وعندكمُ الجُنَنُ، وأنتم نُخْبةُ اللهِ التي انْتَخَب لدينهِ، وأنصارُ رسُولهِ (صلى الله عليه وآله وسلم)، وخِيرَتُه التي انْتَجَب لنا أهل البيت، فنابَذْتُم فِينَا صَمِيمَ العَرَب، وناهَضْتُم الأُمم، وكافَحْتُم البُهمَ، لا نَبْرَحُ ولا تَبْرَحُون، ونأمُرُكم فتَأْتَمِرُونَ، حتى دارَتْ لكم بِنا رَحَى الإسلام، ودَرَّ حَلَبُ الأيَّام، وخَضَعتْ نَخْوةُ الشِّرْك، وباخَتْ نِيرانُ الحرْب، وهَدأتْ رَوْعَةُ الهَرْج، واسْتَوْسَقَ نِظامُ الدِّين.
فأنَّى جُرْتُم بعد البَيان، ونَكَصْتُم بعدَ الإقْدام، عن قوم نكثُوا أيمانَهم، (أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَوْهُ إِن كُنتُم مُّؤُمِنِينَ)(1).
ألا قد أرَى ـ واللهِ ـ أنْ أخْلدتُم إلى الخَفض، ورَكَنْتُم(2) إلى الدَّعةِ، وعُجْتُم عن الدِّين، ومَجَجْتُم الذي عَرفْتُم، ولَفَظْتُم(3) الذي سُوِّغْتُم، فـ (إِن تَكْفُرُواْ أَنتُمْ وَمَن فِي الأَرْضِ جَمِيعاً فَإِنَّ اللهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ)(4).
ألا وقد قُلْتُ الذي قلتُ ; على معرفة بالخِذْلة التي خامَرتْكم، ولكنَّها فَيْضَةُ النَّفْسِ، ومُنْيةُ الغَيْظِ، وَنَفْثَةُ الصَّدْرِ، ومَعْذِرةُ الحُجَّة، فدُونكم فاحْتَقِبوها مُدْبِرةَ الظَّهْرِ، مَهِيضَةَ العَظْمِ، خَوْراءَ القَناةِ، ناقَبة
____________
1- سورة التوبة: 13.
2- بحاشية الأصل: "وخُلبْتم بالدعة".
3- بحاشية الأصل: "ودسعتم".
4- سورة إبراهيم: 8.
ثمّ انْكَفأتْ إلى قبر أبيها (صلى الله عليه وآله وسلم)، متمثلةً بقول صفيَّة بنت عبد المطلب، وقيل: أُمامة:
قد كان بَعْدَك أنباءٌ وهَنْبَثَةٌ | لو كُنت شاهِدها لم تكثُرِ الخطَبُ(3) |
إنَّا فَقَدْناكَ فَقْدَ الأرضِ وابِلَها | وغَاب مذ غِبْتَ عنّا الوَحْيُ والكُتُبُ(4) |
تَهَضَّمَتْنا رجالٌ واستُخِفَّ بِنا | إذ بِنْت عنَّا فنحن اليوم نُغْتَصَبُ |
أبْدَتْ رِجالٌ لَنا فَحْوَى صُدُورِهمُ | لمَّا فُقِدْت وحالَتْ دُونَك الكُثُبُ |
____________
1- سورة هود: 55.
2- سورة الشعراء: 227.
3- الهنبثة: الأُمور الشديدة والاختلاط في القول، والخطب الخطوب أي الأُمور العظيمة.
4- بحاشية الأصل: "واختل قومك لمّا غِبتَ وانقلبوا".
هذا الحديث أكثر ما يُروى من طريق أهل البيت، وإن كان قد رُوي من طُرق أُخرى، أطول من هذا وأكثر.(1)
ألفاظ الخطبة التي شرحها ابن الأثير
الزَّهراءُ: تأنيثْ الأَزْهر، وهو النَّيِّرُ المُشْرِقُ من الألوان، وأراد به إشراقَ نُور إيمانها، وإضاءتَه على إيمان غيرها.
ولاثَت المرأةُ خِمارها: إذ لَوتْه على وَجْهِها من النِّساء، ما بين الثلاثة إلى العَشَرة. قيل: أصلُها فُعْلَةٌ، من المُلاءمة، وهي الموافَقةُ والاجتماع.
