القسم الخامس

أو نجم قرن الشيطان

المبادرة

مسألة: تجب المبادرة للتصدي للفتن بمجرد أن ينجم قرنها، كما كان (صلى الله عليه وآله وسلم) يصنع، تأسياً به (صلى الله عليه وآله وسلم)، ولأنه من إحكام الأمر وإتقانه، وقد ورد في الحديث: (رحم الله امرأ عمل عملا فأتقنه)(1) ولما فيه من درء المفاسد الكثيرة التي تترتب على التأخير.

ومن البين إن ذلك يتوقف ـ فيما يتوقف ـ على بعد النظر والرؤية المستقبلية كي يتنبأ الإنسان مسبقاً بما سيجري ويعرف أن هذه مقدمة بعيدة لذاك، وما يجري هو لبنة في بناء مستقبلي كذائي، وقد ورد في وصف أمير المؤمنين علي (عليه الصلاة والسلام): «كان والله بعيد المدى شديد القوى يقول فصلاً، ويحكم عدلاً…»(2).

قال أمير المؤمنين (عليه السلام): «رحم الله امرئ رأى حقاً فأعان عليه ورأى جوراً فرده وكان عوناً بالحق على صاحبه»(3).

وقال (عليه السلام): «رحم الله امرئ أحيى حقاً وأمات باطلاً وادحض الجور وأقام العدل»(4).

ترصد الفتن

مسألة: يجب الترصد الدائم والتفحص الحثيث عن أية فتنة قد تحدث، كما أشارت إلى ذلك (عليها السلام) في قولها: (كلما … نجم … أو فغرت... قذف أخاه…) حيث كان (عليه السلام) دائم اليقظة والحذر.

وفي الحديث الشريف عنه (عليه السلام): «ستكون من بعدي فتنة، فإذا كان ذلك فالزموا علي بن أبي طالب، فانه أول من يراني وأول من يصافحني يوم القيـــامة وهو معــي فـــي السمـــاء الأعـــلى وهـــو الفاروق بـــين الحق والباطل». وهذه الرواية نقلها العامة أيضاً (5).

وقال (عليه السلام): «ستكون بعدي فتنة مظلمة، الناجي منها من تمسك بالعروة الوثقى، فقيل: يا رسول الله وما العروة الوثقى، قال: ولاية سيد الوصيين، قيل: يا رسول الله ومن سيد الوصيين، قال: أمير المؤمنين، قيل: يا رسول الله ومن أمير المؤمنين، قال: مولى المسلمين وإمامهم من بعدي، قيل: يا رسول الله ومن مولى المسلمين وإمامهم من بعدك، قال: أخي علي بن أبي طالب(عليه السلام)»(6).

وعن الإمام الصادق (عليه السلام): «وقد حذرنا الله تبارك وتعالى من فتنة الشيطان فقال: (يا بني آدم لا يفتننكم الشيطان كما أخرج أبويكم من الجنة)(7)»(8).

وقال تعالى: (وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة)(9).

وعلى ذلك فإنه من غير الصحيح اعتزال الناس، والابتعاد عن الخوض في البحوث السياسية والاقتصادية وشبهها مما يعرف الإنسان على خطط الاستعمار وبرامجهم، ومن أين ينفذون؟ وكيف؟ ومتى؟ ومن هم عملاؤهم؟ وغير ذلك.

ومن الخطأ توهم أن ذلك الانعزال والابتعاد فضيلة بل الأمر بالعكس تماما، فإن «العالم بزمانه لا تهجم عليه اللوابس»(10).

وقال (عليه السلام) في وصيته لأبي ذر: «وعلى العاقل أن يكون بصيراً بزمانه»(11).

أما أخبار الاعتزال فالمقصود بها شيء آخر كما بيناه في بعض كتبنا(12).

وقال الإمام الصادق (عليه السلام): «الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر خلقان من خلق الله تعالى فمن نصرهما أعزه الله تعالى ومن خذلهما خذله الله تعالى»(13).

قال (عليه السلام): «فضل العالم على العابد بسبعين درجة، بين كل درجتين حضر الفرس سبعين عاما، وذلك ان الشيطان يصنع البدعة فيبصرها العالم فينهي عنها، والعابد مقبل على عبادته لا يتوجه لها ولا يعرفها»(14).

وقال (عليه السلام): «فضل العالم على العابد كفضلي على سائر الأنبياء»(15).

وقال (عليه السلام): «ساعة من عالم يتكئ على فراشه ينظر في علمه خير من عبادة العابد سبعين عاما»(16).

وربما يتوهم إن (أو نجم قرن للشيطان أو فغرت فاغرة من المشركين) و(قذف أخاه في لهواتها) خاص بشؤون الحرب، لكن الظاهر شمولية ذلك لكل فتنة ومشكلة سياسية أو اقتصادية أو عسكرية أو أمنية أو اجتماعية أو غيرها، وذلك لأن الأصل في العطف ذلك(17).

وفي الواقع الخارجي خير شاهد ودليل على ذلك(18) إضافة إلى ظهور (نجم قرن الشيطان…أو فغرت...) فيه.

 

أو فغرت فاغرة من المشركين

الموقف المناسب

مسألة: يجب أن يتخذ الإنسان الموقف المناسب إذا فغرت فاغرة من المشركين.

قولها (سلام الله عليها): (أو فغرت فاغرة من المشركين) يقال: فغر فاه أي: فتحه، والمراد به تجمع المشركين لأجل محاربة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).

وهناك فرق بين (نجم) و(فغر)، فالنجم: الأول، والفغر: التهيؤ والاستعداد، فإنه بعد ظهور القرن يظهر الفم الذي يهدف التهام الحق، ولا يراد بذلك الفم حقيقة وإنما هو نوع تشبيه، للذين يريدون إبطال الحق وإزهاقه بالفم الذي يهم بقضم الطعام والتهامه.

قال أمير المؤمنين علي (عليه السلام): «ما رأيت منذ بعث الله محمداً (عليه السلام) رخاء والحمد لله، والله لقد خفت صغيراً وجاهدت كبيراً، أقاتل المشركين وأعادي المنافقين حتى قبض الله نبيه (عليه السلام) فكانت الطامة الكبرى، فلم أزل حذرا ـ إلى أن قال: ـ والله مازلت أضرب بسيفي صبياً حتى صرت شيخاً، وأنه ليصبرني على ما أنا فيه ان ذلك كله في الله ورسوله»(19).

الأدب التصويري

مسألة: من الراجح ـ في الدعوة والتبليغ والإرشاد ـ استخدام أسلوب (الأدب التصويري) كما استخدمت السيدة الزهراء (صلوات الله عليها) هذا الأسلوب (الأدب التصويري) في مقاطع شتى من هذه الخطبة، وفي هذه المقطع حيث تقول: (كلما أوقدوا ناراً للحرب... أو نجم قرن الشيطان … أو فغرت فاغرة … قذف … في لهواتها…يطأ جناحها بأخمصه…ويخمد لهبها…الخ).

وهذا الأسلوب هو من أساليب القرآن الكريم من قبل كما في قوله سبحانه: (كزرع أخرج شطأه فازره فاستغلظ فاستوى على سوقه)(20).

وقوله تعالى: (مثل نوره كمشكاة فيها مصباح، المصباح في زجاجة، الزجاجة كانها كوكب دري يوقد من شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية يكاد زيتها يضئ ولو لم تمسسه نار نور على نور)(21).

