الحجاب والساتر

تطأ ذيولها

مسألة: يحرم أن تخرج المرأة مكشوفة الساقين، ويكره أو يحرم أن تكون مكشوفة القدمين، وقد خرجت (صلوات الله وسلامه عليها) وهي (تطأ ذيولها) وهذه كناية عن أن الستر كان طويلاً جداً، وهو المطابق للاحتياط.

عباءة المرأة

مسألة: يستحب أن تكون عباءة المرأة بحيث تجر على الأرض، فإنه أستر لها، وهذا مما يستثنى مما ورد في كون الثوب قصيراً ليكون أنقى وأبقى، حيث يستحب ذلك في الرجل حيث قال (عليه السلام) عندما رأى رجلاً يجر ثوبه: (يا هذا قصر منه فإنه أتقى وأبقى وأنقى)(1).

الستر الفضفاض

مسألة: يستحب أن يكون الستر فضفاضاً، لأنه أبعد عن الإثارة وأدعى للستر.

شدة التستر

مسألة: يستحب شدة التستر، كما يستفاد من (تطأ ذيولها) فإنه كناية عن شدة التستر.

ما تخرم مشيتها مشية رسول الله (ص)

التأسي بالرسول (ص) في كل شيء

مسألة: يستحب التأسي برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في كل الأمور حتى في كيفية المشي، وقد يجب التأسي ـ في موارد الوجوب.

ولذا قال علي (عليه السلام): (فتأسى متأس بنبيه واقتص أثره وولج مولجه وإلا فلا يأمن الهلكة)(2).

أما قوله (عليه السلام): (فلا يأمن الهلكة) ـ حيث يستظهر منه أن ذلك بالنسبة إلى الواجبات وترك المحرمات ـ فلا يتنافى مع الاستحباب المطلق حيث يفهم في سائر أعماله بالملاك، بالإضافة إلى الإطلاقات مثل قوله سبحانه: (فبهداهم اقتده)(3).

وقال علي (عليه السلام): (أحب العباد الى الله تعالى المتأسي بنبيه صلى الله عليه وآله وسلم)(4).

والصديقة الطاهرة (عليها السلام) كانت تمشي كمشية رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فإن الولد سر أبيه(5).

وهل يدل ذلك على استحباب التكلف في الإقتداء بحركات العظماء من الصالحين؟.

احتمالان:

الأول: نعم، لأنه من التشبه ولو جزئيا، وهو من أسباب تقوية مكانة العظيم في الناس مما يسبب تجذر الخير فيهم وسوقهم نحوه أكثر فأكثر، وما إلى ذلك.

الثاني: العدم، بل الراوي يحكي أمراً طبيعياً من حركتها (عليها السلام).

ولاينافي عدم دلالة هذه الجملة ههنا على ذلك، القول بالاستحباب، استنادا إلى الأدلة الأخرى، كما سبق، من اطلاقات أدلة التأسي، وكونه مقدمة لسوق الناس للخير، وغير ذلك.

المشي بسكينة ووقار

مسألة: يستحب المشي على وقار وسكينة، كما يدل على ذلك بعض الروايات(6) مثل ما ورد من قوله (عليه السلام): (سرعة المشي تذهب ببهاء المؤمن)(7) وقـال(عليه السلام): (المشي المستعجل يذهب ببهاء المؤمن ويطفئ نوره)(8) إلا إذا كـان في أمر يستحب الإسراع إليه، وهذا يكون من باب قانون الأهم والمهم.

ووطأ الذيل ينتج عن طوله مع سرعة المشي أو في صورة انشغال الذهن، ولعل الثاني ههنا أقرب وأظهر.

حتى دخلت

دخول المرأة للمسجد

مسألة: يجوز للمرأة دخول المسجد(9)، لقول الراوي (حتى دخلت) ولغيره.

ولا يخفى أنه ربما يتنظر في القول بأفضلية صلاة المرأة في بيتها(10) لأنا نجد ان رسول الله وعلياً (عليهما الصلاة والسلام) ما كانا يأمران النساء بالبقاء في البيوت للصلاة، وإنما كانت النساء يحضرن المسجد للصلاة خلف الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) وللاستماع إلى الخطبة، وقد عين (صلى الله عليه وآله وسلم) امرأة للصلاة جماعة بالنساء، وكذلك بالنسبة إلى علي (عليه الصلاة والسلام) كما يفهم من جملة من الروايات الواردة في حالاتهما (صلوات الله عليهما).

وما ورد من أن (خير مساجد نسائكم البيوت)(11) مع قطع النظر عن كونها مرسلة، قد يحمل ـ جمعاً بينها وبين عمل الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) والإمام علي (عليه السلام) وما أشبه ذلك ـ على كونه قضية خاصة في زمن خاص أو ظرف خاص، أو فيمن يخاف عليهن الافتتان أو شبه ذلك مما يدخل في باب التزاحم.

