به وسررت ثم انتبهت من رقدتك وليس في يدك شئ .

وإني إنما ضربت لك مثلا لتعقل وتعمل به إن وفقك الله له .

فاحفظ يا جابر ما أستودعك من دين الله وحكمته .

وانصح لنفسك وانظر ما الله عندك في حياتك ، فكذلك يكون لك العهد عنده في مرجعك .

وانظر فإن تكن الدنيا عندك على غير ما وصفت لك فتحول عنها إلى دار المستعتب اليوم ، فلرب حريص على أمر من أمور الدنيا قد ناله ، فلما ناله كان عليه وبالا وشقي به ، ولرب كاره لأمر من أمور الآخرة قد ناله فسعد به .

العودة إلى الصفحة الرئيسية

www.mezan.net <‎/TITLE> ‎<META HTTP-EQUIV="Content-Type" CONTENT="text/html; charset=windows-1256">‎ ‎<META NAME="keywords" CONTENT=" السيد محمد حسين فضل الله في الميزان ">‎ ‎<META NAME="description" CONTENT=" مقولات السيد فضل الله في كتبه ">‎ ‎<META NAME="author" CONTENT=" مقولات السيد فضل الله بصوته ">‎ ‎<META NAME="copyright" CONTENT=" رأي المراجع العظام والعلماء ">‎ <‎/HEAD>