وقوله سبحانه: (ولا تمش في الأرض مرحاً إنك لن تخرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولا)(22).

وقوله تعالى: (وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا)(23).

ثم إنه هل التشبيه والتمثيل من أصناف الأدب التصويري فهو مقسم لها، أم أنه مختص بتنزيل حقيقة منزلة أخرى (كالمعنوية منزلة المادية) دون استخدام أداة تشبيه؟ مبحث يرتبط بعلم البلاغة.

 

قذف

التعرض لصفات الإمام (عليه السلام) والتعريف به

مسألتان: تنقسم الصفات التي تحلى بها الإمام علي ابن أبي طالب (عليه السلام)، إلى ما تجب معرفته ويجب التعريف به والإعلان عنه، وإلى ما يستحب معرفته والتعريف به.

فإمامته وخلافته من القسم الأول وهو واجب عيني في معرفته، ونصرته للإمام والمسلمين وشده أزر الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) في المواطن الصعبة حيث كان منهجه (صلى الله عليه وآله وسلم) (أن يقذف أخاه في لهواتها) من القسم الأول أيضا في الجملة، ومعرفة كثير من صفاته والتعريف بها مستحب بما هي هي، إلا فيما لو وجدت جهة المقدمية(24) فتجب عندئذ عينا أو كفاية(25).

وفي التاريخ إن رجلاً قال لابن عباس:«سبحان الله ما أكثر مناقب علي وفضائله، اني لأحسبها ثلاثة آلاف منقبة، قال ابن عباس: أو لا تقول انها إلى ثلاثين ألف أقرب»(26).

نعم إن فضائله (عليه السلام) اكثر من أن تحصى ومن أن يعرفها أحد، قال رسول الله(صلى الله عليه وآله): «يا علي ما عرف الله حق معرفته غيري وغيرك، وما عرفك حق معرفتك غير الله وغيري»(27).

وقال (صلى الله عليه وآله): «جعل الله لأخي علي بن أبي طالب فضائل لا تحصى»(28).

وفي حديث آخر: «لا تحصى عددها كثرة»(29).

وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعلي بن أبي طالب (عليه السلام): «لا يتقدمك بعدي إلا كافر ولا يتخلف عنك بعدي إلا كافر وإن أهل السماوات السبع يسمونك أمير المؤمنين بأمر الله تعالى»(30).

التهلكة

مسألة: يحرم إلقاء النفس في التهلكة، ولكن ليس من مصاديقه: التضحية بالنفس في سبيل الله، فهي خارجة موضوعاً عن التهلكة كما لا يخفى(31)، فليس قذف (صلى الله عليه وآله وسلم) أخاه في لهواتها خارجاً بالتخصيص بل بالتخصص.

قال تعالى: (ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة)(32).

وقال الإمام الرضا (عليه السلام) عندما فرض عليه قبول ولاية العهد: «اللهم إنك قد نهيتني عن الإلقاء بيدي إلى التهلكة وقد أشرفت من قبل عبد الله المأمون على القتل متى لم أقبل ولاية عهده وقد أكرهت واضطررت كما اضطر يوسف ودانيال إذ قبل كل واحد منهما الولاية لطاغية زمانه، اللهم لا عهد لي إلا عهدك، ولاولاية لي إلا من قبلك، فوفقني لاقامة دينك وإحياء سنة نبيك، فانك أنت المولى والنصير، نعم المولى أنت ونعيم النصير»(33).

وفي تفسير العياشي عن حذيفة قال: (ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة): «هذا في التقية»(34).

وقال النبي (صلى الله عليه وآله): «يا علي انك ستلقى من قريش شدة من تظاهرهم عليك وظلمهم لك، فان وجدت أعواناً فجاهدهم، فقاتل من خالفك بمن وافقك فان لم تجد أعواناً فاصبر واكفف يدك ولا تلق بيدك إلى التهلكة، فإنك مني بمنزلة هارون من موسى ولك بهارون أسوة حسنة، انه قال لأخيه موسى (ان القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني)(35)»(36).

وعن اسلم قال: «غزونا نهاوند أو قال غيرها، واصطفينا والعدو صفين لم أر أطول منهما ولا أعرض، والروم قد الصقوا ظهورهم بحائط مدينتهم، فحمل رجل منا على العدو، فقال الناس: لا إله إلا الله، ألقى بنفسه إلى التهلكة، فقال أبو أيوب الأنصاري: إنما تؤولون هذه الآية على أن حمل هذا الرجل يلتمس الشهادة، وليس كذلك، إنما نزلت هذه الآية فينا، لأنا كنا قد اشتغلنا بنصرة رسول الله (صلى الله عليه وآله) وتركنا أهالينا وأموالنا أن نقيم فيها ونصلح ما فسد منها فقد ضاعت بتشاغلنا عنها فانزل الله إنكارا لما وقع في نفوسنا من التخلف عن نصرة رسول الله (صلى الله عليه وآله) لإصلاح أموالنا، (ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة)(37) معناه إن تخلفتم عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأقمتم في بيوتكم ألقيتم بأيديكم إلى التهلكة وسخط الله عليكم فهلكتم، وذلك رد علينا فيما قلنا وعزمنا عليه من الإقامة، وتحريض لنا على الغزو وما أنزلت هذه الآية في رجل حمل على العدو ويحرض أصحابه أن يفعلوا كفعله، أو يطلب الشهادة بالجهاد في سبيل الله رجاء ثواب الآخرة»(38).

هذا وقد ورد عن الإمام الباقر (عليه السلام) في تفسير قوله تعالى: (ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة): «لا تعدلوا عن ولايتنا فتهلكوا في الدنيا والآخرة»(39).

وجوب التضحية

مسألة: تجب التضحية بالحياة فيما لو توقف حفظ الإسلام عليها كما ضحى الإمام الحسين (عليه السلام) بنفسه وأولاده وأصحابه في يوم عاشوراء، وتفصيل الكلام في باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر(40).

فإن التضحية واجبة بشتى صورها حتى (بالانتحار) فيما لو توقف حفظ الإسلام عليه، وذلك مثل أن يلقي بنفسه في مدخنة سفينة العدو، حيث يوجب احتراقه وبالتالي غرق السفينة، بسبب إطفاءها، كما حدث مثل ذلك في الحرب العالمية الثانية، وكشد شريط من المتفجرات حول جسده والانبطاح مثلاً أمام دبابات العدو.

وتشخيص الصغريات والمصاديق في هذا الباب بيد شورى الفقهاء، وإلا فالفقيه العادل الجامع للشرائط، وإن لم يكن فعدول المؤمنين، وإن لم يكونوا فللمكلف نفسه لو قطع بذلك.

قال تعالى: (إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بان لهم الجنة يقاتلـون في سبيـل الله فيقتلـون ويقتلون وعداً عليه حقاً في التوراة والإنجيل

والقرآن ومن أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم)(41).

وقال أمير المؤمنين علي (عليه السلام): «أفضــل ما تـــوسل به المتـــوسلون: الإيــمـــان بـــالله ورسوله والجهاد فـــي سبيل الله» الحديث(42).

وقال (عليه السلام): «الله الله في الجهاد في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم»(43).

