الصفحة الرئيسية

مكتبة الموقع

مكتبة السيدة الزهراء (ع)

فهرس الكتاب

يـ ( ابن أمّ إنّ القوم استضعفوني ) (1) إلى آخر الآية .

وجلس أبو بكر في في سقيفة بني ساعدة ، وقدم عليّ ، فقال له عمر : بايع .

فقال له عليّ عليه السلام : فإن أنا لم أفعل ، فمه ؟ فقال له عمر : إذاً أضرب والله عنقك .

فقال له عليّ عليه السلام : إذاً ـ والله ـ أكون عبدالله المقتول ، وأخا رسول الله ؛

فقال عمر : أمّا عبدالله المقتول فنعم ، وأمّا أخو رسول الله فلا ـ حتّى قالها ثلاثاً ـ .

فبلغ ذلك العباس بن عبد المطّلب فأقبل مسرعاً يهرول ، فسمعته يقول :

ارفقوا بابن أخي ، ولكم عليّ ان يبايعكم ، فأقبل العبّاس وأخذ بيد عليّ ، فمسحها على يد أبي بكر ، ثم خلّوه مغضباً ، فسمعته يقول ـ ورفع رأسه إلى السماء ـ :

اللهمّ إنّك تعلم أنّ النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم قد قال لي : إن تمّوا عشرين فجاهدهم ، وهو قولك في كتابك ( إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مأتين )(2) .

قال : وسمعته يقول : اللهمّ وإنّهم لم يتمّوا عشرين ـ حتّى قالها ثلاثاً ـ ثم انصرف (3) .

* ولقد ورد عن عبد الرحمان بن عوف عن أبيه ، قال : دخلت على أبي بكر أعوده ـ في احتضاره ـ فاستوى جالساً ... فقال إنّي لا آسى علي شيء إلا على ثلاث وددت أنّي لم أفعلهنّ : وددت أنّي لم أكشف بيت فاطمة وتركته ، وأن اغلق على الحرب ، وددت أنّي يوم السقيفة كنت قذفت الأمر في عنق أبي عبيدة أو عمر ، فكان أميراً وكنت وزيراً ... (4) .

ويؤيد هذا المعنى ما روي في حديث احتضار أبي بكر عن كتاب سليم بن قيس الهلالي .. حيث يقول :

فلقيت محمد بن أبي بكر فقلت : هل شهد موت أبيك غير أخيك عبدالرحمان وعائشة وعمر ؟ [ قال : لا . قلت : ] وهل سمعوا منه ما سمعت ؟!

قال : سمعوا منه طرفاً فبكوا ، وقالوا : يهجر ! فأمّا كلمّا سمعت أنا فلا .

____________

(1) الأعراف : 150 .

(2) الأنفال : 65 .

(3) تفسير العياشي : 2 | 66 ح 76 ، البرهان : 2 | 93 ح 4 ، الاختصاص : 181 .

(4) لسان الميزان : 4 | 189 ، 17 ج 28 ، الإمامة والسياسة : 1 | 18 مثله .


( 119 )

قلت : والذي سمعوا منه ما هو ؟ قال : دعا بالويل والثبور ؟!

فقال له عمر : يا خليفة رسول الله ، مالك تدعو بالويل والثبور ؟ قال : هذا محمد وعلي يبشّراني بالنار ، بيده الصحيفة التي تعاهدنا عليها في الكعبة ، وهو يقول « [ لعمري ] لقد وفيت بها فظاهرت على وليّ الله أنت وأصحابك ، فأبشر بالنار في أسفل السافلين » . فلمّا سمعها عمر خرج وهو يقول : إنّه ليهجر !

قال : لا ـ والله ـ لا أهجر [ أين تذهب ] قال عمر : أنت ثاني اثنين إذ هما في الغار ! قال : الآن أيضاً ؟!

أولم احدثك أنّ محمّداً ـ ولم يقل رسول الله ـ قال لي وأنا معه في الغار : إنّي أرى سفينة جعفر وأصحابه تعوم في البحر »، قلت : فأرنيها ، فمسح وجهي ، فنظرت إليها ، فاستيقنت عند ذلك أنّه ساحر ! [ فذكرت لك ذلك بالمدينة فاجتمع رأيي ورأيك على أنّه ساحر ! ] .

فقال عمر : يا هؤلاء إنّ أباكم يهجر ! واكتموا ما تسمعون منه ، لا يشمت بكم أهل هذا البلد ثم خرج وخرج أخي [ وخرجت عائشة ] ليتوضأ وللصلاة ، فأسمعني من قوله ما لم يسمعوا . فقلت له ـ لمّا خلوت به ـ : يا أبه ، قل : لا إله إلاّ الله ، قال : لا أقولها أبداً ، ولا أقدر عليها حتّى [ أرد النار ] فأدخل التابوت . فلمّا ذكر التابوت ظننت أنه يهجر . فقلت له : أيّ تابوت ؟! فقال : تابوت من نار ، مقفّل من نار ، فيه اثنا عشر رجلاً : أنا وصاحبي هذا ، قلت : عمر ؟! قال نعم [ فمن أعني ] ، وعشرة ، في جبّ في جهنّم عليه صخرة ، إذا أراد الله أن يسعّر جهنّم رفع الصخرة ، قلت : تهذي ؟! قال : لا والله ، ما أهذي ، لعن الله ابن صهّاك ، هو الذي صدّني عن الذكر بعد إذ جاءني فبئس القرين ، لعنه الله ، ألصق خدّي بالأرض ، فألصقت خدّه بالأرض فما زال يدعو بالويل والثبور حتّى غمّضته ... (1) .

