فاطمة الزهراء الحوراء الإنسية

 

المقدمة

المقدمة:

في يوم من أيام ذكرى شهادة الزهراء ( صلوات الله و سلامه عليها دعاني احد الأخوة المؤمنين في طهران لقراءة المأتم في وفاة الصديقة الطاهرة ( سلام الله عليها ) فاستجبت له وتناولت في مجلسي عنده الآية الكريمة: وما محمد الا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات او قتل انقلبتم على اعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئاً وسيجزي الله الشاكرين وهي الآية التي نزلت على النبي (صلى الله عليه و آله ) في معركة أحد بعد انهزام المسلمين بأجمعهم الا علي ( عليه السلام ) ثم ثاب الى النبي (صلى الله عليه و آله ) بعض اصحابه كعاصم بن ثابت وابودجانة وسهل بن حنيف وسمع المسلمون آيات الغضب الالهي بالتعبير الواضح الذي اشارت اليه الآية الكريمة (انقلبتم على اعقابكم) واسماً إياهم بالانقلاب على الاعقاب والرجوع الى اقبح الاديان الى ما كانوا عليه من قبل من الشرك وعبادة الاوثان.

فلما ان رد الله المشركين بغيظهم وانجلى الموقف عن اميرالمؤمنين (صلوات الله و سلامه عليه ) يدافع عن رسول الله ( صلى الله عليه و آله ) كلما جاءته كتيبة قال له رسول الله يا علي اكفني اياها فيهجم عليها اميرالمؤمنين ويقتل أماثلها ويفر الباقون هكذا مرة بعد اخرى حتى عجبت من مواساته ملائكة السماء فقال جبرئيل للرسول (صلى الله عليه و آله ) : (لقد عجبت من مواساة هذا الفتى ملائكة السماء) قال رسول الله ( صلى الله عليه و آله ) : (وما يمنعه من ذلك و هو مني وأنا منه) فنادى بين السماء والارض: (لا سيف الا ذوالفقار ولا فتى الا علي).

اقول فلما ان رد الله المشركين بغيظهم و قُتل من قتل من المسلمين عاد بعض المنهزمين فلامهم النبي (صلى الله عليه و آله ) على هروبهم فقالوا له نفديك بابائنا و امهاتنا يا رسول الله سمعنا انك قتلت فرُعِبَتْ قلوبنا وولينا مدبرين فقرأ لهم النبي صلى الله عليه و آله ما نزل بشأنهم من القرآن فسمعوه بآذانهم وعلموه بقلوبهم، أقول فهلا اعتبر من ذلك من اعتبر وراجع نفسه وعاهد الله تعالى على الا يعود الى مثل ذلك مستقبلاً خاصة وان الاية الكريمة تعتبر من اعلام النبوة لانها تقول: (أفإن مات او قتل انقلبتم على اعقابكم) اننا حينما نستقري الأحداث التي وقعت بعد وفاة رسول الله (صلى الله عليه و آله ) نجد ان القوم إلا نفر يسيراً منهم انقلبوا على ما عاهدوا عليه الله و رسوله في كثير من المواقف والمشاهد و ترتب على ذلك هذا الانحراف الكبير في الخط الرسالي الذي عاناه المسلمون ولايزالون.

فلما ان انتهى ذلك المجلس جاءني بعض الاخوة الذين حضروا داعين لي بالتوفيق وسألوني لما ذكرت من حقائق ووقائع ثم قالوا جزاك الله خيراً عن اهل بيت نبيك إذ أننا نعيش هذه الايام وسط أجواء مغشوشة ودعايات محمومة وتيارات لم نسمع بها من قبل ناجمة عن الجهل والغفلة وعدم الاحاطة من ان الزهراء ( صلوات الله وسلامه عليها ) إمرأة عادية كسائر النساء يجري عليها ما يجري على النساء ؟؟؟ ونسوا مع شديد الاسف ما جاء في حقها من قرآن ميزّها ( صلوات الله وسلامه عليها عن سائر النساء نسوا ما نطق به الصادق الامين الذي لا ينطق عن الهوى من فضائل و مناقب في حقها حتى غدت سيدة نساء العالمين يرضى الله تعالى لرضاها و يغضب لغضبها نسوا أنها من اهل هذا البيت الذي اراد الله تعالى له الطهارة بكل اشكالها والوانها بيت اذن الله تعالى له ان يرفع ويقدس بيت يستأذن فيه جبرئيل ( عليه السلام ) الباري جلّ وعلا ان يكون لهم سادساً.