بين التخصص والتنويع

مسألة: هل اللازم ـ على الإنسان ـ في الواجبات الكفائية (كالصناعات والعلوم والتصدي لأعداء الإسلام) التخصص كما هو مقتضى الإتقان، أم التنويع والشمولية، كما صنع الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) بالنسبة لأمير المؤمنين علي (عليه السلام) حيث (كلما … نجم قرن للشيطان أو فغرت فاغرة، من المشركين قذف أخاه في لهفاتها) فتأمل؟

وهل الأصل هذا أم ذاك، أم يقال بالتفصيل؟

وجوه، والظاهر إن الأمر يختلف باختلاف الأفراد، قوة وضعفاً، ومن حيث تنوع القابليات والقدرات و… والظروف والحاجات وغيرها.

التصدي بسرعة

مسألة: يجب التصدي للفتن بسرعة وقوة كما هو المستفاد من عمله (صلى الله عليه وآله وسلم) ومن قولها (عليها السلام): (قذف أخاه…)، ومن البين أن القذف هــو الـــرمي بقـــوة وشدة، والسرعـــة تستفاد من السياق (كلما…قذف) ومن مـــادة (قـــذف) أيـــضاً.(44)

وهي من مصاديق (المسارعة) الواجبة كتاباً(45) وسنة وعقلا في الجملة، وإن كان بعض مصاديقها مستحبة.

قال أمير المؤمنين (عليه السلام): «من ارتقب الموت سارع في الخيرات»(46).

وقال (عليه السلام): «من اشتاق إلى الجنة سارع إلى الخيرات»(47).

 

أخــاه

التضحية بالمهم

مسألة: لا تجوز التضحية بالأهم مع كفاية المهم، ولذلك كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقذف أخاه في لهواتها وكان أمير المؤمنين علي (عليه السلام) يبادر لوقاية رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بنفسه كما في ليلة المبيت.

وقد روى الفريقان أنه «لما أراد النبي (صلى الله عليه وآله) الهجرة خلف علياً (عليه السلام) لقضاء ديونه ورد الودائع التي كانت عنده، وأمره ليلة خروجه إلى الغار وقد أحاط المشركون بالدار، أن ينام على فراشه، وقال: يا علي اتشح ببردي الحضرمي ثم نم على فراشي…

فأوحى الله عزوجل إلى جبرئيل وميكائيل إني قد آخيت بينكما وجعلت عمر أحدكما أطول من الآخر، فايكما يؤثر صاحبه بالحياة، فاختار كل منهما الحياة، فأوحى الله عزوجل إليهما: ألا كنتما مثل علي بن أبي طالب، آخيت بينه وبين محمد، فبات على فراشه يفديه بنفسه ويؤثره بالحياة، اهبطا إلى الأرض فاحفظاه من عدوه، فنزلا فكان جبرئيل عند رأسه وميكائيل عند قدميه، وجبرئيل يقول (عليه السلام): بخ بخ من مثلك يا ابن أبي طالب يباهي الله بك ملائكته، فانزل عزوجل على رسوله (صلى الله عليه وآله) وهو متوجه إلى المدينة في شأن علي بن أبي طالب (عليه السلام): (ومن الناس من يشري نفسه)(48) الآية»(49).

وكذلك في يوم أحد حيث قال جبرئيل: «يا محمد ان هذه لهي المواساة من علي (عليه السلام)، قال (صلى الله عليه وآله): لأنه مني وأنا منه، فقال جبرئيل: وأنا منكما يا رسول الله، ثم قال: لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا علي»(50).

التركيز على مركز الفساد

مسألة: يجب على القادر كفائياً، التركيز على مركز الفساد وعين الفتنة وقطب رحى الأعداء، كما صنع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حيث (قذف أخاه في لهواتها) تركيزا عليها، وقد سبق ما يدل على ذلك.

التضحية حتى بالأحب

مسألة: يجب الإيثار والتضحية بكل شيء حتى أحب الأشياء وأعز الأشخاص ـ فيما لو توقف واجب أهم كحفظ بيضة الإسلام عليه ـ كما قالت (سلام الله عليها): (قذف أخاه…).

فإن الإنسان يجب عليه أن يضحي بنفسه وبأعز ما لديه حتى ينتصر الحق، وقد قال أمير المؤمنين (عليه الصلاة والسلام): ـ كما في نهج البلاغة ـ (فلما علم الله منا الصدق أنزل علينا النصر).(51)

وإنما كان الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) لا يباشر الحرب بنفسه محافظة منه على القيادة كما هو واضح، وقذف أخاه في لهواتها رغم انه خليفته، لعدم وجود البديل، وأما في الحروب الثلاثة بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فإنه (عليه السلام) كان يقود الحرب، وكان يقتحم صفوف الأعداء بنفسه أيضاً إما تشجيعاً، وإما لتوقف شحذهم الجيش، وبالتالي الانتصار على نزوله شخصيا لساحة المعركة، أو لاطمئنانه بالغلبة وعدم مقدرتهم على قتله لو أقتحم، فتأمل.

انتخاب الكفء

مسائل: يجب انتخاب الأكفاء للمواقع الحساسة ويجب عليهم وجوبا كفائيا القبول، كما صنع (صلى الله عليه وآله وسلم) وكما فعل (عليه السلام).

ويحرم فيها تحكيم (الروابط) على (الضوابط).

وأما انتخاب غير الأكفاء للمواقع غير الحساسة فهو بين محرم ـ كما لو كان فيه إضاعة حق، أو عد تفريطا في الأمانة، أو كان على خلاف مرتكز أو شرط الموكل، أو ما أشبه ذلك ـ ومكروه.

ولو دار الأمر بين الكفوء والأكفأ في المواقع الحساسة كان من تعدد المطلوب، وربما وجب.

وما ذكرناه من أدلة لزوم شورى الفقهاء، فان الشورى أكثر كفاءة من الفرد كما لا يخفى.

ويحرم أن يتصدى غير الكفوء لمنصب لا يليق به، ولذلك وردت روايات كثيرة في ذم من يتصدى لشؤون المسلمين وفيهم من هو أعلم منه.

قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «من أم قوماً وفيهم من هو أعلم منه لم يزل أمرهم إلى سفال إلى يوم القيامة»(52).

وفي حديث: «وفيهم من أعلم منه وأفقه»(53).

وقال (صلى الله عليه وآله): «إن الرئاسة لا تصلح إلا لأهلها، فمن دعا الناس إلى نفسه وفيهم من اهو أعلم منه لم ينظر الله إليه يوم القيامة»(54).

وقال (صلى الله عليه وآله): «ألا ومن أم قوماً إمامة عمياء وفي الأمة من هو أعلم منه فقد كفر»(55).

وفي تفسير العياشي عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «من ضرب الناس بسيفه ودعاهم إلى نفسه وفي المسلمين من هو أعلم منه فهو ضال متكلف»(56).

وقال (صلى الله عليه وآله): «ما ولت أمة أمرها رجلاً وفيهم من هو أعلم منه إلا لم يزل يذهب أمرهم سفالاً حتى يرجعوا إلى ما تركوا»(57).