أما حديث إسقاط الجنين ـ محسن عليه السلام ـ فهناك عدة كتب تروي لنا هذه القصة إضافة إلى كسر الضلع وإضرام النار فلقد روي عن محمد بن عمار بن ياسر قال :

____________

(1) كتاب سليم بن قيس : 2 | 820


( 120 )

سمعت أبي يقول ـ في حديث ـ :

قال : وحملت بالحسن عليه السلام فلمّا رزقته ، حملت بعد أربعين يوماً بالحسين عليه السلام ، ثم رزقت زينب ، وام كلثوم ، وحملت بمحسن .

فلما قبض رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وجرى ما جرى في يوم دخول القوم عليها دارها ، وإخراج ابن عمّها أمير المؤمنين عليه السلام وما لحقها من الرجل :

أسقطت بن ولداً تماماً ، وكان ذلك أصل مرضها ووفاتها ( صلوات الله عليها ) (1) .

وقال المجلسي في البحار ... عن المفضل بن عمر عن الصادق عليه السلام في حديث طويل :

وجمعهم الجزل والحطب على الباب لإحراق بيت أمير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين وزينب وأمّ كلثوم وفضّة ، وإضرامهم النار على الباب ، وخروج فاطمة عليها السلام إليهم ، وخطابها لهم من وراء الباب وقولها : ويحك يا عمر ، ما هذه الجرأة على الله وعلى رسوله ؟ تريد أن نقطع نسله من الدنيا وتفنيه وتطفىء نور الله ؟ والله متمّ نوره ، وانتهاره لها ، وقوله : كفّي يا فاطمة ، فليس محمد حاضراً ، ولا الملائكة آتية بالأمر والنهي والزجر من عند الله ، وما عليّ إلا كأحدٍ من المسلمين ، فاختاري إن شئت خروجه لبيعة أبي بكر ، أو إحراقكم جميعاً .

فقالت وهي باكية : اللهمّ إليك نشكو فقد نبيّك ورسولك وصفيّك ، وارتداد امّته علينا ، ومنعهم إيّانا حقّنا الذي جعلته لنا في كتابك المنزل على نبيك المرسل :

فقال لها عمر : دعي عنك يا فاطمة ، حمقات النساء ، فلم يكن الله ليجمع لكم النبوّة والخلافة وأخذت النار في خشب الباب ، وإدخال قنفذ يده ( لعنه الله ) يروم فتح الباب ؛ وضرب عمر لها بالسوط على عضدها حتى صار كالدملج الأسود ؛ وركل الباب برجله ، حتى أصاب بطنها وهي حاملة بالمحسن لستّة أشهر ، وإسقاطها إيّاه ، وهجوم عمر وقنفذ وخالد بن الوليد ؛ وصفقه خدّها حتى بدا قرطاها تحت خمارها ، وهي تجهر بالبكاء ، وتقول : واأبتاه ، وارسول الله ابنتك فاطمة تكذّب ، وتضرب ، ويقتل جنين في بطنها .

____________

(1) دلائل الإمامة : 26 .


( 121 )

وخروج أمير المؤمنين عليه السلام من داخل الدار محمرّ العين حاسراً ، حتى ألقى ملاءته عليها وضمّها إلى صدره وقوله لها : يا بنت رسول الله ، قد علمت أنّ أباك بعثه الله رحمة للعالمين ، فالله الله أن تكشفي خمارك ، وترفعي ناصيتك ، فوالله يا فاطمة ، لئن فعلت ذلك لا أبقى الله على الأرض من يشهد أنّ محمداً رسول الله ، ولا موسى ولا عيسى ولا إبراهيم ولا نوح ولا آدم ، [ ولا ] دابّة تمشي على الأرض ، ولا طائراً في السماء إلا أهلكه الله .

ثم قال : يابن الخطّاب ، لك الويل من يومك هذا وما بعده وما يليه ، اخرج قبل أن اشهر سيفي فافني غابر الامّة ، فخرج عمر وخالد بن الوليد وقنفذ وعبد الرحمان بن بي بكر ، فصاروا من خارج الدار .

وصاح أمير المؤمنين بفضّة يا فضّة ، مولاتك فاقبلي منها ما تقبله النساء ، فقد جاءها المخاض من الرفسة ، وردّ الباب ، فأسقطت محسناً .

فقال أمير المؤمنين عليه السلام : فإنّه لا حق بجدّه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فيشكو إليه الحديث (1) .