قال الجوهريُّ: الهاء عِوَضٌ من الهمزة الذاهِبة من وسَطِها.
والحَفَدَةُ: الأتْباعُ والخَوَلُ، جَمْع حافِد وحافِدة، سُمُّا به مِن الحَفْدِ: الإِسراعِ في الخِدمة والعَملِ. يُقال: حَفَدْتُ وأحفَدْتُ.
ووَطْؤُ الذَّيل في المشي: من آثارِ الحياءِ والخَفَر، وكان ذلك من عادةِ نساء العرب.
وقولُها: "لا تَخْرِمُ مِشيْةَ رسولِ الله (صلى الله عليه وآله وسلم)" أي لا تَتْرُك ولا
____________
1- منال الطالب في شرح طوال الغرائب، ابن الأثير: 501 ـ 507.
والحَشْدُ، بسكون الشِّين: الجَمْع، واحتشَدَ القومُ: إذا تَجمَّعُوا.
ولُطَّتْ: أي مُدَّتْ وسُتِرتْ، يقال: لَطَّ الحقَّ بالباطِل: إذا سَتَره به.
ويُروى: "نِيطَتْ" أي عُلِّقتْ، يقال: ناطَ به كذا يَنُوطُه نَوْطاً: إذا عَلَّقه.
والمُلاءَةُ: الإِزارُ.
والأنينُ: صوتُ المتوجِّع الشَّاكي.
وأجْهََ بالبكاء: إذا تهيَّأ له، يقال: جَهشْتُ، وأجْهَشْتُ، وأصلُه أن يفزعَ الإِنسانُ، ويلجأَ إلى غيرِه، وهو مع ذلك يريد البكاء، كما يفزَعُ الصبيُّ إلى أُمِّه من شيء يخافه.
والنَّحِيبُ: الصوتُ فى البكاء.
وفَوْرةُ الشيء: أَوَّلُه، وحِدَّتُه، ومنه فوران القِدْرِ، وغليانْها.
والرَّوعَةُ: المَرَّةُ من الرّوعِ: الفَزَع.
وقولُها: "عَوْداً على بَدْء" أي مرَّةً بعدَ مرَّة، وآخِراً بعدَ أوَّل.
والسَّرفُ: ضِدُّ القَصْدِ، والسَّرَفُ: الإِغفالُ والخطأُ.
والشَّطَطُ: البُعْدُ عن الحَقَّ، والجَوْرُ، والظُّلْم.
والعَنَتُ: الإِثْمُ، والوقوعُ في أمر شاق، وقد عَنِتَ هو، وأعْنَتَه غيرُه.
والنِّذارةُ: الإِنذارُ، يقال: أنْذَر يُنْذِرُ إنذاراً، ونِذارةً: إذا أعْلَمَ بالأمر. والإِنذارُ أيضاً: التَّخويفُ.
والصَّدْعُ فى الأصل: الشَّقُّ. وصادِعاً بالرسالة: أي مُبَلِّغاً لَها، على أكْمل وَجْه، وأتمِّ قَضِيَّة، ومنه قوله تعالى: (فَاصدَعْ بما تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ المُشْرِكِينَ)(1).
والنَّاكِبُ: العادِلُ عن الشيءِ.
والسَّنَنُ: الطريقُ الواضحُ.
والأَثْباجُ: جَمْع ثَبَج، وهو الوسَطُ، وما بينَ الكتفَيْن مِن الظَّهْر.
والأَكْظامُ: جمع كَظَم، بالتَّحريك، وهو مَخْرجُ النَّفَسِ مِن الحَلْق.
والفَضُّ الكَسْرُ، والفَتْحُ.
والهامُ: الرُّؤوسُ، جمع هامة.
والجَذُّ: القَطْعُ والاستئصال، والكَسْرُ.
والجَمْعُ: الجَيْشُ.
وتَوْلِيةُ الدُّبُرِ: الانهِزامُ.
____________
1- سورة الحجر: 94.
والمَحْضُ: الخالِصُ.
والإِسْفارُ: الإِضاءةُ، والظُّهُوُر، ومنه إسْفارُ الصُّبْح.
وزَعيمُ القوم: رئيسُهم، ومُقَدَّمُهم.