والإمام الحسن المجتبى (عليه السلام) قام على المنبر حين اجتمع الناس مع معاوية فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: «أيها الناس إن معاوية زعم أني رأيته للخلافة أهلاً ولم أر نفسي لها أهلا، وكذب معاوية أنا أولى الناس في كتاب الله عزوجل وعلى لسان رسول الله (صلى الله عليه وآله)، أقسم بالله لو أن الناس بايعوني وأطاعوني ونصروني

لأعطتهم السماء قطرها والأرض ببركتها ولما طمعت فيها يا معاوية وقد قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما ولت أمة أمرها رجلاً قط وفيهم من هو أعلم منه إلا لم يزل أمرهم يذهب سفالاً حتى يرجعوا إلى ملة عبدة العجل وقد ترك بنو إسرائيل هارون واعتكفوا على العجل وهم يعلمون ان هارون خليفة موسى (عليه السلام)»(58).

وقال (عليه السلام): «من دعا إلى نفسه وفيهم من هو أعلم منه فهو ضال مكلف»(59).

وروي عن العالم (عليه السلام): «من دعا الناس إلى نفسه وفيهم من هو أعلم منه فهو مبتدع ضال»(60).

وعن أبي ذر (رضي الله عنه): «إن إمامك شفيعك إلى الله تعالى فلا تجعل شفيعك إلى الله سفيهاً ولا فاسقا»(61).

ذكر الإمام (عليه السلام) كلما ذكر الرسول (صلى الله عليه وآله)

مسألة: يستحب ذكر الإمام أمير المؤمنين علي (عليه السلام) كلما ذكر الرسول(صلى الله عليه وآله) كما شفعت (صلوات الله عليها) ذكره (عليه السلام) بذكره (صلى الله عليه وآله).

فقد ذكرت (عليها السلام) الرسول (صلى الله عليه وآله) بصفات جمة كما تقدم، وهكذا ذكرت أمير المؤمنين عليا (عليه الصلاة والسلام) بصفات جمة تعريفا به (عليه الصلاة والسلام) ولإفادة أن علياً (عليه السلام) له من المكانة الرفيعة ما يستحق بها الخلافة والقيادة بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله).

قال الإمام الصادق (عليه السلام): «من قال لا إله إلا الله، محمد رسول الله، فليقل: علي أمير المؤمنين»(62).

وعنه (عليه السلام) قال: «الكـــلم الطــيب(63) قــول المؤمــن: لا إله إلا الله، محمــد رســول الله، عــلي ولي الله وخليفة رسول الله»(64).

وفي الحديث أنه: «كان نقش خاتم آدم (عليه السلام): لا إله إلا الله، محمد رسول الله، علي ولي الله»(65).

وقال (عليه السلام): «من صاغ خاتماً من عقيق فنقش فيه: محمد نبي الله وعلي ولي الله، وقاه الله ميتة السوء ولم يمت إلا على الفطرة»(66).

وعن ابن عباس قال حدثنا رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: «لما عرج بي إلى السماء رأيت على باب الجنة مكتوباً: لا إله إلا الله، محمد رسول الله، علي ولي الله، والحسن والحسين سبطا رسول الله، وفاطمة الزهراء صفـوة الله، وعـلــى ناكــرهم وباغضهم لعنة الله تعالى»(67).

وفي حديث عنه (صلى الله عليه وآله) قال: «أما أبواب الجنة، فعلى الباب الأول مكتوب: لا إله إلا الله، محمد رسول الله، علي ولي الله»(68).

وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «والذي بعثني بالحق بشيراً ونذيراً ما استقر الكرسي والعرش ولا دار الفلك ولا قامت السماوات والأرضون إلا كتب الله عليها: لا إله إلا الله، محمد رسول الله، علي ولي الله»(69).

وقال (صلى الله عليه وآله): «إن العبد إذا قال في أول وضوئه أو غسله من الجنابة: سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت استغفرك وأتوب إليك، وأشهد أن محمداً عبدك ورسولك، وأشهد أن علياً وليك وخليفتك بعد نبيك على خلفيتك، وان أولياءه وأوصياءه خلفاؤك، تحاتت عنه ذنوبه كلها كما يتحات ورق الشجر، وخلق الله بعدد كل قطرة من قطرات وضوئه أو غسله ملكاً يسبح الله ويقدسه ويهلله ويكبره ويصلي على محمد وآله الطيبين وثواب ذلك لهذا المتوضئ» الحديث(70).

الشهادة الثالثة في الأذان

مسألة: ونظراً لهذا الكلي ولروايات عديدة(71) التزمنا تبعا لعدد من الفقهاء(72) باستحباب الشهادة الثالثة (أشهد أن عليا ولي الله) في الأذان والإقامة بل وجزيتها أيضا(73)، وقد ذهب البعض إلى وجوبها ـ من باب الشعارية ـ كما لايخفى.

وعن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «إنا أول أهل بيت نوه الله بأسمائنا، انه لما خلق الله السماوات والأرض أمر منادياً فنادى: أشهد أن لا إله إلا الله ثلاثاً، أشهد أن محمداً رسول الله ثلاثاً، اشهد أن علياً أمير المؤمنين حقاً ثلاثاً»(74).

اللهوات

قولها (عليها السلام): (قذف أخاه في لهواتها) أي: قذف رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أخاه عليا (عليه الصلاة والسلام) في فم تلك الحرب، فإن اللهوات جمع (لهات) ولهات عبارة عن: اللحمة في أقصى الفم، فكان علي أمير المؤمنين (عليه السلام) يغوص في عمق الجيش، يقتلهم ويقاتلهم حتى يبيدهم.

وفي التاريخ أن صعصعة خاطب الخوارج في النهروان وقال: «أولم يكن رسول الله (صلى الله عليه وآله) إذا اشتدت الحرب قدمه ـ أي علياً (عليه السلام) ـ في لهواتها فيطؤ صماخها بأخمصه، ويخمد لهبها بحده، مكدوداً في ذات الله، عنه يعبر رسول الله (صلى الله عليه وآله) والمسلمون، فانى تصرفون وأين تذهبون»(75).

والحاصل أنه كلما عرضت مشكلة أو داهية أو حرب بعث الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) أمير المؤمنين عليا (عليه السلام) لدفعها وعرّض عليا (عليه السلام) للمهالك وكان علي (عليه السلام) مقدماً على ذلك ومبادراً إلى كل ذلك.

والإتيان بـ(لهوات) بصيغة الجمع لأن للحرب لهات من اليمين واليسار والخلف والأمام والقلب، ولذا يسمى الجيش بالخميس، لأنه ذو جوانب خمسة، كما كانت العادة في تنظيم الجيوش سابقاً وهي مستمرة إلى الآن وإن تغيرت وسائل الهجوم أو الدفاع من الوسائل البدائية إلى الوسائل المعقدة كالأسلحة النارية ونحوها.

 

فلا ينكفئ حتى يطأ جناحها(76) بأخمصه

التراجع

مسألة: ينبغي للإنسان أن لا يتراجع من الأمر حتى يكمله، قال تعالى: (لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم)(77) وقد يجب ذلك فيما إذا كان مانعا عن النقيض.

وفي الحديث الشريف: (رحم الله امرأ عمل عملا فأتقنه)(78).

فالفم توطأ والقرن يقطع، وهاتان الجـــملتان إشـــارة إلى الجـــملتين السابقــتين وقــد قــدمت (عليها السلام) ما يرجع إلى الجملة الثانية(79) حيث قالت (عليها السلام): هاهنا (حتى يطأ) وأخرت ما يرجع(80) إلى الجملة السابقة حيث قالت هنالك: (أو نجم) من باب اللف والنشر المشوش، وله جمال خاص، كما أنه في عكسه أي في اللف والنشر المرتب جمال من نوع آخر أيضاً.