وأمام هذا الواقع المرير جالت في نفسي أفكار قررت معها ان اكتب ما به أساهم في تنوير الأذهان ومكافحة هذه الشبهات ودفع هذه الاوهام وقد سهل الباري جل وعلا ذلك إذ طلبت مني إدارة الموسوعة الكومبيوترية الموقرة ان اكتب في هذا المجال فنهضت بالأمر مستعيناً بالله سبحانه وما أحلى الكتابة حين تكون عن آل الله وعترة رسوله فكانت هذه الموسوعة المباركة التي اسميتها (موسوعة العترة الطاهرة والتي صدر منها بين يديك اخي القاريء العدد الاول باسم (فاطمة الزهراء الحوراء الانسية) و سيليه العدد الثاني (علي صراط الله المستقيم) و أسأله تعالى ان يمدني باسباب التوفيق لاكمالها ويتقبل مني هذا العمل في سبيله لارشاد عباده فإن الفتن كما يقول سيدنا ومولانا اميرالمؤنين ( عليه السلام ) إذا أقبلت شبّهت وإذا أدبرت نبهت اللهم اعصمنا بلطفك ونبهنا من الغفلة برحمتك وأنر قلوبنا بنور محبتك يا ارحم الراحمين. قال تعالى:

والذين اجتنبوا الطاغوت ان يعبدوها وأنابوا الى الله لهم البشرى فبشر عباد* الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم اولوا الالباب )

 

الاهداء:

اليك يا رسول الله …

يا من نور الله به الارض فاشرقت بنور ربها

اليك ايها الصادق الحبيب المظلوم في عترته

أرفع هذا الجهد القليل عن بضعتك الطاهرة بل ثمرة فؤادك وروحك التي بين جنبيك.

يا رسول الله: ما أشد ما يستغربه الانسان المسلم بل المنصف حينما يقرأ ما صنعه القوم بعد وفاتك مع أحب خلق الله اليك!!

أترى كان ذلك مجازاة لك على عظيم النعمة!؟

ام كان ذلك مراقبة لله تعالى في اوليائه واصفيائه!!؟

ام كان ذلك ما تقتضيه الانسانية والفعل الجميل في المثكول والمفجوع!! وأي مثكول ومفجوع هو!!؟ وأي فاجعة كانت ؟ وأي مصيبة اعظم على الزهراء واهل بيتها من فقدان رسول الله وخاتم النبيين (صلى الله عليه و آله ) حتى لقد قال علي (عليه السلام ) : (بتنا ليلة قبض رسول الله كأن لا أرض تُقِلنا ولا سماء تُظِلُّنا).

هذا وقد حذرت الامة من الاختلاف وانذرتها من الارتداد وقمت مقاماً بعد مقام مذكراً بمنزلة أهل بيتك داعياً الى الاعتصام بهم فالمتقدم لهم مارق والمتخلف عنهم زاهق وهم الاعلم وهم الافضل وهم الامان من كل ضلال وفرقة مؤكداً نداء الفطرة قائلاً: (المرء يحفظ في ولده) فماذا عساك ان تقول يا سيدي اكثر من هذا للتحذير من الفتنة والارتداد على الاعقاب وقد قلت فيما قلت من أحاديث الحوض: روى البخاري ومسلم ان رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم ) قال : (يرد عليّ يوم القيامة رهط من أصحابي فيحلؤون عن الحوض فأقول يا رب اصحابي فيقول: انه لا علم لك بما أحدثوا بعدك انهم ارتدوا على أدبارهم القهقرى).