وشقاشِقُ الشيَّاطين: ما يتكلِّمون به، وأصلُه مِن الشِّقْشِقَةِ التي يُخْرِجُها الجَمَلُ مِن جَوْفِه، وهي جِلْدةٌ حمراءُ يَنْفُخُ فيها، وتَظْهَرُ مِن شِدْقِه، فشَبَّه بها الكلامَ، لخُروجِه مِن الفَم.
وفاه بالقولِ يَفُوه به، وتَفوَّه: إذا تكلَّم، وهي مبنّيةٌ من لفظِ الفَمِ.
وكلمةُ الإِخلاص: شهادةُ أن لا إلهَ إلاّ الله.
وشَفَا كلِّ شيء: حَرْفُه، وجانِبُه.
والمَذْقَةُ: الشَّرْبةُ اليَسيرةُ، مِن اللَّبن المَمْذُوق، وهو المَخْلوطُ بالماءِ.
والنُّهْزَةُ: الفُرصَةُ، وأَخْذُ الشيءِ مُبادَرَةً، وأصلُ النَّهْر: الدَّفْعُ.
والقَبْسَةُ: المَرَّةُ من اقتباس النارِ، وبالضَمِّ: الاسمُ، وهي الشُّعْلَةُ.
أي إنكم كنتم على حَرْف من الهلاكِ، المُوقِع فى النار، وكنتم مُمْمَلين، بمنزلة ما يأخذُه ذائقُ الَّلبنِ ليختبرَه، وكنتم فُرْصةً للطامع فيكم، وبمنزلة اقتباسِ المستعجلِ لأخْذِ الشُّعْلة من النار.
والطَّرْقُ: الماءُ الكَدِرُ الذى خاضَتْه الإِبلُ، وبالَتْ فيه، وبَعَرَتُ.
والاقْتِياتُ: أكْلُ القُوت.
والقدُّ بالفتح: الجِلْدُ غيرُ المَدْبُوغ، كانوا يأكلونه فى الجَدْبِ والمجاعة.
وقيل: هو جِلْدٌ السَّخْلةِ والماعِزةِ.
والقِدُّ، بالكسر: سَيْرٌ يُقْطَعُ من جِلْد غيرِ مَدْبُوغ.
والخُشُوعُ: الذُّلُّ، والخُضُوعُ.
والتَّخطُّفُ: الاستِلابُ، وأخْذُ الشيء بسُرْعة، وقد خَطِفَ الشىءَ يخْطَفُه، وخَطَفه يَخْطِفُه.
والإِنْقاذُ: الإِنْجاءُ، والتَّخْليصُ.
وبعدَ الَّلَتيَّا والَّتي: أي بعدَ الشَّدائِد، والأُمورِ العظيمة، وهي كلمةٌ تُقالُ في الأمرِ الصَّعْب المُسْتَبْعَد.
والَّلَتيَّا: تصغير الَّتِي، ولم يستعملوا معها الصِّلَةَ والعائدَ، ليُوهِمُوا أن الأمرَ بلَغَ مِن الشِّدَّةِ ما تَقْصُرُ عن وَصْفِه.
وتقديرُه: بعدَ الَّتي مِن شِدَّتها كَيْتَ وكَيْتَ.
ومُنِىَ الرجلُ بكذا: أي بُلِىَ به. يُقال: مَنَوْتُه ومَنَيْتُه: إذا ابْتلَيْتَه، وكأنّه من المَنَا: القَدَر، قال:
حتي تُلاقِىَ ما يَمْنِي لكَ المانِي.
والبُهَمُ: جَمْعُ بُهْمة، بالضمّ، وهي مُشْكِلاتُ الأمورِ، فاستعارَتْها لشِدادِ الرِّجالِ.
وإن كانت الهاءُ ساكنةً، فهي جمعُ بَهِيم، وهو الذي لا يُخالِطُ لونَه لونٌ سِواه.
والذُّؤْبانُ: جَمْعُ ذِئْب. وتُريدُ به لُصُوصَ العَرب، وأشرارَهم.
والمَرَدَةُ: جمع مارِد، وهو الشَّيطانُ الدَّاهِي مِن الإِنسر والجِنِّ.
وأهلُ الكتابِ: اليهودُ والنَّصاري.
وحَشَّ النارَ يَحُشُّها: إذا أوْقَدَها.