قولها (عليها السلام): (فلا ينكفئ) أي لا يرجع، من (انكفئ) بالهمزة بمعنى الرجوع، أي أن أمير المؤمنين علياً (عليه الصلاة والسلام) كان لا يرجع منهزماً وخائباً وخائفاً كما كان بعض الصحابة كذلك(81)، ولهذه الجملة إطلاقها الأحوالي والأزماني البين كما لا يخفى.

هذا وقد سمى رسول الله (صلى الله عليه وآله) أمير المؤمنين علياً (عليه السلام): كراراً غير فرار في حديث خيبر وغيره(82)، حيث قال (صلى الله عليه وآله): «لأعطين الراية غداً رجلاً يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله كرار غير فرار لا يرجع حتى يفتح الله على يديه، فدعا بعلي (عليه السلام) فجيء به وكان أرمـــد، فبصـــق في عــينــيــه فــبرأتا وأعـــطاه الراية فمضى وكان الفتح»(83).

الأقل والأكثر الارتباطيان

مسألة: الفتنة وأشباهها قد تكون بنحو الأقل والأكثر الإرتباطيين وقد تكون بنحو الاستقلاليين.

وبإطفائها وإخمادها نهائياً يكون المكلف قد أدى واجبه فيهما.

وبإخمادها في الجملة ـ في بعض مراحلها أو مراتبها ـ يكون في الاستقلاليين قد امتثل في الجملة، وفي الارتباطيين لا يكون ممتثلا أصلاً(84)، ولعل ذلك من أوجه (حبط الأعمال) أو شبيها به.(85)

وقولها (عليها الصلاة والسلام): (فلا ينكفئ حتى يطأ جناحها بأخمصه) يشير بإطلاقه إلى أنه (عليه الصلاة والسلام) كان ـ في كلا القسمين ـ دائم الامتثال وكامله، فهو لا يرجع ولا يتراجع حتى ينهي المهمة على أكمل وجه و(حتى يطأ جناحها باخمصه).

إذلال الكفار

مسألة: هل إذلال الكفار واجب أم حرام ؟

أما إذلال أهل الذمة بإيذائهم فمحرم، وقد ورد في الحديث الشريف: (من آذى ذميا فقد آذاني)(86)، إلا فيما كان جعله كذلك كما في قوله تعالى: (حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون)(87).

وأما الكافر الحربي فلا حرمة له في الحرب، لكن الإذلال له مطلقاً بحيث يدخل تحت عنوان الإيذاء فمشكل، نظرا لعدم القول بحلية مطلق إيذاء الكافر.

وربما قيل بأن مراتب منه(88) محللة كمـا في وصفهــا (عليها السلام) للإمام علــي (عليه السلام) هاهنا حيث قالت: (فلا ينكفئ حتى يطأ جناحها بأخمصه)، ومراتب منه مشكوكة، ومراتب محرمة، فليتأمل. فان الحكم في الحرب وغيره يختلف..

وقد ورد عن الإمام الصادق (عليه السلام): «إن علياً (عليه السلام) صاحب رجلاً ذمياً، فقال له الذمي: أين تريد يا عبد الله؟

قال: أريد الكوفة.

فلما عدل الطريق بالذمي عدل معه علي (عليه السلام)، فقال الذمي له: أليس زعمت تريد الكوفة.

قال: بلى.

فقال له الذمي: فقد تركت الطريق.

فقال له: قد علمت.

فقال له: فلم عدلت معي وقد علمت ذلك؟

فقال له علي (عليه السلام): هذا من تمام حسن الصحبة أن يشيع الرجل صاحبه هنيئة إذا فارقه، وكذلك أمرنا نبينا.

فقال له: هكذا.

قال: نعم.

فقال له الذمي: لا جرم انما تبعه من تبعه لأفعاله الكريمة وانما انا أشهدك اني على دينك، فرجع الذمي مع علي (عليه السلام) فلما عرفه أسلم»(89).

إذلال رؤوس الفتن

مسألة: هل يستفاد من (فلا ينكفئ حتى يطأ جناحها بأخمصه) جواز أو رجحان إذلال رؤوس الفتنة وعناصرها(90)؟

ربما يقال باستفادة ذلك عرفا من هذه الجملة مع لحاظ قوله تعالى: (ما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه)(91) وما أشبه ذلك.

وبلحاظ أن السيرة وبناء العقلاء على ذلك من باب المقدميّة(92) أو المقابلة بالمثل أو العقوبة أو مطلقا أو لأنه (قد أقدم)(93) فتأمل.

قولها (عليها السلام)، حسب بعض النسخ: (حتى يطأ صماخها بأخمصه)، الصماخ بمعنى ثقبة الأذن كما يعبر بالصماخ عن الأذن نفسها، ومعنى ذلك: أن أمير المؤمنين عليا (عليه الصلاة والسلام) كان يسحق تلك الفتن والحروب برجله، فإن الأخمص عبارة عما لا يصيب الأرض من باطن القدم عند المشي، وهذا التعبير كناية عن غاية تمكنه من الفتنة وسيطرته عليها وإذلال القائمين بها بحيث لا تقوم لهم قائمة بعدها أبداً.

 

ويخمد لهبها بسيفه

اخماد لهب النيران

مسألة: يجب إخماد لهب نيران الحرب كما سبق، وقولها (سلام الله عليها): (ويخمد لهبها بسيفه) يعني: ان أمير المؤمنين علياً (عليه الصلاة والسلام) كان يخمد لهيب تلك الفتن والحروب بسيفه دفاعاً عن الإسلام.

وأصل اللهيب عبارة عن لهيب النار، فشبهت لهيب الحرب بلهيب النار، وشبهت السيف بالماء الذي يصب على النار فتخمد.

وهذه الجمل السابقة واللاحقة إشارة إلى جهاد أمير المؤمنين (عليه السلام) وبلائه بلاءً حسناً مستمراً في كل القضايا الكبرى التي حولها له الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم)، فهو الذي يستحق أن يكون خليفة لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) دون غيره، إذ انه الذي خرج من كل الامتحانات الكبرى ظافراً منتصرا في أدوار شديدة الأهمية، فرآه الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وحده فقط المؤهل للتصدي لها على مر السنين.

هذا ويمكن القول بأن (حتى يطأ جناحها بأخمصه) إشارة للجانب المعنوي والاعتباري للفتنة، و(يخمد لهبها بسيفه) إشارة للجانب المادي والحسي لها، نظرا لأن للفتنة عوامل مادية محسوسة: من عدة وسلاح ورجال وأموال، وعوامل غير مادية: من تفكير وتخطيط ومؤامرات وإشاعات تهدف إضعاف معنوية جند الإسلام، إلى غير ذلك.

علم التاريخ

مسألة: كما يجب تدوين علم الرجال وعلم الحديث وشبههما مما هو مقدمة لتحصيل الأحكام الشرعية، كذلك يجب ـ وجوباً كفائياً في الجملة ـ تسجيل وقائع التاريخ وتوثيقها ومدارستها وتعليمها وجرحها وتعديلها، لكون الكثير منها يقع أيضا مقدمة لتحصيل الأحكام(94)، وأكثر من ذلك ما يقع مقدمة لـ (الفقه الأكبر)(95) ولمعرفة الحق من الباطل في الأمور العقائدية.