وفي علم اليقين في اصول الدين : ثم إنّ عمر جمع جماعة من الطلقاء والمنافقين وأتى بهم إلى منزل أمير المؤمنين عليه السلام فوافوا بابه مغلقاً

فصاحوا به : اخرج يا عليّ ، فإنّ خليفة رسول الله يدعوك ، فلم يفتح لهم الباب ؛ فأتوا بحطب فوضعوه على الباب ، وجاؤوا بالنار ليضرموه ، فصاح عمر ، وقال : والله ، لئن لم تفتحوا لنضرمنّه بالنار ، فلمّا عرفت فاطمة عليها السلام أنّهم يحرقون منزلها قامت وفتحت الباب ، فدفعها القوم قبل أن تتوارى عنهم ، فاختبت فاطمة عليها السلام وراء الباب والحائط .

ثم إنّهم تواثبوا على أمير المؤمنين عليه السلام وهو جالس على فراشه ، واجتمعوا عليه حتى أخرجوه سحباً من داره ، ملبّباً بثوبه يجرّونه إلى المسجد .

فحالت فاطمة عليها السلام بينهم وبين بعلها ، وقالت :

والله ، لا أدعكم تجرّون ابن عمّي ظلماً ، ويلكم ما أسرع ما خنتم الله ورسوله فينا

____________

(1) البحار : 53 | 18 ، بهجة قلب المصطفى : 528 ح 23 ، اعلموا أني فاطمة : 8 | 716 .


( 122 )

أهل البيت ، وقد أوصاكم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم باتّباعنا ومودّتنا والتمسّك بنا !

وقال الله تعالى : ( قل لا أسئلكم عليه أجراً إلا المودّة في القربى ) .

قال : فتركه أكثر القوم لأجلها ، فأمر عمر قنفذ بن عمّ أن يضربها بسوطه .

فضربها قنفذ بالسوط على ظهرها وجنبيها إلى أن أنهكها وأثّر في جسمها الشريف وكان ذلك الضرب أقوى ضرراً في إسقاط جنينها ، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سماّه محسناً ، وجعلوا يقودون أمير المؤمنين عليه السلام إلى المسجد حتى أوقفوه بين يدى أبي بكر ، فلحقته فاطمة عليها السلام إلى المسجد لتخلّصه ، فلم تتمكّن من ذلك ؛ فعدلت إلى قبر أبيها فأشارت إليه بحزنة ونجيب ، وهي تقول :

نفسي على زفراتها محبوسة

*

يا ليتها خرجت من الزفرات

لا خير بعدك في الحياة وإنّما

*

أبكي مخافة أن تطول حياتي

ثم قالت : وااسفاه عليك يا أبتاه ، وأثكل حبيبك أبو الحسن المؤتمن ، وأبو سبطيك الحسن والحسين ، ومن ربّيته صغيراً ، وآخيته كبيراً ، أجلّ أحبّائك لديك وأحبّ أصحابك عليك ، أوّلهم سبقاص إلى الإسلام ، ومهاجرة إليك يا خير الأنام ؛ فها هو يساق في الأسر كما يقاد البعير .

ثم إنّها أنّت أنّةً وقالت : وامحمّداه ، واحبيباه ، واأباه ، واأبا القاسماه ، واأحمداه ، واقلّة ناصراه ، واغوثاه ، واطول كربتاه ، واحزناه ، وامصيبتاه ، واسوء صباحاه ؛ وخرّت مغشيّة عليها ، فضجّ الناس بالبكاء والنجيب ، وصار المسجد مأتماً .

ثم إنّهم أوقفوا أمير المؤمنين عليه السلام بين يدي أبي بكر ، وقالوا له : مدّ يدك فبايع ، فقال : ـ والله ـ لا ابايع ، والبيعة لي في رقابكم .

فروي عن عديّ بن حاتم أنّه قال : ـ والله ـ ما رحمت أحداً قطّ رحمتي عليّ بن أبي طالب عليه السلام حين اتي به ملبّباً بثوبه ، يقودونه إلى أبي بكر ، وقالوا : بايع .

قال : فإن لم أفعل ؟ قالوا : نصرب الذي فيه عيناك .

قال : فرفع رأسه إلى السماء وقال : اللهم إنّي اشهدك أنّهم أتوا أن يقتلوني ، فإنّي عبدالله وأخو رسول الله ، فقالوا له : مدّ يدك فبايع ، فأبي عليهم فمدّوا يده كرهاً فقبض عليّ عليه السلام أنامله ، فراموا بأجمعهم فتحها فلم يدورا ، فمسح عليها أبو بكر ، وهي


( 123 )

مضمومة ، وهو عليه السلام يقول وينظر إلى قبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ( يابن أمّ إنّ القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني ) .

قال الراوي : إنّ علياً عليه السلام خاطب أبا بكر بهذين البيتين :

فـإن كـنت بـالشورى مـلكت امـورهم

*

فكــيف بــهذا والمشــيرون غــيّب

وإن كنت بـالقربى حــججت خـصيمهم

*

فـــغيرك أولى بـــالنبيّ وأقـــرب

وكان عليه السلام كثيراً ما يقول : واعجباه تكون الخلافة بالصحابة ، ولا تكون بالقرابة والصحابة ؟! (1) .

وفي الملل والنحل : إنّ عمر ضرب بطن فاطمة عليها السلام يوم البيعة حتى ألقت الجنين من بطنها وكان يصيح : أحرقوا دارها بمن فيها .