فإلى مقامك الشامخ ارفع بضاعتي هذه عن بضعتك الطاهرة التي ارادت بحزنها و دموعها وآلامها و بليغ خطاباتها ان تعدل الاعوجاج وتقوم الانحراف ولكن… هيهات ليقضي الله امراً كان مفعولا.

وهل أحدٌ أولى بابنتك منك فتقبل يا سيدي جهد المقلّ المذنب وامنحني رضاك فهو حسبي يوم القاك بين يدي الله الغفور الرحيم.

 

المولد الطاهر والعنايات الالهية :

كانت ولادة الزهراء (سلام الله عليها ) في العشرين من جمادى الآخرة في السنة الخامسة من البعثة النبوية.

أما كيفية حملها وولادتها ففيه من الأخبار المشوِّقة ما نسوقه اليك:

عن الرضا (عليه السلام ) قال : (قال النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : لما عُرِج بي إلى السماء أخذ بيدي جبرئيل ( عليه السلام ) فأدخلني الجنة فناولني من رطبها فأكلته فتحول ذلك نطفة في صلبي فلما هبطت الى الأرض واقعت خديجة فحملت بفاطمة (عليها السلام ) ففاطمة حوراء إنسيه فكلما اشتقت الى رائحة الجنة شممت رائحة ابنتي فاطمة).

عن عائشة قالت : (قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم ) لما أسري بي الى السماء أُدخلت الجنة فوقفت على شجرة من أشجار الجنة لم أر في الجنة أحسن منها ولا أبيض ورقاً ولا أطيب ثمرة فتناولت ثمرة من ثمرتها فأكلتها فصارت نطفة في صلبي فلما هبطت الى الأرض واقعت خديجة فحملت بفاطمة فإذا أنا اشتقت الى ريح الجنة شممت ريح فاطمة).

وقد روى صاحب الذخائر بسنده عن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) انه قال : (لما أرادت خديجة أن تضع حملها بعثت الي نساء قريش ليأتينها فيلين منها ما تلي النساء ممن تلد فلم يفعلن فقلن لانأتيك وقد صرت زوجة محمد فبينما هي كذلك إذ دخل عليها أربع نسوة عليهن من الجمال والنور ما لا يوصف فقالت لها إحداهن أنا أمك حواء وقالت الأخرى أنا آسية بنت مزاحم وقالت الأخرى أنا كلثم أخت موسى وقالت الأخرى أنا مريم بنت عمران ام عيسى جئنا نلي من أمرك ما تلي النساء قالت : فولدت فاطمة ( سلام الله عليها ) فوقعت حين وقعت على الأرض ساجدة رافعة إصبعها).

وفي يوم من الأيام دخل رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فسمع خديجة تحدث فاطمة (عليها السلام ) فقال لها: (يا خديجة من تحدثين؟ قالت الجنين الذي في بطني يحدثني ويؤنسني قال يا خديجة هذا جبرئيل يخبرني أنها انثى وأنها النسلة الطاهرة الميمونة وان الله تبارك وتعالى سيجعل نسلي منها وسيجعل من نسلها أئمة ويجعلهم خلفائه في أرضه بعد انقضاء وحيه).

وقد قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : (ابنتي فاطمة حوراء آدمية لم تحض ولم تطمث وإنما سماها فاطمة لان الله فطمها ومحبيها عن النار).

 

مكانتها عند رسول الله (صلى الله عليه و آله وسلم) :

كان حب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لبضعته الزهراء (عليها السلام) وشفقته عليها فوق حب الاباء وشفقتهم على ابنائهم البررة كان يؤويها الي الوارف من ظلال رحمته ويفديها بنفسه الشريفة ذكرها مرة فقال : (فداؤها أبوها فداؤها أبوها). وكان ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يحرص على تعليمها وتكريمها وبيان منزلتها العالية عند الله تعالى وعنده حتى بلغ الغاية في ذلك لتعرف الامة جليل مقامها وعظيم منزلتها.

