في اشتداد علة فاطمة عليها السلام واجتماع نساء المهاجرين والأنصار وما قالت لهن ، وتوبيخ رجالهن

1 - معاني الأخبار : حدثنا أحمد بن الحسن القطان ، قال : حدثنا عبد الرحمان ابن محمد الحسيني ، قال : حدثنا أبو الطيب محمد بن الحسين بن حميد اللخمي ، قال : حدثنا أبو عبد الله محمد بن زكريا ، قال : حدثنا محمد بن عبد الرحمان المهلبي ، قال : حدثنا عبد الله بن محمد بن سليمان ، عن أبيه ، عن عبد الله بن الحسن ، عن أمه فاطمة بنت الحسين ( عليه السلام ) قالت : لما اشتدت علة فاطمة بنت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وغلبها ، اجتمع عندها نساء المهاجرين والأنصار ، فقلن لها : يا بنت رسول الله : كيف أصبحت عن علتك ؟ فقالت ( عليها السلام ) : أصبحت والله عائفة لدنياكم ، قالية لرجالكم ، لفظتهم قبل أن عجمتهم وشنئتهم بعد أن سبرتهم ، فقبحا لفلول الحد ، وخور القناة ، وخطل الرأي ، و بئس ما قدمت لهم أنفسهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون ، لا جرم لقد قلدتهم ربقتها ، وشننت عليهم غارها فجدعا ، وعقرا ، وسحقا للقوم الظالمين .

ويحهم أنى زحزحوها عن رواسي الرسالة ، وقواعد النبوة ، ومهبط الوحي الأمين ، والطبين بأمر الدنيا والدين ، ألا ذلك هو الخسران المبين ، وما نقموا من أبي الحسن ، نقموا والله منه نكير سيفه ، وشدة وطئه ، ونكال وقعته ، وتنمره في ذات الله عز وجل . والله لو تكافوا عن زمام نبذه رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) إليه لاعتلقه ، ولسار بهم سيرا سجحا ، لا يكلم خشاشه ، ولا يتعتع راكبه ، ولأوردهم منهلا نميرا فضفاضا تطفح ضفتاه ولأصدرهم بطانا ، قد تحير بهم الري غير متحل منه بطائل إلا بغمر الماء وردعة شررة الساغب ، ولفتحت عليهم بركات من السماء والأرض ، وسيأخذهم الله بما كانوا يكسبون .

ألا هلم فاسمع وما عشت أراك الدهر العجب ، وإن تعجب فقد أعجبك الحادث إلى أي سناد استندوا ، وبأي عروة تمسكوا ، استبدلوا الذنابى والله بالقوادم والعجز بالكاهل . فرغما لمعاطس قوم يحسبون أنهم يحسنون صنعا ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون ، أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع أمن لا يهدي إلا أن يهدى فما لكم كيف تحكمون .

أما لعمر إلهك لقد لقحت فنظرة ريث ما تنتج ثم احتلبوا طلاع القعب دما عبيطا ، وذعافا ممقرا ، هنالك يخسر المبطلون ، ويعرف التالون ، غب ما سن الأولون ، ثم طيبوا عن أنفسكم أنفسا ، وطأمنوا للفتنة جأشا ، وأبشروا بسيف صارم ، وهرج شامل ، واستبداد من الظالمين يدع فيئكم زهيدا ، وزرعكم حصيدا فيا حسرتي لكم ، وأنى بكم ، وقد عميت [ قلوبكم ] عليكم أن الزمكموها وأنتم لها كارهون .

ثم قال : وحدثنا بهذا الحديث [ أبو الحسن ] علي بن محمد بن الحسن المعروف بابن مقبرة القزويني قال : أخبرنا أبو عبد الله جعفر بن محمد بن حسن بن جعفر بن حسن بن حسن بن علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) قال : حدثنا محمد بن علي الهاشمي ، قال : حدثنا عيسى بن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن جده ، عن علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) قال : لما حضرت فاطمة ( عليها السلام ) الوفاة دعتني فقالت : أمنفذ أنت وصيتي وعهدي ؟ قال : قلت : بلى أنفذها فأوصت إليه وقالت : إذا أنا مت فادفني ليلا ولا تؤذنن رجلين ذكرتهما ، قال : فلما اشتدت علتها اجتمع إليها نساء المهاجرين والأنصار فقلن : كيف أصبحت يا بنت رسول الله من علتك ؟ فقالت : أصبحت والله عائفة لدنياكم ، وذكر الحديث نحوه .