وما كان في الدار غير عليّ وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام (2) .

وعن الوافي بالوفيات : قال صلاح الدين الصفدي الشافعي المتوفّى 764 في ترجمة « النظام » في ذكر أقواله :

وقال : إنّ عمر ضرب بطن فاطمة يوم البيعة ، حتى ألقت المحسن من بطنها (3) .

وعن لسان الميزان : إنّ عمر رفس فاطمة عليها السلام حتى أسقطت بمحسن (4) .

وعن العقد الفريد : الذين تخلّفوا عن بيعة أبي بكر ، عليّ عليه السلام والعباس والزبير وسعد ابن عبادة ، فأمّا عليّ عليه السلام والعبّاس والزبير فقعدوا في بيت فاطمة عليها السلام حتى بعث إليهم أبوبكر عمر بن الخطاب ليخرجوا من بيت فاطمة ، وقال له :

إن أبوا فقاتلهم ، فأقبل بقبس من نار على أن يضرم عليهم الدار ؛ فلقيته فاطمة فقالت : يابن الخطّاب ، أجئت لتحرق دارنا ؟! قال : نعم ... (5) .

وعن معارف القتيبي : إنّ محسناً فسد من زخم قنفذ العدوي (6) .

____________

(1) علم اليقين في اصول الدين : 686 للفيض الكاشاني .

(2) 1 | 57 للشهرستاني .

(3) 5 | 347 ، عنه اعلموا أني فاطمة : 8 | 715 .

(4) 1 | 268 .

(5) 5 | 12 ، عنه البحار : 28 | 339 .

(6) عنه المناقب لابن شهر اشوب : 3 | 132 .


( 124 )

وعن إثبات الوصية : ... فأقام أمير المؤمنين عليه السلام ومن معه من شيعته في منزله بما عهد إليه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فوجّهوا إلى منزله ، فهجموا عليه ، وأحرقوا بابه واستخرجوه منه كرهاً ، وضغطوا سيّدة النساء بالباب حتى أسقطت محسناً ، وأخذوه بالبيعة فامتنع وقال : لا أفعل ، فقالوا : نقتلك ، فقال : إن تقتلوني فإنّي عبدالله وأخو رسوله ... (1) .

وعن بيت الأحزان : قال المحدّث القمّي ( ره ) : وكان سبب وفاتها أنّ قنفذاً مولى عمر نكزها بنعل السيف (2) .

وعن ملتقى البحرين : أخذت فاطمة عليها السلام باب الدار ولزمتها عن ورائها ، فمنعتهم عن الدخول ، ضرب عمر برجله على الباب ؛ فقلعت فوقعت على بطنها ( سلام الله عليها ) ، فسقط جنينها المحسن (3) .

وروي في علة وفاة الصديقة الطاهرة عليها السلام : ان عمر بن الخطاب هجم مع ثلاثمائة رجلٍ على بيتها سلام الله عليها (4) .

أقول : إنّ هذا الهجوم الشرس الذي قاده عمر وعصابته الأوباش والطلقاء والمنافقين على بيت الوحي والرسالة وهم الذين قال الله تعالى في حقهم : ( في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه ) :

وقال عز ذكره : ( إنّما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهّركم تطهيراً ) :

وكان النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم لا يدخله حتى يستأذن من أهله ، ولكن الأوغاد دخلوه عنوة وبغير استئذان وكان عددهم « 300» نفراً كما في الرواية ، وكان في مقدّمتهم عمر ومعه الفتيلة ، أبو بكر ، عثمان ، خالد بن الوليد ، المغيرة بن شعبة ، أبو عبيدة بن الجرّاح ، سالم مولى أبي حذيفة ، قنفذ أن عمّ عمر ـ وكان رجل فظاً ، غليظا ، جافياً من الطلقاء

____________

(1) 143 ، عنه البحار : 28 | 308 ضمن ح 50 .

(2) 160 .

(3) 418 .

(4) العوالم : 2 | 58 .


( 125 )

ـ اسيد بن خضير ، وسلمة بن سلامة بن وقش وكانا من بني عبدالله الأشل ، ورجل من الأنصار ، زياد بن لبيد ، وزيد بن اسلم ، وكان ممّن حمل الحطب مع عمر .

وكانت بداية هذا الهجوم كما جمعته من الروايات : ادخال قنفذ لعنه الله يده يروم فتح الباب ثمّ دعا عمر بالنار فأضرمها في الباب ، ثمّ دفعها برجله فكسرها ودخل .

أرسل أبو بكر إلى قنفذ : أن اضربها فألجأها إلى عضادة باب بيتها ، فدفعها فكسر ضلعاً من أضلاعها ونبت مسمار الباب في صدرها ، ثمّ لطم عمر خدّها حتّى احمرّت عينها ، كما صرّح بهذا نفسه « صفقت خدّها حتى بدا قرطاها تحت خمارها » . في رواية اخرى : « قال عمر : فصفقت صفقة على خدّها من ظاهر الخمار ، فانقطع قرطها وتناثر إلى الأرض » .

