حبّ الراحة سبب خذلان الحقّ !

وأشركتم بعد الإيمان ؟

«الا تقاتلون قوماً نكثوا أيمانهم وهمّوا باخراج الرسول وهم بدؤكم أول مرة ، أتخشونهم فالله أحق أن تخشوه إن كنتم مؤمنين» .

ألا : قد أرى أن قد أخلدتم إلى الخفض

ـــــــــــــــــــــــــــ

كيف بعد الإيمان للشّرك ملتم

وسبيل الهدى تركتم هــــداها

أولا تعلنون حـرب عــــــسـيرٍ

نـكثت ذمّـة اليمين وفاهـــــــا

وبأخـراج خاتم الرّسل هــمّوا

بدأوا حـربكم وأجّوا لظاهـــــا

أفـتخشونهم فـــللّه أولـــــــــى

بتقاكم ، والله أعظم جـاهــــــا

إن تكـونوا عبدتموه بصـــــدق

وله عفّر التـراب الجباهـــــــا

إنّما قد أرى إلى الخفض ملتم

وآستطبتم من الحياة حلاهــــا


( 96 )

وأبعدتم من هو أحق بالبسط والقبض وخلوتم إلى الدعّة ونجوتم من الضيق بالسعة فمججتم ماوعيتم ودسعتم الذي تسؤغتم .

« فإن تكفروا أنتم ومن في الأرض جميعاً فإن الله لغني حميد »

ألا : قد قلت ماقلت على معرفةٍ مني بالخذلة التي خامرتكم والغدرة التى استشعرتها قلوبكم

ـــــــــــــــــــــــــــ

فـنفيتم مـن بالخـلافة أولى

 

وأحـق الأنام فـي استعلاها

وخلدتم لراحـةٍ لـيس تـبقى

 

وهـربتم إلى نـعيم هنـاها

مـا وعـيتم مججتموا ودسعتم

 

ما تسـوّغتموه غبّ امـتلاها

فلإن تكفروا ومن حلّ في الأر

 

ـض جميعاً لا تعجزون الإلها

إنّمـا قلت مـا ذكـرت وإنّي

 

عـارف مـن نفوسكم مخباها

خذلة جـالت النـفوس وغدر

 

شـعرته القـلوب في مخفاها


( 97 )

المستقبل الخطير للمتخاذلين

ولكنّها فيضة النفس ونفثة الغيظ وخور القنا وبثة الصدر وتقدمة الحجّة .

فدونكموها ، فاحتقبوها دبرة الظّهر نقبة الخفّ

ـــــــــــــــــــــــــــ

لكن الظلم أترع النّفس غيضاً

وقنا لان عـوده بعوادي الـ

ومـن القـلب إذ تميّز غيضاً

ولــتقديم حـجّة لـيس إلاّ

دونكـم للركـاب فـاحتقبوها

فـوق ظـهر مـقرّح وبخفّ

 

فا ستفاضت عـلى الّذى آذاها

جور فـانشقّ بالأنين جـواها

نفثة تـحرق اللّـهيب لظـاها

حـيث لاعذر عندكـم عقباها

نـاقةً صعبة المـراس خطاها

رقّ دون الخطى إلى مـرقاها


( 98 )

باقية العار ، موسومةً بغضب الله ، وشنار الأبد موصولةً بنار الله الموقدة التي تطّلع على الأفئدة فبعين الله ما تفعلون « وسيعلم الذين ظلموا أيّ منقلبٍ ينقلبون » .

ـــــــــــــــــــــــــــ
وصمة العار والشّنار وتـبقى أبداً لـيس ينمحي سـيماها
وهي مسوعة من الله بالسّخـ ـط ، وباللّعنة الّتي تصلاها
شـرّ مـوصولةٍ بنـار جحيمٍ جمّر الله مـن قديم حصـاها
تلك نار تطلّ حتّى عـلى أف ئدة الظّـالمين مـن أبنـاها
وبعين المهيمن الفـرد يجرى كـلّ ما قـد فعلتموه سـفاها
سـيرى الظـالمون أيّ مـرد سـيردّون فـي غدٍ عقبـاها


( 99 )

وأنا ابنة نذير لكم بين يدي

عذاب شديد .

