حجية ظواهر الكتاب |
مسألة: ظواهر الكتاب حجة، ويدل على ذلك أدلة كثيرة مذكورة في مظانها(1)، وهذه الجمل وما سبقها وما سيلحقها من كلمات السيدة الزهراء عليها السلام من الأدلة على ذلك. فكيف لا يكون حجة مع أن بصائره بينة وظواهره منجلية؟ وكيف لا يكون حجة وهو الضياء الساطع والنور اللامع؟ وكيف لا يكون حجة مع أن به تنال حجج الله المنورة؟ وكيف لا يكون حجة مع أن به تنال شرائعه المكتوبة؟ فظواهر القرآن حجة مطلقاً، وما ليس له ظاهر فليس حجة، مثل: المتشابه وفواتح السور ونحو ذلك، فان علمه عند اهله عليهم افضل الصلاة والسلام. وهناك التلازم بين الظهور وبين الحجية، لأن الظهور هو طريق فهم العقلاء مقاصد المتكلمين كما بين في (الاصول) مفصلاً(2). و(السرائر): جمع (سريرة) من السر، فإن الأسرار الخفية من القرآن منكشفة لمن تدبر فيها واستعان بمن نزل القرآن في بيوتهم، عليهم افضل الصلاة والسلام، ولذلك كانت دعوته سبحانه للتدبر فيه: قال الله تعالى: (أفلا يتدبرون القرآن)(3). وقال سبحانه: (لعلمه الذين يستنبطون منهم)(4). فعمقه يظهر لمن تدبر فيه، وليس من قبيل الطلاسم والغوامض والأحاجي والألغاز، كما يستعملها الكهان. (منجلية): ظاهرة (ظواهره) فليس مثل الأشياء المستورة، فلا غطاء عليه، وليس مثل كتب الفلسفة المعقدة، بل هو كالشمس المشرقة في رابعة النهار. مغتبطة به أشياعه من هم أشياع القرآن؟ مسألة: يصدق (أشياع القرآن) حقيقة على من شايعه مطلقاً، إذ المراد بالأشياع: الأتباع، والأتباع الحقيقيون وبقول مطلق هم الذين يتبعون منهج قائدهم في كل صغيرة وكبيرة. فيجب على الناس أن يجعلوا القرآن أمامهم وإمامهم، في الأصول والفروع، في السياسة والاقتصاد، وكافة مناحي الحياة، فإن المصداق الكامل لمشايع القرآن هو من كان كذلك، وإن اطلق أيضاً ـ من باب التسامح أو من باب الكلي المشكك ـ على من امتثل أوامره غالباً، أما في المستحبات فالإتباع مستحب.. وكذلك بالنسبة إلى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، والأئمة الطاهرين (صلوات الله عليهم أجمعين) وفي التاريخ: ان المرأة التي طلب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم منها الرجوع إلى زوجها، قالت: يا رسول الله أتأمرني؟ فقال صلى الله عليه وآله وسلم: لا إنما أنا شافع. قولها عليها السلام: (مغتبطة به أشياعه) فإن الناس يغبطون(5) أتباع القرآن وما هم عليه من العلم والفضيلة والعزة وسائر الفضائل ومقومات الحياة السعيدة، بسبب عملهم بالقرآن. وفي الدعاء: (واجعلني من أشياعه وأتباعه)(6). وفي الحديث عنه صلى الله عليه وآله: (..اللهم اغفر لعلي وذريته ومحبيه وأشياعه وأتباعه)(7). هذا على قراءته بنحو اسم المفعول وهو الأظهر، ويمكن أن يـــقرأ عـــلى اسم الفاعـــل والمعـــنى حينئذ: فرحة ومسرورة به أشياعه(8). قائد إلى الرضوان إتباعه إتباع تعاليم القرآن مسألة: يجب إتباع تعاليم القرآن في جميع جوانب الحياة، لأنه يقود إلى الجنة والرضوان، إضافة إلى أنه نوع شكر للمنعم، فيلزم ـ بحكم العقل ـ إتباعه. نعم الوجوب إنما هو في الواجبات، الأعم من أن يكون الفعل واجباً أو تركه، أما إتباع القرآن في مستحباته فهو من المستحب كما هو واضح. هذا وفي زيارة الجامعة: (بكم يسلك الى الرضوان)(9) فانهم (عليهم السلام) عِدل القرآن(10). و(الرضوان) هو أعلى مراتب الرضى، والمراد به: رضى الله سبحانه، أو رضاهم (أي: الرضى النفسي) قال تعالى: (يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية)(11). حرمة إتباع غير القرآن مسألة: يحرم إتباع غير القرآن، أو تقديمه على القرآن، لأنه القائد الإلهي الوحيد الذي يضمن السعادة في الدارين. وإثبات الشيء وإن كان لا ينفي ماعداه بما هو هو، إلا أن القرائن المقامية وكذا السياق قد تفيد الحصر والنفي، كما في هذه الجملة من كلامهـا، فالقـرآن هو النور و ماعداه الظلمة، أما الرسول والعترة (صلوات الله عليهـم أجمعين) فهم حملة القرآن ومفسروه كما ورد في الأحاديث بمضامين شتى(12).
|
1 - راجع الوصائل إلى الرسائل بحث حجية ظواهر الكتاب و(الاصول) للإمام المؤلف. 2 - راجع (الوصائل الى الرسائل) للامام المؤلف (دام ظله). 3 - محمد: 24، والنساء: 82. 4 - النساء: 83. 5 - غبطته: اذا تمنيت مثل ما له من غير ان تريد زواله منه. 6 - مهج الدعوات ص16 حرز لمقتدى الساجدين الإمام زين العابدين عليه السلام. 7 - المناقب ج2 ص234 فصل في محبة الملائكة اياه. 9 - من معاني الغبطة: الفرح والسرور وحسن الحال، راجع ( لسان العرب) مادة (غبط). 10 - البلد الأمين: ص302. وعيون أخبار الرضا (عليه السلام): ص276 زيارة أخرى جامعة. 11 - المناقب: ج2 ص234 فصل في محبة الملائكة إياه. 12 - الفجر: 27ـ 28. 13 - راجع (بصائر الدرجات) الجزء الأول الباب 19 في أن أئمة أهل البيت عليهم السلام هم أهل الذكر الذين أمر الله بسؤالهم، و(البصائر) الجزء الثاني الباب 8 في أن الأئمة عليهم السلام اعطوا تفسير القرآن الكريم والتأويل. |