ثمّ عمر رفس فاطمة عليها السلام ، ثمّ رفع السيف وهو في غمده فوجأ به جنبها ، ورفع السوط فضرب بها ذراعها ، ثمّ ضربها بالسوط عل يعضدها حتى صار كالدملج الأسود ، ثمّ أخذ من خالد بن الوليد سيفاً فجعل يضرب على كتفها ، ثمّ ضرب المغيرة بن شعبة فاطمة عليها السلام حتّى أدماها ، ثمّ سلّ خالد بن الوليد السيف ليضرب فاطمة عليها السلام ، ثمّ لكزها قنفذ بنعل السيف بأمر عمر ، ثمّ ضرب قنفذ فاطمة بالسوط على ظهرها وجنبيها إلى أن أنهكها وأثّر في جسمها الشريف ، ثمّ ضرب عمر بطن فاطمة عليها السلام حتّى ألقت الجنين من بطنها وكان يصيح : أحرقوا دارها بمن فيها .

وهذا المشهد الدامي الذي تتفطّر منه السماوات والأرض ، وساعد الله قلب صاحب الأمر عجّل الله تعالى فرجه الشريف بما جرى لاُمّه فاطمة عليها السلام يذكرنا أيضاً بما جرى على ولدها الإمام الشهيد الحسين عليه السلام حين داست خيول بني اميّة لعنهم الله على جسده وصدره الشريف يوم عاشوراء .

وأخيراً كما قالت الزهراء عليها السلام الشهيدة المظلومة المضطهدة في ذلك اليوم : « أخذ عمر السوط من يد قنفذ مولى أبي بكر فضرب به عضدي ، فالتوى السوط على عضدي حتى صار كالدملج ، وركل الباب برجله فردّه عليّ وأنا حامل ، فسقطت لوجهي والنار تسعر وتسفع وجهي ، فضربني بيده حتى انتثر قرطي من اذني وجاءني المخاض فأسقطت محسناً قتيلاً بغير جرم » .


( 126 )

هذا ما استطعنا أن نثبته من خلال الكتب التي روت لنا قصة السقيفة وظلم الزهراء عليها السلام ، أمام ظلمها في فدك فسوف يأتينا في بحثنا حول فدك وندعوا الله تعالى ونتوسل إليه عن المظلومة أن يوفقنا لخدمتها ونيل شفاعنها والسير على هداها ، واللعنة الدائمة على ظالميها وقاتليها .

أمّا مصادر ما جرى على الصديقة فاطمة عليها السلام من الظلامات ، فهي :

1 ـ تاريخ اليعقوبي : 2 | 116 .

3 ـ الإمامة والسياسة : 1 | 19 ، 20 .

5 ـ الملل والنحل للشهرستاني : 1 | 57 .

7 ـ الوافي بالوفيّات : 5 | 347 .

9 ـ تاريخ أبو الفداء : 1 | 164 .

11 ـ أعلام النساء : 4 | 114 .

13 ـ قرّة العين للدهلوي : 78 .

15 ـ ابن خيزران في غرره : 271 .

2 ـ العقد الفريد : 4 | 259 ، 5 | 13 .

4 ـ لسان الميزان : 1 | 268 ، 4 | 189 .

6 ـ انساب الأشراف : 1 | 586 .

8 ـ الكنى والألقاب : 3 | 219 .

10 ـ تاريخ الطبري : 3 | 202 .

12 ـ إثبات الوصيّة : 123 .

14 ـ السيرة الحلبيّة : 3 | 362 .

16 ـ تلخيص الشافي : 3 | 76 .

17 ـ صحيح البخاري : 4 | 96 ، 5 | 177 .

18 ـ شرح نهج البلاغة : 2 | 45 و46 و 50 و 56 ، 6 | 10 ، 11 | 113 ، 14 | 193 .

لقد تفجّرت قرائح شعراء أهل البيت عليهم السلام من خبر المسمار وآلمهم المصاب الجلل ، على مصيبة الزهراء عليها السلام عامّة ، وفي خبر المسمار خاصّة ، وظلّ خبر المسمار الدامي الذي نبت في صدر الزهراء البتول تتذاكره الشيعة جيلاً بعد جيل فبقيت ناراً في قلوبهم لا ينطفىء أوارها إلى يوم القيامة ومن الفقهاء العظام الذين ذكروا خبر المسمار :

السيد صدرالدين الصدر رحمه الله المتوفى سنة 1373 هـ ق حيث قال ضمن قصيدته :

مـن سعى في ظلمها مـن راعـها

*

من عـلا فـاطمة الزهـراء جـارا

من غدا ظـلماً عـلى الدار التـي

*

اتـخذتها الإنــس والجنّ مـزارا

طـالما الأمـلاك فـيها أصـبحت

*

تـلثم الأعــتاب فـيها والجـدارا


( 127 )