فاعملوا إنا عاملون ، وانتظروا إنّا منتظرون .

جواب أبي بكر

فأجابها أبو بكرٍ ( عبد الله بن عثمان ) وقال :

ـــــــــــــــــــــــــــ
وأنّـا تـعلمـون بــنت نـذير لكـم مـن أليم نارٍ بـراها
فـاعملوا نـحن عـاملون وإنّـا مثلكم في انتظار يوم جزاها
فاستوى الخصم للجواب وكان ال خصم في ذروة الدّهاء إزاها
فـاستهلّ الكـلام مـدحاً طـويلاً جاء فـي أهلها وخصّ أباها
فـهو أدرى بـفضلهـا وعلـاها وهـي أغنى من مدحه إيّاها
فـلقد جلجل الـكتاب وتكــفي آية الطّهر وحـدها ومعناها


( 100 )

يا بنة رسول الله !

لقد كان أبوك بالمؤمنين عطوفاً كريماً ، رؤوفاً رحيماً ، على الكافرين عذاباً أليماً وعقاباً عظيماً ،

ـــــــــــــــــــــــــــ
كـان أولـى أن يقبل الحقّ منها لـو أراد الهدى إلى مرضاها
غير إنّ المقصود كان سوى الح ـقّ ، وإلاّ مـالجّ فـي إيذاها
وغثاء الجمهور أسـلس حكـما حـين بالمكـر يستغّل هواها
يابنة المـصطفى الأمين رسول الله والرّحـمة الـّتي أهـداها
كـان بالمـؤمنين بـرّاً أبـوك أرءف النّاس بالـورى أرجاها
وعـلى الكـافرين كـان عذاباً وعـظيم العقاب ضدّ طـغاها


( 101 )

إن عزوناه وجدناه أباك دون النّساء وأخا إلفك دون الأخلاء آثره على كل حميم وساعده في كلّ أمر جسيم ، لا يحبّكم إلاّ كلّ سعيدٍ ، ولا يبغضكم إلا كلّ شقي .

فأنتم عترة رسول الله الطيبون ، والخيرة المنتجبون ،

ـــــــــــــــــــــــــــ
إن عزونا مـحمّداً لوجـدنـا ه أباك مـن دون كـلّ نساها
دوننـا اختار إلفـك وتأخـى حـين أحبـات دينه آخـاها
وعـلى كـلّ صاحبٍ وحميم آثر المـصطفى عليّاً وباهى
ساعد المصطفى على كلّ أمرٍ من أمورٍ عصت على أقواها
كـلّ من يرتضى المودّة فيكم لسـعيد ومـن شـقى يأباها
أنتم الخيرة الّتي انتجب اللّـ ـه ، والطيّبون : عترة طه


( 102 )

الحديث ـ الفرية ـ

على الخير أدلّتنا ، وإلى الجنّة مسالكنا . وأنت يا خيرة النساء ، وابنة خير الأنبياء ، صادقة في قولك ، سابقة في وفور عقلك ، غير مردودةٍ عن حقك ، ولا مصدودة عن صدقك والله ما عدوت رآي رسول الله !!! ولا عملت إلاّ بإذنه ، وإن الرائد لا يكذب أهله ، وإني أشهد الله وكفى به شهيداً أني سمعت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم يقول : « نحن معاشر الأنبياء لا نورث ذهباً ولا فضةً ولا داراً ولا عقاراً

ـــــــــــــــــــــــــــ
وعـلى الخير دربنا ، وجنان الـ خلد ، أنـتم سـبيل مـن يهواها
أنت ياخيرة النّسا ، بنت خير الـ نّاس مـن بدئهـا إلـى منتهـاها
قـولك الصّـدق دون ريبٍ وأنت فـي وفـور النّهى عـلى أرقاها
غير مـردودةٍ عـن الحقّ شـيئاً أو بـمصدودةٍ صـديق ادّعـاها
بيد إنّـى سـمعت يـوماً أبـاك قال لي ـ قبل أن يموت ـ شفاها
مـعشر الرّسـل لاتـورّث داراً أو نضـاراً أو فضّـةً أو شـياها


( 103 )

الدفاع الهزيل

وإنما نورث الكتاب والحكمة ، والعلم والنبوّة ، وما كان لنا من طعمةٍ فلو الي الأمر بعدنا ، أن يحكم فيه بحكمه » .