قال الصدوق - رحمه الله - : سألت أبا أحمد الحسين بن عبد الله بن سعيد العسكري عن معنى هذا الحديث فقال : أما قولها صلوات الله عليها : عائفة إلى آخر ما ذكره وسنوردها في تضاعيف ما سنذكره في شرح الخطبة على اختلاف رواياتها .

2 - الإحتجاج : قال سويد بن غفلة : لما مرضت فاطمة ( عليها السلام ) المرضة التي توفيت فيها اجتمع إليها نساء المهاجرين والأنصار يعدنها ، فقلن لها : كيف أصبحت من علتك يا ابنة رسول الله ؟ فحمدت الله وصلت على أبيها ( صلى الله عليه وآله ) ثم قالت . أصبحت والله عائفة لدنياكن ، قالية لرجالكن ، لفظتهم بعد أن عجمتهم وشنأتهم بعد أن سبرتهم ، فقبحا لفلول الحد واللعب بعد الجد ، وقرع الصفاة وصدع القناة ، وخطل الآراء ، وزلل الأهواء ، وبئس ما قدمت لهم أنفسهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون ، لا جرم لقد قلدتهم ربقتها ، وحملتهم أوقتها ، وشننت عليهم غارها ، فجدعا ، وعقرا ، وبعدا للقوم الظالمين .

ويحهم أنى زعزعوها عن رواسي الرسالة ، وقواعد النبوة والدلالة ، ومهبط الروح الأمين ، والطبين بأمور الدنيا والدين ، ألا ذلك هو الخسران المبين . وما الذي نقموا من أبي الحسن ، نقموا منه والله نكير سيفه ، وقلة مبالاته بحتفه ، وشدة وطأته ، ونكال وقعته ، وتنمره في ذات الله .

وتالله لو مالوا عن المحجة اللائحة ، وزالوا عن قبول الحجة الواضحة لردهم إليها ، وحملهم عليها ، ولسار بهم سيرا سجحا لا يكلم خشاشه ، ولا يكل سائره ، ولا يمل راكبه ، ولأوردهم منهلا نميرا صافيا رويا تطفح ضفتاه ، ولا يترنق جانباه ولأصدرهم بطانا ، ونصح لهم سرا وإعلانا ، ولم يكن يحلي من الغنى بطائل ، ولا يحظي من الدنيا بنائل ، غير ري الناهل ، وشبعة الكافل ، ولبان لهم الزاهد من الراغب ، والصادق من الكاذب ، ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ولكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون ، والذين ظلموا من هؤلاء سيصيبهم سيئات ما كسبوا وما هم بمعجزين ، ألا هلم فاستمع وما عشت أراك الدهر عجبا وإن تعجب فعجب قولهم ، ليت شعري إلى أي سناد استندوا وعلى أي عماد اعتمدوا ، وبأية عروة تمسكوا .

وعلى أيه ذرية أقدموا واحتنكوا لبئس المولى ولبئس العشير ، وبئس للظالمين بدلا ، استبدلوا والله الذنابى بالقوادم ، و العجز بالكاهل ، فرغما لمعاطس قوم يحسبون أنهم يحسنون صنعا ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون ، ويحهم أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع أمن لا يهدي إلا أن يهدى فما لكم كيف تحكمون .

أما لعمري لقد لقحت فنظرة ريثما تنتج ، ثم احتلبوا ملء القعب دما عبيطا وذعافا مبيدا ، هنالك يخسر المبطلون ، ويعرف التالون ، غب ما أسس الأولون ثم طيبوا عن دنياكم أنفسا ، واطمئنوا للفتنة جأشا ، وأبشروا بسيف صارم وسطوة معتد غاشم ، وبهرج شامل ، واستبداد من الظالمين ، يدع فيئكم زهيدا وجمعكم حصيدا ، فيا حسرة لكم ، وأنى بكم ، وقد عميت عليكم أنلزمكموها وأنتم لها كارهون .