ومـن النـار بـها يـنجو الورى

*

مـن عـلى أعـتابها أضـرم نـارا

والنـبيّ المـصطفى كـم جـاءها

*

يطلب الإذن مـن الزهـراء مـرارا

وعـــليها هــجم القــوم ولم

*

تـك لاذت لا وعـــلياها الخـمارا

لست أنســاها ويـا لهـفي لهـا

*

إذ وراء البــاب لاذت كـي تـوارا

فـتك الرجس عــلى البـاب ولا

*

تسألن عــمّا جـرى ثـم وصـارا

لا تسلني كـيف رضّـوا ضـلعها

*

واسألنّ البــاب عـنها والجــدارا

وسألـن لؤلؤ قـــرطيها لمــا

*

انتثرت والعــين لم تشكو إحمـرارا

وهـل المسـمار مــوتور لهـا

*

فغدا فـي صــدرها يـطلب ثـارا

وقال الشيخ الفقيه المحقّق محمد حسين الاصفهانى الغروي النجفي ( ره ) المتوفى سنة 1361 هـ :

أيــضرم النـار بـباب دارهــا

*

وآيــة النـور عــلى مــنارها

وبــابها بـاب نــبيّ الرحــمة

*

وبــاب أبــواب نــجاة الامّـة

بـل بـابها بـاب العـليّ الأعـلى

*

فــثم وجــه الله قــد تــجلّى

مـا اكـتسبوا بـالنار غـير العـار

*

ومــن ورائـه عــذاب النــار

مـا أجـهل القـوم فـإنّ النـار لا

*

تـطفيء نـور الله جـلّ وعـــلا

لكـنّ كسـر الضـلع لـيس ينجبر

*

إلا بـصمصام عــزيز مـــقتدر

إذ رضّ تـلك الأضـلع الزكــيّة

*

رزيّـــة لا مـــثلها رزيّـــة

ومــن نـبوع الدم مـن ثـدييها

*

يـعرف عـظم مـا جـرى عـليها

وجــاوزوا الحـدّ بـلطم الخـدّ

*

شـلّت يـد الطــغيان والتــعدّي

فـاحمرّت العـين وعـين المعرفة

*

تذرف بالدمع عـلى تـلك الصــفة

ولا تـزيل حـمرة العـين سـوى

*

بيض السيوف يـوم يـنشر اللـوى

وللســياط رنّـة صــداهــا

*

في مسـمع الدهـر فـما أشــجاها

والأثـر البـاقي كـمثل الدمـلج

*

في عضد الزهـراء أقـوى الحـجج

ومـن سـواد متنها اسـودّ الفضا

*

يـا سـاعد الله الإمــام المـرتضى


( 128 )

ووكـز نـعل الســيف فـي جـنبيها

*

أتـى بكــلّ مــا أتــى عـليها

ولست أدري خـــبر المســــمار

*

سـل صـدرها خـزانـة الأسـرار

وفـي جـنين المجد مـا يدمي الحشى

*

وهل لهـم اخـفاء أمـر قـد فشـى

والبــاب والجـــدار والدمـــاء

*

شــهود صــدق مـا بـه خـفاء

لقـد جـنى الجـاني عــلى جـنينها

*

فـاندكّت الجـبال مــن حــنينها

أهكــذا يــصنع بــابنة النــبّي

*

حرصاً عـلى المـلك فـيا للـعجب

أتــمنع المكـــروبة المــفروحة

*

عن البكـاء خـوفاً مـن الفـضيحة

تــالله يـنبغي لهــا تبكي دمـــا

*

مــا دامت الأرض ودارت السـما

لفــقد عــزّها أبـــيها السـامي

*

ولاهـــتضامها وذل الحـــامي

أتســـتباح نـــحلة الصـــدّيقة

*

وارثـها مــن أشـرف الخــليقة

كــيف يـــردّ قــولها بــالزور

*

اذ هـــو ردّ أيــة التـــطهير

أيــؤخذ الديــن مـن الأعـرابـي

*

ويـنبذ المـنصوص فــي الكـتاب

فـاستلبوا مـــا مــلكت يــداهـا

*

وارتكــبوا الخـــزية مــنتهاها

يـا ويـلهم قــد سألوهــا البــيّنة

*

عـلى خـــلاف الســنّة المـبيّنة

وردّهـــم شـــهادة الشــــهود

*

أكـبر شــاهد عــلى المــقصود

ولم يكــن سـدّ الثـغور غـــرضا

*

بـل سـدّ بـابها وبـاب المـرتضى

صـدّوا عـن الحـقّ وسـدّوا بــابه

*

كأنّــهم قـد آمنـــوا عــذابـه

أبـضعة الطـهر العــظيم قــدرها

*

تــدفن ليـلاً ويـعفى قــــبرها

مــا دفـنت ليــلاً بســتر وخـفا

*

إلا لوجــدها عــلى أهـل الجـفا

مــا ســمع السـامع فـيما سـمعا

*

مـــجهولة بــالقدر والقـبر مـعا

يـا ويـلهم مـــن غـضب الجـبّار

*

بـــظلمـهم ريــحانة المــختار

إذن بعد معرفة بعض مقامات الزهراء عليها السلام وظلاماتها ، يأتي بيان قضية أصل يوم العذاب ، فالذي يرد على ذهن القاري قبل كل شيء كيف كان هذا التعبير من الإمام الصادق عليه السلام بأن ظلاماتهم عليهم السلام هي ألاصل ليوم الغذاب في الآخرة ؟ ولقد قلنا سابقاً ان الإمام عليه السلام باعتباره يمثل الإمتداد الطبيعي لخلافة الرسول الأكرم فهو إذن لا يتكلم


( 129 )

دون وجود مقدمات أولية يقينية عنده بحيث على ضوء هذه المقدمات يحكم بهذا الحكم العقائدي المهم .