وقد جعلنا ما حاولته في الكراع والسلاح يقاتل بها المسلمون ، ويجاهدون الكفار ، ويجالدون المردة الفجّار

ـــــــــــــــــــــــــــ
إنّما العـلم والنـبوّة والحك مـة والذّكـر إرثهـا وثراها
إنّـهم لايـورّثون سـواهم مثلمـا تـورث الورى أبناها
كلّ ما كان طعمةً فلو الي ال أمـر مـن بـعدنا كما يهواها
فله دون غيره الحكـم فـيها كيفما شاء يسـتطيع قضـاها
وجعلنا الّذي طلبت كـراعاً ، وسلاحاً ، وجـنّةً لوغـاها !
لجهاد الكفّار في ساحة الحـ رب ، ودحر الفجّار في لقياها


( 104 )

وذلك بإجماع من المسلمين !!

لم أنفرد به وحدي ، ولم استبد بما كان الرأي فيه عندي وهذه حالي ومالي ، هي لك ، وبين يديك ، لا تزوي عنكِ ولاتدّخر دونك .

أنت سيّدة أمة أبيك ، والشجرة الطيّبة لبنيك ،

ـــــــــــــــــــــــــــ
هـاهم المسـلمون بـين يديك قرّروا كلّهم عـلى اسـتيفاها
أنـا لـم أنفرد بـذاك لـوحدي مسـتبداً بمـا ارتأيت إزاهـا
ثـمّ هـذا حـالي ومـالي لديك هـذه ثـروتي إليك عطـاها
لـيس تزوى الأموال عنك وإنّى دونك لـست داخراً مغنـاها
أنـت بنت النـبيّ سـيّدة النسـ وان مـن أمّةٍ أبـوك بنـاها
أنت للرّوضـة المـطهّرة الأط يـاب : أبناك ، أصلها وبناها


( 105 )

لا يدفع مالك من فضلك ولا يوضع في فرعك وأصلك ، حكمك نافذ فيما ملكت يداي .

فهل ترين أن أخالف في ذلك أباك صلى الله عليه وآله وسلم ؟

جواب فاطمة الزهراء عليها السلام

ـــــــــــــــــــــــــــ
ولك الفضل لـيس يدفع عنك مــن مزايـا جـلالـك أدنـاهـا
ولـك ذروة المعالي فـروعاً وأصـولا سـمت بك أقضاها
حكـمك الآن نـافد فـمريني أتـريدين أن أخالف طـه ؟!
فد أتتهم بحجّةٍ مـن كتاب الـ لّـه كالشمس فـي أتمّ ضياها
وأتوهـا بــفريةٍ لــفّقوها لـيضلّوا بـذلكـم بسطـاها
فتصدّد ومـزّقت حجب الزّور وألقت عـن الوجوه غطـاها


( 106 )

الحديث فرية والرسول لايخالف القرآن

فقالت ( عليها السلام ) : سبحان الله ! ما كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن كتاب الله صادفاً ولا لأحكامه مخالفاً ، بل كان يتّبع أثره ويقفو سوره ، أفتجمعون إلى الغدر اعتلالاً عليه بالزور ؟ وهذا بعد وفاته شبيه بما بغي له من الغوائل في حياته .