طرح القضايا في المسجد

مسألة: يستحب طرح القضايا المهمة في المسجد، لما فيه من إعطاء المحورية للمسجد في حياة الناس، ولأنه أقرب إلى عناية الله تعالى ولطفه، ولأنه بما يحمل من روحانية وتذكير بالخالق المتعال أدعى لقبول الحق والبعد عن الباطل.

وقد كان الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) يصلي في المسجد ويخطب فيه ويوجه الناس في شؤون السلم والحرب والأخلاق والسياسة وغيرها(12) كما كان المسجد مركزاً لحل مشاكل الناس في عهده (صلى الله عليه وآله وسلم) وعهد أمير المؤمنين (عليه السلام) وهكذا.

طرح القضايا أمام الناس

مسألة: يستحب طرح القضايا المهمة أمام الناس، وقد يجب في الجملة، فإنه إرشاد للجاهل أو تنبيه للغافل، وأمر بالمعروف أو نهي عن المنكر، وتعليم أو تزكية، على اختلاف الموارد.

وعموماً: فإن الناس إذا وضعوا في مجرى الأحداث التي تواجه الأمة، فكرياً أو سياسياً أو اقتصاديا أو ما أشبه ذلك فإن حصانتهم أمام الباطل واستعدادهم للإيثار والتضحية في سبيل الله سبحانه يكون أكثر فأكثر، كما هو مفصل في علم الاجتماع والنفس والأخلاق(13).

وقد قامت عليها السلام بكلا الأمرين: حيث طرحت ظلامتها في المسجد وأمام الناس.

ويحتمل أن يكون خصوص الطرح في المسجد بما هو مسجد على سبيل الاستحباب كما يحتمل أن يكون على سبيل الجواز.

والحاصل: أن الجواز بالمعنى الأعم، يستفاد من هذا الحديث، وإن كان الجواز بالمعنى الأخص، إباحة أو استحبابا أو وجوباً، حسب الموازين العامة.

 

1 - دعوات الراوندي: ص 131 ح 326 فصل في فنون شتى من حالات العافية والشكر لشكر عليها. وفي (فقه القرآن) ج1 ص68: (ورأى علي(عليه السلام) من يجر ذيله لطوله، فقال له: قصر منه فانه اتقى وأنقى وأبقى).

2 - نهج البلاغة: الخطبة 160.

3 - الأنعام: 90.

4 - غرر الحكم ودرر الكلم ص110 الفصل الثالث في التأسي ح1949.

5 - كشف الغمة ج2 ص65 فصل نذكر هنا أموراً وقعت بعد قتله(عليه السلام).

6 - قد ورد في الروايات: (وتخرج بسكينة ووقار).. (ثم امض اليهم بسكينة ووقار).. (والخروج بسكينة ووقار).. (الخروج بسكينة خاشعاً).. (ومن دخل بسكينة) وما أشبه، راجع الامان من أخطار الأسفار ص104، والمقنعة ص225، ومصباح الكفعمي ص417، والمحاسن ص14 و67.

7 - الخصال: ج1 ص9 ح 30 خصلة تذهب ببهاء المؤمن. وبحار الأنوار ج73 ص302 ب57 ح5. والبحار ج74 ص141 ب7 ح1.

8 - بحار الأنوار ج75 ص255 ب23 ح108.

9 - الجواز هنا بالمعنى الأعم.

10 - راجع (العروة الوثقى) لليزدي ج1 كتاب الصلاة فصل في بعض أحكام المسجد، المسألة الثانية، وفيه: (صلاة المرأة في بيتها افضل من صلاتها في المسجد) ولكن فـي موسوعـة الفقه ج19 ص297 كتاب الصلاة فصل في بعض أحكام المسجد، المسألة الثانية: (قد تقدم ان صلاة المرأة في بيتها ليست أفضل من صلاتها في المسجد وان ذكر جماعة ذلك، بل صلاتها في المسجد مثل صلاة الرجل في الفضل).

11 - جامع أحاديث الشيعة: ج4 ص454 ح 1. وبحار الانوار ج80 ص371 ب8ح32 عن نهاية الشيخ. وروضة الواعظين ص338 مجلس في ذكر فضائل المساجد، عن الصادق(عليه السلام).

12 - راجع كتاب (ولأول مرة في تاريخ العالم ج 1ـ2) للإمام المؤلف دام ظله.

13 - راجع (الفقه: الاجتماع) و(الفقه: الدولة الإسلامية) و(الفقه: علم النفس) و(الفضيلة الإسلامية) للإمام المؤلف.