ونَجَمَ القَرْنُ، والنَّبْتُ: إذا طَلَعا.
فاستعارَتْ طُلُوعَ القَرْنِ لمن يَخْرُجُ من الناسِ، يبتغي الفِتنةَ والشَّرَّ، ولذلك جعلَتْه للضَّلالة.
وفَغَر فاهُ يَفْغَرُه: إذا فَتَحه، وفَغَرتِ السِّنُّ: إذا طَلَعتْ، كأنه يَنْفَطِرُ، وَيْنفحُ للَّنبات. فاستعارتْه لظُهورِ أهلِ الشِّرك.
والقَذْفُ: الرَّمْيُ، والإِلقاءُ بقُوَّة.
واللَّهَوَاتُ: جَمْع لَهاة، وهي سَقْفُ أقْصَى الفَمِ، فاستعاَتْها لغايةِ الحَرْبِ، وشِدَّتِها.
ويُرْوَى: "في هُوَّاتِها"، جَمع هُوَّة، وهي الوَهْدَةُ، والحُفْرةُ، فاستعارتْتها للوَرْطة التي لا مَخْلَصَ مِنْها.
والصِّماخ: الأُذُنُ، وقيل: ثَقْبُها، فكَنَتْ به عن الرأس، لأنّه منه.
والأَخْمَصُ: المَتَقعّر مِن أسْفَلِ القَدَمِ.
تُريدُ: كُلَّما ظَهَر صاحبُ ضَلالة، أو طَلَعَ للمشركينَ طالِعٌ، ألْقَى عليّاً فى نُحُورِهم، ووَرَطاتِهم، فلا يرجعُ حتَّى يطأَ رُؤوسَهم بقَدَمِه، ويُطفيءَ نِيرانَ حَرْبهم بسَيْفه.
والمَكْظوظُ: المُهْتَمُّ. وأصْلُ الكَظِّ: الاِمتلاءُ، والكَرْبُ، والثِّقْلُ.
ويُروَى: "مَكْدُوداً" وهو المُتْعَبُ، وقد كَدَّه يَكُدُّه كَدَّا.
وقولها: "في ذاتِ اللهِ" أي في جَنْبِ نُصْرةِ دِينِه، والوُقُوفِ عند حُكْمِه.
وقد اختلَفَ أهلُ العربيّة في إطلاقِ لَفْظةِ "الذَّاتِ" على اللهِ تعالى، فمَنَع منه أكثَرُهم، لأنَّ التاءَ فيها للتأنيث، وقد وردَت ْفي غير موضع من الحديثِ الصَّحيح، وذلك دليلُ جَوازها، ولا تكونُ التاءُ فيها للتأنيث، فقولهُم: "في ذاتِ اللهِ"، كما يُقالُ: ذاتُ زَيْد، أي نَفْسُه، وعينُه، ومنه شعرُ خُبَيْبِ الأنصاريّ:
وذلك فى ذاتِ الإِله وإن يَشَأْ يُبارِكْ علي أوصال شِلْو مُمَزَّع.
والمُجِدُّ: ضِدُّ الهازِل، يُقال: جَدَّ في الأمرِت وأجَدَّ، بمعنى.
والكَدْحُ: الاجتِهادُ في السَّعْيِ والعَمَلِ.
والبُلَهْنِيَةُ: الرَّاحةُ، وسَعَةُ العَيْشِ.
والرَّفاهِيَةُ: التَّنعُّمُ، وطِيبُ العَيْشِ، وأصلُه الخِصْبُ.
والفَكِهُ: الطَّيِّبُ النَّفْسِ، والفَكِهُ أيضاً: الأَشِرُ البَطِرُ، والفاكِهين: النّاعِمين.
والعَفْوُ: السَّهْلُ الهَنِيءُ.
والتَّوَكُّفُ: استِعلامُ الأخبارِ، وتوقُّعُها.
والنُّكُوصُ: الرُّجُوعُ إلى وراء.
والنِّزالُ: القِتالُ.
ودارُ الأنبياءِ: الدارُ الآخِرة، خُصُّ بِها لرَغْبتهم فى الذَّهاب إليها، ولأنَّهم أحَقُّ بِها.
والحَسِيكةُ: العَدواةُ، والحِقْدُ، يقال: هو حَسِكُ الصَّدْرِ، وحَسِيكُه.