ـــــــــــــــــــــــــــ
وأجابت : سبحان ربّي ! وحاشا الـ مـصطفى بـ الّذي افتريتم فاها
لـم يكــن سـيّد الورى يـتخطّى شـرعة الذّكر أو يروم سـواها
أو لأحكـامـه يخـالـف نـهجـاً وهو يدعوا الورى لنهج خطاها
بـل لـقد كـــان إثـره يـتقفّى ســور الذكـر تـابعاً إيّـاها
أمـع الغـدر تـجمعون عـليه الـ زّور ! واه‌اً لقولكـم ثـمّ واها
إنّ ذا بـعد مـــوته لشـــبيه بـالّتي فـي حيـاته لاقـاها


( 107 )

هذا كتاب الله حكماً عدلاً ، وناطقاً فصلاً ، يقول :

« يرثني ويرث من آل يعقوب » .

« وورث سليمان داود » .

فبيّن ( عزّوجلّ ) فيما وزّع عليه من الاقساط ،

ـــــــــــــــــــــــــــ
كـم مـن الغـدر والغوائل كيدت ضــدّه لكـن الإلـه كفــاها
هـذه المحكمـات تـنطق فـصلا وهـي تقضى بالعدل في فحواها
ســورة الأنبيــاء إذ زكــريّا ســأل الله فـسألوا مـعناهـا
في ( يرثني .. وآل يعقوب ) حكم لاتـرى فـيه شبهة واشتبـاها
وســليمـان إذ تـــورّث داو د ، كـمثل الأبنـاء مـن آباها
وأبان الجـليل مـن كـلّ قسـطٍ وسهـامٍ قـد وزّعن مرمــاها


( 108 )

وشرع من الفرائض والميراث ، وأباح من حظّ الذكران والاناث .

ما أزاح علة المبطلين ، وأزال التظني والشبهات في الغابرين .

كلاّ ، بل سوّلت لكم أنفسكم أمراً ، فصبر جميل .

والله المستعان على ما تصفون .

ـــــــــــــــــــــــــــ
والمـواريث والفرائـض لـمّا فرض الله شرعهـا وعطـاها
فـلذكـرانها حـفوظ وأخـرى للإناثى ، أباح حين قضاها ..
... ما أزاح التعلّلات ، وأقصى عـلّة المبطلين فـي إجـراها
ليس هذا .. كلاّ .. ، ولكنّ أمراً سوّلته نفوسكـم مـن غـواها
وعزائي الصّبر الجـميل وربّي مستعاني عـلى عظيم جنـاها
ثـمّ لـمّا رأى أخو تيم أنّ الـ حقّ أقـوى مـن فريةٍ سمّاها


( 109 )

جواب أبي بكر والاعتراف بالخطأ

فقال أبوبكر :

صدق الله ، وصدقّ رسوله ، وصدقت ابنته أنت معدن الحكمة ، وموطن الهدى والرحمة ، وركن الدين ، وعين الحجّة لا أبعد صوابك ، ولا أنكر خطابك .

ـــــــــــــــــــــــــــ
فـضح الحق كـذبه وتعرّى الـ زّور كالثّلج تحت شمس نداها
ولـدى الصّبح طـلعة إن تبدى ينمحي اللّيل في التماع سناها
أيـردّ القـرآن أم مـن أتـاه ؟ أعـليـاً يـردّه أم أبـاهـا
ليس يجدى الإنكار للشمس مهما لجّ في حجب نورها وضياها
صدق الله والرّسـول وبنت الـ مصطفى فاطم البتولة ـ فاها
معدن الحكمة الأصيلة ركن الـ دّين انت ، وللهدى مرسـاها


( 110 )

هؤلاء المسلمين بيني وبينك ، قلّدوني ما تقلّدت ، وباتفاقٍ منهم أخذت ، غير مكابر ولا مستبدٍ ، ولا مستأثرٍ ، وهم بذلك شهود .

فاطمة الزهراء توجه الخطاب الى الحاضرين

فالتفتت فاطمة ( عليها السلام ) إلى الناس وقالت :

معاشر الناس !