فعن عائشة ان النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قبل يوماً نحر فاطمة (عليها السلام ) فقلت له يا رسول الله فعلت شيئاً لم تفعله فقال : (يا عائشة اني اذا اشتقت الجنة قبلت نحر فاطمة).

وعن عائشة أيضاً قالت : ما رأيت أحداً أشبه سمتاً ودلاً وهدياً برسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في قيامها وقعودها من فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قالت عائشة: وكانت اذا دخلت على النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قام اليها فقبلها واجلسها في مجلسه وكان النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) إذا دخل عليها قامت من مجلسها فقبلته واجلسته مجلسها.

وروى أبو نعيم بسنده عن ابي ثعلبة الخشني قال : قدم رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) من غزاة له فدخل المسجد فصلي فيه ركعتين ثم خرج فأتى فاطمة (عليها السلام) فبدأ بها قبل بيوت أزواجه فاستقبلته فاطمة (عليها السلام) وجعلت تقبل وجهه وعينيه وتبكي فقال لها رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ما يبكيك؟ قالت : أراك قد شحب لونك فقال لها: يا فاطمة ان الله عز وجل بعث اباك بأمرٍ لم يبق على ظهر الأرض بيت مدر ولا شعر إلاّ أدخله به عزاً أو ذلاً يبلغ حيث يبلغ الليل.

وفي صحيح أبي داود عن ثوبان مولى رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال : كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم ) اذا سافر كان آخر عهده بإنسان من أهله فاطمة ( عليها السلام ) وأول من يدخل عليه اذا قدم فاطمة (عليها السلام ).

ونظر رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) الى على وفاطمة والحسن والحسين (عليها السلام ) فقال : انا حرب لمن حاربكم سلم لمن سالمكم.

ويوم بلغت فاطمة (عليها السلام ) مبلغ النساء قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لها ولعلي (عليهما السلام عند زواجهما: اللهمّ انهما أحب خلقك اليّ فاحبهما وبارك في ذريتهما واجعل عليهما منك حافظاً واني اُعيذهما بك وذريتهما من الشيطان الرجيم.

وعن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : (فاطمة بضعة مني وهي قلبي وروحي التي بين جنبي فمن آذاها فقد آذاني ومن آذاني فقد آذي الله).

وعن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أيضا: (فاطمة بضعة مني من سرّها فقد سرني ومن ساءها فقد ساءني فاطمة أعز البريّة علي).

وعن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ( أنه قال : (إنما فاطمة بضعة مني فمن أغضبها فقد اغضبني).

وعن الامام الصادق (عليه السلام ) قال : (كانت كنية فاطمة بنت رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : أمُّ أبيها).

وعن جميع بن عمير التميمي: قال دخلت مع عمتي على عائشة فَسُئِلت أي الناس كان أحب الي رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قالت : فاطمة قيل من الرجال قالت : زوجها ان كان ما علمت صواماً قواماً.

 

أسماؤها وكُناها (صلوات الله وسلامه عليها):

روى ابن بابويه بسند معتبر عن الإمام الصادق (عليه السلام ) انه قال : (لفاطمة (عليها السلام ) تسعة أسماء عند الله عز وجل: فاطمة والصديقة والمباركة والطاهرة والزكية والراضية والمرضيّة والمحدَّثة والزهراء).

قال العلامة المجلسي في ذيل ترجمة هذا الحديث: الصديقة: بمعنى المعصومة.

والمباركة: بمعنى كونها ذات بركة في العلم والفضل والكمالات والمعجزات والأولاد.

والطاهرة: بمعنى طهارتها من صفات النقص.

والزكية: بمعنى نموّها في الكمالات والخيرات.

والراضية: بمعنى رضاها بقضاء الله تعالى.

والمرضية: بمعنى مقبوليتها عند الله تعالى.

والمحدَّثة: بمعنى حديث الملائكة معها.

والزهراء: بمعنى نورانيتها ظاهراً وباطناً.

أما كناها سلام لله عليها فقد كانت تكنى بـ: أم الحسن وأم الحسين وأم المحسن وأم الأئمة وأم أبيها.