والجِلْبابُ: الإِزارُ.
وأسْمَلَ الثَّوْبُ، وسَمَل، وانسَمَلَ: إذا أَخْلَقَ، وبَلِيَ.
وإِخْلاقُ العَهْدِ: كِنايةٌ عن ضَعْفِه، وإهمالِ العملِ به.
والكاظِمُ: المُمْسِكُ عن الكلامِ على غَيْظ.
ونَبَغَ الشيءُ: إذا طَلَع وظَهَر.
والخامِلُ: الوَضِيعُ، الذى لا يكاد يُعْرَفُ.
والهَديرُ: تَرْديدُ صَوْتِه فى حَنْجرتِه.
وخَطَر يَخْطِرُ: إذا تَبَخْتَر في مَشْيِه، مُعْجَباً بنفسِه.
والعَرَصاتُ: جمع عَرْصَة، وهي الفُسْحَةُ مِن الدارِ، لاِبناءَ فيها ومَغْرِزُ الرَّأسِ: مُنْتَهى العُنُقِ مِن أعلاه، كأنَّ رأسَه كان مُنْخَفِضاً فأَطْلَعَه.
والصُّراخُ: الصَّوتُ العالي.
والإِصاخَةُ: الاستماعُ.
والغِرَّةُ: الغَفْلةُ.
والمُلاحظَةُ: النَّظرُ بلِحَاظِ العَين، وهي مُؤْخِرُها، ولا تكون المُلاحَظَةُ إلاَّ مع تَرقُّب وتَوقُّع.
وأَحْمَشكُم، بالشين المعجمة: أي أغْضَبكم، يقال: أحْمَشْتُ الرجلَ، وحَمَّشْتُه، إحْماشاً، وتحميشاً.
والخَطْمُ: تَرْكُ الخِطامِ، وهو كالمِقْوَدِ في رأسِ البعير.
ويروى: "فوَسَمْتُم غيرَ إبِلِكم" مِن الوَسْمِ: الكَىِّ، أي أخذتم غير حَقَّكم، لأن الإنسانَ إنما يَخْطِمُ، أو يَسِمُ مِن الإبلِ ما هو مِلْكُه، ولذلك قالت: "وأورَدْتُموها غيرَ شِرْبِكم" أي جمعتم بينَ اغتصابِها وسَقْيها غيرَ مائِكم.
والكَلْمُ: الجُرْحُ.
وانْدِمالُ الجُرْحِ: بُرْؤْه وصَلاحُه.
وقولُها: "والرَّسولُ لَمَّا يُقْبَرْ" تقريبٌ لزَمنِ وفاتِه.
و"لَمَّا" حرف جَزْمِ، مثل "لم"، إلاَّ أنّ "لم" جوابُ "فَعَلَ" و"لَمَّا" جواب "قد فَعَلَ" فزادُوا "ما" بإزاء "قَدْ"، فتضمَّنت بذلك معنى التّوقُّعِ والانتظار.
والبِدارُ: السُّرْعة، والعَجَلَةُ، تُريد أنَّهم إنَّما عَقدُوا البَيْعةَ لأبي بكر، خوفاً مِن الفِتْنة، واختلافِ المسلمين في طلب الخِلافة.
وتُؤْفَكُون: بمعنى تُصْرَفُون، ويُذْهَبُ بكم.
والزَّواجِرُ: النَّواهِي.
ووَيْحٌ: كلمةُ رحمة، تُقَدَّمُ على الخِطاب، يُقال: وَيْحٌ له، ووَيْحاً له، ووَيْحَهُ.
وبِئْسَ: كلمةُ مُبالَغة فى الذَّمِّ، نَقِيصُ "نِعْمَ".
و"بَدَلا" منصوبٌ على التمييز.
والرَّيْثُ: الإِبْطاءُ، يقال: راثَ الأمرُ، يَرِيثُ، وتُضافُ إليها "ما" ليصحَّ وُقوعُ الفِعلِ بعدَها.
والمعنى: لم تَلْبَثُوا إلاَّ بقَدْرِ ما سَكَنَتْ نَفْرَةُ الحالِ الحاضِرةِ.
وأسْلَسَ قِيادُها: أي سَهُلَ أمرُها، وهانَ صَعْبُها.