أما ما ورد من القرآن الكريم وبيان كيف أن ظلمهم صار الأصل ليوم العذاب فهو على ما جاء في قوله تعالى ( ان الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والاخرة وأعد لهم عذاباً مهيناً ) (1) حيث أثبتت هذه الآية المباركة ان كل من تسول نفسه في أذية رسول اله صلى الله عليه وآله وسلم أو أذية أولياء الله تعالى ( حيث قالت الآية يؤذون الله أي أن الله تعالى لا تصل إليه الأذية وإنما تكون الأذية لأولياءه فيتأذى لهم ) سوف تكون له اللعنة في الدنيا وهي الطرد من رحمة الله تعالى وفي الآخرة إعداد العذاب الإلهي له وأذية رسو الله لها عدة صور فتارة تكون عبر سبه أجارنا الله تعالى وتارة أخرى عن طريق أذية ذريته وخاصة الصديقة الشهيدة فاطمة عليها السلام ، حيث ورد عنه صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال : من آذى فاطمة فقد آذاني ومن طلمها فقد ظلمني ... الخ الأحاديث الواردة في أذى الزهراء وغضبها ، فلا شك عندئذ يكون كل من ظلمها وآذاها فقد آذى الله تعالى وآذى رسوله تكون النتيجة في ذلك اللعنة على ذلك الظلم والعذاب الأليم والمهين يوم القيامة ، وهذا معناه أنه كل من ظلمهم فهو في النار وتكون عندئذ ظلاماتهم الأصل ليوم العذاب في الآخرة .

وأما ما ورد من السنة الشريفة فلقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : « يا فاطمة ان الله ليغضب لغضبك ويرضى لرضاك » .

وهذا يعني أن غضب الله تعالى له عدة صور فمرة يكون غضبة تعالى على انسان معين في الدنيا فيظهر نقمته عليه ، ومرة أخرى في الآخرة وهو ما يعبر عنه بيوم العذاب في جهنم ، وعليه كل من غضبت عليه الزهراء عليها السلام فهو خالد في النار لا محالة بدليل الحديث فعليه تكون ظلامة الزهراء عليها السلام وأذيتها هو نوع من الأعمال التي تؤدي إلى غضبها وبالنتيجة سوف يكون الظالمين لها في النار فتكون عندئذ ظلامتها الأصل ليوم العذاب ، أما لماذا أن رضاها هو رضا الله تعالى وغضبها هو غضب الله تعالى

____________

(1) الأحزاب : 57 .


( 130 )

وكيف أصبحت بهذا المقام ما نجده عزيزي القاريء في البحث الذي يثبت كيفية أن الزهراء مر تبطة بأصول الدين وخاصة بالعدل فراجع بحثنا فيه .

ومن هنا انقدح في المقام السئوال المهم الذي يقول : ماذا تقولون في الأمم السابقة الذين كانوا قبل فترة رسول الله فانه لا شك أن لهم إما الجنة أو النار فكيف صارت ظلامات الزهراء عليها السلام وأهل بيتها هم الأصل ليوم العذاب ونحن نعلم أن الأمم السابقة لم تكن موجودة في زمن الرسول وما بعده ؟

الجواب : وبيان ذلك يمكن أن يستفاد من الذي استنبطه بعض محققي علمائنا من حديث المفضل بن عمر عن الصادق عليه السلام ولننقل ملاحظة كلامه مع الحديث المذكور قال رحمه الله (1) : إن أحكام الله تعالى إنما تجري على الحقائق الكلية والمقامات النوعية فحيث ما خوطب قوم بخطاب ونسب اليهم فعل دخل في ذلك الخطاب وذلك الفعل عند العلماء واولي الألباب كل من كان من سنخ اولئك القوم وطينتهم ، فصفوة الله حيث ما خوطبوا بمكرمة أو نسبوا إلىأنفسهم مكرمة يشمل ذلك كل من كان من سنخهم وطينتهم من الأنبياء والاولياء وكل من كان من المقربين إلا بمكرمة خصوا بها دون غيرهم وكذلك إذا خوطبت شيعتهم ومحبوهم بخير أو نسب اليهم خير أو خوطب أعداؤهم ومخالفوهم بسوء أو نسب اليهم سوء يدخل في الأول كل من كان من سنخ شيعتهم وطينة محبيهم وفي الثاني كل من كان من سنخ أعدائهم وطينة مبغضيهم من الأولين والآخرين وذلك لأن كل من أحبه الله ورسوله أحبه كل مؤمن من ابتداء الخلق إلى انتهائه وكل من أبغضه الله ورسوله أبغضه كل مؤمن كذلك وهو يبغض كل من أحبه الله ورسوله فكل مؤمن في العالم قديماً أو حديثاً إلى يوم القيامة فهو من شيعتهم ومحبيهم وكل جاحد في العالم قديماً أو حديثاً إلى يوم القيامة فهو من مخالفيهم ومبغضيهم ، قال رحمة الله وقد وردت الإشارة إلى ذلك في كلام الإمام الصادق عليه السلام في حديث المفضل بن عمرو وهو الذي رواه الصدوق في كتاب العلل بإسناده عن المفضل ، قال : قلت لأبي عبدالله عليه السلام : بما صار علي بن أبي طالب صلوات الله عليه

____________

(1) البرهان : 1 | 8 .