 

معالم الشخصية السماوية للزهراء (عليها السلام) :

حينما تشرق الروح ويزهر الايمان وتتوهج العقيدة يسمو الانسان ويتعالى فإذا اضفت الى ذلك اللّمسات السماوية في كيانه والعنايات الالهية المتجلية فيه صار هذا الإنسان عنواناً آخر أو قل مخلوقاً آخر لايستطيع الانسان العادي أن يتوفر على ابعاده و كذلك كانت الزهراء روحي فداها حوراءٌ إنسية فلنتعرف على معالم شخصيتها من لسان أبيها ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ( وأهل بيتها وأبنائها (صلوات الله وسلامه عليهم اجمعين) .

عن ابن عباس قال : (كان النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يكثر من تقبيل فاطمة (عليها السلام ) فقالت له عائشة أنك تكثر من تقبيل فاطمة، فقال ان جبريل ليلة أسرى بي ادخلني الجنة فأطعمني من جميع ثمارها فصار ماء في صلبي فحملت خديجة بفاطمة فاءذا اشتقت لتلك الثمار قبلت فاطمة فاصبت من رائحتها جميع تلك الثمار التي أكلتها قال : خرجه أبو الفضل بن خيرون).

وفي ذخائر العقبى ذكر حديثاً عن أسماء في ولادة فاطمة بالحسن (عليهما السلام ) قالت أسماء: فقلت: يا رسول الله اني لم أر لها دماً في حيض ولا في نفاس، فقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : أما علمت ان ابنتي طاهرة مطهرة لايرى لها دم في طمث ولا ولادة.

قال السيوطي في الدر المنثور في ذيل تفسير قوله تعالى: سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام ) قال : واخرج الطبراني عن عائشة قالت : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : لما أسري بي الى السماء أُدخلت الجنة فوقفت على شجرة من أشجار الجنة لم أرَ في الجنة أحسن منها ولا أبيض ورقاً ولا أطيب ثمرة فتناولت ثمرة من ثمرتها فأكلتها فصارت نطفة في صلبي فلما هبطت الى الارض واقعت خديجة فحملت بفاطمة فإذا أنا اشتقت الى ريح الجنة شممت ريح فاطمة.

روى القندوزي عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : (انما سميت فاطمة البتول لانها تبتلت من الحيض والنفاس).

وكذلك روى ذلك الحضرمي .

وعن الخطيب البغدادي قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : (ابنتي فاطمة حوراء آدمية لم تحض ولم تطمث) .

روى الملا في سيرته ان النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال : (أتاني جبريل بتفاحة من الجنة فأكلتها وواقعت خديجة فحملت بفاطمة ف قالت : اني حملت حملاً خفيفاً فإذا خرجت حدثني الذي في بطني) .

وقد ورد في أحاديثنا أنها (سلام الله عليها ) سميت بالمحدَّثة لان الملائكة كانت تحدثها وجبرئيل فيهم من دون المعاينة

ودخل النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) على خديجة مرة وهي تحدث فاطمة في بطنها فقال لها: يا خديجة من تحدثين قالت : الجنين الذي في بطني يحدثني ويؤنسني فقال : يا خديجة هذا جبرئيل يبشرني انها أنثى وانها النسلة الطاهرة الميمونة، وان الله تبارك وتعالى سيجعل نسلي منها وسيجعل من نسلها أئمة ويجعلهم خلفاء في أرضه بعد انقضاء وحيه

قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : (عن ملك هبط للارض و بشرني ان الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة وان فاطمة سيدة نساء أهل الجنة) .

قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : (خير نساء العالمين أربع مريم بنت عمران وخديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد وآسية بنت مزاحم).

بل ان النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ( فضلها على سائر نساء العالمين في الدنيا والآخرة روت عائشة وغيرها عن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) انه قال : (يا فاطمة أَبشري فان الله تعالى اصطفاك على نساء العالمين وعلى نساء الاسلام وهو خير دين).