والارْتِغاءُ: شُرْبُ رُغْوَةِ(2) اللَّلَبنِ.
وأصلُه الرجلُ يُؤْتَى بالَّلَبنِ، فيُظْهِرُ أنه يُريدُ الرُّغْوةَ خاصَّةً، لا يُريدُ غيرَها، فيشرَبُها، وهو مع ذلك يَحْسُو مِن الَّلَبن سِرّاً.
والوَخْزُ: النَّخْسُ.
والحَزُّ: قَطْعُ الشيءِ من غير أن يَبِينَ.
والمُدَى: جَمْع مُدْية، وهي السِّكِّينُ.
والابْتغاء: الطَّلَبُ.
ووَيْهاً: كلمةٌ يقولُها المُغْرِي بالشيءِ، والمُنْكِرُ له، على القومِ المُخاطَبِين.
وإيهاً: كلمةُ تحريضِ، وحَثَّ، واستِزادة.
والمُسْلِمةُ، والمُهاجِرةُ: تُريدُ بهما الأُمَّةَ المسلمةَ، والطائفةَ المهاجرةَ.
والاِبتزازُ: السَّلْبُ، والأَخْذُ، يقال: بَزَّه ثَوبَه، وابتَزَّه.
والهاء فى "إرْثِيَهْ" و"أبِيَهْ" هاءُ السَّكْتِ والوقفِ، كقولِه تعالى:
____________
1- الأمثال لأبي عبيد. ص 65، ومجمع الأمثال 2 / 417 (باب الياء)، ولفظ المثل فيه: "يُسرّ حَسْواً في ارتغاء".
2- الراء مثلثة.
والأمرُ الفَرِىُّ: العظيمُ.
والجُرْأةُ: الإِقدام على الأمرِ.
وقَطْعُ الرَّحِمِ: ضِدُّ وَصْلِها، وهو عُقوقُ الأهلِ والأقارِب، وتَرْكُ بِرِّهِم، والإِحسانِ إليهم.
ونَكْثُ العَهْدِ: نَقْضُه.
والعَمْدُ: القَصْدُ، وهو ضِدُّ الخطأ.
والنَّبذُ: الرَّمْيُت والإلْقاءُ.
والهاء فى "فدُونَكَها" راجعةٌ إلى الحالةِ، والقَضِيَّةِ الموجودةِ.
والمَرْحُولَةُ المَخْطُومةُ: النَّاقةُ التي شُدَّ عليها رَحْلُها، وعُمِلَ في رأسِها خِطامُها، فهي مُعَدَّةٌ للرُّكُوب، والقَوَدِ.
والمَزْمُومةُ: التي جُعِل في رأسِها زِمامُها.
والزَّعيمُ،ها هنا: الكَفِيلُ، الضَّامِن.
وقولُها للأنصارِ: "يا مَعْشَرَ التَّقِيَّة" أي يا أهلَ التَّقْوَى، أو الاتِّقاء، الذين يُدْفَعُ الجَوْرُ بِكم.
وأعْضادُ المِلَّةِ: أنصارُها، وحُماتُها.
وحَضَنَةُ الإسلامِ: حافِظُوه، ورابُّوه، جَمْعُ حاضِين، وهو كافِلُ
____________
1- سورة الحاقة: 28.
والغَمِيزَةُ: العَيْبُ، والتُّهمةُ، مِن الغَمْزِ: العَيبِ، يقال: ليس فى فُلان غَمِيزةٌ، ومَغْمَزٌ، أي مَطْعَنٌ، ومَعابٌ.
والسِّنَةُ: أوَّلُ النَّومِ، وهي مِن الوَسَنِ، والهاءُ عِوَضٌ من الواو. أي ما هذا النَّومُ، والإِغْضاءُ عن كَشْفِ ظُلامَتِي؟
والسَّرْعانُ: بمعنى سَرُعَ، يقال: سَرْعانَ ذا خُرُوجاً، بالفتح والضَّمِّ والكَسْرِ.
قال الجوهريُّ: نُقِلتْ فَتْحةُ العَيْنِ إلى النُّون، لأنه معدولٌ مِن سَرُعَ، فبُنِىَ عليه. ولَسَرْعانَ ما صَنَعْتَ كذا: أي ما أسْرَعَ! ويقال: سَرْعَ ما صَنَعْتَ كذا، أراد: سَرُعَ، فخَفَّف(1)، وقد رُوِيَ كذلك.