وقد رد في الحديث الشريف عنه (صلى الله عليه وآله): (من ورخ مؤمنا فكأنما أحياه)(96) إذ (لقد كان في قصصهم عبرة)(97) ولأنها تكشف عن (سنة الله) التي لن تجد لها تبديلا ولا تحويلا(98)..

فالمستقبل هو الوجه الآخر للتاريخ وسيصنع على ضوء ما يعرفه المرء من الماضي وعلى حسب كيفية رؤيته له إجمالا(99).

وذلك هو منهج القرآن الكريم وأهل البيت (عليهم الصلاة والسلام) في سرد قصص الأنبياء (عليهم السلام) والأمم السابقة وأحوالهم وما لهم وما عليهم.

وكلماتها (عليها السلام) في هذه الخطبة تعد من أهم المصادر التاريخية التي تكشف جانبا مما جرى يومذاك، وترسم الصورة الدقيقة للوقائع وتضع أدق الأوصاف لأهم الأحداث.

فإذا أردنا وصف مولى الموحدين (عليه السلام) ـ مثلاـ فلا أدقّ من كلماتها في وصفه مما تجد بعضا منها في هذه الصفحات.

وإذا أردنا وصف حال الجاهليين ومعاناة الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) فلا تجد أروع وأجمل وأعمق من تعابيرها وكلماتها (عليها الصلاة والسلام)، وهكذا وهلم جراً.

فمن اللازم أن يكتب التاريخ على ضوء كلماتها (عليها السلام) ومستمدّا من هديها، ومقتفياً أثرها، وأن تعتبر كلماتها الحكم في أي تعارض بين كلمات المؤرخين، وأن تقيم مدى صدق وصحة التواريخ المكتوبة على ميزان كلماتها (صلوات الله عليها وأزكى السلام) فإنها الصديقة الكبرى.

قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «الصديقة الكبرى ابنتي»(100).

وقال الصادق (عليه السلام): «لفاطمة تسعة أسماء عند الله عزوجل: فاطمة والصديقة والمباركة والطاهرة والزكية والرضية والمرضية والمحدثة والزهراء»(101).

وفي الحديث عن علي بن جعفر عن أخيه أبي الحسن (عليه السلام) قال: «إن فاطمة(عليها السلام) صديقة شهيدة»(102).

وجاء في الزيارة: «السلام على ابنتك الصديقة الطاهرة»(103).

و: «السلام عليك يا بن الصديقة الطاهرة»(104).

و: «وصلِّ على الصديقة الطاهرة الزهراء فاطمة»(105).

و: «السلام عليك أيتها الصديقة الشهيدة»(106).

 

مكدوداً في ذات الله(107)

الكد حسن أم قبيح؟

مسألة: الكد بما هو هو قد لا يكون حسنا ولا قبيحا ولا مما يؤجر عليه الإنسان، بل (الجهة) هي التي تكسبه حسنا أو قبحا، أو وجوبا أو استحبابا أو حرمة أو ما أشبه.

قال تعالى: (لمثل هذا فليعمل العاملون)(108).

وقال سبحانه: (إنما يتقبل الله من المتقين)(109).

وقال تعالى: (وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباءً منثورا)(110).

وقال عزوجل: (واتل عليهم نبأ ابني آدم بالحق إذ قربا قرباناً فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من الآخر)(111).

و: «إنما الأعمال بالنيات»(112).

و: «لكل امرئ ما نوى»(113).

و: (لو أن عبداً أتى بالصالحات …)، إلى غير ذلك.

ولعل ذلك من جهات كون (نوم العالم أفضل من عبادة الجاهل)(114).

ولذلك لم تطلق (سلام الله عليها) (مكدودا) في وصفه (عليه السلام) بل قيدته بها هو كالفصل للجنس حيث قالت: (في ذات الله) وبما هو قوام قيمته ومحبوبيته.

ومن ذلك يعرف أن (الأصل) ليس هو (العمل ) بل هو (كيفية العمل)، وقد ورد في الحديث عنه (صلى الله عليه وآله): (إن الله لا ينظر إلى صوركم وأعمالكم وإنما ينظر إلى قلوبكم ونياتكم)(115).

وقال (عليه السلام): «ان الله خص محمداً بالنبوة واصطفاه بالرسالة وأنبأه الوحي فأنال الناس وأنال، وعندنا أهل البيت معاقل العلم وأبواب الحكم وضياء الأمر، فمن يحبنا ينفعه إيمانه ويتقبل عمله، ومن لا يحبنا لا ينفعه إيمانه ولا يتقبل عمله وان دأب الليل والنهار»(116).

وقال أمير المؤمنين (عليه السلام): «لا يقل مع التقوى عمل، وكيف يقل ما يتقبل»(117).

وقال (عليه السلام): «افترق الناس كل فرقة واستشيعوا كل شيعة فاستشيعتم مع أهل بيت نبيكم، فذهبتم حيث ذهب الله واخترتم ما اختار الله وأحببتم من أحب الله وأردتم مــن أراد الله، فابشــروا ثــم ابشروا، فانتم والله المرحومون، المتقبل من محسنكم والمتجاوز عن مسيئكم، من لم يلق الله بمثــل ما أنتم عليــه لم يتقبــل الله منه حسنة ولم يتجاوز عنه سيئة»(118).

وعن أبي الجارود عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «قلت له بمكة أو بمنى: يا بن رسول الله ما أكثر الحاج! قال: ما أقل الحاج، ما يغفر الله إلا لك ولأصحابك ولا يتقبل إلا منك ومن أصحابك»(119).

وقال ابن عباس: «يا رسول الله، ان توصيني بشيء، قال: يا ابن عباس، اعلم ان الله عزوجل لا يتقبل من أحد حسنة حتى يسأله عن حب علي بن أبي طالب، وهو أعلم بذلك، فان كان من أهل ولايته قبل عمله على ما كان فيه…»(120).

وقال أمير المؤمنين (عليه السلام): «امح الشر من قلبك تتزك نفسك ويتقبل عملك»(121).

وقال (عليه السلام): «انك لن يتقبل من عملك إلا ما أخلصت فيه ولم تشبه بالهوى وأسباب الدنيا»(122).

الكد في ذات الله

مسألة: يستحب الكدّ في ذات الله سبحانه.

ومعنى (في ذات الله) أن يكون لأجل الله عزوجل وحده خالصا مخلصا له، لايشوبه رياء ولا سمعة ولا شك ولا شرك ولا ما أشبه ذلك، فـ (مكدودا في ذات الله) في قبال الكسالى وفي قبال العاملين الذين لا يكدون، وفي قبال من يكد لكنه ليس لذات الله وحده.

وقد ورد في الزيارة: «وصبرت في ذات الله»(123).

وقال (عليه السلام): «ولعمري ما الإمام إلا الحاكم القائم بالقسط الدائن بدين الله، الحابس نفسه على ذات الله»(124).

وقال أبو عبد الله (عليه السلام): «ما ابتلى المؤمن بشيء أشد من المواساة في ذات الله عزوجل والإنصاف من نفسه وذكر الله كثيراً»(125).

ولا يخفى أن كلمة (في) بمعنى النسبة في أمثال هذه المقامات، كما قالوا: (الواجبات الشرعية ألطاف في الواجبات العقلية) وتتصور الظرفية أيضا بلحاظ التنزيل.