ـــــــــــــــــــــــــــ
لست مسـتنكراً عـليك خطاباً أو صـواب احتجـاجةٍ آتـاها
هاهم المسلمون بيني وما بيـ نك فاستوضحى الجموع رؤاها
قلّدوني الّذي تقلّدت لـولا الـ قوم ، ما كـنت لـحظةً أولاها
باتّفاق مـنهم أخـذت ربـوعاً كان للمصطفى الأمين رعـاها
لابـمـستكـبرٍ ولا مســتبدٍّ أو بـمستأثرٍ غـنيّ ثـراهـا
فأشارت بنت الرّسول إلى النّا س ، وقهر المستضعفين طواها


( 111 )

عناد المتواطئين على الباطل

المسرعة إلى قيل الباطل ، المغضية على الفعل القبيح الخاسر ، أفلا تتدبرون القرآن أم على قلوبٍ اقفالها ؟

كلا ، بل ران على قلوبكم ما أسأتم من أعمالكم فاخذ بسمعكم وأبصاركم ،

ـــــــــــــــــــــــــــ
أيّها المسرعـون نحو الأباطيـ ل تحامى عن شقشقات رغاها
أتغضّون عـن قـبيح فـعالٍ هي مـن أخسر ألّتي تغشاها
أفلا ـ ياعصاة ـ تدّبرون ال ذّكر أم ملّت النّفوس هـداها
أم بأقفـالها اسـتبدّت قـلوب فاستحبّت على الرّشاد عماها
ليس ! بله القـلوب ران عليها للّذي قـد أسأتـموه صـداها
ولـهذا بسـمعكـم أخـذ اللّـ ه ، وأبصاركم فأعمى ضياها


( 112 )

ولبئس ماتأولتم وساء مابه أشرتم وشرّ ما منه اعتضتم .

لتجدنّ ـ والله ـ محمله ثقيلاً ، وغبّه وبيلاً إذا كشف لكم الغطاء وبان ماوراء الضرّاء ، وبدا لكم من ربّكم مالم تكونوا تحتسبون ، وخسر هنالك المبطلون .

ـــــــــــــــــــــــــــ
بـئس نـهج أوّلتموه ضلالاً وسفاها لما أشـرتم سفـاها
شرّ مـا اعتضتموا بآسن ماءٍ من غديرٍ ترقرقت أمـواها
ستلاقون ـ والعظيم ـ ثقيلاً مـحملاً لأ يـطيقه ثقلاها
أذ لكم كشّف الغطاء وبان ال ضرّ ممّا جنت يداكم وراها
وبدت مـن إلـهكم سطواتّ لم تكـونوا لتحسبوا أدناها
وهناكم ستعلمون ـ هناكم ـ خسر المبطلون في عقباها


( 113 )

وعادت فاطمة ألى دار عليّ (ع) !

ثمّ إنكفأت ( عليها السلام ) .

وأمير المؤمنين عليه السلام يتوقع رجوعها اليه ويتطلّع طلوعها عليه .

فلمّا استقرت بها الدار قالت لأمير المؤمنين عليه السلام :

يابن أبي طالب !

ـــــــــــــــــــــــــــ
ثمّ مالت إلى ضـريح أبيها تودع المـصطفى الأمين شكاها
وتوارت كسيرة القلب عنهم فـلقد خـيّب الجـميع رجـاها
ثمّ عادت لدارها ودموع ال وجد خطّت على الخدود خطاها
وأمير الإيمان في كـلّ آنٍ كان يرجـوا طلوعهـا ولقـاها
وهناكـم لمّا استقرّ بها الدا ر ، تمادى الأسى بصدر شكاها
فرمت نحوه بطـرفٍ كسيرٍ وجـرت فـي دموعها عينـاها


( 114 )

استنهاض الامام الممتحن !

إشتملت شملة الجنين

وقعدت حجرة الظنين

ـــــــــــــــــــــــــــ
طمعت أن تـثير فـيه علىّ الـ ـعـزم والنّجدة المدوّى صداها
وبـطولات خـــيبرٍ وحـنين ومــروءاته الـّتي أبـداهـا
فلعلّ الّذي مـضى مـن مياه الـ نّبع غفلاً يعود في مـجراهـا
خـاطبته يابن المحامى أبي طـا لب زين الرّجـال رمـز إباها
كيف يا فاتح الحصون اشتملت ال يـوم مـن شملة الجنين رداها
قاعداً حـجرة الظّنين كـأن لـم تك لـلحرب سيفهـا وفتـاها


( 115 )

نقضت قادمة الاجدل فخانك ريش الأعزل .