والمعنى: ما أَسْرَعَ مُخالَفَتَكم ما كان عليه رسولُ الله (صلى الله عليه وآله)! وقولُها: "عَجْلانَ ذا إهالة"(2) عَجْلان: مِن عَجِل: كسَرْعان: مِن سَرْعَ.
____________
1- المراد بالتخفيف هنا التسكين، وهو يقال فى مقابلة التثقيل، الذي يراد به تحريك الحرف بأحد الحركات الثلاث.
2- فى مجمع الأمثال 1 / 336: "سرعان ذا إهالة". وقال الميداني: "وأصل المثل أن رجلا كانت له نعجة عجفاء، وكان رغامها يسيل من منخريها لهزالها، فقيل له: ما هذا الذي يسيل؟ فقال. ودكها، فقال السائل: سرعان ذا إهالةً، نصب "إهالة" على الحال، و"ذا": إشارة إلى الرغام، أي سرع هذا الرغام حال كونه إهالة، ويجوز أن يحمل على التمييز، على تقدير نقل الفعل، مثل قولهم: تصبب زيد عرقا". وانظر جمهرة الأمثال 1 / 519.
والخَطْبُ: الشَّأْنُ، والحالُ.
والوَهْيُ: الخَرْقُ، وقد وَهَي الشَّيءُ يَهِي: إذا هَلَك، أو كادَ.
واسْتَنْهَر فَتْقُه: أي اتَّسَعَ، فصارَ كالنَّهْرِ، مَجْرَى الماءِ.
والرَّاتِقُ: السَّادُّ، ضِدُّ الفاتِق.
واكْتأبَتْ: اي صارَتْ كئيبةً حَزِينةً، يُقال: كَئِبَ، واكْتأْبَ.
والإكْداءُ: الخَيْبةُ، أصلُه مِن حافِرِ البِئرِ، يَنْتِهي إلى كُدْية مِن الأرضِ، وهي القِطْعةُ الصُّلْبةُ، فلا يُمْكِنُه الحَفْرُ، فيتركه، يقال: أكْدَي الحافِرُ: إذا بَلَغَ الكُدْيَةَ.
والحَرِيمُ: الأهلُ، والنِّساءُ.
والإِذالَةُ: الإِهانةُ، والإِذلالُ.
وقولُها: "عَلَنَ بها كِتابُ اللهِ" هكذا رُوِىَ، فإن صَحَّ فهو مِن عَلَنَ الأمرُ، يَعْلُنُ عُلُوناً: إذا ظَهَر: وعَلِنَ يَعْلَنُ عَلَناً، وأعلَنْتهُ أنا: إذا أظهرتُه.
والهِتافُ، بالكسر: الصِّياحُ، وتكرارُه للتأكيد.
ومُمْساكُم ومُصْبَحُكم: مصدرٌ، أي تَروْنَه عندَ المساءِ والصَّباح.
وبنو قَيْلَةَ: هم الأنصارُ، وقَيلَةُ: أمُّهمُ الأُولى، وهي قَيْلَةُ بنت كاهِل.
والهَضْمُ: الوَضْعُ، والاطِّراحُ. تُريدُ به مَنْعَها مِن حَقِّها.
والجُنَنُ: جَمعُ جُنَّة، وهو ما يُدْفَعُ به الأذى.
وخِيرتُه: ما اخْتِيرَ منه.
والانْتِجابُ، الجيم: الخِيارُ، وأخْذُ النَّجِيب مِن الشيء.
والمُنابَذَةُ: المُقاتَلَةُ، والمُخاصَمَةُ.
وصَمِيمُ العَرَبِ: أصْلُهم، وخالِصُهم.
والمُناهَضَةُ: مُفاعلةٌ من النُّهوض فى الأمر، والقيامِ به.
والمُكافَحةُ: المُقاتلَةُ، والمُدافَعَةُ.
والبُهَمُ: الجَماعَةُ، وقد تقدَّم.
ودَوَرانُ رَحا الإِسلام: كنايةٌ عن انتظامِ أمرهم، واستِمرارِه.
ودُرُورُ حَلَبِ الأيامِ: كنايةٌ عن اتِّساعِ الرِّزق، والخيرِ.