قال سويد بن غفلة : فأعادت النساء قولها ( عليها السلام ) على رجالهن فجاء إليها قوم من وجوه المهاجرين والأنصار معتذرين ، وقالوا : يا سيدة النساء لو كان أبو الحسن ذكر لنا هذا الامر من قبل أن نبرم العهد ، ونحكم العقد ، لما عدلنا إلى غيره فقالت ( عليها السلام ) : إليكم عني فلا عذر بعد تعذيركم ، ولا أمر بعد تقصيركم .

3 - أمالي الطوسي : الحفار ، عن إسماعيل بن علي الدعبلي ، عن أحمد بن علي الخزاز ، عن أبي سهل الدقاق ، عن عبد الرزاق ، وقال الدعبلي : وحدثنا إسحاق بن إبراهيم الديري ، عن عبد الرزاق ، عن معمر ، عن الزهري ، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود ، عن ابن عباس قال : دخلن نسوة من المهاجرين والأنصار على فاطمة بنت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يعدنها في علتها ، فقلن : السلام عليك يا بنت رسول الله - ( صلى الله عليه وآله ) - كيف أصبحت ؟ فقالت : أصبحت والله عائفة لدنياكن ، قالية لرجالكن ، لفظتهم بعد إذ عجمتهم وسئمتهم بعد أن سبرتهم ، فقبحا لأفون الرأي ، وخطل القول ، وخور القناة ، و لبئس ما قدمت لهم أنفسهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون ، لا جرم والله لقد قلدتهم ربقتها ، وشننت عليهم غارها ، فجدعا ورغما للقوم الظالمين . ويحهم أنى زحزحوها عن أبي الحسن ، ما نقموا والله منه إلا نكير سيفه و نكال وقعه ، وتنمره في ذات الله ، وتالله لو تكافوا عليه عن زمام نبذه إليه رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) لاعتلقه ، ثم لسار بهم سيرة سجحا ، فإنه قواعد الرسالة ، ورواسي النبوة ، ومهبط الروح الأمين ، والطبين بأمر الدين والدنيا والآخرة ألا ذلك هو الخسران المبين .

والله لا يكتلم خشاشه ، ولا يتعتع راكبه ، ولأوردهم منهلا رويا فضفاضا تطفح ضفته ، ولأصدرهم بطانا قد خثر بهم الري غير متحل بطائل إلا تغمر الناهل ودرع سورة سغب ، ولفتحت عليهم بركات من السماء والأرض ، وسيأخذهم الله بما كانوا يكسبون . فهلم فاسمع فما عشت أراك الدهر عجبا ، وإن تعجب بعد الحادث فما بالهم ؟ بأي سند استندوا ، أم بأية عروة تمسكوا ، لبئس المولى ولبئس العشير ، وبئس للظالمين بدلا .

استبدلوا الذنابى بالقوادم ، والحرون بالقاحم ، والعجز بالكاهل ، فتعسا لقوم يحسبون أنهم يحسنون صنعا ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون ، أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع أن لا يهدي إلا أن يهدي فما لكم كيف تحكمون .

لقحت فنظرة ريث ما تنتج ، ثم احتلبوا طلاع القعب دما عبيطا ، وذعافا ممضا هنالك يخسر المبطلون ، ويعرف التالون غب ما أسكن الأولون ، ثم طيبوا بعد ذلك عن أنفسكم لفتنها ، ثم اطمئنوا للفتنة جأشا ، وأبشروا بسيف صارم ، وهرج دائم شامل ، واستبداد من الظالمين ، فزرع فيئكم زهيدا ، وجمعكم حصيدا ، فيا حسرة لهم ، وقد عميت عليهم الانباء أنلزمكموها وأنتم لها كارهون .

العودة إلى الصفحة الرئيسية

www.mezan.net <‎/TITLE> ‎<META HTTP-EQUIV="Content-Type" CONTENT="text/html; charset=windows-1256">‎ ‎<META NAME="keywords" CONTENT=" السيد محمد حسين فضل الله في الميزان ">‎ ‎<META NAME="description" CONTENT=" مقولات السيد فضل الله في كتبه ">‎ ‎<META NAME="author" CONTENT=" مقولات السيد فضل الله بصوته ">‎ ‎<META NAME="copyright" CONTENT=" رأي المراجع العظام والعلماء ">‎ <‎/HEAD>