هذا ابن أبي قحافة يبتزني نحلة أبي وبلغة إبنيّ .

لقد أجهر في خصامي وألفيته الألدّ في كلامي حتى حبستني قيلة نصرها

ـــــــــــــــــــــــــــ
أوما قـد نقضت من أجدل الطيـ ـر ، قـواديم يتّقى بأسـاها
كيف قد خـان أعزل الريش شهما كان في كـلّ وقعةٍ « لافتاها »
أو يبتزّهـا نــحيلة ... طــه بلغة ابـنيّ يسـتحلّ جنـاها
جـاهراً في عداوتي دون تقـوى ماضياً في خصومتي أقصاها
قـد وجـدت العنيد لازال خصماً مـن ألدّ الخصام في دعواها
ذاك حتّى الأنصار قد حبستني ال نّصر واستعفت الحماة حماها


( 116 )

والمهاجرة وصلها وغضّت الجماعة دون طرفها .

فلا دافع ، ولا مانع .

خرجت كاظمة ، وعدت راغمة أضرعت خدّك يوم أضعت حدّك إفترست الذئاب وافترشت التراب .

ـــــــــــــــــــــــــــ
وقـرابى المهـاجرين رباط الـ وصل قـدّت ومزّقت قربـاها
والجماعات غضّت الطّرف عنّي وكـأنّي مخـاطب مـاسواها
لـيس مـن دافعٍ مهجّجة الظلـ ـم ، ولا مـانعٍ أليـم أذاهـا
رحت مكظومة بـصبري خسرى ثـمّ مرغومةً رجـعت وراها
حـدّك الحقّ قـد أضت فأضحى ضارعاً خدّك الّذي لا يضاهى
إفترست الذّئاب كيف افترشت ال يوم وجه التّراب من بوغـاها


( 117 )

ما كففت قائلاً ولا أغنيت باطلاً ولا خيار لي ليتني متّ قبل هينتي ودون ذلتي .

عذيري الله منك عادياً ، ومنك حامياً .

ويلاي في كلّ شارق !

مات العمد ووهن العضد !!

ـــــــــــــــــــــــــــ
مـا كـففت المهرّجين مقالاً وعـن الظّـالمين شرّ أذاها
وأنا لاخيار لـي .. فلو أنّي كنت أسـتطيع أن أردّ بلاها
ليتني قبل هينتي كان موتي والرّدى دون ذلّـتي اسقـاها
فكفـاني محـامياً وكفـاني منك ربّي مـن العدى عدواها
آه .. ويلاي كلّما طلّ صبح فوق دنيا من الأسى ويـلاها
قـد توفّى العماد فانهدّ منّي عـضد العزّ والرّجاء وراها


( 118 )

شكواي إلى أبي !

عدواي إلى ربي !

اللهمّ أنت أشدّ قوةً وحولاً ، وأحدّ باساً وتنكيلا .

ـــــــــــــــــــــــــــ
فشكـاتي إلى أبي ولربّ العر ش عدوى ظلامتي مرسـاها
يـا إلـهي لأنت أعـظم بأساً وأشـدّ النّكـال فـي عقباها
هزّه فى خطابها الوجد والمجـ د ، وعزّ الإيمان فـي تقواها
وهو لولا وصيّة مـن نبيّ ال لّه ، أحرى بـأن يجيب نداها
ويعيد الأمور ظـهراً لـبطنٍ ويـنيل المنـافقين جـزاهـا
فهو في البأس لا يدانيه بـأس وهو أقوى بالله مـن أعـداها


( 119 )

كيف لا ، وهو في الحروب جميعاً قطب مهراسها ، وجمر وغـاها
منعت سـيّد الوغـى أن يثير الـ حرب أنّ الأمـور فـي مبداها
كـان ديـن الإسـلام عوداً طريّاً والجماهير هشّة فـي انتمـاها
أشفق المرتضى عـلى نبتة الإس لام مـن فـتنةٍ تشـبّ لظـاها
غـارس الرّوضـة البـهية أولى أن يحـامى بـروحه أفيـاهـا
وهـو ثـاني بنـاتها ، والمروي زرعها الغضّ وهو حامي حماها


( 120 )

فقال أمير المؤمنين عليه السلام :

لاويل عليك ، الويل لشانئك .