والنَّخْوَةُ: الحَمِيَّةُ، والكِبْرُ.
وباخَت النَّارُ: إذا فَتَرتْ وسكَنَ لَهَبُها.
والهَرْجُ: الاختِلافُ، والقَتلُ.
واسْتَوْسَقَ الأمرُن إذا تَمَّ، وكَمُلَ.
والنِّظامُ: العِقْدُ.
والجَوْرُ: الظُّلْمُ.
وإن كان بالحاء المهملَة: فهو مِن الضَّلال عن الطَّريق، والحيرةِ فيه.
وخُلِبْتُم بالدَّعَةِ: أي خُدِعْتُم بالسُّكونِ والراحةِ.
والعَوْجُ: العَطْفُ، يقال: عُجْتُ البعيرَ، أَعُوجُه عَوْجاً، ثم استعير للرُّجُوع. يقال: فلانٌ ما يَعُوجُ عن كذا، أي ما يَرْجعُ عنه.
والمَجُّ: إلقاءُ ما في الفَمِ، أو الجَوْفِ.
ويُرْوَى: "جَمْجَمْتُم"، وهو تَرْكُ الإِفصاحِ بالقولِ.
والَّلْفظُ: الرَّمْيُ، يقال: لَفظْتُ الشيءَ، ألْفِظُه: إذا رَمَيْتَه.
وسُوِّغْتُم: أي جُعِلَ لكم سائغاً، هَنِيءَ البَلْعِ.
ويُرْوَى: "دَسَعْتُم"، أي دفَعْتُم، يقال: دَسَعَهُ دسْعاً، إذا دَفَعه.
والخِذْلَةُ: الحالةُ مِن الخِذْلان.
والمُخامَرَةُ: المُخالَطَةُ.
والفَيْضُ: الامتِلاءُ، والجِرْيُ.
والمُنْيَةُ: فُعْلَةٌ من التَّمنِّي.
والنَّفْئَةُ: المَرَّةُ مِن النَّفْثِ، وهو أقلُّ البَصْقِ.
والمَعْذِرَةُ: مَفْعِلةٌ مِن الاعتذارِ.
تريدُ: إنما قلتُ هذا القولَ، لأنَّ نَفْسي امتلأتْ ففاضَتْ، وغَلَبنِي الغَيظُ، فأعطيتُه مُناه، وامتلأ صَدْرِي فبصَقْتُ، وأظْهَرْتُ الحُجَّةَ، ليقومَ عُذْرِي فيما قلتُ.
والاحْتِقابُ: الادِّخارُ، والاقْتِناءُ، يقال: حَقَبَ الشيءَ، واحتَقَبه.
والمُدْبِرَةُ الظَّهرِ: النَّاقةُ التي دَبِرَ ظَهرُها، وانْعَقَر.
والمَهِيضُ: المكْسُورُ، المُهانُ.
والخَوراءُ: اللَّيِّنةُ الضَّعيفةُ، من الخَوَرِ: الضَّعِف.
والقَناةُ: استعارةٌ لصُلْبِها، أو قَوائمِها.
والنّاقِبةُ الخُفِّ: هي التي حَفِيَ خُفُّها، نَقِبَتْ فهي ناقِبةٌ، وأنْقَبَ الرجلُ، وأدْبَرَ: إذا حَفِىَ خُفُّ بعيرِه، وانْعَقَر ظَهْرُه.
والعارُ، والشَّنارُ بمعنىً.
والنَّذيرُ: المُنْذِرُ، فعيلٌ بمعني مُفْعِل.
والكَيدُ: المَكْرُ.
والإنْظارُ: التأخيرُ.
والهَنْبَثَةُ: الأمرُ العظيمُ، المختلفُ، وجَمْعُها: هَنابِثُ.
ويُرْوَى: "هَيْنَمَةٌ". وهي الكلامُ الذي لا يُفْهَمُ لخفائِه، كالدَّنْدَنةِ، والياءُ زائدةٌ.
والوابِلُ: المَطَرُ الغزيرُ.
والتَّهَضُّمُ: الإِذْلالُ، والانْتِقاصُ.
وفَحْوَى الكلامِ: مفهومُه، دُونَ صَريحه.(1)
____________
1- منال الطالب فى شرح طوال الغرائب / ابن الاثير: 508 ـ 527، مع الهوامش.