وجه الاستدلال على الخلافة

مسألة: وجه الاستدلال فيما وصفته (صلوات الله عليها) من الصفات على كون أمير المؤمنين علي (عليه السلام) هو الأحق بالخلافة:

1: بلحاظ مجموع هذه الصفات من حيث المجموع.

2: بلحاظ كل واحدة واحدة من الصفات من حيث مرتبتها التشكيكية ـ بلحاظ الإطلاق والسياق والقرينة المقاميةـ.

3: بلحاظ انتخاب الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) له (عليه السلام) في بعض تلك الصفات من حيث كاشفيته عن الأصلح أو عن الانحصار فيه، في مراتب لا تصل بأهمية الخلافة فكيف بالأرقى وهو الخلاقة، أي فيما لا يرقى الى درجة الخلافة في الخطورة والاهمية.

قولها (عليها السلام): (مكدوداً) أي: أن أمير المؤمنين علياً (عليه الصلاة والسلام) كان يكد نفسه ويتعبها غاية التعب.

(في ذات الله) أي في أمر الله وما يرتبط به جل شأنه، وحده مخلصا لا يشرك في ذلك أحدا.

وكان (عليه السلام) لا يريد بذلك مالا ولا جاها ولا امرأة كما كان بعض الصحابة يريدون ذلك، ولهذا سمي أحدهم بـ (شهيد الحمار) لما قتل في الحرب مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وقد كان خروجه لأجل حمار أحـد المشركين يريـد اقتناءه،

وسمي الآخر بـ (شهيد أم جميل) لأنه كان يريد بحربه أن ينال امرأة جميلة في جيش الأعداء تسمى بأم جميل، وهكذا، فلم يكن أمير المؤمنين علي (عليه الصلاة والسلام) يريد شيئا من ذلك أبداً، وإنما يريد الله وحده وحده، كما ورد في شأنهم (عليهم السلام): (إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا)(126).

وربما يقال: إن قولها (عليها السلام): (مكدودا في ذات الله) بإطلاقه الأحوالي والأزماني(127) يشير إلى نفس ما صرح به سيد الموحدين (عليه السلام) حيث قال: (ما عبدتك خوفا من نارك و لا شوقاً إلى جنتك بل وجدتك أهلا للعبادة فعبدتك)(128).

 

1 - راجع الأمالي للصدوق: ص384 المجلس 61، وفيه عنه (عليه السلام): إن الله يحب عبدا إذا عمل عملا أحكمه.

2 - كشف الغمة: ج1 ص77، صنعته (عليه السلام).

3 - غرر الحكم: ص69 ح979.

4 - غرر الحكم: ص69 ح980.

5 - تاريخ دمشق لابن عساكر: ج42 ص449 الرقم 9025 و9026، من ترجمة الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام)، وكشف الغمة: ص143 وص376.

6 - مائة منقبة: ص149 المنقبة 81، والتحصين: 552.

7 - سورة الأعراف: 27.

8 - كمال الدين: ص86.

9 - سورة البقرة: 193.

10 - تحف العقول: ص356.

11 - أعلام الدين: ص205، مكارم الأخلاق: ص472.

12 - راجع كتاب (الفضيلة الإسلامية) للإمام المؤلف.

13 - غوالي اللئالي: ج3 ص189 باب الجهاد ح27.

14 - روضة الواعظين: ص12.

15 - أعلام الدين: 81.

16 - جامع الأخبار: ص37 الفصل 20.

17 - الأصل في عطف النسق هو عطف المغاير على المغاير، والاستثناء هو كونه عطفا للخاص على العام أو شبهه (كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله أو نجم قرن للشيطان أو فغرت فاغرة من المشركين).

18 - إذ كان (عليه السلام) عضده (صلى الله عليه وآله وسلم) الأيمن في شتى المجالات، وسنده الأول في كل المحن، كما في قضية كشف تلك الجاسوسة التي كانت تريد اخبار مشركي قريش في فتح مكة ـ وهي قضية أمنية ـ وكقرائنه (عليه السلام) سورة البراءة في قلب معقل الأعداء، وهو موقف إعلامي ومواجهة فكرية، سياسية صريحة وجريئة جدا و… و… للتفصيل راجع كتاب (ولأول مرة في تاريخ العالم): ج1ـ 2 للإمام المؤلف.

19 - الإرشاد: ج1 ص284 فصل ومن كلامه (عليه السلام) في تظلمه.

20 - سورة الفتح: 29.

21 - سورة النور: 35.

22 - سورة الإسراء: 37.

23 - سورة الأنعام: 25.

24 - كما لو توقف معرفة إمامته (عليه السلام) على استقراء شتى صفاته ومختلف مصاديق نصرته كي يحصل الاطمئنان عند البعض.

25 - (عيناً) في المعرفة، (كفاية) في التعريف.

26 - كشف الغمة: ج1 ص112.

27 - المناقب: ج3 ص267.

28 - الصراط المستقيم: ج1 ص154 الباب التاسع.

29 - تأويل الآيات: ص844 سورة الإخلاص.

30 - مائة منقبة: ص53 المنقبة 27.

31 - فإن في ما أمر الله به: الحياة لا الهلاك، والتهلكة هي إزهاق الروح لغير غرض عقلائي إلهي.

32 - سورة البقرة: 195.

33 - كشف الغمة: ج2 ص297.

34 - تفسير العياشي: ج1 ص87 سورة البقرة.

35 - سورة الأعراف: 150.

36 - كتاب سليم بن قيس: ص72.

37 - سورة البقرة: 195.

38 - اللهوف: ص29 ـ 30.

39 - المناقب: ج3 ص207.

40 - راجع موسوعة الفقه: ج48 كتاب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

41 - سورة التوبة: 111.

42 - علل الشرائع: ص247.

43 - كشف الغمة: ج1 ص431.

44 - في قوله تعالى: (وسارعوا إلى مغفرة من ربكم) سورة آل عمران: 133، و(فاستبقوا الخيرات) سورة البقرة: 148.

45 - إذا الرمي البطيء لا يسمى قذفاً إلا مجازا فتأمل.

46 - الخصال: ص231، كنز الفوائد: ج2 ص162.

47 - جامع الأخبار: ص109 الفصل66.

48 - سورة البقرة: 207.

49 - تأويل الآيات: ص95 سورة البقرة عن الثعلبي في تفسيره.

50 - عيون أخبار الرضا (عليه السلام): ج1 ص85.

51 - شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد:ج2 ص235 ب35.

52 - علل الشرائع: ص326.

53 - ثواب الأعمال وعقاب الأعمال: ص206 عقاب من أم قوماً وفيهم من هو أعلم منه وأفقه.

54 - الاختصاص: ص251.

55 - الصراط المستقيم: ج3 ص135.

56 - تفسير العياشي: ج2 ص85 سورة البراءة ح40.

57 - الاحتجاج: ص151.

58 - العدد القوية: ص51.

59 - مشكاة الأنوار: ص333 في الرياسة.

60 - فقه الرضا (عليه السلام): ص383 باب البدع والضلالة.

61 - علل الشرائع: ص326.

62 - بحار الأنوار:ج27 ص1 ب10 ح1.

63 - أي في قوله تعالى: (إليه يصعد الكلم الطيب) سورة فاطر: 10.

64 - تفسير القمي: ج2 ص208 سورة فاطر، ومثله تأويل الآيات: ص469.

65 - مكارم الأخلاق: ص90 في نقوش الخواتيم.