ودخل النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) على فاطمة (سلام الله عليها ) يوماً فقال : (كيف تجدينك يا بنيّه قالت اني لوجعة وانه ليزيدني انه مالي طعام آكله قال يا بنية أما ترضين انك سيدة نساء العالمين قالت يا أبة فأين مريم بنت عمران؟ قال تلك سيدة نساء عالمها وانك سيدة نساء عالمك أمَ والله زوجتك سيداً في الدنيا والآخرة).

سأل بزل الهروي الحسين بن روح (رحمه الله فقال : كم بنات رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فقال أربع فقال أيتهن أفضل؟ فقال فاطمة قال ولِمَ صارت أفضل وكانت أصغرهن سناً وأقلهن صحبةً لرسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ( قال : لخصلتين خصها الله بهما: أنها ورثت رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم )( ونسل رسول الله( صلى الله عليه وآله وسلم ) ( منها ولم يخصها بذلك الا بفضل وإخلاص عرفه من نيتها.

وعن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : (ان الله ليغضب لغضب فاطمة ويرضى لرضاها)

قيل للنبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) عن فاطمة: يا رسول الله أهي سيدة نساء عالمها فقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : (ذاك لمريم بنت عمران أما إبنتي فاطمة فهي سيدة نساء العالمين من الأولين والآخرين).

وعن الامام الصادق (عليه السلام ) : (لولا ان الله خلق أمير المؤمنين لفاطمة ما كان لها كفوٌ على الأرض) .

عن الصادق (عليه السلام ) في تفسير قوله تعالى ( مرج البحرين يلتقيا ن ) قال : علي وفاطمة بحران عميقان لايبغي أحدهما على صاحبه … ( يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان ) : الحسن والحسين (عليهما السلام ) .

سُئل الامام الصادق (عليه السلام ) عن سبب تسمية فاطمة بالزهراء فقال : (لانها اذا قامت في محرابها زهر نورها لأهل السماء كما يزهر نور الكواكب لأهل الأرض).

روى الحاكم في مستدركه عن علي (عليه السلام ) : قال سمعت النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يقول: إذا كان يوم القيامة نادى منادٍ من وراء الحجاب يا أهل الجمع غضوا أبصاركم عن فاطمة بنت محمد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) حتى تمر.

وروي أنها (عليها السلام ) ربما اشتغلت بصلاتها وعبادتها فربما بكي ولدها فرأى المهد يتحرك وكأن ملك يحرّكه.

وقال الإمام أحمد بن حنبل في مسنده بسنده عن أم سلمى قالت : اشتكت فاطمة (سلام الله عليها ) شكواها التي قبضت فيها فكنت أمرضها فأصبحت يوماً كأمثل ما رأيتها في شكواها تلك قالت : وخرج عليّ (عليه السلام ) لبعض حاجته ـ فقالت يا أمه اسكبي لي غسلاً فسكبت لها غسلاً فاغتسلت كأحسن ما رأيتها تغتسل ثم قالت : يا امه اعطيني ثيابي الجدد فاعطيتها فلبستها ثم قالت : يا امه قدمي لي فراشي وسط البيت ففعلت واضطجعت واستقبلت القبلة وجعلت يدها تحت خدها ثم قالت : يا أمه اني مقبوضة الان وقد تطهرت فلا يكشفني أحد فقبضت مكانها.

وعن ابن عباس قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : (ابنتي فاطمة حوراء آدمية لم تحض ولم تطمث وانما سمّاها فاطمة لان الله فطمها ومحبيها عن النار).

 

الآيات الكريمة النازلة بحقها وأهل بيتها (صلوات الله وسلامه عليهم اجمعين ) :

قالت العرب اذا جاء نهر الله فقد بطل نهر معقل ففي قول الله تعالى غنىً وكفاية عن كل قول وشرفاً وفخراً وعزاً لايزال أبد الدهر انظر الى القرآن الذي لايأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه كيف يذكر فاطمة وأهل بيتها (صلوات الله وسلامه عليهم اجمعين ) .
<<<< >>>>