( 131 )

قسيم الجنة والنار ؟ قال : لأن حبّه إيمان وبغضه كفر وإنما خلقت الجنة لأهل الإيمان وخلقت النار لأهل الكفر الكفر فهو عليه السلام قسيم الجنة والنار لهذه العلة ، فالجنة لا يدخلها إلا أهل محبته والنار لا يدخلها إلا أهل بغضه .

قال المفضل : قلت يا بن رسول الله فالأنبياء والأوصياء هل كانوا يحبونه وأعدائهم يبغضونه ؟

فقال : نعم .

قلت : فكيف ذلك ؟ قال : أما علمت أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال يوم خيبر لأعطين الراية غداً رجلاً يحبه الله ورسوله لا يرجع حتى يفتح الله على يده ؟ قلت : بلى قال : اما علمت أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لما أتى بالطائر المشوي قال : اللهم ائتني بأحب خلقك اليك يأكل معي هذ الطير وعنى به علياً ؟ قلت : بلى قال : أيجوز أن لا يحب أنبياء الله ورسله وأوصيائهم من يحبه الله ورسوله ويحب الله وحبيب الله وحبيب رسوله وأنبيائه؟ قلت : لا . قل : فقد ثبت أن جميع أنبياء الله ورسله وجميع المؤمنين كانوا لعلي بن أبي طالب محبين وثبت أن المخالفين لهم كانوا له ولجميع أه لامحبته مبغضين قلت : نعم ، قال : فلا يدخل الجنة إلا ما أحبه من الأولين والآخرين فهو إذن قسيم الجنة والنار ، قال المفضل : فقلت له : يا بن رسول الله فعلي بن أبي طالب يدخل محبه الجنة ومبغضه النار أو رضوان ومالك ؟ فقال : يا مفضل أما علمت أن الله تبارك وتعالى بعث رسوله وهو روح إلى الأنبياء عليهم السلام وهم أرواح قبل خلاق الخلق بالفي عام ؟

قلت : بلى قال : أما علمت أنه دعاهم إلى توحيد الله وطاعته واتباع أمره ووعدهم الجنة على ذلك وأوعد من خالف ما أجاب إليه وأنكره النار ؟

قال : بلي . قال : فليس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ضامناً لما وعد وأوعد عن ربه عز وجل ؟ قلت : بلى قال : أوليس علي بن أبي طالب خليفته وإمام منه ؟ قلت : بلى قال : أوليس رضوان ومالك من جملة الملائكة والمستغفرين لشيعته الناجين بمحبته ؟ قلت : بلى .

قال : فعلي بن أبي طالب إذن قسيم الجنة والنار عن رسول الله ورضوان ومالك


( 132 )

صادران عن أمره بأمر الله تعالى . يا مفضل خذها فإنه من مخزون العلم ومكنونه لا تخرجه إلا إلى أهله .

فعليه كل الذي يجري في حق أمير المؤمنين يجري في الزهراء عليها السلام لأنهما كل واحد كفو للآخر وأضف إلى ذلك أن هناك الكثير من الروايات تفيد هذا المضمون ، وأيضاً موجود في الآثار الشريفة أنه لو اجتمع الناس على ولاية علي عليه السلام ـ أو حبه ـ لم خلق الله النار ، فيكون مضمون هذا الحديث إضافة إلى أحاديث أخرى بهذا المضمون أن أصل يوم العذاب مثلما هو ثابت في ظلامات فاطمة عليها السلام كذلك هو ثابت في حق غصب الخلافة من أمير المؤمنين ، والذي نريد القول به من خلال هكذا مبحث أنه الناس منقسمون في قضية الصديقة الشهيدة إلى قسمين إما اشتراكهم في نصرتها وإما اشتراكهم في ظلمها ، فمن نصرها فهو من الفائزن برضا الله تعالى لأن نصرتها هو رضاً لها ورضاها رضا الله تبارك وتعالى ، وإما من لم ينصرها فهو مع الظالمين ومشترك في ظلمهم للصديقة الشهيدة ويكون بالنتيجة خالد في النار .

فكانت ظلاماتها ( سلام الله عليها ) هي الأصل والأساس الذي جعله الله تعالى في يوم القيامة لورود الظالمين إلى نار جهنم ، وكما بينا ذلك من خلال الحديث المتقدم ، وكذلك غصب خلافة أمير المؤمنين أيضاً هي الأصل ليوم العذاب لأنه كما ورد أنه لو اجتمع النس على ولاية أمير المؤمنين على بن أبي طالب لما خلق الله النار ، ولكن لما انه لم يجتمع الناس على ولاية أمير المؤمنين فالنار موجودة ولها وقود من الناس والحجارة اعدت للظالمين ومن ولاهم ونصرهم .