نهنهي عن وجدك يابنة الصفوة وبقية النبؤة ، فما ونيت عن ديني ولا أخطات مقدوري .

فإن كنت تريدين البلغة فرزقك مضمون

ـــــــــــــــــــــــــــ
قـال مهلاً بـنت النـبوّة مهلاً ! إنّما الصّــبر للتّقـاة حـلاها
مـالك الويل ، بـل لشانئك الوي ل وأقسى العذاب فـي أخراها
يابنة الصّفوة الصّفيّة عطـر الـ ـنّور ، بقيـا نـبوّةٍ أبقــاها
نهنهي النّفس وجـدها واسـتقرّي حـان للنّفس أن تريحي جواها
فـعن الـدّين مـا ونـيت وعمّا قـدّر الله مـا خطوت اشتباها
فاطمئنّي لـبلغة العـيش أن الـ لّه في سـابق الزّمان قضـاها


( 121 )

الكلمة الاخيرة لفاطمة !

وكفيلك مأمون ، وما أعدّ لك خير ممّا قطع عنك ، فاحتسبي الله .

فقالت : حسبي الله وأمسكت .

ـــــــــــــــــــــــــــ
وكـفيل ابـنة النّـــبيّ أمــين وهــو الله حـافظ إيّــاها
وجنـان قـد مـهّدت لـك خــير من قرى حرّموك عن مغناهـا
فـلك الله ـ جــلّ ـ فـاحتسـبيه هضمة الحقّ حاش أن ينساهـا
فأجـابت ( الله حسـبي ) وقــرّت وعلى الدّهر رنّة من صداهـا
ومضت إذ مضت على القهر حسرى ثـمّ مـاتت مـطويّةً بأسـاها


( 122 )

الشهادة ..

كفـاني أسـىً لأتوقظنّ جراحيا ودع وجد قـلبي فـي مطـاويه ثاويا
أرى الحقّ يهدي إن ملكت بصيرة ولـيس لأعمى الـفكر والـقلب هاديا
هـو العقل يهدي من يروم هداية ومـن رام مـهواة الضّـلال المهاويا
إذا أنت أنكرت الصّباح وضـوءه فحظّك قـد أنكـرت لا الصّبح ضاحيا
فـلا الشّمس يخبو نورهـا لمعاند ولا اللّـيل يـهدي لـلطّريقة سـاريا
وما النّجم في جوّ السّماء يضيرها على الأرض أعمى ينكر النّجم ضاويا
بصائر فافتح في الضّمير شعاعها ترى الدّهر دوّاراً على الغدر طـاويا


( 123 )

على خاطري ذكرى وفي القلب لوعة يصعّد مـن جـمر المصائب آهيا
دع العين يسـقي الجرح فالقلب لاهب ضراماً ودع فـي النّائبات سـؤاليا
غداة بـدار الـوحي ألـقت رحـالها قـوافـل حـزنٍ مـثقلات مآسـيا
وسـل قـصّة الـغدر الـقديم سقيفة فـثمّة عـادت دورة الشّـرك ثانيا
وسل عـن أراكٍ هـاطلاتٍ دمـوعها وعـن فـدكٍ سل قهرها والخوافيا
وعن بيت أحـزان المـدينة حـزنها ودمع جرى فيهـا ولازال جـارياً
وقـبر رســول الله مـرّ أنــينها وعن طول شكواها المـرير اللّياليا
وعـرّج عـلى بـيت البتولة فـاطم فـأنّ أنـين الدّار يكـفيك هـاديا
تأنّ وقـد هـدّ الفــراق قــرارها وذوّبها جلداً عـلى الـعظم ذاويـا
إلهي ! قـد هدّ الأسـى قـلب فـاطم ولم يبق إلاّ الوجـد والحزن واريا


( 124 )