66 - أعلام الدين: ص392.

67 - الفضائل: ص83.

68 - الفضائل: 152.

69 - مائة منقبة: ص49 المنقبة 24.

70 - تفسير الإمام الحسن العسكري (عليه السلام): ص522.

71 - ومنها: إن سلمان الفارسي (رضي الله عنه) أذن مع الشهادة الثالثة ولما شكى بعض الصحابة للرسول (صلى الله عليه وآله) ذلك جبههم (صلى الله عليه وآله) بالتوبيخ والتأنيب وأقر لسلمان هذه الزيادة.

ومنها: إن أباذر الغفاري (رضي الله عنه) أيضا هتف بها في الأذان ـ بعد بيعة الغدير ـ فرفعوا ذلك للرسول (صلى الله عليه وآله) فقال: (أما وعيتم خطبتي يوم الغدير لعلي بالولاية أما سمعتم قولي في أبي ذر (رضي الله عنه): (ما أظلت الخضراء وما أقلت الغبراء على ذي لهجة أصدق من أبي ذر…) راجع موسوعة الفقه: ج 19 ص 331 - 332.

72 - ومنهم صاحب الحدائق وصاحب المستند والعلامة المجلسي (قدس سرهم) حيث قالوا بالجزئية، ويظهر من صاحب الجواهر (رضي الله عنه) الميل إليها، كما يظهر من العلامة الطباطبائي (رضي الله عنه) ذلك أيضاً. وممن قال بالاستحباب ـ ولو من باب العمومات ـ الفقيه الهمداني (رضي الله عنه) في مصباح الفقيه والسيد الحكيم(رضي الله عنه) في المستمسك (بقصد الاستحباب المطلق) ومن المعاصرين ذهب عديد إلى ذلك [منهم السيد المسنتبط] (للتفصيل راجع موسوعة الفقه المجلد 19 ص 333 ـ 335).

73 - يراجع حول هذا المبحث: موسوعة الفقه ج 19 كتاب الصلاة ص 324 ـ 335 و…

74 - الأمالي للشيخ الصدوق: ص604 المجلس 88 ح4.

75 - الاختصاص: ص121.

76 - وفي بعض النسخ: (حتى يطأ خماصها).

77 - سورة الممتحنة: 8.

78 - راجع أمالي الصدوق: ص384 المجلس 61.

79 - الجملة الثانية هناك هي (او فغرت فاغرة من المشركين) وما يرجع إليها هو (حتى يطأ).

80 - الذي يرجع للجملة السابقة هو (ويخمد لهبها بسيفه) والجملة السابقة هي (أو نجم).

81 - انظر قصة غزوة الخندق حيث رجع العديد من الصحابة منهزمين خائبين خائفين.

82 - المناقب: ج2 ص84.

83 - الصراط المستقيم: ج2 ص1 تتمة الباب التاسع.

84 - كما إن من صلى من صلاة الظهر ثلاث ركعات فقط لا يعد ممتثلاً أصلاً، وللأقل والأكثر الإرتباطيين في القضايا السياسية والاجتماعية والأمنية وغيرها أمثله كثيرة، منها: ما لو كلفت الدولة شخصا أو مجموعة بالعثور على ألغام زرعتها جماعة مخربة بتفجير سد أو معمل أو شبه ذلك فلو اكتفى هذا الشخص أو المجموعة بالعثور على معظم الألغام أو كلها ناقصا واحداً ـ في فرض أن اللغم الواحد أيضا يكفي لتدمير السد أو المعمل ـ فإنه لا يعد ممتثلاً أصلاً بل يستحق العقاب.

85 - قال تعالى: (وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباءً منثوراً) [سورة الفرقان: 23] وقال سبحانه: (أولئك حبطت أعمالهم) [سورة التوبة: 17 و69] فالمعصية اللاحقة قد تنسف أجر العمل السابق بالكامل.

86 - انظر الصراط المستقيم: ج3 ص13، وراجع شرح النهج: ج17 ص147 وفيه: «من آذى ذمياً فكأنما آذاني» عن أمير المؤمنين(عليه السلام).

87 - سورة التوبة: 29.

88 - أي من الإذلال وإن دخل تحت عنوان الإيذاء.

89 - قرب الإسناد: ص7.

90 - كعرض صورهم في التلفزيون أو القيام بحركة استعراضية عبر سوقهم في الشوارع والأزقة وغير ذلك مما هو أشد في الإذلال أو أخف.

91 - سورة إبراهيم: 4.

92 - كردعهم عن العود، لإشعال نار الحرب أو الفتنة، وكردع الآخرين عن القيام بمثل ما قاموا به.

93 - الظاهر أن المراد: انه قد اقدم على هتك حرمة نفسه بنفسه وأسقط حرمته بإقدامه على الدخول في الفتنة، عرفا وعقلا.

94 - كوقائع حروبه (صلى الله عليه وآله وسلم) وصلحه ومعاهداته وقصص تعامله مع المؤمنين والمنافقين والكفار و… وكذلك سائر المعصومين (عليهم السلام)، بل إن الكثير من الوقائع التاريخية مما ينفع في (فهم الأخبار) ومدى اكتنافها بالقرائن المقامية ـ كالتقية مثلا ـ.

95 - الذي أشير إليه في الآية الشريفة بـ (ليتفقهوا في الدين) [سورة التوبة: 122] وهو يشمل الأحكام الشرعية وأصول الدين والعقائد والأخلاق وغيرها.

96 - سفينة البحار: ج2 ص641 ط القديمة مادة (ورخ).

97 - سورة يوسف: 111.

98 - إشارة إلى قوله تعالى: (فلن تجد لسنة الله تبديلا ولن تجد لسنة الله تحويلا) سورة فاطر: 43.

99 - راجع (الفقه: المستقبل) للإمام المؤلف (دام ظله).

100 - راجع الأمالي للشيخ الصدوق: ص22 المجلس 6 ح5.

101 - الأمالي للشيخ الصدوق: ص592 المجلس 86 ح18.

102 - مسائل علي بن جعفر (عليه السلام): ص325 ح811.

103 - المقنعة: ص459.

104 - المقنعة: ص469.

105 - الإقبال: ص60.

106 - الإقبال: ص624.

107 - وفي بعض النسخ: (مكدوداً دؤوباً في ذات الله).

108 - سورة الصافات: 61.

109 - سورة المائدة: 27.

110 - سورة الفرقان: 23.

111 - سورة المائدة: 27.

112 - دعائم الإسلام: ج1 ص4.

113 - مسائل علي بن جعفر (عليه السلام): ص346.

114 - مستطرفات السرائر: ص620.

115 - جامع الأخبار: ص100، الفصل56.

116 - الإرشاد: ج1 ص241.

117 - الأمالي للشيخ المفيد: ص484 المجلس 26 ح1. 

118 - الاختصاص: ص104 ـ 105.

119 - بشارة المصطفى: ص73.

120 - الفضائل: ص168 ـ 169.

121 - غرر الحكم: ص106 ح1909.

122 - غرر الحكم: ص155 ح2913.

123 - المزار: ص109.

124 - المناقب: ج4 ص90.

125 - مشكاة الأنوار: ص57 الفصل 15.

126 - سورة الإنسان: 9.

127 - أي مكدودا في كل أحواله وفي كل الأزمنة.

128 - غوالي اللئالي:ج2 ص11 ح18.