فـوا وحـشة الايّام بـعد محمّدٍ ! ووا ذلّــة الأيـــّام ممّـا دهـانيا
رمتني مصيبـات الزّمان لـو أنّها رمت وضـح الأيّـام صـرن ليـاليا
ألهي قـد عـفت الحيـاة وأهـلها فـعجّل وفــاتي لا أريـد حيــاتيا
وما طال مـن بعد الحبيب فراقـها وسرعـان مـا كـان الفـراق تلاقيا
عـلى الجـمر أتلو ذكريات بلائها تـمرّ عـلى قـلبي فأنسـى بـلائيا
غـداة عـلى دار البـتولة جـمّعا جـموعاً مـن الغوغـاء ضلّت مراميا
على باب دارٍ كان للوحـي والهدى منــاراً وميعــاداً ولـلدّين راعـيا
فجـاءت وقد مضّ المصاب فؤادها تـنـادي بـه مـالـلعتيق ومــاليا
وياويلكم ! فـي الدّار أحفـاد أحمدٍ أبــالنّار جـئتم تـحرقون صغـاريا
أبـوا واصرّوا في العناد وأضرموا عـلى الباب أحطاب الضّغائن ضاريا


( 125 )

فدارت إلى جنب الجدار ولم يكن سـوى البـاب يحميها الهـجوم المعاديا
ولجّوا به دهساً وقد هدّه اللـّظى وردّ عـلى أضلاعهـا البـاب داويــا
فـويلي لبنت المـصطفى حـين حوصرت تنادي أباها والوصيّ المحاميا
أكان عـلى مرأى الإمام ومسمع غداة أصـابوا ضلعها ؟ لست داريـا ؟
سل الباب والمسمار ثمّة ما جرى تـفـاصـيل آلام البـتولـة وافـــيا
هوت وهوى ورد تكسّـر غصنه عـزيزاً عـلى بــيت النّـبوّة غـاليا
وداروا عـلى ليث العرين بداره وبـالحبل قـادوا سـيّد القــوم نـائيا
يـصيح ألا واجـعفراه ولا أ خ ويـدعــوا ألا واحـمزتـاه محـاميا
وتسألني عـن فـاطم ومصـابها تفـاصـيل مأســاة تـوالـت مآسـيا
فسـل ليلة تخفي الجروح بمتنها ونـعشاً عــلى كـفّ الاحـبّة عـاليا


( 126 )

وسـل عن يتامى فاطم عمر فاطمٍ وعـن حسـنٍ سـل والحسـين المراثيا
وعـن قـاهر الأحزاب فاتح خيبرٍ إذ انـهدّ وهـو الشّـامـخ الطّـود باكيا
يـقول أيـا ماضون بالنّعش مهلةً فمـا بـعد هـذا اليـوم أرجـوا تـلاقيا
دعوهـا يودّعهـا اليتـامى فـإنّها مضت لم تودّع ـ حين غابت ـ صغاربا
ويـانعش رفـقا بـالعزيزة إنّـها مـجرّحة لاتـخدش الجــرح ثــانيا
ألا آجـر الله الوصـيّ .. وكـفّه تـدس إلـى عـمق التّـراب الأمـانيا
رنى نحو قبر المـصطفى ودموعه تـشـاطـره أحــزانـه والتّعـازيـا
وديعتك الزّهراء عادت كـما ترى ولكنّهـا عــادت ولـيست كمـا هـيا
مكسّـرة الأضـلاع مقهورة الهوى مـقرّحـّة الأجنــان حــمراً مأقـيا
فسل كعبة الأسـرار حـالي وحالها وسل قــبلة الأحـزان حـزني وافـيا


( 127 )

فكـم مـن غليلٍ لايزال بصدرها مقيماً ، وما بثّت إليّ الشّكاويا
ستعرف عـن مسودّة المتن مابها وتعلم عن محمرة العين مابيا
وديعة كنز العرش عـادت لدارها وقرّت ولكـن سلّبتني قراريا
على زفرات الحزن نفسي حبيسة فياليتها قـد رافقت زفـراتيا